#1
|
|||
|
|||
نهاية المادية
السلام عليكم
أهدهد وعيي كي أنام فيراودني طيف من فكر ، أطاوعه و أطرح النوم جانباً . ألتفت للكتب التي هي متناول يدي . أيها أختار لأقرأ قليلاً ؟ أدع الإختيار للقدر. تقع أصابعي على كتاب للعقاد يدعى (الإسلام و الحضارة الإنسانية) مغلف يضم مجموعة من مقالات العقاد ، كتبها في ستينات القرن الماضي منافحاً عن الإسلام و مترصداً لما يكتبه الغربي عن الإسلام يفنده بالتحليل و النقد و الرد . كما أنه يجابه الجدال و هوى النفس يردهما بمنطقه القويم إلى الطريق المستقيم . تعجبني مقالة فيه عنوانها ( المادية تنهدم ) أحببت أن أشارككم أفكارها ، الفكر و المقالة للعقاد و التحرير هو عمل لوحة مفاتيحي فيها ، وجه آخر للمفكرة تعرضه لكم اليوم) : ********************** إجابة عالم منهم مشهور: استقرت بنية الإنسان و من غير المنتظر أن يتطور مخه ، لكن الخبرات البشرية المتعاقبة من الفن و الفكر ستزيد قدرة الإنسان على الفكر الصحيح بحيث تزيد كفاءة الدماغ العقلية . ثم قرر هذا العالم أن تطور الإنسان غير مرتبط ببنيته المادية فقط و إنما ينبع هذا التطور من تطور الفكر و الإدراك . المفكرون الغربيون يستحسنون الإجابة و يعتبرون أن نجاة النوع الإنساني مما يهدده من قوى الطبيعة و الأسلحة التي ابتكرها العلم الطبيعي لا يكون بالعلم المادي و إنما بقبس في عالم الروح تنتفع به الضمائرو العقول . هذه الآراء تهدم الفلسفة المادية التي ترى أن الإنسان مادة صرفة . لكن العقاد يود لو يهدم المادية بطريق مغاير بأن يفحص ماهية المادة ذاتها . فيقول أن المادة لا توجد أصلاً بغير مقاييس الفكر . فالمادة التي اعتدنا قياسها بالمتر و الثانية مما يسمح بالإمتداد في الطول أو المساحة أو الزمان صارت تقاس بمقاييس تشبه النقطة بلا امتداد أو عمق أو اتساع ! لقد وصلنا اليوم إلى وحدة تقيس أبعاد الذرات تدعى الميكرون تساوي جزء من ألف ألف جزء من المتر. فما الفرق في التصور بين الذرة و بين المعاني الذهنية المجردة التي تدرك بالتقدير الفلسفي المجرد من كل مادة محسوسة؟! بل يسهل تقدير الروح و التفكير بمقياس المعاني الذهنية بينما يظل إدراكنا للميكرون و أبعاد الذرة صعباً عسيراً لأنه يدخل حيز العالم المادي المدرك بالحواس . انفجار الذرة يطلق طاقتها في جزء من الثانية مما لا يدركه إحساسنا . كيف نقدر هذا الزمن الذي يعسر على المخ تمييزه ؟ إن التجارب العلمية لم تترك حداً بين حقيقة المادة و الروح أو عالم الشهود و الخفاء إذاً . دعنا ننطلق في رحلة داخل الخلية البشرية . تلك الجسيمات التي توجد في نواتها و تحسب بالملايين و لا تدرك بالبصر إلا إذا عولجت بالصبغة ثم ظهرت لوناً تلمحه العين تحت الميكروسكوب (المجهر) . تلك الصورة للجينات أو الصبغيات في نواة الخلية الحية لم تظهر إلى عالم المحسوسات إلا بعلم الحساب . يمكنكم أن تعتبروا تلك الصبغيات من عالم المحسوسات و يصح هذا القول لو كانت الصبغة تظهر لنا الخصائص التي تحملها تلك الجينات . لكن هذه الصبغيات تحمل صفات الكائن الحي و تتناسل و تنقسم إلى بضع ملايين ثم تخرج مرة بعد مرة مئات الصور التي تتولد منها صفات الكائن الحي من لون الشعر و العين و الطول و الصفات المادية المحسوسة التي اختزنتها تلك الصبغيات ! فالجينات التي يتولد منها الجنين لا تنتقل مباشرة إلى لون العين أو الشعر أو البشرة بل تمر بمرحلة بعد أخرى و لا يتيسر للنظر أو الصبغة أو الحساب أن يفصل في لمحة واحدة بين هذه المراحل . (في ذلك الوقت طبعاً ، لدينا الآن فكرة أوسع عن كيفية عمل الجينات.) فإذا كانت الصبغة ترينا الجينات بالمجهر فإنها لا ترينا تلك الخاصية التي تتحول بها تلك الجينات إلى خلايا حية ذات صفات مادية ملموسة . إذاً تلزمنا المعاني العقـلية المجردة التي ندرك بها خصائص و طرق عمل الجينات ، معاني وراء العين و الحدس و الحساب . هكذا تنتهي المادة على أيدي الماديين في صميم علومهم التي عزلوها قديماً عن عالم المعنى و عالم الروح و عالم الخفاء . فإذا كان علماء القرن التاسع عشر قد استخدموا المادة دليل للكفر بما هو وراء المادة المحسوسة فإن القرن العشرين هو عصر الكفر بالمادة و العودة لما وراءها . و إن المادة لتهدي عالم القرن الواحد و العشرين إلى عالم الروح من خلال الذرة على شعاع من نور . ************************** رحم الله الكاتب أنصف الإسلام في وقت سادت فيه المادية و حاول الإلحاد أن يتخطفنا كل سبيل . |
العلامات المرجعية |
|
|