اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 20-03-2011, 12:59 AM
ميدو عمر ايمن ميدو عمر ايمن غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 125
معدل تقييم المستوى: 15
ميدو عمر ايمن is on a distinguished road
افتراضي


الله اعلم اذا كان هذا الكلام صحيح فذنبه علي من كتبه

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 22-03-2011, 05:48 PM
احمد هيونداي احمد هيونداي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 34
معدل تقييم المستوى: 0
احمد هيونداي is on a distinguished road
افتراضي

هو ده الكلام الصح
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 16-05-2011, 04:38 PM
السيد2000 السيد2000 غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 296
معدل تقييم المستوى: 15
السيد2000 is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mr. Medhat salah مشاهدة المشاركة
الصوفية وطريقتم لا يفهم الا صوفي نفسه
اي ان كلامهم ومصطلحاتهم يجب عليك قبل ان تحكم عليهم بالكفر ان ترجع اليهم وتسألهم عن هذه الالفاظ ماذا تقصدون منها لا ان ترميهم بالكفر
احسن الظن بالمسلمين
ام انك اخرجتهم من الاسلام ولا مناقشة ورفعت الجلسة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فما لكم كيف تحكمون
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 16-05-2011, 04:53 PM
السيد2000 السيد2000 غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 296
معدل تقييم المستوى: 15
السيد2000 is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو إسراء a مشاهدة المشاركة
كل من كتب عن المتصوفة يقصد هؤلاء المبتدعة من المتصوفة ، أما من ذكرت فهم من أعلام أهل السنة والجماعة .
جزاك الله خيرا
للاسف الشديد كل من كتب عن التصوف لا يفرق بين هؤلاء وهؤلاء ولا يبين للقاريء من يقصد وهذا اما لجهله بعلم التصوف واما ان يكون عالما به ولكن يكتم هذا العلم عن الناس وهذا شر من هذا
فان كان جاهلا به فكان الاحرى به ان يبحث عن الحسنات كما ينقب ويفتش عن المساوىء ويذكر للامانة العلمية والخلقية كما علمنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ان نذكر الاشياء كما هي ولانذكر ما يوافق غرضنا وهوانا ونترك ما يتعارض مع اراءنا وهوانا ولكن علينا سرد المواضيع بحيادية ونذكر المحاسن والمساوىء ونترك الحكم للقارىء لا ان اذكر ما يتفق وهواي واحكم به على الناس بالباطل وكأني المدعى والقاضي في نفس الوقت ؟؟؟؟؟
اليس للصوفية اية محاسن تذكر ؟؟؟
اليس منهم رجل واحد رشيد ؟؟؟؟
اليس منهم علماء اتقياء اولياء ؟؟؟؟؟؟
ام انك بحثت عن عوراتهم وتركت محاسنهم ؟؟
هذا ليس من اخلاق المسلمين يا من تدعي انك من السلفية
هل السلفية عندهم قص ولصق في الحقائق وسرد المعلومات وهل السلفية يذكرون كلاما ويكتمون اخر ؟؟؟؟؟؟
فما لكم كيف تحكمون
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 16-05-2011, 04:57 PM
السيد2000 السيد2000 غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 296
معدل تقييم المستوى: 15
السيد2000 is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ruqaia مشاهدة المشاركة
جزييييييييت خيرا اخي ما شاء الله موضوع رائع ومفيد جدا جدا لأني سئلت من مسلمين جدد عن الصوفية والسنة
وايه الفرق والافضل
طبعا بكل ثقة السنة اللي ألإفضل
بس مكنتش بعرف ارد بإيه الصوفية سيئين او مذهبهم خاطىء بس بعد ده الحمد لله على نعمة العقل ...وشكرا على الموضوع
بس ممكن ألاقي ترجمة بالانجليزية للكلام ده
اقول اولا ان ائمة هذا الطريق -اقصد التصوف- هم الامام حسن البصرى والامام الجنيد والامام سفيان الثورى الاوزعى وغيرهم الكثير والكثير وكلهم من اهل السنة والجماعة ولكن دخل على الطريق ماليس منه ونسبة اقوال بل والفت كتب يدعى اصحابها انها كرامات للاولياء والاولياء والصالحون منها براء وقد وجدنا من نسبوا انفسهم للتصوف بمجرد الاسم وهم موجودون حتى الان يدعون ماليس فيهم وماليس للصالحين من اهل الطريق امثال كتاب الشعرانى وغيره
فيجب علينا جميعا ان نتحرى الدقة قبل الكتابة حتى لاناخذ الصالح بالطالح ونسال الله العفو والعافية وان يجعلنا من الصالحين اللهم امين
(ماكتتبه هذا عن خبرة ودراسة ودرايه باهل الطريق )
رد مع اقتباس
  #21  
قديم 17-05-2011, 05:26 PM
السيد2000 السيد2000 غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 296
معدل تقييم المستوى: 15
السيد2000 is on a distinguished road
افتراضي

التصـوف بـين الحـداثـة والـقِــدم

الحمدُ للهِ الذي بنعمتِهِ تتمُّ الصالحات، وصلى اللهُ على سيدِنا محمدٍ عبدِ الذاتِ ورسول الأسماء والصفات، ورضيَ اللهُ تعالى عنْ مشايخِنا وشفعائِنا في الحياةِ وبعدَ المماتِ لقد نَبَّهَ سيدي فخرُ الدينِ أنَّ التصوفَ بلفظِهِ لمْ يكنْ في زمنِ النبيِّ أمّا ماهيتُهُ ومضمونُهُ ومَدارُهُ واستمدادُهُ وهيئتُهُ فليسَ إلاَّ الدينُ الكاملُ الذي جاءَ بهِ الرسولُ الأعظمُ وإلاَّ لَما سارَ على نهجِهِ أئمةٌ عِظامٌ يُشارُ إليهمْ بالبَنانِ ولا يخلو منهمْ جَنانٌ حتى أنَّكَ أيُّها المقبِلُ على اللهِ إذا استقصَيْتَ أسماءَ علماءِ الشريعةِ الغرّاءِ الذينَ اعتمدَتْهمُ الأُمَّةُ واتَّفَقَتْ على عدالتِهمْ وقبولِهمْ فلا تكادُ ترى واحداً منهمْ إلاَّ وقدْ تصوَّفَ وسارَ على طريقِ الصوفية، وسيأتي إنْ شاءَ اللهُ بيانُ ذلكَ.. ولقدْ قرَّرَ شيخُنا عندَما سُئِلَ عنِ الصوفيةِ فقال: هُمْ أَهْلُ اللَّهِ. فسَمِّهِمْ ما شئتَ بعدَ ذلكَ فالمهمُّ أنَّ هذا حالُهمْ ومآلُهمْ. فإنْ قالَ قائل: ومِنْ أينَ جاءَ لفظُ التصوفِ؟ وما اشتقاقُهُ؟
فالجواب: إنَّكَ أولاً افترضْتَ جدلاً ومِنْ غيرِ قصدٍ منكَ أنَّ العلومَ التي انتهيْتَ إليها وبمُسمّياتِها معلومةٌ كذلكَ في زمانِ النبيِّ وصحابتِه، والأمرُ ليسَ كذلك؛ ففي زمنِ النبيِّ كانَ العلمُ إجمالاً وهوَ مِنْ معاني لفظِ (القرآن) أمّا تفصيلاتُ العلومِ وأسماؤُها فقدِ استحدَثَها الناسُ كلٌّ في زمانِهِ وفي مكانِهِ.. ولا عجبَ في ذلك؛ ففي زمنِ الصحابةِ لمْ يعرفِ الناسُ علومَ النحوِ والبلاغةِ والبيانِ والبديعِ والصرفِ والنقدِ والفلكِ والكيمياءِ والكومبيوتر بلْ وعلومَ الفقهِ وأصولَه، وإنَّما دَعَتْ أحوالُ الناسِ إلى ظهورِ هذهِ الأسماءِ على أيدي علماءَ حفظَ اللهُ بهمْ كتابَهُ الجامعَ لِكلِّ علومِ الدنيا والآخرة، وما لفظُ التصوفِ إلاّ اسمٌ لِعلمٍ نشأَ عندَما دعَتِ الحاجةُ إلى تخصيصِهِ باسمِهِ ورسمِهِ..
وفي ذلكَ يقولُ سيدي أحمدُ زروقٌ : قدْ حُدَّ التصوفُ ورُسِمَ وفُسِّرَ بوجوهٍ تبلغُ الألفَيْنِ ترجعُ كلُّها لِصدقِ التوجهِ إلى اللهِ تعالى.

تنازَعَ الـناسُ في الصـوفيِّ واختلَفــوا
وظَنَّهُ الـبـعـضُ مشـقّاً مِنَ الصـوفِ
ولسْـتُ أمنـحُ هـذا الاســمَ غيرَ فتىً
صـافى فصُـوفِيَ حـتى سُمِّيَ الصـوفي
فهوَ إذاً مشتقٌّ مِنَ الصفاء، ولا عجبَ في ذلكَ فقدْ وردَ عنْ رسولِ اللهِ : آلُ مُحَمَّدٍ آلُ الصَّفَا وَالْوَفَا ومَنْ يكونُ الصوفيةُ إلاَّ آلُ محمدٍ ؟. فإنْ قالَ قائل: هلْ مِنْ حديثِ رسولِ اللهِ ما يدلُّ على ظهورِ مثلِ ذلكَ بعدَهُ مِنْ بابِ الإنباءِ بالغيبِ ؟ فالجواب: إنْ شاءَ الله؛ إنَّ الآياتِ القرآنيةَ والأحاديثَ النبويةَ هيَ بكلِّيتِها ما يراهُ ويذهبُ إليهِ أهلُ اللهِ أوِ الصوفية، فالدينُ دينٌ تحتَ أيِّ اسمٍ أوْ صفةٍ حيثُ لا يتعارضُ الاسمُ معَ نصٍّ أوْ عُرْفٍ أوْ خُلُق، ولكّنا إذا شئْتَ تحديدَ نصوصٍ دالةٍ على مضمون علمِ التصوفِ فنُذَكِّرُ ـ وباللهِ التوفيقُ ـ بما رواهُ مسلمٌ عنْ سيدِنا عمرَ لَمّا دخلَ عليهمْ سيدُنا جبريلُ في صورةِ صحابيٍّ بحضرةِ رسولِ اللهِ فسألَهُ عنِ الإسلامِ وعنِ الإيمانِ ثمَّ قالَ له: أَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَان. قال ..(أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاه، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك) ثمَّ قالَ النبيُّ لِسيدِنا عمر أَتَدْرِي مَنِ السَّائِل فقال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَم. قال فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ، وهكذا الصوفيةُ لا يقفونَ عندَ حدِّ الثلثِ الأول ـ وهوَ الإسلامُ ـ أوِ الثلثِ الثاني ـ وهوَ الإيمانُ ـ بلْ غايتُهمْ مقامُ الإحسانِ والثابتُ أنَّهُ لا يصحُّ بلا إسلامٍ وإيمانٍ
وهاكَ ما رواهُ الديلميُّ في مسندِ الفردوسِ عنْ أبي هريرة مِنْ قولِهِ (إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ كَهَيْئَةِ الْمَكْنُونِ لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللَّهِ فَإِذَا نَطَقُوا بِهِ لَمْ يُنْكِرْهُ إِلاَّ أَهْلُ الْغِرَّةِ بِاللَّه) وهذا ما اشتهرَ في الواقعِ مِنْ أحوالِ الصوفيةِ وعلومِهمْ وهاكَ قولُهُ لِسيدِنا عمرَ كَـانَ فِيمَنْ كَـانَ قَبْلَكُـمْ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُـنْ فِي أُمَّتِي فَعُمَرُ مِنْهُم والتحديثُ هوَ ما عَرَّفَهُ الصوفيةُ بالإلهامِ أوِ التنويرِ أوِ الكشفِ وهاكَ قولُهُ لِسيدِنا حارثةَ بنِ مالكٍ الأنصاريّ كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَة قال: أَصْبَحْتُ مُؤْمِناً حَقّا. فقالَ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَة، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِك فقال: عَزَفْتُ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا فَاسْتَوَى عِنْدِي ذَهَبُهَا وَمَدَرُهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ يَتَنَعَّمُونَ وَإِلَى أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ يُعَذَّبُون، وَكَأَنِّي أَرَى عَرْشَ رَبِّي بَارِزا، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَسْهَرْتُ لَيْلِي وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي. فقالَ لهُ الرسولُ يَا حَارِثَةُ..عَرَفْتَ فَالْزَم ثمَّ قال عَبْـدٌ نَوَّرَ اللَّـهُ قَلْبَـهُ بِنُورِ الإِيمَان رواهُ البيهقيُّ والبزارُ وابنُ المباركِ وذكرَهُ سيدي ابنُ عجيبةَ في (إيقاظِ الهمم) بشرحٍ عجيبٍ, وهذهِ هي أحوالُ الصوفية، وبالجملةِ فإنَّ جميعَ أقوالِهمْ وأفعالِهمْ وأحوالِهمْ إنَّما هيَ مِنْ كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِ اللهِ ، وما الخلافُ أوِ الشبهةُ مِنْ غيرِهمْ إلاَّ لِجهلٍ عارضٍ أوْ أصيلٍ كما سيأتي بيانُهُ مِنْ كلامِ الشيخِ تاجِ الدينِ السبكيِّ في كتابِه معيدِ النعمِ ومبيدِ النقم. مسألة: هلْ هناكَ مِنَ العلماءِ الأفذاذِ المشاهيرِ مَنْ سلكَ طريقَ الصوفيةِ الأخيارِ؟ والجواب: إنَّ مشكلةَ عصرِنا تكمنُ في المستوى الذي وصلَ إليهِ الناسُ بلْ وطلاّبُ العلمِ في هذهِ المسألة، فمجملُ الناسِ يَرَوْنَ أنَّ أكابرَ العلماءِ مِنَ السلفِ الصالحِ لا يمكنُ أنْ يكونوا مِنَ الصوفيةِ وهذا دليلٌ على الجهلِ بتراجمِهمْ أصلاً فضلاً عنِ الجهلِ بمذهبِ الصوفية، ويكفي لِلإجابةِ على هذا السؤالِ وببساطةٍ شديدةٍ أنْ تذكرَ مجموعةً مِنَ السلفِ الصالحِ الذينَ اعتمدَتْهمْ جموعُ المسلمينَ فكانوا أئمتَهمْ ثمَّ تبحثَ في سِيَرِهِمْ فهمْ ولا شكَّ مِمَّنْ سلكَ طريقَ الصوفيةِ أجمعينَ أوْ مِمَّنْ أَقَرُّوا لِلصوفيةِ بالفضلِ والمعرفةِ والولايةِ.. وإلاَّ فما ظنُّكَ بأئمةِ المذاهبِ الأربعةِ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ! وما ظنُّكَ بسلطانِ العلماءِ سيدي عزِّ الدينِ بنِ عبدِ السلامِ وبمحتسِبِ العلماءِ والأولياءِ سيدي أحمدَ زروقٍ وسيدي كمالِ الدينِ الْقِسْطَلاّنِيِّ المالكيِّ وسيدي أبي عبدِ اللهِ الشاطبيِّ صاحبِ الشاطبيةِ في القراءاتِ وسيدي قطبِ الدينِ القسطلانيِّ وسيدي عبدِ اللهِ بنِ أبي جمرةَ صاحبِ بهجةِ النفوسِ في شرحِ مختصرِ البخاريِّ وسيدي ابنِ دقيقِ العيدِ الذي كانَ أُمَّةً في مصطلحِ الحديثِ وغيرِهِ والإمامِ النوويِّ صاحبِ شرحِ صحيحِ مسلمٍ والأذكارِ ورياضِ الصالحينَ وغيرِها والإمامِ الحسنِ البصريِّ أحدِ أعلامِ التابعينَ والإمامِ الجنيدِ إمامِ الطائفةِ الذي كانَ عَلَماً مِنْ أعلامِ الشريعةِ والحقيقةِ وسيدي أبي البركاتِ الدرديرِ صاحبِ شروحِ فقهِ المالكيةِ وسيدي جلالِ الدينِ السيوطيِّ صاحبِ المؤلفاتِ العجيبةِ والإمامِ الصاويِّ الخلوتيِّ المالكيِّ والإمامِ ابنِ حجرٍ العسقلانيِّ وابنِ حجرٍ الهيثميِّ المكيِّ والإمامِ الشعرانيِّ الذي كانَ عَلَماً مِنْ أعلامِ الأزهرِ الشريفِ وما قولُكَ في المعاصرينَ مِنْ أمثالِ الدكتورِ عبدِ الحليمِ محمود والشيخِ الجليلِ محمدِ متولي الشعراويِّ ومَنْ سبقَهمْ مِنْ أمثالِ الشيخِ مخلوفٍ الكبيرِ صاحبِ الكتابِ البديع شجرةِ النورِ الزكيةِ في طبقاتِ المالكية؟ والحشدُ الهائلُ مِنَ العلماءِ والأولياءِ المشاهيرِ المعتمَدين لا يستطيعُ القولُ أنْ يَفِيَ عددَهمْ ومَددَهم، وسنذكرُ بعضَ أقوالِ بعضِهمْ وذلكَ لِلتدليلِ على ما ذكرْناهُ آنفاً مِنَ اضمحلالِ مستوى الثقافةِ الدينيةِ عندَ مَنْ ينتسبونَ لِلدينِ أنفسِهمْ.. وهاكَ واحدٌ مِنْ أئمةِ علمِ مصطلحِ الحديثِ صاحبُ المقدمةِ العالِمُ الجليلُ الذي تتلمذَ على كتبِهِ كلُّ مَنْ أرادَ هذا العلمَ وهوَ العلمُ الذي يُدقِّقُ في الحديثِ روايةً ورجالاً ومتناً وإسناداً ـ وهوَ كما قالَ عنهُ سيدي عزُّ الدينِ بنُ عبدِ السلامِ إمامُ الشافعيةِ والمحدِّثينَ في عصرِهِ الإمامُ الحافظُ الشيخُ تقيُّ الدينِ بنُ الصلاحِ قالَ عنْ خرقةِ الصوفية: لُبْسُ الخرقةِ مِنَ الْقُرَب، وقدِ استخرجَ لها بعضُ المشايخِ أصلاً مِنْ سُنَّةِ النبيِّ وهوَ حديثُ أمِّ خالدٍ بنتِ خالدِ بنِ سعيدِ بنِ العاصِ أنَّ رسولَ اللهِ أتى بكسوةٍ فيها خميصةٌ فقال مَـنْ تَرَوْنَ أَحَـقَّ بِهَذِه فسكتَ القومُ فقال:ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِد فأُتِيَ بها فأَلْبَسَها إيّاها ثمَّ قال أَبْلِي وَأَخْلِقِي مرتَيْنِ.. (أخرجَهُ البخاري).. وقالَ أيضا: ولي في لبسِ الخرقةِ إسنادٌ عالٍ جيد. وهوَ مِنْ مصطلحاتِ الحديثِ الشريفِ ثمَّ ذكرَ الإسنادَ بطولِهِ إلى سيدِي الحسنِ البصريِّ الذي أَخَذَها مِنْ سيدِنا عليٍّ ::كَرَم::ُ وهوَ أَخَذَها مِنَ النبيِّ .
ولقدْ حكمَ الحافظُ ضياءُ الدينِ المقدسيُّ بصحةِ سماعِ سيدِنا الحسنِ البصريِّ مِنْ سيدِنا عليٍّ ُ لِتصريحِهِ بنفسِهِ بهِ حيثُ قال: سمعْتُ عليّاً يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لاَ يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُه والحديثُ رجالُهُ ثقات .
الإمامُ الشافعي قالَ: (صحبْتُ الصوفيةَ فلمْ أَسْتَفِدْ منهمْ سوى حرفَيْنِ وفي رواية: سوى ثلاثَ كلماتٍ قولَهم: الوقتُ سيفٌ إنْ لمْ تَقْطَعْهُ قَطَعَك، وقولَهم: نفسُكَ إنْ لمْ تشغلْها بالحقِّ شَغَلَتْكَ بالباطل، وقولَهم: العدمُ عصمةٌ...) انظرْ رعاكَ اللهُ إلى قولِ الإمامِ الشافعيِّ (صحبْتُ الصوفية) .
الشيخُ تاجُ الدينِ السبكي مِنْ أقوالِهِ: (الصوفيةُ حَيّاهمُ اللهُ وبَيّاهمُ وجَمَعَنا في الجنةِ نحنُ وإيّاهم، وقدْ تشعبَتِ الأقوالُ فيهمْ تَشَعُّباً ناشئاً عنِ الجهلِ بحقيقتِهمْ لِكثرةِ المبتلينَ بها)
الإمامُ أحمدُ بنُ حنبل، حكى ابنُ أيمنَ في رسالتِهِ عنِ الإمامِ أحمدَ: (أنَّهُ كانَ في أولِ أمرِهِ ينهى ولدَهُ عنْ مجالسةِ الصوفيةِ حتى نَزَلَ عليهِ جماعةٌ منهمْ في الليلِ مِنَ الهواءِ فسألوهُ عنْ مسائلَ في الشريعةِ حتى أَعْجَزُوهُ ثمَّ صعدوا في الهواء؛ فمِنْ ذلكَ الوقتِ كانَ يقولُ لِولدِه عليْكَ بمجالَسةِ الصوفيةِ فإنَّهمْ أَدْرَكُوا مِنْ خشيةِ اللهِ وأسرارِ الشريعةِ ما لمْ نُدْرِكْه ُ.
الإمامُ الغزالي: قالَ في سيرتِهِ الذاتيةِ في كتابِ المنقِذِ مِنَ الضلال: ثمَّ إنِّي لَمّا فرغْتُ مِنْ هذهِ العلومِ أَقْبَلْتُ بِهِمَّتِي على طريقِ الصوفية، وعلمْتُ أنَّ طريقتَهمْ إنَّما تَتِمُّ بعلمٍ وعمل؛ وكانَ حاصلُ عملِهمْ قَطْعَ عقباتِ النفوسِ والتنزهَ عنْ أخلاقِها المذمومةِ وصفاتِها الخبيثةِ حتى يتوصلَ بها إلى تخليةِ القلبِ عنْ غيرِ اللهِ وتحليتِهِ بذكرِ اللهِ .
سلطانُ العلماءِ عزُّ الدينِ بنُ عبدِ السلام:كانَ يقول: كلُّ الناسِ قَعَدُوا على رسومِ الشريعةِ (أيْ صورِها) وقَعَدَ الصوفيةُ على قواعدِها التي لا تتزلزل؛ ويؤيِّدُ ذلكَ ما يقعُ على أيديهمْ مِنَ الكراماتِ والخوارق، ولا يقعُ ذلكَ على يدِ عالِمٍ ولوْ بلغَ في العلمِ ما بلغَ إلاَّ إنْ سلكَ طريقَهمْ .
الإمامُ مالك:كانَ يقول: مَنْ تَصَوَّفَ ولمْ يَتَفَقَّهْ فقدْ تَزَنْدَق، ومَنْ تَفَقَّهَ ولمْ يتصوفْ فقدْ تَفَسَّق، ومن جمع بينهما فقد تحقق. وهو قول مروي بالأسانيد الصحيحة المتواترة عن الامام مالك.

المصدر: موقع رايات العز
http://www.rayat-alizz.com/issue8/page4.htm#1
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 17-05-2011, 06:10 PM
السيد2000 السيد2000 غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 296
معدل تقييم المستوى: 15
السيد2000 is on a distinguished road
افتراضي

4 - أقوال الفقهاء والمحدثين في أهمية الصحبة وآدابها:

ابن حجر الهيثمي:
يقول الشيخ الفقيه المحدث أحمد شهابُ الدين بن حجر الهيثمي المكي في كتابه "الفتاوى الحديثية": (والحاصل أن الأوْلى بالسالك قبل الوصول إلى هذه المعارف أن يكون مديماً لما يأمره به أستاذه الجامع لطرفي الشريعة والحقيقة، فإنه هو الطبيب الأعظم، فبمقتضى معارفه الذوقية وحكمه الربانية، يُعطي كل بدن ونَفْسٍ ما يراه هو اللائق بشفائها والمصلح لغذائها) ["الفتاوى الحديثية" ص55 للمحدث أحمد بن حجر الهيثمي المكي توفي سنة 974هـ].

الإمام فخر الدين الرازي:
قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره المشهور عند تفسيره سورة الفاتحة: (الباب الثالث في الأسرار العقلية المستنبطة من هذه السورة (الفاتحة) فيه مسائل... اللطيفة الثالثة: قال بعضهم: إنه لما قال: {اهدنا الصراط المستقيمَ} لم يقتصر عليه بل قال: {صراطَ الذينَ أنعمتَ عليهم} [الفاتحة:7 ] وهذا يدل على أن المريد لا سبيل له إلى الوصول إلى مقامات الهداية والمكاشفة إلا إذا اقتدى بشيخ يهديه إلى سواء السبيل، ويجنبه عن مواقع الأغاليط والأضاليل، وذلك لأن النقص غالب على أكثر الخلق، وعقولهم غير وافية بإدراك الحق وتمييز الصواب عن الغلط، فلا بد من كامل يقتدي به الناقص حتى يتقوى عقل ذلك الناقص بنور عقل الكامل، فحينئذ يصل إلى مدارج السعادات ومعارج الكمالات) ["تفسير مفاتيح الغيب" المشتهر بالتفسير الكبير للإمام فخر الدين الرازي ج1142].

الشيخ إبراهيم الباجوري:
قال شيخ الإسلام إبراهيم الباجوري الشافعي عند شرحه كلام الشيخ إبراهيم اللقاني صاحب "جوهرة التوحيد":
وكنْ كما كان خيارُ الخلقِ *** حليفَ حِلم تابعاً للحق
(أي كن متصفاً بأخلاقٍ مثل الأخلاق التي كان عليها خيار الخلق... إلى أن قال: وإذا كانت المجاهدة على يد شيخ من العارفين كانت أنفع، لقولهم: حال رجل في ألف رجل أنفع من وعظ ألف رجل في رجل. فينبغي للشخص أن يلزم شيخاً عارفاً على الكتاب والسنة، بأن يزنه قبل الأخذ عنه فإن وجده على الكتاب والسنة لازمه، وتأدب معه، فعساه يكتسب من حاله ما يكون به صفاء باطنه، والله يتولى هداه) ["شرح الجوهرة" للباجوري ص133. والشيخ إبراهيم الباجوري شيخ الأزهر في عصره وهو من العلماء الأعلام ومن المحققين في المذهب الشافعي توفي عام 1277هـ].

ابن أبي جمرة:
شرح الإمام الحافظ المحدِّثُ الورع أبو محمد عبد الله بن أبي جمرة الأزدي الأندلسي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنه في الجهاد فقال: "أحَيٍّ والداك؟" قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد) وبعد أن شرحه بيَّن عشرة وجوه له، قال في الوجه العاشر:
(فيه دليل على أن الدخول في السلوك والمجاهدات، السُّنَّةُ فيه أن يكون على يد عارف به، فيرشد إلى ما هو الأصلح فيه، والأسدُّ بالنسبة إلى حال السالك لأن هذا الصحابي رضي الله عنه لما أن أراد الخروج إلى الجهاد لم يستبد برأي نفسه في ذلك حتى استشار من هو أعلم منه وأعرف، هذا ما هو في الجهاد الأصغر فكيف به في الجهاد الأكبر؟!) ["بهجة النفوس" شرح مختصر صحيح البخاري لابن أبي جمرة المتوفى سنة 699هـ. ج3146].

ابن قيم الجوزية:
قال الحافظ أبو عبد الله محمد الشهير بابن القيم: (فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل، فلينظر هل هو من أهل الذكر أو من الغافلين، وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي؟. فإذا كان الحاكم عليه هو الهوى، وهو من أهل الغفلة كان أمره فُرطا... إلى أن قال: فينبغي للرجل أن ينظر في شيخه وقدوته ومتبوعه، فإن وجده كذلك فليبعد منه، وإن وجده ممن غلب عليه ذكر الله تعالى، واتباع السنة، وأمرُه غير مفروط عليه، بل هو حازم في أمره، فليستمسك بغَرْزه) ["الوابل الصيب من الكلم الطيب" ص53 لابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751هـ].

عبد الواحد بن عاشر:
قال الفقيه المالكي عبد الواحد بن عاشر في منظومة العقائد وعبادات فقه مالك المسماة "المرشد المَعين" مبيناً ضرورة صحبة الشيخ المرشد وما تنتج من آثار طيبة:

يصحبُ شيخاً عارفَ المسالكْ *** يَقيهِ في طريقِهِ المَهَالِكْ
يُذَكِّرُهُ الله إذا رآهُ *** ويوصلُ العبدَ إلى مولاهُ
يُحاسبُ النفسَ على الأنفاسِ *** ويَزِنُ الخاطرَ بالقِسْطَاسِ
ويحفظُ المفروضَ رأسَ المالِ *** والنَّفلَ ربْحَهُ بهِ يوالي
ويُكثرُ الذكرَ بصفوِ لُبِّهِ *** والعونُ في جميعِ ذا بِرَبِّه
يجاهدُ النفْسَ لربِّ العالمينْ *** ويَتَحلَّى بمقاماتِ اليقينْ
يَصيرُ عند ذاكَ عارفاً بهِ *** حُرَّاً، وغيرُهُ خَلاَ مِنْ قلبِه
فحَبَّه الإلهُ واصطفاهُ *** لحضرةِ القدُّوسِ واجْتَباهُ
قال شارح هذه المنظومة الشيخ محمد بن يوسف المعروف بالكافي في كتابه "النور المبين على المرشد المعين": (إن من نتائج صحبة الشيخ السالك، ما يحصل لمريده من أنه يذكِّرهُ الله ؛ أي يكون سبباً قوياً في ذكر المريد ربه إذا رأى الشيخ لِمَا عليه من المهابة التي ألبسه الله إياها، ويشهد لذلك ما أخرجه الحاكم عن أنس رضي الله عنه (أفضلكم الذين إذا رُؤوا ذُكِرَ الله تعالى لرؤيتهم).
ومن ثمرة صحبة هذا الشيخ السالك أيضاً أنه يوصل العبد إلى مولاه بسبب ما يريه من عيوب نفسه، ونصحه بالهروب من غير الله إلى الله تعالى، فلا يرى لنفسه ولا لمخلوقٍ نفعاً ولا ضراً، ولا يركن لمخلوقٍ في دفعٍ أو جلب، بل يرى جميع الانقلابات والتصرفات في الحركات والسكنات لله تعالى، وهذا معنى الوصول إلى الله تعالى.
ففائدة الشيخ مع المريد هي إظهار العيوب القاطعة عن الله تعالى للمريد، فيشخصها له، ويريه دواءها، ولا يتم هذا إلا مع مريد صادق ألقى مقاليد نفسه لشيخه، وألزم نفسه ألاَّ يكتم خاطراً ما عن شيخه، وأما إذا كتمه ولو واحداً فلا ينتفع بشيخه البتة) ["النور المبين على المرشد المعين" ص178].

الطيبي صاحب "حاشية الكشاف":
قال الطيبي: (لا ينبغي للعالم - ولو تَبَحَّر في العلم حتى صار واحدَ أهل زمانه - أن يقتنع بما عَلمه، وإنما الواجب عليه الاجتماع بأهل الطريق ليدلوه على الطريق المستقيم، حتى يكون ممن يحدثهم الحق في سرائرهم من شدة صفاء باطنهم، ويُخَلَّصَ من الأدناس، وأن يجتنب ما شاب علمه من كدورات الهوى وحظوظ نفسه الأمارة بالسوء، حتى يستعد لفيضان العلوم اللدنية على قلبه، والاقتباس من مشكاة أنوار النبوة ؛ ولا يتيسر ذلك عادة إلا على يد شيخ كامل عالم بعلاج أمراض النفوس، وتطهيرها من النجاسات المعنوية، وحكمة معاملاتها علماً وذوقاً، لِيُخرجه من رعونات نفسه الأمَّارة بالسوء ودسائسها الخفية. فقد أجمع أهل الطريق على وجوب اتخاذ الإنسان شيخاً له، يرشده إلى زوال تلك الصفات التي تمنعه من دخول حضرة الله بقلبه، ليصح حضوره وخشوعه في سائر العبادات، من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولا شك أن علاج أمراض الباطن واجب، فيجب على كل من غلبت عليه الأمراض أن يطلب شيخاً يُخرِجه من كل ورطة، وإن لم يجد في بلده أو إقليمه وجب عليه السفر إليه) ["تنوير القلوب" للعلامة الشيخ أمين الكردي الشافعي ص44 - 45].
5 - أقوال العارفين بالله من رجال التصوف في فائدة الصحبة وآدابها:

إن السادة الصوفية هم أحرص الناس على حياة تعبدية خالصة، تقوم أُسُسها على السمع والطاعة، والإذعان لنصيحة ناصح، أو توجيه مرشد، فنشأت بينهم تلك المدارس الروحية التي قامت على أعظم أساليب التربية والتقويم، وأقوى صلات الروح بين الشيخ والمريد.
ولذا يوصي العارفون بالله تعالى كل من أراد سلوك طريق الحق الموصل إلى معرفة الله ورضاه بالصُحبةِ، وروحُها الاعتقاد والتصديق بهؤلاء المرشدين الدالين على الله تعالى، الموصلين إلى حضرته القدوسية.

أبو حامد الغزالي:
قال الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى: (الدخول مع الصوفية فرض عين، إذ لا يخلو أحد من عيب أو مرض إلا الأنبياء عليهم السلام) ["شرح الحكم" لابن عجيبة ج17].
وقال رحمه الله: (كنت في مبدأ أمري منكراً لأحوال الصالحين، ومقامات العارفين، حتى صحبت شيخي (يوسف النساج) فلم يزل يصقلني بالمجاهدة حتى حظيت بالواردات، فرأيت الله تعالى في المنام، فقال لي: يا أبا حامد، دع شواغلك، واصحب أقواماً جعلتُهم في أرضي محل نظري، وهم الذين باعوا الدارين بحبِّي، قلت: بعزتك إلا أذقتني بَرْدَ حُسْنِ الظن بهم، قال: قد فعلتُ، والقاطع بينك وبينهم تشاغُلُك بحب الدنيا، فاخْرُجْ منها مختاراً قبل أن تخرج منها صاغراً، فقد أفضتُ عليك أنواراً من جوار قدسي. فاستيقظتُ فرحاً مسروراً وجئت إلى شيخي (يوسف النساج) فقصصت عليه المنام، فتبسم وقال: يا أبا حامد هذه ألواحنا في البداية، بل إنْ صحبتني ستكحل بصيرتك بإِثمد التأييد... الخ) ["شخصيات صوفية" لطه عبد الباقي سرور ص154. توفي سنة 1382هـ بمصر].
وقال أيضاً: (مما يجب في حق سالكِ طريق الحق أن يكون له مرشدٌ ومربٌّ ليدله على الطريق، ويرفع عنه الأخلاق المذمومة، ويضع مكانها الأخلاق المحمودة، ومعنى التربية أن يكون المربي كالزارع الذي يربي الزرع، فكلما رأى حجراً أو نباتاً مضراً بالزرع قلعه وطرحه خارجاً، ويسقي الزرع مراراً إلى أن ينمو ويتربى، ليكون أحسن من غيره ؛ وإذا علمت أن الزرع محتاج للمربي، علمت أنه لا بد للسالك من مرشد البتة، لأن الله تعالى أرسل الرسل عليهم الصلاة والسلام للخلق ليكونوا دليلاً لهم، ويرشدوهم إلى الطريق المستقيم ؛ وقبل انتقال المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى الدار الآخرة قد جعل الخلفاء الراشدين نواباً عنه ليدلوا الخلق إلى طريق الله ؛ وهكذا إلى يوم القيامة، فالسالك لا يستغني عن المرشد البتة) ["خلاصة التصانيف في التصوف" لحجة الإسلام الغزالي ص18. توفي سنة 505هـ في طوس].
ومن قوله: (يحتاج المريد إلى شيخ وأستاذ يقتدي به لا محالة ليهديه إلى سواء السبيل، فإن سبيل الدين غامض، وسبل الشيطان كثيرة ظاهرة فمن لم يكن له شيخ يهديه، قاده الشيطان إلى طرقه لا محالة. فمن سلك سبل البوادي المهلكة بغير خفير فقد خاطر بنفسه وأهلكها، ويكون المستقل بنفسه كالشجرةِ التي تنبت بنفسها فإنها تجف على القرب، وإن بقيت مدة وأورقت لم تثمر، فمعتَصَمُ المريد شيخُهُ، فليتمسك به) ["الإحياء" ج365].
ويقول الغزالي: (إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيراً بصَّره بعيوب نفسه، فمن كانت بصيرته نافذة لم تخْفَ عليه عيوبه، فإذا عرف العيوب أمكنه العلاج. ولكن أكثر الخلق جاهلون بعيوب أنفسهم يرى أحدهم القذى في عين أخيه ولا يرى الجذع في عين نفسه، فمن أراد أن يعرف عيوب نفسه فله أربعة طرق:
الأول: أن يجلس بين يدي شيخ بصير بعيوب النفس، مطلعٍ على خفايا الآفات، ويحكّمه في نفسه، ويتبع إشاراته في مجاهداته، وهذا شأن المريد مع شيخه، والتلميذ مع أستاذه، فيعرّفه أستاذه وشيخه عيوب نفسه، ويعرّفه طريق علاجها... الخ) ["الإحياء" ج355].

الأمير عبد القادر الجزائري:
قال الأمير العارف بالله عبد القادر الجزائري في كتابه "المواقف":
(الموقف المائة والواحد والخمسون: قال الله تعالى حاكياً قول موسى لخضرٍ عليهما السلام: {هلْ اتَّبِعُك على أنْ تعلِّمَنِ مما عُلِّمتَ رشداً} [الكهف:66 ]: اعلم أن المريد لا ينتفع بعلوم الشيخ وأحواله إلا إذا انقاد له الانقياد التام، ووقف عند أمره ونهيه، مع اعتقاده الأفضلية والأكملية، ولا يغني أحدهما عن الآخر، كحال بعض الناس يعتقد في الشيخ غاية الكمال ويظن أن ذلك يكفيه في نيل غرضه، وحصول مطلبه، وهو غير ممتثل ولا فاعل لما يأمره الشيخ به، أو ينهاه عنه. فهذا موسى عليه السلام، مع جلالة قدره وفخامة أمره، طلب لقاء الخضر عليه السلام وسأل السبيل إلى لُقيِّه، وتجشم مشاق ومتاعب في سفره، كما قال: {لقدْ لقينا مِن سفرِنا هذا نَصباً} [الكهف: 62] ومع هذا كله لَمَّا لم يمتثل نهياً واحداً، وهو قوله: {فلا تسألْنِي عن شيء حتى أُحدِثَ لَكَ منه ذِكراً} [الكهف: 70] ما انتفع بعلوم الخَضِر عليه السلام، مع يقين موسى عليه السلام الجازم أن الخضر أعلمُ منه بشهادة الله تعالى، لقوله تعالى عندما قال موسى عليه السلام: لا أعلم أحداً أعلم مني: [بلى، عبدنا خَضِرٌ] وما خصَّ عِلْماً دون علم، بل عمَّم.
وكان موسى عليه السلام أولاً ما علم أن استعداده لا يقبل شيئاً من علوم خضر عليه السلام. وأما خضر عليه السلام، فإنه علم ذلك أول وهلة فقال: {إنَّك لن تستطيعَ معيَ صبراً} [الكهف: 67]. وهذا من شواهد علمية الخضر عليه السلام فلينظر العاقل إلى أدب هذين السيدين.
قال موسى عليه السلام: {هل أتَّبِعُك على أن تُعلِّمَنِ ممّا عُلِّمتَ رشداً} [الكهف:66] أي: هل تأذن في اتباعك، لأتعلم منك؟ ففي هذه الكلمات من حلاوة الأدب ما يذوقها كل سليم الذوق.
وقال خضر عليه السلام: {فإنِ اتََّبَعتَني فلا تسْألْني عن شيء حتى أُحدثَ لكَ منه ذِكراً} [الكهف: 70] وما قال: فلا تسألني، وسكت، فيبقى موسى عليه السلام حيران متعطشاً، بل وعده أنه يُحدث له ذكراً، أي: علماً بالحكمة فيما فعل، أو ذكراً: بمعنى: تذكراً.
فأكملية الشيخ في العلم المطلوب منه المقصود لأجله لا تغني عن المريد شيئاً، إذا لم يكن ممتثلاً لأوامر الشيخ، مجتنباً لنواهيه
وما ينفع الأصل من هاشمإذا كانت النفس من باهِلة وإنما تنفع أكملية الشيخ من حيث الدلالة الموصلة إلى المقصود، وإلا فالشيخ لا يعطي المريد إلا ما أعطاه له استعداده، واستعداده مُنْطَوٍ فيه وفي أعماله، كالطبيب الماهر إذا حضر المريض وأمره بأدوية فلم يستعملها المريض، فما عسى أن تغني عنه مهارة الطبيب؟ وعدم امتثال المريض دليل على أن الله تعالى ما أراد شفاءه من علته، فإن الله إذا أراد أمراً هيأ له أسبابه.
وإنما وجب على المريد طلب الأكمل الأفضل من المشايخ خشية أن يلقي قيادَهُ بيد جاهل بالطريق الموصل إلى المقصود، فيكون ذلك عوناً على هلاكه) ["المواقف" ج1305] والأمير عبد القادر الجزائري المجاهد الكبير الذي جاهد الإفرنسيين الطغاة، ووقف سداً منيعاً أمام الاستعمار الفرنسي سبعة عشر عاماً مجاهداً ومناضلاً أشهر من أن يعرف. وإنه لغريب على الأسماع قولنا بتصوف الأمير عبد القادر الجزائري، مع أنه من صفوتهم، وكتابه "المواقف" يشهد له بذلك، وله ديوان متوسط الحجم أطول قصيدة فيه الرائية وعنوانها (أستاذي الصوفي) اخترنا للقارىء بعض أبياتها:

أمسعودُ جاء السعد والخير واليسر *** وولّت جيوش النحس ليس لها ذكرُ
أسائل كل الخلق، هل من مُخبرٍ؟ *** يحدثني عنكم، فينعشني الخَبْرُ
إلى أن دعتني همَّةُ الشيخ من مدى *** بعيد، ألا فادْنُ فعندي لك الذخر
فشمّرْتُ عن ذيلي الأطارَ وطار بي *** جناح اشتياق، ليس يُخشى له كسر
إلى أن أنخْنَا بالبطاح ركابَنا *** وحطت بها رحلي، وتمَّ لها البشر
أتاني مُرَبّي العارفين بنفسه *** ولا عجبٌ، فالشأن أضحى له أمر
وقال: فإني منذ أعداد حجة *** لمنتظر لقياك، يا أيها البدر
فأنت بُنيّي، مذ "ألسْتُ بربكم" *** وذا الوقت حَقَّاَ ضمه اللوح والسطر
وجَدُّكَ قد أعطاك من قِدَمٍ لنا *** ذخيرتكم فينا، ويا حبذا الذخر
فقبَّلتُ من أقدامه وبساطه *** وقال لك البشرى، بذا قُضِيَ الأمر
وألقى على صُفْري بإِكسير سرِّهِ *** فقيل له: هذا هو الذهب التبر [الصفر هو النحاس]
محمد الفاسي، له من محمد *** صَفِيِّ الإله، الحال والشيم الغر
عليه صلاة الله ما قال قائل *** أمسعودُ جاء السعدُ والخير واليسر
ولد الأمير سنة 1222هـ الموافق 1807م بقرية قيطنة في الجزائر. وتوفي في سنة 1300هـ الموافق 1883م ودفن بجوار الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي داخل القبة رحمة الله تعالى عليهما. ثم نقل رفاته إلى بلده الجزائر عام 1386هـ الموافق 1966م].

ابن عطاء الله السكندري:
يقول ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه: (وينبغي لمن عزم على الاسترشاد، وسلوك طريق الرشاد، أن يبحث عن شيخ من أهل التحقيق، سالك للطريق، تارك لهواه، راسخ القدم في خدمة مولاه فإذا وجده فليمتثل ما أمر، ولينْتهِ عما نهى عنه وزجر) [مفتاح الفلاح" ص30].
وقال أيضاً: (ليس شيخك مَنْ سمعت منه، وإنما شيخك من أخذت عنه، وليس شيخك من واجهتك عبارته، وإنما شيخك الذي سَرَتْ فيك إشارته، وليس شيخك من دعاك إلى الباب، وإنما شيخك الذي رَفَع بينك وبينه الحجاب، وليس شيخك من واجهك مقاله، إنما شيخك الذي نهض بك حاله.
شيخك هو الذي أخرجك من سجن الهوى، ودخل بك على المولى.
شيخك هو الذي ما زال يجلو مرآة قلبك، حتى تَجَلَّتْ فيها أنوار ربك، أنهضك إلى الله فنهضت إليه، وسار بك حتى وصلت إليه، وما زال محاذياً لك حتى ألقاك بين يديه، فزجَّ بك في نور الحضرة وقال: ها أنت وربك) ["لطائف المنن" ص167"].
وقال أيضاً: (لا تصحب من لا يُنهِضُكَ حاله، ولا يدلك على الله مقاله) ["إيقاظ الهمم" في شرح حكم ابن عطاء الله السكندري المتوفى سنة 709هـ لأحمد بن عجيبة الحسني ج174].

الشيخ عبد القادر الجيلاني:
ويقول صاحب العينية سيدي عبد القادر الجيلاني قدس الله سره:
وإن ساعد المقدور أو ساقك القضا *** إلى شيخ حق، في الحقيقة بارعُ
فقم في رضاه، واتَّبع لمراده *** ودع كل ما من قبل كنت تسارع
ولا تعترض فيما جهلت من أمره *** عليه، فإن الاعتراض تنازع
ففي قصة الخضر الكريم كفاية *** ب*** غلام، والكليمُ يدافع
فلما أضاء الصبح عن ليل سره *** وسلَّ حساماً للغياهب قاطع
أقام له العذرَ الكليمُ وإنه *** كذلك علم القومِ فيه بدائع
["فتوح الغيب" للجيلاني، من قصيدة تسمى "النوادر العينية في البوادر الغيبية" في 534 بيتاً ص201، وتوفي رضي الله عنه سنة 561هـ في بغداد].

الشيخ عبد الوهاب الشعراني:
قال العالم الرباني الشيخ عبد الوهاب الشعراني في كتابه "العهود المحمدية":
(أُخِذَ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نواظب على الركعتين بعد كل وضوء، بشرط ألاَّ نحدِّث فيهما أنفسنا بشيء من أُمور الدنيا، أو بشيء لم يُشرع لنا في الصلاة. ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يسلك به، حتى يقطع عنه الخواطر المشغلة عن خطاب الله تعالى. ثم قال:
فاسلك يا أخي على يد شيخ ناصح، يشغلك بالله تعالى، حتى يقطع عنك حديث النفس في الصلاة كقولك: أروحُ لكذا، أفعلُ كذا، أقول كذا، أو نحو ذلك، وإلا فمِنْ لازِمِكَ حديث النفس في الصلاة، ولا يكاد يَسْلَمُ لك منه صلاة واحدة، لا فرض ولا نفل، فاعلم ذلك، وإياك أن تريد الوصول إلى ذلك بغير شيخ، كما عليه طائفة المجادلين بغير علم، فإن ذلك لا يصح لك أبداً) ["لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية" للعارف بالله عبد الوهاب الشعراني ج151 توفي رضي الله عنه سنة 973 هـ في مصر].
وقال الشيخ الشعراني أيضاً: (وكانت صور مجاهداتي لنفسي من غير شيخ أنني كنت أطالع كتب القوم كـ "رسالة القشيري"، و"عوارف المعارف" و"القوت" لأبي طالب المكي و"الإحياء" للغزالي، ونحو ذلك، وأعمل بما ينقدح لي من طريق الفهم، ثم بعد مدة يبدو لي خلاف ذلك فأترك الأمر الأول وأعمل بالثاني... وهكذا، فكنت كالذي يدخل درباً لا يدري هل ينفذ أم لا؟ فإن رآه نافذاً خرج منه، وإلاَّ رجع، ولو أنه اجتمع بمن يُعرِّفه أمر الدرب قبل دخوله لكان بيَّن له أمره وأراحه من التعب، فهذا مثال من لا شيخ له. فإن فائدة الشيخ إنما هي اختصار الطريق للمريد، ومن سلك من غير شيخ تاه، وقطع عمره ولم يصل إلى مقصوده، لأن مثال الشيخ مثال دليل الحجاج إلى مكة في الليالي المظلمة). [ "لطائف المنن والأخلاق" للإمام الشعراني ج148 - 49].
وقال أيضاً: (ولو أن طريق القوم يوصَلُ إليها بالفهم من غير شيخ يسير بالطالب فيها لما احتاج مثل حجة الإسلام الإمام الغزالي والشيخ عز الدين بن عبد السلام أخْذَ أدبهما عن شيخ مع أنهما كانا يقولان قبل دخولهما طريق القوم: كل من قال: إن ثَمَّ طريقاً للعلم غير ما بأيدينا فقد افترى على الله عز وجل. فلما دخلا طريق القوم كانا يقولان: قد ضيعنا عمرنا في البطالة والحجاب. وأثبتا طريق القوم ومدحاها) ["لطائف المنن والأخلاق" للإمام الشعراني ج125].
ثم قال: (وكفى شرفاً لأهل الطريق قول السيد موسى عليه السلام للخضر: {هل أَتَّبِعُكَ على أنْ تُعَلِّمَنِ مما عُلِّمتَ رُشداً} [الكهف: 66].
واعتراف الإمام أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه وأرضاه لأبي حمزة البغدادي بالفضل عليه، واعتراف الإمام أحمد بن سريج رحمه الله لأبي القاسم الجنيد، وطلب الإمام الغزالي له شيخاً يدله على الطريق مع كونه كان حجة الإسلام، وكذلك طلب الشيخ عز الدين بن عبد السلام له شيخاً مع أنه لُقِّبَ بسلطان العلماء... وكان رضي الله عنه يقول: ما عرفت الإسلام الكامل إلا بعد اجتماعي على الشيخ أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه وأرضاه. فإذا كان هذان الشيخان قد احتاجا إلى الشيخ مع سعة علمهما بالشريعة فغيرهما من أمثالنا من باب أولى)[ "لطائف المنن والأخلاق" للإمام الشعراني ج150].

أبو علي الثقفي:
قال أبو علي الثقفي: (لو أن رجلاً جمع العلوم كلها وصحب طوائف الناس لا يبلغ مبلغ الرجال إلا بالرياضة من شيخ مؤدب ناصح. ومن لم يأخذ أدبه عن آمرٍ له وناهٍ، يريه عيوب أعماله، ورعونات نفسه، لا يجوز الاقتداء به في تصحيح المعاملات) ["طبقات الصوفية" للسلمي ص365].
أبو مدين:
وقال أبو مدين رضي الله عنه:
(من لم يأخذ الآداب من المتأدبين، أفسد من يتبعه) ["النصرة النبوية" ص13].
الشيخ أحمد زروق:
قال الشيخ أحمد زروق رحمه الله في قواعده: (أخذ العلم والعمل عن المشايخ أتم من أخذه دونهم {بل هو آياتٌ بيِّناتٌ في صُدور الذينَ أوتوا العلمَ} [العنكبوت: 49]، {واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ} [لقمان: 15]، فلزمت المشيخة، سيما والصحابة أخذوا عنه عليه الصلاة والسلام، وقد أخذ هو عن جبريل، واتبع إشارته في أن يكون عبداً نبياً، وأخذ التابعون عن الصحابة.
فكان لكلٌّ أتباعٌ يختصون به كابن سيرين وابن المسيّب والأعرج في أبي هريرة، وطاوس ووهب ومجاهد لابن عباس، إلى غير ذلك.
فأما العلم والعمل فأخْذُه جَلِيٍّ فيما ذكروا كما ذكروا.
وأما الإفادة بالهمة والحال، فقد أشار إليها أنس بقوله: (ما نفضْنَا الترابَ عن أيدينا من دفنه عليه الصلاة والسلام حتى أنكرنا قلوبنا) [رواه الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب]. ولفظه عن أنس رضي الله عنه قال:
(لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، أضاء منها كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، وما نفضنا عن النبي صلى الله عليه وسلم الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا).
فأبان أن رؤية شخصه الكريم كانت نافعة لهم في قلوبهم، إذ مَنْ تحقق بحالة لم يخلُ حاضروه منها، فلذلك أمر بصحبة الصالحين، ونهى عن صحبة الفاسقين) ["قواعد التصوف" لأحمد زروق القاعدة 65].

علي الخواص:

وقال سيدي علي الخواص رضي الله عنه:
لا تَسْلكَنَّ طريقاً لَسْتَ تعْرفُها بلا دليلٍ فَتَهوي في مَهَاويها
["المنن" للشعراني ج151].

لأن الدليل والمرشد يوصل السالك إلى ساحل الأمان ويجنبه مزالق الأقدام ومخاطر الطريق، وذلك لأن هذا الدليل المرشد قد سبق له سلوك الطريق على يد دليل عارف بخفايا السير، مطلع على مجاهله ومآمنه، فلم يزل مرافقاً له، حتى أوصله إلى الغاية المنشودة، ثم أذن له بإرشاد غيره، وإلى هذا أشار ابن البنّا في منظومته:
وإنما القومُ مُسافِرونا *** لحضرةِ الحقِّ وظاعنونا
فافتقرُوا فيه إلى دليلِ *** ذِي بصرٍ بالسَّيرِ والمقيلِ
قدْ سلكَ الطريق ثمَّ عادَ *** لِيُخْبِرَ القومَ بما استفادَ
[أحمد بن محمد التجيبي المعروف بابن البنا - "الفتوحات الإلهية" شرح المباحث الأصلية ج1142].

الشيخ محمد الهاشمي:
قال شيخنا الكبير مربي العارفين والدال على الله سيدي محمد الهاشمي رحمه الله تعالى:
(فاسلك يا أخي على يد شيخ حيٌّ عارفٍ بالله، صادق ناصح، له علم صحيح، وذوق صريح، وهمة عالية، وحالة مَرْضيَّة، سلك الطريق على يد المرشدين، وأخذ أدبه عن المتأدبين، عارف بالمسالك، ليقيك في طريقك المهالك ويدلك على الجمع على الله، ويعلمك الفرار من سوى الله، ويسايرك في طريقك حتى تصل إلى الله، يوقفك على إساءة نفسك، ويعرِّفك بإحسان الله إليك، فإذا عرفته أحببته، وإذا أحببته جاهدت فيه، وإذا جاهدت فيه هداك لطريقه، واصطفاك لحضرته، قال تعالى: {والذين جاهدوا فينا لَنَهدِيَنَّهم سُبلَنا} [العنكبوت: 69]. فصحبة الشيخ والاقتداء به واجب، والأصل فيه قوله تعالى: {واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ} [لقمان: 15] وقوله تعالى: {يا أيُّها الذين آمنوا اتَّقوا اللهَ وكونوا مع الصادقينَ} [التوبة: 119].
ومن شرطه أيضاً أن يكون له الإذن في تربية الخلق من مرشد كامل ذي بصيرة نافذة، ولا يقال أين مَنْ هذا وصفه؟ لأنا نقول كما قال ابن عطاء الله السكَنْدَري في "لطائف المنن": (لا يُعْوِزُكَ وجود الدالين، وإنما يعوزك وجود الصدق في طلبهم). جِدَّ صدقاً تجدْ مرشداً.
لكِنَّ سرَّ الله في صِدْقِ الطَّلب *** كَمْ رِيءَ* في أصحابهِ مِنَ العَجَبْ
*[على وزن [قيل] مبني للمجهول].

وقال في "لطائف المنن" أيضاً: (إنما يكون الاقتداء بولي دلك الله عليه، وأطلعك على ما أودعه من الخصوصية لديه، فطوى عنك شهود بشريته في وجود خصوصيته، فألقيتَ إليه القياد، فسلك بك سبيل الرشاد... الخ).
وقال ابن عطاء الله في حِكَمِهِ: سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه، ولم يوصل إليهم إلا مَنْ أراد أن يوصله إليه)["شرح شطرنج العارفين" للشيخ محمد الهاشمي التلمساني ص14. وفي آخر كتابنا هذا سنذكر شيئاً من ترجمة شيخنا الهاشمي رحمة الله عليه].
البحث عن الوارث المحمدي


مما سبق يتبين أهمية صحبة الوارث المحمدي للترقي في مدارج الكمال، وتلقي دروس الآداب والفضائل، واكتشاف العيوب الخفية والأمراض القلبية.
ولكن قد يسأل سائل: كيف الاهتداء إليه؟ والوصول إلى معرفته؟ وما هي شروطه وأوصافه؟ فنقول:
1 - حين يشعر الطالب بحاجته إليه كشعور المريض بحاجته إلى الطبيب، عليه أن يصدق العزم، ويصحح النية، ويتجه إلى الله تعالى بقلب ضارع منكسر، يناديه في جوف الليل، ويدعوه في سجوده وأعقاب صلاته: (اللهم دلَّني على من يدلني عليك، وأوصلني إلى من يوصلني إليك).
2 - عليه أن يبحث في بلده، ويفتش ويسأل عن المرشد بدقة وانتباه غير ملتفت لما يشيعه بعضهم من فقد المرشد المربي في هذا الزمن. يقول ابن عجيبة: (والناس في إثبات الخصوصية ونفيها على ثلاثة أقسام:
1 - قسم أثبتوها للمتقدمين ونفوها عن المتأخرين ؛ وهم أقبح العوام.
2 - وقسم أقروها قديماً وحديثاً، وقالوا: إنهم أخفياء في زمانهم، فحرمهم الله بركتهم.
3 - وقوم أقروا الخصوصية في أهل زمانهم، مع إقرارهم بخصوصية السلف، وعرفوهم، وظفروا بهم، وعظموهم ؛ وهم السعداء الذين أراد الله أن يرحلهم إليه ويقربهم إلى حضرته، وفي الحكم: (سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه ؛ ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه). وبهذا يُرَدُّ على من زعم أن شيخ التربية انقطع، فإن قدرة الله تعالى عامة، وملك الله قائم ؛ والأرض لا تخلو ممن يقوم بالحجة حتى يأتي أمر الله) "البحر المديد في تفسير القرآن المجيد" لابن عجيبة ج177.
ويحضرني في هذا الموضوع أبيات لبعضهم يَردُّ فيها على من يدَّعي أن المرشدين قد عدموا في هذا العصر أو قلُّوا، قال:

يقول قوم عن هداهم ضلوا قد عُدموا في عصرنا أو قَلُّوا
فقلت: كلا إنما قد جَلُّوا عن أن تراهم أعين الجهال

وقد أدركنا والحمد لله في زمننا هذا رجالاً عارفين مرشدين قد توفرت فيهم شروط التربية على الكمال، ذوي همة وحال ومقال، تخرَّج على أيديهم خلق كثير، وانتفع بهم جم غفير، ولكن الخفاش لا يستطيع أن يبصر النور.
فإذا لم يجد أحداً في مدينته فليبحث عنه في مدن أخرى، ألا ترى المريض يسافر إلى بلدة ثانية للتداوي إذا لم يجد الطبيب المختص، أو حين يعجز أطباء مدينته عن تشخيص دائه، ومعرفة دوائه. ومداواة الأرواح تحتاج إلى أطباء أمهر من أطباء الأجسام.
وللمرشد شروط لا بد منها حتى يتأهل لإرشاد الناس وهي أربعة:
1 - أن يكون عالماً بالفرائض العينية.
2 - أن يكون عارفاً بالله تعالى.
3 - أن يكون خبيراً بطرائق تزكية النفوس ووسائل تربيتها.
4 - أن يكون مأذوناً بالإرشاد من شيخه.

1 - أما الشرط الأول: فينبغي أن يكون المرشد عالماً بالفرائض العينية: كأحكام الصلاة والصوم والزكاة إن كان مالكاً للنصاب، وأحكام المعاملات والبيوع إن كان ممن يتعاطى التجارة... الخ. وأن يكون عالماً بعقيدة أهل السنة والجماعة في التوحيد، فيعرف ما يجب لله تعالى، وما يجوز وما يستحيل إجمالاً وتفصيلاً، وكذلك في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهكذا سائر أركان الإيمان.
2 - وأما الشرط الثاني: فينبغي أن يتحقق المرشد بعقيدة أهل السنة عملاً وذوقاً بعد أن عرفها علماً ودراية، فيشهد في قلبه وروحه صحتها، ويشهد أن الله تعالى واحد في ذاته، واحد في صفاته، واحد في أفعاله، ويتعرف على حضرات أسماء الله تعالى ذوقاً وشهوداً، ويرجعها إلى الحضرة الجامعة، ولا يشتبه عليه تعدد الحضرات، إذ تعدد الحضرات لا يدل على تعدد الذات.
3 - وأما الشرط الثالث: فلا بد أن يكون قد زَكَّى نفسه على يد مربٍ ومرشد، فخبَرَ مراتب النفس وأمراضها ووساوسها، وعرف أساليب الشيطان ومداخله. وآفات كل مرحلة من مراحل السير، وطرائق معالجة كل ذلك بما يلائم حالة كل شخص وأوضاعه.
4 - وأما الشرط الرابع: فلا بد للمرشد من أن يكون قد أُجيز من شيخه بهذه التربية وهذا السير، فمن لم يشهد له الاختصاصيون بعلم يَدَّعيه لا يحق له أن يتصدر فيه، فالإجازة: هي شهادة أهلية الإرشاد وحيازة صفاته وعليها أُسِّسَتْ الآن فكرة المدارس والجامعات، فكما لا يجوز لمن لا يحمل شهادة الطب أن يفتح عيادة لمداواة المرضى، ولا يصح لغير المجاز في الهندسة أن يرسم مخططاً للبناء، وكما لا يجوز للذي لا يحمل شهادة أهلية التعليم أن يُدَرِّس في المدارس والجامعات، فكذلك لا يجوز أن يدَّعي الإرشاد غير مأذون له به من قِبَلِ مرشدين مأذونين مؤهَّلين، يتصل سندهم بالتسلسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على غرار علماء الحديث الذين تناقلوا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسند رجلاً عن رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتبروا السند أساساً لحفظ السنة النبوية من الضياع والتحريف ولهذا قال ابن المبارك: (الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء).
وكما أنه لا يصح من العاقل أن يتداوى عند جاهل بالطب، كذلك لا يجوز للمرء أن يركن إلى غير المرشد المأذون المختص بالتوجيه والإرشاد، وكل من درس الوضع العلمي في الماضي يعرف قيمة الإجازة من الأشياخ وأهمية التلقي عندهم، حتى إنهم أطلقوا على من لم يأخذ علمه من العلماء اسم (الصحفي)، لأنه أخذ علمه من الصحف والمطالعة الخاصة، قال ابن سيرين رحمه الله:
(إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم) [رواه مسلم في مقدمة صحيحه عن محمد بن سيرين].
وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر رضي الله عنهما بذلك فقال:
(يا ابن عمر دينَك دينَك إنما هو لحمك ودمك فانظرْ عمن تأخذ، خذ الدين عن الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذين مالوا) [أخرجه الحافظ ابن عدي عن ابن عمر كذا في "كنز العمال" ج3152].
وقال بعض العارفين:
(العلم روح تُنفخ لا مسائل تُنسخ، فلْيَنْتبه المتعلمون عمن يأخذون، ولْيَنْتبه العالِمون لمن يُعطون).
ثم اعلم أن من علامات المرشد أموراً يمكن ملاحظتها:
- منها: أنك إذا جالسته تشعر بنفحة إيمانية، ونشوة روحية، لا يتكلم إلا لله، ولا ينطق إلا بخير، ولا يتحدث إلا بموعظة أو نصيحة، تستفيد من صحبته كما تستفيد من كلامه، تنتفع من قربه كما تنتفع من بعده، تستفيد من لحظه كما تستفيد من لفظه.
- ومنها: أن تلاحظ في إخوانه ومريديه صور الإيمان والإخلاص والتقوى والتواضع، وتتذكر وأنت تخالطهم المُثُلَ العليا من الحب، والصدق والإيثار والأخوة الخالصة، وهكذا يُعرف الطبيب الماهر بآثاره ونتائج جهوده، حيث ترى المرضى الذي شُفوا على يديه، وتخرجوا من مصحه بأوفر قوة، وأتم عافية.
علماً أن كثرة المريدين والتلاميذ وقلتهم ليست مقياساً وحيداً، وإنما العبرة بصلاح هؤلاء المريدين وتقواهم، وتخلصهم من العيوب والأمراض واستقامتهم على شرع الله تعالى.
- ومنها: أنك ترى تلامذته يمثلون مختلف طبقات الأمة، وهكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالظفر به يدفع الطالب للأخذ بيده، والتزام مجالسه، والتأدب معه، والعمل بنصحه وإرشاده، في سبيل الفوز بسعادة الدارين.
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 09-09-2011, 08:45 PM
ابو عبدووو ابو عبدووو غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 195
معدل تقييم المستوى: 16
ابو عبدووو is on a distinguished road
افتراضي

الاخوة الاعزاء تحية طيبة وبعد فانى لاحظت الخلط والذى قد يكون متعمدا للبعض بالحكم العام على جماعات بعينها وهذا ظلم بين :من بين الصوفية هناك المخرفون والمبتدعون وكذلك بين من يدعى السلفية كذلك ولكن عدد غير قليل من اكابر علماء الامة من الصوفية بل ان اتباع الصوفية الحقة ساهم فى نشر الاسلام اضعاف مضاعفة عن اتباع المنهج السلفى على طريقة بن عبد الوهاب وهم الاغلبية فى شاشاتنا اليوم فيجب الحذر من تناول جماعات من المسلمين واخذ عيوب شواذهم وتعميمها غفر الله لنا ولكل المسلمين
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 22-08-2012, 02:22 AM
Hamada Radwan‏ Hamada Radwan‏ غير متواجد حالياً
عضو خبير
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 798
معدل تقييم المستوى: 14
Hamada Radwan‏ is on a distinguished road
افتراضي

الحق واضح ان الرجل اذا طار فى الهواء ومشى على الماء وهو غير متبع لسنة النبى فهو شيطان وان غلاة الصوفية الذين ي***ون لغير الله ويذكرونه بغير ماشرع ويطوفون حول القبور ويطلبون منهم المدد هم كفار ومشركون
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 22-08-2012, 07:07 AM
أبو إسراء A أبو إسراء A غير متواجد حالياً
مشرف ادارى الركن الدينى
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,321
معدل تقييم المستوى: 22
أبو إسراء A is a jewel in the rough
افتراضي

الأخ الكريم : سيد
كل ما كتب هنا عن التصوف يقصد به التصوف البدعى ، و لا نقصد به أئمة أهل السنة من الزهاد الذين أطلق عليهم زورا متصوفة (بال
معنى الاصطلاحي, أي الصوفية التي جاءت بكتب ومصطلحات خاصة, فيها إشكالات وبعد عن المنهج الإسلامي الصحيح أدت فيما بعد إلى أمور خطيرة مثل الإتحاد والحلول, فهذا لا شك أنه تفرق وبعد عن خط أهل السنة والجماعة, وأما الذين يقولون: إنما نعني بالصوفية السلوك الإسلامي وترقيق القلوب والزهد في الدنيا فيقال لهم: لماذا تسمون هذه الأشياء صوفية وقد أصبحت علماً على رموز وأشكال تخالف الإسلام فهلاّ ابتعدتم عن الشبهات وتركتم هذه الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان " والزهد لم يذمه أحد وقد ذموا التصوف"). ابن الجوزي: تلبيس إبليس/165


__________________
المستمع للقرآن كالقارئ ، فلا تحرم نفسك أخى المسلم من سماع القرآن .

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:55 PM.