|
#1
|
||||
|
||||
![]() مصدر المياه العذبة في الأرض والشمس هي أساس وجود المياه العذبة في الأرض، سواء أكانت هذه المياه هي مياه الأنهار أو المياه الجوفية. فكما هو معروف، إن أشعة الشمس تتسبب في تسخين المياه الموجودة في البحار والمحيطات، ولذلك تبدأ عمليات التبخير التي تحدث لهذه المياه - والتبخير يبدأ من درجة واحد مئوية حتى ما قبل درجة الغليان- فيتصاعد بخار الماء إلى طبقات الجو العليا، ويتم تكثيف بخار الماء مكوناً السحُب، وهذه السحُب تصطدم ببعضها البعض فينتج عن ذلك سقوط الأمطار التي تختلف في سقوطها من منطقة لأخرى، وهذه الأمطار هي أساس تكوّن المياه العذبة في الأرض، وهي مصدر مياه الأنهار والمياه الجوفية. وحديثاً تستخدم الطاقة الشمسية لتحلية مياه البحار في بعض الدول لإنتاج مياه عذبة، لمواجهة نقص المياه الصالحة للشرب. هذا وقد يَستغل الطاقةَ الشمسية بعضُ سكان المناطق الحارة في إعداد الطعام؛ ومن ذلك ما يعرف "الخبز الشمسي"، حيث يتم إعداد الخبز وتركه في الشمس لينضج بدلاً من استخدام الأفران. علاجٌ لأمراض العظام الشمس علاج لأمراض العظام ومصدر لفيتامين "د". فالتعرض لأشعة الشمس هو علاج لمرضى الكساح وتقوس الساقين، ولذلك ينصح الأطباء أمهات الأطفال اللواتي يعانين من تقوس الساقين، بتعريض أبنائهم لأشعة الشمس وقت الشروق أو الغروب. وكذلك ينصح الأطباء كبار السن الذين يعانون من هشاشة العظام، بالتعرض لضوء الشمس وقت الشروق أو وقت الغروب. وأيضاً يلاحظ أن الذين يمارسون الأعمال اليدوية ويتعرضون للشمس أوقاتاً طويلة، تكون عظامهم أقوى بكثير ممن يجلسون في المكاتب أوقاتاً طويلة. والتعرض لأشعة الشمس قد يضر بالبشرة ويسبب أمراضاً للجلد، وقد يحدث ضربة شمس للأشخاص غير المتعوّدين على التعرض لأشعة الشمس. ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن جعل سكان المناطق الاستوائية الحارة، ذوي بشرة سمراء، حيث يحتوي جلدهم على كمية كبيرة من صبغة الميلانين التي تقيهم شر التعرض لأشعة الشمس، الأمر الذي يجعلهم أكثر تكيفاً مع أشعة الشمس من غيرهم. ولذلك فنرى أن الشخص الذي لا يوجد في جلده صبغ الميلانين لا يستطيع تحمل أشعة الشمس، إذ يطلق عليه "عدو الشمس" أو "الأمهق". مصدر الطاقة المتجددة في التنمية والطاقة الشمسية أحد مصادر الطاقة المتجددة التي سوف يعتمد عليها مستقبل البشر في السنوات القادمة. وهذا الاعتماد يعود إلى اقتراب نفاد الوقود الحفري (البترول والغاز الطبيعي والفحم)، وإلى التغيرات المناخية التي تحدث بسبب انبعاث الغازات الناجمة عن احتراق الوقود الحفري، وهذه التغيرات المناخية تدفع البشرية لاستخدام وسائل للطاقة أكثر أمناً، والتي لا ينتج عنها أدخنة وغازات ضارة. فالطاقة الشمسية بدأ - بالفعل- العديد من الدول في الاعتماد عليها، وإنشاء بعض محطات لاستغلال الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، بل إن الدول الأوربية بدأت في الإعداد لتوليد الطاقة الكهربية في الصحاري الإفريقية وتصديرها إلى أوربا، لأن الشمس تشع بكثافة أكبر ولمدة أطول في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط بالمقارنة إلى أوروبا، بالإضافة إلى وجود مساحات كبيرة غير مستغلة في هذه المنطقة، مع العلم أن استغلال نسبة صغيرة منها قد يكفي لتغطية حاجة أوروبا من الطاقة. ومن فضل الله عز وجل على الدول الإسلامية أن أشعة الشمس ساطعة في أغلبها، ويمكن للدول الإسلامية الاستفادة من هذه الطاقة المتجددة في التنمية، وأن تصبح الدول الإسلامية مصدراً للطاقة الشمسية في العالم كما هو كائن الآن، حيث إن الدول الإسلامية هي المصدر الرئيسي في الوقود الحفري في العالم. وللطاقة الشمسية آفاق مستقبلية واسعة ورحبة في السنوات القادمة كأحد مصادر الطاقة المتجددة، ويبدو أنه في المستقبل القريب، سوف يكون هناك سيارات تسير بالطاقة الشمسية؛ يكون لها خلايا شمسية أعلى السيارة، تستقبل أشعة الشمس وتحولها إلى طاقة كهربية يتم استخدامها في تسيير السيارات وتخزين الطاقة، ليُتمكّن من استخدام السيارة في الليل أيضاً. أخت يوشع سميت الشمس أيضاً بـ"أخت يوشع"، نسبةً للنبي يوشع بن نون عليه السلام. ويروى أن النبي يوشع بن نون عليه السلام دعا الله سبحانه وتعالى أن يؤخر غروب الشمس، لكي ينتصر جيشه على جيش أعدائه، فنبي الله يوشع بن نون، وهو الذي خرج ببني إسرائيل من التيه ودخل بهم بيت المقدس بعد حصار وقتال شديد، وعندما صار النصر قاب قوسين أو أدنى، كان وقت العصر قد أزف، واليوم كان يوم الجمعة واليوم التالي هو يوم السبت -وهو يوم السبوت وعدم العمل لدى اليهود- وإن دخل عليهم المغيب، لَدخل بغياب الشمس يوم السبت فلا يتمكنون معه من القتال، فنظر إلى الشمس ثم دعا ربه بأن لا تغيب الشمس حتى يتم استثمار الهجوم والنصر، وبقدرة الله سبحانه وتعالى كان له ذلك. يقول أمير الشعراء أحمد شوقي: قفي يا أخت يوشع خبرينا *** أحاديث القرون الغابرينا الشمس مخلوق من خلق الله عز وجل، ومن أفضالها العديدة على البشرية، عبدَها الناس في العصور المختلفة، وظنوا أنها إلهٌ يعبد في الأرض، وذكر الله سبحانه وتعالى لنا أن سيدنا إبراهيم عليه السلام، في مرحلة بحثه عن الحق والحقيقة، والاهتداء إلى أن الله سبحانه وتعالى هو الإله الواحد الأحد، وقبل أن يوحى إليه ويصبح نبياً، كفر بالأصنام، وتفكر في الخلق؛ ولما رأى الشمس بازغة مشرقة، ظن أنها الإله الخالق، ولكن لما رأى الشمس تغرب تبرأ مما يعبده الناس من غير الله سبحانه وتعالى، وأعلن أنه يعبد الله وحده مخلصاً له الدين: ﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (الأنعام:78-79). فسبحانك اللهم خالق الشمس وخالق الكون وخالق الخلق، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام... نحمدك على نعمة وجود الشمس وأنت القائل: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ ، ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾(النحل:18).. . آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 22-11-2012 الساعة 10:45 AM |
#2
|
||||
|
||||
![]() بعض الصور التى تدل على عظمه الله ![]() ![]() |
#3
|
||||
|
||||
![]()
|
#4
|
||||
|
||||
![]()
|
#5
|
||||
|
||||
![]() ![]() |
#6
|
||||
|
||||
![]() اروع الآيات الكونية التي تدل على عظمة الخالق ![]() اكتشف العلماء وجود نجوم نابضة تصدر أصوات طرق أشبه بالمطرقة،ووجدوا أن هذه النجوم تصدر موجات جذبية تستطيع اختراق وثقب أي شيء بما فيها الأرضوغيرها، ولذلك أطلقوا عليها صفتين: صفة تتعلق بالطرق فهي مطارق كونية، وصفة تتعلق بالقدرة على النفاذ والثقب فهي ثاقبة، هذا ما لخصه لنا القرآن في آية رائعة، يقول تعالى في وصف هذه النجوم من خلال كلمتين وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ (الطارق: 1-3). فكلمة (الطارق) تعبر تعبيراً دقيقاً عن عمل هذه النجوم، وكلمة (الثاقب) تعبر تعبيراً دقيقاً عن نواتج هذه النجوم وهي الموجات الثاقبة، ولا نملك إلا أن نقول: سبحان الله ![]() اكتشف العلماء حديثاً وجود نجوم أسموها بالثقوب السوداء، وتتميز بثلاث خصائص: 1- لا تُرى، تجري بسرعات كبيرة، 3- تجذب كل شيء إليها وكأنها تكنس صفحة السماء، حتى إنالعلماء وجدوا أنها تعمل كمكنسة كونية عملاقة، هذه الصفات الثلاثة هي التي حدثنا عنها القرآن بثلاث كلمات في قوله تعالى فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (التكوير: 15-16). فالخنَّس أي التي لا تُرى والجوارِ أي التي تجري، والكُنَّس أي التي تكنس وتجذب إليها كل شيء بفعل الجاذبية الهائلة لها، هذه الآية تمثل سبقاً للقرآن في الحديث عن الثقوب السوداء قبل أن يكتشفها احد الشفق ![]() هذه صورة للشفق القطبي، الذي يظهر في منطقة القطب الشمالي عادة، إن هذه الظاهرة من أعجب الظواهر الطبيعية فقد استغرقت من العلماء سنوات طويلة لمعرفة أسرارها، وأخيراً تبين أنها تتشكل بسبب المجال المغنطيسي للأرض، وهذا الشفق يمثل آلية الدفاع عن الأرض ضد الرياح الشمسية القاتلة التي يبددها المجال المغنطيسي و"يحرقها" ويبعد خطرها عنا وبدلاً من أن تحرقنا نرى هذا المنظر البديع، ألا تستحق هذه الظاهرة العظيمة أن يقسم الله بها؟ يقول تعالى فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ * لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ * فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآَنُ لَا يَسْجُدُونَ (الانشقاق: 16- 21) آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 22-11-2012 الساعة 11:31 AM |
#7
|
||||
|
||||
![]() وجعلنا سراجا وهاجا ![]() في زمن نزول القرآن لم يكن أحد على وجه الأرض يعلم حقيقة الشمس، ولكن الله تعالى الذي خلق
الشمس وصفها وصفاً دقيقاً بقوله تعالى وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (النبأ: 13)، وهذه الآية تؤكد أن الشمس عبارة عن سراج والسراج هو آلة لحرق الوقود وتوليد الضوء والحرارة وهذا ما تقوم به الشمس، فهي تحرق الوقودالنووي وتولد الحرارة والضوء، ولذلك فإن تسمية الشمس بالسراج هي تسمية دقيقة جداًمن الناحية العلمية |
#8
|
||||
|
||||
![]() السقف المحفوظ
![]() نرى في هذه الصورة كوكب الأرض على اليمين ويحيط به مجال مغنطيسي قوي جداً وهذا المجال كما نرى يصد الجسيمات التي تطلقها الشمس وتسمى الرياح الشمسية القاتلة، ولولا وجود هذا المجال لاختفت الحياة على ظهر الأرض، ولذلك قال تعالى وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (الأنبياء: 32) ------------------------------------------------------------------------- نسيج من المجرات ![]() |
#9
|
||||
|
||||
![]() البحر المسجور ![]() ذه صورةلجانب من أحد المحيطات ونرى كيف تتدفق الحمم المنصهرة فتشعل ماء البحر، هذه الصورةالتقطت قرب القطب المتجمد الشمالي، ولم يكن لأحد علم بهذا النوع من أنواع البحار زمن نزول القرآن، ولكن الله تعالى حدثنا عن هذه الظاهرة المخيفة والجميلة بل وأقسم بها، يقول تعالى وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (الطور: 1-8). والتسجير في اللغة هو الإحماء تقول العرب سجر التنور أي أحماه، وهذا التعبير دقيق ومناسب لما نراه حقيقة في الصور اليوم من أن البحر يتم إحماؤه إلى آلاف الدرجات المئوية، فسبحان الله ----------------- والسماء بناء ![]() في البداية ظن العلماء أن الكون في معظمه فراغ، فأطلقوا عليه
اسم (فضاء)، وبقي هذا المصطلح صحيحاً حتى وقت قريب، ولكن في أواخر القرن العشرين، اكتشف العلماء شيئاً جديداً أسموه (البناء الكوني)، حيث تبين لهم يقيناً أن الكون عبارة عن بناء محكم لا وجود للفراغ فيه أبداً، فبدأوا باستخدام كلمة (بناء)، ولو تأملنا كتاب الله تعالى وجدنا أنه استخدم هذه الكلمة قبل علماء الغرب بقرون طويلة، يقول تعالى اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (غافر: 64) آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 22-11-2012 الساعة 11:17 AM |
#10
|
||||
|
||||
![]() مرج البحرين ![]() نرى في هذه الصورة منطقة تفصل بين بحرين مالحين، هذه المنطقة تسمى البرزخ المائي، وقد وجد العلماء لها خصائص تختلف عن كلا البحرين على جانبيها، ووجدوا أيضاً لكل بحر خصائصه التي تختلف عن خصائص البحر الآخر. وعلى الرغم من اختلاط ماء البحرين عبر هذه المنطقة إلا أن كل بحر يحافظ على خصائصه ولا يطغى على البحر الآخر. هذه حقائق في علم المحيطات لم تُكتشف إلا منذ سنوات فقء فسبحان الذي حدثنا عنها بدقة كاملة في قوله تعالى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (الرحمن: 19-21) |
#11
|
||||
|
||||
![]()
|
#12
|
||||
|
||||
![]() ثقافة الاعتدال في الاستهلاك (4) جمع وتلخيص: عفاف بنت يحيى آل حريد بسم الله الرحمن الرحيم حياتنا والاستهلاك (4) العارض العاشر: الثراء والسعادة. نحرص على حرياتنا الشخصية ونحن في أمس الحاجة إلى التواصل، إننا في عصر الفيض والوفرة، نفتقر بشدة إلى الغذاء الروحي. نحن نفتش عن السعادة والرضا من خارجنا، بينما لا تنبع إلا من داخلنا. إن الإحساس بالسعادة ينبع من خلال إنجاز أهداف جوهرية، مثل: توطيد الروابط الإنسانية القائمة على الحب المتبادل. أما إنجاز الأهداف اللا جوهرية مثل: الثروة النقدية، الشهرة، والمظاهر، فإنها مجرد أهداف بديلة خارجية يحاول الناس من خلالها تعويض الخواء والفراغ الداخلي. ولكن هذا لا يعني أن الأثرياء كافة هم أشخاص تعساء، فالسعادة والتعاسة مرتبطة بكيفية توظيف المال. كلنا ينشد السعادة في الحياة، أيًّا كانت الأفكار والقناعات التي نحملها، وأي قيمة لثقافة فكر أو فلسفة أو مذهب أو دين، إذا ما كانت تحول دون مشاعر السعادة والرضا؟! وما أكثر فرص السعادة التي سرقت منا في نمط الحياة الاستهلاكي الذي نعيشه؛ وما أكثر النعم التي كنا فيها فاكهين ولم ندرك قيمتها إلا بعد أن ولّت عنا. الحياة لا تبنى بلا طموح وعمل، بقدر ما ترمز إلى أن السعادة ليست أن تملك أكثر، بل في أن تتمتع بما لديك أكثر، وألا تفوت في غمرة انشغالك في الحياة فرص سعادة حقيقية. طريقة العلاج والاستشفاء من مرض الاستهلاك: لقد أعطانا الله -عز وجل- من النعم ما لا يعد ولا يحصى، ولكنه أمرنا باستثمارها على أكمل وجه. ما من شيء إلا ويمكنك استثماره: بيتك، ملابسك، جسدك، حواسك، قلمك، وأولها عقلك؛ لأن التفكر بآيات الله وآلائه أعظم عبادة. نحن لا نستعمل أكثر من 1% من الطاقات والإمكانات التي أودعها فينا. فلنبدأ إذن بتوسيع دائرة الطاقة وحدود استعمالنا لها، لتكون حياتنا وأفعالنا وبيوتنا مثالًا يحتذي للآخرين؛ فيتبعونا بدلًا من أن نكون تبعًا لتفاهمات الآخرين، نحن الأجدر بأن نُتبع لا أن نكون تبعًا، ولن يتحقق ذلك إلا إذا تطابق عملنا مع ما ندعو إليه. لا يكفي أن نقول الربا حرام، بل علينا أن نؤسس لعمل استثماري نظيف يحل محل الخبيث، ولا يكفي أن ننتقد الإعلام المزيف، بل علينا أن نخترق عالم الإعلام، علينا أن نتواجد في كل مكان، وأن نتصدر كل جانب من جوانب الحياة. نحن نظن أننا نعيش عصر المعلومات، وأن هنالك ثورة معلوماتية، ولكن المعلومة الحقيقية والتي كانت بمتناول البشر وغابت عن حيز تفكيرنا، هي معرفة (من نحن) ... وكيف نعيش الحياة؟ إن تبديل الأفكار داخل عقولنا هو أعظم عمل يمكن للإنسان أن يقوم به، فالاقتصاد ذو الكفاءة والفاعلية العالية هو ذاك الذي يكفل للإنسان ادخار المال بدلًا من أنفاقه على أشياء تضطره لدفع مزيد من المال على صحته. والتحول من الكم إلى النوع - المنتج الوافي - تجعل أصحاب الدخل المحدود أكثر المستفيدين. لقد قام مجموعة من العلماء بوضع مقترحات مفيدة، لمساعدة الناس على فهم احتياجاتهم وأولوياتهم الضرورية، وانتقاء الأنسب من الأشياء والمنتجات التي تسوق. وهم لا يهدفون بهذا الضغط على المستهلك، بل لجم اندفاعه ليبدأ بالتوقف والتفكير قبل الإقدام على تسوق واستهلاك ما اعتاده، فإثارة الوعي بأمور قليلة يمكن أن تحدث فروق كبيرة، سواء في نمط الحياة (المعاش)، أم من حيث التأثيرات السلبية على البيئة. مثال ذلك: عندما نقلص من حجم استهلاكنا للحوم، ونستعيض عنها بالخضروات والفواكه؛ فإننا نخفف وبشكل جذري الصدمة على الأرض. فاستهلاك اللحوم يتطلب مساحات شاسعة من الأراضي الرعوية تقدر بـ 20ضعفًا، زيادة عن المساحة التي نحتاجها لزراعة الحبوب والبقول؛ وتتطلب تربية الماشية وزراعة العلف كميات هائلة من المياه النقية، تخرج ملوثة بسبب الأسمدة الكيميائية التي تحتاجها الأعلاف، ونسبة تلوث المياه بسبب النفايات الحيوانية تزيد 17ضعفًا عمّا تسفر عنه زراعة الحبوب، ناهيك عمّا تسببه المخلفات الحيوانية من تلوث في الهواء. إن الوعي بمعلومة كهذه لا بد سيخفف من حجم استهلاكنا للحوم، ويثير اهتمامنا بأطباق الخضار والفواكه الشهية، وسيجنبنا خطر الإصابة بالأمراض الهضمية والقلبية. فالمستحيل اليوم ليس مستحيلًا غدًا، وكلما بذل الإنسان ما في وسعه، وسّع الله عليه دائرة وسعه. ومن وسائل العلاج البساطة: إن مفهوم البساطة أشمل من أن يكون مجرد تراجع عن كم الاستهلاك، بل تراجع عن الأفكار العقيمة، ومشاعر الضغط والضياع، برمي كل ما هو صناعي ومصنَّع، مقابل الحصول على كل ما هو حقيقي وأصيل. إن البساطة ليست فقط في أسلوب تناول الأشياء، بل وفي بساطة ونقاوة الهدف، وصفاء الذهن الذي يقودنا إلى حياة أكثر رضا وترابطًا، بدلًا من البقاء في حيرة وتخبط. وعندما نصحو من غفوتنا سوف يكون لدينا الوعي كيف نلبي احتياجاتنا دون الحاجة لأكياس مليئة بالأشياء الباهظة الثمن. حقيقة قالها سيدنا عمر بن الخطاب: «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، وإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله». فالذل اليوم نتيجة اختلال الثقة بعظمة الموروث الفكري الديني الذي جاءت بها منظومة التوحيد في الإسلام. الذل نتيجة التقليد الأعمى لتفاهمات كنا في غنى عنها، لو حصرنا تطلعنا إلى الآخر في علومه ومعارفه الإنسانية. الذل في الوهن الذي أصابنا نتيجة الإدمان على حب الدنيا؛ فكرهنا الموت. مؤشرات الأمل: مؤشرات الأمل في وعي آباء وأمهات بدؤوا يلحظون خطر ثقافة تسرق أبناءهم؛ فعمدوا إلى جلسات نقاش يحاولون من خلالها إيجاد سبل وقايتهم. مؤشرات الأمل في حرقة جيل من الكتّاب الشباب وأصحاب دور نشر تعمل على نهضة جديدة. قاعدة الوسطية والاعتدال التي جاء بها الإسلام هي التي تعيد إلينا التوازن الفكري والنفسي والصحي والبيئي والمعيشي، قال تعالى: ﴿ وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا ﴾ [البقرة: 143]. المرجع: • "حمى الاستهلاك - رؤية نقدية في حوار مع الآخر" لسحر العظم، بتصرف. |
#13
|
||||
|
||||
![]() كيف نصلح حال بيوتنا؟
جمع وإعداد: عفاف بنت يحيى آل حريد حينما نطرح سؤالًا مثل هذا نجد أنه يشمل عدة اتجاهات مهمة، فالبيت هو اللبنة الأولى في المجتمع؛ إذا صلح البيت صلح المجتمع، وإذا فسد سيكون هناك خلل في المجتمع. يقول الله -عز وجل-: ﴿ والله جعل لكم من بيوتكم سكنًا ﴾. (سورة النحل الآية 80). قال ابن كثير -رحمه الله-: "يذكر -تبارك وتعالى- تمام نعمه على عبيده، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم، يأوون إليها ويستترون، وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع". فالمؤمن مكلف من الله -عز وجل- بهداية أهله وإصلاح بيته، كما هو مكلف بهداية نفسه وإصلاح قلبه، نحن نعلم أن أول واجبات المسلم أن يوجه أهله إلى أداء الفرائض التي تصلهم بالله، وما أروع الحياة في ظلال بيت أهله كلهم يتجهون إلى الله، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ (التحريم: 6). ومن هنا نقول: إن الدوافع إلى إصلاح البيوت كثيرة، من أهمها: أن في هذه الآية يأمر الله -عز وجل- عباده المؤمنين بأن يؤدوا واجبهم في بيوتهم، من التربية والتوجيه والتذكير؛ ليقوا أنفسهم وأهليهم النار. أن رب البيت مسئول عن الرعية التي تحت يده، يقول -صلى الله عليه وسلم-: )إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه: أحفظ ذلك أم ضيعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته(. ومن الدوافع أن البيت هو المكان لحفظ النفس، والسلامة من الشرور وكفها عن الناس، وهو الملجأ الشرعي عند الفتنة، يقول -صلى الله عليه وسلم-: )طوبى لمن ملك لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته(، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: )خمس من فعل منهن كان ضامنا على الله: من عاد مريضًا، أو خرج غازيًا، أو دخل على إمامه يريد تعزيره وتوقيره، أو قعد في بيته فسلم الناس منه وسلم من الناس(. وقال -صلى الله عليه وسلم-: )سلامة الرجل من الفتنة أن يلزم بيته(. وهناك فائدة عظيمة لصلاح البيت، حيث إنه الملجأ عندما لا يستطيع أن يغير كثيرًا من المنكرات، وهو أيضًا ملجأ من كل عمل محرم، سواء في نفسه أو أهله. وكذلك أن الناس يقضون أكثر أوقاتهم في الغالب داخل بيوتهم، ولا بد من صرف الأوقات في الطاعات، وإلا ستضيع في المحرمات. ومن أهم الدوافع على الإطلاق أن الاهتمام بالبيت هو الوسيلة الكبيرة لبناء المجتمع المسلم، فإن المجتمع يتكون من بيوت هي لبناته، والبيوت أحياء، والأحياء مجتمع، فلو صلحت اللبنة لكان مجتمعًا قويًّا بأحكام الله، صامدًا في وجه أعداء الله، يشع الخير ولا ينفذ إليه شر. وبصلاح البيوت يخرج لنا الداعية القدوة، وطالب العلم، والمجاهد الصادق، والزوجة الصالحة، والأم المربية، وبقية المصلحين. وهذا الموضوع ذو أهمية عظيمة؛ يجب علينا كمصلحين أن نهتم به ونركز على أهم أسباب الإصلاح، ومن أقوى وأعظم الأسباب: 1. الزوجة الصالحة، حيث وجهنا ديننا الحنيف إلى حسن اختيار المرأة الصالحة، فهي خير معين على تكوين بيت صالح يسد ثغرًا من ثغور المسلمين، يقول الله -عز وجل-: ﴿ وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ﴾ [سورة النور الآية 32]. ينبغي على صاحب البيت انتقاء الزوجة الصالحة بالشروط الآتية: 1. " تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجملها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك " متفق عليه، ويقول أيضًا: )الدنيا كلها متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة( رواه مسلم. 2. تعليم أهل البيت الدين وما يتعلق بالبيوت من أحكام شرعية، قال البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه: (باب تعليم الرجل أمته وأهله)، ثم ساق حديثه -صلى الله عليه وسلم-: )ثلاثة لهم أجران: ... ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها، فله أجران (. قال ابن حجر -رحمه الله- في شرح الحديث: مطابقة الحديث للترجمة -أي عنوان الباب- في الأمة بالنص، وفي الأهل بالقياس، إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسنن رسوله آكد من الاعتناء بالإماء. وفي غمرة مشاغل الرجل ووظيفته وارتباطاته قد يغفل عن تفريغ نفسه لتعليم أهله، فمن الحلول لهذا أن يخصص يومًا يجعله موعدًا عامًّا لأهل البيت، وحتى غيرهم من الأقرباء، لعقد مجلس علم في البيت، ويعلم الجميع بهذا الموعد، فينضبط حضورهم فيه، ويتشجعوا لإتيانه، ويصبح ملزمًا أمامهم وعند نفسه بالحضور، وإليك ما حصل منه -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشأن. 3. أن يكون البيت عامرًا بالذكر، حيث وردت أحاديث تدل على مكانة الذكر في حياتنا اليومية، ومن ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: )مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه، مثل الحي والميت (. 4. جعل البيت مكانًا للعبادة، وخاصة في حال الاستضعاف. ضرورة وجود مكتبة في البيت، سواء المقروءة أو الصوتية، وليس بشرط أن تكون كبيرة؛ فالعبرة بالكتب الموجودة فيها. 5. حفظ أسرار البيوت: وهذا يشمل أمورًا منها: - عدم نشر أسرار الاستمتاع. - عدم تسريب الخلافات الزوجية. - عدم البوح بأي خصوصية يكون إظهارها ضرر بالبيت أو أحد أفراده. فأما المسألة الأولى فدليل تحريمه قوله -صلى الله عليه وسلم-: )إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها( (رواه مسلم 4/157). ومعنى يفضي: أي يصل إليها بالمباشرة والمجامعة كما في قوله تعالى: ﴿وقد أفضى بعضكم إلى بعض ﴾ [سورة النساء الآية 21]. 6. التخلق بخلق الرفق، فأمره عظيم وقد دل حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- على هذا: )إذا أراد الله -عز وجل- بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق( رواه الإمام أحمد في المسند، فالرفق نافع جدًّا بين الزوجين، ومع الأولاد، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف كما قال -صلى الله عليه وسلم-: )إن الله يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه( رواه مسلم. 7. مساعدة ومعاونة أهل البيت في عمل البيت، كثير من الرجال يأنفون من العمل البيتي، وبعضهم يعتقد أن مما ينقص من قدره ومنزلته أن يخوض مع أهل البيت في مهنتهم. فأما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد كان )يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم ( رواه الإمام أحمد في المسند. 8. اختيار الجار ذو الصفات الحسنة، فالجار في عصرنا له مزيد من التأثير على جاره، بفعل تقارب المساكن، وتجمع الناس في البنايات والشقق، والمجمعات السكنية. وقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أربع من السعادة، وذكر منها: الجار الصالح، وأخبر عن أربع من الشقاء وذكر منها: الجار السوء. رواه أبو نعيم في الحلية. ولخطر هذا الأخير كان -صلى الله عليه وسلم- يتعوذ منه في دعائه فيقول: )اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة -أي الذي يجاورك في مكان ثابت- فإن جار البادية يتحول ( رواه الحاكم. مما ينور بيوتنا ويجعل فيها الخير والبركة ويبعدها عنها الشياطين ما يلي: 1ـ قراءة سورة البقرة، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن البيت الذي تقرأ فيه لا يدخله شيطان. 2ـ الإكثار من صلاة النافلة. 3ـ الإكثار من تلاوة القرآن وذكر الله تعالى عمومًا، وخصوصًا أذكار الصباح والمساء، ودخول المنزل والخروج منه، ونحوها. 4ـ الحرص على عدم وجود منكرات داخل البيت أو أشياء محرمة كمشاهدة الأفلام الخليعة، أو صور يحرم نظرها. وإذا كان البيت عامرًا بذكر الله تعالى، خاليًا من المحرمات والمنكرات، مع اتصاف أهله بالاستقامة على أوامر الله تعالى، فستصلح كل أموره، ويكون مباركا على أهله ويعيشون في سعادة ووئام. |
#14
|
||||
|
||||
![]() دور الأسرة في إكساب القيم التربوية
إعداد: تهاني عبد الرحمن الأسرة هي الخلية الأولى التي يفتح الطفل عينيه عليها، وتأثيرها عليه يلعب دورا كبيرا في توجيهه وتكوينه، وبالقدر الذي تقدمه الأسرة للطفل من مميزات تربوية بقدر ما يكون وينمو ويواجه المجتمع بمشكلاته العريضة. فالأب والأم هما حجر الأساس فاستعداد الأبوين لبذل الجهد التربوي، وإضفاء القدر المناسب لتنمية الطفل له أبلغ الأثر في تشكيله وتنميته، فالوراثة والبيئة لهما أبلغ الأثر في تشكيل شخصيته، وتسير الوراثة إلى الخصائص والاستعدادات الفطرية للكائن البشري، والبيئة تسير إلى مجموعة العوامل الخارجية التي تؤثر في الكائن البشري منذ بداية تكوينه وهو جنين في بطن أمه إلى أن يولد ويترعرع ويشتد عوده إلى آخر حياته. تستطيع الأسرة بما لها من رصيد ثقافي ضخم، وما تملكه من قيم تربوية أن تكسب الطفل وتوجهه لاكتساب التراث الثقافي والقيم التربوية التي يعايشها ومن أهمها الصدق والأمانة. ولكل أسرة طريقتها الخاصة في تحديد القواعد التربوية وتطبيقها، فبعض الأهل أقل تشددا من غيرهم الذين يحاولون إعادة تطبيق النظام الذي ورثوه عن أهلهم. التربية ليست المقياس الذي يميز الأهل الجيدين عن الأهل السيئين، إنما هي سلسلة متتابعة من الأنظمة والقواعد والأصول تنتقل من جيل إلى جيل وتندرج في سياق التاريخ العائلي ولكل شخص تفسيرها بطريقته. تشكل القيم الإيمانية والقيم الأخلاقية اللبنات الأساسية في حياة الأفراد والأسر، يقصد بالقيم الإيمانية أنها المبادئ والأحكام والأصول الثابتة التي تحكم عقيدة المسلم، وتمثل الدستور الذي يحكم علاقته بربه، ويعتبر الالتزام بها من دليل الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وبملائكته، وكتبه، ورسله واليوم الآخر، وبالقضاء خيره وشره، وهذه القيم من الثوابت التي لا تتغير مع تغير الزمان والمكان ويجب أن يربى الطفل عليها وتظل معه حتى الموت. ويقصد بالقيم الأخلاقية السجية أو العادات الفطرية السوية الحسنة التي ترافق الإنسان في أعماله وتصرفاته وعلاقاته مع الناس، وتعتبر الأخلاق الإسلامية من الثوابت، وتنمى في ضوء القيم الإيمانية، وهى قرينتها في المجال التربوي، فالقيم الإيمانية الصادقة تقود إلى قيم أخلاقية حسنة. فما هي السن المناسبة التي تغرس فيها القيم الصالحة والأخلاق الحميدة؟ إن السنوات الست الأولى من عمر الطفل هي الأمثل لغرس القيم الصالحة مثل الصدق والأمانة والاستقامة والرضا بقضاء الله وقدره،.... وغيرها الكثير من القيم. ويجب المداومة على تأكيد هذه القيم والأخلاق والمفاهيم ولا نملّ من التأكيد المتكرر عليها، فيجب على الوالدين أن يجعلا من أنفسهما قدوة فيها، فالأخلاق لا تكتسب بالنصائح العابرة، بل بالتهذيب والتدريب المستمر وبكثير من الصبر والجهد والوقت. أن نربي أولادنا يعني أن نوفر لهم الوقت اللازم، ونحفزهم فيما يتعلق بمستقبلهم، ونجعلهم يحبون الحياة مع تلقينهم الأخطار التي قد تعترض مسيرتهم من دون قطع سبيل التواصل معهم. إن الله عز وجل فطر بني آدم على قيم موحدة مثل الشجاعة والكرم والصبر والبر والقوة والمال والتعاطف والتسامح وغيرها كلها قيم موحدة بين البشر ولها قيمة عالية جدا فمن النادر أن تجد من لا يهتم لها. فكيف تكون عائلة أفضل قيما من عائلة أخرى؟ هناك أمران أساسيان: الأول: إيمان الأسرة بمبادئ وقيم لا تؤمن بها أسر أخرى، فالأسرة المسلمة تؤمن بالله سبحانه وتعالى وباليوم الآخر، وتحمل في نفسها مشاعر العبودية والإذعان لله تعالى، ولها نظرة خاصة تجاه الطهارة والعورة والعلاقة بين ال***ين، وتجاه المأكولات والمشروبات، وهذا كله يؤثر في مسار حياتها. ثانيا: سُلّم القيم ودرجة الاهتمام، وهذا هو الشيء الأساسي الذي يصنع الفرق بين كثير من الأفراد والأسر. إن الحب شرط أساسي في تربية الطفل المسلم، بل توصل بعض الباحثين في هذا المجال إلى أن أهم العوامل التي تساعد الطفل على الطاعة والالتزام بالقيم هي الحب والحنان الذي يشعر به الطفل من كل أفراد الأسرة، ومنبع هذا الحب هما الوالدان فحب الأطفال للوالدين هو رد فعل لحب الوالدين لهما، بل إن هذا الحب هو ما يعين الطفل على استيعاب القيم وهو يوفر المناخ الملائم للنمو الخلقي في النفس. قيم الأسرة المسلمة مستمدة من عقيدتها وأحكام شريعتها: فالرسول صلى الله عليه وسلم قد أكد في أكثر من أمر، وأكثر من وصية ضرورةالعناية بالأولاد، ووجوب القيام بأمرهم، والاهتمام بتربيتهم.قال صلى الله عليه وسلم: )أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم (. هذه بعض القيم التي يجب على الأسرة الانتباه إليها والاهتمام بها: § نية الخير، والحرص على نقاء سرائرنا. نية الخير تعني حبه، وتعني التطلع إليه، والطموح إلى تحقيقه، والتطلع إلى الخير يدل على خيرية المتطلع وكرمه ونبله، وإن ذلك يشكل شيئا أساسيا في حياة الأسرة المسلمة. المسلم يعمل الخير، ويمضي في طريقه، فإذا لم تساعده الظروف، فإنه ينويه، ويسأل الله أن يهيئ له السبيل إليه، فيكون له أجر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: )فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة (. إلى جانب ذلك لا بد من تطهر القلب من الرياء والحسد وسوء الظن، فيجب أن نجل العفو والصفح والمسامحة منهجا بالتعامل مع كل مسلم، يقول صلى الله عليه وسلم: )لا تحاسدوا ولا تباغضوا، ولا تناجشوا.....(. § التطوع، فهناك أحاديث كثيرة تشير إلى أشكال التطوع الذي يجب أن نغرسه في أبنائنا، مثل: o إماطة الأذى عن الطريق. o الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. o التبسم في وجوه من نقابلهم، والمبادرة بإلقاء السلام. o التبكير إلى المسجد. o صلة الرحم. § المروءة وسمو الذات، إن الأخلاق والأفعال التي ترفع الإنسان ليكون من أصحاب المروءة والسمو الشخصي كثيرة جدا، نذكر بعضها: o ترك المرء التدخل في الأمور التي لا تعنيه، قال صلى الله عليه وسلم: )من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه(. o قلة المزاح، وعدم الإسراف في مباسطة الناس. o نظافة البدن وطيب الرائحة والعناية بالمظهر. o التأدب بآداب الطعام مثل عدم الإسراف في الأكل، والأكل مما يليه... وغيرها. § الصدق في كلامنا: فالصدق من أعظم القيم، وهو أساس متين. قال عليه الصلاة والسلام: )عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق، ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا(. فيجب على الأسرة أن يصدق الكبار أولا فيما يتحدثون، حتى يعرف الصغار فضيلة الصدق وخطورة الكذب. § النظام داخل الأسرة، إن اتفاق الأبوين على نظام معين داخل الأسرة مثل تناول الطعام، النوم والاستيقاظ، الدراسة، مشاهدة التلفزيون، ضروري لجميع الأسرة، فلو تأملنا الأسر المفككة لوجدنا أن عدم وعي الأبوين بأهمية النظام داخل الأسرة، بالإضافة إلى فقدان الأسرة للروح الجماعية، مما يؤدي إلى انتشار الفوضى. § من أهم القيم أيضا الارتقاء بلغتنا، البعد عن اللعن والسب والشتم، مخاطبة الأبناء بأحب الأسماء إليهم، عدم التشبيه بالحيوان، تجنب الغيبة والنميمة، هجر الكلام الفاحش والبذيء.......... وغيرها. إن الصغار يكتسبون اللغة على فترة طويلة فيجب أن لا يملّ الأهل من توجيههم وإرشادهم وتصحيح أخطائهم. تلك هي بعض القيم التي تغرسها الأسرة في أبنائهم منذ نعومة أظافرهم. ولكن هل هناك معوقات حالت بين الأسرة وبين تحقيق الأهداف بما يحقق إكساب الطفل القيم التربوية؟؟ الحديث عن معوقات إكساب القيم التربوية في الجزء الثاني بإذن الله. المراجع: - (كيف تربي طفلك) أ.د محمد علي المرصفي. - (110 نصائح لتربية طفل صالح) مجاهد مأمون ديرانية. - (مسار الأسرة) أ.د عبد الكريم بكار. |
#15
|
||||
|
||||
![]() معوقات إكساب القيم التربوية للطفل إعداد: تهاني عبد الرحمن لا شك أن الإنسان يأخذ ويتعلم من أسرته وأبويه كل القيم والأخلاق الحميدة، ثم من زملائه وبيئته، قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾[سورة النحل آية: 78]وقال -صلى الله عليه وسلم-: )كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه(. والإسلام في دعوته إلى تحمل المسئوليات، حمل الآباء والأمهات مسئولية كبرى في تربية الأبناء، وإعدادهم الإعداد الكامل لحمل أعباء الحياة، وتهددهم بالعذاب الأكبر إذا فرطوا وقصروا، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [سورة التحريم آية: 6]، وقال عليه الصلاة والسلام في تحمل الأهل المسئولية: ).... والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها....(. فالأم في تحمل المسئولية كالأب، بل مسئوليتها أهم وأخطر، باعتبار أنها ملازمة لأبنائها منذ الولادة وحتى يكبروا ويترعرعوا. فعندما يتخلى الوالدان أو أحدهما عن واجبه تجاه أبنائه في تنشئتهم وتربيتهم، فحتما سيؤدي إلى انحراف الأبناء وفساد خلقهم، فهذا يعتبر من أهم المعوقات في إكساب القيم التربوية للأبناء. والحديث في معوقات إكساب القيم طويل ولكن سنذكر بعضها والأكثر انتشارا بين الأسر وهي: · تقصير الأم في الواجب التربوي نحو أولادها، لانشغالها مع معارفها وصديقاتها واستقبال ضيوفها، وخروجها من بيتها، فهي كما ذكرت أكثر مسئولية على أبنائها قال عليه الصلاة والسلام: )... والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها....(. · غياب الأب لفترات طويلة عن المنزل: فالحياة مليئة بالضغوط على رب الأسرة، وذلك لبذل الجهد لتغطية متطلبات الحياة الأمر الذي أدى إلى غياب الآباء عن المنزل لفترة طويلة. فإن العبء يزداد على الأم التي بطبعها كائن ضعيف رقيقة الإحساس والمشاعر، ولا تستطيع أن تواجه الكثير من مشكلات الأطفال وحدها، فيظهر الضعف والميوعة في الأبناء وهذا يترتب عليه نتائج وخيمة. · الاعتماد على الخدم في تربية الأبناء في حال الخروج للعمل.فخدم المنازل يأتون من بيئات تختلف اختلافا كليا عن بيئتنا الإسلامية بعاداتها وتقاليدها وأحكامها الشرعية. ومما يزيد الأسف على أبناء هذه الأسرة إذا كانت الخادمة غير مسلمة لها دينها الذي تتبعه في أي وقت ومكان. · بسبب غياب الأب وانشغال الأم فإن بعض الأسر يتركون دور التربية وإكساب القيم التربوية إلى المدرسة ليتعلموا منها كل شيء. · وسائل الإعلام بشتى أنواعها، والقنوات الفضائية وما تقدمه من دروس مجانية في الغزو الفكري المدمر والجريمة بأنواعها. · المشاكل الزوجية وعدم توافق الوالدين يؤثر في تلقين الأبناء القيم التربوية. · التناقض والازدواجية عند الآباء والأمهات من قيمة إلى أخرى، كأن يتبع الأب أسلوب الكذب على أبنائه وهو ينهاهم عنه، فهذا يؤثر على تفكيرهم حيث يُحدث عندهم نوعا من الاختلاط والتشتت. فكيف لهذا الابن أن يميز بين الصحيح والخاطئ؟ لماذا حُرم من شيء في حين أبواه يفعلانه. ولله دره من قال: ليس اليتيم من انتهى أبواه من الحياة وخلفاه ذليلا إن اليتيـم هـو الـذي تلقـى له أما تخلت أو أبا مشغولا فلا شك أن الأبناء ينشئون نشأة اليتامى، ويعيشون عيشة المشردين، بل سيكونون سبب فساد، وأداة إجرام للأمة بأسرها.
فماذا ننتظر من أولاد آباؤهم وأمهاتهم على هذه الحال من الإهمال والتقصير؟! فلا ننتظر منهم إلا الانحراف، لانشغال الأم عن تربية أبنائها، وإهمال الأب في تأديبه ومراقبته. المراجع: - (كيف تربي طفلك) أ.د محمد علي المرصفي. - (استراتيجيات التربية الأسرية في الإسلام) لجنة البحوث والدراسات. - (أولادنا من الطفولة إلى الشباب). آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 22-11-2012 الساعة 03:24 PM |
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الاسلام, دين, نبينا |
|
|