|
#1
|
||||
|
||||
![]() [المؤمن بين الرجاء والخوف]
17 - وله عن أبي هريرة - رضي الله عنه- مرفوعا : 17 - رواه مسلم كتاب التوبة . ورواه البخاري كتاب الرقاق من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة بمعناه وفيه زيادة . قال الحافظ في " الفتح " : " قيل : المراد إن الكافر لو يعلم سعة الرحمة لغطى على ما يعلمه من عظم العذاب فيحصل له الرجاء ، أو المراد أن متعلق علمه بسعة الرحمة مع عدم التفاته إلى مقابلها يطمعه في الرحمة ، فمن علم أن من صفات الله تعالى الرحمة لمن أراد أن يرحمه والانتقام ممن أراد أن ينتقم منه : لا يأمن انتقامه من يرجو رحمته ولا ييأس من رحمته من يخاف انتقامه ، وذلك باعث على مجانبة السيئة ولو كانت صغيرة وملازمة الطاعة ولو كانت قليلة ، وقيل : في الجملة الثانية نوع إشكال فإن الجنة لم تخلق للكافر ولا طمع له فيها فغير مستبعد أن يطمع في الجنة من لا يعتقد كفر نفسه فيشكل ترتب الجراب على ما قبله . وأجيب : بأن هذه الكلمة سيقت لترغيب المؤمن في سعة رحمة الله التي لو علمها الكافر الذي كتب علية أنه يختم عليه أنه لا حظ له في الرحمة لتطاول إليها ولم ييأس منها إما بإيمانه المشروط وإما لقطع نظره عن الشرط مع تيقنه بأنه على الباطل واستمراره عليه عنادا ، فإذا كان هذا حال الكافر فكيف لا يطمع فيها المؤمن الذي هداه الله للإيمان ! ؟ " . |
#2
|
||||
|
||||
![]() [إثبات صفة التعجب لله سبحانه وتعالى]
21 - وعنه مرفوعا : 21 - رواه البخاري كتاب الجهاد ، وأحمد . قال الحافظ في " الفتح " : قال ابن الجوزي : معناه أنهم أسروا وقيدوا فلما عرفوا صحة الإسلام دخلوا طوعا فدخلوا الجنة ، فكان الإكراه على الأسر والتقييد هو السبب الأول ، وكأنه أطلق على الإكراه التسلسل ولما كان هو السبب في دخول الجنة أقام المسبب مكان السبب . |
#3
|
||||
|
||||
![]() [صبر الله سبحانه وتعالى على الذين يدعون له ولدا]
22 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رواه البخاري . 22 - رواه البخاري كتاب الأدب ، وكتاب التوحيد : ومسلم كتاب التوبة . هذا الحديث فيه إثبات صفة الصبر لله سبحانه وتعالى . قال الحافظ في " فتح الباري" : أصبر : أفعل تفضيل من الصبر ، ومن أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى الصبور ، ومعناه الذي لا يعاجل العصاة بالعقوبة . . . وفي الحديث إشارة إلى القدرة على الإحسان إليهم مع إساءتهم بخلاف طبع البشر فإنه لا يقدر على الإحسان إلى المسيء إلا من جهة تكلفه ذلك شرعا ، وسبب ذلك أن يحمله على المسارعة إلى المكافأة بالعقوبة والله سبحانه قادر على ذلك حالا ومآلا لا يعجزه شيء ولا يفوته بتصرف يسير . |
#4
|
||||
|
||||
![]() [إثبات صفة الحب لله]
23 - وله عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 23 - رواه البخاري كتاب التوحيد . في هذا الحديث إثبات صفة الحب لله سبحانه وتعالى وصفة الكلام له سبحانه ، والمراد بالقبول في هذا الحديث : قبول القلوب له بالمحبة والميل إليه والرضا عنه . ويؤخذ منه أن محبة قلوب الناس علامة محبة الله ، ويؤيد حديث " أنتم شهداء الله في الأرض " |
#5
|
||||
|
||||
![]() [إثبات رؤية الله سبحانه وتعالى يوم القيامة للمؤمنين ]
24 - وعن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه- قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال : رواه الجماعة . 24 - رواه البخاري كتاب مواقيت الصلاة ، وكتاب التفسير ، وكتاب التوحيد ، ومسلم كتاب المساجد . هذا الحديث يثبت رؤية الله سبحانه وتعالى للمؤمنين يوم القيامة ، وهي أعظم نعمة تعطى لأهل الجنة ؛ فقد أخرج مسلم وغيره عن صهيب - رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : |
#6
|
||||
|
||||
![]() [انتقام الله لمن عادى له وليا]
25 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رواه البخاري . 25 - رواه البخاري كتاب الرقاق . قال الحافظ في " الفتح " : المراد بولي الله : العالم بالله المواظب على طاعته المخلص في عبادته . آذنته : أي : أعلمته ، والإيذان الإعلام . قال الفاكهاني : في هذا تهديد شديد لأن من حاربه الله أهلكه ، وإذا ثبت هذا في جانب المعاداة ثبت في جانب الموالاة ، فمن والى أولياء الله ؛ أكرمه الله . . . ويستفاد من الحديث أن أداء الفرائض أحب الأعمال إلى الله ، قال الطوفي : الأمر بالفرائض جازم ويقع بتركها المعاقبة بخلاف النفل في الأمرين ، وإن اشترك مع الفرائض في تحصيل الثواب فكانت الفرائض أكمل ، فلهذا كانت أحب إلى الله وأشد تقريبا ، وأيضا فالفرض كالأصل والأس ، والنفل كالفرع والبناء ، وفي الإتيان بالفرائض على الوجه المأمور به امتثال الأمر واحترام الآمر وتعظيمه بالانقياد إليه وإظهار عظمة الربوبية وذل العبودية ، فكان التقرب بذلك أعظم العمل ، والذي يؤدي الفرض قد يفعله خوفا من العقوبة ، ومؤدي النفل لا يفعله إلا إيثارا للخدمة فيجازى بالمحبة التي هي غاية مطلوب من تقرب بخدمته . قال الحافظ : قال ابن هبيرة : يؤخذ من قوله : " ما تقرب . . إلخ " ، أن النافلة لا تقدم على الفريضة لأن النافلة إنما سميت نافلة لأنها تأتي زائدة على الفريضة فما لم تؤد الفريضة لا تحصل النافلة ، ومن أدى الفرض ثم زاد عليه النفل وأدام ذلك تحققت منه إرادة التقرب . |
#7
|
||||
|
||||
![]() [نزول الله سبحانه وتعالى]
26 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : متفق عليه . 26 - رواه البخاري كتاب التهجد ، وكتاب الدعوات ، وكتاب التوحيد ، ومسلم كتاب صلاة المسافرين ونزول الله سبحانه وتعالى ثابت وهو نزول يليق بجلاله وعظمة سلطانه ، من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل . وللإمام ابن تيمية رحمه الله كتاب مطول ، شرح فيه صفة النزول البينة ، بالأدلة الشرعية والحجج ، فليراجع . |
#8
|
||||
|
||||
![]() [وصف الجنان والنظر إلى الله سبحانه وتعالى]
27 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رواه البخاري . 27 - رواه البخاري كتاب التفسير والتوحيد . ورواه مسلم كتاب الإيمان . قال الحافظ في " الفتح " : وقوله : جنتان ، إشارة إلى قوله تعالى : ويجمع بأن الأول صفة ما في كل جنة من آنية وغيرها ، والثاني صفة حوائط الجنان كلها ، ويؤيده أنه وقع عند البيهقي في "البعث" من حديث أبي سعيد : وقال الحافظ عن رداء الكبرياء بعد ذكر أقوال العلماء : وحاصله أن رداء الكبرياء مانع عن الرؤية فكأن في الكلام حذفا تقديره بعد قوله إلا رداء الكبرياء فإنه يمن عليهم برفعه فيحصل لهم الفوز بالنظر إليه ، فكأن المراد أن المؤمنين إذا تبوءوا مقاعدهم من الجنة لولا ما عندهم من هيبة ذي الجلال لما حال بينهم وبين الرؤية حائل ، فإذا أراد إكرامهم حفهم برأفته وتفضل عليهم بتقويتهم على النظر إليه سبحانه . |
#9
|
||||
|
||||
![]() قول الله تعالى
[ الزمر : 67] [قبض الله سبحانه الأرض وطي السماء بيمينه] 30 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : 30 - رواه البخاري كتاب التوحيد . ورواه مسلم كتاب صفة الجنة والنار . يثبت هذا الحديث أن الله سبحانه وتعالى يقبض الأرض بإحدى يديه وطيه السماء بالأخرى وهما يمينان لربنا سبحانه ، لا شمال له ، تعالى ربنا عن صفات المخلوقين علوا كبيرا . 31 - وله عن ابن عمر - رضي الله عنهما- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أنا الملك 31 - رواه البخاري كتاب التوحيد من طريق القاسم بن يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر . ورواه مسلم صفات المنافقين . 32 - وفي رواية عنه 32 - رواه أحمد في " المسند" وابن أبي عاصم في "السنة" وابن خزيمة في "التوحيد" من طريق حماد بن سلمة أخبرنا إسحاق بن عبد الله عن عبيد الله بن مقسم عن ابن عمر . قال الشيخ ناصر : صحيح على شرط مسلم . 33 - ورواه مسلم عن عبيد الله بن مقسم أنه نظر إلى عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- كيف يحكي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : 33 - رواه مسلم كتاب صفات المنافقين وابن ماجه من طريق أبي حازم عن عبيد الله بن مقسم أنه نظر إلى عبد الله بن عمر كيف يحكي . . . الحديث . |
#10
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
جعله الله في ميزان حسناتك استاذي الفاضل استاذ محمد
__________________
|
#11
|
||||
|
||||
![]() تربية الأولاد مسؤولية الأسرة المسلمة الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده، نبينا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم. وبعدُ: لو تأمَّل المسلم قليلاً من الوقت في حال الأجيال الناشئة في مجتمعنا، لرأى كثيرًا من صُوَر الانحراف في أخلاق وعقول كثيرٍ من شبابنا وأبنائنا؛ إلاَّ ما رحِمَ الله؛ ذلك أنَّ هذه الأجيال فقَدَت كثيرًا من عوامل التربية الإسلامية الرشيدة، والموجِّهة لسلوكهم وأخلاقهم وعقولهم. مدارس التربية والتناقض الواضح: فالواقع أنَّ عوامل ومدارس التربية كثيرة، فالبيت أساس التربية، والمدرسة والجامعة لها دورٌ آخر كبير الأثر، والمساجد لها دور عَقَدي إيماني واضح، لكنَّ الإشكال أنَّ هذه المدارس الثلاثة الكبرى للتربية كانت محورًا أساسًا في هذا الباب إلى عهدٍ قريب منَّا، لكننا اليوم أصبحنا نرى خلْطًا وتشويشًا في توجُّهات الأجيال المسلمة الناشئة؛ وذلك لوجود عددٍ من الوسائل الأخرى والتي تُشارك وبقوَّة وتأثير في مهمة التربية، ومن أهمها وسائل الإعلام؛ المرئية، والمسموعة، والمقروءَة، على حدٍّ سواء، والتي بدورها تُسهم في تشكيل العقل والفكر والسلوك، وتُشاركهم طريقة مطعمهم ومَلبسهم، حتى تسريحة شعرهم، ولون حِذائهم. ولقد أصبَح لهذه الوسائل جاذبيَّة كبيرة في استقطاب نظر الناشئة، وطبقات الشباب والفتيات، والواقع الذي لا مَحيد منه أنَّ جُلَّ القائمين عليها - إلاَّ مَن رحِم الله - لا يرقبون في شباب الأُمَّة إلاًّ ولا ذِمَّة، ولا يحملون الأمانة بصِدق وحِكمة، فأفسدوا كثيرًا بما يقدمون للأجيال من البرامج الغنائية الساقطة، والثقافية التافهة، والمسرحية والدرامية الهزيلة، إلى جانب ذلك الرُّكام من الأفلام والمسلسلات، والتي تجمع في أهدافها هدْمَ القِيَم والأخلاق الثابتة من شعائر الإسلام وشرائعه، وتُمَيِّع الهُوية المسلمة في قلوب أبنائنا، وتُذَوِّبهم في المدِّ الغربي والعلماني الجارف، بعيدًا عن وحْي الله - تعالى - ومنهجه، وتحثُّهم على قتْل قِيَم الحياء والأدب في نفوسهم، وتحثهم على الوقوع في الفواحش والرذيلة، والمعاصي والمنكرات، كما تُغريهم وتعلِّمهم وسائل الانحراف، وتناول المسكِرات والمخدرات، إضافةً إلى الانحراف العقدي والفكري. كما لا ننسى دور المجلات والدوريَّات التي تأخذ حيِّزًا كبيرًا من أوقات الشباب والفتيات، في مطالعة قَصص الحبِّ والغرام والهيام، وأخبار اللاعبين والفنانين والمطربين، الذين سَرَقوا أوقات وعقول هذه الأُمة، وسَرَقوا أموالها وثرواتها تحت مُسَمَّى رسالة الفن والإبداع. كما لا ننسى أيضًا بعض التوجُّهات المشبوهة في التعليم الحكومي والجامعي، تلك التي تطمس نورَ الإيمان والعقيدة في قلوب الأجيال، وتزوِّر بعضًا من حقائق التاريخ الإسلامي والإنساني، وتنادي بتمجيد الفن والموسيقا، ورِفعة النحت والتماثيل، وحمْل العود والبيانو والمعازف، ولا تهتم كثيرًا بغرْس القِيَم والدين والأخلاق، ولا تهتم كثيرًا بتعليم سِيَر الصحابة والعلماء والفاتحين، ولا تعبأ بأن تكون حصة التربية الإسلامية حصة أو حصتين على مَدار الأسبوع كلِّه. إلى جانب آخر من السيطرة والإحكام والتحجيم المتعمَّد على دور المسجد في حياة الشباب المسلم، وإبعادهم بشتَّى الوسائل والطرق عن العلماء والصالحين هنا وهناك، والتضييق عليهم، وقتْل فُرَص التربية الإسلامية الصحيحة في بيوت الله - تعالى - وتحت رعاية أهل العلم الصادقين. الأسرة المسلمة هي المسؤول الأول عن التربية: كل هذه الوسائل وغيرها تُشارك في قضية تربية الأجيال والشباب، شِئنا هذا أم أبينا، لكن الحق وكل الحق، أنَّ الأسرة المسلمة والبيت المسلم، هو القاعدة الأساس، والعمود الأوحد في هذه القضية كلها، مهْمَا تعدَّدت مدارس التربية، لماذا؟ لأن هذه الوسائل مهما كَثُر خطرُها، وامتدَّ ضررها، فبالإمكان تضييق الخِناق عليها، وردُّ الباطل منها، وإضعاف تأثيرها، وبالإمكان إبعادها من حياتنا والاستغناء عنها إلى مرحلة تربويَّة صحيحة، تُغْرَس فيها القِيَم، وتُعَلَّم فيها أصولُ الإسلام وعقائدُه. ثم الأهم من ذلك كله أنَّ الله - تعالى - في كتابه وسُنَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بيَّن لنا أن الأسرة هي أصل التربية للأجيال وعمودها، فقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]. قال العلاَّمة ابن سعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية: "أي: يا مَن منَّ الله عليهم بالإيمان، قوموا بلوازمه وشروطه؛ فـ﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ موصوفة بهذه الأوصاف الفظيعة، ووقاية الأنفس بإلزامها أمرَ الله، والقيام بأمره امتثالاً، ونهيه اجتنابًا، والتوبة عمَّا يُسخط الله ويوجِب العذاب، ووقاية الأهل والأولاد، بتأديبهم وتعليمهم، وإجبارهم على أمر الله، فلا يسلم العبد إلاَّ إذا قام بما أمَر الله به في نفسه، وفيما يدخل تحت ولايته من الزوجات والأولاد، وغيرهم ممن هو تحت ولايته وتصرُّفه"[1]. وقال العلاَّمة الشوكاني - رحمه الله تعالى -: "﴿ وَأَهْلِيكُمْ ﴾ بأمرهم بطاعة الله، ونَهْيهم عن معاصيه، ﴿ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾؛ أي: نارًا عظيمة تتوقَّد بالناس وبالحجارة، كما يتوقَّد غيرها بالحطب، وقد تقدَّم بيان هذا في سورة البقرة. قال مقاتل بن سليمان: المعنى: قوا أنفسكم وأهليكم بالأدب الصالح النارَ في الآخرة، وقال قتادة، ومجاهد: قوا أنفسكم بأفعالكم، وقوا أهليكم بوصيَّتكم". قال ابن جرير: فعلينا أن نعلِّم أولادنا الدين والخيرَ، وما لا يُسْتغنى عنه من الأدب، ومن هذا قوله: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132]، وقوله: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]"[2]. وكما جاء في الحديث أنَّ تعليم العقيدة وغرْسها أصلها الأسرة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - كان يحدِّث قال: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما من مولود إلاَّ يولد على الفطرة؛ فأبواه يهوِّدانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جَمعاء، هل تحسون فيها من جَدَعاء))، ثم يقول أبو هريرة - رضي الله عنه -: "﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾ [الروم: 30]" الآية؛ متفق عليه. وكما جاء أيضًا أنَّ الرجل والمرأة في الأسرة مسؤولان عن تبعة التربية والتنشئة للأولاد، فعن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألا كلُّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته، فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيَّته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيَّته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلُّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته))؛ متفق عليه. وجاء في الحديث أيضًا أنَّ غرْسَ القِيَم الشرعيَّة، والشعائر التعبُّدية، إنما هو في الأصل على كاهل الأسرة المسلمة؛ فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جَدِّه قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع))؛ رواه أبو داود، وحسَّنه الألباني. ولا ننسى هنا بعد هذا وصيَّة الأب الشفوق الناصح لولده، المهذِّب لعقيدته وأخلاقه، ذلكم هو لقمان الحكيم - عليه السلام - وقد ذكَرها الله - تعالى - في كتابه؛ لتكون خيرَ مُعينٍ على البرِّ والتربية، فقال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان: 13 - 19]. كل هذه النصوص القرآنية والنبوية وغيرها، تُلقي بالتبعة والمسؤوليَّة التربوية في أصلها على كاهل الوالدين، على الأسرة المسلمة، وتحمِّلهم هذه العبء الثقيل، ورحِم الله أيَّامًا كان الناس فيها يقدِّرون هذه الرسالة، فيذهبون بأولادهم إلى المربِّين والمعلِّمين؛ ليهذِّبوا أخلاقهم، ويُرشدوا عقولَهم، ويَشحذوا هِمَمهم. وقد ذكَر الراغب الأصفهاني قولَ عُتبة بن أبي سفيان لمؤدِّب ولده: "ليكن أوَّل إصلاحك لولدي إصلاح نفسك؛ فإن عيونَهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنتَه، والقبيح ما استقبحتَه، علِّمهم كتاب الله، ورَوِّهم من الحديث أشرفَه، ومن الشعر أعفَّه، ولا تُكْرههم على علْمٍ فيملُّوه، ولا تَدَعهم فيهجروه، ولا تُخرجهم من علْمٍ إلى علمٍ حتى يُحكِموه، فازدحام العلم في السمع مَضلَّة للفَهم، وعلِّمهم سِيَر الحُكماء وهَدِّدهم وأدِّبهم دوني، ولا تتَّكِل على كفاية منك، واستزدني بتأثيرك، أزدْك - إن شاء الله تعالى". وجاء في "مروج الذهب"؛ للمسعودي أنَّ الأحمر النحوي قال: "بعَث إليّ الرشيدُ؛ لتأديب ولده محمد الأمين، فلمَّا دخلتُ قال: يا أحمر، إن أمير المؤمنين قد دفَع إليك مهجة نفسه، وثَمرة قلبه، فصَيَّر يدَك عليه مبسوطَة، وطاعتك عليه واجبة، فكنْ له بحيث وضعك أمير المؤمنين، أقْرِئه القرآن، وعرِّفه الآثار، ورَوِّه الأشعار، وعلِّمه السُّنن، وبصِّره مواقع الكلام وبَدْأه، وامْنعه الضَّحك إلاَّ في أوقاته، وخُذْه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا إليه، وَرَفْع مجالس القوَّاد إذا حضروا مجلسه، ولا تمرنَّ بك ساعة إلاَّ وأنت مُغتنم فيها فائدة تفيده إيَّاها، من غير أن تَخْرُق به فتُميت ذِهنه، ولا تُمْعِن في مسامحته؛ فيسْتحلِي الفراغ ويأْلفَه، وقوِّمْه ما استطعتَ بالقُرب والملاينة، فإنْ أباهُمَا، فعليك بالشدة والغِلظة"[3]. وقد قال الشاعر قديمًا في معرض التربية: مَشَى الطَّاوُسُ يَوْمًا بِاعْوِجَاجٍ ![]() فَقَلَّدَ شَكْلَ مِشْيَتِهِ بَنُوهُ ![]() فَقَالَ: عَلاَمَ تَخْتَالُونَ؟ قَالُوا: ![]() بَدَأْتَ بِهِ وَنَحْنُ مُقَلِّدُوهُ ![]() فَخَالِفْ سَيْرَكَ الْمِعْوَجَّ وَاعْدِلْ ![]() فَإِنَّا إِنْ عَدَلْتَ مُعَدِّلُوهُ ![]() أَمَا تَدْرِي أَبَانَا كلُّ فَرْعٍ ![]() يُجَارِي بِالخُطَى مَنْ أَدَّبُوهُ ![]() وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الْفِتْيَانِ مِنَّا ![]() عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ ![]() التربية واجب لا مفرَّ منه: إذًا الواجب على الوالدين القيام بمهام التربية الإسلامية الصحيحة للأولاد، وألاَّ يتخلَّوا عن هذه الأمانة العظيمة في أعناقهم، وألاَّ يقفوا موقف الناظر فحسب، الذي يتألَّم على ما يرى دون أن يقدِّم يدَ العون لغيره، فإن الله - تعالى - نَهانا عن الخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، والذي يضيِّع أمانة التربية لأُسرته، والأخْذ بأيديهم من الهلاك والانحراف، لا ريب أنه واقِعٌ في هذه الخيانة العُظمى. إنَّ على الأسرة المسلمة أن تقومَ بغَرْس الدين وشعائره ومحبَّته في قلوب أبنائها وبناتها، وعليها أن تغرِسَ حبَّ العبادة والقرآن والذِّكْر فيهم، كما تغرس فيهم قِيَم الإسلام وأخلاقه الفاضلة وآدابه، وعليها أيضًا أنْ تحفظَهم من وسائل الانحراف والضلال، ومن الإعلام المقروء والمرئي والمسموع، وأن تُحَذِّرهم أصدقاء السوء، وأن تَربِطَهم بكتاب الله وسُنة رسوله، والمساجد وأهل العلم؛ فإن الأمانة عظيمة، وإنَّ خَطْبَ الأُمة جَللٌ. قال العلاَّمة ابن القَيِّم - رحمه الله -: "فمَن أهمَلَ تعليم ولده ما ينفعه، وترَكه سُدًى، فقد أساء إليه غايةَ الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادُهم من قِبَل الآباء، وإهمالهم لهم، وترْك تعليمهم فرائضَ الدين وسُننه، فأضاعوهم صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولَم ينفعوا آباءَهم كبارًا"[4]. وأخيرًا نقول: إن قراءة كتاب في فقه التربية الإسلامية للأولاد ووضْعه في مكتبة البيت، لن يُكلفنا كثيرًا من أموالنا وأوقاتنا، واستماع عدَّة محاضرات في فقه التربية لنْ يأخذَ منَّا الكثير من أوقاتنا أيضًا، في سبيل الوصول إلى فقه تربوي صحيح. وإن مطالعة القرآن وآياته الكريمة، ومطالعة السُّنة النبوية، وقَصص التربية، زادٌ كبير، ورصيد شرعي عظيم لِمَن أراد التوفيق والهداية، والله الموفِّق لكلِّ خير. [1] تفسير ابن سعدي. [2] فتح القدير؛ للشوكاني. [3] انظر: مروج الذهب. [4] تحفة المودود؛ لابن القيم، ص: 229. |
#12
|
||||
|
||||
![]() ![]() من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم عن علي رضي الله عنه قال: كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم. ![]() آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 07-02-2013 الساعة 08:58 PM |
#13
|
||||
|
||||
![]() |
#14
|
||||
|
||||
![]() |
#15
|
||||
|
||||
![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الاسلام, دين, نبينا |
|
|