الأديان تعالوا إلى كلمة سواء
قال الله تعالى: «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ». إن دعوتنا للحوار مع أتباع الأديان دعوة ربانية عالمية، فديننا من أول وهلة عالمي، قال تعالى «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ».
دعوتنا واضحة صريحة سهلة ميسّرة ملخصها أننا نشهد أن لا إله إلا الله ونؤمن برسل الله فنشهد أن موسى رسول من عند الله وأن عيسى رسول من عند الله وأن محمداً رسول من عند الله عليهم الصلاة والسلام، ونشهد أن الدين عند الله الإسلام وقد أمرنا ديننا بحسن التواصل وجميل الحوار ومد جسور التفاهم والتعايش السلمي مع الأمم، قال تعالى: «وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»، وأمرنا أن نكون رحماء بالناس حكماء مع بني الإنسان حلماء بالعالمين، أهل رفق ولين وصبر على الأذى: «ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»، وعندنا والحمد الله القدرة التامة والاستعداد الكامل لحوار أي فئة أو طائفة أو مذهب أو توجه، لأننا مؤمنون برسالتنا معتزون بمبادئنا واثقون بمسيرتنا مطمئنون لسلامة منهجنا، ليس عندنا في دعوتنا أسرار خفية ولا ألغاز ولا طلاسم ولا أحاجي، فليس في الإسلام مذهب باطني ولا نهج فلسفي، وليس عندنا غموض الزنادقة وشبه الدجالين الأفاكين، ولكن عندنا الوضوح والصراحة مع النفس ومع الناس.
رسالتنا سهلة ميسرة صريحة يفهمها الأعرابي والعامي والطفل والعربي والعجمي والأبيض والأسود تُلخص في جملة (لا إله إلا الله محمد رسول الله). وعندنا أجندة لهذه الرسالة منها العدل مع الأمم «وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ»، والعدل حتى مع من عادانا وخاصمنا: «وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى»، ولا نعتدي إلا على من اعتدى علينا «فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ»، ومن أجندتنا الدعوة إلى السلام وحسن التعايش مع البشر «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا»، وأمرنا بجميل الخطاب مع الناس أجمعين «وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً». نحن دعاة توحيد وعدل وسلام وعلم ومعرفة، رسالتنا تحرّم الشرك واتباع الشيطان وتصديق الدجاجلة والإيمان بالخرافة وإلغاء العقل، وتدعونا رسالتنا إلى الإيمان بالله وحده وتصديق رسله وتحكيم شرعه والسعي لعمارة الأرض وإسعاد البشرية ودرء الفتنة وحقن الدماء وحفظ الأنفس المعصومة وصيانة الأموال ونشر الخير والفضيلة والأمن وقطع دابر الشر والفساد والخراب والتدمير. قال تعالى: «وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا»، وقال تعالى عن الأشرار الظلمة المفسدين «وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ».
الحوار مع أتباع الأديان من مقاصد شريعتنا ومن تعاليم ديننا، نحاورهم لأن عندنا دليل، ولدينا برهان، ومعنا حجة، وفي أيدينا وثيقة ربانية، وفي قلوبنا نور إلهي، وفي ضمائرنا وازع الإيمان وصوت الحق ونغمة الصدق، نحاور الجميع على أن لا نتنازل عن شيء من ديننا ولا نترك جزءاً من رسالتنا، لأنها من عند الله وليست من عندنا ونحن لا نملك التحريف ولا التبديل ولا التأويل في هذه الرسالة المقدسة، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ»، فليس عندنا زيادة على النص ولا اعتراض على الوحي ولا تبديل للشريعة، كلامنا في السر مثل العلن وخطابنا في المسجد كخطابنا في النادي والجامعة والمؤتمر، ليس عندنا رغبة في قهر الناس ولا في السيطرة على عقولهم ولا في إرهاب أفكارهم ولا في ****** بلدانهم ولا في الاستيلاء على ثرواتهم ولا في إكراههم على عقيدتنا «لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»، «أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ»، «فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ»، «لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ».