#166
|
||||
|
||||
الثورات العربية من الانتفاضة إلى الديمقراطية
الدروس العشر الثورات العربية من الانتفاضة إلى الديمقراطية جان بيير فيليو عرض: محمد مسعد العربي - باحث بمكتبة الإسكندرية. أثارت انتفاضات الربيع العربي الرغبة لدى الكثيرين من الأكاديميين الغربيين في إعادة اكتشاف السياسة والمجتمع في المنطقة العربية؛ إذ إن هذه الثورات قد مثلت تحديًا لدى الأكاديميات الغربية، وفيما يتعلق بمسلماتها حول دراسة المجتمعات العربية. ومن بين الأعمال المبكرة التي حاولت استكشاف هذه الظاهرة كتاب الأكاديمي الفرنسي جان بيير فيليو "الثورة العربية: عشرة دروس مستفادة من الانتفاضة الديمقراطية". انتهى فيليو من هذا العمل الهام في إبريل 2011، أي بعد أشهر معدودة من بدء شرارة الربيع العربي بالانتفاضة في تونس ديسمبر 2010 وهروب بن علي (يناير 2011)، ثم بوصولها إلى مصر واندلاع انتفاضة يناير وسقوط حسني مبارك (فبراير من العام ذاته) ثم انتقال شرارة الثورة إلى اليمن وليبيا والبحرين وسوريا على التوالي، ونشوب اضطرابات في الأردن وغيرها من البلدان العربية. وربما تكون الأحكام التي خرج بها الكتاب تمثل حكمًا متسرعًا على ظاهرة لا تزال تتشكل، غير أن فيليو أفاد كثيرًا من خبرته في دراسة المنطقة العربية؛ حيث يعمل أستاذًا لدراسات الشرق الأوسط في جامعة باريس، وجامعة كولومبيا الأمريكية، وله العديد من الكتب والمقالات حول المنطقة. فقد جاء الكتاب ليمزج بين الدراسة الأكاديمية والحس الصحفي، والتوصيات السياسية. يحاول فيليو في كتابه أن يعيد ترتيب قواعد فهم المنطقة العربية، باستخلاصه لدروس يقدم بها إطارًا نظريًّا لتفسير الظاهرة الجديدة في العالم وهي الثورة العربية التي طغى مسمى "الربيع العربي" عليها. وترتكز هذه الدروس التي تشكل فصول الكتاب العشر رصدًا للتحولات التي ألمت بالمجتمع والسياسة في العالم العربي، وخاصة في الفترة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ حيث شكل عالم ما بعد الثانئية القطبية، وتبلور العولمة، والهجرة، والانفجار المعلوماتي، وكذلك الحرب على الإرهاب، وغيرها من العوامل التي ساهمت في صناعة هذه التحولات. ويرى فيليو أن الثورة العربية تمثل ختامًا لفترة تاريخية بدأت بأحداث 11/9 وتركت علامات سيئة على العالم العربي، وبالتالي يستند فيليو في رصده هذا إلى فرض أساسي وهو اعتبار أن العالم العربي جزء من النظام العالمي، ولا يشكل استثناء في مسار التحول الديمقراطي. نقد الاستثنائية العربية بنقد "الاستثنائية العربية Arab Exceptioalism" والتي روجت لها كثيرًا الأكاديميات ومراكز صنع القرار الغربية، ومفادها أن الثقافة العربية تعد استثناءً في التحول نحو الديمقراطية لأمور تتعلق بثقافة العرب ودينهم وطبيعة تكوينهم الفكري. ويقول فيليو: "خلال العقود الماضية، دائمًا ما أشير إلى العرب باعتبارهم حالة فريدة فيما يتعلق بالنقاش العالمي حول الديمقراطية، هذه المعاملة الخاصة للعرب لم تكن تشريفًا لهم؛ بل باعتبارهم شيئًا خارج المألوف، ضائعًا يهيم بين المحيط الأطلنطي والخليج حيث يفترض أن يكون هؤلاء العرب جزءا من جماعة أكبر هي الأمة". وكثير من الأعمال حاولت أن تفسر لماذا ترزح البلدان العربية دون غيرها من دول العالم تحت حكم الدكتاتوريات، يؤكد فيليو في أول فصلين أو درسين يستمدهما من الثورة العربية أن الثقافة العربية أو الدين الإسلامي لا يعدان سندًا في تفسير هذا، كما تستند الرؤية الاستشراقية في تفسيرها للحكم الدكتاتوري في العالم العربي. ويؤكد أن الانتفاضات "الديمقراطية" تثبت أن العرب لا يشكلون استثناءً، فهم كغيرهم يريدون الحرية، والديمقراطية، والعيش الكريم. ويرى أن "الثورة" تتحقق بهذا المعنى رغم أنها لم تكتمل على الأرض، فالانتفاضات التي اندلعت حتى وقت الانتهاء من الكتاب كان بعضها في حالة مخاض، بينما اكتفت في مصر وتونس بخلع رأس الدولة دونما الاتجاه إلى إحداث تحولات عميقة في بنية الدولة والمجتمع. ويرى أن نشوب هذه "الثورة" يعد دليلا قاطعًا على عدم قدرة المسلمات الأكاديمية على التنبؤ بما تمور به المنطقة من تحولات. شكَّل نقد الاستثنائية العربية محور الفصل أو الدرس الأول، فيما أكد في الفصل الثاني أن فهم المسلمين -ومنهم العرب- لا يمكن فقط بإدراكنا أنهم مسلمون، فهناك اختلافات شاسعة داخل هذا الكيان المصمت الذي يراه الغرب واحدًا، ويقول إنه ربما من النتائج السيئة التي عززتها أحداث سبتمبر هو حالة تنميط الآخر، خاصة المسلم؛ حيث تمت المطابقة بينه وبين الجهادي الإسلامي. وينكر هذا التنميط الكثير من الحقائق والعوامل التي ساهمت في تشكيل الشعوب التي تصادف وكانت مسلمة، كما أنها تجعل شن الحرب على الجهاديين أولوية عاجلة بدلا من المساهمة في الإصلاح الاقتصادي والسياسي لهذه الشعوب. يبرهن فيليو على أن الشعوب العربية والإسلامية قد مرت بتحولات وانتقالات كبرى عبر تاريخها منذ عهد الحرب العالمية الأولى والثورة العربية الكبرى حتى وقتنا الحالي، فقد كان حلم تقرير المصير، ثم التوحد القومي، والتحرر الوطني، ثم تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية أحلامًا تقود هذه الشعوب في نضالها. كما يبرهن على أن حالة الثورة ليست واحدة، فنحن إزاء كيانات متميزة حتى في انتفاضاتها فقد كانت انتفاضات سلمية إلى حد بعيد في تونس ومصر وإن شابها قليل من سفك الدماء، على العكس الذي شهدته ليبيا وسوريا والبحرين. يعود فيليو ليقول إنه إذا كان هناك استثناء عربي، فإنما يتمثل في "الشباب العربي"، وهو وقود هذه الثورة، وهو يرسم صورة ديمغرافية للعالم العربي، فيقول يجب أن نتذكر أن متوسط العمر في العالم العربي هو 22 (مقارنة ببقية العالم 28)، وأن 60% من السكان هم تحت سن 25، وأن معدل البطالة بين الشباب العرب يتراوح بين 20-40% أي ضعف المعدل العالمي، ويجب أن تتوفر بحلول عام 2025م 50 مليون فرصة عمل لتستوعب طاقات الشباب في سوق العمل. وربما كانت البطالة وتردي الأحوال المعيشية هي الشرارة التي أطلقت شرارة الثورة بإحراق الشاب التونسي محمد البوعزيزي نفسه. فيلاحظ فيليو هنا أن هذا كان أبعد ما يكون عن صورة الانتحاري الإسلامي النمطية؛ بل كان أقرب إلى مثال الشاب التشيكي جان بلوش الذي أحرق نفسه أمام الدبابات الروسية في ربيع براغ 1968. غير أن المطالبة بالعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية سرعان ما اشتبكت بالمطالبة بالحرية والديمقراطية السياسية. ويدعو فيليو صانعي السياسات في الغرب إلى معرفة هذه الحقائق. وهذا هو الدرس الثالث حيث "الغضب هو قوة الشباب"، يقول فيليو بلهجة بلاغية إن غضب وقوة الشباب العربي هو وقود المستقبل، وإن حركات الشباب هي بمثابة ردة الفعل القصوى التي يقوم بها أكثر الأجيال تعرضًا للخطر دفاعًا عن مستقبلها في مواجهة قمع تطلعاته، وخصخصة دولته، وتجريف مستقبله. جيل عربي جديد معولم وديمقراطي ارتبطت بالحالة الشبابية للثورة العربية، كونها ارتبطت بانفجار الفضاء الإعلامي؛ حيث ارتبط وعي الشباب العرب بالإعلام المنفتح عبر القنوات الفضائية والميديا الاجتماعية "تويتر وفيس بوك والجزيرة" والذي ربطهم أكثر بالعالم وما يجري فيه، وارتفع بسقف تطلعاتهم مقارنة بآبائهم، ودفعهم إلى التحرر من السلطة الأبوية المتجسدة في نظم سياسية ديكتاتورية مغلقة، وهنا لعبت الشبكات الاجتماعية والقنوات الفضائية دورًا أكبر في تحريك الشباب العربي، وأثبتت دورها في الحركة السياسية، وإحداث التحول الاجتماعي. وهذا هو الدرس الرابع. من أهم ما يميز تصميم الشبكة أنها بلا مركز، ومن هنا جاء الارتباط بين تأثير الشبكة العنكبوتية والشبكات الاجتماعية على طبيعة الثورة العربية، فهي ثورة بلا قيادة بامتياز، فقد بدأت شرارة الثورة في تونس بلا قيادة وبطريقة عفوية، واستمرت هكذا حتى مع انتقالها إلى بقية الأقطار "بلا قيادة مركزية وغرف عمليات". ويرى فيليو أن انعدام القيادة هذا ربما كان شرط استمرارية هذه الثورات، وليس مجرد اختيار سياسي، وخاصة مع عدم اصطباغها بلونٍ أيديولوجي معين، وفي هذا يقع الدرس الخامس، أن بإمكان الحركات التي لا تملك قيادة أن تنتصر. الديمقراطية والإسلام هذه الحالة الثورية السائلة قد تستمر، غير أنها يجب أن تتحول إلى "ديمقراطية" لئلا تفضي إلى فوضى عارمة تسهل الانقلاب على الثورة، وهذا هو الدرس السادس أن بديل الحكم الديمقراطي المستقر الفوضى العارمة. وهنا يأتي دور الحديث عن القوى السياسية في المنطقة العربية، وعلى رأسها الإسلاميون. يقول فيليو إن الانتفاضات العربية كانت مجردة من الشعارات الدينية، وقد اتضح للثوار أنه ليس للدين والأيديولوجية القدرة على حشد الجماهير بقدر ما فعل المناداة بالإصلاح السياسي، والقضاء على الفساد، والتشغيل على أساس الوطنية. ويرى أن عدم هيمنة الخطاب الإسلامي على الثورة ربما يعود إلى تصاعد معدلات الفردانية في التدين، والتي عززت من الحس الخلقي الفرداني، في الوقت الذي لم تعد هناك قوة للحشد الكلي، ولكن يبقى أن القوى الإسلامية عليها أن تضطلع بمسؤوليتها، وأن تقتنص الفرصة التاريخية بمشاركة غيرها من القوى السياسية العلمانية في التأسيس لحكم ديمقراطي مستقر، فالدرس السابع هو أن على "الإسلاميين أن يختاروا". وربما كان من أهم ما أشارت إليه "الثورة العربية" هو أنها أظهرت بديلا للتغيير بعيدًا عن الأتوقراطيات الحاكمة، وتنظيم القاعدة، والذي برهنت حركة الشباب على إفلاسه الفكري، وأنها لم تكن إلا انحرافًا بعيدًا كل البعد عن حقائق العالم العربي. وبالتالي يرى في الدرس الثامن أن النضال السلمي للشباب سيجعل الإسلام الجهادي شيئًا عفا عليه الزمن. وبين كل هذه التحولات تبقى القضية الفلسطينية عاملًا هامًّا في دفع عملية التحول الديمقراطي ككل في المنطقة، وستؤدي التسوية الشاملة إلى إسقاط ذرائع تأجيل الديمقراطية لدى كثير من الأنظمة العربية، فالدرس التاسع هو أن فلسطين هي "تعويذة" كثير من التحولات. وأخيرًا يأتي الدرس العاشر الذي يستخلصه فيليو، وهو أن الثورة العربية لن تخلق "أثر الدومينو" يتجاوز كونها انتفاضات قد أظهرت وجود مجال عام عربي يسعى إلى مزيد من الحريات والفرص الاقتصادية واحترام حقوق الإنسان والحقوق المدنية. غير أن هذا يقع في حدود كولونيالية أثبتت على مر الأيام مرونتها، وأنها لن ترسم مرة أخرى نتيجة لهذه الروح الديمقراطية التي تجتاح المنطقة، وربما ستبقى الدول البترولية خاصة العربية السعودية بعيدة عما يحدث حولها. تعد القراءة التي قدمها جان بيير فيليو في كتابه قراءة جيدة ومحكمة في الإطار النظري الذي شكلته لفهم أبعاد الثورة العربية، غير أن هناك أوجه قصور فيها، لعل أهمها أنها لم تهتم ضمن الدروس التي حاولت استخلاصها بالدور الخارجي والغربي تحديدًا في ترسيخ الديمقراطية العربية الناشئة، وربما كان هذا أهم ما يميز الدكتاتوريات العربية عن نظيراتها في شرق أوروبا؛ حيث كانت تجد دعمًا غربيًّا على عكس دعم الغرب للتحول الديمقراطي في شرق أوروبا قبيل وبعيد سقوط الاتحاد السوفييتي، أما الحكام العرب فقد كانوا يمارسون حكمهم بدعم غربي كامل، وهو ما يضع عبئًا على الحكومات الغربية يتمثل في ضرورة دعمها للديمقراطيات الناشئة، وهو ما لا يستفيض بشأنه فيليو فيما عدا بعض الإشارات اللاذعة التي وجهها إلى دور واشنطن السلبي في المنطقة. ومن ناحية أخرى فإن الإطار الذي استخلصه إنما يعتمد على قراءة الأحداث بشكل مفصل في مصر وتونس، وهما حالتان متشابهتان وربما كان سيضيف لإطاره ويعدله لو تريث ليرى ما آلت إليه الأمور في بقية الانتفاضات التي كانت في منتصف أو في بداية طريقها عند الانتهاء من الكتاب في اليمن والبحرين وسورية وليبيا. |
#167
|
||||
|
||||
ميليشيات الإخوان الإلكترونية: تحميل الأيديولوجيا على الفيسبوك
ميليشيات الإخوان الإلكترونية: تحميل الأيديولوجيا على الفيسبوك Linda Herrera and Mark Lotfy أثناء مرحلة الإعادة للانتخابات الرئاسية في يونيو 2012 كانت هناك "ميمة" تدور على الفيس بوك تحتوي على صورة لحسن البنا الذي أسس جماعة الإخوان المسلمين في 1928 وكان نصها "على فكرة أنا مش إخوان وبختلف معاهم في مواقف كتير ولكن بحترمهم" التوقيع تحت المقولة كان منسوباً لحسن البنا، هذه الميمة إن أردت أن تترجمها في كلمة واحدة فهي تبغي أن تقول إننا قد كشفناكم أو بالعامية "فقسناكم" فهي ميمة تقطع بحقيقة أن الإخوان المسلمين قد تنكروا وقاموا بإختراق وسائط التواصل الاجتماعي (الإنترنت ). وحتى إن كنا لا نملك الأدلة لأن هذا الإختراق يخلو من أي شفافية ولم يتم دراسته بشكل مفهوم أو مرتب، فميمات مثل هذه (انظر الشكل السابق) تنبه المواطنين في الواقع الإفتراضي أن عليهم الحذر وهم يتحركون على الانترنت. لقد أصبح الفيس بوك من أهم مواقع الصراع الأيديولوجي التي يرغب الإخوان من خلالها السيطرة على العقول وفرملة الروح الديموقراطية السائرة في مصر. حيث ترغب الجماعة في تضييق مساحات الجدال وإسكات أصوات المخالفين وهي لتحصل على ذلك تتحرك كما يقول المفكر الجنوب أفريقي" بانتو ستيفي بيكو" الناشط الحقوقي ضد التمييز العنصري إن "السلاح الأقوى أو السلاح الأكثر فعالية في يد المستبد هو عقل الذين يستبد بهم." منذ البداية، من ثماني عقود مضت والإخوان المسلمون وضعوا في أولوياتهم العمل داخل المؤسسات التي تتعامل أيديولوجياً وثقافياً مع الأطفال والشباب، فحسن البنا في النهاية كان معلماً في مدرسة وبالتالي فهو يعلم جيدا إن "من إمتلك الشباب إمتلك الدولة". الإخوان قد كثفوا جهودهم في إتساق في مجالات التعليم والإعلام والتي يسميها عالم الإجتماع الفرنسي لويس آلثوسر "أجهزة الدولة الأيديولوجية"، وحتى في أكثر الفترات التي كانت فيها الجماعة مضطهدة ومحظورة احتفظت الجماعة بتواجدها داخل المدارس المصرية ومعاهد الدروس الخصوصية والمجموعات الخاصة لتدريب المدرسين داخل وخارج كليات التربية واتحادات الطلبة في الجامعات والنوادي الصيفية الرياضية والتجمعات الرياضية بعد اليوم الدراسي ، وكلها كانت مفاتيح لتخصيب الأرض أمام الإخوان لتكون صالحة لنمو الجماعة ونشر الأيديولوجية الإخوانية. منذ بداية التسعينات والانفتاح الجديد الناتج عن تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات إستطاع الإخوان الدخول الى عالم الفضائيات التلفزيوني وحصلوا على مكانة متميزة واستطاعوا السيطرة على قناة متميزة "الجزيرة" ، وكما وضحت أحد التقارير الخاصة بالصحفي والمعلق السياسي سلطان القاسمي "إن العلاقة الغرامية بين قناة الجزيرة العربية والإخوان المسلمين كانت واضحة منذ إنشاء القناة" ، كانت قناة الجزيرة العربية منذ إنشاءها الناطق بأسم الجماعة والمهلل لها. مع صعود الإنترنت وإنتشاره في عام 2000، كان للإخوان مشاركة فورية في هذا التاريخ من خلال الموقعين العربي والانجليزي "الإخوان ويب". حينما أعلن الرئيس محمد مرسي حكومته في أغسطس 2012 كانت هناك مفاجأة صغيرة تنتظرنا وهي أن الوزارات التي تتعامل مع الشباب والتعليم والإعلام أي وزارات التعليم والشباب والإتصالات والإعلام جميعها أصبحت في يد الاخوان المسلمين بعيداً عن الوعود الكثيرة بحكومة الانقاذ والتوافق. الغريب أن وزير التعليم إبراهيم غنيم لم يندرج في التقارير الإعلامية ضمن الوزارات الإخوانية برغم أن تاريخه القصير يثبت بوضوح أنه تم إنتخابه ممثلاً لجماعة الإخوان وإنه ذو ولاء كامل لهم ومساعدة الإخوان له أثناء الإنتخابات الرئاسية لجامعة السويس. إن جهود الإخوان لإختراق الإنترنت خاصةً الفيس بوك إزدادت جزئياً بعد الإزدياد السريع في عدد المشاركين فهناك 11 ونصف مليون عضو في الفيس بوك في مصر، مليونين منهم إشتركوا في الستة أشهر الأخيرة فقط، مع ملاحظة أن أعمار المشاركين في الفيس بوك تتراوح بين 13 إلى 34 سنة. وبعيداً عن إزدياد المشاركين فإن الفيس بوك يعد ترمومتراً للمعارضة السياسية منذ أن كان له دور الريادة في 25 يناير وفي الأشهر التالية لبداية الثورة، حيث ظهرت المساحة التي كان يتجادل فيها النشطاء ويتناقشون حول الثورة التونسية وإمكانية إحداث ذلك في مصر والتي تفاهموا فيها حول قرارهم تجاه الإستفتاء في 11 مارس حيث إتخذت جمهورية الفيس بوك الثورية موقفاً مختلفاً عما حدث خارجها، وخرجت جميع إستفتاءات الفيس بوك بأكثر من 70% بالتصويت بـ"لا" برغم أن التصويت ب"لا" لم يحقق رسمياً أكثر من 22.7% و هذا ليس بغير مؤثر كما يعتقد البعض. وبعد فترة ليست بقصيرة أصبح الفيس بوك مرادفاً لـ"صوت الثورة" وكان من الشائع وقتها أن يسأل سائق التاكسي أحد الشباب "هو الفيس بوك بيقول إيه النهاردة ؟" ، وأحيانا بأسلوب آخر يسأل أحد المتقدمين سناً في المقاهي مجموعة من الشباب "هو انتوا اتفقتوا على إيه على الفيس بوك في موضوع اـ.... ؟" وهذا جعل الناس في الشارع تقول بعد الإستفتاء "جاءت النتيجة بنعم لكن الثورة كانت ترغب في قول لا". هنا بدأت جماعة الإخوان تتعامل مع الفيس بوك بحذر كفضاء مستقل، فكما كثفت الجماعة جهودها للسيطرة على ميدان التحرير كثفت أيضاً جهودها لتتحكم في أي جدل يدور على الفيس بوك. إن تواجد الإخوان على الإنترنت غامض ويصعب رصده بدقة حيث أن معظم النشاط الإلكتروني هو نشاط تمويهي يخلو من الشفافية. يبدو أن الجماعة تستخدم خمسة درجات أو أساليب للتعامل الإلكتروني أولاً: التواجد الرسمي مثل الصفحة أو الجروب الرسمي لحزب الحرية والعدالة أو الصفحات التي تعلن من عنوانها الإنتماء المباشر للجماعة أو أفكارها. ثانياً: الصفحات التي تظهر في البداية مستقلة ثم يظهر ولائها للإخوان المسلمين شيئاً فشيئاً في تصاعد موسيقي إلى أن تصل للولاء الكامل لتكون الصفحة في نهاية المطاف صفحة إخوانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ونعطي مثال لذلك وهي شبكة رصد وهي شبكة إخبارية تقترب اليوم من مليوني Like حيث حينما أُنشأت صفحة رصد في 25 يناير 2011 في بداية الثورة المصرية كان منشئو الصفحة (Admins) مجهولون عن عمد وكانت الصفحة تظهر كوحدة ذات إنتماءات مستقلة، وفي سلوك إحترافي بدأت الصفحة تكشف هويتها تدريجياً إلى أن أصبحت الصفحة إحدى الصفحات المنتمية للإخوان المسلمين في كل شيء ما عدا الاسم، والمثير أن شبكة رصد كانت تنمو ككيان إقليمي له فروع في ليبيا وسوريا وتركيا وفلسطين. ثالثاً: الصفحات المتعاطفة مع الإخوان والتي يقوم فيها الأدمن ببوستات وتعليقات داعمة للإخوان المسلمين، ولكنها دائماً تنكر أي إنتماء للجماعة. رابعاً :صفحات مستترة ذات إنتماء كامن، هي التي تظهر غير مهتمة بالسياسة أصلاً ولكن عند اللحظات الهامة أو الحرجة مثل الانتخابات أو المظاهرات الحاشدة أو الأحداث السياسية الفارقة تظهر فجأة داعمة للإخوان بشكل كامل. خامساً: الميليشيات الإلكترونية المجندة، وهي تستخدم بروفايلات (profiles) حقيقية وزائفة تتحرك عبر صفحات وجروبات تتداخل في الحوارات الدائرة على الفيس بوك لتوجه الأراء في إتجاه الإخوان المسلمين، على سبيل المثال بروفايل "مصري مصري" وبروفايل "هند عربية" في الفترة ما قبل الإنتخابات الرئاسية في مرحلة الإعادة بين مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي والوزير السابق في نظام مبارك أحمد شفيق كانت صفحات الفيس بوك مشتعلة بالجدل السياسي، وكان الكثير من متخذي الموقف المؤيد لمحمد مرسي يظهرون كما لو كانوا ينقلون الأسطر من نص معد لهم مسبقاً. الجمل المتشابهة كانت تظهر بكثافة عالية جداً من المنتمين إلى جميع المجالات من المعروف أنهم ذوي اهتمامات سياسية بل ومن الغير مهتمين بالسياسة، وكان من أشهر العبارات المنتشرة على الفيس بوك "أنا مش إخوان بس بحترمهم" "أنا بكره الإخوان المسلمين ولكن بدعم محمد مرسي عشان أخلص من شفيق" "أنا عارف إنهم يسعون لمصالحهم الخاصة بس مننساش إنهم كانوا معانا في ميدان التحرير" "ماتخليش كراهيتك للإخوان تعميك" "الإخوان أنانيين بس مش فاسدين" وهكذا... ، والغريب إنه على مستوى الصحافة اليومية لم يشير أحد أو يسلط الضوء على الميليشيات الإلكترونية ماعدا الصحفي والكاتب محمد سلماوي. أحد الأعضاء السابقين للإخوان المسلمين والذي لازال على علاقة مقربة للجماعة أوضح أن "الحملة الإلكترونية لمحمد مرسي كانت شديدة القوة على الفيس بوك وتويتر، أستطيع أن أجزم أن كل صفحة كبرت أو صغرت على الفيس بوك كان يتم إختراقها من الإخوان المسلمين" وهو يؤكد أن قادة الاخوان يقومون بتوزيع ملفات من الاسئلة والإجابات لشباب الإخوان المشتركين على الإنترنت تحت عنوان "شبهات وردود" هذه النصوص تغذي الأعضاء بالنقاط التي يجب التحدث عنها وكيفية مواجهة الإنتقادات لتكون هذه النصوص على شكل قوالب كلامية ليقوم أعضاء الإخوان بحفظها في عقولهم أو نقلها لاستخدامها وقت الحاجة، والملفت للنظر إنه حينما تخرج أحد نقاط النقد خارج القوالب التي قام الأعضاء بإستلامها وبالتالي نموذج الإجابة الإخواني يتعثر إستخدامه، تسعى حينها الميليشيات الإلكترونية بكل السبل إلى دفع الطرف الآخر المنتقد أو المجادل إلى إطار النص النموذج لكي يستطيعوا إستخدامه، وإن فشلوا في ذلك فلا يجدوا إلا الأساليب المعتادة مثل الدعاء للطرف الآخر بأن يهديه الله سبحانه وتعالى الى الحق. على سبيل المثال إنه على أحد الصفحات الداعمة للثورة والمنتقدة للإخوان المسلمين "حلمت بالميدان قبل أن يسكنه الملايين" أظهرت كيف تعمل الميليشيات الإخوانية الإلكترونية أو"لجان النسخ واللصق". في أحد البوستات (posts) التي كانت تناقش سلبيات الرئاسة الإخوانية (محمد مرسي) وقرارتها الغير متفقة مع أهداف الثورة، هناك شخصان علقوا تعليق متطابق ونرى في النموذج التالي تامر فؤاد وأشرف عبيد يستخدمون نفس القالب النصي بلا أي تعديل ولو طفيف، يقولون "بإختصار شديد لكل من يفكر في ثورة ضد الإخوان ... الإنتخابات مكنش فيها تزوير وأغلبية الشعب إختارت مرسي ... إديله فرصة نشوف حيعمل ايه ... إنتوا سكتوا 30 سنة ... إصبروا عليه سنة واحدة وإتكلموا بعدها ... على فكرة والله أنا مش إخوان بس بقول كلمة حق. وهذه أمثلة لما يفعله شباب الإخوان وهم يرصون الإجابات التي نقلوها من القوالب المعدة مسبقاً أو من قاعدة البيانات حيث ترى تلك القوالب في جميع أنحاء الفيس بوك والتويتر. النقاط المتكلمة - من صفحة "حلمت بالميدان قبل أن يسكنه الملايين"] نعرض هنا إحدى عشرة آلية أو خاصية سلوكية تستطيع أن تتعرف من خلالها على الميليشيات الإلكترونية الإخوانية على الفيس بوك. نلقي الضوء على كيفية عمل المكائد أو الألعاب الأيديولوجية الإلكترونية على الإنترنت ونعتبر هذا ركيزة أساسية للإحاطة به ومواجهته لمن يرغب في ذلك. • الإستيلاء على لغة الثورة ( و تغيير تعريف المصطلحات لحساب الجماعة ): في التراث الشعبي مثل شهير" الزن عالودان أمر من السحر" ، يقول العالم الأمريكي "جورج لاكوف" الباحث في علوم الإدراك واللغويات أن التكرار اللغوي له قوة تغيير العقول في بحثه عن صعود اليمين المحافظ في الولايات المتحدة الامريكية، حيث أظهر أن كلمة "الحرية" حينما يكرر المحافظون استخدامها بكثرة بغير معناها التقدمي المعروف يكون القصد تحريف المفهوم في العقل الجمعي، بنفس الطريقة يسعى الإخوان المسلمون للإستيلاء على لغة الثورة فالكلمات التي لها دلالة قوية مثل الديموقراطية – النظام القديم أو حتى كلمة ثورة نفسها تم الإستيلاء عليها من الإخوان، فتقوم الميليشيات الإلكترونية للجماعة ليس فقط بتجريد هذه الكلمات من أي دلالة تقدمية أو تحررية بل تختزلها إلى مفاهيم تستوجب الدعم المستميت لمشروع الإخوان بلا أي نقد أو تساؤل. فنأخذ على سبيل المثال مفهوم "الديموقراطية"، بعد فوز الإخوان في الإنتخابات البرلمانية والرئاسية عملت الجماعة بإستماتة على إختزال مفهوم الديموقراطية في صندوق الإنتخابات، فلقد إنتصرت الديموقراطية في يوم الإنتخابات وعلينا أن نعطي إختيار الديموقراطية فرصة كاملة دون أن نقف في طريقه، وفي الواقع هم يعنون أنه على المواطنين الإلتزام بالصمت التام وأن يمتنعوا عن أي رد فعل وعلى قاطني الشارع السياسي أن يوقفوا الحراك حتى يوم الدورة القادمة في الإنتخابات بعد أربعة سنوات وخلال الأربع سنوات من حق الإخوان أن يتحركوا بالدولة في أي إتجاه يبغونه أياً كان. بين يدي المليشيات الإلكترونية الإخوانية مفهوم "الثورة" لم يعد يتعلق بالكرامة أو الحرية أو العدالة الاجتماعية بل أصبح يعني تغيير الأفراد المسؤولين من النظام القديم في الدولة بآخرين من الإخوان، وحتى كلمة "فلول" نفسها التي تشير إصطلاحياً إلى الباقين من النظام القديم تم تجريدها من معناها الأصلي وإستبدالها بتعريف جديد، فكلمة فلول تطلق على أي شخص ينتقد الإخوان المسلمين . ونرى هنا أحد الصفحات المعادية للفلول "اتنين فلول وواحد طعمية".الصفحة تم إنشاؤها في يوليو 2011 وهي تعيد تعريف كلمة فلول بعيداً عن تعريفها الأصلي وتعلن بوضوح أن الفلول هم كل من يعادي الاخوان. بالإستيلاء على المعجم السياسي وإعادة صياغة التعريفات بحسب هوى الإخوان المسلمين، تستطيع الجماعة إرباك الشباب والناس عامةً والتلاعب في أطرهم المعرفية وإشغال عقولهم بما يتناسب مع مصلحة الجماعة. وقد تعددت الصفحات بل البروفايلات بعنوان "قوتنا في وحدتنا" الذي أصبح شعار حملة مرسي في الإنتخابات وهو الشعار الذي أطلقه محمد البرادعي بعد الثورة داعياً الجميع للإلتفاف حول مصلحة المواطنين في سلوك يتخطى الأيدولوجيات مستشهداً بحال التيارات السياسية في التحرير ولكن الشعار بعد الإستيلاء عليه إختلف معناه إلي قوتنا في وحدتنا وإلتفافنا حول الإخوان في الإنتخابات ليحصلوا على السلطة أو إلتفافنا حولهم بعدها ليبقوا في السلطة، وعلى التيارات السياسية جميعاً أن تذوب داخل مشروع الجماعة. 2- الإنكار والتنكر : من صفحة الميدان هو الحل: (هو أنا لازم أقول إنى مش إخوانى كل شوية ولا الصفحة تبع الإخوان أنا بشرب سجاير والله علبتين فى اليوم كمان ومش بصلي فى الجامع تقريباً غير الجمعة بس وبلبس جينز ارحمونا بقى !!!!!!!!!!!!!!!!) إن كان لك خبرة شخصية في التعامل مع الإخوان المسلمين فمن المعتاد من أعضاء الجماعة أنهم بالإضافة لإنكارهم الإنتماء للجماعة، يتنكرون لها بتأكيدهم على أنهم يشربون السجائر أو أنهم لا يصلون سوى يوم الجمعة أو أنهم يصاحبون الفتيات أو يشربون الخمر أو يستمعون للموسيقى، هذا السلوك مرتبط بفكرة التقية التي تعني حرفياً الحفظ أو الإخفاء وهي مدرسة إسلامية ظهرت أولاً عند الشيعة، والتقية هنا هي أن يخفي الفرد إنتماءاته وقناعاته وآراءه وإستراتجياته، وهم يستخدمونها هنا لكي يجعلوا أي دعم يقدمونه أو مواجهة للإنتقادات يستميتون فيها والهجوم تظهر كما لو كانت تخرج من شخصية محايدة كي تكون أكثر تأثيراً وإقناعاً. صفحة الفيس بوك "الميدان هو الحل" تقدم نفسها كصفحة مدنية مستقلة لمجموعة من الشباب، تنشر أحياناً صور لممثلات وأخبارهم ولا مانع من أن تقوم بإنتقادات ضعيفة لشخصيات من الإخوان ولكنها في الأوقات الحرجة قبل الإنتخابات مثلاً نجد أدمن الصفحة يضع كل طاقته لدفع المشاركين في الصفحة لدعم مرشح الإخوان بل وبعدها لدعم قرارات مرسي المصيرية. هل كانت الصفحة إخوانية منذ البداية ولكنها تنتظر إلى أن يصل عدد الأعضاء إلى عدد كبير وذو جدوى وعندها تُستخدم الصفحة لدعم الإخوان وقت اللزوم؟ ، لا يمكن القطع بذلك ولكن سلوك الأدمن يثير الشكوك في إستقلالية الصفحة وفي الصفحات الشبيهة التي تتحول إلى أدوات إخواني عن جدارة في اللحظات الفارقة. • الإحتفاء الإجلالي المصطنع بحرية الصحافة ( أو صناعة دراما الواهب الأعلى للحرية ): عند عودة محمد مرسي في 16 يوليو 2012 من أثيوبيا عاد في موقف بطولي إلى القاهرة، في أثناء رحلة عودته مر الرئيس مرسي على السودان وأعلن أن توقفه كان بغرض التفاوض حول عودة الصحفية المصرية شيماء عادل، وعادت الصحفية الشابة بالفعل مع الرئيس مرسي على طائرته الخاصة، قامت وقتها الوكالة الإخبارية الإخوانية على الفيس بوك "شبكة رصد" بتقرير يصف كيف مرسي يحترم الصحافة ومن يحترم الصحافة هو بالتأكيد يحترم المواطنين، وأنه بإنقاذه شيماء يفتح مرسي تاريخاً جديداً في عهد الصحافة المصرية. [مرسي يعود منتصرا مع شيماء - من شبكة رصد] وأستطاع ان يضع مرسي نفسه في دور واهب الحرية للصحافة حينما يتدخل بقراراته الرئاسية العلوية للإفراج عن الصحفين المحبوسين في قضايا حرية الرأي وهو الموقف الذي حدث في القضية الشهيرة ضد إسلام عفيفي رئيس تحرير جريدة الدستور، أُتهم عفيفي بإهانة الرئيس والقضية لازالت قائمة ولكن عفيفي أفرج عنه بقرار جمهوري من واهب الحرية. هذا النوع من التحركات من الرئيس مرسي يستطيع أن يمتص غضب المنتقدين ويأخذ الأضواء بعيداً عن أي إنتهاك لإستقلال وحرية الاعلام برغم أنه في الفترة نفسها تناثرت ملفات القضايا بعنوان "تهمة إهانة الرئيس" مثل قضية توفيق عكاشة وعبد الحليم قنديل المحرر في جريدة "صوت الأمة". 4- التسخيف من المعارضة : الإخوان المسلمين مثل أي فصيل سياسي سلطوي يتعامل مع منافسيه بالتسخيف منهم وإخفاس حقهم، فكان جزء من عمل مليشيات الإخوان هو أن ينشروا ميمات معادية لبعض رموز الثورة أو القادة الذين لا ينتمون للجماعة ويعدوا خصوم لها مثل محمد البرادعي وحمدين صباحي وأحياناً مع إعلاميين مثل إبراهيم عسيى، هذه الميمات لا تحتوي على أي حوار حقيقي أو جدل سياسي جاد حول المواقف السياسية وكل الغرض منها هو التقليل من شأن هذه الشخصية العامة وإظهارها كشخصية حمقاء وغير رشيدة، ومن خلال التكرار المبالغ فيه لهذه الميمة يأمل الإخوان أن تتحقق الرسالة الخفية المرجوة وهي ألا تؤخذ هذه الشخصية بشكل جدي بعد ذلك، نأخذ على سبيل المثال صفحة إخوانية تحمل عنوان "حمدين صباحي واحد خمنا" المرشح الرئاسي الناصري الذي كاد أن يصير رئيساً لمصر في الإنتخابات الأخيرة، الصفحة الإخوانية تستخدم عنوان يسخر من شعار حملة حمدين وهو "حمدين صباحي واحد مننا" من خلال الخلفية المستخدمة والبالونات الملونة بالإضافة لصورة حمدين التي يبتسم فيها وهو مغمض العينين، فالرسالة المرغوب توصيلها هي أن صباحي مثل طفل أحمق وغير رشيد، لهذا هو لا يصلح أن يؤخذ بجدية ليكون رجل دولة، نلاحظ أن الإخوان هذا هو أسلوبهم الرئيسي في الهجوم بإستخدام التسخيف والتكرار فقط ليس أكثر، حيث أنهم يفتقدوا أسلحة هامة في الهجوم وهي النقد المنطقي من جهة أو روح الدعابة من جهة أخرى وهذا لأن الجماعة في طبيعتها جماعة أصولية لا يعتمد تشكيل عقلية الفرد بداخلها على تنمية العقل النقدي الذي يواجه خصومه بالنقد الممنهج والجدل الممنهج الثري، الشخصية العقلانية الناقدة لا تصلح ان تكون عضواً في كيان الإخواني لأنها لن تكون مطيعة ومنساقة لأوامر القادة بل ستكون معطلة ومجادلة و ستؤثر علي تحرك الكيان بكفاءة، أما عن روح الدعابة فهي تحتاج إلى مساحة شاسعة من الحرية والإبداع ومساحات يخوض فيها الأصولي بحذر لأنه لم يعتدها، فالضحك عند الأصولي له حدود والنكات لها رقابة وضوابط، وفي حالتنا الإخوانية هذه ما أبوخ الإفيهات إن تحولت إلى قوالب محفوظة عليها رقابة و قيود ينحصر دور المليشيات الالكترونية فيها على النسخ واللصق. 5- صناعة البطل/ المجاهد/ الخليفة : الأسلوب العكسي لتشويه المعارضة وتصويرها كشخصيات لا تستحق المنافسة وغير جديرة بالإهتمام هو أن تُظهر من هم في صفك كأبطال ومجاهدين وقديسين، كل بطل يحتاج إلى عدو يحتاج إلى قوى الشر التي سيقف أمامها مظهراً شجاعته وبسالته الفائقة، لا يهم إذا كان من سيقوم بدور الوغد هو بالحقيقة يستحق العداوة أم لا، ولا يهم إذا كان ما يدور بين البطل والوغد هو صراع أم صفقة، كل ما يهم هو إقناع الجماهير بأمجاد البطل. صفحة "المنوفية على الفيس بوك: لشباب المنوفية فقط" هي صفحة تعلن عن نفسها كصفحة للشباب المستقل فقط، ولكنها في الواقع تظهر كصفحة مؤيدة لمرسي والإخوان بقوة، حيث نشرت الصفحة بورتريه لمرسي مع أشعار تمجد أعماله البطولية وذلك أثناء بداية توليه الرئاسة حينما أراد أن يعيد البرلمان بقرار جمهوري، وقد صورته الصفحة كقرار يمثل ضربة قاصمة للعسكر، وذلك من خلال قصيدة من المديح مكتوبة خصيصاً لهذا الحدث. مرسي يُمجد على أنه القائد السياسي، البطل الهمام الذي يتخلص من العسكر موحد عناصر الأمة بكل أطيافها وفي الحقيقة إننا لم نرى يوماً صراع حقيقي بين العسكر والإخوان، بل كانوا منذ اللحظات الأولى أصدقاء وداعمين لبعضهم البعض منذ حديث طنطاوي مع شباب الإخوان في التحرير حتى مقابلة عمر سليمان حتى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، لم يتعرض الإخوان من العسكر لأي إنتهاك أو إعتداء طوال عام ونصف برغم تعرض كل الفصائل لذلك، ولكن حينما يشعرفريق الإخوان والعسكر بالضعف يضطر الإخوان لتصنع ضرب العسكر كما يفعل المصريين في مشاجرات الشوارع، فحينما يكون أحد الأفراد ممن في صفوفك في "العركة" مصدر لضعفك أو حينما تشعر أنكم تكادوا أن تُهزموا تنقلب على زميلك في تمثيلية تروق للطرف الآخر في أغلب الأحيان وتجعله يتوقف عن مهاجمتك وأحياناً يمدح تصرفك. وفي صفحات أخرى يُقدم مرسي مثل خليفة، فهو الرئيس التقي الورع ذو صلة لا تنقطع بالله سبحانه وتعالى، ومن أشهر الفيديوهات التي أستخدمتها تلك الصفحات هو فيديو بعنوان "الرئيس محمد مرسي يبكي في الحرم" وهو فيديو يظهر المشاعر الدينية المتأججة للرئيس مرسي أثناء أداءه للعمرة خلال رحلته للمملكة العربية السعودية، وتلك الصورة المقدسة للرئيس مرسي يسعى الإخوان المسلمون بدون شك لترسيخها في العقل الجمعي شيئاً فشيئاً ، وحينما تقبل الجماهير المصرية الرئيس مرسي كأيقونة دينية تكون الأيديولوجية الإخوانية تم تحميلها بشكل كامل والسيطرة على الدولة ستكون محكمة لا تحتاج إلى تأمين . 6- قطع الطريق أمام النقد وتشويهه : المليشيات الإلكترونية تقطع الطريق أمام أي نقد مستقبلي بإستخدام أدوات حرفية مثل "تخيل أن - ياريت يحصل– ماذا لو" ، وهم يدعون أنهم يتخيلون سيناريوهات مستقبلية يكون الهدف من إختلاقها تمهيد الرأي العام للقرارات والأفعال التي ستصدر بالفعل مستقبلاً من الجماعة (مرسي) وتشويه أي رد فعل مضاد أو نقد سيواجه القرارت المستقبلية. نأخذ على سبيل المثال صفحة "امسك فلول" التي يزيد عدد اللايكات فيها عن 334 ألف لايك حينما تم إنشاءها ظهرت كحملة شبابية مستقلة ضد رجال النظام القديم، لكن منذ أن دعمت مرسي في إنتخابات الإعادة خرجت هويتها الحقيقية إلى السطح وصارت داعمة للجماعة على طول الخط، ولاشك لدينا الآن أنها إحدى صفحات الاخوان المسلمين. أدمن الصفحة نشر هذا الكارتون الفلولي والذي من المفترض ان يكون توصيفاً ساخراً للصوص مبارك من النظام القديم وهم يُعاقبون على جرائمهم، ولكن النص الملحق بالكارتون كان له تفسير بديل للصورة نستطيع أن نقول أنه تفسير إخواني متميز. ["امسك فلول كارتون" الخطاب الإخواني هنا صخب وواضح جداً وشديد اللذاعة، المتحدث هنا يسعى لضرب وسد الطريق على أي نقد مستقبلي يمنع الجماعة من الحصول على السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية، أي أن الجماعة نفسها تعمل على تعطيل النقد المستقبلي وتحضير الأرضية لبناء دكتاتورية الحزب الواحد. هناك شيئاً آخر نلاحظه في هذا البوست، فلقد وضع المتحدث هنا "أبو العز الحريري" أحد أهم الأعضاء المؤسسين لحزب التحالف الشعبي في نفس الكفة خلسة مع الشرطة التي قتلت الثوار في 28 يناير، بل سعى أن يقنع القارئ خلسة أن ضرب الإخوان لأبو العز الحريري يحمل القيم الثورية ذاتها التي يحملها ضرب الثوار للشرطة ونضالهم ضدها في 28 يناير، وأن أبو العز الحريري أحد المعارضين المعروفين لنظام مبارك هو مثله مثل رجال الأمن قتلة الثوار الذين كانوا يعذبون الثوار في السجون وأقسام الشرطة، وهذا بالطبع لأن أبو العز الحريري أحد معارضي الإخوان. 7- اللعب بكارت الإسلاموفوبيا : صفحة "جروب الصور الطريفة والغريبة" ظهرت في الأصل كصفحة مستقلة للتسلية تعرض الصور الغريبة مثل قرد يلبس نظارة – أطفال يقومون بتصرفات ملفتة – صور كارتونية مضحكة، هذا الجو المسلي جذب 97 ألف لايك، ولكن الصفحة بدأت تنشر رسائل سياسية ودينية أحياناً، تدعم تكوين حكومة إسلامية أحياناً، تتغزل في خطابات مرسي أحياناً، وحينما قام زائري الصفحة بالتشكك في قدرة الإخوان على قيادة الدولة إلى حالة مدنية دستورية سليمة بدأ الأدمن يتهم المشاركين في الصفحة بالإسلاموفوبيا. الحقيقة أن تهمة الإسلاموفوبيا من الغريب أن يستخدمها الإخوان في غير موقعها بهذا الشكل ولا يتم تفنيد الإتهام، حيث أن الإسلاموفوبيا تتعلق بخوف غير المسلمين من المسلمين كنتيجة للفزع الذي أنتشر بعد قيام بعض المسلمين بعمليات إرهابية ونسب أفعالهم الإجرامية للأسف إلى الإسلام، مما أدى لظهور عند بعض غير المسلمين خاصةً في الغرب فوبيا من التعامل مع المسلمين خاصةً عند هؤلاء الذين لم تتح لهم الفرصة أن يتعرفوا على الإسلام طوال حياتهم. بالتالي فالذي يتهم الآخرين بالإسلاموفوبيا في مصر فكما لو كان يتهم المسلمين بالخوف من الإسلام والمسلمين أو ربما يتهم الأقباط المصريين بالخوف من الإسلام والمسلمين، وهذا كله يتنافى مع المنطق، فكيف لمسلم أن يخشى الإسلام والمسلمين أو كيف لقبطي عاش مع المسلمين ألف وربعمائة عام أن يخاف هو الآخر، ولكن هذا يتفق مع منطق واحد هو أن المتحدث أي الإخواني يعتقد إنه مسلم والآخرون ليسوا كذلك بل ويعتقد أن القبطي يخشى الإسلام لأنه يظن واهماً إنه كإخواني يُدخل الإسلام الى مصر. ولا عجب أن في أحد تصريحات صفوت حجازي أنه قد أشار لفرحته العارمة بتعيين أول مذيعة محجبة في التليفزيون المصري ودخول الإسلام مصر. 8- جذب الأنظار بعيداً عن الأحداث الجارية إلى مواقع أخرى لا تتوفر عنها المعلومات الكافية: في 28 يونيو 2012 بعد إعلان نتيجة الرئاسة وفوز مرسي بأربعة أيام بدأت مجموعات على الفيس بوك حملات توعية مكثفة عن إضطهاد المسلمين في "بورما"، حركة 6 أبريل وضعت على عاتقها حمل هذه القضية بل وبدأت تنظم المظاهرات أمام سفارة بورما في 28 يونيو، وأُستخدمت صفحة "مباشر 6 أبريل" (156,883 لايك) للتوعية عن إضطهاد المسلمين هناك. [ذبح المسلمين على يد رهبان بورما ولكن لماذا بورما ولماذا في هذا التوقيت؟ نستطيع فقط أن نخمن أن هناك ثلاث أسباب رئيسية تدفع المليشيات الإخوانية الإلكترونية لتحويل تركيز وإنتباه المجموعات الثورية إلى قضية بورما. أولاً: بورما تجذب إنتباه الشباب المسيس بعيداً عن القضايا الوطنية من إصلاح التعليم والإصلاح الاقتصادي والقضايا العمالية والعمل على بناء أحزاب سياسية جديدة قادرة على المشاركة والمعارضة السياسية بقوة وتجعل الشباب يركز في قضية خارجية فهمها متعثر تتسم بنقص المعلومات والحقائق الملفقة. فننظر مثلاً إلى هذه الصورة التي إنتشرت بشكل شاسع على الإنترنت في مصر والسعودية في يونيو 2012 بعنواين تراجيدية حول الرهبان في بورما وذبحهم للمسلمين، تكتشف بقليل من البحث أن تلك الصورة ليست لضحايا مسلمين مقتولين على يد الرهبان بل هي صورة نُشرت في أبريل 2010 على موقع "أهل التبت" الذي يصور رهبان التبت وهم يدفنون ضحايا زلزال الصين في 2010. ثانياً :إن قضية إضطهاد المسلمين في بورما تنشط فكرة الهوية السياسية الإسلامية التي يرغب الإخوان أن يتوحد حولها الشباب في المنطقة كبديل للثورة والحرية. ثالثاً: إن قضية بورما تصلح كبديل جيد للقضية الفلسطينية التي إستخدمها الإخوان المسلمون لسنوات طويلة للسيطرة على الشباب وتحريكهم دون أي صدام حقيقي مع النظام المصري، والآن حينما حصل الإخوان المسلمون على السلطة والقوة فإستخدام قضية فلسطين سيحول بينهم وبين ترسيخ العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل، وبالتالي فإن بورما تصلح كوسيلة مؤقتة لدعوات الغضب والوحدة الإسلامية كما أنها تخدم رغبة أمريكا في تكوين معسكر إسلامي مناهض وكاره للمعسكر الشرقي للصين وايران. 9- أنسنة السياسي : عبر التاريخ والناس الذين خلف الناس الذين هم في السلطة يسعون دائما لدفع أفراد المجتمع للتركيز على الصفات الإنسانية للقادة السياسين بدلاً من مواصفاتهم وسلوكهم السياسيين. الإخوان كأفراد في الجماعة هم في النهاية أشخاص مخلصين وطنيين أتقياء (يعرفوا ربنا) وكل ما يريدوه هو الخير لهذا الوطن، وإن أخطأ الإخوان المسلمون فهذا لأن كل إنسان في العالم له أخطاءه لا أكثر، فنحن بشر وتلك الأخطاء بالتأكيد لن تكون بسبب إستغلال النفوذ أو سياسيات غير نزيهة أو أغراض بعيدة. هذه الإستراتيجية لإظهار الصفات الإنسانية والمستضعفة للقادة السياسين تخلط السياسي بالإنساني وتشخصن السياسة وتخويها من مضمونها. فلنأخذ البوست التالي في صفحة "آخر أخبار ميدان التحرير" التي نشرت كلمات محمد سعد أبوالعزم تحت عنوان "حب مصر وكراهية الإخوان المسلمين" (نعم ... من حقك أن تعارض الإخوان، وتنتقد أداء نوابهم وقيادتهم، فمن قال إنهم لا يخطئون؟ من قال إن كل ما إتخذه الإخوان من قرارات كان صحيحاً؟ هم بدون شك تجمع بشرى يجتهد فيصيب ويخطئ، ولكن المؤكد أنهم فصيل وطني له رؤيته فى إصلاح البلاد؛ التى قد يختلف البعض معها، وقد سجلت تحفظاتي عدة مرات على بعض تلك القرارات) تلاعب آخر على المشاعر الإنسانية كان يحدث على الفيس بوك والإنترنت عامةً وهو الذي كان يركز على أن متطلبات المرحلة أكثر من أن يحتملها محمد مرسي كإنسان، فهو يضطر ألا ينام من أجل مصر، وهو ما ترتب عليه بالتالي إننا علينا أن نقلل من متطلباتنا حتى نخفف من عليه الضغوط ، وأن نكون مقدرين لما يفعله وليس ناقدين لمن لا ينام. وهذه أحد البوستات الشبيهة في صفحة "شباب وفتيات مصر في السعودية" حينما كانت تستجدي عطف الناس وتكتب "أنا بتمنى أعرف هو الرئيس مرسي امتى بيبقى عنده وقت ينام" 10- أن تشيع عن نقطة ضعفك أنها نقطة قوتك : صفحة "إحنا آسفين لأننا منظمين" تظهر كيف يتباهى الإخوان المسلمون بما يعتبرونه أحد أهم فضائلهم، فالصفحة تقدم الشكل التنظيمي للإخوان على أنه كنز الجماعة، والإخوان المسلمون هو تنظيم غير شفاف وغير ديموقراطي لا يمكن بأي شكل مقارنته بالنظام الديموقراطي العادل الذي تحلم به مصر الثورة، فشباب الإخوان ينفذون الأوامر الموجهة لهم من صناع القرار وهم مجلس شورى الإخوان، لا يحق لهم أن يسألوا وإن سألوا فعليهم أن يسألوا الأسئلة المجهزة مسبقاً في قوالب الشبهات والردود، والأعضاء يعلون في المراتب داخل الجماعة بحسب ولائهم للقادة داخل هذا البناء فالكفاءة هنا معادلة للولاء للقائد وهو ما يتنافى تماماً مع القيم الإجتماعية والسياسية الجديدة التي تطرحها الثورة. والحقيقة أن الهيكل التنظيمي وأسلوب الإدارة والتنظيم داخل الإخوان هي أكبر نقطة ضعف لديهم، فكيف لتنظيم ديكتاتوري أن يؤسس الديموقراطية في مصر، ولكن أستطاع الإخوان أن ينشروا ميمة أن أسلوبهم التنظيمي ميزة ونقطة قوة يكاد الجميع أن يصدقها برغم عجز الإخوان عن تكوين حزب سياسي أصلاً ذو قرار منفصل عن مجلس شورى الجماعة. وحتى اليوم يجتمع الرئيس بمجلس شورى الإخوان ويتحدث المرشد العام الذي لم يحصل رسمياً على أي منصب سياسي داخل الدولة أو داخل حزب الحرية والعدالة عن خططه لمستقبل مصر، ويقوم شباب الإخوان بتأمين المباراة بدلاً من الشرطة وكأنه جهاز أمني موازي للجهاز الأمني الرسمي. ولازال الكثيرون يصدقون أن فضيلة الإخوان أنهم منظمون. 11- شيطنة الانترنت : شيطنة الفيس بوك والحقيقة أن هذا الوصف فيه مفارقة لأنه يصلح لوصف أساليب المليشيات الإلكترونية الإخوانية للسيطرة الأيديولوجية. ومن جهة أخرى فالمليشيات الإلكترونية بلغة أقل حدة كانت تثني الشباب من إهدار طاقتهم على الفيس بوك وتويتر، ولا ننسى إنتقادتهم المستمرة والقوية لمحمد البرادعي وتويتاته التي تنتشر عبر وكالات الأنباء والجرائد والمواقع الإلكترونية بل يتناقلها عدد لا يحصى من حسابات الفيس بوك و الذي ينتقيها البرادعي بذكاء ولا يكثر منها، وبالتأكيد أن هذا الإنتقاد الإخواني لمحمد البرادعي ونشاطه على تويتر ليس هدفه أن يدفع البرادعي بأن يقوم بأعمال أكثر اتصالاً بالشارع بل هدفه إثناءه عن أن يكون شخصية فعالة على التويتر والإنترنت وربما انسحابه من التويتر يفتح لهم مساحات أرحب. فإن الإنترنت يكون فعالاً حينما يكون جهاز يستطيع الإخوان من خلاله تحميل أيديولوجياتهم ويكون شيطاناً حينما يعجزوا عن ذلك. لذا فلا عجب أن الإخوان يحلمون بفيس بوك يسمونه إسلامي أو بلفظ أوضح فيس بوك إخواني يقوموا بإنشاءه بدعم من الخليج يحركون من خلاله الشباب في المنطقة و يروجون له بأفكار براقة عن الأخلاق و القيم الدينية. الأيديولوجية لم يتم تحميلها بشكل كامل ... هل تريد إلغاء الأمر؟ للأفضل أو للأسوء...للنفع أو للضرر سيستمر الفيس بوك في كونه منبر حرج، مساحة يدور فيها الجدل الحاد والتشاور المتروي حول مستقبل بديل قابل للتحقق، ملايين من المستقلين سواء مواطنين إلكترونين أو نشطاء إلكترونين يتشاركون في هذا الفضاء مع جماعة تبحث عن القوة لها مليشيات إلكترونية تحركها بالأمر تسعى لتحميل أيديولوجياتها وأن تشكل على هواها اللغة السياسية والعمليات العقلية داخل عقول المستخدمين. الجماعة ذات البناء القمعي تقدم نفسها كجماعة تحررية، فإن الجماعة التي تعتمد على التخفي والتلاعب تقدم نفسها كجماعة تحرص على الشفافية والديموقراطية. أقرت العديد من السياسات المريبة للنظام القديم في محاولاتها للإصلاح. تُحدثنا عن مشروع إبداعي خلاق وتقتل الشخصية والإبداع الفردي في شبابها، فيتحول شبابها ليس في الفيس بوك فقط بل في الواقع إلي بروفايلات خاوية من الخصائص والمعلومات (info)، يملؤها القادة بالقوالب حسب الحاجة. فأكثر ما يحزنني حين يدخل أحد الشباب الإخواني بأحد القوالب التي تلقى أوامر نشرها ويكون داخل القالب أنه يعمل في كذا أو لديه خبرة في كذا أوتربى في كذا، وهذا القالب يتنقله الآلاف من المفترض أنهم أفراد مختلفين، فقد أُبطلت شخصيتهم لصالح القادة لم يُبطل عقلهم النقدي وإبداعهم فقط. وعدت بالكثير ولم تقدم سوى الخطاب، ولكن حينما يصبح خطاب ما ممتداً ومنتشراً بغزارة يصبح انتقاده شديد الصعوبة. على المواطنين العادين في الفضاء الإلكتروني الرافضون لتحميل الأيديولوجية أن يعملوا بشكل فردي أو جمعي لمقاومة هذا التحميل وألا ينخدعوا بالبروفايلات الكاذبة والقوالب الموجهة المعدة مسبقاً. وفي الحقيقة هناك الكثير من المستخدمين لديهم وعي كامل بكثير مما ذكرنا لتكتيكات وربما أكثر وعليهم أن يستمروا في فك شفرات تكتيكات الخطاب التي تستجد على الساحة الإلكترونية أول بأول، عليهم أن يرفضوا أي تضييق على المساحات المادية والإفتراضية في الفضاء الإلكتروني التي كانت يوماً ما مجالاً للروح السقراطية الجمعية التي تشارك فيها الجميع بالأسئلة الأساسية الهامة، الوطنية والسياسية والإنسانية لأن إنطفاء تلك الروح التي بدأت بها الثورة يقطع الطريق أمام تحقيق أهدافها. إن الطليعة الإلكترونية تستخدم فضاءات الإنترنت بأساليب إبداعية مرحة منفتحة سياسياً وتوعوياً، تكشف الحقائق للجماهير في وجه السلطة وتحرك الإبداع في العقول. هناك صفحات كثيرة مثل صفحة "كارلوس لاتوف" أو "الحملة القومية ضد السرسجية" أو "أنا إخوان أنا مقطف بودان" وصفحات أخرى، كل هذه الصفحات لم تعد كافية الآن للتعامل مع التسونامي الاخواني على الفيس بوك وعلى المجتمع ككل. الذين لازالوا مستمرون في النضال من أجل الديموقراطية والكرامة والعيش ... الذين لايزالوا يدافعون عن أهداف الثورة، يحتاجون إلى فهم أكثر فهماً وتدقيقاً لتحركات وتكتيكات الإخوان الأيديولوجية، فقط من خلال الإقتراب من الإنترنت والإعلام الرسمي والغير رسمي بأعين مفتوحة واعية ومحللة، وعليهم أن يكتبوا بأيديهم السيناريو المستقبلي الخاص بهم نحو حريتهم وحريات ذويهم. عليهم اليوم أن يبدعوا نموذجهم الخاص للوطن بدلاً من أن يعيشوا كمواطنين محملين بقوالب مكتوبة في عقولهم تقودهم نحو مصالح جماعة بعينها. آخر تعديل بواسطة admin ، 11-01-2013 الساعة 07:37 PM سبب آخر: محتوى عنيف |
#168
|
|||
|
|||
اخى العزيز استاذ ايمن
ان كان الاخوان قد عملوا كل ما تم كتابته فهو ذكاء فوق الوصف يحسب لهم ولا يحسب عليهم يدل على تنظيمهم بطريقه غير عادية كنت فى الفترة الماضية متأرجحاً هل انتخبهم مرة اخرى ام لا ؟ ولكن بعد هذا المقال ولشدة الذكاء والتنظيم قررت ان شاء الله انتخبهم فى الانتخابات القادمة لانى لا اعتقد انه سيكون هناك ذكاء وقدرة تنظيميه اكثر من ذلك شكراً لك اخى الحبيب
__________________
|
#169
|
||||
|
||||
ماشاء الله موضوع فى قمة الروعة واعمق واجمل وصف وتحليل قرأته منذ زمن بعيد عن الوضع الراهن وتحليل نفسى واجتماعى فوق العادة
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا والله يكون فى عونك فى اللى هاتسمعه من الاخوان
__________________
|
#170
|
||||
|
||||
اقتباس:
بالفعل هو ذكاء كبير و يدل على قدرة فائقة على التنظيم و ادارة الدعاية الانتخابية و هو مايشهد به الجميع للأخوان أما عن انتخابهم مرة أخرى ، فهذه هى الديموقراطية الحقيقية أن ينتخب كل شخص من يراه الأصلح فشر هذه المقالات ليس الهدف منه التأييد أو الهجوم و لكن المعرفة و التحليل ليختار بعد ذلك كل شخص مايتوافق مع فكره و رؤيته للأمور جزاك الله خيرا و بارك الله فيك
|
#171
|
||||
|
||||
اقتباس:
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك
|
#172
|
||||
|
||||
تساؤلات لا بد منها: الجزء الثاني
تساؤلات لا بد منها: الجزء الثاني لا يكفي فتح بروتوكول باريس، بل حان الوقت لطي صفحته ما تم التعبير عنه مؤخرا من احتجاج شعبي وسياسي تجاه الأوضاع المعيشية المتردية، نجح أيضا على صعيد الشارع الفلسطيني، ولأول مرة، في إبراز الصِلة بين تلك الأوضاع والهيمنة الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني من خلال آليات "بروتوكول العلاقات الاقتصادية"، الموقعة بين إسرائيل و م.ت.ف. في باريس عام 1994. ولم تغفل الشعارات التي رفعت والتحليل والتعقيب المكثف منذ ذاك الحين بأن بروتوكول باريس كان الملحق الأول لاتفاقيات أوسلو، وأن استمرار سريانها مرتبط بنتائج الجدل الدائر حول مستقبل الأطر المؤسسية والأمنية والسياسية لأوسلو، بل حول نظام الحكم الذاتي نفسه. وقد يُنظر إلى جميع هذه الاتفاقيات على أنها رزمة واحدة متكاملة ومكملة لبعضها، غير قابلة للتجزئة. وانعكس ذلك بوضوح في سياسات السلطة الفلسطينية منذ 2007 على الأقل، حيث كان العنوان العريض للمرحلة السابقة "الوفاء بالالتزامات الموقعة" وإظهار حسن النوايا والجاهزية المؤسسية، على أمل التجاوب بالمثل من طرف "القوة القائمة بالاحتلال." وبينما توصل الرأي العام الفلسطيني أخيرًا إلى أن بروتوكول باريس يبدو "أصل البلى" الاقتصادي (مع الاستدراك بأن أوسلو هي "الورطة الكبرى")، فإن التجربة التنفيذية التاريخية والأخيرة لها دلت على أن البروتوكول يحد بشكل شبه مطلق قدرة الساسة الاقتصاديين الفلسطينيين على منع حدوث المزيد من التدهور الاقتصادي، ناهيك عن أنها تقوض وتلجم أيّة احتمالات تنمية (وليست فقط احتمالات النمو) فعلية. وهذا الاستنتاج الشعبي يأتي ليؤكد ما يردده عدد من الخبراء والمؤسسات الفلسطينية والدولية منذ سنوات، مما يجعل من المنطقي التساؤل الذي انتهيت بطرحه في مقال سابق (رابط للمقال الأول) أي إذا كان من الممكن التخلص (أو الخروج) من بروتوكول باريس دون تفكيك أوسلو وألياتها ومؤسساتها.. فهل من بدائل سياساتية اقتصادية خارج اطار باريس يمكن جديا وفي الواقع السياسي الراهن الاحتماء بها واعتمادها بغية معالجة التحديات الاقتصادية الآنية والمستقبلية، دون الإطاحة باتفاقية أوسلو أو التبريء من التزاماتها المتشابكة؟ قبل محاولة الإجابة، لا بد من استذكار بعض أهم ملامح بروتوكول باريس التي تقيد حتمًا احتمالات التنمية والاستقلال والسيادة الفلسطينية، حتى بين دولتي إسرائيل وفلسطين العتيدة، ثم أن أوضح لماذا لا تجدي محاولة إصلاح البروتوكول اليوم، بعد كل ما تعرض له من تآكل وانتهاك وتجاهل من قبل إسرائيل حتى الوصول إلى مرحلة، وكما جاء في قصة الأطفال الغربية حول البيضة المكسورة ،"لن يستطع كل رجال وكل خيول الملك إعادة تركيب هامبتي دمبتي ثانية". *** عندما قررت م.ت.ف. قبول ترتيبات أوسلو للحكم الذاتي الانتقالي السياسية والمدنية والأمنية، كان عليها إبرام اتفاقية مناسبة لتنظيم العلاقات الاقتصادية بين كيان الحكم الذاتي والقوة القائمة بالاحتلال. بالرغم من كل ما يحتوي البروتوكول من أوجه قصور في تصميمه وشروطه، بما في ذلك الادعاء في مقدمته أنه يهدف لوضع الأسس الصلبة لاقتصاد فلسطيني مزدهر في الضفة الغربية وغزة، التي تشكل وحدة جغرافية اقتصادية واحدة، لا ينفع اليوم مواصلة هذا الجدل الذي لم يتوقف بين الخبراء والسياسيين منذ ما يزيد عن 15 سنة، ونكتفي بالقول أنه إذا كان البروتوكول الخيار الوحيد لتنظيم العلاقات الاقتصادية لإدارة شؤون سلطة فلسطينية ناشئة، فان تلك المرحلة انتهت منذ حين، ويعيش الشعب الفلسطيني اليوم ظروف سياسية وميدانية مختلفة تمامًا، بل تحديات وجدانية ليست اقل ضاغطة من تلك التي أجبرت قبل 20 سنة الدخول في عملية سلام ولّدت أوسلو. يتمحور بروتوكول باريس حول عدة مجالات للعلاقات الاقتصادية ربطت مصير الاقتصاد الفلسطيني بمتطلبات الاقتصاد الإسرائيلي الأكبر والأقوى. وأهم قنوات هذا "الارتهان" وأضراره الموثقة للاقتصاد الفلسطيني، الأمس واليوم وغدًا، هي: 1. اعتماد النظام التجاري الإسرائيلي (مع بعض الاستثنائيات) من تعرفة جمركية وضرائب غير مباشرة ومواصفات، الذي قد يخدم مسار إنماء الاقتصاد الإسرائيلي المصنّع والمتقدم علميًا والمنفتح تجاريًا وماليًا على أسواق العالم، لكنه غير ملائم لعملية بناء قاعدة إنتاجية متينة أو لحماية المصالح الحيوية لشعب يكافح لتحرير أرضه المحتلة، حيث ينطوي على انفتاح تجاري مبكر ومفرط يؤدي إلى طمس احتمالات بناء "صناعات وليدة" ويدمر الزراعة التقليدية ويزيد من التبعية لإسرائيل ومساره الاقتصادي ؛ 2. شروط انسياب التدفقات التجارية بين مناطق السلطة الفلسطينية وإسرائيل وسائر الأسواق الأخرى، والتي تقيدت بالموانئ والمخلصين ووسائل النقل الإسرائيلية والتكاليف الإضافية المترتبة على ذلك، وبالرغم من كل التطور المحقق في القدرة المؤسسية والفنية المكتسبة لدى الجمارك الفلسطينية وقطاع الشحن والتخليص الفلسطيني، في إدارة التدفقات التجارية الحدودية بكفاءة عالية، فإنها ما زالت أسيرة ل"عنق الزجاجة" الإسرائيلية ولا وجود لهم لا على الحدود الدولية ولا داخل الموانئ، بينما لم يعد احد يتحدث عن ميناء غزة البحري (أو مطارها الدولي) المنصوص حرفيًا علي إنشائه في أولى اتفاقيات أوسلو، إعلان المبادئ لعام 1993 ؛ 3. تسيير التبادل التجاري الزراعي بين الطرفين على أسس "التنافس الحر"، والذي تحول فعلا إلى عملية إغراق للسوق المحلية بالمنتجات الزراعية الإسرائيلية المشبعة بالإعانات العامة ودعم للأسعار وشبكات للتسويق، مما يقوض تماما فرص التنمية الزراعية والمجتمعات الريفية؛ 4. شروط دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل، والتي تحددت سقفها دائمًا بحسب مقتضيات الأمن واحتياجات سوق العمل الإسرائيلي دون مراعاة احتياجات السوق الفلسطيني، مع أن تأمين فرص عمل في إسرائيل اعتبرت من اهم مبررات قبول صيغة "الاتحاد الجمركي" ومن أهم "المكاسب" من تنفيذ البروتوكول حتى عام 2000؛ 5. اعتماد العملة الإسرائيلية للتداول والتقييد بالسياسة النقدية والاقتصادية الكلية الإسرائيلية في فصل من بروتوكول باريس لا يذكر عادة عند مناقشة سلبياته المذكورة أعلاه. وكان هناك مبرر في 1994، و ما زال، للتعامل مع هذا الموضوع بمزيد من الحذر وحس رفيع من المسؤولية المهنية والوطنية. لكن نظرًا لما يسببه هذا الارتهان النقدي من تشوه في عدد من المؤشرات الاقتصادية الكلية (نسب الفائدة والتضخم وأسعار صرف العملة والأجور والقوة الشرائية عامة)، وعلى ضوء أهمية اعتماد سياسة نقدية مستقلة (أو ذاتية) لإرساء قواعد حقيقية لاقتصاد يتمتع بحيز من السياسات والسيادة، فان استثناء هذا الموضوع من الحوار الاقتصادي الحالي غير معقول، خاصة وأن السلطة استنفذت جميع "الأسلحة" الضريبية والتجارية المتبقية في "جعبة" بروتوكول باريس لمواجهة الأزمة. وعندما قرر الرئيس أبو مازن، في أعقاب خطابه أمام الأمم المتحدة في 2011، ان يتم فحص قيود بروتوكول باريس والبدائل المتاحة، كان ربما يرى ماذا ستواجه هذه الاتفاقية من نقد وإلقاء اللوم اذا لم تتحسن الظروف السياسية والاقتصادية. وها نحن بعد عام من ذلك، وتم تجديد القرار ب"فتح" باريس دون تحديد ما هي الملفات التي ستفتح ولأي هدف تماما. وفي نفس الوقت أعلن رئيس الوزراء سلام فياض عن عدد من الاتفاقات (لم يكشف عن جميع تفاصيلها أو نصوصها كما جرت العادة في الماضي) لتحسين آليات التعاون الجمركي ولتسهيل انسياب التجارة بين الضفة الغربية وإسرائيل. كما كتب في هذه الصفحات مؤخرا كبار المفاوضين في باريس (وأوسلو)، السيد احمد قريع، بأنه إذا كان هناك خلل في الأداء الفلسطيني في موضوع البروتوكول، فإن ذلك لا يتعلق بتصميمه بقدر ما هو نتيجة الضعف في التنفيذ الفني والمؤسسي والتفاوضي الفلسطيني، وبالتالي على الجانب الفلسطيني اليوم أن يحسن الاستفادة القصوى منه. ومع أهمية ما تشير لها هذه التطورات، من استدراك لصناع القرار لخطورة الوضع الحالي والإلحاح في إتمام تعديلات كانت من بين المطالب الاقتصادية الفلسطينية منذ أكثر من عقد من الزمن، فإن المشكلة الكبرى اليوم أنه يبدو أن القرار الاقتصادي يتجه نحو إصلاح البروتوكول، بغية المزيد من التشابك مع اقتصاد القوة القائمة بالاحتلال. يبدو أن الرهان هو أن إسرائيل قد تقبل اليوم تنفيذ ما رفضته قبل 2000، عندما كانت م.ت.ف. في وضع اقتصادي وسياسي وتفاوضي اقوى ولم تكن إسرائيل قد أحكمت بعد قبضتها الاستعمارية وطوقها حول مناطق نفوذ السلطة الفلسطينية. وهذا في لحظة تُرفع شعارات، ليس لتجديد سريان باريس أو إطالة أمد السيطرة الاقتصادية الإسرائيلية، بل مناهضة للاتفاقية ومطالبة بفك الارتهان لاقتصاد إسرائيل، ناهيك عن تجاهل رأي غالبية الخبراء، الذي يؤكد على ضرورة التخلص من الاتحاد الجمركي والاتحاد النقدي اذا كان سيقام يوم ما اقتصاد فلسطيني "قابل للحياة" لدولة فلسطينية مستقلة. *** مع ان بروتوكول باريس موقّع عليه من قبل طرفين، فإن السلطات الإسرائيلية تعاملت معه وعدلت من إجراءات تنفيذه دائما حسب متطلباتها الأمنية ومزاجها السياسي، وأبدا ليس حسب نصوصه أو حتى روحه. بمعنى آخر، لم يكن يومًا البروتوكول المرجعية الأساسية أو الضرورية لترشيد القرار الاقتصادي الاسرائيلي بشأن الأراضي المحتلة، بل كانت مخططات توسع المستوطنات والطرق وشبكات الطاقة والجدران الفاصلة والحواجز والمعابر وكل بنية الاستعمار هي المرجعية والدليل التي لا ترى إسرائيل سواها. من جانب آخر مع مرور السنين والانخفاض المتواصل في سقف التوقعات والمطالبات الفلسطينية، فإن البروتوكول أصبح المرجعية الاقتصادية الفلسطينية الوحيدة، التي لا يرى صانع القرار الفلسطيني سواها، وكأنه منقوش في الصخر أو أنه لا توجد نماذج اقتصادية بديلة في العالم، سوى تلك الصيغة البائتة والمتقادمة والمجحفة بحق الشعب الفلسطيني ومقدراته وقدراته الكامنة. ومع مواصلة الجدل حول مستقبل باريس وأوسلو (بل مدريد نفسه وعملية السلام برمتها)، سيكون من المفيد دراسة جميع الإمكانيات من النواحي القانونية والوظيفية والسياسية، ليس لتعديل أو تصحيح بروتوكول باريس أو للتنفيذ "الأمين" له، إنما باتجاه الخروج تدريجيا ومنطقيا من اعتباره المرجعية الوحيدة. وذلك حيث يمكن بالتراضي مع إسرائيل ودون تفاوض، أو بالسعي السياسي والديبلوماسي والميداني تحقيق كل ما هو ضروري لتأمين الأمن الاقتصادي للمواطن ولحماية الاقتصاد الممزق من الحرب من المزيد من التدهور، بغض النظر عن نصوص باريس. ومن خلال برنامج سياساتي يضع نصب عينيه المحاور الأساسية للارتهان الاقتصادي ("نقاط الوجع") والحلول البديلة لمعالجتها (اليوم وليس بعد الاستقلال)، يصبح من الممكن تصوّر علاقة اقتصادية مختلفة مع الاقتصاد الإسرائيلي يبتعد عن قيود بروتوكول باريس. من المؤكد انه كما يعكس البرتوكول الاطار الاقتصادي الوحيد المسموح احتلالياً الاسترشاد به فلسطينياً، فان أوسلو (أم باريس) يبقى الاطار الوحيد المسموح لإدارة مناطق الحكم الذاتي في الضفة الغربية. ومَن كان يطالب منذ زمن بتفكيك أوسلو أو اصبح اليوم ينادي بذلك، على حق بالادعاء بان أوسلو يقتضى باريس وأنه ليس هناك ما يبرر باريس اقتصادياً سوى أوسلو. لكن ذلك لا يفرض بالضرورة أنه لا حياة لأوسلو دون باريس. من هذا المنطلق اذًا، ومع الاعتراف بأهمية معالجة جذرية للازمة الاقتصادية، وضرورة تغيير الاطار التنظيمي الاقتصادي الحاكم (الذي بحد ذاته يكون بمثابة تغيير سياسي)، وصعوبة (بل خطورة) التخلص من أوسلو (أو باريس) بين ليلة وضحاها، وانطلاقا ايضاً من عدم قدسية أية اتفاقات تهدد "الأمن الاقتصادي القومي"، يصبح من الواجب فتح الطريق أمام حوار وطني عاجل وشامل للتدارس في السياسات التجارية والضريبية والنقدية المناسبة لمواجهة تحديات اليوم، وأن يطوى ملف باريس هذه المرة، لكي تعمل العقول الحرة وقادة الرأي الشابة والمخضرمة على رسم احتياجات وأولويات وآليات مرحلة صمود قد تطول، وبانتظار هبوب رياح أي تغيير سياسي أو اختراق ديبلوماسي قد تخلط الأوراق كلها، وتجعل كل هذا الجدل نافل وغير ضروري! في الحلقة القادمة والأخيرة: ما هو متوفر كبدائل عن اطار باريس، وكيف يتحقق وعلى ارض الواقع باقل خسارة؟ |
#173
|
||||
|
||||
تساؤلات لا بد منها: الجزء الثالث
تساؤلات لا بد منها: الجزء الثالث هنالك عدة أسباب تجعلني غير واثق من توفر الاستعداد أو المقدرة السياسية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية للتعامل اليوم مع بروتوكول باريس حسب ما تقتضي المصلحة التنموية الفلسطينية الاستراتيجية، وهي ذات الأسباب التي ستدفع أصحاب القرار الاقتصادي الفلسطيني على الأرجح للعمل على تعبئة الجهود لإجراء إصلاحات اقتصادية وتجارية داخل اطار باريس، وليس خارجه. وفي نفس السياق، يجب ألا نستغرب اذا ولدت مثل هذه الجهود "الترميمية" للبروتوكول بعيدا عن المس ب"أم الاتفاقيات" أوسلو، حشداً بل تزاحماً بين اطراف عديدة قد تجد مصلحتها في إدامة الإطار الاقتصادي الحاكم، أو لديها قناعة اقتصادية بضرورة وحتمية الحفاظ على الاتحاد الجمركي مع إسرائيل. وعلى ضوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية والمخاطر المحدقة باطار أوسلو ومؤسساته، فانه من المؤكد ان ورش العمل ودراسات الخبراء والمعاهد والمانحين والمشاورات بين المسؤولين الاقتصاديين سوف تنطلق مجددا، في سعي لبعث الحياة، بل الأيمان، في اطار بروتوكول باريس وإطلاق "عملية إصلاح" له، قد تمهد لمرحلة "انتقالية" جديدة، شبيها بتلك السنوات ال3 التي مضت من "جهود بناء الدولة".اذا كان الابتعاد عن الاتحاد الجمركي منطقياً، هل توجد بدائل فعلية له؟ وبالرغم من المطالبة الشعبية المناهضة لآثار بروتوكول باريس، وللإجماع العلمي الواسع بان الاتحاد الجمركي لا يشكل افضل الصيغ للعلاقة التجارية الحالية والمستقبلية، بل هو الأسواء في جميع الأحوال، فان الإمعان في الترويج لإمكانية "تطوير" باريس أو تنفيذه بأمانة ("كما هو منصوص عليه") وليس حسب المزاج الأمني أو الاقتصادي الإسرائيلي، لا يبشر على بجاهزية السلطة الفلسطينية للبحث جديا بأية بدائل عما هو قائم و"موقع عليه"، ليس اليوم ولا غدا، وحتى ولو أحضرت لها مائة رأي ومبرر اقتصادي مغاير. ومع ان م.ت.ف. طالبت إسرائيل في مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 باستبدال الاتحاد جمركي ب"منطقة تجارة حرة"، وأيدها في ذلك خبراء البنك الدولي الذين اكدوا في دراسة نشرت عام 2002 "ان البروتوكول بعباراته الغامضة، يشكل عقداً غير مكتمل وغير قابل للتطبيق، تم تنفيذه لصالح إسرائيل". لكن هذا لم يعد اليوم هو الموقف الفلسطيني الرسمي، حيث أكد رئيس الوزراء سلام فياض للمفوض التجاري الأميركي في 2010، انه يفضل شخصيا الانتقال نحو نظام تجاري اكثر متحرر من ذلك المتضمن في باريس ودون منح أفضليات تجارية لأي طرف، لكنه ليس "متحمسا لتغيير ما هو قائم"، وبإمكانه "التعايش مع البروتوكول". ومع انه لا يتم تنفيذه كما يجب، فان من الممكن حسب رأيه إجراء تحسينات لبعض جوانبه حيث انه إطار "أفضل بكثير مما يدعيه البعض". ويبرز هنا التخوف من الدخول في منطق التفاؤل المطلق لشخصية فولتير الشهيرة، ذلك الفيلسوف "بانغلوس" الذي كان يصر على انه "في عالمنا هذا، وهو الأفضل بين كل العوالم، فان كل شيء على افضل حال". وقد يستسلم لهذا المنطق كل من صانع القرار الاقتصادي الذي لا يرى الاقتصاد سوى من منظار باريس وأوسلو، والجمهور الفلسطيني الأوسع الذي يراوده في آن واحد التذمر من الوضع المعيشي والقلق تجاه أي تغيير في الوضع القائم. لكن اذا اصبح "إنقاذ باريس" هو العنوان الفعلي للفترة القادمة، رافضا بذلك التعلم من دروس العقدين الماضيين وتفادياً المواجهة مع تحديات اليوم وغدا الاساسية، سينطوي مثل هذا التوجه على تجاهل بقية حكاية "بانغلوس"، الذي واجهه تلميذه "كانديد" بالإجابة "اذا كان عالمنا الأفضل بين كل العوالم، فكيف هي فعلا تلك العوالم؟" وهذا هو محور ما سأجيب عليه في هذا المقال لدى دراسة البدائل الممكنة "لعالم" باريس الاقتصادي. *** من المتعارف عليه في علم الاقتصاد وفي التجارب التنموية المختلفة من أوروبا إلى أمريكا اللاتينية، هنالك اربع نماذج للعلاقات التجارية بين الدول يتم الانتقال من واحدة للثانية في مراحل متعاقبة من الاندماج الاقتصادي المتزايد. المعاملة التجارية غير التمييزية: أو ما يعرف أيضا بمعاملة الدولة الأكثر رعاية، وهي صيغة العلاقة التجارية القائمة فعلاً بين معظم دول العالم، في أولى مراحل علاقاتها التجارية المتبادلة، واعتماد هذه المعاملة هو الشرط الأساسي لقبول انضمام أية دولة أو منطقة جمركية منفصلة لمنظمة التجارة العالمية؛ منطقة التجارة الحرة: لتحقيق المزيد من الفوائد المحتملة من الاندماج التجاري والاقتصادي، يمكن تحرير جميع التدفقات التجارية السلعية والخدمية بين دولتين (مجاورتين عادة) أو اكثر وإعفائها من التعريفة الجمركية والرسوم، مع حق كل طرف بالاحتفاظ بترتيبات تجارية وجمركية مختلفة مع دول أخرى. ومن الأمثلة الناجحة نسبيا لهذه الصيغة "منطقة التجارة الحرة لشمال أمريكا – نافتا" بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك؛ الاتحاد الجمركي: وهو نموذج اكثر متقدم للاندماج، ينطوي ليس على تحرير كامل للتجارة بين مجموعة من الدول المشاركة فحسب، بل على اعتماد تعرفة جمركية موحدة تجاه كافة الدول الأخرى، و"الاتحاد الأوروبي" اصبح المثال الأكثر تقدما لمثل هذه الصيغة، بالإضافة "للاتحاد الجمركي لجنوب افريقيا" كمثال لاتحاد جمركي بين اقتصاد كبير ومتقدم وأخرى اقل نمواً. الاتحاد الاقتصادي: و في ارقى شكل من الاندماج الاقتصادي فان مثل هذا الاتحاد - الجمركي والنقدي والضرائبي - بين اقتصاديات مماثلة أو متقاربة، يكون بمثابة تسليم سيادة الدول الاقتصادية إلى هيئة جماعية عليا تراعي مصالح جميع الأعضاء ضمن نفس المعايير السياسية الاقتصادية الكلية. و"منطقة اليورو" (المتأزمة اليوم) هي مثال على محاولة لم تنجح حتى الآن في إكمال جميع عناصر الوحدة الاقتصادية اللازمة للحفاظ على الاتحاد الاقتصادي، وخاصة الضريبية والمالية، مما يهدد بتفكيك الاتحاد النقدي اذا لم تنجح الدول الأعضاء بإنجاز المزيد من التوحيد لسياساتهم المختلفة، بما يراعي مصالح جميع أعضائها الكبار والصغار. وإذا كان بروتوكول باريس يوصف عادة بانه "شبه اتحاد جمركي" (غير مكتمل بسبب تصميمه المنحاز للمصالح الاحتلالية وتضمنه استثناءات مختلفة)، فان العلاقة الاقتصادية الفلسطينية الفعلية مع إسرائيل أشبه ب"اتحاد اقتصادي" (غير مكتمل أيضا). وعلى ارض الواقع ليس هناك بين البحر والنهر سوى نظام اقتصادي واحد، أي النظام التجاري والضرائبي والنقدي والكلي الإسرائيلي. وضمن هذا الواقع القانوني والظرف الميداني الراهن، فان بروتوكول باريس لا يعتبر عقداً بين طرفين بقدر ما هو وثيقة ترشيدية إسرائيلية لبعض الاستثناءات عن أنظمة الاتحاد الاقتصادي التجارية والضريبية، والمسموح اعتمادها لدى سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية إذا رغبت بذلك. والجدير بالملاحظة أيضا أن قرار المم المتحدة 181 لتقسيم فلسطين عام 1947 نص في ملحقه الأول على إقامة اتحاد اقتصادي بين الدولتين اليهودية والعربية. ومع انه لم يتم تنفيذ بنود القرار الرئيسية في إقامة دولتين، إلا انه نُفذ ملحقه الاقتصادي على نحو مشوه، بعيدا عن هدفه الأصلي بتحقيق التقارب والاندماج الاقتصادي، حيث لم يولد هذا "الاتحاد" سوى التباعد والانفصال في مسارات النمو العربية واليهودية، وذلك هو النتاج الحقيقي ل 6 عقود من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني. *** هكذا يبدو (لي على الأقل) مشروعاً التساؤل لماذا يتجه الرأي السياسي و"العلمي" اليوم نحو إعادة اختراع أو إحياء نموذجاً للعلاقة التجارية مع القوة القائمة بالاحتلال لم يكن يوماً هو الخيار الاقتصادي الفلسطيني أو الإطار المناسب لتقوية اقتصاد تحت الاحتلال؟ بينما هنالك نماذج بديلة بإمكانها إتاحة فرص أكثر جدوى للعلاقة التجارية ليس مع إسرائيل فحسب، بل مع سائر الشركاء التجارية. وهنا ايضاً نلاحظ تكرار نفس الخطاء المنهجي في عملية صياغة السياسة الاقتصادية الفلسطينية الذي تكرس في الماضي، حيث كان السؤال المطروح يتمحور دائما حول ما هي أفضل الصيغ للعلاقة التجارية مع إسرائيل، بينما السؤال الجوهري الوحيد (والمغفل دائما) يجب ان يكون شكل النظام الاقتصادي والتجاري المطلوب لفلسطين مع العالم اجمع، وبالتالي ما هي انسب صيغة للعلاقة مع إسرائيل؟ وبينما قد يبقى الخيار الوحيد المسموح اليوم ضمن أوسلو هو الإبقاء على الاتحاد الجمركي المعلن (رغم تشوهه عدم تكافئه)، فانه حان الوقت للاعتراف علنا بان كيانيه الاقتصاد الفلسطيني أصبحت أسيرة لاتحاد اقتصادي اضطراري يملي شروطه محافظ بنك إسرائيل المركزي ووزران المالية والتجارة والدفاع الإسرائيلية، و تنحصر دور السلطة الفلسطينية في إدارة مناطق نفوذها المحدودة دون أية كلمة لها في رسم السياسات المالية والنقدية والتجارية الكلية التي تحد بشكل مطلق من قدرة "صانع القرار" الفلسطيني من صنع أي قرار فعلي. على ضوء هذا كله، فان الخيارات ليست بالضرورة محدودة لدرجة جعل خيار البقاء على الاتحاد الجمركي هو الوحيد أو "أفضل العوالم" وطالما تفكر السلطة بفتح الملف الاقتصادي مع إسرائيل، يمكن وضع عدة خيارات أخرى على الطاولة والتي خضعت جميعها إلى الدراسة المقارنة من قبل جهات عديدة منذ سنوات: خيار الانفصال التجاري والنقدي الشامل عن إسرائيل من خلال اعتماد المعاملة التجارية غير التمييزية والعمل على بلورة المفهوم القانوني والمؤسسي لمنطقة جمركية منفصلة والتعريفة الفلسطينية التنموية والتواجد/السيطرة على الحدود التجارية الدولية؛ خيار تحويل الاتحاد الجمركي إلى منطقة تجارة حرة بين المناطق الفلسطينية وإسرائيل، تشمل ربما 30% من الواردات الفلسطينية السلعية الحالية، ونسبة أعلى من الصادرات السلعية والخدمية (خاصة في حال تضمن ذلك صادرات الأيدي العاملة الفلسطينية)، مع إمكانية تطوير التجارة مع الدول الأخرى بعيدا عن النظام الجمركي الإسرائيلي وحسب المقتضيات التنموية الإستراتيجية؛ وأخيرا وليس آخرا، هناك خيار تحسين شروط الاتحاد الاقتصادي الفعلي المهيمن (وغير المعلن)، حيث يمكن للسلطة الفلسطينية ولمبررات اقتصادية، ان لم تكن أيضا سياسية، دراسة خيار تحميل السلطة القائمة بالاحتلال بالامتثال لواجباتها القانونية في رعاية مصالح الشعب الفلسطيني في جميع قراراتها وسياساتها النقدية والتجارية والضريبية، خاصة وان عبء تنفيذها تقع على عاتق السلطة الفلسطينية وآثارها الاجتماعية البعيدة تؤثر مباشرة على معيشة ما يزيد عن 4 مليون فلسطيني. هكذا، عندما نتوقف لحظة للتفكير قليلاً قبل التسليم لمنطق "بانغلوس" الراضي على ما هو قائم كونه افضل من أي بديل آخر، نرى ان العوالم الاقتصادية الأخرى ليست بالضرورة سيئة "كما يدعيه البعض"، بل ربما هي فعلا افضل من العالم الوحيد الذي عرفناه منذ 20، بل منذ 60 سنة. آخر تعديل بواسطة Policy ، 14-01-2013 الساعة 04:57 PM |
#174
|
|||
|
|||
مقال يصلح ان يكون كتاب قرأت بعضه ومللت من قراة الباقى وهذا لامرين اولا خير الكلام ماقل ودل وذلك للوصول الى ماتريده من عرض فكرتك والاطاله دليل على العجز لانه امل للاقناع ثانيا ماتعرضه عن فصيل وصل الى الحكم بالشرعيه يجب اعطائه الفرصه كامله وليس التشويش عليه حتى لايحقق هدفه وهذه هى الديمقراطيه والمعارضه يجب ان تكون بنائه وليس تشويه الاخريين فمصر تحتاجنا جميعا مؤيد محترم ومعارض اكثر احتراما والا سيظل معارض مش كده ولا ايه
|
#175
|
||||
|
||||
موضوع جميل جدا
جزاك الله خيرا لكن حسن التنظيم لا يدل علي حسن السلوك او حسن النوايا كما قال الاخ العزيز محمد ابراهيم هم منظمون وليس بالضروره في صالح البلد.....هم تنظيم منغلق علي نفسه في قمة التنظيم ولكن تنظيمهم لحساب انفسهم ومصالحهم فقط....لم نري اي كفاءه حتي الان منهم علي الساحه ولم يفيدو البلد في اي شئ حتي الان!! كل ما نسمعه الدكتور فلان والمهندس علان..... اين الافكار العبقريه الاخوانيه التي سمعنا عنها ايام الانتخابات؟ تنظيمهم لأنفسهم فقط. وشكرا مره تانيه يا مستر أيمن علي الموضوع الرائع
__________________
The deeper you look, the more you will find
|
#176
|
||||
|
||||
الإخوان و«الرأسمالية المتوضئة»
الإخوان و«الرأسمالية المتوضئة» (1) عمار علي حسن الأحد 21-10-2012 08:03 فارق كبير بين النص الإسلامى والممارسة الحياتية، بين الإسلام والمسلمين، وبالتبعية بين ما تخطه جماعة الإخوان على الورق من تعاليم ووصايا وأفكار وتصورات وبين السلوك العملى الذى يتماهى مع التقاليد السائدة تارة، والبحث عن المنفعة أو المصلحة طوراً، علاوة على الظروف الحياتية التى تضغط على أعصاب قيادات «الجماعة» وتجعلهم يذهبون فى أحيان كثيرة صوب دروب بعيدة عما يحملونه فى رؤوسهم من تصور عن «مجتمع مثالى» يقوم على العقيدة الصافية والأخلاق الحميدة، وينزع إلى إقامة المشروع الذى بشَّر به مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا، والذى يخرج عنه الإخوان حالياً بشكل فاضح وواضح. هذا الفصام انعكس على الرؤية الاقتصادية للجماعة بعدما أوصلت أحد قادتها إلى سُدة الرئاسة فى مصر، وكذلك على العلاقات البينية أو البنية الداخلية للإخوان، التى تعانى من تفاوت طبقى، تذكيه حالة التريف التى تعززت فى العقود الأخيرة وغيرت إلى حد ما من تركيبة جماعة لم تفارقها سماتها «المدينية» لسنوات طويلة، فى المنشأ والمسار. وتتم إحالة كل هذا إلى سند دينى وسط تأويل مفرط للنص أو اتكاء على الظروف التى تجعل «الضرورات تبيح المحظورات»، والتى قادت فى الحقيقة إلى تركز «ثروة الإخوان» التى جمعوها من تبرعات أعضائهم العاملين وهبات الموسرين فى الخليج وأرباح مشروعاتهم فى مناطق مختلفة من العالم فى أيدى قلة، وظفتها فى شراء الولاءات وتوجيه دفة الجماعة لتبتعد بمرور الوقت عن طريق حسن البنا وتنزلق إلى طريق سيد قطب، رغم أن قادة الجماعة الأقدمين تبرأوا منه، وقالوا إنه لا يمثل جماعتهم أبداً. نعم نادى سيد قطب بتوفير حد الكفاية وكتب من أجل هذا كتابه الأثير «العدالة الاجتماعية فى الإسلام»، لكن ذلك كان فى مرحلته الثانية التى لم يلبث أن فارقها وتنصل مما ألفه خلالها تماماً، ورغم أنه كتب «معركة الإسلام والرأسمالية» فإن قضيته لم تكن مواجهة الرأسمالية الاستعمارية المتوحشة برؤية تنزع إلى الانتصار للطبقات الفقيرة بقدر ما كانت تواجه رأسمالية الغرب برأسمالية تتكئ على النصوص الإسلامية، إما بتأويل مغرض للقرآن الكريم أو بانتقاء لأحاديث نبوية أو التقاط لمواقف من سير الأقدمين. أما حسن البنا، ورغم تأكيده على الملكية الخاصة، فإن رؤيته الاقتصادية انطوت على ثلاثة مطالب أساسية، تبدو مصر فى حاجة ماسة إليها فى الوقت الراهن، وهى: استقلال النقد واعتماده على رصيد ثابت من موارد الأمة ومخزونها لا من البنوك الدولية، وحماية الجمهور من عسف الشركات المحتكرة وإلزامها حدودها، بما يؤدى إلى الحصول على كل منفعة ممكنة للناس، وتنظيم الضرائب الاجتماعية على أساس النظام التصاعدى بحسب المال لا بحسب الربح، وأولها الزكاة، ومحاربة الكنز وحبس الأموال عن التداول، والاستعانة بها فى المشروعات الاقتصادية وكذلك الخيرية، وأخيراً تحسين حال الموظفين الصغار برفع مرتباتهم وعلاواتهم وتقليل مرتبات الموظفين الكبار. كان البنا فى هذه الأيام يقود مجموعة من صغار الموظفين والحرفيين، الذين كوّنوا النواة الأولى لجماعة الإخوان، ولذا كان ملتفتاً إلى رقة حالهم، وراغباً فى تحسين أحوالهم. لكن بمرور الزمن راحت الجماعة تجذب قطاعات من «البرجوازية الصغيرة» وتتمسك بشروط صارمة لمن ينضم إليها، منها ضرورة أن يكون له عمل يتكسب منه، ثم انفتح باب واسع لتراكم رأسمالى جاد، من التبرعات والهبات والاستثمارات، وباتت الجماعة مصدراً لخلق طبقة من رجال الأعمال، منحتهم الجماعة فرصة لتدوير أموالها فى تكتم بعيداً عن ملاحقة ومطاردة الأنظمة الحاكمة التى كانت تستهدف الإخوان. (نكمل غداً إن شاء الله تعالى) |
#177
|
||||
|
||||
الإخوان و«الرأسمالية المتوضئة» (2) عمار علي حسن الإثنين 22-10-2012 07:30 انتهت دراسة استقصائية معمقة أعدها باحثون فى مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية تحت إشراف الخبير الاقتصادى الكبير عبدالخالق فاروق، إلى خلاصات غاية فى العمق حول سمات «الرأسمالية الإخوانية»، منها أن بعض الإخوان يمتلكون «إمبراطوريات مالية صغيرة» لا يقل رأس مال الواحدة منها عن خمسمائة مليون جنيه، إلى جانب إمبراطوريات أكبر فى الخارج يبلغ رأسمالها مليارات الدولارات. وينكر الإخوان هذا بالطبع، ويسربون أحياناً أرقاماً متواضعة عن حجم ثروات بعض رجال أعمالهم فى مصر مثل خيرت الشاطر وحسن مالك. وأغلب هذه القدرات الرأسمالية الإخوانية غير تنموية، لأنها تقوم بالأساس على التجارة التى يقول كبار رأسماليى الإخوان دوماً الحديث المنسوب إلى الرسول الكريم «تسعة أعشار الرزق فى التجارة» من دون مراعاة السياق الذى قيل فيه هذا القول، حيث لم يكن هناك مورد رزق أمام عرب شبه الجزيرة سوى البيع والشراء فى موسم الحج، وليس بالطبع الزراعة والصناعة. وفى هذا عدم إمعان للنظر أو التدبر فى القرآن الكريم الذى يقدم نموذجاً للنبى يوسف، عليه السلام، الذى أنقذ مصر من المجاعة بزراعة القمح، وليس باستيراده من الخارج كما يجرى الآن. وينصرف جزء كبير أيضاً من هذه الأنشطة إلى التوزيع والخدمات، وليس بالقطع إلى استصلاح الأرض وفلاحتها، وتشييد المصانع، وتعزيز اقتصاديات المعرفة. وقد كان الإخوان فى مصر معذورين فى توجههم هذا قبل ثورة يناير، نظراً لأوضاعهم الأمنية التى لم تمكنهم من إظهار قدرتهم الرأسمالية فى أنشطة اقتصادية كبيرة وراسخة وظاهرة، لكن لا يبدو، حتى الآن، ما يدل على أنهم سيغيرون هذا التوجه، ويجلبون رءوس أموالهم المستقرة فى الخارج ويستثمرونها فى الداخل. ومن هذه السمات أيضاً أن بعض رجال أعمال الإخوان شركاء لبعض نظرائهم ممن ينتمون إلى نظام حسنى مبارك. وهذه الشراكة قامت فى الغالب الأعم على «محلل» أو «شريك وسيط» من خارج مصر، لا سيما من بلدان دول مجلس التعاون الخليجى. ويسعى رجال أعمال الإخوان حالياً إلى اختراق مؤسسات الدولة بسرعة هائلة، فمن بينهم اثنان فى التشكيل الوزارى، وبعضهم يحيط برئيس الدولة ويداوم فى قصر الرئاسة أو يقع من بين المستشاريين السريين للرئيس، وبعضهم مستشارون لوزراء، وهو النهج ذاته الذى سلكه نظام مبارك. وحول رجال الأعمال الكبار فى جماعة الإخوان هناك طبقة تالية من التجار الصغار، الذين أفادهم الممسكون بأموال «الجماعة» من خلال إقامة مشروعات صغيرة ومتوسطة لهم، على هيئة متاجر ومطاعم وورش، فى سبيل تدوير رأس المال، الذى يفقد قيمته أو قوته الشرائية بمرور الوقت نظراً لارتفاع معدل التضخم، وكذلك جلب المنفعة لقطاعات أعرض من «الجماعة»، التى تحولت بمرور الوقت إلى كيان اجتماعى له قوام خاص، عليه أن يواجه التضييق عليه بتصريف أموره داخلياً، جنباً إلى جنب مع امتلاك الأموال التى تخدم الأدوات والآليات التى تنتهجها «الجماعة» فى سعيها الدائم والدائب نحو التمكن من المجتمع والدولة. (ونكمل غداً إن شاء الله تعالى) |
#178
|
||||
|
||||
اقتباس:
اقتباس:
جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم
|
#179
|
||||
|
||||
اقتباس:
اقتباس:
جزاكم الله خيرا و بارك الله فيكم
|
#180
|
||||
|
||||
التغيير قادم إلى دول الخليج... عاجلاً أم آجلاً
التغيير قادم إلى دول الخليج... عاجلاً أم آجلاً يظن الكثيرون أن أنظمة دول الخليج العربية في منأى عن التغيرات التي طالت ومازالت تطال الدول العربية الأخرى. يرتكز هذا الظن في الأساس على العائدات النفطية الهائلة المتوافرة لديها، والدعم الأمني والسياسي الغربي لها، وتحكّمها المطلق في كل الأجهزة العسكرية والأمنية المحلية.عمر الشهابي مدير مركز الخليج لسياسات التنمية هذا بالإضافة إلى عدد مواطنيها القليل نسبياً، والركود النسبي في مستوى النشاط السياسي في بعض أقطاره (باستثناء البحرين والكويت وعمان). وإن دلت الاحتجاجات التي وصلت إلى ضفاف دول الخليج على شيء، فهي تبين مقدرة الأنظمة على السيطرة على زمام الأمور والقدرة التكيفية الهائلة لديها عند مواجهة أية تحركات محلية مهما بلغ حجمها. صحيح أن لدى دول الخليج خصوصيات قد تجعلها حالات فريدة على المستوى العالمي، لكن يخطئ من يظن أنها في معزل عن التغيير. بل هذه الخصوصيات إن لم يتم التطرق إليها جذرياً وسريعاً، قد تجعل التغيير يأخذ منحنى حاداً ومتفجراً من الصعب التنبؤ به أو بمداه وتبعاته، لكن التطورات على أرض الواقع تنذر بأن التغيير قادم لا محالة. تم تناول خصوصيات حالة دول مجلس التعاون بإسهاب من قبل أطراف عدة مسبقاً، وهي ليست بالطرح الجديد على الساحة. هذا على رغم أن الدخل والبذخ الذي تراكم في الطفرة النفطية الأخيرة قد خلق عند البعض وهماً زائفاً بأن هذه الخصوصيات قد تم تخطيها أو أنها لم تعد مهمة. لقد لخص الباحث على الكواري بشكل أنيق ومسهب هذه الخصوصيات عندما سمّاها بـ «أوجه الخلل المزمنة الأربعة» التي تواجه دول المنطقة. أولها الخلل السياسي، الذي يكمن في الاستئثار شبه المطلق من قبل النخبة الحاكمة بالقرار السياسي والحكم. ثانيها هو الخلل الاقتصادي، حيث تتواصل الاعتمادية شبه المطلقة على العائدات من النفط كمرتكز اقتصاديات المنطقة. ثالث أوجه الخلل المزمنة هو الخلل السكاني، المتمثل في الاعتماد المكثف على الوافدين للإنتاج ولتحريك اقتصاد المنطقة، حتى وصل الحال إلى أن شكل الوافدون غالبية السكان في أربع من دول المجلس الست. وأخيراً هناك الخلل الأمني المستفحل، وهو الاتكالية الحادة على القوى الغربية لتزويد الحماية والدعم السياسي والأمني والعسكري لدول المنطقة. تترابط أوجه الخلل المزمنة الأربعة وتغذي بعضها البعض في تفاعل وجدلية مستمرة، فالعوائد الهائلة من النفط هي السبب الرئيسي لاهتمام الغرب بالمنطقة. النفط أيضاً هو المورد الرئيسي الذي منح متخذي القرار الاستقلالية المادية محلياً، والتي خلصتها من الاعتماد على شعوبها اقتصادياً، وسمحت بترسيخ دولة ريعية يتكون غالبية سوق العمل فيها من الوافدين. كل هذه العوامل مجتمعة أدّت إلى تكون ما سماه الباحث الإماراتي محمد عبيد غباش بـ «سلطة أكثر من مطلقة، مجتمع أقل من عاجز». يشكل «كوكتيل» أوجه الخلل المزمنة هذه خلطة فريدة عالمياً في حدتها وترابطها. هذه «الخصوصية» أدت بالكثيرين إلى تحليلها كنقاط قوة للأنظمة السياسية، ساعدت في ترسيخ دعائم حكمها واستمراريتها وقدرتها البقائية. فالاستئثار شبه المطلق بالسلطة والدعم الغربي والموارد المادية الجبارة وضعف المواطنين (والوافدين) من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية يجعل إمكانية التغيير شبه معدومة. ما بودي طرحه في هذه السلسلة من المقالات هو التالي: ربما كانت أوجه الخلل المزمنة مصدر استقرار في دول وأنظمة الخليج على مدى العقود القليلة الماضية، إلا أنها ستكون مصدر اضطرابات وتغيرات حادة في المستقبل وليس ببعيد جداً. فتسميتها بأوجه خلل مزمنة لا يأتي من فراغ، فهذه التسمية لا تعني فقط أن الشعوب هي من تحس بتبعات أوجه الخلل المزمنة بينما الأنظمة محصنة منها، بل هي أوجه خلل مزمنة تحديداً لأنها تجذّرت في مجتمعات المنطقة، وإن استمرت في التراكم فهي تنذر بتغيرات جذرية وحادة ستشمل بتبعاتها كل مكونات المجتمع. وهدفنا في هذه السلسلة من المقالات هي تسليط الضوء على هذه العوامل الجذرية التي انغرست في مجتمعات دول المجلس التعاون والتبعات المتوقعة منها. ما بينته التطورات على مدى السنوات القليلة الماضية هو تقلص قدرة الأنظمة الحاكمة في التحكم والسيطرة على مجريات الأمور في نطاقها الأوسع، وخصوصاً أن أعمدة أوجه الخلل المزمنة قد تم إرساؤها بشكل معمق، بحيث أصبح من الصعب جداً التطرق إليها من دون مجهود جبار، وحيث باتت الحلول الترقيعية والتدريجية عقيمة. فالاعتمادية شبه المطلقة على العوائد المتدفقة من النفط ترسخت بشكل جذري في مجتمعات الخليج، وكذلك الاعتمادية على الوافدين لتحريك الاقتصاد، والمنطق نفسه ينطبق على بقية أوجه الخلل المزمنة. هذه العوامل لا يمكن مواجهتها إلا ببرنامج إصلاح جذري لمجتمعات واقتصاديات الخليج، وحالياً لا توجد مؤشرات على حصول ذلك. من الصعب جداً التنبؤ بكيف ومتى سيكون هذا التغيير وأي شكل سيأخذ، فحدّة أوجه الخلل المزمنة في دول المجلس تجعل «الكوكتيل» قوياً ومركباً ومن الصعب التكهن بطريقة تفاعله. ولكن استمرار أوجه الخلل المزمنة على حالها بلا تغيير يبدو أمراً مستبعداً. فالتغيرات والتضادات على أرض الواقع نادراً ما تسير في خطوط مستقيمة مرسومة، حيث تتفجر بطرق وأشكال مفاجئة غير معدة مسبقاً. احتمال كبير أن التغيير الجذري سيحل بالخليج عند انحسار أهمية النفط عالمياً، وبناءً على أن عمر النفط في دول الخليج مازال يمتد لنصف قرن على الأقل، (فالدرب لسه طويل). قد يكون الأمر كذلك، ولكن التفاعلات المتراكمة على أرض الواقع تنذر بأن التغيير قد يأتي قبل ذلك بكثير، وغير معلوم أي منحنى سيأخذ لأنه حتى الكلام في هذه الأمور يعتبر حالياً من الممنوعات والمحرمات السياسية. تبعات هذه الأمور مصيرية لكل أبناء المنطقة، ولا يمكن تركها على بركة تقدير متخذي القرار فقط. لذلك أصبح من الملِحّ والواجب على أبناء المنطقة مناقشة الواقع والنظر إلى المستقبل بتحليل منهجي صريح من دون أية مجاملات. وهذه السلسلة من المقالات هي محاولة لفتح النقاش في هذا الإطار. |
العلامات المرجعية |
|
|