اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > أخبار و سياسة

أخبار و سياسة قسم يختص بعرض الأخبار و المقالات من الصحف يوميا (المصرية والعربية والعالمية )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #136  
قديم 09-10-2012, 10:31 AM
darch_99 darch_99 غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,824
معدل تقييم المستوى: 16
darch_99 is just really nice
افتراضي شكرا

شكرا لك سيدي الفاضل علي المقال

اقتباس:
هل يُنهي بروتوكول أديس أبابا الصراع بين شمال وجنوب السودان؟
والاجابه قطعا و بكل وضوح وبالتاكيد هي لا لماذا ؟

لان هذا الاتفاق جاء تحت ضغوط اقتصادية صعبة لكل من الدولتين .
والحقيقة ان ان دولة جنوب السودان اقيمت اصلا من اجل هدف تفتيت السودان ضمن مخطط تقسيم المقسم في الوطن العربي فالهدف المؤقت الان هو تقوية جنوب السودان اقتصادية وبالتالي وعلي المدي القريب والبعيد عسكريا وسياسيا والسبب المباشر في قيام ودعم جنوب السودان هو اسرائيل وامريكا يعني هو اتفاق مرحلي لا اكثر هدنه تطول او تقصر الهدف التقاط النفس فقط ليس الا , وفي حالة واحدة فقط سوف تعود جنوب السودان يوما وتلتئم مع شمالها
في حالة القضاء وانهيار دولة اسرائيل واختفائها من الوجود

وشكرا
__________________
#الإشـاعة يؤلفها #الحاقد وينشرها #الأحمق ويصدقها #الغبي حاول أن لا تكون من هؤلاء الثلاثة.
بالفيديو.. توثق أحداث الذكرى الثانية للثورة


رد مع اقتباس
  #137  
قديم 09-10-2012, 02:46 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة darch_99 مشاهدة المشاركة
شكرا لك سيدي الفاضل علي المقال



والاجابه قطعا و بكل وضوح وبالتاكيد هي لا لماذا ؟

لان هذا الاتفاق جاء تحت ضغوط اقتصادية صعبة لكل من الدولتين .
والحقيقة ان ان دولة جنوب السودان اقيمت اصلا من اجل هدف تفتيت السودان ضمن مخطط تقسيم المقسم في الوطن العربي فالهدف المؤقت الان هو تقوية جنوب السودان اقتصادية وبالتالي وعلي المدي القريب والبعيد عسكريا وسياسيا والسبب المباشر في قيام ودعم جنوب السودان هو اسرائيل وامريكا يعني هو اتفاق مرحلي لا اكثر هدنه تطول او تقصر الهدف التقاط النفس فقط ليس الا , وفي حالة واحدة فقط سوف تعود جنوب السودان يوما وتلتئم مع شمالها
في حالة القضاء وانهيار دولة اسرائيل واختفائها من الوجود

وشكرا
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك
رد مع اقتباس
  #138  
قديم 09-10-2012, 03:14 PM
الصورة الرمزية محمد محمود بدر
محمد محمود بدر محمد محمود بدر غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 23,998
معدل تقييم المستوى: 38
محمد محمود بدر is just really nice
افتراضي

جزاكم الله خيرا موضوع اكثر من رائع
رد مع اقتباس
  #139  
قديم 09-10-2012, 04:08 PM
Good Engineer Good Engineer غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 106
معدل تقييم المستوى: 0
Good Engineer is on a distinguished road
افتراضي

دمتم بحفظ الله
رد مع اقتباس
  #140  
قديم 10-10-2012, 01:27 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي مستقبل إدارة الثروات في الشرق الأوسط

مستقبل إدارة الثروات في الشرق الأوسط

بريان مايكل
حظى موضوع إدارة الثروات باهتمام أصحاب الأموال وكذلك المؤسسات المصرفية التي تقوم بدور الوسيط في تنمية الأموال لأصحابها من خلال تقديم المشورة، وحِزَمٍ من المشروعات. وتقوم الخدمات التي تقدمها مؤسسات إدارة الثروات على تأسيس علاقات مباشرة مع العملاء ذوي رؤوس الأموال والثروات بغية تقديم خدمات لهم، تتضمّن إدارة ثرواتهم بشكل يحقق المكاسب.

ولكن مع الأزمة المالية العالمية والربيع العربي تصاعدت الشكوك، وضعفت الثقة بين المستثمرين في خدمات إدارة الثروات، لذا باتوا يطالبون في الوقت الراهن بمستويات عالية من الشفافية وبتفسيرات للتقارير الصادرة عن حساباتهم الخاصة، وذلك بهدف توضيح قيمة ممتلكاتهم واستثماراتهم والمخاطر الكامنة في توظيف تلك الثروات. ومع حرص أثرياء الشرق الأوسط على إيداع وتنمية أموالهم في الخارج؛ باتت الشركات المالية المحلية تعمل على جذب تلك الأموال إلى الداخل.

وفي هذا الصدد؛ كتب بريان مايكل - زميل زائر لمركز دراسات القانون المقارَن والعام – تقريرا نشره معهد دراسات الشرق الأوسط في شهر يوليو الماضي تحت عنوان "هل صناعة إدارة ثروات الشرق الأوسط نعمة أم نقمة؟".

ويشير التقرير إلى أن حرص أثرياء الشرق الأوسط الشديد على تأمين ثرواتهم وإنمائها جعلهم هدفًا جذابًا ليس لشركات إدارة الثروات في الخارج فحسب؛ بل لشركات الشرق الأوسط أيضًا العاملة في هذا المجال.

ففي ظل ميل أثرياء الشرق الأوسط إلى وضع أموالهم في الخارج والاستثمار في الأصول الأكثر ثباتًا مثل العقارات والسلع وتوسيع استثماراتهم في الشركات الأجنبية؛ تسعى بنوك الشرق الأوسط حثيثا لتعلُّم كيفية توفير خدمات إدارة الثروات على النمط الغربي من أجل جلب تلك الأموال إلى الداخل. بيد أن تطوير صناعة إدارة الثروات في الداخل تتطلّب قبول المنافسة الأجنبية، وتغيير القوانين المصرفية، وإنماء الشركات المحلية ذات الأسهم الجذابة.

ويستعرض الجزء الأول من التقرير اتجاهات إدارة الثروات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويوضح الجزء الثاني أسبابَ نجاح تركيا في إنماء صناعة إدارة الثروات وطنيًّا ودوليًّا، ويشرح الجزء الثالث من التقرير سُبُل جلب الأموال إلى الداخل من خلال إصلاح القانون المصرفي والمالي، وجعل البنوك المحلية أكثر كفاءة. أما الجزء الأخير فيبيّن الكيفية التي يمكن أن تزيد شركات إدارة الثروات الأجنبية بها أصولها.

اتجاهات صناعة إدارة الثروات

بداية يشير مايكل إلى أن معظم الثروة في المنطقة تكمن في تركيا والمملكة العربية السعودية، تليهما مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، ثم بقية البلدان الأخرى،فتوفر الثروات في المنطقة يعطي لشركات إدارة الثروات والشركات المصرفية الخاصة فرصة فريدة من نوعها لخدمة الأثرياء.

ويعزو التقرير نمو صناعة إدارة الثروات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى احتفاظ الأسهم العالمية ببريقها إلى حدٍّ ما، وإلى ارتفاع عائدات الاستثمارات النفطية، لاسيما مع ارتفاع أسعار النفط على مدى السنوات الخمس المنصرمة.

ولعل هذه التغيرات الهائلة في مصادر الثروة دفعت وسطاء الغرب التجاريين إلى الإقبال على أسواق الشرق الأوسط بدلا من انتظار مجيء أثرياء المنطقة إليهم في أوروبا. وبحلول عام 2012، باتت البنوك العالمية الكبرى توفّر خدمات مصرفية وخدمات إدارة الثروات في الشرق الأوسط.

وتشير الإحصائيات إلى أن ما يقرب من 70% من أثرياء الشرق الأوسط يرسلون أموالهم إلى الخارج، بيد أن الأكاديميين لا يعرفون وجهة هذه الأموال بالضبط.

وتشير التقديرات إلى أن عدد الأثرياء نما إلى حدٍّ كبير في منطقة الشرق الأوسط، وأن حجم الثروة نما بنسبة 10% تقريبًا في عام 2009، وبنسبة 5% تقريبًا في عام 2010.

وقد لاحظ مراقبو صناعة إدارة الثروات أن معظم الأموال تذهب إلى سويسرا والمملكة المتحدة، بيد أن بيانات صندوق النقد الدولي لم تُظهر حتى الآن هوية من يستثمر هذه الأموال و***يته.

ووفقا للبيانات المتاحة، يضع المستثمرون الإماراتيون والقطريون والأتراك أكبر كمية من محافظهم الاستثمارية في سويسرا. ومع ذلك؛ عجز صندوق النقد الدولي عن تحديد حجم هذه الأموال؛ ربما لنقص البيانات لديه.

وتشير البيانات المتاحة رغم محدوديتها إلى أن شركات إدارة الثروات تسعى جاهدة للعمل مباشرة في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأن البنوك الأجنبية وجّهت أنشطتها على نحو متزايد إلى أسواق الشرق الأوسط.

وفي مستهل العقد، شكّلت البنوك الأجنبية نسبة 10% فقط من إجمالي السوق من حيث الأصول، في حين شكلت البنوك الخاصة بالخليج حوالي 27% من الأصول. ولكن بحلول نهاية العقد، حققت البنوك الأجنبية تقدمًا كبيرًا وشكلت نسبة20% من السوق، ما يوحي بأن تلك البنوك الغربية تسعى لنيل حصة أكبر من محفظة الشرق الأوسط.

وتشير الدراسة إلى أنه إذا تمكنت شركات إدارة الثروات الأجنبية ولاسيما الشركات السويسرية والبريطانية من تغطية السوق المحلية بصورة كلية، ستظل شركات إدارة الثروات المحلية متخلفة للغاية.

ووفقا لتقديرات مؤسسة ميريل لينش، رفعت بنوك الخليج أصولها بنحو 25% في النصف الثاني من عام 2000، وارتفعت الأصول المُدارة من قِبل البنوك الخاصة ومدراء الثروات بنحو 12%، ونمت الثروة في المنطقة ككل بنسبة حوالي 10%.

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر - وهما سوقان على درجة عالية من التطور المالي- نمت الأصول المصرفية بنحو 35%. أما في تركيا والمملكة العربية السعودية فقد نمت الأصول المصرفية بما يقرب من ضعف معدل النمو المقدّر للثروة في المنطقة.

ولم تقدم القطاعات المصرفية المتخلفة في المنطقة تفسيرا واحدا لسبب تردّي وضع البنوك المحلية، على حد قول الباحث مايكل الذي يرى أن ذلك قد يعزو إلى عجز تلك البنوك عن المنافسة، وعدم وجود فرص استثمارية مربحة في منطقة الشرق الأوسط.

ووفقا لدراسةHasan and Dridi 2010، تضاءلت ربحية البنوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في حين نمت محافظها الاستثمارية. كما أشارت تلك الدراسة إلى أنه كان ثمة تفاوت كبير بين أحجام المحافظ الاستثمارية للبنوك والربحية من عام 2007 وحتى عام 2009.

وعلاوة على ذلك، أوضحت دراسةMako and Sourrouille 2010 التي أُجريت مؤخرا أن المملكة العربية السعودية لم تستثمر سوى 71 مليون دولار في منطقة الشرق الأوسط في عام 2009، في حين استثمرت دولة الإمارات العربية المتحدة 92 مليون دولار في المنطقة.

مقارنة بين استثمارات تركيا والسعودية

يخدم الاقتصادان التركي والسعودي على حد سواء مصالح النخبة الحاكمة؛ إلا أن مصالح النخبة التركية تركّز في المقام الأول على الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية المحلية التي تولّد ثروة، في حين تميل مصالح النخبة الحاكمة السعودية إلى استثمار مكاسب الموارد في الخارج.

وفيما يتعلق بصناعات التكنولوجيا الفائقة، التي جعلت العديد من الأمريكيين والأوروبيين من أصحاب الملايين، فاقت الصادرات التكنولوجية التركية نظيرتها السعودية في عام 2007، وعليه تجاوزت نسبة النفقات التركية نظيرتها السعودية؛ بل وفاقت براءات الاختراع التركية أيضًا عدد براءات الاختراع السعودية، مما أحدث فجوة كبيرة بين الثروات التركية ونظيرتها السعودية.

ومع ذلك؛ بدا القطاع المصرفي السعودي أكثر قوة من نظيره التركي في عام 2010، وذلك لأن البنوك السعودية كانت تتمتع آنذاك بخصوم وودائع كبيرة. هذا وفاقت نسبة ادخار السعوديين معدّل ادّخار الأتراك في عام 2010؛ إذ ادّخر السعوديون 43% من إجمالي ناتجهم المحلي، في حين ادّخر الأتراك 14% فقط من إجمالي ناتجهم المحلي. وفي أغلب الأحوال، تذهب تلك الوفورات طريقها إلى سويسرا والمملكة المتحدة.ويُشير الباحث في دراسته إلى أن تطوير خدمات إدارة الثروات في تركيا يبدو واعدا أكثر بكثير مما هو عليه في المملكة العربية السعودية.

نصائح لتطوير إدارة الثروات في الشرق الأوسط

ينصح الباحث القطريين والليبيين واللبنانيين بأن يشجعوا المستثمرين المحليين على استثمار أموالهم في الداخل بدلا من استثمارها في الخارج، وينصح قطاعاتهم المصرفية بالتركيز على الاستثمارات طويلة الأمد ونتائجها.

كما يحض مايكل على تشجيع الأثرياء على إعادة أموالهم من الخارج، وإدخال تغييرات على قانون الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط. بيد أنه ينبغي استخدام الأموال بمجرد عودتها من الخارج في إنماء اقتصاد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ومن ناحية أخرى؛ ينصح مايكل الشركات الأجنبية العاملة في مجال إدارة الثروات بما يلي:

أولا: الاهتمام بالأصول الموجودة في الخارج بدلا من الدخول مباشرة إلى أسواق الشرق الأوسط.

ثانيا: التركيز على تعظيم الأصول الخاضعة للإدارة بدلا من زيادة حجم العملاء.

ثالثا: التركيز على أسواق الدرجة الثانية، لأن تركيا والسعودية -على وجه الخصوص- لهم بالفعل منافسون أشداء.

يرى الباحث أن إدارة الثروات في الشرق الأوسط تمثل نعمة ولكن نقمة محتملة للمؤسسات المالية والمحلية؛ فمستقبل إدارة الثروات في الشرق الأوسط سيتوقف على ما إذا كان بإمكان صنّاع السياسة والمصرفيون تطوير خدمات إدارة الثروة المحلية التي تزيد الاقتصادات المحلية وتزيد محافظ الأثرياء وعددهم. كما أن صانعي السياسة سيحتاجون إلى تشجيع المؤسسات المالية المحلية لتصبح أكثر قدرة على المنافسة، وذلك من خلال تغيير القوانين المصرفية وإنماء الشركات المحلية التي تعتبر أسهمها جديرة بالشراء.

ويختتم الباحث دراسته بقوله إنه ينبغي ألا يخاف مدراء الثروات الأجانب من تطوير المؤسسات المحلية وأنشطتها، وأن يساهموا في إنماء أسواق الشرق الأوسط من خلال توفير خدمات مصرفية خاصة في المنطقة.
رد مع اقتباس
  #141  
قديم 10-10-2012, 01:33 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي سيناريوهات ما بعد التغيير في اليمن

التحول أم الانهيار؟:
ورشة عمل: سيناريوهات ما بعد التغيير في اليمن
معهد تشاتام هاوس

في إطار اهتمام مؤسسات الفكر والرأي الغربية بتطورات الأوضاع في اليمن، واستشراف السيناريوهات المستقبلية للتطور السياسي والاقتصادي اليمني، عقد المعهد الملكي البريطاني للشئون الدولية (تشاتام هاوس) ورشتا عمل تحت عنوان "اليمن: السيناريوهات والمؤشرات".


لخصت ورشتا العمل مستقبل اليمن في أربع سيناريوهات رئيسية مدة كل سيناريو خمس سنوات مقسَّمة إلى مرحلتين. تبدأ المرحلة الأولى من عام 2012 وحتى فبراير 2014، أما المرحلة الثانية فتبدأ من بعد عام 2014.

وتستند هذه السيناريوهات الأربعة إلى الخيارات المتاحة أمام المسئولين اليمنيين والتي تعتمد على إعادة تشكيل التسوية السياسية إما على موارد اقتصادية جديدة لتحل محل إنتاج النفط المتضائل أو على إصلاحات فعالة للاستفادة من الموارد المتاحة بكفاءة أكبر.

ويري المشاركون في ورشتي العمل أن هذه السيناريوهات الأربعة ليست بمثابة تنبؤات، ولكنها تمثل سردًا "معقولًا" لمستقبل اليمن. ويقولون أن ثمة احتمال قوي أن يكون كل من هذه السيناريوهات امتدادا للآخر، بيد أن ذلك سيتوقف على تطور الأحداث.

السيناريو الأول: التقدم الى الأمام

يعتمد هذا السيناريو على الاستثمار السعودي والخليجي في الاقتصاد اليمني لضمان استقرار البلاد وضمان استمرار التسوية السياسية. فيشير المشاركون في ورشتي العمل إلى أنه من المتوقع أن توافق دول مجلس التعاون الخليجي في المرحلة الأولي من السيناريو (من عام 2012 وحتى فبراير 2014) على آلية للاستثمار في اليمن، وسيكون ذلك مدعومًا إلى حدٍّ كبير بتمويلات سعودية. فدعم الاقتصاد اليمني، وما سيترتب عليه من تثبيط للهجرة اليمنية، سيكون أفضل بكثير من المخاطرة بانهيار الاقتصاد اليمني.

ومن المتوقع نمو الاستثمار في قطاعات المعادن، جنبا إلى جنب مع الاستثمار في البنية التحتية مثل الطرق، واستثمار 15 مليار دولار، ودعم الميزانية التي تعاني من عجز قدره مليارا دولار، مما قد يساعد في تحقيق تقدم حقيقي في خفض معدل البطالة. ومن المرجح أن تتراجع أسعار السلع الغذائية الأساسية في هذه المرحلة دون مستويات عام 2011، وعليه قد تتحسن مستويات المعيشة.

وعلاوة على هذا، سيسعى الرئيس عبد ربه منصور هادي تدريجيًّا لبناء قاعدة من الدعم الشعبي، وسيولي أهمية لقضايا المرأة، مما سيُفسح المجال تدريجيًّا للتحالف مع رجال دين محدثين بغية التناقش بشأن قضايا خلافية مثل الزواج المبكر، وتنظيم الأسرة، وتعليم الفتيات.

ويتوقع المشاركون أن يشرف هادي على صياغة الدستور الجديد، وعلى بناء هيكل اتحادي لا مركزي يتمتع في إطاره الحوثيون والجنوبيون بحكم ذاتي كبير. ولكن في حالة تعزيز الحوثيين سيطرتهم على الأراضي في الشمال، سيتأجّج صراعهم مع جهات فاعلة خارجية، مما يعني تحسنا طفيفا في الوضع الإنساني للنازحين هناك.

وقد يهدد التوتر بين الحوثيين وحزب "التجمع اليمني للإصلاح" بتقويض الحوار الوطني، غير أنه من المتوقع أن ينجح مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر في إقناع الحوثيين بعدم الانسحاب من المحادثات.

ويرى المشاركون في ورشتي العمل أن هادي سيكون قادرًا على تأمين الدعم الخارجي الذي سيحتاج إليه؛ فهو بارع في جذب استثمارات بالمليارات من دول الخليج من خلال إقناعه لها بأن عدم دعم اليمن ستكون له عواقب وخيمة على الكل.

كما أنه سيكون قادرًا على إقناع الولايات المتحدة بأن الإفراط في الاعتماد على هجمات الطائرات بدون طيار ليست هي الطريقة المُثلى لمكافحة الإرهاب. حيث يفضل هادي اللجوء إلى التحالف مع زعماء جنوبيين وجماعات قبلية لقطع دابر أنصار الشريعة وغيرها من الجماعات الأصولية المسلحة.

وفي المرحلة الثانية التى تبدأ من مارس 2014 وحتى عام 2017 يتوقع المشاركون إرجاء الانتخابات المقررة في عام 2014 لمدة 12 شهرا لإتاحة الوقت لاستكمال الحوار الوطني، وسيكون هذا الإرجاء مفهوما ومقبولا على الصعيدين المحلي والدولي. ويتوقعون أن يعود رجال القبائل الذين شاركوا في احتجاجات صنعاء -بوصفهم مدنيين- إلى قراهم وهم يحملون فكرة المشاركة السياسية.

ومن المحتمل أن يوفر الاستثمار في مجال الإعمار فرص عمل للعمال الريفيين غير المهرة، وأن تبث مشاريع التنمية الأمل في نفوس اليمنيين. ومن الوارد أن تتحسن مستويات المعيشة، غير أن الإغاثة الإنسانية ستظل ضرورية لتلافي الوقوع في أزمة.

وعندما تُجرى الانتخابات في عام 2015، سيتولى رئيس جديد ورئيس وزراء تنفيذي قيادة حكومة تكنوقراطية فعالة. ومن المتوقع أن تُعزَّز قدرة مجلس النواب تدريجيا للعمل بوصفه هيئة تشريعية، وأن يصبح تمكين المرأة مقبولا. هذا ومن المحتمل أن يجد العمالُ حديثو التدريب فرص عمل أفضل في دول الخليج، ما من شأنه أن يعزز التحويلات المالية. ومع تحسن النظام القضائي والوضع الأمني ستنمو الاستثمارات نموًّا ملحوظًا.

ومع ذلك، قد يظل الانتعاش الاقتصادي هشا بحلول عام 2017، وقد يظل الاستثمار محفوفا بالمخاطر ويحتاج إلى تعهدات مكتوبة بضمانات سياسية من دول مجلس التعاون الخليجي على وجه الأخص. وقد يتحسن الوضع الأمني إلى حد كبير، غير أن القتال المحلي قد يظل قائما ويتم احتواء التهديد الأصولي بدلا من القضاء عليه.

السيناريو الثاني: تباطؤ عملية الإصلاح

يرى المشاركون في ورشتي العمل أن وتيرة الإصلاحات ستكون مطردة في هذا السيناريو، ولكنها ستتباطأ إثر افتقار الحكومة إلى القوة والدعم اللازمين لإنجاز ذلك. ومن المحتمل أن تُفضي محاولات الإصلاح الاقتصادي والأمني إلى تفاقم التوترات داخل النخبة الحاكمة، مما سيؤجج الصراع، على حد اعتقاد المشاركين.

وخلال المرحلة الأولي من السيناريو يتوقع أن تتوحد نخب النظام حول الحافظ على فاعلية أعمالها، وأن تعمل في سبيل ذلك على إقناع المجتمع الدولي بمواصلة تمويلها من أجل احتواء التهديد الأمني المزعوم من القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

ويري المشاركون في هذا السيناريو أن يظل هادي "رئيسا غير مسيطر"، أي أن بقايا النظام ستظل موجودة في هذه المرحلة. وعلى الرغم من الجهود التي سيبذلها، سيعجز هادي عن بناء قاعدة دعم من شأنها أن تؤازره للتغلب على فلول النظام السابق.

وستَحول الانقسامات في الجنوب دون فرض هادي سلطته هناك، في حين أن أنصار صالح قد ينجحون في استمالة وتعزيز الحركة الحوثية التي تقاوم كلا من حزب الإصلاح، والسلفيين، و"المتطرفين من السنة"، وعلي محسن صالح الأحمر، وهو قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية في اليمن وكان يعد من أبرز رجال الرئيس علي عبد الله صالح.

وفي حين كون علي محسن في الوقت الراهن أقوى داعم عسكري لهادي، يتوقع المشاركون أن تفسد بقايا مؤيدي صالح جهود هادي الرامية لتعيين قادة جدد في مختلف مؤسسات الجيش، وعليه قد تواصل التأثير على الأحداث العسكرية في جميع أنحاء البلاد.

وعندما تتصاعد أعمال ال***، ستوسع الولايات المتحدة عمليات الطائرات بدون طيار، بل وقد تفكر في القيام بعمليات برية سرية. ومن شأن هذه العمليات أن تزيد من حجم العداء للولايات المتحدة، مما قد يعزز دعم المتطرفين المسلحين، وكذلك الدعم الخارجي لأجهزة الجيش والأمن اليمنية.

وعلى الرغم من أن الحكومة ستكون قد تمكنت من الوصول إلى بعض الموارد في تلك المرحلة، ستظل الظروف المعيشية في حالة تردٍّ، ولكن بوتيرة أبطأ.

هذا ومن المرجح أن يواصل الاقتصاد الكلي تدهوره، مع إغلاق المصانع وانخفاض الإنتاج الغذائي بسبب الفوضى في الأسواق الريفية، وشُح وقود الديزل اللازم لتشغيل معدات الري. ولن يكون العمل الحضري المريح متاحا بسهولة كما كان من قبل، ما من شأنه أن يقوض دخل الأسرة الثابت.

ويستبعد المشاركون في ورشتي العمل أن يكون اليمن قد فرغ من الحوار الوطني وصياغة الدستور مع مستهل عام 2014، ويرون أن ذلك سيفضي بدوره إلى إرجاء الانتخابات لمدة عامين.

وخلال المرحلة الثانية من السيناريو ستظهر التوترات السياسية والاقتصادية. ويري المشاركون أن النخبة الحاكمة قد تتمكن من احتواء الموقف لفترة أطول في ظل التدهور البطيء، وأن فشلها سيحدث انتكاسة سريعة لليمن. ويضيفون أن الشعب سيقبل إرجاء الانتخابات على مضض، وقد يدفع هذا الإرجاء الجميع إلى تقييم مواقفهم.

ومن المتوقع أن ينقسم المجتمع الدولي بشأن اليمن في هذه المرحلة؛ فالولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية قد تركزان على مكافحة الإرهاب، في حين أن المانحين الأوروبيين قد يركزون على التنمية.

السيناريو الثالث: المناورة في عملية الإصلاحات

من المتوقع أن تعرقل بقايا مؤيدي صالح عملية صنع القرار، التي باتت متأخرة وغالبا غير منتظمة. ووسط مخاوف متصاعدة حول استقرار الحكومة، من المحتمل أن تنقسم حكومة الوحدة الوطنية "المشلولة" حول الإصلاحات الاقتصادية في نهاية عام 2012، وأن يساور الدول المانحة قلق يدفعها إلى تعليق بعض البرامج، وعليه تتفاقم الأزمة الإنسانية.

وقد يعلن هادي، الذي تعهد بتطبيق الجدول الزمني لإصلاح القطاع الأمني والعسكري، في مطلع عام 2013 عن تشكيل قيادة مركزية جديدة تحت سيطرة وزارة الدفاع. وفي ربيع عام 2013، قد تندلع أعمال *** متفرقة بين القوات الموالية لصالح وتلك الموالية للحكومة، ما ينذر بحرب شاملة خطيرة.

وفي هذه المرحلة؛ ستتدخل الأمم المتحدة وتطالب كافة الأطراف بالانصياع لقرار مجلس الأمن رقم 2014. ومن المتوقع أن يقرر هادي المناورة في عملية الإصلاحات من أجل الحفاظ على الاستقرار، وذلك اعتبارًا من منتصف عام 2013، وعليه تُرجأ الإصلاحات العسكرية والاقتصادية حتى بعد انتخابات 2014.

السيناريو الرابع: تفاقم الأوضاع

في فترات مختلفة من الأزمة، يمكن لسيناريو المناورة في عملية الإصلاحات إلى أن يؤدي إلى تفاقم الأوضاع، مع استشراء القتال وتزايد الفوضى، ومن ثم يعلن الحوثيون الاستقلال، ويعزز أنصار الشريعة سيطرتهم على العديد من المحافظات الجنوبية، ويُغتال هادي في نهاية المطاف.

استنتاجات ختامية

على أساس السيناريوهات الأربعة التي اقترحها المشاركون في ورش العمل، خلصوا إلى الاستنتاجات التالية كمسار محتمل لليمن:-

أولا: عجز اليمن خلال السنوات القادمة عن معالجة مشاكله الأساسية سيؤدي إلى عدم استقرار الأوضاع، الأمر الذي سيؤدي لتفاقم الأزمات الداخلية.

ثانيًا: سيكون الاستثمار في اليمن مطلوبا عن أي وقت مضى لتحسين الأوضاع الإنسانية. وستكون أن المملكة العربية السعودية هي المصدر المحتمل للاستثمار على نطاق واسع في هذا البلد، على الرغم من أن المستثمرين من اقتصاديات ناشئة مثل تركيا وماليزيا يمكنهم لعب دور هامٍّ أيضا في إنماء اليمن.

ثالثًا: يتطلب نجاح الإصلاحات تحولا جوهريا في عقلية النخبة الحاكمة، فعليها أن تعترف بأن التغيير واسع النطاق أمر ضروري لإنشاء نموذج عمل أكثر استدامة.

رابعًا: تشير كافة السيناريوهات لإرجاء انتخابات مارس 2014، على الرغم من اختلاف الأسباب. ولا ينبغي اعتبار هذا الإرجاء مؤشرا على الفشل.

خامسًا: يلعب المجتمع الدولي دورا حاسما في بعض السيناريوهات. وصبّ التركيز على التنفيذ السريع للخطة الانتقالية الخليجية يمكن أن يدفع اليمن نحو سيناريو "المناورة في عملية الإصلاحات". كما يمكن للتركيز الكبير على مكافحة الإرهاب أن يدفع باليمن نحو سيناريو تباطأ عملية الإصلاح
رد مع اقتباس
  #142  
قديم 11-10-2012, 09:57 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي كيف يفكر أبو مازن في الخروج من المأزق الفلسطيني؟

خيارات غير مجدية
كيف يفكر أبو مازن في الخروج من المأزق الفلسطيني؟


تال بيكر
بعد فشل الجهود الدولية والعربية في تسوية الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي، يواجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن مأزقا داخليا ، خاصة في الضفة الغربية التي تتصاعد فيها الاحتجاجات، جراء تردي الأوضاع الاقتصادية وانخفاض شعبيته في استطلاعات الرأي.

وفي هذا السياق، كتب "تال بيكر" – الباحث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الموالي إلى اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة الأمريكية - تحليلا نشره المعهد في سبتمبر 2012 يشير فيه إلى أن الخيارات السياسية التي يقترحها عباس للخروج من المأزق الذي يواجهه لا تُجدي نفعًا في الغالب، إذ يرى بيكر أن عباس مقتنع تمامًا بأن كل خيار أسوأ من الآخر.

ولا يحلل هذا المقال عقلية عباس ورؤيته للمأزق الفلسطيني فحسب، بل يحذر أيضًا من خطر الانزلاق إلى ال*** المستمر في فلسطين، ويشدد على ضرورة بذل كل ما يلزم لتحسين الوضع الراهن المضطرب. ويري بيكر في تحليله أن الرئيس أبو مازن يجد نفسه أمام خمسة خيارات غير مجدية من وجهة نظره، والتي يطرحها فيما يلي:-

الخيار الأول: المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية

من وجهة النظر الفلسطينية، أهملت الحكومة الإسرائيلية المفاوضات مع القيادة الفلسطينية إلى حد كبير. ويذكر بيكر أنه من "السذاجة" أن تلقي القيادة الفلسطينية كل اللوم على حكومة نتنياهو لفشل المفاوضات. ويشير الكاتب الأمريكي إلى أن ثورات الربيع العربي، فضلا عن تراجع شعبية السلطة الفلسطينية بشكل عام وعباس خاصة من العوامل التي تلعب دورًا في إبطاء عملية السلام. فالبيئة الإقليمية المضطربة، والزعيم غير المحبوب سياسيًّا؛ يجعلان مسألة التوصل إلى اتفاق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بعيدة المنال. ويذكر بيكر أنه إذا لبّى نتنياهو الشروط الفلسطينية المتعلقة بالمفاوضات، وأظهر مرونة على طاولة المفاوضات؛ سيفسر عباس ذلك الأمر، بطريقة تتنافى مع الواقع، فهو عادة ما يكون مقتنعا في قرارة نفسه بأن التوصل إلى حل وسطي مع إسرائيل سيجعله خائنًا في أعين الجماهير الفلسطينية والعربية.

ورغم تردده وشكّه الشديدين؛ لا يقدر عباس على أن يتخلى عن خيار المفاوضات لأنه لا يزال يراه خياًرا مجديًا في المستقبل، لاسيما في فترة ما بعد الانتخابات الأمريكية. كما أنه على قناعة بأن تخليه عن المفاوضات ستكون له عواقب وخيمة؛ فإسرائيل والولايات المتحدة قد تتحدان ضده مما يهدد شرعيته السياسية. ولهذا يفضّل عباس – كما يرى بيكر - إلقاء اللوم على إسرائيل قدر الإمكان لصرف النظر عن الصراع النفسي الذي يعيش فيه، وليتلافى توجيه المجتمع الدولي أي لوم له. وإذا وجد نفسه محاطًا بضغوط من كافة الاتجاهات؛ ينخرط الرئيس أبو مازن في بعض أشكال الحوار، مثل الجولات الخمس من المحادثات التي جرت في عَمان في وقت سابق من هذا العام.

الخيار الثاني: تفكيك السلطة الفلسطينية

على مدار العام الماضي، سمع بعض الدبلوماسيين من مسئولين فلسطينيين خلال الاجتماعات أن الفلسطينيين قد لا يكون أمامهم خيار سوى تفكيك السلطة الفلسطينية، أو التنصل من اتفاق أوسلو، إذ يرى البعض أن مثل هذا الخيار قد يوفر ضغطا كبيرا على إسرائيل.

بيد أنه على الرغم من قصور السلطة الفلسطينية ، إلا أنها كما يشير بيكر فقد صبغة شرعية على فكرة إقامة دولة فلسطينية، ووفرت قدرًا كبيرًا من الحكم الذاتي والاستقرار الاقتصادي والنظام للشعب الفلسطيني، ناهيك عن دورها كمصدر لقوة كبار المسئولين الفلسطينيين. ومن ثم قد يُنظر إلى مسألة تفكيك السلطة على أنها عمل من أعمال التخلي عن الشعب الفلسطيني ، وبالتأكيد ليس هذا ما تسعى إليه القيادة الفلسطينية.

الخيار الثالث: المصالحة بين فتح وحماس

يتصدر خيار المصالحة بين فتح وحماس عادة عناوين الصحف عقب كل اجتماع يعقد بين الحركتين ، بيد أن الشقاق بينهما ما يزال قائمًا. وتفضل مجموعة من عناصر فتح وحماس المصالحة ، على الرغم من تباين دوافعهم. فبعضهم يرى أن شرعية السياسة الداخلية والوحدة ضروريتان لتحقيق الأهداف الفلسطينية في الصراع مع إسرائيل. ومع ذلك، لم يفتر العداء القائم بين الحركتين؛ فلكبار قادة كل حركة أهداف خاصة تخدم مصالحهم.

ومن جهته؛ يشعر عباس بالقلق من فكرة الوحدة بين فتح وحماس، لما سيكون لذلك من آثار سياسية واقتصادية وخيمة. فعباس لا يزال مترددًا بشأن قطع العلاقات والتواصل مع واشنطن، ولديه أمل في أن يضخ الرئيس أوباما أموال طائلة لتعزيز عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية إذا أُعيد انتخابه.

ويرى الكاتب أن من شأن أي صفقة مع حماس أن تهدد وضع الرئيس أبو مازن وقد تجعله منبوذا أمام الولايات المتحدة أو إسرائيل. ويستبعد بيكر حدوث مصالحة بين حركتي فتح وحماس في الوقت القريب. ولا يعني ذلك أن الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة ستنحسر؛ بل ستظل المساعي كما هي، وسيظل قادة حماس وفتح يعربون طوال الوقت عن رغبتهم في التوصل إلى تسوية. بيد أنه ينبغي على المراقبين المخضرمين أن يميزوا بين ما يُقال وما يُنفّذ على أرض الواقع.

الخيار الرابع: اللجوء إلى الأمم المتحدة

لا يزال خيار السعي إلى الحصول على عضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة مفتوحا لعباس، وليس من المستبعد بلوغه. ويبدو أن هذا هو الخيار الوحيد الذي سيهتم به عباس في الوقت الراهن، غير أنه من المحتمل ألا يمضي قدما نحو ذلك إلى حين انتهاء الانتخابات الأمريكية. فيفضل أبو مازن في المرحلة الحالية عدم الدخول في مواجهة مع الإدارة الأمريكية في فترة الانتخابات التي غالبًا ما تتسم فيها ردود فعل الإدارة بالشدة.

فقد عارضت الولايات المتحدة في السابق توجُّه الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة العام الماضي للحصول على طلب عضو في المنظمة الدولية، الأمر الذي حال دون عرض الطلب على التصويت في مجلس الأمن خشية استخدام واشنطن حق الفيتو. ويرى عباس أن ردود الفعل الأمريكية على تقديم الطلب بعد الانتخابات ستكون أخف منها في فترة الانتخابات.

الخيار الخامس: العصيان المدني ضد إسرائيل

دعت منظمات المجتمع المدني الفلسطينية لسنوات إلى شن عصيان مدني ضد إسرائيل بوصفه أفضل طريقة لجذب الدعم الدولي للقضية الفلسطينية؛ فهم يرون أن ظهور الجنود الإسرائيليين في مواجهة مع متظاهرين فلسطينيين سلميين أو وجود اعتصامات حول المستوطنات سيكون أفضل وسيلة لإعادة مسألة دعم فلسطين إلى جدول الأعمال الدولي، مما سيشكل ضغطًا كبيرًا على إسرائيل.

بيد أن عباس لا يعتبر ذلك هيّنا على الإطلاق، فقد يفلت زمام العصيان المدني وتظهر عناصر مسلحة ومتشددة بين المتظاهرين تصعّد من حدة الأمور، وعليه قد تتحول المظاهرات السلمية إلى مواجهات عنيفة تعجز القيادة الفلسطينية عن احتوائها. ومن شأن ذلك أن يغذي الاضطرابات في الشارع الفلسطيني الثائر بالفعل، وأن يضعف الاقتصاد الفلسطيني الهش أصلا، وأن يضع السلطة الفلسطينية في خطر.
رد مع اقتباس
  #143  
قديم 14-10-2012, 10:03 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي تساؤلات لا بد منها ( فلسطين )

الجزء الأول
أزمة اقتصادية ليس لها حل اقتصادي

رجا الخالدي
في أعقاب الاحتجاجات الشعبية الأخيرة والتي كانت معظم شعاراتها تركز على مطالب اقتصادية واجتماعية ومحاسبة القائمين عليها، صدرت أربعة تقارير دولية تناولت الأوضاع الاقتصادية والمالية الفلسطينية من مختلف جوانبها، وأُعدت جميعها قبل اندلاع الموجة الأخيرة من التذمر/الغضب الاقتصادي الفلسطيني الذي تمحورت أولى ظواهره في بداية السنة حول مسألة تعديل النظام الضريبي. وبينما أجمعت تلك الجهات الدولية على مدى تردي أداء الاقتصاد عموما والآثار الضارة اللازمة لمالية لسلطة الوطنية الفلسطينية خاصة، تجرأ المنسق لخاص للأمم المتحدة (الأونسكو) بتسمية الأمور باسمها حيث عنوَن تقريره: "الجهود الفلسطينية لبناء الدولة المهددة والنهوض من أجل إنقاذ حل الدولتين"، مما يعكس درجة ليست قليلة من القلق الدولي تجاه المخاطر الكامنة في اللازمة الاقتصادية الحالية.

وطبعا يشير هؤلاء المراقبين الدوليين (بدرجات متفاوتة من الوضوح أو الخجل) بأن السبب الأساسي للأزمة الاقتصادية ما زال العقبات التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي امام النشاط الاقتصادي، لكن "الحكمة التقليدية" الصادرة عن البنك وصندوق النقد الدوليين ما زالت تردد منذ عدة سنوات بأن على السلطة الفلسطينية القيام بالمزيد من الإصلاح المالي والمؤسسي والسياساتي اذا كانت ستواجه الأزمة، وتجري المزيد من عمليات التمهيد ل"بناء الدولة"، وكأن قلة الإصلاح أو سوء إدارة السياسات والضعف المؤسسي هي ما تحول دون تحقيق التحرر الوطني والاستقلال والسيادة.

هذا الادعاء الذي استوطن في العقل الفلسطيني الرسمي ولدى "اهل الخبرة" الاقتصاديين منذ أول "خطة إصلاح وتنمية" في 2007 وصولا إلى إنجاز خطة "إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة" في 2011، رفع سقف التوقعات السياسية والمعيشية لدى مختلف الطبقات الاجتماعية مما ساهم في تشجيع الانتعاش بصورة لا بأس به في النمو الاقتصادي بين 2009-2011. لكن ما لم يستطع تحقيقه هذا "الوهم والسراب" الإصلاحي (كما اسماه جو ناصر من البنك الدولي)، هو تغيير دائم في "جودة الحياة" أو في احتمالات التنمية بشكل أشمل، ناهيك عن مساهمته في تراجع الحالة السياسية الفلسطينية والمشروع التحرري الفلسطيني من خلال اشاعة ثقافة من "اللا سياسي" بانتظار بلوغ الحل السياسي .

من الطبيعي ان المواطن المتعَب من عبء الغلاء والمديونية والضرائب وغيرها من ظواهر الاقتصاد الفلسطيني المعولم، يضع أمام حكومته ونظام الحكم مسؤولية حل هذه المشاكل (هكذا عودناه خلال السنوات الماضية بأن السلطة تتكفل بتأمين احتياجاته)، وفي نفس السياق فإنه من الطبيعي ان يحمّل المواطن الاحتلال وآلياته (اتفاقيات اوسلو وخاصة بروتوكوله الاقتصادي) مسؤولية استمرار متاعبه، فلا تناقض أو تخبط بين هذا وذاك، حتى لو أنها لم تعبر حتى الآن عن مطلب واسع النطاق أو رؤية بديلة متماسكة، أو حراك منظم يمضي في ذلك الاتجاه نحو نهايته المنطقية، لكن يبدو ان المواطن "العادي" بات يستوعب جيدا ما كان يعيه من قبل (ربما مع استعداده لصرف النظر عنه)، حول التشابك بين اوسلو - رمز إدامة الاحتلال وتأجيل الاستقلال، وباريس - رمز التبعية الاقتصادية لإسرائيل والويلات المعيشية المختلفة، ورام اللة - رمز الوعد غير المحقق والحياة البديلة العابرة، وسلطة أصبحت بعيدة عن آمال حركة التحرر الوطني التي أنشأتها.

ويتميز التقرير الصادر عن منظمة "الأونكتاد" والمعنية بالتنمية الاقتصادية الفلسطينية، في رسالته المتكررة لمن لم يفهم بعد الحقيقة الأساسية والثابتة، أنه لا يمكن تحقيق التنمية في ظل الاحتلال، وأنه ليس من حل اقتصادي للأزمة الاقتصادية الخانقة والمزمنة، دون سيادة واستقلال. يغني هذا التقرير المختصر والمليء بالأرقام والتحليل القارئ عن الحاجة لمراجعة أي تقرير آخر، لما يتضمنه من دقة وشمولية في وصفه للحقائق الاقتصادية على الأرض كما هي، وفي تحليله الأمين لأبعاد التنمية في ظل الاحتلال وفي توصياته الواقعية. وتكمن الأهمية الخاصة لرؤية الأونكتاد في أنها وضعت الأمور الاقتصادية في سياقها الصحيح ودون مراوغة. ويبين ان انسداد الأفق الاقتصادي الفلسطيني لا يعود إلى فشل سياساتي أو مؤسساتي اقتصادي فلسطيني كما يروج البعض، بل هو نتيجة طبيعية للآثار الضارة المتراكمة منذ عقود لمواجهة شعب اعزل مع ما يسميها الأونكتاد بـ "مؤسسة توسعية من النوع الاستيطاني/الاستعماري"، يحرسه احتلال عسكري متفوق، وتموله إحدى اكبر القوى الاقتصادية في المنطقة: إسرائيل، وتحميه القوة العظمة الأولى، الولايات المتحدة الأميركية. "فإنهاء الاستيطان والاحتلال شرط لا غنى عنه لترسيخ التنمية المستدامة، وما لم يحدث تحوُّل جذري في ميزان القوة الاقتصادية والسياسية بين الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني، سيظل الانتعاش الاقتصادي الحقيقي في الأرض الفلسطينية المحتلة بعيد المنال ."

يمكن من خلال استعراض العناوين الرئيسية لتقرير الأونكتاد، إجراء قراءة شاملة ومؤلمة للوضع الاقتصادي رغم مساعي السلطة الوطنية ضمن ما هو متاح لها للتخفيف من وطآه "الاحتلال الاقتصادي" والفقر والبطالة و فقدان القوة الشرائية للأسر الناجمة عنه، وأبرزها:

1. نمو خادع واستمرار الخسائر الاقتصادية الفلسطينية: حيث صُوّر الانتعاش الاقتصادي الفلسطيني للأعوام الـ3 الماضية من قبل المجتمع الدولي وإسرائيل على أنه بديل للانتعاش في المسار السياسي المتعثر، واليوم يؤكد الأونكتاد وصلنا إلى نهاية أسطورة النمو الخادع فعلا وغير القابل للدوام؛

2. القيود المفروضة على التنقل وتراجع المعونة والأزمة المالية عوامل تقوض النمو: حيث اصبح الشغل الشاغل للشعب الفلسطيني وقيادته كيفية مواجهة تلك الأزمة المالية والاقتصادية، بدل من صب جهودها في دحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، التي لا بد من وجودها فعليا وليس افتراضيا لصياغة وتنفيذ أيه سياسات اقتصادية لصالح شعب طال عذابه المعيشي والإنساني؛

3. ارتفاع معدلات البطالة وتدني الإنتاجية والأجور الحقيقية: بسبب الحاقه بالاقتصاد الإسرائيلي ضمن ببروتوكول باريس الاقتصادي، فإن الاقتصاد الفلسطيني يواجه نفس ضغوطات التحرير التجاري والاقتصادي والمالي العالمي دون القدرة لاستخدام تلك الأدوات السياساتية الاقتصادية والتجارية والنقدية المتوفرة لإسرائيل أو "لأية دولة متوسطة الدخل" كما عمّدها البنك الدولي في 2011.

4. تآكل الدخول الحقيقية وتزايد الفقر بسبب التضخم: وخير شاهد على خطورة هذه الظواهر أن المواطن الفلسطيني لم يعد يتقبل بأن تفرض عليه ما هي بمثابة "ضريبة احتلال"، وكما جاء في شعار رفعه عجوز فلسطيني في الخليل: "ألا يكفينا احتلال بل علينا تحمل غلاء فاحش أيضا؟"

5. استمرار الأزمة المالية رغم الإصلاحات التي تجريها السلطة الفلسطينية: ولا يخفى على احد ما رُوّج منذ عام 2011 حول الجاهزية المؤسسية الفلسطينية لإدارة اقتصاد معاصر، فها نحن بعد عام على رفض مجلس الأمن الموافقة على طلب انضمام دولة فلسطين المحتلة للأمم المتحدة، يبدو أنه ليس هناك إصلاح كاف لضمان إصلاح العقول والقوى السياسية التي ما زالت تعتقد بأن الشعب الفلسطيني يمكن ان يقبل العيش دون نيل حقوقه الوطنية و صون كرامته الإنسانية.

6. تزايد الهشاشة المالية بسبب انعدام اليقين بشأن الدعم المقدم من الجهات المانحة: وهو عنوان هام للمانحين والذين تكرموا منذ فترة بالمساهمة في دعم السلطة الفلسطينية، ومن الطبيعي انهم اصبحوا اكثر مترددين من أيه فترة ماضية بشأن استمرار تمويلهم لنظام مالي ووظيفي اصبح يخفف عبء الاحتلال على القوة القائمة بالاحتلال، بينما يزيده ثقلا على كاهل المواطن الفلسطيني.

7. استمرار العجز التجاري والتبعية الاقتصادية لإسرائيل: وهنا بيت القصيد، حيث يبدو اليوم غير مقبول سياسيا وشعبيا وقانونيا ان يبقى الاقتصاد الفلسطيني أسير لاتفاقية اقتصادية مقيدة واتحاد جمركي مشوه أبرمت اتفاقيته قبل 18 سنة لخدمة مرحلة انتقالية وسلطة حكم ذاتي مدتها 5 سنوات، على ان تخلفها اتفاقية اقتصادية عادية بين دولتين. ومن الطبيعي اليوم ان يطالب الشعب الفلسطيني بالخروج من التبعية المتمثلة بهذه الاتفاقية على اسرع وجه ممكن، ومن واجب قيادة هذا الشعب التجاوب مع المصالح الوطنية العليا ودراسة جميع البدائل "غير الطبيعية" التي من شأنها إيقاف النزيف والتدهور الاقتصادي المتواصل.

8. وفيما يتعلق بالعقبات الرئيسية أمام التنمية الفلسطينية، لقد لخصت الأونكتاد بأسلوب بسيط وشفاف حقيقة ما يواجه الشعب الفلسطيني عندما تؤكد انه: "مثلما أظهر الرصد المنهجي لاقتصاد الأرض الفلسطينية المحتلة بمرور السنين، وعلى الرغم من أي مظاهر توحي بالعكس، ترتبط جميع العقبات الرئيسية التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني بالاحتلال أكثر من ارتباطها بالسياسات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية التي هي سياسات محدودة النطاق بطبيعتها".

9. تقترح الأونكتاد رؤية واقعية وتوجه استراتيجي هام في استنتاجها بأنه: "في ظل هذه ا لظروف القاسية التي تؤثر في الوصول إلى الأصول الوطنية والموارد الطبيعية الاستراتيجية، يظل بناء الدولة مفهوم بعيد المنال. وفي الظروف الراهنة، ينبغي أن تركز جميع الجهود على منع المزيد من التعدي على الاقتصاد والمجتمع الفلسطينيين من خلال الاستيطان والاحتلال، بل والعمل على عكس اتجاه هذا المسار بالفعل."

الحقيقة أن الأزمة الاقتصادية وحدها ليست أخطر أزمة بل اصبحنا نواجه أزمة سياسية وأزمة ثقة، بل أزمة وجود السلطة الفلسطينية، ما يمكن تسميتها "بالعاصفة المثالية" (perfect storm) ، التي قد تطيح بكل شيء أو بقلبه رأسًا على عقب. وما قاله جليا رئيس الوزراء حول نفاذ البدائل السياساتية المالية والاقتصادية ضمن قيود اتفاقية باريس إنما هو صحيح: لم يعد ممكن إدارة نظام حكم يتحمل (ويُحمّله المجتمع الدولي) كل مسؤوليات الدولة دون التمتع بالصلاحيات والمؤسسات السيادية، بل في اطار احتلال عسكري إسرائيلي لا محدود، واليوم في غياب أي حل اقتصادي للأزمة المزمنة، تواجه م.ت.ف خيارات غير جذابة: أما الدخول في "صراع اجتماعي" مع شعبها، على ان تسعى لضبط الأمور وتهدئة الخواطر وتصحيح بعض التشوهات هنا وهناك، أو ان تخوض "حرب اقتصادية" مع خصمها الاحتلالي لتحل محل "السلام الاقتصادي" الإسرائيلي المرفوض جماهيريا، لكن دون القدرة على معرفة التكاليف المحتملة لذلك أو احتسابها... أو ان تغلق الأبواب والنوافذ بانتظار مرور "العاصفة"...

وبينما يدور الجدل الآن حول جدوى التخلص من باريس دون التخلي عن اوسلو برمتها وحول مخاطر لجوء م.ت.ف إلى لتبرئ من إدارة السلطة الذاتية في الضفة الغربية (بعد ان فقدت السيطرة على إدارة السلطة في غزة) ، يبقى هناك سؤالان يهمان كل مواطن يتساءل عن مستقبله المعيشي:

- اذا اعتبرنا ان اتفاقية باريس هي فعلا "اصل البلى"، فهل يمكن التخلص منها دون تفكيك اوسلو وألياتها ومؤسساتها؟

- وقبل الشروع بتفكيك أي شيء، أليس من الضروري أولا تصوير ما يراد من نظام اقتصادي وتجاري بديل والعمل على بلورة برنامجه؟

آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 22-10-2012 الساعة 12:30 PM
رد مع اقتباس
  #144  
قديم 15-10-2012, 09:53 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي هل ينهار الاقتصاد الإيراني بعد الهبوط الحاد للريال؟

عقوبات غربية مؤثرة
هل ينهار الاقتصاد الإيراني بعد الهبوط الحاد للريال؟


د. محمد السمهوري
خبير اقتصادي بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية
في تسارعٍ مفاجئٍ وغير مسبوق، فقد الريال الإيراني حوالي 40% من قيمته السوقية مقابل الدولار الأمريكي خلال أول يومين من شهر أكتوبر الحالي، حيث وصل سعر الصرف إلى 37,000 ريال إيراني للدولار الواحد، بعد أن كان في نهاية شهر سبتمبر 24,600 ريال للدولار. القيمة الجديدة لسعر صرف الريال الآن تزيد عن ثلاثة أضعاف القيمة الرسمية التي يحددها البنك المركزي الإيراني عند 12,260 ريال للدولار.

هذا الانهيار الحاد لسعر صرف العملة الإيرانية ربطه الكثيرون من المحللين بالعقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على قطاعي النفط والمال الإيرانيين، والتي دخلت حيز التنفيذ بداية شهر يوليو الماضي، حيث اعتبروا ما حدث مؤشرًا قويًّا على نجاعة العقوبات الغربية في زعزعة الاقتصاد الإيراني، ومن ثم زيادة الضغوط على الحكومة الإيرانية لتغيير موقفها الراهن من برنامجها النووي.


ومع التسليم بكبر حجم التدهور الذي حدث في قيمة الريال مؤخرا، وبالآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية المحتملة لمثل هذا الانهيار السريع والمفاجئ للعملة المحلية، إلا أنه لا يزال من المبكر -بناءً على ما هو متوافر من أرقام حول الاقتصاد الإيراني نفسه، وحول التأثير الذي تركته العقوبات الغربية على قطاع النفط حتى الآن- الاستنتاج بقرب حدوث انهيار للاقتصاد الإيراني، يدفع بالحكومة الإيرانية إلى تغيير موقفها في محادثاتها مع مجموعة (P5+1) حول برنامجها النووي.

1- تساؤلات حول انهيار سعر صرف الريال الإيراني

بدأ التدهور الكبير في سعر صرف الريال الإيراني أمام الدولار الأمريكي يوم الإثنين، الأول من شهر أكتوبر 2012، بعد حدوث انخفاض في قيمته بنسبة 18%. أعقب ذلك في اليوم التالي انخفاض آخر بنسبة 9%، ليصل سعر صرف الدولار بعدها إلى 37,000 ريال إيراني للدولار، بعد أن كان سعره في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2012 لا يتعدى 24,600 ريال فقط.
هذا الانهيار الكبير في قيمة العملة الإيرانية أدى إلى ظهور اضطرابات واحتجاجات في منطقة بازار طهران الرئيسي -حيث توجد محلات الصرافة وتجار العملات- ضد الحكومة وسياستها الاقتصادية، مطالبة باستقالة محافظ البنك المركزي الإيراني. الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من ناحيته، في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء 2 أكتوبر، أعلن عن وجود "حرب نفسية" تشنها الدول الغربية ضد إيران، وأشار إلى حدوث تلاعب ومضاربات حول سعر صرف الريال من قِبل كبار تجار العملة في طهران، واعترف لأول مرة بالتأثير السلبي الذي تتركه العقوبات الغربية (الأمريكية والأوروبية) على صادرات النفط الخام الإيراني، وعلى الاقتصاد الإيراني بوجه عام.

أسئلة كثيرة يثيرها هذا الانخفاض الحاد والمفاجئ في قيمة الريال، تتعلق بشكل رئيسي بالسبب وراء التدهور الذي حدث في سعر الصرف، وما إذا كانت العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران قد بدأت تأتي بنتائجها المرجوة منها، ومدى تأثير هذا التدهور في قيمة العملة الإيرانية على الاقتصاد الإيراني ككل، وعلى موقف الحكومة الإيرانية بالنسبة لبرنامجها النووي الذي كان الدافع الرئيسي وراء فرض العقوبات.

2- التغيرات في سعر صرف الريال خلال الفترة 2011-2012

لوضع التغيرات الحادة الأخيرة في سعر صرف الريال الإيراني في سياقها المناسب، وللتعرف على مغزاها، وتحليل تأثيرها، والتبعات التي يمكن أن تترتب عليها، من المهم القيام –سريعًا- بتتبع ما حدث لسعر صرف العملة الإيرانية خلال السنتين الماضيتين، ومحاولة فهم هذه التغيرات في ضوء التطورات السياسية والاقتصادية المتعلقة بإيران خلال تلك الفترة الزمنية، ثم الاستفادة من هذا العرض في محاولة تفسير الانهيار الأخير للريال، والاستنتاجات التي يمكن أن نستخلصها بالنسبة لما يمكن أن يحدث للاقتصاد الإيراني في المستقبل المنظور، وانعكاسات ذلك كله على موقف حكومة إيران من برنامجها النووي.

قبل القيام بذلك، قد يكون من المفيد بداية الإشارة بشكل عام إلى أن التراجع في قيمة أسعار صرف عملة بلد ما، يجد أساسه الاقتصادي في ثلاثة أسباب:

أ- حدوث عجز مستمر في ميزان مدفوعات الدولة محل الدراسة نتيجة وجود صافي تدفق سالب في المدفوعات الخارجية من النقد الأجنبي.

ب- حدوث ارتفاع متواصل في المستوى العام للأسعار محليًّا مقارنةً بمستويات التضخم لدى دول الشركاء التجاريين الرئيسيين للدولة.

جـ - وجود سوء أداء في الإدارة الاقتصادية (المالية والنقدية) للدولة يؤدي إلى اهتزاز في سعر صرف العملة. وفي الحالة الإيرانية اليوم، فإن هذه العوامل مجتمعة، على ما يبدو، موجودة، بنسبة أو بأخرى، مما أدى بالريال الإيراني إلى أن يفقد أكثر من 80% من قيمته التي كان عليها في نهاية العام المنصرم.

بالعودة إلى التغيرات التي حدثت في قيمة (سعر صرف) الريال الإيراني مقابل الدولار الأمريكي خلال السنتين الماضيتين، فإنه يمكن التمييز بين أربع مراحل، أو فترات مختلفة مرت بها هذه التغيرات، كما يوضحها الرسم البياني أدناه.

رسم بياني توضيحي

فترات التغير في سعر صرف الريال الإيراني خلال العامين 2011-2012
(المحور الرأسي يقيس عدد الريالات الإيرانية لكل دولار أمريكي)


المصدر: صندوق النقد الدولي، أعداد مختلفة من "إحصائيات التمويل الدولية". (ملاحظة: أسعار صرف شهر أكتوبر مأخوذة من وكالات الأنباء العالمية).

المرحلة الأولى (ديسمبر 2010 – ديسمبر 2011): في بداية الفترة، كان سعر الصرف الرسمي للريال مقابل الدولار الأمريكي، كما حدده البنك المركزي الإيراني، هو نفس السعر الذي كان سائدًا خارج الإطار الرسمي (أي السعر الذي يتم التعامل به في أسواق الصرافة وعند تجار العملات)، حيث كان سعر الصرف يساوي 12,260 ريال للدولار الواحد في كلا السوقين. خلال هذه الفترة، بدأ التباعد التدريجي، الضئيل والبطيء بين السعرين، كما هو واضح في الرسم البياني، حتى وصل سعر الصرف غير الرسمي (السوقي) في نهاية الفترة إلى 13,500 ريال للدولار، في حين بقي سعر الصرف الرسمي كما هو.

المرحلة الثانية (يناير 2012 – مايو 2012): خلال هذه الفترة، استمر سعر صرف الريال الإيراني مقابل الدولار في الانخفاض، ولكن بوتيرة أسرع هذه المرة، حتى وصل سعره في نهاية شهر مايو 2012 إلى حوالي 17,000 ريال للدولار، في الوقت الذي ظل فيه سعر الصرف الرسمي على حاله. من المهم التذكير هنا بأن بداية هذه الفترة، أي شهر يناير 2012، شهدت اتخاذ قرارات من الولايات المتحدة ومن الاتحاد الأوروبي بشأن عزم الطرفين على القيام بتطبيق عقوبات اقتصادية على إيران تدخل حيز التنفيذ في منتصف العام، وتشمل قطاع صادرات النفط، وقطاع معاملات إيران المالية مع العالم الخارجي. الفترة نفسها أيضًا شهدت فشل جولتين من المفاوضات، في 14 إبريل و23 مايو، في إسطنبول وبغداد على التوالي، بين إيران وبين مجموعة (P5+1) حول برنامج إيران النووي. كما شهدت هذه الفترة أيضًا بداية حدوث تراجع في صادرات النفط الإيراني نتيجة قيام بعض المستوردين الرئيسيين، وبالذات في دول الاتحاد الأوروبي ودول شرق آسيا (حيث تذهب، على التوالي، 20% و60% من صادرات نفط إيران)، بالتقليل التدريجي من وارداتهم من النفط الإيراني استعدادا للالتزام لاحقا بالعقوبات الغربية.

وبالتالي يمكن القول إن استمرار تدهور سعر الصرف غير الرسمي للريال بوتيرة أكبر من المرحلة الأولى، كان انعكاسًا للتطورات على الصعيد السياسي من ناحية، ونتيجة حدوث انخفاض حصيلة إيران من النقد الأجنبي من ناحية ثانية، وتأثير ذلك على ميزان مدفوعاتها. هذه التطورات أدت بأسواق الصرافة وتجار العملة في إيران بأخذ تبعاتها في الحسبان عند تقييمهم لسعر صرف الريال مقابل الدولار.

المرحلة الثالثة (يونيو 2012 – سبتمبر 2012): شهدت هذه الشهور الأربع اتساعًا أكبر وأسرع في الفجوة بين السعر الرسمي والسعر غير الرسمي للريال الإيراني مقابل الدولار الأمريكي. ففي حين ظل السعر الرسمي على حاله عند 12,260 ريال للدولار، وصل سعر صرف الدولار إلى 24,000 ريال، أي ضعف السعر الرسمي تقريبا. خلال هذه الشهور الأربعة حدثت ثلاثة تطورات سياسية واقتصادية تركت تأثيرها السلبي والمباشر على قيمة الريال الإيراني.

فعلى الصعيد السياسي، استمر تعثر المحادثات بين إيران ومجموعة الـ(P5+1) بعد فشل اجتماع ثالث لهما عُقد في موسكو بين 18 و19 يونيو، وفشل اجتماع آخر على مستوى الخبراء الفنيين في مدينة إسطنبول في 3 يوليو. وعلى الصعيد الاقتصادي، دخلت العقوبات الأوروبية على إيران حيز التنفيذ في بداية شهر يوليو، والتي تمنع دول الاتحاد الأوروبي الـ27 من استيراد النفط الإيراني، وتحظر على شركات التأمين الأوروبية تغطية الناقلات التي تحمل النفط الإيراني. كما دخلت حيز التنفيذ في بداية الشهر نفسه أيضًا العقوبات الأمريكية على إيران والتي تمنع الدول التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني وتلك التي لا تقوم بتخفيض وارداتها بشكل كبير من النفط الإيراني، من التعامل مع البنوك الأمريكية ومع قطاع المال في الولايات المتحدة.

كما شهدت هذه الفترة أيضًا استمرار التراجع في صادرات النفط الإيراني وفي حصيلة إيران من عائدات النفط من النقد الأجنبي، حيث تشير التقديرات الدولية إلى انخفاض صادرات إيران من النفط الخام بحوالي 40% (من 2.5 مليون برميل يوميًّا إلى 1.5 مليون فقط)، وخسارتها نتيجة ذلك ما يقرب من 32 بليون دولار أمريكي.

كل هذه التطورات نتج عنها زيادة في حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في إيران خلال أشهر هذا الصيف بدرجة أكبر من تلك التي شهدتها الأشهر الست الأولى من السنة، وانعكست بدورها سلبيًّا على سعر صرف الريال الإيراني، وهو ما يفسر لنا استمرار الانخفاض في قيمته بمقدار أكبر من الانخفاض الذي شهدته الفترة السابقة. فإذا أضفنا إلى جانب ذلك تأثير استمرار تدهور قيمة الريال الإيراني على المستوى المحلي العام للأسعار، وتأثير الأخير بدوره على القوة الشرائية للعملة الإيرانية وعلى قيمتها مقابل العملات الأخرى، تكون لدينا صورة شبه كاملة لأسباب التغيرات التي حدثت في سعر صرف الريال.
المرحلة الرابعة (أكتوبر 2012): ما سبق من شرح يمكن أن يستخدم لتفسير استمرار حدوث "انخفاض عادي"، حتى ولو كان بوتيرة متزايدة، في السعر غير الرسمي لصرف الريال الإيراني، لكنه بالتأكيد ليس كافيا لفهم الانهيار الذي حدث فجأة في قيمة الريال وأدى إلى أن يفقد 40% من قيمته أمام الدولار الأمريكي في السوق السوداء خلال يومين فقط! العقوبات وحدها يمكن أن تفسر حدوث تغير تدريجي في سعر الصرف، ولكن ليس انهيارا سريعًا في قيمة الريال في فترة قياسية من الزمن، لأن سوق سعر الصرف غير الرسمي كان قد أخذ تأثير هذه العقوبات في الاعتبار من قبل، ولا يوجد جديد في الأمر يبرر ما حدث.

هناك من يُرجع هذا التدهور الكبير والسريع في سعر الصرف إلى قرار البنك المركزي الإيراني في نهاية شهر سبتمبر الماضي باستحداث "نظام متعدد لأسعار الصرف"، يتم بموجبه توفير الدولار الأمريكي للمستوردين الإيرانيين، بأسعار صرف مختلفة حسب نوعية السلعة المستوردة. فالسلع الأساسية الضرورية المستوردة (من غذاء ودواء)، حسب النظام الجديد، يحصل مستوردوها على "سعر تفضيلي" يساوي السعر الرسمي للدولار عند 12,260 ريال. بينما يدفع مستوردو السلع غير الضرورية سعرًا للدولار يقل 2% عن سعر السوق، في حين يحصل الآخرون على الدولار من البنك المركزي الإيراني حسب سعر السوق. هذا النظام الجديد لـ"أسعار الصرف الرسمية" الذي استهدف على ما يبدو ترشيد استعمال النقد الأجنبي الموجود لدى البنك المركزي الإيراني أدى إلى حدوث ردة فعل عكسية في أسواق تبادل العملات في طهران التي رأت فيه مؤشرًا على وجود نقص كبير لدى البنك المركزي من احتياطات النقد الأجنبي، مما دفع السوق إلى رفع سعر الدولار في خلال يومين فقط، من 24,000 ريال للدولار إلى 37,000 ريال.

هذا التفسير الأوّلي للهبوط الحاد الذي حدث مؤخرا في قيمة الريال الإيراني يبدو معقولا في ضوء ما تم شرحه قبل قليل من عدم وجود تغيرات جذرية سلبية على الصعيد الاقتصادي أو السياسي في إيران تستوجب حدوث تغيرات حادة في سعر الصرف، وهو الشيء الذي على ما يبدو دفع بالبنك المركزي الإيراني يوم 6 أكتوبر إلى أن يضع سقفًا أعلى لسعر الصرف غير الرسمي للدولار لا يتجاوز مبلغ 26,000 ريال، وأن يعطي تعليماته لأسواق الصرف ولتجار العملة بألا يتم بيع الدولار الأمريكي في السوق بأعلى من هذا السعر.

3- ماذا يعني انهيار قيمة الريال الإيراني ؟

يتطلب التحليل الاقتصادي لما حدث، والبحث عن المعنى من ورائه، الغوص بدرجة أكبر من مجرد قبول للتفسير الذي رأى في انهيار قيمة الريال بالسرعة التي حدث فيها مجرد ردة فعل من قبل المتعاملين في السوق غير الرسمي لأسعار الصرف في بازار طهران. وفي هذا الجزء الأخير من الورقة، سنحاول القيام بذلك.

ففي ضوء ما تم شرحه حتى الآن عن التغيرات التي حدثت في قيمة الريال الإيراني خلال السنتين الأخيرتين، وفي ضوء ما هو متاح ومعروف من معلومات وبيانات حول الاقتصاد الإيراني بشكل عام، يمكن التوصل إلى ثلاثة استنتاجات مركزية فيما يتعلق بتفسير التغيرات الحادة التي حدثت في سعر صرف الريال الإيراني خلال أول يومين من الشهر الحالي:

أولا: أن هناك اتجاهًا عامًّا لحدوث انخفاض مستمر في قيمة الريال الإيراني كما تعكسه تداولات أسوق الصرف غير الرسمية في طهران. هذا الاتجاه "النزولي" بدأ منذ بداية عام 2011، كما هو واضح من الرسم البياني، واستمر حتى اليوم. أغلب الظن أن هذا الانخفاض في قيمة العملة الإيرانية سيستمر أيضًا في المستقبل المنظور على الأقل، وذلك بسبب استمرار العوامل السياسية والاقتصادية التي أدت إلى حدوثه في المقام الأول.

ثانيًا: أن هذا الانخفاض في القيمة غير الرسمية للريال الإيراني، وكما هو واضح من التغيرات التي حدثت في السنتين الأخيرتين، حدث بوتيرة متزايدة ومتسارعة عبر الزمن، كما يتمثل في حجم الفجوة دائمة الاتساع بين السعرين الرسمي وغير الرسمي لصرف الريال. هذه الفجوة (أي حجم الانخفاض في قيمة الريال) كانت تقدر في نهاية الفترة الأولى (شهر ديسيمبر 2011) بحوالي 1,240 ريال، زادت في نهاية الفترة الثانية (شهر مايو 2012) إلى 4,740 ريال، ثم إلى 11,740 ريال في الفترة الثالثة (شهر سبتمبر 2012)، إلى أن وصلت مؤخرا (في 2 أكتوبر الحالي) إلى 24,740 ريال. ومرة أخرى، فإن هذه الوتيرة المتزايدة والمتسارعة في تدهور قيمة الريال من المتوقع أن تستمر في المستقبل المنظور بسبب استمرار وجود العوامل التي أدت إلى وجودها في المقام الأول، أي زيادة تعقيد الأوضاع السياسية والاقتصادية في إيران عبر الزمن.

ثالثًا: أن مصادر القوة الذاتية التي شكلت في الماضي القريب، ولا تزال حتى الآن تشكل إلى حد ما، عناصر يمكن للاقتصاد الإيراني الاعتماد عليها في تغلبه على الآثار السلبية للعقوبات الاقتصادية الغربية والتخفيف من حدّتها، آخذة في الضعف التدريجي مع مرور الزمن. المقصود هنا على وجه التحديد ثلاثة عوامل تتمثل في وجود فائض في ميزان المدفوعات يقدر هذا العام بحوالي 31 مليار دولار، وفي انخفاض نسبة الدين المحلي إلى الناتج المحلي الإجمالي (9% فقط)، ووجود احتياطي من النقد الأجنبي يقدر بحوالي 103 مليارات دولار تكفي لتغطية 18 شهرا من الواردات.

هذا الضعف التدريجي والمتوقع في هذه العناصر بسبب زيادة الضغوط السياسية الخارجية وتأثير حزمة العقوبات الاقتصادية الدولية، وما لم تحدث تطورات (إيجابية) في الاتجاه المضاد، سوف تعكس نفسها في تدهور مستقبلي ومستمر في قيمة العملة الإيرانية.

الخلاصة:

بناءً على ما سبق يمكن القول، وبدرجة معقولة من الثقة، إنه في الوقت الذي لا يمكن فيه الجدل كثيرًا حول التأثير السالب للعقوبات الأوروبية والأمريكية على الاقتصاد الإيراني بشكل عام، وعلى قيمة الريال الإيراني بشكل خاص، سواء منذ وقت اتخاذ القرار بفرض هذه العقوبات في بداية العام الحالي أو منذ دخولها حيز التنفيذ في بداية شهر يوليو؛ إلا أن محاولة تفسير ما حدث من انهيار مفاجئ لقيمة الريال مؤخرا بهذه العقوبات وحدها هو تفسير مبالغ فيه، ومن الصعب الأخذ به.

الأكثر خطأ وخطورة هو أن يتم قراءة ما حدث بشكل غير متعمق، وأن يتم الاقتناع بهذا التفسير "المُريح" من قبل الأطراف التي قامت بفرض هذه العقوبات، وتقوم نتيجة ذلك باتخاذ توجهات سياسية متشددة، يمكن أن تؤدي إلى إطالة أمد النزاع مع إيران بدلا من التوصل إلى اتفاق بشأنه.
رد مع اقتباس
  #145  
قديم 15-10-2012, 09:59 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي الأردن يبحث عن نفسه: الحكم والإصلاح والبعد الإسرائيلي

الأردن يبحث عن نفسه: الحكم والإصلاح والبعد الإسرائيلي

لبيب قمحاوي

يعاني الجسم السياسي الأردني من حالة إنهاك واستنزاف متفاقمين. فالحكم يعيد اجترار نفسه ضمن نفس المجموعة من المسؤولين الذين أصبحوا عبئاً على النظام أكثر من كونهم سنداً له. وبواقع الممارسة، عزل النظام نفسه عن قاعدته الشعبية خصوصاً المتعلمة والمثقفة والناشطة سياسياً مما جعله يدور في حلقة مفرغة. واستعاض الحكم عن أسلوب الحوار كوسيلة للتواصل مع قاعدته الشعبية بأسلوب إدارة القطيع حيث يتم استعمال سطوة الدولة لفرض وجهة نظر الحكم أو للحصول على تأييد شعبي مصطنع لسياسات أو قرارات حكومية لا تحظى أصلاً بشعبية أو قبول. وقد ساهم أولئك المسؤولين في تفاقم الوضع نتيجة قناعاتهم بأن الشعب لا يملك حولاً و لا قوة، وأنهم بالتالي فوق الشعب وفوق القانون وأن ما هو غير مباح يمكن أن يُستباح.

لقد خلق الشعور بفقدان قنوات الاتصال والتواصل بين الحكم والشعب حالة من الإحباط الشعبي الذي أخذ يعبر عن نفسه بهبات من الغضب حيناً والاحتجاجات أحياناً، تطورت بالنتيجة ومع حلول الربيع العربي إلى المطالبة الشعبية ببرامج إصلاح متشعبة، استندت إلى قاعدة صلبة من إجماع وطني على محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين واسترجاع المال العام. ولكن نظراً لحالة الانغلاق التي يعيشها النظام ضمن إطار تلك الأقلية الحاكمة المنغلقة على نفسها، يبدو أن النظام اعتبر هذا المطلب وكأنه لائحة اتهام ضده. وتضافرت قوى مؤسسة الحكم لمقاومة هذا المطلب إما دفاعاً عن النفس أو دفاعاً عن الافتراض الخاطىء بأن في هذا المطلب إدانة للجميع. وابتدأت المسيرة المؤلمة التي صبغت العلاقة الغامضة بين الحكم والشعب وتراوحت بين المسايرة والاسترضاء والاحتواء إلى الالتفاف على مطالب الإصلاح إلى أن انتهت بانتصار قوى الشد العكسي ضمن مؤسسة الحكم وتُوِّجَ هذا الانتصار بالإعلان عن تشكيل أسوأ حكومة شهدها الأردن منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن وهي حكومة فايز الطراونة. وعادت قوى الانغلاق لتمارس سياساتها العرفية بشكل علني وابتدأت عملية البطش بحرية الرأي والتعبير وكذلك بقيادات الحراكات الشبابية وقادة الرأي العام في الأردن. ويبقى السؤال الكبير يلوح في ذهن الكثيرين، إذا كان الحكم في هذا المزاج العدواني ، فمن سيشفع للشعب الأردني ومن سيقف إلى جانبه في مواجهة هذا العدوان القادم من مؤسسة الحكم على حقوقه الدستورية خصوصاً وأن الجميع راغب في المحافظة على سلمية الحراك الشعبي ومطالب الإصلاح؟

عندما ينحدر مستوى أداء بعض أدوات الحكم في تعاملها مع المعارضة إلى حد الردح والكذب والشتيمة ، كما تجسده بعض الصحف المحسوبة على النظام وكذلك تصريحات بعض المسؤولين، فماذا يتبقى؟ وماذا عن البديل الحضاري المتمثل في الحوار وقبول الرأي الآخر والانحناء أمام رغبة الأغلبية؟ إن تشويه الحقائق والتلاعب بها لن يؤدي في نهاية الأمر إلا إلى خلق أوهام كاذبة لدى الحاكم، وغضب مكبوت أو معلن لدى المحكوم. وهكذا، فإن الإدعاء الرسمي الأردني بأن المعارضة ومطالب الإصلاح محصورة بالحركة الإسلامية هو إدعاء غير صحيح ويهدف إلى خلق انطباع عام داخلي وخارجي بأن الرهان هو بين الحكم والاستقرار من جهة والحركة الإسلامية وأسلمة الدولة الأردنية وبالتالي الفوضى من جهة أخرى. لعبة شيطانية لا تخفى على أحد. ومع ذلك فإننا لسنا بصدد تفنيد مناورات واتهامات ومخططات حكومية تستهدف التضليل والإلهاء ، بقدر ما نحن بصدد الغوص في عمق الحقيقة بهدف استكشاف ومعرفة ما نحن مقبلون عليه، وما هو مخبأ للأردن والأردنيين. القليل جداً قد يعلم كنه ما نحن بصدد الحديث عنه، ولكن الأغلبية الساحقة قد حُجبت عنها الحقيقة وخضعت لعملية تضليل رافقت مسيرة الدولة منذ نشأتها وحتى الآن.

لقد تمكنت الدولة الأردنية منذ نكبة فلسطين من العيش ببحبوحة فاقت إمكاناتها الحقيقية. بحبوحة مصطنعة أبقت هذه الدولة قادرة على الاستمرار ولكن دون السماح لها بترف العيش الرغيد. معادلة محسوبة بدقة حتى لا تتجاوز هذه الدولة الخطوط الحمراء المرسومة لها، والمهمات الثقيلة الملقاة على كاهلها. فالفقر الزائد قد يدفع إلى الثورة والترف الزائد قد يوهم الضعيف بأنه قادر والصغير بأنه كبير. وهكذا، فقد عاش الأردن منذ نشأته معتمداً على مساعدات خارجية أضعفت من استقلاليته السياسية ورهنت مواقفه برضا الدول المانحة. وتم بناء الاقتصاد الأردني على أساس أنه اقتصاد رعوي والمنظومة الاجتماعية باعتبارها منظومة رعوية بهدف إبقاء معظم السكان مرهونين للحكم. ومن هنا نرى أن معظم ميزانية الدولة الأردنية تذهب إلى الرواتب ، ورخاء الشعب أو معاناته هي أيضاً مرهونة للحكم وسياساته وقراراته الاقتصادية. وقد وَلَّد هذا الواقع شعوراً عاماً بأهمية استمرار الحكم واستقرار الدولة حتى يبقى النظام الرعوي قادراً على تلبية الحد الأدنى من المطالب الحياتية للشعب. وقد شجع هذا الواقع العجيب الحكم على اعتبار ما تملكه الدولة مِنَّة من الحاكم وهو صاحب الفضل في كل شيء. وترجم هذا الواقع نفسه في استبدال السياسات الحكومية بالمكرمات، وأصبح الشعب ينظر إلى الحكم وليس إلى الحكومة في كل ما يريد وما لا يريد. ولا عجب أن يعتبر الحكم، انطلاقاً من ذلك، أن مطالب الإصلاح هي اقرب إلى نكران الجميل منها إلى الحق الطبيعي للشعب. وأصبح تعامله مع تلك المطالب أيضاً بمنظور المكرمات مما يتنافى وأبسط مطالب الإصلاح الحقيقي.

المشكلة التي تجابهها المعارضة الأردنية الآن هي في كون القضايا الإصلاحية التي تطرحها كقضايا داخلية تجيء في أدنى سلم الأولويات بالنسبة للعالم الخارجي في علاقته مع النظام الأردني . وقد ساهم في تكريس ذلك موقف الشعب الأردني من معاهدة وادي عربة وانحسار التأييد لها بشكل متواصل منذ التوقيع عليها وحتى الآن.

إن وجود الدولة الأردنية واستمرارها كان مرتبطاً منذ البداية بالقضية الفلسطينية والمصالح الإسرائيلية. والمطلوب من الأردن إقليمياً أهم لمعظم دول العالم مما يريده الأردنيون لأنفسهم من إصلاحات داخلية. وما يريده الأردنيين من إصلاحات لنظامهم السياسي لن يحظى بأي دعم خارجي إذا كان ثمن ذلك إضعاف قدرته على القيام بالواجبات المناطة به فيما يتعلق بإسرائيل وبرنامج التسوية النهائية. فالمشكلة التي تجابه الأردن، في الحقيقة، هي في كون القضايا المتعلقة بالإصلاح وحقوق المواطنين في الأردن تأتي في أدنى سلم الأولويات بالنسبة للعالم الخارجي في علاقته مع الأردن. فما يهم العالم الخارجي فيما يتعلق بالأردن هي استمرار قدرته على الاستجابة لمتطلبات الأمن الإسرائيلي والمصالح الإسرائيلية التي تتلخص في النهاية في حل سلمي للمشكلة الإسرائيلية وفي تنظيف تبعات هذا الحل سواء أكان دور الأردن فيه كمنطقة عازلة أو كجسر موصل للتطبيع، أو كوعاء يستوعب ذيول وتبعات ذلك الحل.

وفي كل الأحوال، فإن الدعم لمثل هذا الدور لا يأتي من القاعدة الشعبية العريضة للأردنيين، ولا من المعارضة الأردنية، ولكن من الحكم والمؤسسات التابعة له. لقد ناضل الشعب الأردني لما يزيد عن ستين عاماً لتعديل المسار المرسوم للدولة الأردنية بشكل يعيد رسم الدور المناط بها لمصلحة الشعب، ولكن يد الحكم كانت دائماً أقوى. فقد ارتبط بقاء الحكم ببقاء الدولة، وارتبط بقاء الدولة بقدرتها على القيام بالواجبات المناطة بها.

المعادلة إذاً واضحة، فقدرة النظام في الأردن على الوفاء بالتزاماته أو بما هو مطلوب منه تجاه إسرائيل وأمنها ومصالحها وإلزامه بذلك هو أكثر أهمية من إلزامه باحترام حقوق الإنسان الأردني. وهكذا، فإن ما يعتقده معظم الأردنيين بأن ما نحن بصدده من مطالب إصلاحية هو شأن أردني قد يثبت خطأه في نهاية المطاف. ما نحن بصدده هو، في الحقيقة، أكبر من الأردن. فالأردن وُلِد وكتابه بيساره وأمره محسوم. وعلاقة القوة التي تحكم أطراف المعادلة السياسية فيه ما زالت حتى الآن خاضعة لتلك المعادلة. وقد استوعب النظام الأردني ذلك، ومن هنا فإن تعامله مع الشعب يأتي بفوقية واضحة أساسها قناعته بأن معادلة القوة التي تحكم بقاءه وترغب في استمراره أقوى من معادلة القوة الداخلية التي تسعى إلى تحجيمه ووضع قيود على سلطاته المطلقة. وبين هذا وذاك، فإن على الشعب الأردني أن يسعى لتغيير واقعه نحو الأفضل، خصوصاً وأن مطلبه الإصلاحي الرئيسي باستبدال النظام الرئاسي الملكي بالنظام النيابي الملكي هو مطلب عادل ودستوري.

إن بقاء النظام هو خيارٌ أردنيٌ حقيقيٌ، ولكنه أيضاً خيارٌ غربيٌ مرتبطٌ بالدور المرسوم للأردن. وعلى الأردنيين العمل على إيجاد معادلة توفق بين بقاء النظام كخيار أردني والإصلاح السياسي كمطلب أردني وفك الارتباط بين الأردن والدور المرسوم له كهدف أردني.

فالأردن إذا كان بنظر البعض حالة طارئة فهذه هي مشكلة من يؤمن بذلك ، إلا أن الشعب الأردني ليس كذلك وهو مكون أصيل وجزء حقيقي من تاريخ وتراث المنطقة لا يجوز إهماله والتعامل معه باعتباره كماً لا قيمة له. وتحويل قضايا الشعب الأردني ومطالبه العادلة إلى حالة اعتداء على الشرعية أمرٌ مرفوضٌ ولا يمكن القبول به. فالشرعية أساسها الشعب حسب الدستور الأردني الذي ينص على أن "الأمة هي مصدر السلطات". والدولة الأردنية يجب أن تكون تجسيداًً لإرادة الشعب الأردني أمينة على تلك الإرادة أولاً وأخيراً وليست أمينة على قرار وزير المستعمرات البريطاني قبل ما يقارب من مائة عام. إن الوفاء المطلوب هو لإرادة الشعب ومصلحته وهذا هو أساس الشرعية الحقيقية. والشعب الأردني الذي رافق تأسيس الدولة وابتدأ كمجموعات من أصول مختلفة قد أصبح الآن شعباً واحداً متجانساً ومتلاحماً له وطن يدافع عنه ويعيش في كنفه، وعليه واجب إنقاذه من الإرث التاريخي الذي فرضه الاستعمار على الدولة ورافقها منذ تأسيسها.
رد مع اقتباس
  #146  
قديم 16-10-2012, 10:15 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي كيف سيتعامل الرئيس الأمريكي القادم مع الشرق الأوسط؟

تحديات ما بعد الثورات
كيف سيتعامل الرئيس الأمريكي القادم مع الشرق الأوسط؟


شادي حميد، تمارا ويتس
تفرض التطوراتُ التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط إثر ثورات الربيع العربي التي اجتاحت معظم -إن لم يكن كل- بلدان المنطقة نفسها على أجندة مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في ظل تأثير التطورات والتغيرات التي تشهدها دول المنطقة على المصالح الأمريكية بالمنطقة.

وقد تزايد هذا التأثير مع اغتيال السفير الأمريكي في ليبيا جون كريستوفر ستيفنز على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها المنطقة ضد الفيلم المسيء للرسول، صلى الله عليه وسلم، وحضور قضايا الشرق الأوسط في المناظرات التلفزيونية بين الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" -الساعي إلى الفوز بولاية ثانية- ومنافسه الجمهوري "ميت رومني"، وكذلك بين نائب الرئيس "جون بايدن" ومنافسة "بول راين".

وهو الأمر الذي فرض على مراكز الفكر والرأي الأمريكية تقييم السياسات الأمريكية لإدارة باراك أوباما تجاه المنطقة، وتعاملها مع ثورات الربيع العربي، واستشراف مستقبل السياسات الأمريكية تجاه المنطقة التي تشهد مخاضًا سينم عن تطورات وتغييرات في شكل المنطقة وتوجهاتها وسياساتها، مما يؤثر على المصالح والأمن القومي الأمريكيين.

في هذا السياق؛ عقدت مؤسسة بروكينجز حلقةً نقاشيةً يومَ الثلاثاء الموافق 25 سبتمبر 2012 لبحث التحديات التي سيواجهها الرئيس الأمريكي القادم في منطقة الشرق الأوسط، وكيفية التعامل معها، وجاءت الحلقة تحت عنوان "الحملة الانتخابية لعام 2012: الصحوة العربية".

تمحورت الحلقةُ النقاشية في الأساس حول مناقشة الورقة التي أعدها شادي حميد (الباحث بالمؤسسة) والتي يطرح فيها بعض السياسات التي ينبغي على الرئيس الأمريكي القادم انتهاجها إزاء الشرق الأوسط، والتعليق على ورقة حميد الذي أعدته تمارا ويتس (مدير مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط بمؤسسة بروكينجز) التي تناشد فيها الرئيس القادم التعاملَ مع تداعيات الشرق الأوسط بمرونة، وكذا تعليق أستاذ التنمية الدولية "راج ديساي" على ورقة حميد أيضًا، والتي يوصي فيها الرئيس الأمريكي القادم بالتركيز على التنمية الاقتصادية في المنطقة من أجل دفع الديمقراطية، وإعادة بناء النفوذ الأمريكي.

سياسة الإدارة الجديدة تجاه المنطقة

ذكر حميد في ورقته أن مشاكل الشرق الأوسط لن تُحلَّ خلال الأعوام الأربعة القادمة. وعلى الرغم من بعض النماذج التي تدعو للتفاؤل مثل تونس، فإن وضع المنطقة بشكل عام لا يُنبئ بأي تحسن كبير في المدى القريب، بل من المحتمل أن يزداد الوضع سوءًا قبل أن يتحسن. وبهذا يصبح السؤال الرئيسي الذي سيواجه الرئيس الأمريكي القادم هو إلى أيِّ حدٍّ ينوي التخفيف من مشاكل المنطقة، والمساعدة في توجيهها للخروج من أسوأ المسارات إلى أفضلها.

ويُشير إلى أن مرشَّحَيِ الرئاسة "باراك أوباما" و"ميت رومني" أثناء الانتخابات التمهيدية اتخذا مواقف متباينة جدا. فثمة فجوة كبيرة بين الديمقراطيين والجمهوريين فيما يتعلق بالشرق الأوسط، فالحزبان مختلفان حول السياسة المفترض انتهاجها في المنطقة.

ويرى حميد أن هوية الرئيس القادم لن تحسم المسألة كما ينبغي، نظرًا لوجود تعارض في وجهات نظر الحزبين، ومن ثم يدعو الإدارة القادمة سواء أكانت من الديمقراطيين أم الجمهوريين إلى التفكير جديًّا بشأن كيفية التعامل مع منطقة الشرق الأوسط على أساس مجموعة جديدة من المبادئ.

ويقول إن الولايات المتحدة لم تعد قادرةً بعد الآن على تنحية تطلعات العرب العاديين جانبا حتى إذا كانت تلك التطلعات متعارضة مع مصالحها الخاصة، فكلمة الشعوب بعد الربيع العربي باتت هي الكلمة المسموعة.

ويُذكر أن الولايات المتحدة كانت قبل الربيع العربي تتجاهل أو ترفض المشاعر المعادية لها، وجُل ما كانت تهتم به هو موقف الحكومات التي كان معظمها يؤيد السياسة الأمريكية في المنطقة. ويضيف: في السنوات القادمة قد تجد الولايات المتحدة نفسها عاجزة عن تطبيق سياسة التجاهل هذه.

فمع كراهية عشرات الملايين من العرب للولايات المتحدة، واعتبارهم إياها قوةً تدميرية في المنطقة، ستجد الحكومات الديمقراطية الجديدة نفسها مضطرة للتحرك ضد المصالح الأمريكية لكسب التأييد الشعبي، ومن ثم سيكون على الولايات المتحدة التعاطي مع ذلك بحكمة، حسبما يرى حميد.

ولا شك أن مشاعر الكراهية المتأججة لدى العرب لن تنطفئ بين عشية وضحاها، ولكن يمكن للولايات المتحدة العمل على المدى الطويل في بناء علاقات جديدة قائمة على المصالح والقيم المشتركة مع الحكومات الديمقراطية الجديدة في المنطقة.

ووفقًا لحميد، ينبغي على الرئيس الأمريكي المقبل العمل على زيادة المخصصات المالية الأمريكية المخصصة لتمويل جهود الإصلاح بالمنطقة، والتي تُعد بدورها حافزًا واضحًا للدول العربية لإجراء الإصلاحات اللازمة، على ألا يقل هذا التمويل عن 5 مليارات دولار. كما ينبغي أن يكون تلقّي المساعدات مشروطًا بتلبية مجموعة من المعايير الواضحة التي تُعتبر مقياسًا للديمقراطية. ولطمأنة الدول المتشككة في نوايا الولايات المتحدة والدول المانحة يقول حميد يمكن إرسال رسالة واضحة مضمونها هو أن "الديمقراطية لا يمكن فرضها، ولكن يمكن دعمها بقوة وفعالية".

وعن الدول المتحولة للديمقراطية، مثل مصر وتونس وليبيا، يؤكد على ضرورة أن تتضمن المعايير الأمريكية لدعم تلك الدول عدم التدخل العسكري في الشئون المدنية، واستقلال القضاء، ودعم حرية الصحافة وحمايتها. أما في حالة الأنظمة الملكية الليبرالية مثل الأردن والمغرب والكويت، فيجب أن تُركّز هذه المعايير على إتاحة الساحة السياسية للجماعات المعارضة، وعلى الانتقال التدريجي للسلطة إلى المؤسسات المنتخبة بإرادة الشعب.

ثلاثة تحديات في انتظار الإدارة الجديدة

من جانبها ترى "تمارا ويتس" أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستواجه ثلاثة تحديات رئيسية بالمنطقة، تتمثل تلك التحديات في الآتي:

التحدي الأول: استثمار الموارد بطريقة تيسِّر إرساء الاستقرار والديمقراطية في الشرق الأوسط، بما يخدم المصالح الأمريكية بالمنطقة أيضًا.

التحدي الثاني: تبنّي حوار مفتوح على نطاق واسع مع الأصوات العربية الثائرة.

التحدي الثالث: التوفيق بين القضايا المتعلقة بالمشكلات الأمنية في المنطقة من ناحية، والديمقراطية والإصلاح من ناحية أخرى، لا سيما في ظل الاهتمام المتزايد بالملف النووي الإيراني بالمنطقة.

وفي ورقتها، تحض ويتس الإدارة الأمريكية على الحفاظ على الحوار مع الجماعات السياسية ذات المرجعية الدينية؛ حيث ترى أن الفشل في الحفاظ على الحوار من الممكن أن يضر بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما أن هذه الجماعات ستظل جزءًا هامًّا من المشهد السياسي في السنوات القادمة.

وتذكر أنه لا ينبغي على الأمريكيين في الوقت الراهن افتراض النجاح الدائم للإسلاميين على المدى الطويل، ففوز مجموعة منهم في انتخابات ما بعد الثورة لا يعني بالضرورة انتصارهم في ظل بيئة تنافسية تعددية. ومن ثم يتعين على الإدارة القادمة ألا تنشغل بالتعامل مع الفائزين، وإنما عليها إرساء أسس من الاحترام المتبادل لبناء علاقات تعاونية قائمة على المصالح المشتركة عندما تتضح الصورة النهائية. والأهم من ذلك كله أنه ينبغي على الحكومة الأمريكية تلافي الوقوع في فخ "استبدال مجموعة من النخب الإقليمية" بمجموعة أخرى.

الربيع العربي يقلب الموازين

وفقًا لـ"راج ديساي" برعت الولايات المتحدة على مر سنوات طويلة في تجاهل الديمقراطية في الشرق الأوسط من أجل "دعم الحكام السلطويين الذين عملوا على إرساء الاستقرار في سوق النفط، ووقعوا المعاهدات مع إسرائيل، وقمعوا الجماعات الإسلامية، وشاركوا في أعمال مكافحة الإرهاب".

وفي عهد الرئيس بوش، وبصرف النظر عن العراق، تسامحت بعض الدول العربية مع الأنشطة الأمريكية المؤيدة للديمقراطية طالما أنها لا تشكل تهديدًا للأنظمة الحاكمة القائمة. وفي عامي 2009 و2010، خُفّض تمويل مثل هذه الأنشطة في بعض دول الشرق الأوسط.

وفي هذا الصدد يُشير حميد إلى أن الربيع العربي قلَب تلك الموازين؛ إذ أظهرت الانتخابات التونسية والمصرية أن الناخب التونسي والمصري من ذوي الفكر المعتدل باتا أكثر عداءً للولايات المتحدة وإسرائيل، وأكثر مناصرة للإسلاميين. لذا كان يجب على إدارة أوباما التصدي لواقع تفضيلات هؤلاء الناخبين والتي إذا تمت ترجمتها بلغة السياسة فقد تهدد السلام أو الاستقرار في المنطقة.

بيد أن إدارة أوباما وجدت نفسها مضطرة للدخول في مناورة سياسية معقدة تدعم فيها المواطنين التونسيين والمصريين والليبيين، وتُثبت فيها في الوقت عينه "دعمها للديكتاتوريات في الأردن والمملكة العربية السعودية والبحرين".

وأعرب ديساي عن معارضته لاقتراح حميد المتعلق بمنح الحكومات القائمة أو حكومات الظل قروضًا صغيرة في حالة موافقتها على تبني إصلاحات ديمقراطية وفق معايير معينة.؛ فقد يثير مثل ذلك التمويل ثلاثة مخاوف من وجه نظر ديساي تتمثل في:

أولًا: الخوف من عدم دعم دول الربيع العربي للمؤسسات الدولية. يرى ديساي أن من المستبعد حاليًّا أن تجد المؤسسات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة أي مؤيدين لها وسط المناخ العربي السياسي المضطرب؛ فالشعوب العربية لن تنسى أبدًا أن النظام الأمريكي دعم الأنظمة السابقة ماليًّا لفترة طويلة، ولن تنسى كذلك الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في فترة التقشف خلال الثمانينيات والتسعينيات أثناء هبوط أسعار البترول؛ إذ عانت الدول العربية آنذاك من تباطؤ الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية، ما دفعها إلى إنهاء تعاقدات بعض العاملين طويلة الأجل، وإلى تقليل حجم الفائدة العامة العائدة على الشعب. ومن المستبعد أن يهدأ هذا الاحتقان قريبًا، على حد قول ديساي.

ثانيًا: الخوفُ من عدم استيفاء الشروط. في الوقت الراهن، تُدار عمليات الإصلاح من قبل بعض المؤسسات، مثل مؤسسة تحدي الألفية الأمريكية (Millennium Challenge Corporation)، وهي مؤسسة غير متعددة الأطراف، وتوفّر منحا بناءً على ما إذا كان المتلقّي يحقق مستوى معينًا من الإدارة الحكومية الجيدة، ومؤسسة شراكة الحكومة المنفتحة (Open Government Partnership)، وهي مؤسسة تطوعية متعددة الأطراف لا تقدم قروضًا إلا في حالة استيفاء شروط معينة. ومن وجهة نظر ديساي؛ سيكون من الأفضل للولايات المتحدة توسيع مجال عمل برامج المؤسستين في الشرق الأوسط، بدلا من إنشاء مؤسسة جديدة.

ثالثًا: الخوف من عدم نجاح الأنشطة المروِّجة للديمقراطية. يرى بعض المحللين أنه ليس ثمة تأثير يُذكر للمساعدات المشروطة بتطبيق الديمقراطية. فبعض المناطق، مثل أوروبا الشرقية، لم تتحول ديمقراطيًّا بشكل رئيسي إلا بالتحفيز والتشجيع. فأوروبا الشرقية لم تتحول تحولا جذريًّا إلا بعد أن عُرض عليها عضوية الاتحاد الأوروبي، ومن ثم يمكن القول إن غياب مثل هذا الحافز الخارجي في حالة العالم العربي يجعل نجاح الأنشطة المروّجة للديمقراطية هناك أمرًا مستبعدًا.

الحلقة النقاشية.. تقيم السياسات الأمريكية

افتتح حميد الحلقة النقاشية بتحليل موقف الرئيس الأمريكي أوباما تجاه العالم العربي قبيل اندلاع الثورات العربية، مشيرًا إلى أن أوباما ركّز في فترة رئاسته على إعادة بناء العلاقات الهشة مع الأنظمة العربية المستبدة الموجودة، بيد أنه تمكّن في نهاية المطاف من احتواء الوضع الراهن الجديد.

وفيما يتعلق بالمعونات الأمريكية، قال حميد إن المساعدات المقدَّمة للمنطقة تضاءلت منذ اندلاع الثورات، ولفت إلى أن الولايات المتحدة "غير متناسقة" المواقف حيال دول المنطقة، ما عزز التصور في الشرق الأوسط بأن أوباما "ذو شخصية ضعيفة، ولا يمكن الاعتماد عليه" على حد وصفه. واستطرد حميد قائلا إن إحجام تركيا أو دول الخليج عن اتخاذ إجراءات بشأن سوريا من دون دعم الولايات المتحدة يدل على أن الولايات المتحدة ما زال "لا غنى عنها" في المنطقة.

ومن جهتها، أشارت ويتس إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه أوباما هو "الميزانية"؛ فبدون تنظيم موارد مالية أكبر من خلال الكونجرس، سيستحيل إنشاء خطط طويلة الأجل وبرامج للمنطقة في مرحلة ما بعد الربيع العربي. وتمثّل التحدي الثاني، على حد قولها، في مواصلة الإسلاميين انتصاراتهم في البلدان التي لا تحظى الولايات المتحدة فيها بشعبية. وقالت ويتس: "من الصعب جدًّا على الولايات المتحدة بناء علاقات مع هذه البلدان خلال الفترة الانتقالية التي تمر بها، فالولايات المتحدة قد تَعْلق بين القوى المتنافسة".

أما ديساي فقال إنه يجب على أوباما توضيح التحديات التي سوف تواجهها المنطقة على المدى البعيد والقصير، من أجل حشد دعم لمساعدات أمريكية أكبر للشرق الأوسط. وفي حال لم توفر الولايات المتحدة المزيد من المساعدات المالية؛ ستقع مصر في أزمة مالية في غضون أشهر، وستمر البلدان المنتقلة إلى الديمقراطية بأوقات عصيبة في ظل سعيها للحفاظ على الاستقرار، وتعزيز التجارة، وتوفير فرص عمل. على حد قول ديساي.

ويحث أستاذ التنمية الدولية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في حلقة النقاش على تجنب علاقات الشراكة المباشرة مع الحكومات، والتركيز بدلا من ذلك على تقديم المساعدات مباشرة للقطاع غير الرسمي. وأعرب عن أمله في أن تتوقف الولايات المتحدة عن التطلع إلى الحكومات كأوصياء على الشعب، والبدء في التعامل المباشر مع المواطنين أنفسهم.

وخلال المناقشات حددت ويتس المصالح الأمريكية في المنطقة خلال السنوات القادمة. فقالت إنه رغم كون مكافحة الإرهاب أولوية أساسية من الأولويات الأمريكية، سيظل التدفق الحر لموارد الطاقة من الخليج العربي محط اهتمام الولايات المتحدة.

من جانبه، قال حميد إن الدعم الأمريكي للأنظمة المستبدة في المنطقة "وُجِّه بشكل سيئ جدًّا" لعقود، مما سبب الكثير من الاضطراب اليوم. واتفق ديساي مع الرأي القائل بأن أربعين عاما من "الاستقرار" في المنطقة مرّت في جو من الركود الاقتصادي والاستياء الشبابي. واختتم كل من ويتس وديساي حلقة النقاش بالتشديد على ضرورة العمل مع القاعدة الشعبية والمؤسسات الشبابية، ودعم الاستقلالية الفردية وتكافؤ الفرص.
رد مع اقتباس
  #147  
قديم 16-10-2012, 11:46 AM
الصورة الرمزية محمد محمود بدر
محمد محمود بدر محمد محمود بدر غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 23,998
معدل تقييم المستوى: 38
محمد محمود بدر is just really nice
افتراضي

لو حضرتك نفتكر ان كل انتخابات نسأل نفس السؤال
وعمر الرئيس الامريكى ما عبر البلاد العربية مع ان الجاليه العربية والاسلاميه فى امريكا لا يستهان بها لكن ليس لهم وزن نسبى فى الاصوات اهم حاجه عندهم اسرائيل
شكرا للموضوع وجزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #148  
قديم 16-10-2012, 03:01 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي ثلاثة أشهر من حكم الرئيس مرسى: مواجع اقتصادية لا تنتهى

ثلاثة أشهر من حكم الرئيس مرسى: مواجع اقتصادية لا تنتهى
عالية المهدى
أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية
جامعة القاهرة
تبارى المحللون فى تقييم أداء السيد الرئيس خلال المائة يوم الاولى من حكمه. نظروا إلى وعوده الانتخابية العديدة واستمعوا إلى تصريحاته فى خطاب الاستاد حول حجم الإنجاز أو الاخفاق.

وأنا لن اتطرق لهذا الموضوع حيث سبقنى اليه الكثيرون ولن اضيف اليه كثيرا. فمتى انتفت معايير او مقاييس الحساب التى نستخدمها فى مقارنة الوضع قبل وبعد المائة يوم تصبح التصريحات والمقارنات عبارة عن هزل فى مجال الجد.

ولكنى سوف اتطرق لموضوع مسكوت عنه الا قليلا جدا طوال المائة يوم السابقة، وهو ماذا انجز الدكتور مرسى وحكومته فى المجال الاقتصادى؟

●●●

يتضح من متابعة التصريحات الرئاسية والوزارية واللقاءات الاعلامية المختلفة ان القضية الاقتصادية تحتل مكانة دنيا فى سلم اولويات الرئاسة والحكومة وسوف ادلل على ذلك من خلال مجموعة من الظواهر والملاحظات.

فالتركيز الاساسى للرئاسة حتى الان كان فى مجال السياسة الخارجية من خلال الزيارات لكل من الصين ونيويورك وفرنسا وايطاليا وتركيا واوغندا. هذا التركيز وان كان له شق اقتصادى متمثلا فى محاولة جذب استثمارات، الحصول على قروض او مساعدات، فإن الشق السياسى فى هذه الزيارات يبدو واضحا من خلال الرغبة قى تعريف المجتمع الدولى برئيس الجمهورية الجديد وتوجهاته واثبات الدور المصرى الجديد.

وعلى الرغم من اصطحاب الرئيس لعدد كبير من رجال الاعمال فى عدد من جولاته وزياراته فما زالت النتائج الاقتصادية لهذه الزيارات غير واضحة المعالم بعد. وقد يكون ذلك امرا متوقعا ومن ثم فان الحكم على بدايات ظهور تأثير سوف يكون جليا فى مكونات ميزان المدفوعات فى نهاية عام 2012. فعجز ميزان المدفوعات فى نهاية 2011 بلغ 11.5 مليار دولار مقارنة بفائض قدره 3.4 مليار دولار فى نهاية 2010. ومن ثم فان اى تحول اقتصادى ايجابى فى صورة زيادة فى الاستثمار الاجنبى المباشر او غير المباشر (فى تعاملات سوق المال) سوف تظهر نتائجه فى ميزان المدفوعات فى صورة انخفاض العجز به او تحوله إلى فائض، وهو ما نأمل به.

●●●

فاذا انتقلنا إلى دور الحكومة، فسوف نلاحظ ان التركيز الحكومى ينصب فى المقام الاول على قضيتين اقتصاديتين اساسيتين لا ثالث لهما وهما اولا، كيفية التعامل مع دعم الطاقة وترشيده او الحد منه بهدف ضغط عجز الموازنة العامة، وثانيا كيفية الحصول على قروض سواء من الصندوق او غيره لسداد عجز الموازنة العامة. وهذا التفكير فى ادارة امور البلاد الاقتصادية هو تفكير يمكن ان يوصف بأنه تفكير «محاسب» لا تفكير «اقتصادى». وهو مثل تفكير التاجر الذى يتعامل مع ايراداته ( التى يفترض ثباتها) ونفقاته المتزايدة او الضخمة وكيف يسعى بسرعة لسد عجزه.

وإذا كان هذا التفكير يعد مقبولا من التاجر او الصانع فهو ليس مقبولا من صانع السياسة الاقتصادية. فالسياسة الاقتصادية لاى دولة اكبر كثيرا من ان تختزل فى موازنة عامة مختلة. فالنظرة المستقبلية غائبة والتخطيط للمستقبل يكادا يكونا قاصرين على كيفية التعامل مع الاشهر القليلة القادمة. اما استخدام السياسة الاقتصادية بادواتها المتعددة بجانب السياسة المالية فهو امر مازال غائبا. فدور كل من السياسة النقدية والتجارة الخارجية وحوافز الاستثماروسياسات التشغيل.. إلخ. يكاد يكون غائبا من الصورة والاهتمام الحكومى كله منصب على السياسة المالية وحدها.

●●●

فما هى اوجه القصور الماثلة امامنا والمسكوت عنها او المهملة والتى تدل على مكانه الاقتصاد فى سلم اولويات الرئيس والحكومة؟

1ــ بداية نجد ان الرئيس حين فكر فى تكوين الفريق الرئاسى ضم اليه مجموعة من المتخصصين فى مجال التحليل السياسى، الاجتماع، القانون، الإعلام.. تخصصات متعددة باستثناء الاقتصاد. وهو امر إن دل على شيء فإنما يدل على مكانة الاقتصاد المتدنية فى اولويات الرئيس.

2 ــ ان اللجنة التأسيسية ليس بها اى متخصص فى مجال الاقتصاد. وقراءة مقترح المادة 30 فى مسودة الدستور، وهى احدى المواد الاساسية المعنية بطبيعة النظام الاقتصادى للبلاد، دليل على ذلك. فقد جاء المقترح فى صورة هزلية غير واضحة المعالم. ولما كان الدستور هو ابو القوانين، الذى يرسم معالم النظام الاقتصادى الاجتماعى للبلاد ويضع الاساس لصياغة القوانين الاقتصادية فى الفترة التالية، فليس من المتوقع ان يمثل الدستورفى صورته الحالية اساسا سليما يرتكن اليه فى المستقبل عند صياغة القوانين الاقتصادية.

3 ــ ان برنامج المائة يوم للرئيس افتقد لاى هدف متعلق بتحقيق زيادة معينة فى التشغيل أو الإنتاج أو الاستثمار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من تبؤه للحكم وهو ما يؤكد نفس التوجه المذكور.

4 ــ إن حديث السيد رئيس الوزراء يخلو تماما من أى أهداف معلنة عن المستهدف تحقيقه من تشغيل خلال العام المالى 2012/2013 وكيفية تحقيقه ودور كل من القطاع الخاص والعام والانشطة الاقتصادية المختلفة فى بلوغ هذا الهدف. كما يخلو من تحديد دور كل من المشروعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة على حدا فى تحقيق المستهدف.

5 ــ كما يخلو خطابه من تحديد اهداف خاصة بكمية ونسبة زيادة الاستثمار والتصدير والناتج ودور كل قطاع نشاط اقتصادى فى بلوغ هذه الاهداف خلال فترة محددة ولتكن العام المالى 2012/2013.

6 ــ إن خطاب السيد رئيس الوزراء والسيد وزير التخطيط لا يوضح لنا معدل التضخم المستهدف الوصول اليه خلال العام المالى الحالى.

لهذه الاسباب لابد وان اتساءل: هل الأداء الاقتصادى أو النشاط الاقتصادى بابعاده المختلفة يقع فى دائرة اهتمام صانع السياسة بالفعل ام ان الامر يعد قاصرا على قضيتى الدعم والحصول على قروض؟

●●●

أعتقد أن صانع السياسة الاقتصادية مازال يفتقر الكثير فيما يخص النظرة المستقبلية الدقيقة، الرؤية واضحة المعالم والخطة الشاملة متكاملة الابعاد التى تستخدم الادوات والاليات الكثيرة المتاحة لها.

فالأمراض الاقتصادية التى تنهش فى جسد الوطن كثيرة ولن يستقيم الأمر إذا ما اهمل علاجها. فالعجز فى الموازنة العامة هو الأسهل فى المعالجة من وجهة نظرى بالمقارنة بمشكلات مثل تفاقم معدلات البطالة، ارتفاع عجز ميزان المدفوعات، تراجع الإنتاج فى عدد من القطاعات الأساسية مثل الصناعة والسياحة والخدمات وتردى نوعية وجودة المرافق الأساسية من كهرباء ومياه وصرف صحى والطرق والكبارى.

لهذا فإن مراجعة التوجه الاقتصادى الحالى والسياسات المخططة والمزمع اتباعها تصبح ضرورة ملحة فى الايام القادمة.
رد مع اقتباس
  #149  
قديم 16-10-2012, 03:06 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

فى مسألة البحث العلمى.. نكون أو لا نكون
عالية المهدى
أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية
جامعة القاهرة

قامت ثورة يناير2011 وكان أحد أهم أهدافها النهوض بالبلد وتنميته ورفع مستوى المعيشة وزيادة العدالة الاجتماعية. ولعل الركيزة الأساسية للنهوض بأى دولة على أسس سليمة هى الاهتمام بالبحث العلمى، فالقصور فى هذا المجال يؤثر بالضرورة فى معدلات التنمية والتطوير للدولة. وبالنظر إلى ما خصصته مصر من نسبة من الناتج المحلى الإجمالى للبحث العلمى على مدار فترة الخمسين سنة الماضية نجد أنه كان نذرا يسيرا لا يسمح بتحقيق مستوى تنمية حقيقية تذكر لمصر.

وبالنظر إلى أحدث الإحصاءات المتاحة دوليا نجد أن ما خصصته مصر (فى عام 2009 مثلا) للبحث العلمى من قيمة الناتج المحلى الاجمالى كان نسبة 0.21٪ أى خمس الواحد فى المائة. وهذه النسبة هى الأقل على مستوى دول حوض البحر الابيض المتوسط ومن أقل النسب فى العالم. فالنسب فى دول البحر المتوسط تأتى كالتالى: المغرب (0,6 ٪)، تونس (0,9 ٪) تركيا (0,7 ٪) اليونان (0.6 ٪) إسبانيا (1.3 ٪) فرنسا (2.2 ٪). أما إسرائيل فحدث ولا حرج. فنسبة مخصصات البحث العلمى فيها بلغت 4.2٪ فى 2009 وهى النسبة الأعلى فى العالم.

وبصفة عامة فإن ذكر النسبة وحدها قد لا يكون كافيا، بل يجب أن نأخذ فى الاعتبار ايضا كلا من مستويات الناتج المحلى الإجمالى ومتوسط نصيب الفرد من مخصصات البحث العلمى لأن كلا من المتغيرين السابقين يعبر عن حجم المخصصات واهتمام الدولة بمجال البحث والتطوير. وكل ما سبق يوضح واقع مصر المزرى فى الإطار المقارن بباقى دول العالم. فقد أصبح وضع مصر لا يقارن سوى بدول مثل السودان واثيوبيا وغيرهما من دول شديدة الفقر والتدنى فى مستوى التنمية البشرية والتطوير التكنولوجى.

●●●

وفى ظل هذا الوضع المؤسف خرج علينا السيد وزير المالية ـ فى أول حكومة تأتى مع أول رئيس منتخب ديمقراطيا ـ بقرار وزارى عجيب الشأن يقضى بخصم نسبة 20٪ من إجمالى الموارد الشهرية لجميع الصناديق الخاصة بما فى ذلك الصناديق الخاصة بالمراكز البحثية بالجامعات شأنها فى ذلك شأن الصناديق الخاصة بالمحليات وغيرها، وذلك بدون تمييز بين أنواع الصناديق المختلفة وأوجه إنفاقها عملا بمنطق: «آهى كلها صناديق والسلام».

الحقيقة لا أعرف تحديدا مع من تشاور السيد وزير المالية قبل اتخاذ هذا القرار؟ هل تشاور مع السادة رؤساء الجامعات ووافقوا على ذلك؟ أم تشاور مع السادة أعضاء نوادى هيئة التدريس؟ أم تشاور مع السيد وزير التعليم العالى أو السيدة وزيرة البحث العلمى؟ هل وافق الجميع على هذا القرار؟ أم أنه كان قرارا بدون مناقشة وفرض أمر واقع على الجميع؟

●●●

ولعله من المفيد ونحن ـ كأساتذة جامعة ـ نواجه هذا القرار الشائك أن نثير أمام السيد وزير المالية والسيد رئيس الوزراء أى السادة صناع القرار عدة تساؤلات خاصة بهذا الموضوع:

1 ـ هل السيد وزير المالية يشعر أننا استكفينا بما نخصصه من موارد للبحث العلمى وقمنا بتغطية جميع احتياجات مصر للبحث والتطوير ووصلنا لمرحلة التشبع، ومن ثم فقد قرر سيادته خفض موارد البحث العلمى بهذا الشكل الباتر المدمر؟

2 ـ هل يعلم السيد وزير المالية أن موارد كل هذه المراكز والوحدات البحثية يتم تنميتها بالجهود الذاتية لمديرى المراكز وأساتذة الجامعة دون الاعتماد على أى دعم من الموارد الرسمية للجامعة أو لوزارة التعليم العالى، بل إن هذه الموارد تأتى فى معظمها إما من مصادر محلية خاصة أو عامة أو من مصادر أجنبية وتخصص لمشروعات بحثية بعينها؟

3 ـ هل يعلم السيد وزير المالية أن كثيرا من هذه المشروعات البحثية يكون الحصول عليها من خلال مسابقات بحثية عالمية ولا يفوز بها سوى أفضل العروض البحثية من الناحية العلمية والمالية؟

4 ـ هل يعلم السيد وزير المالية أنه بجانب اقتطاع نسبة الـ20٪ (التى كانت قبل القرار 5٪ فقط) فإن هناك أيضا ضريبة كسب العمل التى تتراوح ما بين 10٪ و20٪ يدفعها كل باحث من مكافأته عن المشاركة فى البحث العلمى؟ كما أن هناك نسبة 3٪ تخصص للجامعة و3٪ تخصص للكلية التى يتبعها المركز البحثى أى أن ميزانية اى مشروع بحثى تحمل بإجمالى نسبة 41٪ كخصومات وضرائب من إجمالى إيراد أى مشروع دون أن يتم البدء فى الإنفاق على البحث ذاته؟

5 ـ هل يعلم السيد وزير المالية أن معظم ـ إن لم يكن كل ـ المشروعات البحثية التى تسحب منها الآن 20٪ كان قد تم التعاقد عليها قبل صدور هذا القرار الوزارى مما سيؤثر على إمكانية استمرار الإنفاق على هذه المشروعات البحثية ومن ثم إمكانية إنهائها كما هو متفق عليه مع الجهة الممولة؟

6 ـ هل يعلم السيد وزير المالية أنه بهذا القرار سوف يقضى على مراكز الاشعاع القليلة المتبقية بالجامعات المصرية لتتحول مصر إلى دولة غير قادرة على البحث والتطوير والإضافة إلى الرصيد العلمى للبشرية؟

7 ـ هل يعلم السيد وزير المالية أنه لن يحصل من المراكز البحثية على موارد مالية سوى هذه المرة ومرات قليلة تالية وبعد ذلك سينضب المعين وتغلق المراكز لأنها لن تصبح قادرة على التنافس مع مراكز القطاع الخاص فى ظل الأعباء المالية التى أصبحت مكبلة بها. كما أنها لن تصبح قادرة على التنافس مع المراكز البحثية الدولية لنفس الأسباب.

فعلا لو كان احد يريد الإضرار بالبحث العلمى فى مصر لما اتخذ أفضل من هذا القرار.

●●●

كنت أتوقع ان تزيد الدولة من مخصصات البحث العلمى فى ظل مشروع نهضة مصر لا أن تقضى عليها تماما. إن هذا القرار لا يعبر فقط عن إفلاس مالى للدولة ولكنه يعبر عن إفلاس فكرى وضياع رؤية لأولويات الاقتصاد والمجتمع بوجه عام.

لذا فإننى أرجو من السيد وزير المالية مراجعة قراره على الأقل فيما يخص المراكز والوحدات البحثية بالجامعات لأنها بالفعل تلعب دورا بناء فى خدمة المجتمع ومد المؤسسات العامة والوزارات بالمشورة العلمية الجادة التى يحتاجها صناع القرار ورجال الصناعة وغيرهم.
رد مع اقتباس
  #150  
قديم 18-10-2012, 01:03 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي لماذا صمدت الملكيات وانهارت الجمهوريات أمام الربيع العربي؟

لماذا صمدت الملكيات وانهارت الجمهوريات أمام الربيع العربي؟

إليوت أبرامز
يتساءل كثيرٌ من المراقبين والمتابعين لأوضاع المنطقة حول السر الكامن وراء إطاحة ثورات الربيع العربي بالأنظمة الجمهورية، بينما صمدت الأنظمة الملكية على الرغم من الاحتجاجات التي شهدتها عدد من الملكيات بالمنطقة.

لم يرفع المتظاهرون في الملكيات التي شهدت احتجاجات شعارات من قبيل "الشعب يريد إسقاط النظام" مثل التي رفعها المتظاهرون ضد الأنظمة الجمهورية السلطوية، في حين أن ملكيات مثل السعودية والإمارات وقطر والكويت لم تصل إليها رياح الثورة. والملكية الوحيدة في الخليج العربي التي وصلت إليها آثار الربيع العربي بقوة و*** واضحين هي مملكة البحرين، بيد أن شعار "إسقاط النظام" لم يكن مطروحًا.

وفي محاولةِ الإجابة على التساؤل لماذا لم تشهد الملكيات العربية ثورات تهدد عروشها كالتي شهدتها أنظمة جمهورية عصفت بحكم بن علي في تونس، ومبارك في مصر، والقذافي في ليبيا، وعلي عبد الله صالح في اليمن، كتب إليوت أبرامز (زميل دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، وشغل منصب نائب مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش) مقالًا نشرته مجلة كومينتاري (Commentary Magazine) في أكتوبر الجاري تحت عنوان "الأنظمة الديكتاتورية متلاشية ونظيرتها الملكية باقية".

يُشير أبرامز في مقاله إلى أن الملكيات العربية تتمتع بحنكة تجعلها أكثر استقرارًا وازدهارًا من الجمهوريات العربية "الزائفة"؛ فالأنظمة الملكية هي التي تتقدم إلى الأمام، وتستجيب لمطالب شعوبها، في حين ت*** الأنظمة الجمهورية شعوبها لتتشبث بالسلطة.

ديكتاتورية الجمهوريات

يبدأ أبرامز مقالته بالإشارة إلى أنه خلال العقود الخمسة المنصرمة، بدأت الشعارات التي كانت الجمهوريات العربية تتبناها تفقد بريقها تدريجيًّا؛ حيث اكتشفت الشعوب زيف تلك الوعود التي رضيت مقابلها بالتنازل مؤقتًا عن حرياتها. ووجدت هذه الشعوب نفسها قابعة وخانعة تحت حكم أنظمة عسكرية وبوليسية شمولية تُحصي أنفاسها، وتصادر كل شيء في حاضرها، وتعمل على مصادرة مستقبلها بتوريث الحكم للأبناء؛ حيث شرع الرؤساء (في سوريا الأسد، وعراق صدام، ويمن صالح، وليبيا القذافي، ومصر مبارك، وتونس بن علي) في إعداد أولياء عهودهم للمُلك الجمهوري.

وعملت هذه الأنظمة الجمهورية الديكتاتورية التي كادت أن تتحول إلى ملكيات من خلال سعيها للحفاظ على استمراريتها، على قمع الحريات، ونهب الثروات، واجتثاث كل عناصر المقاومة المدنية في مجتمعاتها، حتى لم يعد للمجتمعات أية قنوات قانونية ومدنية لتصريف غضبها، مما نتج عنه تراكم كبير للاحتقانات في كل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ويسلط أبرامز الضوء على الحالة المصرية، مشيرًا إلى أن الانتخابات الرئاسية في مصر في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك كانت غالبًا موضع شك؛ فلم يُسلّم الكثيرون بنتائج الانتخابات، ولا حتى بنسبة المشاركة فيها. وكما يرى، بذل مبارك كل ما يلزم لإبقائه هو وحاشيته في السلطة، وحرص نظامه كل الحرص على تكميم أفواه المعارضة، والإطاحة بكل من يُثير حنق الشعب ضد رئيسهم.

ويُذكر أنه بعد انتخابات 2005 الرئاسية، حُكم على المنافس الرئيسي لمبارك في الانتخابات الرئاسية "أيمن نور" بالسجن لمدة خمس سنوات لتجرُّئه على الرئيس ونظامه.

وعلى حد وصف الباحث، كان تزوير مبارك لانتخابات 2010 بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. فقد طفح كيل الشعب المصري آنذاك حينما بدأ يشتم رائحة الفساد والتزوير، وعليه اندلعت احتجاجات عنيفة في غضون شهرين من الانتخابات لإسقاط النظام.

وفيما يتعلق بوجهة نظر مبارك بشأن طبيعة الحكم في العراق، يَذكر أبرامز أن مبارك قال له ذات مرة أثناء تحاورهما: "الديمقراطية لا تصلح مع العراقيين، والشعب العراقي بحاجة إلى رجل عسكري يحكمهم.. أنت لا تفهمهم مثلي".

ويرى أبرامز أنه لم يكن من المستغرب أن يقول مبارك ذلك، فهو ذاته حكم بلده بطريقة عسكرية تُلزم الشعب بالخنوع وتنفيذ الأوامر، على حد قول الباحث الذي يعتقد أن الرئيس المصري السابق كان يؤمن بضرورة لَجم المجتمعات العربية حتى لا تقع في خضم الاضطرابات والفوضى.

ويشير الكاتب إلى أن ثورات الربيع العربي التي استشرت في منطقة الشرق الأوسط في عام 2011 هدفت إلى تلقين الديكتاتوريين درسًا حول كون الشعوب العربية شعوبًا عزيزةً تأبى التسلّط والاستعباد، ولا تقبل بأية بدائل للديمقراطية. ومن المثير للدهشة أن مبارك، والرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، والزعيم الليبي معمر القذافي، لم يقدموا أيّة تنازلات عند اندلاع الاحتجاجات، بل واجهوها بال*** والقمع. فجُل ما كانوا مقتنعين به هو أنهم لم يُخطئوا في حق شعوبهم، وأنهم حكموا بلادهم بالطريقة الصحيحة. ولعل ما أثبت صحة وجهة نظرهم هو استشراء ال*** والاضطرابات في بلادهم منذ الربيع العربي، على حد قول أبرامز الذي لا يستبعد أن تعم الفوضى البلدان العربية، وأن تقوى شوكة "الأنظمة الإسلامية" في السنوات القادمة.

وقد كانت مشكلة حكام الجمهوريات -كما يرى الباحث- هي غرورهم، واقتناعهم التام في قرارة أنفسهم بشرعيتهم، إلا أنهم لم يدركوا أن قمعهم لشعوبهم، وحرمانهم من رغد العيش؛ قوّض من تلك الشرعية. ويذكر التاريخ أن هؤلاء الحكام اعتبروا كل ناقد أو ناشط سياسي أو منشق عدوا لدولتهم. ومن ثَمَّ يمكن القولُ إن حكام الجمهوريات العربية "حكموا بلادهم بالقوة والإكراه".

مقارنة بين الأنظمة الملكية والجمهورية

ويُشير أبرامز إلى أنه عند عقد مقارنة بين مصير الرؤساء العرب ومصير الملوك العرب الثمانية الحاليين وجد أنه لم تُطِحْ ثورة بملك من هؤلاء الملوك؛ فالأنظمة الملكية تختلف عن غيرها الجمهورية في نواحٍ كثيرة.

وتجدر الإشارة إلى أن النظام الملكي مُستَمَد من قيادة قبلية؛ فآل سعود مثلا هم أول من أسس ما كانت تُعرف بـ"الدولة السعودية الأولى" في عام 1744، وآل صباح يحكمون الكويت منذ 1718، وسلالة العلوي تحكم المغرب منذ 1631. وعادةً ما تكون العائلات الملكية من جذور إسلامية شريفة؛ فالعائلات المالكة في الأردن والمغرب مثلا من الأشراف القرشيين، كما أن ملك المغرب يتلقب بـ"أمير المؤمنين"، ويُلقب ملك المملكة العربية السعودية بـ"خادم الحرمين الشريفين".

ونادرًا ما كان ينتهج ملك من هؤلاء الملوك سياسةَ ال*** التي انتهجها مبارك أو بن علي أو القذافي، مما يعني أن النظام الملكي يتميز بالمرونة والحكمة. ووفقًا لأبرامز، تتميز الأنظمة الملكية بامتصاص الصدمات؛ فهي بارعةٌ في احتواء شعوبها، وتلبية الحاجات اللازمة لإرساء الاستقرار والازدهار.

وإضافة إلى ذلك؛ نادرًا ما تمثّل مسألة التوريث مشكلة في الملكيات، لا سيما وأنها مسألة مشروعة هناك منذ قديم الأزل. وعلى النقيض من ذلك، نجد أن ترجيح البعض عزم مبارك على توريث الرئاسة لابنه جمال أثار حفيظة الشعب المصري، لعدم اقتناعهم أساسًا بحكم الأب، ومن ثم جاءت الإطاحة بالرئيس وعائلته.

وفي الأنظمة الملكية، نجد أن الملوك يُجْرُون الإصلاحات بحكمة وحذر شديدين، أما في الأنظمة الجمهورية فنجد أن الرؤساء يخافون المضي قُدُمًا في الإصلاحات السياسية خشية فقدان زمام الأمور، لذا عادةً ما يحرصون على تقييد الحريات، وعلى قيادة البلد بطريقة تخدم مصالحهم الخاصة حتى لو كان ذلك على حساب مصلحة الشعب نفسه، فضلا عن إقصاء الأنظمة الجمهورية لليبراليين، ولكل من يقف لها ندًّا ويشكل لها تهديدًا.

وتجدر الإشارة إلى أن الوضع الاقتصادي لعب دورًا في تميُّز الأنظمة الملكية عن تلك الجمهورية؛ فدولُ الخليج تتمتع بوفرة مالية تسمح لها بتحمل تكاليف التنمية المطلوبة. وحجم الدخل القومي، ومستوى دخل الفرد في هذه الدول، ومستوى احتياطياتها المالية ومخزوناتها من المصادر الطبيعية، لا سيما النفط والغاز؛ يعطيها مساحة واسعة للحركة والإبداع في مجال التنمية. فضلا عن تحقيق هذه الدول قفزات كبيرة في مجال البنية التحتية، والتعليم، ومستوى المعيشة، والخدمات.

ويلفت أبرامز إلى أن رؤساء مثل بن علي، والأسد، والقذافي، ومبارك برعوا في خداع الغرب بادعائهم أنهم يمضون قدما في الإصلاحات؛ فالصورة التي رسموها لأنفسهم اختلفت كثيرًا عن الواقع، بدليل أن شعوبهم ثارت عليهم، وقررت الإطاحة بهم.

وفي حالة مبارك، قد تكون شيخوخته حالت دون نجاحه في إدارة بلده في الفترة الأخيرة، ولكن لا يعد ذلك مبرِّرا من وجهة نظر الباحث، مستشهدًا بخبرة بلدان مختلفة مثل تشيلي وتايوان وإسبانيا، ففيها تنحى الديكتاتوريون كبار السن، أو طوّروا أنظمتهم إلى نظم ديمقراطية بدون أي ثورات دموية تضطرهم إلى ذلك.

استغلال الإسلاميين للربيع العربي

يقول الباحث إنه بعد تعرض القنصلية الأمريكية في ليبيا لهجوم عنيف راح ضحيته السفير الأمريكي كريس ستيفنز، وبعد استشراء "الجماعات الإسلامية المتشددة"، أُثيرت تساؤلات حول ما إذا كان الربيع العربي قد لعب دورًا في تقوية شوكة "الإرهابيين".

في إطار الإجابة على هذا التساؤل يشير أبرامز إلى أن الأنظمة الديكتاتورية حرصت دائمًا على تضييق الخناق على الجماعات الإسلامية حتى لا يكون أمامها مجال للتدبير والتخطيط، وزرع ما أسماه الباحث بـ"الأفكار المتطرفة" في عقول الناس. لذا كانت الأنظمة العربية السابقة تراقب المساجد دائمًا لكونها المكان المفضل لتواجد الإسلاميين.

وعليه يرى أبرامز أن سقوط "الحكام المستبدين" جعل للإسلاميين متنفَّسا، وشجّعهم على الانخراط في المجتمع، واعتلاء المناصب. والخوف كل الخوف من طمع الإسلاميين في السلطة، واحتفاظهم بها بشكل دائم، وإنشائهم ما أسماه الباحث "جمهوريات إسلامية أكثر تطرفًا"؛ فالطغاة لم يخلفوا وراءهم جماعة إخوان مسلمين فحسب، بل خلفوا أيضا تعطُّشا حقيقيًّا لحكم ديمقراطي شرعي. فالعيش عقودًا من الحياة في جمهوريات وهمية جعل السكان العرب يتطلعون بقوة إلى العيش في جمهوريات حقيقية.

ويرى إليوت أبرامز أن الإسلاميين الذين صعدوا إلى سدة الحكم لن يتنازلوا عن سلطتهم بسهولة، بل سيُحكِموا قبضتهم عليها تماما مثلما فعل الطغاة، وعليه قد يفقدون شرعيتهم في وقت ما. فكما قال المفكر الفرنسي أولفييه روي: "لقد ثبت بالتجربة أن شعوب الشرق الأوسط حين تتاح لها فرصة المشاركة في انتخابات حرة، تتقاطر حشودا حتى عندما تكون تحت طائلة التهديد (كما حدث في العراق وأفغانستان). لذلك ما من سبيل أمام الحركات الإسلامية في عموم المنطقة إلا أن تعمل وتتحرّك في حلبة ديمقراطية، ليست هي المؤسسة لها، وهي تتمتع بالشرعيّة في أعين شعوبها".

يوصي أبرامز في نهاية مقاله الولايات المتحدة بالدفاع بقوة عن العملية الديمقراطية، وجعل المساعدات مشروطة بالإصلاحات، وليس بإجراء انتخابات حرة بصفة دورية فحسب، وحماية حقوق الأقليات والنساء، وسيادة القانون، وبالطبع حماية السفارات الأمريكية من الهجمات، ودعم كافة الأطراف المعتدلة التي تقاوم التطرف.
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:23 AM.