#166
|
|||
|
|||
قصة.ط. قرب الأبد
ظهري يدمر عمري ، يقترح الألم زيارة طبيب عظام . أنوي أخذ الأمر بجدية بعد الفراغ من صلاة المغرب.. حقاً لا أدري كيف يختفي الوجع في حنايا الصلاة ، لكنه ما حصل ... أؤجل زيارة الطبيب لوقت آخر. لكن الوجع يتجدد كل حين ... لذلك تتجدد الصلاة. ********************
|
#167
|
|||
|
|||
إلى من آذتهم صلابة الصخور ، متناسين أننا نستند إليها :
(ابقي على اتصال و أعذري تقصيري)
كتبتُها على استحياء ، مؤكد سيقطع تكاسلي علاقتي بالبشر. (لن أدعك و شأنكو لن أكل و لن أمل باذن الله من الاطمئنان عليك.دمت بكل الود و الحب.. لا تحرمينا الدعاء). طالعني ردها في مجلد رسائلي. بريق أمل يشع من ثنايا الجسد الفاني دعوة تتجدد لرب العالمين : ربنا أفرغ علينا صبراً و ثبت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه. اللهم آمين. ********************** |
#168
|
|||
|
|||
إنذار
حي على الصلاة ، تصل عقلي دعوة المؤذن لصلاة العصر و أنا أصب الماء المغلي في كوب الشاي. سأشربه بينما أطالع نهاية المسلسل الأجنبي ، ينتهي بعد عدة دقائق يخبرنا فيها المحقق كيف استنبط أمر القاتل بالدليل المعملي و العقلي .. ثم أقوم لصلاة العصر.
يتطاير الماء المغلي من الغلاية و يحط على ثيابي ، من فضل الله أن الماء يبرد قبل أن يصيبني! أترك ما بيداي و أتجه للمصلى ، يمر ببالي أن أغير ثيابي المبتلة ، لا ، قال حي على الصلاة ، أي جزء من ذلك لم تفهمي؟ |
#169
|
|||
|
|||
ربي اجعلني مقيم الصلاة و من ذريتي ربنا و تقبل دعاء.
فيم أكتب تالياً؟
تهمس الصلاة في صدري فهماً راقياً ، تخيلي كم من الحسنات في حي على الصلاة بأمزجة متنوعة و مذاقات مختلفة! الكسل يوحي بالقعود. حالياً يتنازعان.. ********************** تذكرة لمجهد تنسيه أعباء الحياة التزود بماء الصلاة الذي جعل الله منه كل شيء حي. أتساءل مجدداً عن مدى كلماتي ؟ على من تقع و كيف تؤثر في البشر؟ يسول لي القلق أن أمحو ما كتبت قبل الضغط على زر أضف رد ، فأنهره ، أسئلة فضول لا خير في إجابتها. ********************** ينادي فجر اليوم للصلاة فيجيبه الجسد على ثقل ، أصلي و أنام مجدداً أما نداء العمل ، لا لن أجيبه ، لا أبالي . فقط ذاك الذي يذكرني في آخر لحظة بما هو مهم ، ابني أختي ، علي إيصالهما للمدرسة و إحضارهما منها اليوم . أسرع إلى المطبخ ، فأخفق اللبن و العسل انتظاراً لطرقاتهما على بابي ، ألقي عليهما سؤالاً عابراً بينما يشربان اللبن : هل صليتما الفجر؟ انتظر أن تهمل إجابتاهما السؤال ، أو أن يؤلف الكذب لحن نشاز لا يسيغه عقلي. لكن اليوم مختلف ، لقي سؤالي محط إحترامهما و قاما فصليا. ********************** الظهر إذ أذن ، وجدني أتساءل لماذا لا يقطع البشر هموم الدنيا بحد الصلاة ؟ كيف اختفت في ****يب الدنيا فجثم الهم على الصدور إلا قليلاً ممن رحم ربي؟ في المصلى ، تنتظم عدة مدرسات لصلاة الجماعة فانضم إليهن و أكمل الفرض بالسنن فتكتمل في النفس لحظة هناء. أنظر لساعتي ، حان وقت فسحة الصلاة الذي تنتظم فيه طالبات الصف الأول الإعدادي لصلاة الظهر جماعة. أصعد للدور الثالث ، حيث جو اللعب يثير الفوضى ، ما اعتادته الفتيات ، لا ينتظمن في الصف و لا يطعن مدرسة القرآن ، أما ختم الصلاة فيحل التنطيط و الحديث المتسارع محله ثم الخلاف على دخول الفصول لإستكمال الدراسة. كثيراً ما يضيع الخشوع حق الصلاة ، يخفت ذكر الله . اليوم ناولتني العزيمة يداً نظمت بها صلاة الفتيات على خير حال . أشرت لهن بعد التسليم أن يختمن الصلاة، فأكملن التسبيح و التحميد و التكبير في خشوع. انتهى الذكر و السكينة في الأنحاء . أبتسم لهن واحدة تلو أخرى : تقبل الله ، و أناولهن قطع الحلوى ، تأخذ أجرأهن كيس الحلوى و تقتسمه مع زميلاتها و هن يسرعن للفصول. أناول مدرسة القرآن قطعة حلوى و ابتسم لها ، أرطب جوا يختنق بالزحام و الضيق و الزهق قرب نهاية اليوم الدراسي. في حجرة المدرسات أزيح الشعث و أعزم عقدة المقرأة فنقرأ عدة صفحات من سورة البقرة. أداوي بها زحام يعرقل خطوات البشر عودة للبيوت. تُـنسي الكراسات مدرسة صلاة الظهر فيذكرها القرآن ، تؤديها قبيل الإنصراف تجاه العصر. في طريقي للبيت، تطمع نفسي في حسنات كثيرة جزاء تذكير البشر بالصلاة ، خير بدأته دعوة للصلاة في الليلة الماضية! |
#170
|
|||
|
|||
و ما يعلم جنود ربك إلا هو
شدّد مدير المدرسة الأسبوع الماضي على المتابعة الأسبوعية لتصويب الكراسات ، لابد من التأكد أن الإجابة القويمة في حوزة كل طالب استعداداً للتقويم الشهري.
أمر ليس بعسير من وجهة نظر المدير ، ما على رئيس القسم سوى إحضار قائمة بأسماء الطلاب و التأكد أن كل كراسة مصححة بشكل منهجي ، و أن الدروس مدونة بتواريخ معينة ، سؤالاً و إجابة. لماذا أمر الرجال يسر لا تعرقله تلك الحواشي التي تعترض طريقي؟ تلك السيطرة التي يلقون بها أوامرهم في ثقة على ناصية وقتي توحي لي بضخامة حجمهم إلى حجمي الضئيل! طيب ، ليكن . عودة إلى ساحة العمل لتنفيذ الخطة المطلوبة ، أحصل على قوائم بأسماء الطالبات و أصمم ورقة للمتابعة بالشكل المطلوب و أكتبها على الحاسب و من ثم للطابعة ، أجمع الكراسات كي أقوم بتنفيذ المهمة المطلوبة فيصدني الكثير: في كل كراسة رسالة من صاحبتها : أنا مميزة فلا تتجاهلي وجودي لأنك قررت أن الأمور كمالها ما هو متناول يدك يا مدرستي مهما يكن حالي! و هناك من تستعين بالكتاب الخارجي للمذاكرة ، لماذا إذاً عناء الكتابة؟ و من تغيب لأجل البطولات الرياضية ، الزمن الحالي له متطلباته و تراكم ما مضى ليس أحد مسؤلياته! و تلك التي لا تحب المدرسة ، تغيب لشتى الأعذار فيجد أحدهم من الطب لها عذراً للبقاء في المنزل ، هناك حيث برنامج دراسي لا يتوافق مع ذاك المدرسي و إن كان يصب في مجرى الإمتحان في النهاية . أما المدرسات فحدث و لاحرج ، لا يملأ عمل الكراسات الميكانيكي عقولهن ، يشغلهن الحديث عن أبنائهن. تركن أبناءهن في المدرسة و أحضرن القلق على مستقبل الأبناء إلى العمل! و هناك من المدرسات من تسرّي عن نفسها بالمزاح و لابد أن تشارك المرح من حولها! ثم إن الوقت لم يكفِ لتسجيل أسماء صاحبات الكراسات المتقنة . و إذ تعود الكراسات للطالبات ، تغيب الكراسة الناقصة في غياهب الكراسات الكاملة ، يلتحف البعض بالبعض ، تشابهت من أفلحت مع من لم تفعل. و كلما اتفقنا أن نوجه رسالة تحذير لمن لم تكمل دروسها من الطالبات ، ظهرت من المدرسات من تلتمس من الأعذار ألوانا كي تنقض الإتفاق. المدرسة التي تصحح الكراسات كيفما اتفق ، لن تتابع الطالبات كما اتفقنا ، أقوى المطروح في سوق الأعذار هذه الأيام هو عدم إغضاب الطالبات و إثارة إستيائهن بذكر الكراسة المنقوصة. عذر تلتحف به بعض المدرسات تخففاً من أعباء التصحيح المملة و التفاتاً لما هو أكثر إثارة و ربح : حلم الغنى بتدريس الثانوية العامة . أمر يلتهم الوقت المخصص لتحضير دروس الفصول الإعدادية بشكل أكفأ ، يتململ منه البعض رغم أنه عملها الذي أحضرها صباحاً لهذا المكان. أما المشاعر و الحديث عنها فهي صلب كل المواضيع يستقطع من الوقت نصيباً وافراً و حين يحضر العمل يجد من الوقت فتات ، يطعمه على استحياء فيأتي العمل هزيلاً لا يسمن و لا يغني من جوع! هذا فقط بعض ما يغل يدي و هي تسجل وجود خلل في الكراسات من ناحية بعض الطالبات و خللاً مماثلاً في متابعتهن من جانب مدرساتهن. خللاً يعكس فرجة في العلاقة بين البشر جعل لهم خالقهم ملكات مختلفة فوحّد تعليم اشتراكي بينهم بطريقة مخلة ، آخى بينهم الإسلام و جعلهم عدول لكنه أمر بفرز ملكاتهم المختلفة كي يسلك كل منهم طريقه الخاص. النظام المتهالك يعطيهم جميعاً جرعة غير مشبعة من علوم محددة ، تعمى أعين الجميع عما عداها. أقله لا يلتفتون للمتغيرات الجديدة . ليس أقله تعليم خاص يبني اقتصاده من مال أولياء الأمور، وفق ميزانية مشفرة حيث الشفافية أخفى الأشياء ، وحدها البلاطة تعرف كل الأسرار. و لأن راتب المدرس حقاً من جيب ولي أمر الطالب فقد أشبه الأمر التجارة حيث زبون يدفع مقابل خدمة يتسلمها لذلك يحق له أن يوجه دفة الأمور كما يرى. و لأن البشر يحشرون الكرامة في كل خلاف فقد أسر لي الجميع ، طلبة و مدرسون و أولياء أمور أن المال أساس مشاكل المدارس الخاصة ، إليكم مثال : ولي الأمر الذي يتذرع بالشد مع أبنائه لتربيتهم ، يطالب المدرسات باستخدام الشدة معهم إذ يصيرون طلاباً و ذلك الذي يحل مشاكل أبناءه بالمال إذ تظهر في البيت ، يطالب المدرسة بالتشجيع المادي و المكافآت المالية ، إذ تهبط الروح المعنوية و روح الإنجاز عند أبنائه. ذاك الذي اعتاد أن يربي بالحرمان يود لو نحرم أبناءه مما يمتعهم و هناك كل ألوان التربية في البيوت و كل اقتراحات التربية من أولياء الأمور. و لعل بعض الحق في ما يقولون ، لكن ما يجعل حساباتهم إلى الخلل أقرب هو طبيعة النظام المغلق الذي يمثله التعليم. و النظام المغلق كما تعلمون يمتص الطاقة التي تزوده بها، تضيع بين جنباته بلا أثر ! لماذا يشغلني ما سبق؟ يكفي أن أؤدي متابعة غاية في السطحية و أن أستل نفسي منها كما الشعرة من العجين. - لأنني في بوتقة الخلاف أُصهر فيها كل يوم . بين أنحاء ذاتي ، حين أصير إليها وحدها ، أسألها لم أذنت للخلل بالدخول؟ طاقة من حولي تشد الحبل تجاه وجودهم و تسوقني في طريقهم فلا يسعني سوى التنحي حتى لا تهترىء يداي و أنا أشد في اتجاه مغاير. - تفسير سطحي ، غير مقبول ممن اعتادت أن تصنع التغيير. - قولي إذاً أنك اكتفيتِ . - لا لم أكتفِ |
#171
|
|||
|
|||
حي على الصلاة ، حي على الصلاة
يؤذن الظهر و أنا أمام شباك تجديد ترخيص السيارة في إدارة مرور القاهرة ، و قد قاربت مقدمة الصف ، أمامي رجل واحد بعد أن طال انتظاري زمناً و أنا أملأ إستمارات متنوعة ، في مكان يعج بالزحام . ينادي الآذان البشر أن اقطعوا من أمر دنياكم النزر اليسير كيما يبارك لكم فيها. لا يجيبه كثير ، يتشبث البشر بمواضعهم أمام الشباك. فالخروج من الصف لا يضمن الرجوع إليه و الداخلون أضعاف الخارجين من وحدة المرور و الموظفون شارفوا على الإنصراف من أشغالهم .
دقائق معدودة يفحص فيها الموظف ملف من يسبقني في الصف و يستلمه منه ثم يباشر ملفي ، أمر لن يستغرق خمس دقائق على الأكثر. يشغل بالي أمر الصلاة فأنا لا أعرف المنطقة و لم ألمح فيها مسجد ، كل ما عاينته كان مصلى صغير في وحدة المرور يسع عدة رجال و وحدة المرور يدخلها عدة رجال كل دقيقة. لحظات ، يتناول الموظف الملف ثم أنزل بحثاً عن مكان للصلاة . تتباطىء الحياة ، تنسحب من الأحياء ، لا يصيب التوفيق أيديهم أو ما بها! يستغرق الرجل دهراً و هو يطالع الملف الذي يسبقني ، يقلب عدة أوراق عدة مرات ثم يقلبها ثانية ، يسقط منه القلم ، يبحث عن غيره، يغزوه العطش فيذهب بحثاً عن ماء ، يعتمل الألم في ظهره فلا يناوله حركة أو سكينة. لا يوافقنا الزمن على تأجيل الصلاة فيؤجل أشغالنا . أنادي مالك الملك : ربي اجعلني مقيم الصلاة و من ذريتي ، ربنا و تقبل دعاء. يرفع الرجل رأسه من بين الأوراق و يشير إلي: أنت تعالي . ينزاح البشر الذين يتزاحمون حوله ، يستلم أوراقي و يفحصها ، - التفتي جيداً لما أقول و اذهبي أكمليه. أشكر له فضله و ألتفت للساعة فإذا هي قد تجاوزت الواحدة و الربع ظهراً، سأحضر الأوراق المطلوبة بعد أن أصلي الظهر . أدخل المصلى فأجده فارغاً ، أصلي ، تستأنف الحياة حركتها ، بسرعة فائقة أصعد و استكمل أوراقي و قد انزاح الزحام إلا قليلا ، الملف المكتمل أمام الموظف . يتناوله مني .. دقائق و تكون الرخصة الجديدة بحوزتي. |
#172
|
|||
|
|||
اللهم إني أعوذ بك من شره
حين دعاني المنبه للقيام للعمل صباحاً، لم أجبه ، أيظنني جننت كي أتيقظ في السابعة ، أواجه عالماً مستعداً للحياة بينما عضلاتي يصيبها التيبس بعجز مرير؟
وحده قدر من الإلتزام لم أعد أدري ما منبعه أيقظني على نكهة فنجان قهوة تمنيني به النفس ، مزاجها عسل و لبن على نار هادئة ، مذاقها سيبدد بعض الألم. الوضوء و الذكر لا حياة في نفسي بدونهما ، أسرع إليهما فيسكبان اليقظة في أعصابي ، أعقد النية على الخروج. أما الصلاة التي تفك عقد الشيطان من النفس، فهذه بالذات أغواني الشيطان بتأجيلها حتى أعد باقي ما يلزمني لقضاء يوم طويل بعيداً عن أمان البيت. أنوي إشعال النار فتثقل في النفس فكرة يداي ممسكتان بشعلة النار ، القهوة الساخنة تنسكب على جلدي لا في الفنجان. أما الخلاط فهذا عوضاً عن تركيبه في الموتور و تشغيله سينكسر و يتشظى آلاف القطع تنغرز بعضها في عيني دهر ، أقطع الوسوسة بغسل إناء القهوة فتداهمني الوساوس عن صحون متسخة تتراكم و أنا أغسلها زمناً لا يفنى ، أتناول مفاتيح السيارة فتثور في النفس ذكريات لا تنتهي يقطع فيها كل مار في الطريق طريقي غير مبال بوجودي يرسلني تجاه الهلاك ثم يمضي في طريقه . كفى ، يباغتني بعض الوعي ، أكبّر و أحرم في صلاة ركعتين للمولى ، تنزاح الوساوس السابقة يكتسي العالم حجمه الحقيقي ، ملك للذي خلقه ، لم يعد مخيفاً. كائناً ما كان ، بسيط ما هو مطلوب مني ، سوف أؤديه ثم عودة للبيت بإذن الله الواحد الأحد ، تأكيداً لا تعليقاً . لم يكن أيسر من ذلك. |
#173
|
|||
|
|||
استثمار
تتباطىء الدقائق تجاه الثانية و الربع ، ثلث ساعة ثم يؤذن لنا في الإنصراف من العمل و التحرك لبيوتنا. يقترب مؤشر طاقتي من الصفر ، لا شيء يمر بذهني يملأ الدقائق المتبقية. لفرط التعب أزيح من عقلي كل شغل فهو غير قابل للتنفيذ حالياً . النظام بدأ يندحر أمام جموع المدرسين و الطلاب إذ بدأت تنفك عنهم صفة الوظيفة و طلب العلم ، عادوا بشراً متنافرين في طريقهم للإنعتاق من نير العمل. أجمع بقايا وعي و ألملم ذاتي تجاه المصلى. أتذكر عدة ركعات ، سنن اعتدت أن أصليها ، شغلني عنها العمل هذه الأيام. يغل خطوتي كلمات كثيرة أخبرتني بها مدرسة فاضلة عن إفناء الذات في عمل لا يبدو أن أحداً يهتم به حالياً. في المصلى أعقد النية و أصلي ركعتين ، يعلو مؤشر الهمة درجة فألحقهما بأختين. أستخير المولى في صلاة ركعتين أخرتين ، فتكتمل الركعات عشرة مع دق جرس الإنصراف. ضوء أخضر يوقف الآخرين و يأذن لي بالمرور . أمد خطى السرعة رغم الزحام يعج في أنحاء المكان فلا يعطلني أحد. يترك لي الجميع المدى فأنطلق ، لا شيء يتباطىء الآن! يستقبلني البيت ثلث ساعة قبل الموعد الذي اعتاد وصولي. |
#174
|
|||
|
|||
مياو مياو أم عو عو؟
هذه المرة إذ عدت من عملي رأيت ليان الصغيرة و كفها الصغير في كف جدتها تمشيان سوياً . أنزل إلى الأرض على أربع و أداعبها قائلة : أنا قطة ، مياو مياو بلا تردد ، تردد صغيرتي النبيهة: عو عو ، تمد صوتها كي يبدو مخيفاً و تقطب جبينها كيما تقلد الثعلب المكار الذي يرهب الحيوانات في قصص الجدة! |
#175
|
|||
|
|||
حدس
الخلاف بين المدرسات و طلابهن على أشده اليوم فنهاية الأسبوع تجمع الثارات التي لم يحكم فيها شيخ القبيلة و تقسمها بين المتناحرين بالعدل ، ضرباً و شجاراً و زهقاً .
أما الساحة التي اعتادت الفتيات انتظار آبائهن فيها بعد انتهاء اليوم الدراسي فقد تغير نظامها و صار روادها طلاب المرحلة الإبتدائية من البنين. كمية الإزعاج الذي يمر به الأولاد في الدقائق التي تسبق انطلاقهم للبيت يعادل كم الضجيج الذي مر بهم طوال اليوم! أمام مدرسة أبناء أختي ، أرى منظراً مشابهاً لما مر خلال عقلي في مدرستي. لكن الدقائق العشرة التي تفصل المكانين كانت كافية لوضع خطة ما. الآن إذ يحط الولدين ركابهما في سيارتي ، و انطلق بهما عودة للبيت ، أشغلهما بمسابقة : الذي يحزر منكما أين أمكما الآن ، له مني خمس جنيهات! يعمل ذهن الكبير بسرعة فيقول : ذهبت تجدد رخصة سيارتها ، دقيقة ثم يتردد و يلقي في مسمعي باختيار ثاني ربما هي في السوق التجاري فليان طلبت منها أن تتنزه فيه البارحة فوعدتها بالذهاب اليوم. أو هي في السوق تشتري احتياجات البيت . إجابة الصغير الساذجة قرينة الأكبر: أقول ما قال يوسف! إذ تجافى عن عقله منطق الأمور ، لم يجد إجابة سؤالي، عقل يلقي أحكاماً في أي اتجاه و لا عليه إن لم تصب هدفاً. ذاك ما تعوده مدارس اليوم الطلاب. المعلومات المفرومة في عبوات صغيرة مجردة من معناها و سلسلة الأحداث إذ تتفكك ، يضيع السياق. و لا عليه إن لم يحفظ فأسئلة الإمتحان توحي بالإجابة و كثيراً ما لا يفهم الطالب التلميح ! أقترح أن يعيد النظر فيما قال ، و أن يتمهل قليلاً قبل أن يجيب ليتوج نجاحه بالجائزة. أخبره عن الحدس ، ما هو و كيف يعمل و كيف ينفع صاحبه و يرزق به خيراً عميماً. ثم أعيد السؤال و أسأله أن يستحضر الروية قبل الإجابة. أساعد أفكاره للوصول لصواب الإجابة ، أسأله في صوت يوحي أنه مخطىء : لماذا تظن أن أمك تجدد الرخصة؟ - لأنك جددتِ رخصتكِ ، تبادر الأمر لذهني سريعاً. يعيد النظر فيسألني كم مدة رخصة السيارة - تمتد ثلاثة سنين . - متى جددت أمي رخصة السيارة ؟ - العام الماضي . يستبعد خياره السابق و يلغيه. استمر في تفنيد إجاباته : كثيراً ما تطلب ليان الذهاب لمركز التسوق كي تلعب في قسم خاص بالألعاب فيقال لها غداً إن أذن الله كي تهدأ و تكف عن البكاء . الآن يلغي الإختيار الثاني فقد فهم أنه لا يكون. الصغير يوافق أخاه مرة أخرى. الآن وصولاً للإختيار الثالث: - اشترت أمي ما يلزم البيت من طعام البارحة لذلك فإنها لن تذهب للسوق اليوم. إذاً من المتوقع أن تكون في البيت تجهز طعام الغذاء كعادة معظم الأيام في هذه الساعة. أما الصغير فيقترح حلمه المثالي لهذا الوقت : أن تكون أمه مع ليان في الحديقة يلعبان بالأرجوحة . في البيت ، يجريان بسرعة ، يتحققان من وجود السيارة في الموقف و غياب البشر عن الحديقة و الأرجوحة. أجل هو السجن المؤبد الإنفرادي : المطبخ ، عفواً ليس انفرادياً فهو يعج بالبصل و الخضار و خيرات المولى ..الخ. بالطبع قبض مني الخمس جنيهات فوراً. |
#176
|
|||
|
|||
تأشيرة
حلمان في ليلتين متتاليتين ، أمر جديد على عقلي الذي نسي الأحلام منذ زمن . الأول طرده العقل أضغاث أحلام.
الثاني ، أدرك فيه عقلي كيان والدي رحمة الله عليه . و أدرك رسالة منه ، ينتظرني كي يقطع لي تأشيرة. لكنني جائعة في انتظار طاه غير منظور يملأ طبقي الفارغ. انتظر الطعام و ينتظرني والدي! |
#177
|
|||
|
|||
تيه
أضع إمضائي على دفاتر الدرجات فتطالعني درجات تعطيها الوزارة للطالبات باسم نشاط غير واضح المعالم، مسكّن لألم المستقبل.
ثم تمنحها المدرسات للطالبات لنشاط لا تمسكه الأيدي. المعايير غير واضحة المعالم أول طريق ضياع الحقوق في غياهب التيه. حتى الآن تبدو لي معالم الأمور باهتة بلا وضوح ، صعوداً على أول درجات التيه. |
#178
|
|||
|
|||
مال!
مستاءة هي ممن لا تبذل جهدها من الطالبات ثم تنتظر درجات جيدة ، تقول الزميلة العزيزة: المال الذي يدفعه والدها ثمناً لمصاريف المدرسة لا يشمل بند درجات مميزة!
- أضف المال لأي تركيبة و انظر كيف يحول التفاعل مسار الأمور. لذلك رفض فقهاء الإسلام العظام على مدى التاريخ أن يسوقهم أحد برباط المال في أي اتجاه ، و جعلوا قبلتهم وجه الله الكريم. |
#179
|
|||
|
|||
ربما
حين تنتابني الحاجات فإنني أسجلها في قائمة ورقية و حين تتراكم بحيث لا يصير هناك مندوحة عن الخروج فإنني أخرج لأقضيها مجتمعة. الكثير من المتاجر الصغيرة في الحي مغلق رغم أن الساعة تقترب من الثانية عشر ظهراً. أجد أجد مفتوحاً فأدلف إليه كي أصنع نسخة من مفتاح. أسأله متى يفتح المحل الذي يجاورك ؟ - ربما بعد ساعة. ركود الشغل لا يشجع على إطالة ساعات التشغيل ، أقله لا يفتح المحل بلا زبائن. - يصيب الركود الكثير من الأعمال هذه الأيام ، لكنني لست متأكدة إن كان الحل إنقاص ساعات العمل أو زيادتها. ********************** المرتب الثابت لا يقبض على ناصية أسعار تتقافز طول الوقت. أحتاج بعض الإستقرار لأحسب بدقة أكبر.أمر لم يحدث على مدى عمر طويل و لا ننتظر التغيير قريباً. لابد من القفز من واقع لا يحكمه الحساب إلى بعد جديد ، تختفي فيه حاجات اليوم التي لا تلزم من قائمة المشتروات. لم يضبط ذلك الحساب بعد. يصيبني الخلل بفزع فينقذني (إلى قدرٍ معلومٍ) المرسلات 22 *********************
|
#180
|
|||
|
|||
حديث المحاضر اليوم عن التنمية البشرية.
يقدم الرجل نفسه و يشرح علمه و يقنعنا أنه سيساعدنا كي نزيد إنتاجنا بتهيئة النفس لتجاوز العقبات و المصدات. يعلن عن ورشة تدريب تمتد لإسبوعين مقابل مبلغاً من المال. حديثه ممتع و مفيد ، مؤكد ، لكن تكاليف المعيشة في إسبوعين تكتسح راتبي فلا يبقى منه ما يكفي تكاليف الدورة! ********************* لا أحد يخلو من الموهبة ، على كل منكم أن يتحسس موهبته و يتجه إليها ، ينميها ثم يحصد كسبها المبارك. هكذا ألح علينا المحاضر.يتدلى ذهني في بئر مواهبي فيدهشه قلة الماء. يهبط لعمق أكبر فيلمح قطعة حجر صغيرة على القاع ، يتناولها و يفركها ، فتسفر عن ذهب التنظيم . أول درجات الرقي في سلم الإجادة. يلمح غير بعيد من الأول بصيرة تضيء طريقاً تمضي فيه الخطى. *********************
|
العلامات المرجعية |
|
|