#151
|
||||
|
||||
العقيقة
معناها: العقيقة في الأصل تعني الشعر الذي علي المولود، ثم أطلقت العرب علي الذبيحة التي تذبح عند حلق شعر المولود عقيقة، علي عادتهم في تسمية الشيء باسم سببه، وقيل: سميت العقيقة بهذا الاسم لأنه يشق حلقها بالذبح. فالعقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم السابع من ولادته. حكمها: للعلماء في حكم العقيقة أربعة آراء هي: السنية، والوجوب، والإباحة، والنسخ. أولا: السنية. ذهب جمهور العلماء إلي أن العقيقة سنة مستحبة غير واجبة، فمن فعلها فله الأجر والثواب، والدليل ما يلي: 1- ما رواه ابن عباس أن رسول الله ( عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا[أبو داود] ولقوله (:"من أحب أن ينسك عن ولده فليفع[أحمد وأبو داود]. 2- أن فعله يدل علي الاستحباب. ثانيا: الوجوب. وبه قال الحسن البصري والليث بن سعد والظاهرية، واستدلوا بحديث سمرة عن النبي ( أنه قال: "كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمي فيه، ويحلق رأسه"[رواه الخمسة وصحهه الترمذي] وقالوا: إن الولد محبوس عن الشفاعة لوالديه حتى يعق عنه، وهذا دليل الوجوب. ثالثًا: الإباحة. ويري أبو حنيفة أن العقيقة مباحة، فمن فعلها، فمن باب التطوع، وذلك لقول النبي ( لما سئل عن العقيقة، قال: "لا أحب العقوق" وورد أنه ( كره أن تسمي ذبيحة المولود عقيقة، لارتباطها بالعقوق. رابعًا: الجاهلية. ويري محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أن الأضحية نسخت كل ذبيحة كانت قبل الإسلام، وعليه، فإن العقيقة من فعل الجاهلية. ولكن هذا القول هو قول شاذ، والأرجح هو قول الجمهور: إن العقيقة سنة، ويؤجر الإنسان علي فعلها. أحكامها: وللعقيقة أحكام تتعلق بها، أهمها: الوقت: وقت العقيقة يوم السابع من الولادة، فإن لم يكن ففي اليوم الرابع عشر، فإن لم يتمكن ففي اليوم الواحد والعشرين، وذلك لحديث عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي ( قال: "العقيقة تذبح لسبع ولأربع عشرة، ولإحدي وعشري"[البيهقي]. وتعيين اليوم السابع من باب الاختيار، فإذا تأخرت حتى بلغ المولود سن البلوغ، سقطت عن والده، أو عمن تجب عليه نفقته، لكن إن أراد أن يعق هو عن نفسه فعل، وإن مات المولود قبل السابع سقطت عنه العقيقة. العدد: ويذبح عن الذكر في العقيقة شاتان، وعن الجارية شاة واحدة، فعن أم كرز الكعبية، أنها سألت رسول الله ( عن العقيقة، فقال:"نعم عن الغلام شاتان، وعن الأنثي واحدة، لا يضركم ذكرانًا كن أو إناثًا"[أحمد والترمذي وصححه] ويري بعض الفقهاء أنه يذبح شاة عن الولد أو الجارية، استدلالا بحديث ابن عباس أن النبي ( عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا[أبو داود]. والأرجح إن صح حديث النبي ( في اقتصاره علي ذبح شاة، ففيه دليل علي أن الشاتين مستحبة وليست متعينة، وذبح الشاة جائز غير مستحب. التدمية: وكره جمهور العلماء تدمية رأس المولود أو جسده بوضع خرقة فيها دم عند الذبح علي الرأس أو الجسد، فعن عائشة-رضي الله عنها-قالت: كانوا في الجاهلية إذا عقوا عن الصبي، خضبوا بطنه بدم العقيقة، فإذا حلقوا رأس المولود وضعوها علي رأسه، فقال النبي ( :"اجعلوا مكان الدم خلوقًا[ابن حبان]. ولكن يستحب وضع زعفران أو غيره علي رأس المولود بعد الحلق، فعن بريدة الأسلمي-رضي الله عنه-قال: "... فلما جاء الإسلام كنا نذبح شاة، ونحلق رأسه، ونلطخه بالزعفران"[أبو داود]. عدم كسر العظام: ويراعي عند ذبح النسيكة "العقيقة" ألا تكسر من عظمها شيء سواءً كان عند الذبح أو الأكل، فعن جعفر بن محمد عن أبيه، أن النبي ( قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: أن ابعثوا إلي القابلة منها برجل، وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظمًا.[أبو داود]. فينفصل قطع كل عظم من مفصل بلا كسر، لما يلي: 1- أن هذا الفعل أجل وأعظم في الجود والكرم للفقراء، وإظهار منزلة هذا الطعام في نفوس الفقراء والأقارب. 2- أن يتيمن بهذا الفعل بسلامة أعضاء المولود وصحتها وقوتها، لأن العقيقة تجري مجري الفداء للمولود. |
#152
|
||||
|
||||
شروط الذبيحة:
يشترط لذبيحة النسيكة (العقيقة) ما يشترط للأضحية، وهذه الشروط هي: 1- أن يكون عمرها سنة، ودخلت في الثانية إذا كانت من الضأن أو المعز، ويجوز في الضأن السمين أن يكون عمره ستة أشهر، شريطة ألا يفرق بينه وبين الذي له سنة، أما الماعز فلابد من الشرط. 2- السلامة من العيوب، فلا يصح ذبح العمياء ولا العوراء ولا الهزيلة، ولا العرجاء التي لا تستطيع المشي إلي الذبح، ولا التي ذهبت أسنانها، ولا التي لا أذن لها بسبب الخلقة، ولا المجنونة يمنعها من الرعي، ولا مقطوعة الذنب أو الإلية إذا ذهب أكثر من ثلثها، أما العيوب البسيطة فيجوز الذبح، وإن كان الأولي أن تكون خالية من كل عيب. 3- لا يصح الاشتراك في ذبيحة النسيكة (العقيقة) لأن الذبح فيه إراقة دم عن الولد، فهي من باب الفداء عنه. 4- يصح الذبح بالإبل أو البقر، بشرط أن يكون عن مولود واحد. 5- يصح في العقيقة الإهداء والتصدق والأكل، لنشر الود بين أفراد المجتمع. 6- يجوز أن يتولي ذبح العقيقة عن والد المولود، فله أن ينيب غيره لقول النبي:"يذبح عنه يوم سابعه"[رواه الخمسة]. ببناء الفعل للمجهول. الحكمة من النسيكة (العقيقة): للذبح عن المولود حكم عظيمة، منها - والتقرب إلي الله-سبحانه-عن المولود من أول أيام حياته. - فكان لرهان المولود في الشفاعة لوالديه يوم القيامة، كما جاء الحديث بذلك. - زيادة منابع التكافل الاجتماعي بمنبع جديد، يحقق سلامة مبادئ العدالة الاجتماعية، ويمحو عنها ظواهر الفقر والجوع. - زيادة الروابط بين الأقارب والأصدقاء وأفراد المجتمع. - إظهار السرور والفرح بإقامة سنة من السنن النبوية. - فداء للمولود عن أن تصيبه المصائب والآفات. - البهجة للزوجين والشكر لله علي ما أنعم عليهما من نعمة الولد. |
#153
|
||||
|
||||
الإجهاض
الإجهاض هو إلقاء الجنين من بطن أمه قبل تمام وقته. حكمه: والإجهاض محرم إذا كان بدون عذر بعد الشهر الرابع (120 يومًا) عند الحنابلة والحنفية، وعند المالكية يحرم إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين. وقيل: يكره إخراجه قبل الأربعين. وقال الشافعية: يباح الإجهاض مع الكراهة إذا تم في فترة الأربعين يومًا من بدء الحمل، بشرط أن يكون برضا الزوجين، وألا يترتب علي ذلك ضرر بالحامل، ويحرم بعد الأربعين يومًا. عقوبة الإجهاض: إذا انفصل الجنين عن أمه ميتًا، فعقوبة الجاني هي دية الجثة، ودية الجثة غرة-عبدًا أو أمة-، قيمتها من الإبل، أي نصف عشر الدية، أو ما يعادلها وهو خمسون دينارًا أو خمسمائة درهم عند الحنفيه، أو ستمائة درهم عند الجمهور. ودليل تلك العقوبة ما رواه أبو هريرة-رضي الله عنه-قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخري بحجر، فقتلها وما في بطنها، فاختصموا إلي رسول الله (، فقضي دية جنينها غرة-عبد أو أمة-وقضي بدية المرأة علي عاقلتها.[أحمد والبخاري ومسلم]. وتستحب الكفارة في الإجهاض عند الحنفية والمالكية، وتجب عند الشافعية والحنابلة. إلقاء الجنين حيًّا: إذا انفصل الجنين حيا ثم مات بسبب الجناية عمدًا وجب القصاص إذا كان الضرب قد أدي إلي الموت، وتجب الدية فقط لا الغرة إذا لم يؤد الفعل غالبًا إلي نتيجة كالضرب علي اليد أو الرجل، إلي ذلك ذهب المالكية، وعند الأحناف والحنابلة والأصح عند الشافعية أن الجناية علي الجنين لا تكون عمدًا، وإنما هي شبه عمد أو خطأ، لأنه لا يتحقق وجود الجنين وحياته حتى يقصد، فتجب الدية كاملة، ولا يرث الضارب منها شيئًا إن كان ممن يرث. ويوجب الأحناف الكفارة في مثل هذه الحالة، ويوجبها الشافعية والحنابلة مطلقًا، سواءً كان الجنين حيا أو ميتًا. وتتعدد الدية بتعدد الأجنة، وإن ماتت الأم قبل الجنين أو بعده، فعلي الجاني ديتان، واحدة للأم، وواحدة للجنين. وإذا كان الجنين غير مسلم، ففيه غرة، لكن يختلف تقديرها من الجنين المسلم إلي غيره عند المالكية والشافعية، فغرة الذمي عند المالكية تساوي عشر دية الأم، وعند الشافعية ثلث غرة المسلم، ويري الحنفية والحنابلة أن غرة الذمي كغرة المسلم. |
#154
|
||||
|
||||
الميراث
أعطى الإسلام الميراث اهتمامًا كبيرًا، وعمل على تحديد الورثة، أو من لهم الحق في تركة الميت، ليبطل بذلك ما كان يفعله العرب في الجاهلية قبل الإسلام من توريث الرجال دون النساء، والكبار دون الصغار، فجاء الإسلام ليبطل ذلك لما فيه من ظلم وجور، وحدد لكل مستحق في التركة حقه، فقال سبحانه: {يوصكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا فريضة من الله إن الله كان عليمًا حكيمًا} [النساء: 11]. التركة هى ما يتركه الميت من الأموال مطلقًا، سواء كانت أموالا عينية مثل الذهب، والنقود، والأراضى والعمارات، أو المنافع مثل إيجار شقة معينة تورث لورثته عند الجمهور ماعدا الأحناف، والحقوق مثل حق التأليف، وحق الشفعة، وحق قبول الوصية، فلو أوصى أحد لشخص بمبلغ معين، ومات الموصى له قبل قبضه قبضه ورثته. الحقوق المتعلقة بالتركة: 1- تكفين الميت وتجهيزه. 2- قضاء دين الميت. 3- تنفيذ وصيته في حدود الثلث إلا إذا أجاز الورثة. 4- تقسيم الباقى بين الورثة. أسباب الإرث : 1- النسب الحقيقى: لقوله تعالي: {وأولو الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله} [الأنفال: 75]. 2- الزواج الصحيح: ويدخل فيه المطلقة رجعيًا مادامت في عدتها، والمطلقة للمرة الثالثة إذا وجدت قرائن تؤكد أن الطلاق كان بهدف حرمانها من الميراث، وكانت في عدتها، ولم تكن قد رضيت بالطلاق. موانع الإرث: 1- الرق: فالعبد لا يرث سيده. 2- القتل العمد: الذي يوجب القصاص أو الكفارة عند المالكية، وأيضًا شبه العمد والخطأ عند الجمهور. 3- اختلاف الدين: كمن يتزوج مسيحية فلا يتوارثان، ومن ارتد فلا يرث أقاربه، وهم يرثونه على المختار. شروط الميراث: 1- موت المورث حقيقة أو حكمًا كأن يحكم القاضى بموت المفقود، أو تقديرًا كانفصال الجنين نتيجة لجناية كضرب الأم مثلا. 2- حياة الوارث حياة حقيقة، أو تقديرية كالحمل. 3- ألا يوجد مانع للإرث. علم المواريث: هو القواعد التي يعرف بها نصيب كل مستحق في التركة. الفرائض وأصحابها: الفرائض: جمع فريضة، وهى النصيب الذي قدره الشارع للوارث، وتطلق الفرائض على علم الميراث. وأصحاب الفرائض: هم الأشخاص الذين جعل الشارع لهم قدرًا معلومًا من التركة وهم اثنا عشر: ثمان من الإناث، وهن الزوجة، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والأم، والجدة الصحيحة. وأربعة من الذكور: هم: الأب، والجد الصحيح، والزوج، والأخ لأم. العصبة: هم بنو الرجل وقرابته لأبيه الذين يستحقون التركة كلها إذا لم يوجد من أصحاب الفروض أحد، أو يستحقون الباقى بعد أصحاب الفروض وهم ثلاثة أصناف. ميراث المرأة نصف ميراث الرجل: الرجل من واجبه الإنفاق على من في حوزته من النساء، وكذلك مطالب بتوفير مسكن للزوجية وتجهيزه، ومطالب بدفع المهر للزوجة، ومطالب بالإنفاق عليها، وعلى الأولاد، وهذا كله يستغرق جانبًا من ماله قد يفوق بكثير ذلك النصف الذي فضل به على الأنثى، فمال الرجل عرضة للنقصان، ومال المرأة موضع للزيادة لأنها ليست ملزمة بشيء من ذلك. ومع ذلك نجد أن هناك حالات في الميراث تتساوى فيها المرأة مع الرجل، وحالات أخرى تزيد فيها المرأة على الرجل، مثل ذلك إذا مات الرجل تاركًا زوجة وبنتين وأمّا وأخًا، فيكون وللزوجة الثمن، وللبنتين الثلثان، وللأم السدس وللأخ الباقي، فيكون نصيب الزوجة ثلاثة أمثال هذا الأخ، ونصيب البنت ثمانية أمثاله، ونصيب الأم أربعة أمثاله، وقد يموت الرجل تاركًا بنتين وأما وأبا، فيكون للبنتين الثلثان، وللأم السدس، وللأب السدس، فيكون نصيب كل من البنتين ضعف نصيب الأب، ويكون نصيب الأم مساويًا لنصيبه، بينما الإخوة لأم يرثون على التساوى فيما بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. الحجب في الميراث: الحجب: منع شخص من ميراثه كله أو بعضه، فمثلاً: الزوج يرث من زوجته النصف إن لم يكن لها ولد ، فإن كان لها ولد فإنه يرث الربع، وهذا يسمى حجب نقصان، أي أن وجود الولد أنقص ميراث الزوج من النصف إلى الربع، والجد في غياب الأب يرث، فإن وجد الأب فلا يرث الجد، فالأب هنا حجب الجد حجبًا تامًا عن الميراث، وهو ما يسمى بحجب حرمان أو حجب إسقاط. الفرق بـين المحروم من الميراث والمحجوب عنه: المحروم ليس أهلاً للإرث كالقاتل، بينما المحجوب أهل له إلا أن شخصا أولى منه بالميراث حجبه عنه. والمحروم لا يحجب غيره من الميراث أصلاً، ولكن قد يحجب المحجوب غيره، فالإخوة محجوبون بالأب، والأم، ومع ذلك فوجودهم يحجب الأم حجب نقصان فترث السدس بدلاً من الثلث. التخارج في الميراث: إذا ارتضى أحد الورثة أن يأخذ قدرًا معلومًا من التركة قبل توزيعها ويخرج من الميراث، فلا يرث مع باقى الورثة، جاز له ذلك، وهذا هو التخارج. ويستبعد الجزء الذي أخذه الخارج من أصل التركة، ثم يوزع الباقى من التركة على باقى الورثة حسب أنصبتهم. الرد في الميراث: إذا أخذ أصحاب الفروض أنصبتهم من التركة، وبقى منها شيء، ولم يكن للميت عاصب يرث الباقى بالتعصيب، يرد الباقى على أصحاب الفروض، ويقسم بينهم حسب أنصبتهم من التركة. ميراث الخنثى: الخنثى: هو الشخص المشكل، فلا يعرف أذكر هو أم أنثى. وعند توريثه ينظر إلى حاله، فإن تبين أنه ذكر يعطى ميراث الذكر، وإن تبين أنه أنثى يعطى ميراث الأنثى. أما إذا خفى أمره، فيقسم الميراث مرة باعتباره ذكرًا، ومرة باعتباره أنثى، ثم ينظر إلى الحالين يكون نصيب الخنثى فيه أقل، فيقسم الميراث على أساسه. ميراث الحمل: إذا مات الرجل تاركًا وراءه زوجة حاملا، فقد اختلف الأئمة في أمر ميراثه: فذهب المالكية إلى وقف القسمة حتى تضع المرأة، وكذلك قال الشافعية إلا أنهم قسموا لمن لا يتغير نصيبه، وذهب الحنابلة إلى تقدير الحمل باثنين، ذكورًا أو إناثًا بحسب الأكبر نصيبًا، وتوزيع التركة على هذا الأساس إلا أن تلد المرأة فتعدل القسمة بحسبه، أما الأحناف فيرون أن يوقف للحمل نصيب ابن واحد أو بنت واحدة، أيهما أكثر نصيبًا، ثم توزع التركة على هذا الأساس إلى أن تلد المرأة فتعدل القسمة بعد ذلك. ميراث المفقود: المفقود : هو الغائب المجهول الحال، فلا يدرى أهو حى أم ميت. حكمه في الميراث: يوقف ميراثه إلى أن يتبين موته حقيقة أو يقضى بموته بعد مدة محددة، حددها بعض الفقهاء بأربعة أعوام، وتوزع تركته على ورثته الموجودين بعد تحقق موته، أو انقضاء المدة، ولا ميراث لمن مات منهم قبل ذلك، أما إذا كان للمفقود ميراث من ميت مات، فيوقف له نصيبه إلا أن يعود أو يتبين موته، فإذا تبين موته عاد نصيبه إلى شركائه في التركة. ميراث الأسير: الأسير كغيره من المسلمين يرثهم ويرثونه، إلا أن ينجح الأعداء في فتنته في دينه، فيتركه. فيكون حكمه حكم المرتد، فإذا لم يعلم حاله من ناحية دينه وحياته، فحكمه حكم المفقود. الوصية الواجبة: إذا مات الولد في حياة أبويه، وخلف وراءه أولادًا، ثم مات أبواه أو أحدهما فالميراث لأولاد هذا الولد مع إخوته، فليس من الحكمة أن يترك أولاد ذلك الولد يقاسون الفقر والحاجة بعد أن قاسوا ألم اليتم لفقد العائل الذي لو قدر له أن يعيش إلى موت أبويه لورث كما ورث إخوته، لهذا فقد جعل الله لهؤلاء الأولاد حقًا في التركة التي خلفها جدهم أوجدتهم. وتكون الوصية الواجبة لأبناء الولد (ذكرًا أو أنثى) الذي مات في حياة أبويه. حكم الوصية الواجبة: - إذا كان الولد المتوفى في حياة أبويه ذكرًا، كانت الوصية الواجبة حقا لابنه وابن ابنه وإن نزل، فإن كان المتوفى أنثى كان ذلك الحق لأولاد البنت فقط، أما أولاد أولادها فلا شيء لهم. - يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره. - تكون الوصية الواجبة في فرع الولد الذي مات مع والديه في حادث سيارة أو ما شابه ذلك . - المقدار الحاصل للفروع بالوصية يوزع فيما بينهم طبقًا لقواعد الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين. - يرث الفرع نصيب الأصل ما لم يزد نصيبه عن ثلث التركة، فإذا زاد عنها رد إلى الثلث، فإن الوصية لا تجوز أن تكون أكثر من الثلث . شروط الوصية الواجبة: - ألا يستحق أولاد الابن الذي توفى في حياة والديه شيئًا من الميراث، فإن استحقوا شيئًا فلا وصية لهم. - ألا يكون الميت قد وهب لأبناء الابن المتوفى ما يساوى القدر المستحق بالوصية، فإن كان قد أعطاهم أقل من القدر المستحق، استكملوا ما نقص من نصيبهم بالوصية الواجبة. توزيع التركة في حالة الوصية الواجبة: - تقسم التركة بين المستحقين بما فيهم الولد الميت. - إن كان نصيب الولد الميت في حياة أبويه مساويًا لثلث التركة أو يقل عنه، يدفع نصيبه إلى ورثته للذكر مثل حظ الأنثيين. - إن زاد نصيبه عن الثلث، يرد إلى الثلث، ويعطى لورثته، ثم يقسم باقى التركة وهو ثلثها مع باقى الورثة حسب فرائضهم الشرعية. الكلالة: هم من يرثون الميت من غير فرعه ولا أصله عند غياب الفرع والأصل، فإذا مات الميت ولم يكن له من ولد ولا والد، وورثه غيرهم من قرابته، فالتوريث بهذه الطريقة يسمى ميراث الكلالة. أمور عامة في الميراث: * إذا اجتمع في الوارث سببان مختلفان يرث بهما الميت، ورث بهما معًا. مثال: إذا ترك الميت ابنى عم، وكان أحدهما أخاه لأمه، فإن أخاه لأمه يرث السدس من التركة، ثم يوزع الباقى بينه وبين الآخر على التساوي. * قد تزيد أنصبة أصحاب الفرائض عن الواحد الصحيح، فلابد هنا من تقليل هذه الأنصبة كى تتساوى مع الواحد الصحيح، حتى يتسنى توزيع التركة من غير جور على أحد، فإذا ماتت امرأة مثلاً وتركت زوجًا وأختين شقيقتين فيأخذ الزوج النصف، والأختان الثلثين، فيكون مجموع الأنصبة أكبر من الواحد الصحيح: فعندئذ نجعل البسط مقامًا ويكون نصيب الزوج 2/1 ونصيب الأختين 3/2 وهذا ما يسمى بالعول فيقال إن المسألة عالت من 6 إلى 7 وهكذا. * إذا مات جماعة من أسرة واحدة معًا كما يحدث إذا تحطمت طائرة أو غرقت سفينة فلا يعرف من مات منهم أولا، فإنهم لا يتوارثون فيما بينهم، ويكون مال كل واحد منهم لورثته الأحياء. * لا يرث ذوو الأرحام الأقارب من جهة النساء إلا عند انعدام العصبات وأصحاب الفروض. قال تعالي: {وألوا الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله} [الأحزاب: 6]. وذوو الأرحام يرثون وفقًا لهذا الترتيب، بحيث يحجب صاحب الترتيب المتقدم من بعده: 1- فرع الميت كأولاد البنت وإن نزلوا، وأولاد بنات الابن كذلك . 2- أجداده الفاسدون وإن علوا كأب الأم، وكذلك الجدات الفاسدات والجد الفاسد أو الجدة الفاسدة هى التي بينها وبين الميت أنثى كأم أمه، وأبي الأم. 3- فرع أبويه كبنات الأخ. 4- فرع أجداده كالعمة والخالة. - لا يعتد بإخراج المورث أحد ورثته من التركة، فإن التركة بعد وفاة صاحبها تكون حقا لغيره وهم الورثة، فلا يملك المورث التصرف فيها. * إذا طلق الرجل امرأته طلاقًا رجعيًا فلها الحق في الميراث مادامت في فترة العدة. * إذا تأخر تقسيم التركة، فزادت قيمتها في هذه الفترة، فإن التركة وزيادتها ملك لجميع الورثة، ومن حق أي وارث أن يأخذ نصيبه في التركة ومن الربح الناتج من العمل فيها. |
#155
|
||||
|
||||
أود أن أطرح عليكم سؤالا وهو...
فى قوله سبحانه وتعالى (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا أنا لله وأنا إليه راجعون)، فما معنى المصيبة وما هى هذه المصائب هل هي فقط الخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات هل المرض من المصائب هل الطلاق من المصائب هل الحب والعشق من المصائب فما هي هذه المصائب هل كل ما يبتلى به الإنسان مصيبة، وقول إنا لله وأنا إليه راجعون متى يكون هل عند حدوث المصيبة أو سماع خبر المصيبة وهل قول الإنسان لا إله إلا الله أو لا حول ولا قوة إلا بالله تكفى عن قول إنا لله وإنا إليه راجعون، اعذروني على كثرة الاسئلة والإطالة بارك الله فيكم وسدد خطاكم وجعل ما تقومون به من خدمة للناس وتعليم وتنوير جعلها الله فى ميزان حسناتكم يوم القيامة؟ |
#156
|
||||
|
||||
خلاصة :
كل ما يبتلى به المؤمن مما يؤذيه يعتبر مصيبة ولو كان شوكة أو هما أو غما أو غيرهما، والاسترجاع يكون عند حدوث المصيبة أو السماع بها؛ بل يشرع عند تذكرها ولو مضى عليها زمن طويل.. ثم إن الذكر الذي يستحب عند المصيبة بصفة خاصة هو الاسترجاع، فقد جعله الله ملجأ لأهل المصائب وعصمة لهم لما اشتمل عليه من التوحيد والإقرار بالعبودية لله تعالى والإيمان بالبعث بعد الموت، ولا يكفي عنه غيره. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن كل ما يبتلى به المؤمن مما يؤذيه يعتبر مصيبة بما في ذلك المرض والطلاق والابتلاء بالعشق بل ولو كان شوكة أو هما أو غما أو غيرهما، والاسترجاع يكون عند حدوث المصيبة أو السماع بها؛ بل يشرع عند تذكرها ولو مضى عليها زمن طويل، قال القرطبي رحمه الله تعالى عند تفسير الآية المشار إليها: المصيبة: كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه، يقال: أصابه إصابة ومصابة ومصاباً، والمصيبة واحدة المصائب.. والمصيبة: النكبة ينكبها الإنسان وإن صغرت، وتستعمل في الشر، روى عكرمة: أن مصباح رسول الله صلى الله عليه وسلم أنطفأ ذات ليلة فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقيل: أمصيبة هي يا رسول الله؟ قال: نعم. كل ما آذى المؤمن فهو مصيبة. قلت: هذا ثابت معناه في الصحيح، أخرج البخاري ومسلم واللفظ لمسلم عن أبي سعيد وعن أبي هريرة رضي الله عنهما أنهما سمعاً رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته. أخرج ابن ماجه في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع بن الجراح عن هشام زياد عن أمه عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. من أصيب بمصيبة فذكر مصيبته فأحدث استرجاعا وإن تقادم عهدها كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب. انتهى. ثم إن الذكر الذي يستحب عند المصيبة بصفة خاصة هو الاسترجاع، فقد جعله الله ملجأ لأهل المصائب وعصمة لهم لما اشتمل عليه من التوحيد والإقرار بالعبودية لله تعالى والإيمان بالبعث بعد الموت، ولا يكفي عنه غيره. قال القرطبي أيضاً: قوله تعالى: قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. جعل الله تعالى هذه الكلمات ملجأ لذوي المصائب، وعصمة للممتحنين، لما جمعت من المعاني المباركة، فإن قوله: إنا لله توحيد وإقرار بالعبودية والملك. وقوله: وإنا إليه راجعون إقرار بالهلك على أنفسنا والبعث من قبورنا، واليقين أن رجوع الأمر كله إليه كما هو له. قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: لم تعط هذه الكلمات نبيا قبل نبينا، ولو عرفها يعقوب لما قال: يا أسفى على يوسف... إلى أن قال: أي القرطبي، وروى مسلم عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله عز وجل إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها... قال: وفي البخاري وقال عمر رضي الله عنه: نعم العدلان ونعم العلاوة: الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون. أراد بالعدلين الصلاة والرحمة.. وبالعلاوة الاهتداء، قيل: إلى استحقاق الثواب وإجزال الأجر، وقيل: إلى تسهيل المصائب وتخفيف الحزن. والله أعلم. |
#157
|
||||
|
||||
اللهم اكشف الغمة عن هذه الأمة
يا ذا الجلال والإكرام |
#158
|
||||
|
||||
فلسفة المصيبة في الإسلام بقلم: فياض العبسو قال الله تعالى: ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين*الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون *) . كل شيء يولد صغيراً ثم يكبر ، إلا المصيبة ، فإنها تولد كبيرة ثم تصغر شيئاً فشيئاً. والمصيبة هي كل ما يصيب المؤمن بمكروه سواء كان في نفسه أو أهله وولده أو ماله ، والمصيبة في ظاهرها نقمة وفي باطنها نعمة ، ولولا مصائب الدنيا لوردنا القيامة مفاليس ، كما قال أحد الصالحين. وقال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما أصبت في دنياي بمصيبة إلا رأيت لله فيها ثلاث نعم: الأولى: أنها لم تكن في ديني ، والثانية: أنها لم تكن أ عظم مما كانت ، والثالثة: أنني أرجو ثواب الله عليها . وفي الحديث الصحيح: " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه "، متفق عليه . وقال صلى الله عليه وسلم: " من يرد الله به خيراً يصب منه "، رواه البخاري . وقال عليه الصلاة والسلام: " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط "، رواه الترمذي ، وفي رواية أخرى: " إذا أحب الله عبداً ابتلاه فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط "، وفي حديث آخر: " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد عليه البلاء وإن كان في دينه خفة خفف عنه البلاء " ... " وإن الله ليبتلي العبد حتي يمشي على الأرض ما عليه من خطيئة ". فالمصائب تكفير للسيئات أو رفع للدرجات ، وحلاوة الثواب تنسي مرارة العذاب ، وإذا كان الله أخذ فكثيراً ما أعطى ، وإذا كان ابتلى فكثيراً ما عافى ، كما قال عروة ابن الزبير رحمه الله تعالى . وفي الحديث الصحيح: " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وان أصابته ضراء صبر فكان خيراً له " ، رواه مسلم عن صهيب بن سنان الرومي . وأخرج الطبراني بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان فيصب عليهم الأجر صباً حتى إن أهل العافية يتمنون في الموقف أن أجسادهم قرضت بالمقاريض من حسن ثواب الله تعالى ". وفي الحديث القدسي الجليل عن رب العزة والجلال جل جلاله: " إذا ابتليت عبدي بمصيبة في ماله أو في ولده أو في جسده واستقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزاناً أو أنشر له ديواناً وأدخله الجنة بغير حساب "، ومصداق ذلك قوله تعالى: ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) . وإذا أصيب المسلم بمصيبة فإنه يستقبلها بصبر جميل ، والصبر الجميل هو الذي لا شكوى معه إلى أحد من الخلق ، كصبر أيوب ويعقوب عليهما السلام: ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ) . وعن كعب الأحبار أنه قال: من بات يشكو مصابه إلى الناس فإنما يشكو ربه . وإذا شكوت إلى ابن آدم فإنما = تشكو الرحيم إلى من لا يرحم أتشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك ؟. أخرج الطبراني وابن مردويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أعطيت أمتي شيئاً لم يعطه أحد من الأمم أن يقولوا عند المصيبة: ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) . وفي الحديث النبوي الشريف: " ما من عبد يصاب بمصيبة فيقول كما أمره الله: ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) ، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها "، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم . والموت مصيبة ... كما قال تعالى: ( أو ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت ) والمصيبة واحدة فإذا جزعت فهما مصيبتان ، المصيبة عينها ، وفقدت الأجر عليها ، وهو أعظم من المصيبة . ومصائب قوم عند قوم فوائد ، وفي الحديث الشريف: " من أصيب بمصيبة فليذكر مصابه بي " . اصبر لكل مصيبة وتجلد = واعلم بأن المرء غير مخلد وإذا أصبت بمصيبة تفزع لها = فاذكر مصابك بالنبي محمد اللهم رضنا بقضائك ، وصبرنا على بلائك ، وأوزعنا شكر نعمائك .
اللهم آمين ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين . فياض العبسو . |
#159
|
||||
|
||||
الحدود الشرعية
الحد في اللغة: المنع. وسميت العقوبات حدودًا، لأنها تمنع من ارتكاب أسبابها كالزنى والسكر وغير ذلك، وأيضًا تسمى حدودًا؛ لأنها أحكام الله التي وضعها وحدها وقدرها. والحد هو العقوبة المقدرة شرعًا، سواء أكانت حقَّا لله أم للعبد. وقد حذَّر الله -تعالى- من اقتراف الحدود، فقال تعالى: (وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) [الطلاق:1]. وقال أيضًا: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها)[النساء: 14]. وقال -جل شأنه-: (تلك حدود الله فلا تقربوها) [البقرة: 187]. وقال (: "حد يُعْمَل في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحًا)[النسائى، وابن ماجة]. وقد أمر الرسول ( بإقامة الحدود، فقال: (أقيموا حدود الله في القريب والبعيد،ولاتأخذكم في الله لومة لاِئم)[ابن ماجة]. الحدود رحمة: إقامة حدود الله في الأرض رحمة للعباد، فلم يشرع في الكذب قطع اللسان ولا القتل، ولا في الزنى الخصاء، ولا في السرقة إعدام النفس، وإنما شرع لهم في ذلك ما هو موجب أسمائه وصفاته من حكمته ورحمته، ولطفه وإحسانه وعدله، لتزول النوائب، وتنقطع الأطماع عن التظالم والعدوان، ويقتنع كل إنسان بما آتاه الله مالكه وخالفه، فلا يطمع في أخذ حق الآخرين.ويحاول البعض من أعداء الإسلام أن يصوروا تطبيق الحدود على أنه تعذيب وقسوة وتنكيل، وهم حين يفكرون في ذلك الأمر، يفكرون في منظر تقطيع اليد، أو الجلد أو الرجم لمن أتى حدًا من حدود الله، ويتناسون نهائيا الأضرار التي نجمت عن ارتكابهم الحدود، من أموال الناس التي انتهبت، والتي ربما تسببت في فقر أصحابها، أو هتك الأعراض واختلاط الأنساب وفساد المجتمع، أليس من الأنفع للمجتمع أن تقطع يدٌ كلَّ عام، ويشيع الأمن بين الناس، ويطمئن الناس على أموالهم وأعراضهم، بدلا من إشاعة الخوف في نفوسهم وقلوبهم من أولئك الذين يرتكبون جرمًا في حق أنفسهم قبل أن يرتكبوا جرمًا أعظم في حق الناس. ثم إن الناظر إلى تطبيق الحدود يعلم أن هذا التطبيق يمنع ارتكابه وتكرره مرة أخرى، وإن إقامة الحدود في عهد الرسول ( وعهد الخلفاء الراشدين لم يتعد حدود أصابع اليدين، ثم إن اللين لا يجدي في كل موقف من المواقف، بل القسوة والشدة لهما أثرهما في الإصلاح أحيانا كثيرة. والإسلام حين وضع الحدود لم يكن يهدف من ورائها إشباع شهوة تعذيب الناس، بل يطبق الحدود في حدود ضيقة، فيدرأ الحد بأدنى شبهة، ولا يقام إلا إذا وصل إلى الحاكم المسلم، فإن لم يصل، فللذى ارتكب الحد أن يتوب إلى الله تعالى. ولقد أخرج المجتمع الإسلامى الأول أناسا ارتكبوا حدودًا، وكان لهم أن يستروا على أنفسهم، لكنهم كانوا هم الذين يذهبون بأنفسهم لإقامة الحد عليهم، أفبعد ذلك كله، يأتى من يجهلون الإسلام ويقولون: إن الحدود تعذيب وقسوة ؟! بل إن الحدود حفاظ ورحمة. |
#160
|
||||
|
||||
نظام الحكم في الإسلام
الحاكمية لله وحده: تتميز الشريعة الإسلامية بأن الحكم فيها لله وحده، فحق التشريع، وحق الحل والحرمة لله وحده، لا يشاركه فيه أحد، لا نبي مرسل ولا ملك مقرب، قال تعالي: {إن الحكم إلا لله} [الأنعام: 57]. وما يقوم به الحاكم أو ما ينوب عنه، إنما هو تطبيق لمنهج الله وشريعته، وحراسة دينه، أما الطوائف الأخري كاليهود والنصاري، فالحكم عندهم للأحبار والرهبان، فيحلون ما يريدون ويحرمون ما يهوون، ولذا وصفهم الله -تعالي- بقوله: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابّا من دون الله والمسيح ابن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلهًا واحدًا} [التوبة: 31]. فالتشريع الحقيقي لله وحده، أما إطلاق صفة التشريع علي المجتهدين، فهو من قبيل المجاز، بمعني الكشف عن أحكام الله وإبانتها للناس، وتعريفهم بضوابطها وقيودها، وتوضيح غاياتها، وإفتائهم بما يستجد من القضايا. |
#161
|
||||
|
||||
إدارة الدولة الإدارة في عهد الخلفاء الراشدين: تميز المسلمون في مجال إدارة الدولة، وكانت النواة في عهد النبي (، فقد كان يبث الدعوة، ويجاهد العدو، ويأخذ الغنائم والصدقات والعشور، ويقسمها بين المجاهدين وأهل البلاد الفقراء والمهاجرين والأنصار، ويوزع العمل بين عماله، ويرسل القضاة والمعلمين إلي بعض البلدان . وسار أبو بكر علي نهج النبي ( ، وزاد أن قسم جزيرة العرب إلي ولايات وأعمال، مثل مكة، والمدينة، والطائف.. إلخ ،فقسمت الحجاز إلي ثلاث ولايات ، واليمن إلي ثمانٍ، والبحرين وما يتبعها ولاية، وكان يهتم بمراقبة الموظفين والإداريين. ووضحت صورة التنظيم الإداري في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لاتساع رقعة الدولة الإسلامية، فعين العمال وراقبهم، وأحصي القبائل، وفرض الفروض والعطايا، ودوَّن الدواوين التي تشبه الوزارات اليوم، فوضع أول ديوان للخراج في الإسلام وكان أول من استقضي القضاة، وأحدث التاريخ الهجري، وكان يحدد راتب العامل بحسب حاجته وبلده، وغير ذلك من التقسيمات والتنظيمات الإدارية. وحافظ عثمان بن عفان-رضي الله عنه- علي هذا النظام وإن حدث اضطراب في نهاية عهده، بسبب الخارجين عليه. وكان علي -كرم الله وجهه- كسابقيه في الإدارة. |
#162
|
||||
|
||||
الإمامة
هي رئاسة عامة في حراسة أمر الدين والدنيا، خلافة عن النبي (. حكمها : يري جمهور علماء المسلمين أنها واجبة علي الكفاية، فقد اجتمع الصحابة بعد وفاة النبي ( علي استخلاف أبي بكر الصديق، فكان ذلك إجماعًا، لأن الناس لا يصلحون بدون قائد في كل زمان. وقد جاء الشرع بتفويض الأمور إلي ولي في الدين، قال-عز وجل- : {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59]. ويعني هذا أن طاعة أولي الأمر تقتضي وجوب نصبهم وإقامتهم. وقد مارس الرسول ( سلطات سياسية لا تصدر من غير قائد دولة،كإقامة الحدود وعقد المعاهدات وتعيين الجيوش وتعيين الولاة وفصل الخصومات بين الناس في الشئون المالية والجنائية ونحو ذلك. وشذت طائفة وقالت: إن إقامة الإمام جائزة، ولا يلتفت لكلامهم، فإن في الأخذ بهذا الرأي ضياع للدين والدنيا، وفساد لمصالح الناس. كيفية اختيار الإمام: ذكر الفقهاء أربع طرق لتعيين الإمام، وهي: النص، والبيعة، وولاية العهد، والقهر والغلبة، وطريقة الإسلام الصحيحة عملا بمبدأ الشوري، وفكرة الفروض الكفائية هي طريقة واحدة وهي بيعة أهل الحل والعقد، وانضمام رضا الأمة باختياره، ماعدا ذلك، فمستند ضعيف، بسبب التعسف في تأويل النصوص، والاعتماد علي نصوص واهية، وأهواء خاصة، أو إقرار واقع قائم لم يجد المسلمون حكمة أو مصلحة في الثورة عليه،أو القضاء علي وجوده، حقنًا للدماء، ومنعًا للفوضي، ومراعاة لظروف خارجية. أما التعيين بالنص، فالوارد هو اقتصاره علي عَلِيِّ بن أبي طالب كما فهمت الشيعة، واستدلوا بأحاديث ووقائع أولوها لتوافق رأيهم، إلا إنها بجملتها ليس فيها شيء يصح في تولية عَلِيِّ بعد النبي (، وإلا كان الصحابة آثمين حينما ولوا أبا بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم-ولوكان علي أحق بالخلافة لكان أمرًا مشتهرًا بين الصحابة، ولكن هذا لم يحدث. أما التعيين بولاية العهد فقد أجازه الفقهاء مادام الموصي إليه أهل للإمامة، وقد أوصي أبو بكر لعمر، وأوصي عمر لأهل الشوري، ولم يكن في ذلك خلاف من أحد، فكان إجماعًا معتدًا به، مع رضا الأمة بذلك، ولا تجوز أن تورث الإمامة. أما الإمامة بالقهر وبالغلبة فهي حالة استثنائية غير متفقة مع الأصل الموجب لكون السلطة قائمة بالاختبار، وإقرارها فيه مراعاة لحال واقعة للضرورة، ومنعًا من سفك الدماء. ولا يجوز الخروج علي الحاكم المسلم مهما كان فاسقًا مادام يقيم شعائر الإسلام، فإن في قتاله إزهاقًا لأرواح كثير من المسلمين، بل يجب الصبر عليه، والنصح والإرشاد له، والدعاء أن يهديه الله، والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. طريقة البيعة: اتفق فقهاء المسلمين -عدا الشيعة الإمامية- أن تعيين الخليفة يكون بالبيعة، وهي الاختيار والاتفاق بين الأمة وشخص الخليفة، فهي عقد يتم بإرادة كل منهما علي أساس من التراضي. ونظرية البيعة في الإسلام سبقت كل متحدث في كيفية تولية الحاكم، كنظرية جان جاك روسو الذي افترض أن أساس السلطة السياسية عقد اجتماعي بين الشعب والحاكم. وأهل الحل والعقد يمثلون الأمة في اختيار الإمام، وأن الأمة هي مصدر السلطة التنفيذية، لأن حق التعيين والعزل ثابت لها. وأهل الحل والعقد هم المجتهدون والرؤساء ووجوه الناس الذين يقومون باختيار الإمام نيابة عن الأمة. وظيفة أهل الحل والعقد وترتكز وظيفة أهل الحل والعقد علي الترشيح والترجيح في اختيار الإمام وفق المصلحة والعدل، فيقدم للبيعة منهم أكثرهم فضلا، وأكملهم شروطًا، ومن يسرع الناس في طاعته، فإن توافرت الشروط في أكثر من واحد روعي السن، والعلم والشجاعة، وغير ذلك في الأفضلية. شروط أهل الحل والعقد: يشترط فيمن يكون أهلا ليمثل أهل الحل والعقد ما يلي: 1- العدالة: ويقصد بها أنها ملكة تحمل صاحبها علي ملازمة التقوي والمروءة، من حيث امتثال أوامرالله، واجتناب المنهيات الشرعية. 2- العلم: الذي يتوصل به إلي معرفة من يستحق الإمامة علي الشروط المعتبرة فيها. 3- الرأي والحكمة في تدبير الأمور والمصالح: لكون الإمام لا يستغني عنهما. عدد أهل الحل والعقد: اختلفت الآراء في عدد أهل الحل والعقد، والأصوب أنه ليس هناك ارتباط بين اختيار أهل الحل والعقد وبين العدد، وما سبق من الآراء مصحوبة بحوادث كأدلة، كالقول بأن بيعة أبي بكر انعقدت بخمسة، وجعل عمر أهل الشوري الذين يختارون الخليفة منهم ستة. وقيل: تنعقد بثلاثة. وقيل: تنعقد بواحد. فليس في كل ما ذكر أمر معتبر، وإنما هو اجتهاد غير ملزم؛ لاختلاف الأحوال والأزمان ومصالح الناس. شروط الإمام: يشترط فيمن يرشح للإمامة أو الوزارة ، ما يلي: 1- أن يكون مسلمًا، حرّا، ذكرًا، بالغًا، عاقلا: فلا يصلح العبد، أو الأنثي، أو الصبي، أو المجنون. 2- العدالة: ويقصد بها الديانة والأخلاق الفاضلة، وهي في الجملة التزام الواجبات الشرعية، والامتناع عن المنكرات والمعاصي المحرمة في الدين. 3- الكفاية العلمية: وذلك حتي يكون قادرًا علي استنباط الأحكام فيما يجد من حوادث ونوازل، أو ما يستنبط من أحكام شرعية، وغيرها من أحوال السياسة الشرعية. 4- حصافة الرأي في القضايا السياسية والحربية والإدارية. 5- صلابة الصفات الشخصية: بأن يتوافر فيه الجرأة والشجاعة والنجدة، وجهاد الأعداء، وإقامة الحدود، وإنصاف المظلوم. 6- سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان: ليتمكن من مباشرة أعمال الخلافة وقد فصّل العلماء الكلام في هذا الأمر. * وقد اشترط بعض العلماء أن يكون الخليفة من قريش، وهو أمر لا اتفاق عليه، والأولي أن يختار الإمام وفق ما هو أصلح للأمة بعيدًا عن المكان أو النسب. وظائف الإمام وواجباته قسم الفقهاء واجبات الإمام إلي وظائف دينية، ووظائف سياسية. الوظائف الدينية: يجب علي الإمام القيام بوظائفه الدينية، وهي: 1- حفظ الدين: وذلك بالمحافظة علي أحكامه، وحماية حدود الله، وعقاب من يخالفها. 2- الجهاد في سبيل الله: ضد كل عدو أو معتد، أو خارج عن الإسلام، لأن الجهاد هو السياج الذي يحفظ الدين {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين} [التوبة: 14]. وغير ذلك من الآيات التي تدعو إلي الجهاد. 3- جباية الفيء والغنيمة والصدقات: والصدقات هي ما تؤخذ من أموال المسلمين تطهيرًا لهم. أما الفيء فهو كل ما وصل من المشركين عفوًا من غير قتال. والغنيمة:ما وصل من أموال المشركين عنوة وبقتال. والفيء والغنيمة أموال تؤخذ من الكفار انتقامًا، والصدقات توزع في مصارفها الشرعية الثمانية، أما أموال الفيء والغنيمة فتصرف في المصالح العامة. 4- القيام علي شعائر الدين: من أذان وإقامة الصلوات وصيام وحج، ويعين الخليفة الإمام والمؤذن للصلاة، ويصون المساجد ويرعاها، ويؤم الناس في الصلاة إذا حضر، وييسر للحجيج إقامة شعائر الحج، ويشرف علي وقت الصيام بدءًا ونهاية، والإشراف علي كل ما يتعلق بالدين. الوظائف السياسية: للخليفة وظائف سياسية يجب القيام بها، أهمها: 1- المحافظة علي الأمن والنظام العام في الدولة. 2- الدفاع عن الدولة في مواجهة الأعداء. 3- الإشراف علي الأمور العامة بنفسه. 4- إقامة العدل بين الناس. 5- إدارة المال. 6- تعيين الموظفين في الدولة. انتهاء ولاية الحاكم: تنتهي ولاية الحاكم بموته،أو بخلع نفسه، أو بعزله إذا تغير حاله، كجرح عدالته، أونقص في بدنه نقصًا لا يليق بالخلافة. حقوق الإمام الحاكم: للحاكم تجاه المحكومين حقان: الطاعة في غير معصية، والنصرة ما لم يتغير حاله. 1- حق الطاعة: إذا بويع الإمام؛ وجبت طاعته من كل الرعية بلا استثناء، يقول النبي ( :(يد الله مع الجماعة، ومن شذ، شذ في النار) [الترمذي]. وعنه ( قال:(علي المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية،فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) [أحمد وأصحاب السنن]. وإذا أخطأ الحاكم خطأ غير أساسي لا يمس أصول الشريعة؛ وجب علي الرعية تقديم النصح له باللين والموعظة الحسنة، يقول النبي (: (الدين النصيحة). قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال:(لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم) [مسلم]. ولكن لا طاعة له إذا ظهرت معصية تتنافي مع تعاليم الإسلام القطعية الثابتة، لقول النبي (: (لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف) [متفق عليه]. ولا يجوز الخروج علي الحاكم بثورة مسلحة إلا إذا أعلن الكفر صراحة، فإن أعلن الكفر صراحة وجب عزله، فعن عوف بن مالك الأشجعي أن النبي ( قال: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم[يعني الدعاء]،وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم. قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: (لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، لا، ما أقاموا فيكم الصلاة)[مسلم]. وعن عبادة بن الصمت قال: (دعانا النبي (، فبايعناه علي السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرًا بواحًا، عندكم من الله فيه برهان) [البخاري]. 2-مناصرة الإمام ومؤازرته: يجب علي الأمة أن يتعاونوا مع الحاكم في كل ما يحقق التقدم والخير والازدهار في جميع المجالات الخارجية والداخلية، بإقامة المجتمع الخير، وتنفيذ أحكام الله. قال تعالي: {ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} [آل عمران: 104]. وقال أيضا: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله [آل عمران: 110]. وقد جعل رسول الله ( مسئولية الرعاية علي كل فرد في المجتمع، يقول النبي (: (كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية ومسئولة عن رعيتها...) [متفق عليه]. وعنه ( أنه قال: (والذي نفسي بيده، لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه، فلا يستجيب لكم)[الترمذي]. وتتحدد سلطات الخليفة في الإسلام بالأسس التالية: 1- يخضع الخليفة للتشريع الإسلامي: ويطالب بتنفيذ أحكامه، وإصدار القوانين لما قرره الشرع. 2- ليس للحاكم سلطة التشريع: فالتشريع حق لله وحده. 3- يلتزم الحاكم وأعوانه بقواعد نظام الحكم الإسلامي ومبادئه العامة: التي حددها الكتاب والسنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله (. وأهم هذه القواعد: الشوري، والعدل، والمساواة في الحكم بين الناس، والحفاظ علي كرامة الإنسان، والحرية في العقيدة والفكر والقول ما لم تكن هناك مخالفة لقواعد الدين، ورقابة الأمة بحيث تكون هي التي تراقبه في تطبيق الشرع، وإذا انحرف عن الشرع نصحته، وإلا عزلته. آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 19-11-2012 الساعة 04:31 PM |
#163
|
||||
|
||||
أقسام الولايات كانت الولايات تقسم إلى أربعة أقسام: أصحاب الولاية العامة في الأعمال العامة وهم الوزراء. وأصحاب الولاية العامة في أعمال خاصة، وهم أمراء الأقاليم والبلدان. وأصحاب الولاية الخاصة في الأعمال العامة كقاضي القضاة، وقائد الجيوش الأعلى، وحرس الحدود وغير ذلك. وذو الولاية الخاصة في الأعمال الخاصة، كقاضي بلد، أو قائد جيش ونحو ذلك . الوزارة في الإسلام : وجد معنى الوزراء من قديم الزمن، وقد مارس المسلمون الوزارة، ولكنها لم تعرف بهذا الاسم إلا في عهد العباسيين، حيث استعاره الأمراء من الفرس، والوزارة في الإسلام قسمان: وزارة تفويض، ووزارة تنفيذ. وزارة التفويض: هي أن يستوزر الإمام من يفوض إليه تدبير الأمور برأيه، وإمضائها على اجتهاده، وهي ما تعرف برئاسة الوزراء اليوم . والوزير المفوض له كل سلطات الإمام من تعيين الحكَّام والنظر في المظالم، وقيادة الجيش، وتعيين القائد، وتنفيذ الأمور التي يراها . إلا ثلاثة أمور هي: ولاية العهد، واستعفاء الأمة من الإمامة، وعزل من قلده الإمام، أما الإمام فله أن يعزل من ولاه الوزير. وينسق بين الإمام ووزير التفويض بما يلي: 1- يطالب وزير التفويض بمطالعة الإمام لما أمضاه من تدبير، وأنفذه من ولاية وتقليد لئلا يصبح باستبداده كالإمام. 2-يتصفح الخليفة أفعال الوزير وتدبيره الأمور، ليقر منها، ما وافق الصواب ويستدرك المخالفة . وشروط وزارة التفويض كشروط الإمامة، إلا شرط أن يكون قرشيَّا، وهو شرط غير معتبر . ولا يجوز أن يعين الإمام وزيري تفويض، بل يجب أن يكون واحدًا. وزارة التنفيذ: وهذه الوزارة أقل رتبة من وزارة التفويض، لأن الوزير فيها يقوم بتنفيذ ما يأمره الإمام به، ويمضي أحكامه، ويبلغ من قلدهم الولاية أو تجهيز الجيوش ويعرض عليهم ما ورد منهم، وتجدد من أحداث طارئة، فليس له استقلال في السلطة كما للوزير المفوض. فوزير التنفيذ وسيط بين الإمام والرعية، ويختص وزير التنفيذ بأمرين: 1- أن يؤدي إلى الخليفة ما يبلغه من قضايا . 2- أن يؤدي إليه أوامر الخليفة لتنفيذها . شروط وزير التنفيذ: يمكن حصر هذه الشروط فيما يتعلق بجانب الأخلاق،والجانب السياسي، وهي : 1- الأمانة وصدق اللهجة؛ حتى يوثق في أمره ونهيه. والمسالمة، لأن العداء يمنع من التناصف والتعاطف. وأن يكون حاضر البديهة. وأن يكون ذكيًا فطنًا؛ حتى لا تلتبس عليه الأمور. وألا يكون من أهل الأهواء، حتى لا يحيد عن الحق. ولا يجوز أن يتولى هذه الوزارة -وكذلك وزارة التفويض- امرأة ؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم :"ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" [البخاري ]. ويجوز للخلفية أن يُعين أكثر من وزير في وزارة التنفيذ، بخلاف وزارة التفويض التي لا يجوز فيها إلا وزير واحد، وأهم ما يميز هذه الوزارة عن وزارة التفويض أن سلطات الوزير فيها محدودة، فهو منفذ لأوامر الإمام ونواهيه، ولا يحق له مباشرة أي عمل إلا بإذنه. |
#164
|
||||
|
||||
إمارة الأقاليم أو البلاد كانت الدولة في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تقسم إلى أقسام إدارية، ثم اتسعت في عهد الدولة الأموية، فكانت خمس ولايات، ثم اتسع نظام الحكم والإدارة في عهد الدولة العباسية، وقد استفادوا من الفرس، ولذا فقد نظر الفقهاء إلى الإمارة، فقسموها إلى قسمين ؛ عامة، وخاصة : أولا: الإمارة العامة: وهي: التي تختص بجميع الأمور المتعلقة بالإقليم، سواء فيما يتعلق بالأمن وحاجات الدفاع، أم بالقضاء ، وشئون الحال، وهي نوعان : إمارة استكفاء، وإمارة استيلاء. أ- إمارة الاستكفاء: هي التي يعقدها الإمام لشخص كفؤ عن رضا واختيار، فيعطيه جميع الصلاحيات العامة،وقد كانت هذه الإمارة منتشرة منذ عهد الراشدين، والعهد الأموي، والعصر الذهبي للدولة العباسية . ويمارس صاحب هذه الإمارة ثمانية أعمال ؛ هي : 1- النظر في تدبير الجيوش وترتيبهم في النواحي، وتقدير أرزاق الجند، إلا إذا كان الخليفة قدرها . 2- النظر في الأحكام وتقليد القضاة والحكام . 3- جباية الخراج، وقبض الصدقات، وتقليد العمال لها، وتفويض ما استحق منها . 4- حماية الدين والدفاع عن الحرمات، وإقامة شعائر الدين، والحفاظ عليه من التزييف أو التبديل . 5- إقامة الحدود في حق الله وحقوق الآدميين. 6- الإمامة في صلاة الجمع والجماعات بنفسه، أو بالاستخلاف عليها . 7- تسهيل أداء فريضة الحج كل عام. 8- الجهاد في سبيل الله ضد الأعداء المعتدين ولا سيما في البلاد الساحلية،وتقسيم الغنائم والفيء وفقد أحكام الشريعة الغراء. وشروط أمير الاستكفاء هي نفس الشروط المطلوبة في وزارة التفويض، ويجوز لأمير الإقليم أن يستوزر لنفسه وزير تنفيذ بإذن الخليفة، أو بغير إذن،ولكن لا يجوز أن يستوزر وزير تفويض إلا بإذن الخليفة. إمارة الاستيلاء: هي التي يعقدها الخليفة لأمير استولى على السلطة، فيعقدها له اضطرارًا، فيستولى هذا الأمير على أمور السياسة، والتربية، ويحتفظ الخليفة بما يتعلق بأمور الدين، وقد ظهرت هذه الإمارة في العصر العباسي الثاني . وقد أقر الفقهاء هذه الإمارة حفاظًا على شرعية الدولة، ولكن إقرارها مشروط بما يلي: 1- الحفاظ على منصب الإمامة،وتدبير أمور الدين، وحفظ الشريعة . 2- إظهار الطاعة الدينية التي يزول معها حكم العناد والانشقاق. 3- اجتماع الكلمة على الألفة والتناصر، ليكون المسلمون يدًا على من سواهم . 4- أن تكون عقود الولايات الدينية جائزة، والأحكام والأقضية، نافذة . 5- أن يكون استيفاء الأموال الشرعية بحق، تبرأ به ذمة مؤديها،ويستبيحه آخذها. 6- استيفاء حق الحدود، وأن تكون قائمة على مستحق. 7- الورع عن محارم الله. وهذا يجوز لأمير الاستيلاء أن يعين وزير تفويض، ووزير تنفيذ. ثانيا: الإمارة الخاصة : وهي تتحدد فيها سلطات الأمير بصلاحيات معينة، كتدبير الجيش وساسية الرعية وحماية الإقليم،والدفاع عن المحارم،وليس له أن يتعرض للقضاء والأحكام وجباية الخراج والصدقات . ويلاحظ أن الإمامات كانت في صدر الإسلام عامة، ثم بدأت تخصص بتوسع الدولة وتعقد الجهاز الإداري، حتى أصبحت سلطة الأمير مقصورة على قيادة الجيش وإمامة الصلاة. |
#165
|
||||
|
||||
الأحكام الاقتصادية والمالية
الأحكام الاقتصادية والمالية تختص بالموارد المالية التي تدخل الدولة عن طريق الأنفال والفيء والغنيمة والنذور والزكاة وغير ذلك. الأنفال: قد يترتب على الحروب بعض المكاسب المادية، عرفها الفقهاء بأموال الفىء والغنيمة، وقد يخص الإمام بعض المجاهدين ببعض الأموال تحريضًا على القتال، وحثًا لهم على الحمية في الجهاد، وهو جائز لقوله تعالى:{يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} [الأنفال : 65]. وأما السلب الذي هو ثياب المقتول وسلاحه ودابته وما كان معه من مال فيرى الحنفية والمالكية أنها من الغنيمة، فتكون لجماعة الغانمين، ويرى الشافعية والحنابلة أن السلب حق للقاتل في كل حال بدون إذن الإمام، لقول الرسول (: (من قتل قتيلاً فله سلبه) [رواه الجماعة إلا النسائي]. والحنفية والمالكية استدلوا على رأيهم بأن الرسول الله ( جعل السلب حقًا للقاتل بوصفه إمامًا،وأما الشافعية والحنابلة، فيرون أن جعل السلب نفلاً كان تصرفًا من الرسول الله ( بطريق الفُتيا، ويشترط لجواز التنفيل أن يكون قبل أن تكون الغنيمة في أيدي الغانمين، فإن حصلت في أيديهم فلا نفل إلا في الخمس. الفىء: هو المال الذي يؤخذ من أهل الحرب من غير قتال عن طريق الصلح والجزية، وكان الفىء لرسول الله ( خاصة، لقول الله تعالى: {وما أفاء الله علي رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله علي من يشاء والله علي كل شيء قدير} [ الحشر : 6]. وعن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه - قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله - عز وجل - على رسوله (، وكانت خالصة له،وكان ينفق فيها على أهله نفقة سنة، وما بقى جعله في الكراع (الخيل والبغال والحمير) والسلاح ) [متفق عليه]. والفىء لجماعة المسلمين بعد وفاة رسول الله ( وليس للأئمة، وذلك لأن الأئمة ينصرون بقوة قومهم المعنوية، أما رسول الله ( فقد كان يُنصر بما أعطاه الله من مهابة، لقوله (: (نُصرت بالرعب مسيرة شهر) [ متفق عليه ]. الغنيمة: هي ما أخذ من أموال أهل الحرب عنوة بطريق القهر والغلبة،وتقسم أموال الغنيمة كما في قوله تعالى: {واعلموا أن ما غنتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا علي عبدنا يوم الفرقان يوم التقي الجمعان والله علي كل شيء قدير} [الأنفال :41] . فتقسم الغنيمة خمسة أقسام، قسم لمن ذكرتهم الآية، وأربعة أخماس الغنيمة الباقية للغانمين، فيعطى للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم واحد، لقول الرسول (: (للفارس ثلاثة أسهم: للفرس سهمان، وللراجل سهم) [ متفق عليه ]. أما حديث: (للفارس سهمان، وللراجل سهم) فهو ضعيف السند، ويسهم لمن دخل الحرب بغرض الجهاد، ولو دخل بفرسه، ثم مات فرسه فيسهم له بسهم الفرسان، ويستحق الراجل ما دام قد دخل أرض المعركة بنية الجهاد وإن لم يجاهد لقول أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-: (إنما الغنيمة لمن شهر الوقعة). [البخاري]. ويجوز أن يقسم الإمام الغنائم في دار الحرب لما في ذلك من رفع الروح المعنوية للجنود، وقد قسم رسول الله ( الغنائم في حنين ولم يكن قد رجع. [البخاري]. وقسم غنائم بني المصطلق في ديارهم. هذا هو رأي الجمهور، ورأي الأحناف أن الغنائم تُقسم في دار الإسلام. |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الاسلام, دين, نبينا |
|
|