اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإدارى > أرشيف المنتدي

أرشيف المنتدي هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #226  
قديم 24-04-2013, 11:23 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا، فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها ويعلِّمها)) .
قال النَّووي: (ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلِّمها، معناه: يعمل بها ويعلِّمها احتسابًا، والحكمة: كلُّ ما منع من الجهل، وزجر عن القبيح) .
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ضمَّني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ((اللهمَّ علِّمه الحِكْمَة)) .
قال ابن حجر: (اختلف الشُّرَّاح في المراد بالحِكْمَة هنا، فقيل: القرآن، كما تقدم، وقيل: العمل به، وقيل: السُّنَّة، وقيل: الإصابة في القول، وقيل: الخشية، وقيل: الفهم عن الله، وقيل: العقل، وقيل: ما يشهد العقل بصحته، وقيل: نور يُفرِّق به بين الإلهام والوسواس، وقيل: سرعة الجواب مع الإصابة. وبعض هذه الأقوال ذكرها بعض أهل التَّفسير في تفسير قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ، والأقرب أنَّ المراد بها في حديث ابن عباس: الفهم في القرآن)
__________________
  #227  
قديم 24-04-2013, 11:26 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أقوال السَّلف وأهل العلم في الحِكْمَة
- قال ابن مسعود رضي الله عنه: (ينبغي لحامل القرآن، أن يكون باكيًا محزونًا حكيمًا حليمًا سكينًا) .
- وكتب سلمان إلى أبي الدَّرداء: (إنَّما العلم كالينابيع، فينفع به الله من شاء، ومَثَلُ حِكْمَة لا يُتَكلَّم بها، كجسد لا رُوح له) .
- وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (كونوا ربَّانيِّين حُكَماء فقهاء) .
- وعن عكرمة، قال: (قال عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم: لا تطرح اللؤلؤ إلى الخنزير، فإنَّ الخنزير لا يصنع باللؤلؤ شيئًا، ولا تعط الحِكْمَة من لا يريدها، فإنَّ الحِكْمَة خيرٌ من اللؤلؤ، ومن لم يردها شرٌّ من الخنزير) .
- وقال عمر بن عبد العزيز: (إذا رأيتم الرَّجل يطيل الصَّمت، ويهرب من النَّاس، فاقْرَبوا منه؛ فإنَّه يُلقَّى الحِكْمَة) .
- وعن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: (مكتوبٌ في الحِكْمَة، بُنَيَّ لتكن كلمتك طيِّبة، وليكن وجهك بسيطًا، تكن أحبَّ إلى النَّاس ممَّن يعطيهم العطاء) .
- وقال سليمان بن عبد الملك: (يا أبا حازم! من أعقل النَّاس؟ فقال أبو حازم: من تعلَّم الحِكْمَة وعلَّمها النَّاس) .
- وقال وهب بن منبه: (إنَّ الحِكْمَة تسكن القلب الوَادِع السَّاكن) .
- وقال حماد بن أبي حنيفة: (كان يقال: من يستقبل وجوه الآراء، عرف مواقع الخطأ، ومن عُرِف بالحِكْمَة لمحته الأعين بالوقار) .
- وعن ابن عيينة قال: (كان يقال: إنَّ أفضل ما أُعطي العبد في الدُّنيا الحِكْمَة، وفي الآخرة الرَّحمة) .
- وقال وهيب بن الورد: (بلغنا أنَّ الحِكْمَة عشرة أجزاء: تسعة منها في الصَّمت، والعاشرة في عزلة النَّاس) .
- وعن كثير بن مرَّة قال: (لا تحدِّث الباطل للحُكَمَاء فيمقتوك، ولا تحدِّث الحِكْمَة للسُّفهاء فيكذِّبوك، ولا تمنع العلم أهله فتأثم، ولا تضعه في غير أهله فتجهل. إنَّ عليك في علمك حقًا، كما إنَّ عليك في مالك حقًّا) .
- وقال أبو بكر بن دريد: (كلُّ كلمة وعظتك وزجرتك، أو دعتك إلى مكرمة، أو نهتك عن قبيح، فهي حِكْمَة) .
- وقال عبد الرَّحمن الحبلي: (ليس هديَّة أفضل من كلمة حِكْمَة تهديها لأخيك) .
- وقال أبان بن سليم: (كلمة حِكْمَة لك من أخيك، خير لك من مال يعطيك؛ لأنَّ المال يطغيك، والكلمة تهديك) .
__________________

آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 24-04-2013 الساعة 12:58 PM
  #228  
قديم 24-04-2013, 11:28 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

فوائد الحِكْمَة
1- من فوائد الحِكْمَة، أنها طريق إلى معرفة الله عزَّ وجلَّ، موصلة إليه، مقرِّبة منه، وحينها ينقطع العبد عمن سواه، ولا يطمع في غيره.
2- أنَّها سِمَة من سمات الأنبياء والصَّالحين، وعلامة للعلماء العاملين، ومزيَّة للدُّعاة المصلحين.
3- من أهمِّ فوائد الحِكْمَة، الإصابة في القول والسَّداد والعمل.
4- أنَّها ترفع الإنسان درجات وتشرِّفه، وتزيد من مكانته بين النَّاس، فعن مالك بن دينار قال: (قرأت في بعض كتب الله: أنَّ الحِكْمَة تزيد الشَّريف شرفًا، وترفع المملوك حتى تُجْلِسه مجالس الملوك) .
5- فيها دلالة على كمال عقل صاحبها وعلوِّ شأنه، وهذا يجعله قريبًا من النَّاس، حبيبًا لقلوبهم، ومَهْوَى أفئدتهم، يقول فيسمعون، ويأمر فيطيعون؛ لأنَّهم يدركون أنَّ رأيه نِعْم الرأي، ومشورته خير مشورة.
6- أنَّها تدعو صاحبها للعمل على وفق الشَّرع، فيصيب في القول والفعل والتَّفكير، ويسير على هدى وبصيرة. قال أبو القاسم الجنيد بن محمد، وقد سئل: بم تأمر الحِكْمَة؟ قال: (تأمر الحِكْمَة بكلِّ ما يُحْمَد في الباقي أثره، ويطيب عند جملة النَّاس خبره، ويُؤْمَن في العواقب ضرره) .
7- تعطي العبد نفاذًا في البصيرة، وتهذيبًا للنَّفس، وتزكية للرُّوح، ونقاءً للقلب.
8- تكسو العبد بثوب الوقار، وتحلِّيه بحلية الهيبة، وتخلع عليه ثياب البهاء والإجلال.
9- يكون صاحبها كالغيث حيثما حلَّ نفع، وأينما وُضِع أفاد، فيتعلَّم منه الكبير والصَّغير، ويكون مصدر خير بإذن الله.
10- تحفظ الإنسان عن ارتكاب السُّوء أو التَّلفظ به، أو ارتكاب المحذورات، أو التَّجنِّي على الغير، أو عمل ما يضطره للاعتذار وطلب العفو، قال أبو القاسم الجنيد بن محمد، وقد سئل عما تنهى الحِكْمَة؟ فقال: (الحِكْمَة تنهى عن كلِّ ما يحتاج أن يُعْتَذر منه، وعن كلِّ ما إذا غاب عِلْمُه عن غيرك، أَحْشَمَك ذكره في نفسك) .
__________________
  #229  
قديم 24-04-2013, 11:30 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أنواع الحِكْمَة ودرجاتها

الحِكْمَة نوعان:
النَّوع الأوَّل: حِكْمَة علميَّة نظريَّة، وهي الاطلاع على بواطن الأشياء، ومعرفة ارتباط الأسباب بمسبباتها، خلقًا وأمرًا، قدرًا وشرعًا.
النَّوع الثَّاني: حِكْمَة عمليَّة، وهي وضع الشيء في موضعه .
درجات الحِكْمَة:
وهي على ثلاث درجات:
الدَّرجة الأولى: أن تعطي كلَّ شيء حقَّه ولا تعدِّيه حدَّه، ولا تعجِّله عن وقته، ولا تؤخِّره عنه.
لما كانت الأشياء لها مراتب وحقوق، تقتضيها شرعًا وقدرًا. ولها حدود ونهايات تصل إليها ولا تتعدَّاها. ولها أوقات لا تتقدَّم عنها ولا تتأخَّر، كانت الحِكْمَة مراعاة هذه الجهات الثلاث. بأن تُعطي كلَّ مرتبة حقَّها الذي أحقَّه الله بشرعه وقدره. ولا تتعدَّى بها حدَّها. فتكون متعديًا مخالفًا للحِكْمَة. ولا تطلب تعجيلها عن وقتها فتخالف الحِكْمَة. ولا تؤخِّرها عنه فتفوتها... فالحِكْمَة إذًا: فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي... فكلُّ نظام الوجود مرتبط بهذه الصِّفة. وكلُّ خلل في الوجود، وفي العبد فسببه الإخلال بها. فأكمل النَّاس، أوفرهم نصيبًا. وأنقصهم وأبعدهم عن الكمال، أقلهم منها ميراثًا.
ولها ثلاثة أركان: العلم، والحلم، والأَنَاة.
وآفاتها وأضدادها: الجهل، والطَّيش، والعجلة.
فلا حِكْمَة لجاهل، ولا طائش، ولا عجول.
الدَّرجة الثَّانية: أن تشهد نظر الله في وَعْده، وتعرف عدله في حُكْمه. وتلحظ بِرَّه في منعه.
أي: تعرف الحِكْمَة في الوعد والوعيد، وتشهد حُكْمه كما في قوله: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40]، فتشهد عدله في وعيده، وإحسانه في وعده، وكلٌّ قائمٌ بحِكْمَته.
وكذلك تعرف عدله في أحكامه الشَّرعية، والكونيَّة الجارية على الخلائق، فإنَّه لا ظلم فيها، ولا حَيْف ولا جور، وكذلك تعرف بِرَّه في منعه. فإنَّه سبحانه هو الجَوَاد الذي لا ينقص خزائنه الإنفاق، ولا يَغِيض ما في يمينه سعَة عطائه. فما منع من منعه فضله إلَّا لحِكْمَة كاملة في ذلك.
الدَّرجة الثَّالثة: أن تبلغ في استدلالك البصيرة، وفي إرشادك الحقيقة. وفي إشارتك الغاية.
فتصل باستدلالك إلى أعلى درجات العلم. وهي البصيرة التي تكون نسبة العلوم فيها إلى القلب كنسبة المرئي إلى البصر، وهذه هي الخصِّيصة التي اختصَّ بها الصَّحابة عن سائر الأمَّة، وهي أعلى درجات العلماء .
__________________
  #230  
قديم 24-04-2013, 11:32 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

موانع اكتساب الحِكْمَة
1- من موانعها ما ذكره إبراهيم الخواص، حيث قال: (الحِكْمَة تنزل من السَّماء، فلا تسكن قلبًا فيه أربعة: الركون إلى الدُّنيا، وهمُّ غدٍ، وحبُّ الفضول، وحسد أخٍ) .
2- التَّعجل في الأمور، وترك التَّأني في اتخاذ القرار؛ فالعجلة في غير موضعها تدلُّ على خفَّة العقل، وقلَّة رزانته، وغلبة الشَّهوة عليه، ولهذا جعل ابن القيِّم من آفات الحِكْمَة وأضدادها العجلة، وقال: (فلا حكمة لجاهل، ولا طائش، ولا عجول) .
قال أبو حاتم البستي: (والعَجِل يقول قبل أن يعلم، ويجيب قبل أن يفهم، ويَحْمدُ قبل أن يجرِّب، ويذمُّ بعد ما يحمد، ويعزم قبل أن يفكِّر، ويمضي قبل أن يعزم، والعَجِل تصحبه النَّدامة، وتعتزله السَّلامة. وكانت العرب تكنِّي العجلة: أمَّ النَّدامات) .
3- ضيق الأفق، وعدم التَّفكر في عواقب الأمور، ونقصد بضيق الأفق: سطحية التَّفكير وبساطته إلى حد الغفلة أو السَّذاجة، والنَّظر إلى الأمور من جانب واحد. وسوء تقدير للعواقب والنَّتائج، وجهل بالواقع، يضاف إلى ذلك عشوائيَّة العمل، وارتجاليَّة الأهداف، وإهدار الطَّاقات في قضايا ثانويَّة، وتبديدٌ للجهود في أمور هامشيَّة، وشَغْل النَّفس بالكماليَّات مع التَّفريط بالضَّروريات .
4- فَقْد البصيرة الدَّالة على حقائق الأمور، فيتَّخذ قراره على ظواهرها.
5- عدم استشارة الصَّالحين، وأهل الخبرة.
6- عدم الاستفادة من خبرات السَّابقين.
__________________
  #231  
قديم 24-04-2013, 12:18 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

وسائل اكتساب الحِكْمَة

الحِكْمَة من حيث الاكتساب وعدمه تنقسم إلى قسمين:
- حِكْمَة فطريَّة: يؤتيها الله عز وجل من يشاء، ويتفضَّل بها على من يريد، وهذه لا يد للعبد فيها، وهي التي عناها عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه حينما كتب إلى أبي موسى الأشعري: (إنَّ الحِكْمَة ليست عن كِبَر السِّن، ولكنَّه عطاء الله يعطيه من يشاء، فإيَّاك ودناءة الأمور، ومُرَّاق الأخلاق) .
- حِكْمَةٌ مكتسبةٌ: يكتسبها العبد بفعل أسبابها، وترك موانعها، فيسهل انقيادها له، وتجري على ألفاظه التي ينطق بها، وتكتسي بها أعماله التي يفعلها، ويشهدها النَّاس على حركاته وسكناته.
ومن طرق اكتسابها:
1- التَّفقه في الدِّين، وهو من الخير الكثير الذي أشارت إليه الآية: قال تعالى: يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ [البقرة: 269]) . وهي ثمرة من ثمار التَّربية القرآنية، ونتيجة من نتائجها؛ قال سيد قطب: (والحِكْمَة ثمرة التَّعليم بهذا الكتاب، وهي ملكة يتأتَّى معها وضع الأمور في مواضعها الصَّحيحة، ووزن الأمور بموازينها الصَّحيحة، وإدراك غايات الأوامر والتوجيهات.. وكذلك تحقَّقت هذه الثَّمرة ناضجة لمن ربَّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزكَّاهم بآيات الله) .
2- مجالسة أهل الصَّلاح، والاختلاط بهم، والاستفادة منهم؛ لذا كان لُقْمان يقول لابنه وهو يوصيه ويدُلُّه على طريق الحِكْمَة: (يا بُنَيَّ، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك؛ فإنَّ الله يحيي القلوب بنور الحِكْمَة، كما يحيي الأرض الميِّتة بوابل السَّماء) .
3- العبادة الحقَّة لله سبحانه، والارتباط الوثيق به، والبعد عن المعاصي، وطرد الهوى، كلُّ ذلك من طُرُق نَيْل الحِكْمَة؛ فعن الحسن، قال: (من أحسن عبادة الله في شبيبته، لقَّاه الله الحِكْمَة عند كِبَر سنِّه، وذلك قوله: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [القصص: 14]) . وقال ابن الجوزي: (لكلِّ باب مفتاح، ومفتاح الحِكْمَة: طرد الهوى) .
4- تحرِّي الحلال في مأكله ومشربه وملبسه وشأنه كلِّه سبب في نَيْل الحِكْمَة، والوصول إلى مصافِّ الحكماء.
5- كثرة التَّجارب، والاستفادة من مدرسة الحياة؛ فــ(من مشارب الحِكْمَة: الاستفادة من العمر والتَّجارب، بالاعتبار، وأخذ الحَيْطة لأمر الدِّين والدُّنيا، ففي الحديث: ((لا يُلدغ المؤمن من جحر مرَّتين)) . وكثرة التَّجارب هي التي تُكْسِب صاحبها الحلم والحِكْمَة) .
6- ألَّا يعتمد المرء على رأي نفسه، بل عليه أن يستشير ذوي الخبرة والتَّجربة من إخوانه الصَّالحين؛ ليزداد بصيرة بالعواقب .
7- التَّحلِّي بالصَّمت عمَّا لا فائدة فيه، طريق إلى اكتسابها، فالحَكِيم يُعرف بالصَّمت وقلَّة الكلام، وإذا تكلَّم تكلَّم بالحقِّ، وإن تلفَّظ تلفَّظ بخير، أو سكت، ففي الصَّحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا، أو يسكت)) .
وقد قال وهب بن منبه: (أجمعت الأطباء على أنَّ رأس الطبِّ: الحِمْيَة، وأجمعت الحُكَماء على أنَّ رأس الحِكْمَة: الصَّمت) .
وقال عمر بن عبد العزيز: (إذا رأيتم الرَّجل يطيل الصَّمت، ويهرب من النَّاس، فاقتربوا منه فإنه يُلقَّى الحِكْمَة) .
وقيل: (زَيْن المرأة الحياء، وزَيْن الحكيم الصَّمت) .
8- ومن طرق اكتسابها أيضًا ما ذكره لُقْمان الحكيم عندما سئل: أنَّى أُوتي الحِكْمَة؟ قال: (بشيئين: لا أتكلَّف ما كُفِيت، ولا أضيِّع ما كُلِّفت) .
__________________
  #232  
قديم 24-04-2013, 12:20 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

نماذج من حياة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام
حِكْمَة نبيِّ الله سليمان عليه السلام في القضاء:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بينما امرأتان معهما ابنان لهما، جاء الذئب فأخذ أحد الابنين، فتحاكمتا إلى داود، فقضى به للكبرى، فخرجتا فدعاهما سليمان، فقال: هاتوا السِّكين أشقُّه بينهما. فقالت الصُّغرى: يرحمك الله، هو ابنها، لا تشقَّه، فقضى به للصُّغرى)) .
قال ابن الجوزي: (أما داود عليه السلام فرأى استواءهما في اليد فقدم الكبرى لأجل السن، وأما سليمان عليه السلام فرأى الأمر محتملًا، فاستنبط فأحسن، فكان أَحَدَّ فطنة من داود، وكلاهما حكم بالاجتهاد، لأنه لو كان داود حكم بالنص لم يسع سليمان أن يحكم بخلافه، ولو كان ما حكم به نصًّا لم يخف على داود.
وهذا الحديث يدل على أن الفطنة والفهم موهبة لا بمقدار السن) .
__________________
  #233  
قديم 24-04-2013, 12:27 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

نماذج من حِكْمَة النَّبي صلى الله عليه وسلم في معاملة قومه
- عن عائشة، زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم، أنَّها قالت للنَّبي صلى الله عليه وسلم: ((هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدُّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقَرْن الثَّعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلَّتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك لك، وما ردُّوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلَّم عليَّ، ثم قال: يا محمد، فقال ذلك فيما شئت أن أُطْبِق عليهم الأخشبين ؛ فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئًا)) .
- وفي صلح الحُدَيْبِية: دعا النَّبي صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((اكتب: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم. فقال سهيل: أما الرَّحمن، فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب: باسمك اللهمَّ. فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرَّحمن الرَّحيم. فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: اكتب: باسمك اللهمَّ. ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمَّد رسول الله. فقال سهيل: والله لو كنَّا نعلم أنَّك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمَّد بن عبد الله. فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: والله إنِّي لرسول الله، وإن كذَّبتموني، اكتب: محمَّد بن عبد الله...)) .
نماذج من حِكْمَة السلف
أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((إنَّ أبا بكر رضي الله عنه خرج، وعمر رضي الله عنه يكلِّم النَّاس، فقال: اجلس. فأبى، فقال: اجلس. فأبى، فتشهَّد أبو بكر رضي الله عنه، فمال إليه النَّاس، وتركوا عمر، فقال: أما بعد، فمن كان منكم يعبد محمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فإن محمَّدًا صلى الله عليه وسلم قد مات، ومن كان يعبد الله، فإنَّ الله حيٌّ لا يموت، قال الله تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ إلى الشَّاكِرِينَ [آل عمران: 144] والله لكأنَّ النَّاس لم يكونوا يعلمون أنَّ الله أنزلها حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه، فتلقاها منه النَّاس، فما يُسْمَع بَشَرٌ إلَّا يتلوها)) .
عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه:
قال عمر: ((وافقت ربِّي في ثلاث، قلت: يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مُصَلًّى؟ فنزلت: وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] وقلت: يا رسول الله، إنَّ نساءك يدخل عليهن البَرُّ والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن؟ فنزلت آية الحجاب. واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه في الغَيْرة، فقلت لهن: عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا [التَّحريم: 5]، قال: فنزلت كذلك)) .
عثمان بن عفان رضي الله عنه:
فقد أمر الصحابة إذا اختلفوا في شيء عند جمع القرآن أن يكتبوه بلغة قريش، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصُّحف في المصاحف، ردَّ عثمان الصُّحف إلى حفصة رضي الله عنها، وأرسل إلى كلِّ أُفُقٍ من الآفاق بمصحف ممَّا نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كلِّ صحيفة أو مصحف أن يُحرق .
الحسن بن علي رضي الله عنه:
عن الأعمش قال: (ما زال الحسن يعي الحِكْمَة حتى نطق بها) .
أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج:
عن عبد الرَّحمن بن زيد بن أسلم قال: (ما رأيت أحدًا الحِكْمَة إلى فيه أقرب من أبي حازم) .
عمر بن عبد العزيز:
حجَّ سليمان بن عبد الملك ومعه عمر بن عبد العزيز فأصابهم برقٌ ورعدٌ، حتى كادت تنخلع قلوبهم، فنظر سليمان إلى عمر وهو يضحك، فقال سليمان: يا أبا حفص، هل رأيت مثل هذه الليلة قط أو سمعت بها؟ فقال: يا أمير المؤمنين، هذا صوت رحمة الله، فكيف لو سمعت صوت عذاب الله؟ فقال: هذه المائة ألف درهم، فتصدَّق بها. فقال عمر: أو خير من ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: وما هو؟ قال: قوم صحبوك في مظالم لهم، لم يصلوا إليك، فجلس سليمان فردَّ المظالم.
وحدث من سليمان بن عبد الملك أنَّ سليمان قال له: يا أبا حفص، إنا وُلِّينا ما قد ترى، ولم يكن لنا بتدبيره علم، فما رأيت من مصلحة العامَّة فمُر به، فكان من ذلك أنَّ عمر أمر بعزل عمال الحجَّاج، وأقيمت الصَّلاة في أوقاتها بعد ما كانت أُمِيتت عن وقتها، مع أمور جليلة كان يُسمع من عمر فيها، فقد قيل: إنَّ سليمان حجَّ فرأى الخلائق بالموقف فقال لعمر: أما ترى هذا الخَلْق الذي لا يحصي عددهم إلا الله؟ قال: هؤلاء اليوم رعيَّتك، وهم غدًا خصماؤك، فبكى سليمان بكاءً شديدًا .
الإمام الشافعي:
جاء رجل من أهل الكلام إلى الشافعي وهو في مصر، فسأله عن مسألة من الكلام، فقال له الشافعي: (أتدري أين أنت؟ قال الرَّجل: نعم. قال: هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون، أبلغك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسُّؤال عن ذلك؟ قال: لا. قال: هل تكلَّم فيه الصَّحابة؟ قال: لا. قال: هل تدري كم نجمًا في السَّماء؟ قال: لا. قال: فكوكب منها، تعرف ***ه، طلوعه، أفوله، ممَّ خُلق؟ قال: لا. قال: فشيء تراه بعينك من الخَلْق لست تعرفه، تتكلم في علم خالقه؟! ثم سأله الشافعي عن مسألة من الوضوء فأخطأ فيها، ففرَّعها على أربعة أوجه، فلم يُصِب في شيء من ذلك، فقال له: شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه، وتتكلف علم الخالق؟ إذا هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى الله، وإلى قوله تعالى: وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة: 163]) .
__________________
  #234  
قديم 24-04-2013, 12:32 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

حكم وأمثال عن الحِكْمَة

- قيل: (لا تضعوا الحِكْمَة في غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوا أهلها فتظلموهم) .
- وقيل: (الصَّمت حِكْمَة، وقليل فاعله) .
- وكان عرب اليمن تكتب الحِكْمَة في الحجارة طلبا لبقائها .
- الحِكْمَة مُشاعةٌ بين الخَلْق، لا تُنْسب إلى جيل، ولا تقف على قبيل، وإنَّما حظوظ الخَلْق فيها على قدر مشاربهم منها .
__________________
  #235  
قديم 24-04-2013, 12:39 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الحِكْمَة في واحة الشِّعر

قال الأحوص لعمر بن عبد العزيز:


وما الشِّعرُ إلا حِكْمَةٌ من مؤلِّف***بمنطقِ حقٍّ أو بمنطقِ باطلِ



وقال آخر:


اعملْ بعلمِك تؤْتَ حكمًا إنَّما***جدوى علومِ المرءِ نَهْجُ الأقومِ



وإذا الفتى قد نال علمًا ثم لم***يعملْ به فكأنَّه لم يعلمِ



وقال آخر:


إذا ما أردتَ النُّطق فانطق بحِكْمَة***وَزِن قبل نطقٍ ما تقول وَقَوِّمِ



فمن لم يزنْ ما قال لا عقلَ عنده***ونطقٌ بوزنٍ كالبناءِ المحكمِ



فإن لم تجدْ طرقَ المقالِ حميدةً***تجمَّلْ بحُسنِ الصَّمت تُحْمَد وتَسْلمِ



فكم صامتًا يلقى المحامدَ دائمًا***وكم ناطقٍ يجني ثمارَ التَّندُّمِ



وقال آخر:


ويا فوزَ من أدَّى مناسكَ دينِه***وعاش سليمَ القلبِ وهو طهورُ



وتابع دينَ الحقِّ فقهًا وحِكْمَة***ولبَّى نداءَ الله وهو شكورُ



فهذا الذي في الخلدِ ينعمُ بالُه***وتحظو به بين الأرائكِ حورُ

__________________

آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 03-05-2013 الساعة 11:36 PM
  #236  
قديم 24-04-2013, 12:42 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الحِلْم

معنى الحِلْم لغةً واصطلاحًا
معنى الحِلْم لغةً:
الحِلْمُ -بالكسر-: الأَناةُ والعقل، وجمعه: أَحْلام وحُلُومٌ .
والحِلْم خلافُ الطَّيش. يقال: حَلُمْتُ عنه أحلُم، فأنا حليمٌ .
معنى الحِلْم اصطلاحًا:
عُرِّف الحِلْم بعدَّة تعريفات منها:
الحِلْم: ضبط النَّفس والطَّبع عن هيجان الغضب .
وقيل هو: (الطُّمَأْنِينَة عند سَوْرَة الغضب، وقيل: تأخير مكافأة الظَّالم) .
وقيل الحِلْم: (اسم يقع على زمِّ النَّفس عن الخروج عند الورود عليها، ضدُّ ما تحبُّ إلى ما نهي عنه. فالحِلْم يشتمل على المعرفة والصَّبر والأَنَاة) .
__________________
  #237  
قديم 24-04-2013, 12:44 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الفرق بين الحِلْم وبعض الصِّفات
- الفرق بين الحِلْم والصَّبر:
أنَّ الحِلْم هو: الإمْهَال بتأخير العقاب المستحقِّ... ولا يصحُّ الحِلْم إلَّا ممَّن يقدر على العقوبة وما يجري مجراها... والصَّبر: حبس النَّفس لمصادفة المكروه، وصَبَر الرَّجل: حَبَس نفسه عن إظهار الجزع .
- الفرق بين الحِلْم والوَقَار:
الوَقَار: هو الهدوء وسكون الأطراف، وقلَّة الحركة في المجلس، ويقع أيضًا على مفارقة الطَّيش عند الغضب، مأخوذ مِن الوَقْر وهو: الحِمْل .
- الفرق بين الحِلْم والإمْهَال:
أنَّ كلَّ حلمٍ إمهالٌ، وليس كلُّ إمهالٍ حلمًا؛ لأنَّ الله تعالى لو أمهل مَن أخذه لم يكن هذا الإمْهَال حلمًا .
- الفرق بين الحِلْم والأَنَاة والرِّفق:
الحِلْم: أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب، فإذا حصل غضبٌ وهو قادر على العقاب، فإنَّه يَحْلم ولا يعاقب.
وأمَّا الأَنَاة: فهي التَّأنِّي في الأمور وعدم العجلة، وألَّا يأخذ الإنسان الأمور بظاهرها فيتعجَّل ويحْكُم على الشَّيء قبل أن يتأنَّى فيه وينظر.
وأمَّا الرِّفق: فهو معاملة النَّاس بالرِّفق والهون حتى وإن استحقُّوا ما يستحقُّون مِن العقوبة والنَّكال، فإنَّه يرفُق بهم .
__________________
  #238  
قديم 25-04-2013, 11:03 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أولًا: في القرآن الكريم

وردتْ آيات قرآنيَّة كثيرة تشير إلى صفة الحِلْم، ووصف الله نفسه بالحِلْم، وسمَّى نفسه الحليم، ووردت آيات تدعو المسلمين إلى التَّحلِّي بهذا الخُلُق النَّبيل، وعدم المعاملة بالمثل ومقابلةالإساءة بالإساءة، والحثِّ على الدَّفع بالتي هي أحسن، والتَّرغيب في الصَّفح عن الأذى والعفو عن الإساءة.
- قال تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ ُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133- 134].
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ (أي: لا يعملون غضبهم في النَّاس، بل يكفون عنهم شرَّهم، ويحتسبون ذلك عند الله عزَّ وجلَّ.
ثمَّ قال تعالى: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ أي: مع كفِّ الشَّرِّ يعفون عمَّن ظلمهم في أنفسهم، فلا يبقى في أنفسهم مَوجدة على أحد، وهذا أكمل الأحوال، ولهذا قال: وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، فهذا مِن مقامات الإحسان) .
- وقال عزَّ وجلَّ: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف: 199].
- ووصف الله عزَّ وجلَّ بعضَ أنبيائه بالحِلْم؛ قال تعالى: فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ [الصافات:101]، يقول ابن تيمية: (وقد انطوت البشارة على ثلاثٍ: على أنَّ الولد غلامٌ ذكرٌ، وأنَّه يبلغ الحِلْم، وأنَّه يكون حليمًا، وأيُّ حلمٍ أعظم مِن حلمه حين عرض عليه أبوه الذَّبح فقال: سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات:102]، وقيل: لم ينعت الله الأنبياء بأقلَّ مِن الحِلْم وذلك لعزَّة وجوده، ولقد نعت إبراهيم به في قوله تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ [التَّوبة:114]، إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ [هود:75]؛ لأنَّ الحادثة شهدت بحلمهما، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات:102]) .
- قال ابن كثير في قوله تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصِّلت:34] (أي: إذا أحسنت إلى مَن أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبَّتك، والحنو عليك، حتى يصير كأنَّه وليٌّ لك حميم، أي: قريب إليك مِن الشَّفقة عليك والإحسان إليك. ثمَّ قال: وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا [فصِّلت:35]، أي: وما يقبل هذه الوصيَّة ويعمل بها إلَّا مَن صبر على ذلك، فإنَّه يشقُّ على النُّفوس، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ أي: ذو نصيب وافر مِن السَّعادة في الدُّنْيا والآخرة.
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: (أمر الله المؤمنين بالصَّبر عند الغضب، والحِلْم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله مِن الشَّيطان، وخضع لهم عدوُّهم كأنَّه وليٌّ حميم) .
__________________
  #239  
قديم 25-04-2013, 11:06 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة

- قال صلى الله عليه وسلم لأشجِّ عبد القيس: ((إنَّ فيك لخصلتين يحبُّهما الله: الحِلْم والأَنَاة)) .
- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّه قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التَّأنِّي مِن الله، والعجلة مِن الشَّيطان، وما أحدٌ أكثر معاذير مِن الله، وما مِن شيءٍ أحبُّ إلى الله مِن الحِلْم)) .
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الشَّديد بالصُّرَعَة، إنَّما الشَّديد الذي يملك نفسه عند الغضب)) .
قال ابن بطَّال: (مدح الله تعالى الذين يغفرون عند الغضب وأثنى عليهم، وأخبر أنَّ ما عنده خيرٌ وأبقى لهم مِن متاع الحياة الدُّنْيا وزينتها، وأثنى على الكاظمين الغيظ والعافين عن النَّاس، وأخبر أنَّه يحبُّهم بإحسانهم في ذلك) .
وقال ابن عبد البر: (في هذا الحديث مِن الفقه: فضل الحِلْم. وفيه دليلٌ على أنَّ الحِلْم: كتمان الغيظ. وأنَّ العاقل مَن مَلَك نفسه عند الغضب؛ لأنَّ العقل -في اللُّغة-: ضبط الشَّيء وحبسه منه) .
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليليني منكم أولو الأحلام والنُّهى..)) .
(أي ذوو الألباب والعقول، واحدها: حِلْمٌ بالكسر، فكأنَّه مِن الحِلْم: الأَنَاة والتَّثبُّت في الأمور، وذلك مِن شعائر العقلاء، وواحد النُّهى: نُهْيَة بالضَّم، سُمِّي العقل بذلك لأنَّه ينهى صاحبه عن القبيح) .
__________________
  #240  
قديم 25-04-2013, 11:10 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أقوال السَّلف والعلماء في الحِلْم

- قال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: (ليس الخير أن يَكْثُر مالك وولدك، ولكنَّ الخير أن يَكْثُر علمك ويَعْظُم حلمك، وأن لا تباهي النَّاس بعبادة الله، وإذا أحسنت: حمدت الله تعالى، وإذا أسأت: استغفرت الله تعالى) .
- (وبلغ عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه أنَّ جماعة مِن رعيَّته اشتكوا مِن عمَّاله؛ فأمرهم أن يوافوه، فلمَّا أتوه، قام فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال: أيُّها النَّاس، أيَّتها الرَّعيَّة، إنَّ لنا عليكم حقًّا: النَّصيحة بالغيب والمعاونة على الخير، أيَّتها الرُّعاة إنَّ للرَّعيَّة عليكم حقًّا فاعلموا أنَّه لا شيء أحبُّ إلى الله ولا أعزُّ مِن حِلْم إمامٍ ورِفْقِه، وليس جهلٌ أبغض إلى الله ولا أغمَّ من جهل إمامٍ وخرْقه) .
- وقال رضي الله عنه: (تعلَّموا العلم وتعلَّموا للعلم السَّكينة والحِلْم) .
- وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (ينبغي لحامل القرآن أن يكون باكيًا محزونًا حكيمًا حليمًا سكينًا، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيًا ولا غافلًا ولا صخَّابًا ولا صيَّاحًا ولا حديدًا) .
- وقال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: (لا يبلغ العبد مبلغ الرَّأي حتى يغلب حِلْمُه جهله، وصبرُه شهوته، ولا يبلغ ذلك إلَّا بقوَّة الحِلْم) .
- وسُئل عمرو بن الأهتم: (أيُّ الرِّجال أشجع؟ قال: مَن ردَّ جهله بحِلْمه، قال: فأيُّ الرِّجال أسخى؟ قال: مَن بذل دنياه لصالح دينه) .
- وقال مرَّةً لعَرَابَة بن أوس: (بم سدت قومك يا عَرَابَة؟ قال: كنت أحْلُم عن جاهلهم، وأعطي سائلهم، وأسعى في حوائجهم، فمَن فعل فعلي فهو مثلي، ومَن جاوزني فهو أفضل، ومَن قصَّر عنِّي فأنا خير منه) .
- وقال أيضًا: (عليكم بالحِلْم والاحتمال حتى تمكنكم الفرصة، فإذا أمكنتكم فعليكم بالصَّفح والإفضال) .
- وأسمعه رجلٌ كلامًا شديدًا، فقيل له: لو عاقبته، فقال: (إنِّي أستحيي أن يضيق حلمي عن ذنب أحدٍ من رعيَّتي) .
- وعن أبي الدَّرداء قال: (ليس الخير أن يَكْثُر مالك وولدك، ولكنَّ الخير أن يَعْظُم حِلْمُك، ويَكْثُر علمك، وأن تنادي النَّاس في عبادة الله، فإذا أحسنت حمدت الله، وإذا أسأت استغفرت الله) .
- وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (نحن معشر قريش نعدُّ الحِلْم والجُود، السُّؤدد، ونعدُّ العفاف وإصلاح المال، المروءة) .
- وقال الحسن البصريُّ في تفسير قوله تعالى: وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان: 63]: (حُلَمَاء: إن جُهِل عليهم لم يجهلوا) .
- وقال أيضًا: (اطلبوا العلم وزيِّنوه بالوَقَار والحِلْم) .
- وقال أكثم بن صيفيِّ: (دعامة العقل الحِلْم، وجماع الأمر الصَّبر، وخير الأمور العفو) .
- وعن رجاء بن أبي سلمة قال:(الحِلْم خصلة مِن خصال العقل) .
- وقال محمَّد بن عليٍّ رضي الله عنهما: (مَن حَلُمَ وَقَى عِرْضه، ومَن جادت كفُّه حَسُن ثناؤه، ومَن أَصْلح مالَه استَغْنى، ومَن احتمل المكْروه كثرت مَحاسنه، ومَن صَبر حُمِد أمرُه، ومَن كظَم غيظَه فشا إحسانُه، ومَن عَفا عن الذُّنوب، كثُرت أياديه، ومَن اتَّقى الله كفاه ما أهمَّه) .
- وقال أبو رزين في قوله: كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ [آل عمران: 79]: (حلماء علماء) .
- وعن معاوية بن قرَّة قال: (مكتوبٌ في الحكمة: لا تجالس بحِلْمك السُّفهاء، ولا تجالس بسفهك الحُلَماء) .
- وعن الحسن قال: (المؤمن حليمٌ لا يجهل وإن جُهِل عليه، حليمٌ لا يظلم، وإن ظُلِم غَفَر، لا يقطع، وإن قُطِع وصل، لا يبخل، وإن بُخلِ عليه صبر) .
- وقال وهب بن منبه: (العلم خليل المؤمن، والحِلْم وزيره، والعقل دليله، والعمل قيمته، والصَّبر أمير جنوده، والرِّفق أبوه، واللِّين أخوه) .
- وقال عطاء بن أبي رباح: (ما أوى شيءٌ إلى شيءٍ أزين مِن حلمٍ إلى علم) .
__________________
 

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:09 PM.