#151
|
||||
|
||||
في رحاب آيات الحج
وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر قوله تعالى: { وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر } (التوبة:3) الأذان يعني: الإيذان والإعلام؛ فالآية أمر للمسلمين بأن يؤْذِنوا المشركين ويُعلموهم، بأن الله بريء من كل منأشرك به، وأعرض عن منهج نبيه، ولم يرض الإسلام دينًا ومنهجًا للحياة . والمقصود بـ { الناس } في الآية المؤمنين وغيرهم؛ لأن العلم بهذا النداء يهم الناس جميعًا. وفي تعيين المراد بـ { يوم الحج الأكبر } أقوال للعلماء، أقربها إلى الصواب قول من قال: إنه يوم النحر. وهذا الأذان قد وقع في الحجة التي حجها أبو بكر رضي الله عنه بالناس، إذ أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا رضي الله عنه يأمره أن يؤذن في الناس بسورة براءة، فأذَّن بها عليٌّ يوم النحر بمنى، من أولها إلى ثلاثين أو أربعين آية، كما ثبت في الصحاح، وكتب السنن من طرق مختلفة . ففي البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( بعثني أبو بكر رضي الله في تلك الحجة في المؤذنين، بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان...ثم أردف - أي أتبع - النبي صلى الله عليه وسلم بـ علي بن أبي طالب ، فأمره أن يؤذن ببراءة، قال أبو هريرة : فأذن معنا علي في أهل منى يوم النحر ببراءة، وأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ). وفي رواية أخرى لـ لبخاري عن أبي هريرة ،قال: ( فنبذ أبو بكر - أي رد عليهم عهدهم - في ذلك العام، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشرك ). والذي تدل عليه هذه الآية الكريمة، أن إعلان براءة الله ورسوله من المشركين، هو أمر للمسلمين في كل عصر ومصر، بحرمة موالاة من لا يرقب في المؤمنين إلاَّ ولا ذمة، ويتربصون بهم كل سوء، وأن باب التوبة مفتوح لكل من حارب الله ورسوله، وعادى أولياءه؛ وأن من تولى عن ذلك وأعرض فليس بمعجز في الأرض، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. |
#152
|
||||
|
||||
وأتموا الحج والعمرة لله
قال تعالى في محكم كتابه: { وأتموا الحج والعمرة لله } (البقرة:196). نزلت هذه الآية - كما ذكر المفسرون - في الحديْبيَّة سنة ست للهجرة، حين صدَّ المشركون المسلمين عن بيت الله الحرام،ولم يكن الحج قد فُرض بعدُ، فالمقصود من الكلام في الآية العمرة، وذُكِر الحج تبشيرًا للمؤمنين بأنهم سيتمكنون من الحج فيما بعدُ، وهذا من معجزات القرآن . وقد بسط المفسرون القول في المقصود من الآية، ونحن نذكر خلاصة أقوالهم، فنقول: اتفق أهل التفسير على أن الشروع في الحج والعمرة ملزم؛ بمعنى أنه إذا شرع الحاج أو المعتمر في أعمال أحد النسكين فيتعين عليه إتمامه؛ بيد أن المفسرين تفاوتت أنظارهم في المقصود بقوله تعالى: { وأتموا } على أقوال حاصلها: الأول: أن المقصود بإتمام الحج والعمرة، إتمامهما بعد الشروع فيهما، والدخول في أعمالهما، وإلى هذا القول ذهب ابن عباس رضي الله عنهما. الثاني: أن المقصود بذلك أن يُحْرِم الحاج أو المعتمر من بيته، لا يريد إلا الحج والعمرة، دون غيرهما من الأعمال الدنيوية، وهذا قول عليٍّ وبعض الصحابة رضي الله عنهم جميعًا، وقول سعيد بن جبير وغيره من التابعين رحمهم الله . الثالث: أن معنى إتمامهما، إنشاؤهما جميعًا من الميقات، وهو قول مكحول . الرابع: إتمامهما يكون بإفراد كل واحد منهما عن الآخر؛ فعن عمر رضي الله عنه في قوله تعالى: { وأتموا الحج } قال: " من تمامهما أن تُفرد كل واحدٍ منهما عن الآخر، وأن تعتمر في غير أشهر الحج " رواه عبد الرزاق . وقد صوَّب الإمام الطبري في "تفسيره" من هذه الأقوال، قول من قال: المراد بالإتمام، إتمام أعمال الحج والعمرة بعد الدخول فيهما، والقيام بهما على الوجه الذي شُرعا عليه. ثم إن أهل العلم بعد ذلك، اختلفوا في حكم العمرة، هل هي واجبة أم سنَّة؛ فذهب الحنفية والمالكية إلى أنها سنَّة، وهذا هو مذهب جابر بن عبد الله و ابن مسعود من الصحابة رضي الله عنهم، و النخعي من التابعين، رحمه الله. ولم ير أصحاب هذا القول حجة في الآية على القول بوجوب الحج أو العمرة، بل رأوا أن دلالتها قاصرة على وجوب إتمامهما لمن أحرم بهما، وقالوا: إن دليل وجوب الحج ليس مستفادًا من هذه الآية، وإنما من أدلة أخرى، كقوله تعالى: { ولله على الناس حج البيت } (آل عمران:97) وقال مالك : العمرة سنَّة، ولا نعلم أحدًا أرخص في تركها. وذهب الشافعية والحنابلة إلى القول بوجوب العمرة كالحج، وهو قول عمر و ابن عمر وبعض الصحابة رضي الله عنهم، وقول عطاء و مجاهد و الحسن من التابعين، وحملوا الأمر بالإتمام في قوله تعالى: { وأتموا } على معنى وجوب فعل هذين النسكين . ثم في قوله تعالى: { لله } بعد الأمر بالإتمام ما يشير إلى أن المقصود من أداء هذين النسكين، وجه الله فحسب، وأنه لا ينبغي لمن يقوم بهما أن يقصد غير ذلك من متاع الدنيا، وهذا شأن العبادات خاصة، وأعمال المسلم عامة، فلا ينبغي أن يقصد بها غير وجه الله سبحانه، فهو المقصود أولاً وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا، قال تعالى: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } (الذاريات:56) وقال أيضًا: { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } (البيِّنة:5) . وبناءً على ما تقدم يكون معنى قوله تعالى: { وأتموا الحج والعمرة } أي: أتموا أيها المؤمنون الحج والعمرة لله بعد شروعكم ودخولكم فيهما، على الوجه الذي أمر الله به؛ إخلاصًا لله وحده، ووَفْقَ السَنَنِ الذي شرعه لكم . ومن أهم ما تدل عليه الآية أمران: الأول: أهمية إتمام العبادات بعد الدخول والشروع فيها، يؤيد هذا قوله تعالى: { ولا تبطلوا أعمالكم }(محمد:33) ويُستأنس لذلك بقول عائشة رضي الله عنها: ( وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه ) رواه مسلم . الثاني: وهو الأهم، إخلاص النية لله في جميع العبادات، والإخلاص أحد ركني صحة العبادة وقبولها عند الله سبحانه؛ وفي الأثر عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول في دعائه: ( اللهم اجعل عملي كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا ). |
#153
|
||||
|
||||
فمن تمتع بالعمرة
قوله تعالى: { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي }(البقرة:196) بعد أن ذكر سبحانه ما يترتب من جزاء على المحرم حال الإحصار، أعقبه بذكر ما يترتب عليه حال الأمن؛ فذكر سبحانه حكم التمتع في أيام الحج؛ والتمتع: هو الجمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج، على تفصيل في ذلك بيَّنه الفقهاء . والذي يعنينا في هذه الجملة من الآية، أن المحرم إذا تمكن من أداء مناسك الحج، وكان محرمًا بالحج والعمرة معًا ( قارنًا )، أو كان محرمًا بالعمرة، ثم أحرم بالحج بعد الانتهاء من العمرة ( متمتعًا )، فإن عليه ذبح، وأقلُّه شاة على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ ويمكن أن يشترك سبعة أنفار بذبح بقرة أو ناقة. وقد ثبت في "الصحيحين" من حديث عمران بن حُصَين رضي الله عنه أنه قال: نزلت آية المتعة - يقصد قوله تعالى: { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج } - في كتاب الله، وفعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لم ينـزل قرآن يحرمها، ولم ينه عنها حتى مات. وهذا الحديث يدل على بقاء مشروعية التمتع في أشهر الحج . ويلاحظ أن الآية الكريم جاءت بلفظ "التمتع" على المعنى اللغوي، أي الانتفاع، وأشارت إلى ما أسماه الفقهاء "التمتع" و"القِرَان" وهما من شريعة الإسلام، التي أبطل بها شريعة الجاهلية . وصورة التمتع عند الفقهاء: أن يُحْرِم الحاج بعمرة في أشهر الحج، ثم يتحلَّل منها، ثم يحج من عامه نفسه، قبل أن يرجع إلى بلده. أما ( القِرَان ) فصورته أن يجمع المحرم بين نية الحج والعمرة معًا في إهلال واحد، أي إحرام واحد؛ وقد شرع سبحانه ذلك رخصة للناس، وإبطالاً لما كانت عليه الجاهلية من مَنْع العمرة في أشهر الحج . وللعلماء تفصيل وافٍ في بيان أقسام الحج ذكرناها في مقالنا "أنواع النسك"، فَلْيُرْجَعْ إليه من أراد المزيد من الإيضاح والبيان. وقوله تعالى: { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة }(البقرة:196): هذه الجملة من الآية عطف على قوله تعالى: { فمن تمتع } والمعنى: أن من جَمَع بين نُسُكَيْ الحج والعمرة فعليه هدي، فإن لم يتمكن من تقديم الهدي، فالواجب في حقه حينئذ صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة أيام إذا رجع إلى وطنه. قال العلماء: والأولى أن يصوم الأيام الثلاثة في عشر ذي الحجة، قبل يوم عرفة؛ وفي وقت صيام هذه الأيام أقوال أُخر ذكرها المفسرون. هذا، وقد جعل الله الصيام بدلاً عن الهدي، زيادة في الرخصة والرحمة، ولذلك شرع الصوم مفرقًا، فجعله عشرة أيام، ثلاثة منها في أيام الحج، وسبعة بعد الرجوع من الحج . وقوله سبحانه: { تلك عشرة كاملة } للعلماء في هذه الجملة من الآية أقوال: فقال بعضهم: هو من باب التأكيد، كقوله تعالى: { ولا طائر يطير بجناحيه } وكما تقول العرب: رأيت بعيني، وسمعت بأذني. وقال آخرون: معنى { كاملة } الأمر بإكمالها وإتمامها، وهذا اختيار الطبري رحمه الله. وقال قوم: معنى { كاملة } أي: مجزئة عن الهدي. قال بعض أهل العلم: فائدة جَعْلُ الصيام في مدة الحج، جَعْلُ بعض العبادة عند سببها - وهو هنا عدم القدرة على تقديم الهدي - وفائدة التوزيع إلى ثلاثة وسبعة، أن كليهما عدد مبارك، ضُبِطَت بمثله الأعمال الدينية والقضائية. وقوله تعالى: { ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام } الإشارة بـ { ذلك } في الآية يعود على هدي التمتع، أو بدله من الصيام، وحاضرو المسجد الحرام: هم أهل مكة؛ والمعنى: إن الهدي يكون على غير أهل مكة؛ لأن التمتع بفعل العمرة وقت الحج أغناهم عن السفر لأجلها خاصة؛ أما المكي فليس عليه هدي؛ لأنه لا مشقة عليهم في إعادة العمرة . ثم ختم سبحانه هذه الآية الكريمة بقوله: {واتقوا الله واعلموا أَن الله شديد العقاب } أمر سبحانه بالتقوى في هذه الآية، بعد أن بيَّن الأحكام المتعلقة بالحج، التي لا تخلو من مشقة، للتحذير من التهاون بها. والمعنى على هذا: اتقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه. وأكد سبحانه أمره بالتقوى بقوله: { واعلموا } إيذانًا بالاهتمام بما سيقوله، وبيانًا إلى أن من يخالف أمره، ويرتكب ما زجر عنه، فعقابه من الله شديد. والله أعلم وهو ولي التوفيق . |
#154
|
||||
|
||||
إن الصفا والمروة من شعائر الله قوله تعالى: { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أَو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم }(البقرة:158)
كان السعي بين الصفا والمروة من شعائر الحج منذ زمن إبراهيم عليه السلام؛ تذكيرًا بنعمة الله على هاجَر وابنها إسماعيل ، إذ أنقذه الله من العطش، كما ثبت ذلك في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه: ( ..فانطلقتْ كراهية أن تنظر إليه -ابنها- فوجدتْ الصفا أقرب جبل يليها فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى من أحد، فلم تر أحدًا، فهبطت من الصفا وأتت المروة، فقامت عليها فنظرت هل ترى أحدًا فلم تر أحدًا، ففعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس : فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فلذلك سعى الناس بينهما ) رواه البخاري . وعند البخاري أيضًا من حديث أنس بن مالك ، وقد سُئل عن الصفا والمروة، فقال: ( كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله تعالى: { إن الصفا والمروة من شعائر الله } ) . وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به، استدلالاً بهذه الآية، وبفعله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، ففي "صحيح مسلم " من حديث جابر يصف فيه حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( ..ولما فرغ من طوافه بالبيت عاد إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من باب الصفا، وهو يقول : { إن الصفا والمروة من شعائر الله } ثم قال: أبدأ بما بدأ الله به ) وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام، قوله: ( لتأخذوا عني مناسككم ) رواه مسلم . وروى الإمام أحمد في "المسند" بسند حسن، عن ابن محيصن رضي الله عنه، قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه، وهو وراءهم وهو يسعى، حتى أرى ركبتيه من شدة السعي، يدور به إزاره وهو يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي ) . وقوله جل ثناؤه: { فلا جناح عليه أن يطوف بهما }. ( الجُناح ) الإثم، اشتق من جَنَحَ، إذا مال، وظاهر الآية أن السعي بين الصفا والمروة ليس بواجب، وليس الأمر كذلك، وقد بيَّن حديث عائشة رضي الله عنها المقصود من الآية، فيما رواه مالك من حديث عروة بن الزبير رضي الله عنهما، قال: قلت لـ عائشة - وأنا يومئذ حديث السن -: أرأيتِ قول الله تعالى: { إن الصفا والمروة من شعائر الله } فما على الرجل شيء أن لا يطوف بهما، فقالت رضي الله عنها: كلا، لو كان كما تقول لكانت: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما؛ إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يُهلِّون لمناة ( اسم صنم ) وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله: {إن الصفا والمروة من شعائر اللَّه } فالآية - كما دل حديث عائشة رضي الله عنها - نزلت لدفع وَهْمِ مَن توهَّم، وتحرَّج من المسلمين عن الطواف بين الصفا والمروة؛ لكونهما في الجاهلية تُعبد عندهما الأصنام، فنفى الله تعالى الجُناح لدفع هذا الوهم، لا لأن السعي بينهما غير لازم، كما قد يتبادر من ظاهر الآية. وفي رواية أخرى لـ عائشة رضي الله عنها، ثبتت في "الصحيحين" قالت: ( قد سنَّ رسول الله الطواف بهما، فليس لأحد أن يدع الطواف بهما ). ثم إن تقييد نفي ( الجُناح ) في الآية، فيمن طاف للحج أو العمرة، فيه دلالة على أنه لا يُتطوع بالسعي مفردًا، إلا مع انضمامه لحج أو عمرة، وهذا بخلاف الطواف بالبيت، حيث يُشرع الطواف فيه مفردًا عن الحج والعمرة. وقوله جلَّ من قائل: { ومن تطوع خيرا } أي فعل طاعة { فإن الله شاكر عليم } أي مثيب على الطاعة لا تخفى عليه. فبين سبحانه أن الخير كل الخير فيما يفعله العبد من الطاعات، والقربات التي تقربه إلى ربه، وذلك أنه كلما ازداد العبد في طاعة خالقه ازداد خيره وكماله، ورُفعت درجته عند الله . على أن في الآية دلالة أخرى، دلَّ عليها تقييد التطوع بالخير، إذ يُفهم من هذا التقييد أن من تطوع بالبدع، وبغير ما شرعه الله سبحانه، أو فَعَلَ ما أمره الله على غير الصفة التي شرعها الله، فإن عمله غير مقبول، ولا يحصل له من الأجر سوى العناء، ومن كانت حاله كذلك، فهو داخل في قوله تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } (الكهف:103-104) . وقوله تعالى: { فإن الله شاكر عليم } هذا بيان من الله سبحانه أنه يقبل من عباده اليسير من العمل، ويجازيهم عليه العظيم من الأجر؛ كما أن في الآية إشارة إلى أن من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه، ومن تقرب منه شبرًا تقرب منه ذراعًا، وأنه سبحانه عليم بأحوال خَلْقه، ومن يستحق الثواب منهم، ومن يستحق العقاب . ثم إن الآية بمجملها تدل على أن الساعي بين الصفا والمروة ينبغي أن يستحضر فقره لخالقه، وذلَّه بين يديه سبحانه، وحاجته إلى الله تعالى في هداية قلبه، وصلاح أمره، وغفران ذنبه، وأن لا ملجأ من الله إلا إليه، قال سبحانه: { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد }(فاطر:15). |
#155
|
||||
|
||||
الحج أشهر معلومات قال تعالى: { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقونِ يا أولي الألباب } (البقرة:197) لما كان التقرب إلى الله سبحانه لا يتم بترك المعاصي فحسب، بل لا بد أيضًا من فعل ما أمَرَ به سبحانه؛ فالشرع في مبتداه ومنتهاه قائم على أمر ونهي، وفعل وكفٍّ؛ بيَّن تعالى في هذه الآية وما يليها من آيات فرائض الحج وآدابه على الجملة، وما يجب أن يُراعى في أدائه، وأشار إلى بعض أركانه وشعائره. وقد ظهرت عناية الله تعالى بهذه العبادة العظيمة، إذ بَسَطَ تفاصيلها وأحوالها، مع تغيير ما أدخله أهل الجاهلية فيها . والبداية مع قوله تعالى: { الحج أشهر معلومات } وللمفسرين فيه أقوال، نختار منها: الأول: أن يكون ذلك تمهيدًا لقوله سبحانه: { فلا رفث } تهوينًا لمدة ترك الرفث والفسوق والجدال، لصعوبة ترك ذلك على الناس، ففي الموطأ أن عائشة رضي الله عنها قالت لـ عروة بن الزبـير رضي الله عنه: يا ابن أخي، إنما هي عَشْر ليالٍ، فإن تَخَلَّج في نفسك شيء فدعه، تعني بذلك: إن حَدَّثَتْكَ نفسك بفعل شيء لا يجوز حال الإحرام فدعه إلى أن تحلَّ من إحرامك، وذلك كالصيد، وإتيان النساء، وشِبْه ذلك . الثاني: أن الإحرام للحج لا يكون إلا في هذه الأشهر، وهي شوال، وذو القعدة، وذو الحجة؛ ففي الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من السُّنَّة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج. وهذا القول مروي عن كثير من الصحابة والتابعين، وللفقهاء فيه تفصيل، نُمسك عن الخوض فيه هنا. الثالث: أن الآية تقرير لما كانوا عليه في الجاهلية من تعيين أشهر الحج . وقوله تعالى: { فمن فرض فيهن الحج } معنى { فرض } نوى وحَزَم وعزم؛ فنيَّة الحج هي العزم عليه، وهو "الإحرام" قال الطبري : أجمعوا على أن المراد من الفرض هنا الإيجاب؛ وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: { فمن فرض فيهن الحج } يقول: من أحرم بحج أو عمرة . وقوله جلَّ من قائل: { فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } قال أهل اللغة: { لا } في الآية للجنس، مبالغة في النهي عن تلك الأمور، حتى جُعلت كأن الحاج قد نُهيَ عنها فانتهى. و"الرفث" اللغو من الكلام والفحش منه . ولما كان المقصود من الحج الذل والخضوع لله سبحانه، والتقرب إليه ما أمكن بأنواع القربات، والتنـزه عن مقارفة السيئات، حتى يكون الحج مبرورًا وبالتالي مقبولاً، أرشد سبحانه عباده إلى الطريق الموصل لذلك؛ فنهى سبحانه عما يفسد هذه العبادة، ويبعدها عن مقصدها الذي شُرعت لأجله، وأمر تعالى بكل خير يقرِّب إليه، وخاصة في هاتيك البقاع الشريفة. والمعنى: من أحرم بالحج أو العمرة، فَلْيَتَجنَّبِ الرفث، وهو الجماع، بدليل قوله تعالى: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } (البقرة:187) وكذلك يَحْرُم تعاطي دواعي الجماع، كالمباشرة، والتقبيل، والتكلم بذلك. وقوله تعالى: { ولا فسوق } ( الفسوق ) اسم عام يشمل جميع المعاصي، كالصيد حال الإحرام، والسباب، والغيبة، والنميمة، ونحو ذلك؛ وفي الحديث الصحيح قوله عليه الصلاة والسلام: ( سِباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) متفق عليه. وهذا عام في كل زمان ومكان، ويكون في الحج آكد. وفي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قوله صلى الله عليه وسلم: ( من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) . وقوله تعالى: { ولا جدال في الحج } ( الجدال ) مصدر جادله، إذا خاصمه خصامًا شديدًا، قال تعالى: { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } (العنكبوت:46) وللعلماء قولان في معنى الآية: الأول: أنه لا مجادلة في وقت الحج في مناسكه، وهذا نكير لِمَا كانت عليه العرب في جاهليتها؛ إذ كانوا يقفون مواقف مختلفة في الحج يتجادلون، كلهم يدعي أن موقفه هو موقف إبراهيم عليه السلام؛ فكانت هذه الآية بيانًا للأمر وتحديدًا له. وحاصل هذا القول، النهي عن التنازع في مناسك الحج، وهذا ما اختاره الطبري . والقول الثاني: أن المراد بالجدال هنا المخاصمة، فعن عبد الله بن مسعود قال: { ولا جدال في الحج } قال: أن تماري صاحبك حتى تغضبه . واتفق أهل العلم على أن مدارسة العلم والمناظرة فيه ليست من الجدال المنهي عنه؛ واتفقوا كذلك على أن المجادلة في إنكار المنكر وإقامة حدود الدين، ليست من الجدال المنهي عنه، وإنما المنهي عنه ما يفضي إلى المنازعة والمغاضبة والمشاتمة، مما ينافي حرمة الحج. وقوله تعالى: { وما تفعلوا من خير يعلمه الله } المعنى: لا تفعلوا ما نُهيتم عنه، وافعلوا ما أُمرتم به من الخير، فما تفعلوا من خير أو شر يعلمه الله، فإنه سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء. وفي الآية حث على فعل الخيرات بعد النهى عن فعل المنكرات . وقوله سبحانه: { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى } التزود إعداد الزاد، وهو الطعام الذي يحمله المسافر لأجل سفره. والتزود هنا استعارة للاستكثار من فعل الخير استعدادًا ليوم الجزاء، شُبِّه بإعداد المسافر الزاد لسفره، من باب إطلاق اسم السفر والرحيل على الموت. وفي الآية بيان أن التقوى أفضل ما يتزود به العبد لسفره، سواء في ذلك سفر الدنيا أم سفر الآخرة . ولا مانع من حمل التزود في الآية على معناه الحقيقي، وعلى هذا يكون المعنى: تزودوا بإعداد الزاد لسفر الحج، وَلْيَكُن في حسابكم أن خير زادكم هو التقوى. اللهم زودنا التقوى في سفرنا، ومن الخير ما ترضى. |
#156
|
||||
|
||||
ولله على الناس حج البيت
قوله تعالى: { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين }(آل عمران:97). بدأ سبحانه في هذه الآية والتي قبلها بالحديث عن محاسن البيت، وعظيم شأنه، ترغيبًا للنفوس إلى قصده، وشد الرحال إليه، فذكر سبحانه أنه أول بيت وُضِعَ للناس، وأنه مبارك، وأنه هدى للناس، وأن فيه آيات بينات كثيرة، كمقام إبراهيم عليه السلام، وأنه مكان آمن للناس. ثم بعد بيان منـزلة هذا البيت المبارك، أعقب سبحانه ذلك ببيان حكم هذه العبادة، فقال: { ولله على الناس حج البيت } بهذه الصيغة الدالة على الوجوب بأكثر من وجه، ذكرها المفسرون . وقد أجمع العلماء على الاستدلال بهذه الآية على وجوب الحج، وأجمعوا كذلك على أن الحج واجب في العمر مرة على من ملك القدرة عليه، وإن اختلفوا في أن الوجوب هل هو على الفور أم على التراخي، كما سيتبين بعدُ ؟ روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ( أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم ) . وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تعجلوا بالحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ) وفي رواية أخرى له: ( من أراد الحج فليتعجل ). وفي أَثَرٍ صح سنده إلى عمر رضي الله عنه، قال: ( من أطاق الحج فلم يحج، فسواء عليه مات يهوديًا أو نصرانيًا ) ولم يصح بهذا المعنى حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال العلماء: والاستطاعة على نوعين: استطاعة بالنفس، وهي قدرة الإنسان على أداء فريضة الحج بنفسه، من غير أن يعهد بها إلى غيره. واستطاعة بالغير: وتكون عندما يعجز الإنسان عن أداء هذه الفريضة بنفسه، فيعهد بأدائها إلى غيره؛ يشهد لصحة هذا النوع، ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما، أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع، فقالت: إن فريضة الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة أفيُجزىء أن أحج عنه؟ قال: ( نعم، حجي عنه، أرأيت لو كان على أبيك دين أكنتِ قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحق أن يُقضى ) متفق عليه؛ وهذا الحديث أصل في مشروعية النيابة في الحج عند العجز. وقوله تعالى: { من استطاع إليه سبيلا } للعلماء أقوال في تفسير ( السبيل ) الوارد في الآية؛ فقال ابن عباس رضي الله عنه: السبيل مِلْك الزاد والراحلة، وعلى هذا فإذا كان المسلم اليوم مالكًا لما يوصله إلى أداء فريضة الحج، وكان مالكًا كذلك لما ينفقه على حاجاته، من طعام وشراب ومسكن زائدًا عن حاجة من يعولهم، فقد وجب الحج عليه، وإلا فهو غير مالك للسبيل . وقال عكرمة : المقصود بالسبيل الصحة، فإذا كانت صحة الإنسان لا تمكِّنه من أداء فريضة الحج، فهو من الذين لا يملكون السبيل. وقال مالك : السبيل القدرة، والناس على قدر طاقتهم وسيرهم وجَلَدِهِم. قال أهل العلم: جاءت كلمة ( السبيل ) في الآية نكرة، لتفيد أن الحج واجب على المسلم، على أي سبيل تيسرت، من قوت ومال. وحاصل تلك الأقوال، أن المقصود بـ ( السبيل ) أن يملك من يقصد الحج من الوسائل المادية والمعنوية ما يمكنه من أداء تلك الفريضة، من غير أن يفوِّت واجبًا عليه، كواجب النفقة على عياله، ونحو ذلك. وللعلماء تفصيل في هذه المسألة، ليس هذا مكانه. ثم إن ظاهر الآية أنه إذا تحققت الاستطاعة، وجب الحج على الفور، دون تأخير، وهذا ما عليه جمهور أهل العلم. وقال الشافعي ، إن الحج واجب على التراخي، بمعنى أن الحج لا يجب وقت الاستطاعة، بل يمكن تأخيره لفترة، لكن يُكره التأخير لغير حاجة، لأن المسارعة إلى الطاعة أولى وأثوب. وقوله تعالى: { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } بيَّن سبحانه في خاتمة هذه الآية أنه غنيٌ عن عبادة عباده، وأنه تعالى لا حاجة له إلى حج أحد، فهو الغني الحميد، لا تنفعه طاعة مطيع، ولا تضره معصية عاص. وفي الآية ما يُشعر بمقت الله ووعيده لكل من تنكَّب طريق الهداية والرشاد، وأعرض عن شرعه سبحانه. والله أعلم، وهو يهدي السبيل. |
#157
|
||||
|
||||
أخطاء في الحج أخطاء في الطواف 1- النطق بالنية عند الشروع في الطواف، والصواب أن النية محلها القلب فلا يتلفظ بها . 2- الطواف من داخل الحِجْر، وهذا خطأ عظيم فلا يصح الطواف إلا بجميع البيت ومن طاف بالبيت واستثنى الحجر فقد طاف ببعض البيت ولم يطف به كله . 3- اعتقاد أن الطواف لا يصح دون استلام الحجر الأسود، والصواب أن تقبيل الحجر سنة وليس شرطا لصحة الطواف، فإذا لم يتمكن الطائف من الوصول إليه إلاَّ بالمزاحمة الشديدة وإيذاء الناس، فالواجب ترك الاستلام والتقبيل والاكتفاء بالإشارة . 4- استلام أركان الكعبة الأربعة، والثابت في السنة هو استلام الحجر الأسود والركن اليماني من البيت دون غيرهما من الأركان. وقد أنكر ابن عباس رضي الله عنهما على معاوية رضي الله عنه استلامه الأركان كلها، فقال معاوية : ليس شيء من البيت مهجورا . فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة . فقال معاوية : صدقت . 5- تقبيل الركن اليماني، أو الإشارة إليه من بُعد، والسنة استلامه باليد إن قدر على ذلك، وإلا مرَّ عليه دون تقبيل أو إشارة . 6- الرَّمَلُ في جميع الأشواط، والمشروع أن يكون الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم وطواف العمرة دون غيره من الطواف. والرمل هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطا . 7- مزاحمة النساء للرجال في الطواف والعكس، والواجب على كل من المرأة والرجل أن يحترزا من ذلك . 8- كشف بعض النساء عن عوراتهن ككشف رقابهن أو أذرعهن أو صدورهن أثناء الطواف مما يجعلهن مصدر فتنة في مكان لا يجوز ولا يليق أن يكن فيه إلا عابدات قانتات . 9- تخصيص كل شوط من الطواف بدعاء معين، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم سوى دعائه بقوله تعالى : { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} ( البقرة:201 ) بين الركن اليماني والحجر الأسود، وما عدا ذلك فيدعو فيه بما أحب من خيري الدنيا والآخرة . قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : " ليس فيه ـ يعني الطواف ـ ذكر محدود عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له " . 10- رفع الصوت بالدعاء رفعاً مزعجاً، يُذهب الخشوع ويشوش على الطائفين . 11- اجتماع الطائفة من الناس على قائد يلقنهم الدعاء، وهو خلاف السنة، فضلاً عما فيه من أذية وتشويش على بقية الطائفين . 12- الوقوف عند الحجر الأسود أو ما يحاذيه مدة طويلة، وفي ذلك تضييق على غيره من الطائفين. والسنة أن يستلم الحجر أو يشير إليه ويمضي دون توقف . 13- تمسح البعض بالكعبة وأستارها من أجل التبرك بها وهذا خطأ، إذ التبرك المشروع بالكعبة يكون بالطواف بها ابتغاء الأجر من الله سبحانه، أما التمسح بأستارها فلم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا دلّنا عليه . 14- قيام بعض الرجال بخلع الرداء والاكتفاء بالإزار فقط، وقد ينزل إزاره تحت السرة فيكشف جزءاً من عورته، وهذا أمر محرم . 15- التمسح بالمقام وتقبيله رجاء بركته، وهذا خطأ، والصواب أن المقام لا يُتمسح به ولا يقبل ؛ لأن هذا لم يرد على النبي صلى الله عليه وسلم . 16- اعتقاد البعض أن استلام الركن اليماني أو الحجر الأسود إنما هو لأجل التبرّك لا التعبد، وهذا يقودهم إلى بعض التصرّفات غير المشروعة من مسح الحجر أو الركن بالمنديل أو بطرف الإحرام، أو أن يقوم بإلصاق الطفل في الحجر رجاء البركة، والصواب أن هذا الفعل هو محض اتباع للنبي صلى الله عليه وسلم . 17- اعتقاد البعض أن الرجل إذا طاف بابنه ونوى لابنه ولنفسه الطواف، أن ذلك لا يُجزيء إلا لابنه، والصواب أن الطواف يجزئ عنهما جميعاً ؛ وذلك لأن كل واحد منهما قد نوى أو نُويَ له الطواف وطافا طوافاً صحيحاً، فيكون لكل منهما طوافه ونيته . 18- انصراف البعض من الطواف قبل خطوات يسيرة من الوصول إلى الحجر الأسود، والواجب عليه التيقن من إتمام الطواف، لأن ترك جزء من الشوط يبطله .
|
#158
|
||||
|
||||
أخطاء في ركعتي الطواف 1- اعتقاد لزوم أداء الركعتين خلف المقام مباشرة أو قريبا منه، والمزاحمة للصلاة عنده، مع أن صلاة ركعتي الطواف عند المقام سنة، إن تيسرت وإلا جاز أن تصلَّى في أي موضع من المسجد . 2- إطالة الركعتين بعد الطواف، والسنة التخفيف، فقد صلاهما النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ في الركعة الأولى: { قل يا أيها الكافرون } وفي الركعة الثانية: { قل هو الله أحد } بعد قراءة الفاتحة في الركعتين . 3- ومن البدع ما يفعله البعض بعد ركعتي الطواف، حيث يقوم عند المقام فيدعو بدعاء يسمَّى "دعاء المقام" وهذا الدعاء لا أصل له في الدين . 4- قيام البعض بصلاة أكثر من ركعتين للطواف، وهو خلاف السنة .
|
#159
|
||||
|
||||
أخطاء في السعي 1- رفع اليد عند صعود الصفا والمروة والإشارة بها كلما صعد كالإشارة إلى الحجر الأسود، والسنة أن يرفع يديه كهيئة الداعي، ويحمد الله ويكبره ويدعو مستقبلاً القبلة . 2- الإسراع في السعي بين الصفا والمروة في كل الشوط، وهو خطأ، والسنة الإسراع بين العلمين الأخضرين، والمشي في بقية الشوط . 3- إسراع النساء في السعي بين العلمين، وهو خلاف السنة، والإسراع إنما هو خاص بالرجال دون النساء . 4- قراءة قوله تعالى: { إن الصفا والمروة من شعائر الله } ( البقرة: 158 ) في كل شوط كلما أقبل على الصفا والمروة، والسنة قراءتها عند بداية السعي، إذا دنا من الصفا، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . 5- اعتقاد البعض أن الشوط يبتدئ من الصفا وينتهي بالصفا، بمعنى أنه يسعى من الصفا إلى المروة ثم يرجع إلى الصفا، فيعد هذا شوطا واحدا، والصواب أن السعي من الصفا إلى المروة يعد شوطاً كاملا، والسعي من المروة إلى الصفا يعد شوطاً آخر. 6- تخصيص كل شوط بدعاء معين، ولم يَرِدْ عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء خاص بكل شوطٍ، إلا ما كان يدعو به على الصفا وعلى المروة . 7- التطوع بالسعي بين الصفا والمروة من غير أن يكون في حج أو عمرة، والسنة جاءت باستحباب التطوع بالطواف بالبيت فحسب .
|
#160
|
||||
|
||||
أخطاء في الحلق والتقصير 1- اعتقاد البعض أن من السنة استقبال القبلة عند الحلق . 2- حلق بعض الرأس، وترك بعضه على هيئة القزع المنهي عنه . 3- تحلل البعض قبل الحلق ليحلق في بيته، وهذا خطأ كبير؛ فالتحلل إنما يحصل بالحلق لا قبله . 4- قيام بعض النسوة بإظهار شعورهن أمام الرجال أثناء الحلق، وشعر المرأة عورة، يجب ستره عن الأجانب. 5- اعتقاد البعض أنه لا يجوز للمحرم أن يحلق أو يقصّر شعر محرم آخر يريد التحلل .
أخطاء في يوم التروية 1- اعتقاد البعض لزوم الإحرام من المسجد الحرام، والسنة أن يحرم الإنسان من موضعه بمكة . 2- اعتقاد البعض أنه لا يصح أن يحرم بثياب الإحرام التي أحرم بها في عمرته . 3- اضطباع كثير من الحجاج من هذا اليوم إلى نهاية الحج، وهذا خطأ فالاضطباع لا يشرع إلا عند طواف القدوم أو طواف العمرة فقط . 4- ظن بعض الناس ممن كان في منى قبل يوم التروية، أنه يلزمه العودة إلى مكة والإحرام منها، والصواب أنه لا يلزمه ذلك، بل يحرم من مكانه . 5- ترك البعض سنة قصر الصلاة في منى، أو القيام بالجمع بين الصلوات دون حاجة شرعية . |
#161
|
||||
|
||||
أخطاء في يوم عرفة 1- صيام الحاج يوم عرفة، والسنة للحاج الفطر في هذا اليوم؛ حتى يكون أنشط وأقوى على الدعاء والذكر . 2- الانصراف من عرفة قبل غروب الشمس؛ لأنه خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن الانصراف من عرفة قبل الغروب من عمل أهل الجاهلية . 3- عدم مراعاة حدود عرفة، فيخرج بعض الحجاج عن حدودها، ويبقون هناك إلى أن تغرب الشمس، وهو خطأ كبير، لأنهم لا يُعتبرون ممن وقف بعرفة .
|
#162
|
||||
|
||||
أخطاء في المبيت بمزدلفة 1- عدم تحري بعض الحجاج لحدود مزدلفة، فيبيتون خارجها، والمبيت بمزدلفة من واجبات الحج . 2- تأخير صلاتي المغرب والعشاء إلى ما بعد منتصف الليل، والسنة للحاج أن يصليهما جمعاً في مزدلفة، قبل خروج وقت العشاء، وهو نصف الليل، فإذا لم يمكنه ذلك، فيصليهما في أي مكان قبل خروج الوقت . 3- صلاة الفجر بمزدلفة قبل وقتها؛ حتى يتعجل الانصراف، وهذا خلاف السنة، والصلاة قبل وقتها باطلة لا تجوز . 4- اعتقاد وجوب جمع الحصى من مزدلفة، والصواب جواز جمع الحصى من أي مكان . 5- البقاء في مزدلفة إلى أن تشرق الشمس، والسنة الدفع منها قبل الشروق، مخالفة للمشركين الذين كانوا ينتظرون حتى تطلع الشمس . 6- قضاء الليلة في العبادة، وهذا خلاف الثابت من فعله - صلى الله عليه وسلم - فإنه نام في تلك الليلة .
|
#163
|
||||
|
||||
أخطاء في رمي الجمار 1- قيام البعض بغسل الحصى قبل الرمي به، وهذا غير وارد في السنة، بل هو من البدع . 2- رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق قبل الزوال، وهذا لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرم إلا بعد الزوال، ولو كان الرمي قبل الزوال جائزًا لفعله صلى الله عليه وسلم أو دل عليه؛ لأنه أسهل على المكلف، ومن شق عليه الرمي بعد الزوال، فليؤخره إلى العصر أو المساء . 3- اعتقاد البعض أنهم برميهم الجمار يرمون الشيطان، وهذا تصور خاطئ، فالرمي إنما شرع لإقامة شعائر الله وذكره سبحانه، ففي مسند الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها، قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنما جعل الطواف بالكعبة، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار؛ لإقامة ذكر الله عز وجل ) . 4- رمي حصى الجمارجميعًا مرة واحدة، والواجب أن يرمي الحصيات السبع، واحدة بعد واحدة، فإذا رماها الحاج رمية واحدة لم تجزئ عنه، وكانت كرمي حصاة واحدة . 5- عدم التأكد من سقوط الحصى في المرمى، بل يرمي كيفما اتفق، وهذا لا يصح . 6- التحرج من الرمي بحصاة قد رُميَ بها سابقاً، والصواب جواز ذلك . 7- اعتقاد البعض أنه لا بد من إصابة الشاخص أو العمود، والصواب أن ذلك ليس بشرط . 8- وضع الحصى في الحوض من غير رمي، وهذا خلاف السنة، ولا يُسمى ذلك رمياً . 9- الرمي بأكثر من سبع حصيات عند كل جمرة . 10- السب والشتم والصياح عند الرمي، وهذا خلاف هديه صلى الله عليه وسلم في كل وقت، فكيف في هذا النسك العظيم، فعن قدامه بن عبد الله بن عمار قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر يرمي جمرة العقبة على ناقة له صهباء، لا ضرب، ولا طرد، ولا إليك إليك ) رواه أحمد و الترمذي ، وقال: حسن صحيح . 11- الرمي بغير الحصى، كالأحذية أو الأخشاب أو غيرها، وهذا خطأ كبير مخالف لما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بفعله وأمره، حيث رمى صلى الله عليه وسلم بمثل حصا الخذف، وأمر أمته أن يرموا بمثله، وحذرهم من الغلو في الدين. وسبب هذا الخطأ الكبير ما سبق من اعتقادهم أنهم يرمون الشيطان . 12- رمي الجمرة الصغرى والوسطى يوم العيد، والواجب رمي جمرة العقبة الكبرى فقط في ذلك اليوم . 13- التزاحم والتدافع عند الرمي، والواجب أن يرفق المسلم بإخوانه، ولا سيما في هذا الموطن . 14- توكيل البعض غيره ليرمي عنه، مع قدرته على الرمي. وهذا مخالف لما أمر الله تعالى به من إتمام الحج، حيث يقول سبحانه: { وأَتموا الحج والعمرة لله } (البقرة:196)، فالواجب على من قدر على الرمي، أن يباشره بنفسه، ويصبر على المشقة والتعب، فإن الحج نوع من الجهاد، لا بد فيه من الكلفة والمشقة . 15- اعتقاد البعض أن حصى الجمار لابد أن تكون من مزدلفة، ولذلك يقوم بجمعها كلها ليلة مبيته في مزدلفة، والصواب أنه يجوز له جمعها من أي مكان . 16- الرمي بحجارة صغيرة جدًا أو كبيرة جدًا، والصواب أن تكون تلك الحجارة متوسطة الحجم، فوق حبة الحمص، ودون حبة البندق . 17- ترك التكبير عند الرمي، والتكبير سنة لا ينبغي تفويتها . 18- الاستمرار في التلبية بعد رمي جمرة العقبة، والصحيح أن يقطع الحاج التلبية بعد رمي الجمرة يوم العيد؛ لحديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة . 19- إصرار البعض على الرمي في أول الوقت بعد الزوال مع وجود سعة في الوقت ، فيعرّض نفسه وغيره للخطر
|
#164
|
||||
|
||||
أخطاء في الهدي والذبح 1- التصدق بقيمة الهدي بدلاً من ذبحه، وهذا لا يجزئ. 2- ذبح الهدي قبل يوم العيد، والواجب أن يكون الذبح في وقته، وهو يوم العيد وثلاثة أيام بعده. 3- رمي الهدي بعد ذبحه، وهذا تضييع للنعمة، بل الواجب إيصالها إلى الفقراء والمحتاجين، وله أن يأكل منها، إن شاء . 4- ذبح المعيب من الهدي، كالعوراء والعرجاء، والهدي كالأضحية، يشترط فيه ما يشترط فيها من السلامة من العيوب البينة . 5- ذبح الهدي خارج الحرم، والواجب أن يكون الذبح داخل حدود الحرم .
|
#165
|
||||
|
||||
أخطاء في المبيت بمنى
1- التفريط في السؤال عن حدود منى، والمبيت خارجها . 2- تساهل البعض في المبيت خارج منى . 3- جمع الصلوات في منى، وهذا مخالف للسنة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يصلي كل صلاة في وقتها في منى، قصراً من غير جمع . أخطاء في التعجل في النفر من منى 1- اعتقاد بعض الحجيج، أن المراد باليومين في قوله تعالى: { فمن تعجل في يومين } ( البقرة:203 ) أنهما يوم العيد، واليوم الذي يليه، مع أن المراد بهما: يوم الحادي عشر، ويوم الثاني عشر من ذي الحجة . 2- نزول بعض المتعجلين إلى مكة لطوف الوداع، ثم عودتهم لرمي الجمرات، فيكون آخر عهدهم رمي الجمار، لا الطواف بالبيت، والواجب أن يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت . |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الله, الصالح, العمل, ايمان |
|
|