اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-11-2016, 11:03 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New فلن أكون ظهيرا للمجرمين


فضائلُ كثيرة، ونعم وفيرة، ومِنح كبيرة، امتنَّ الله تعالى بها على الإنسان:
﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ [البلد: 8 - 10].
﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 21].
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4].
﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22].
هبات لا تُنسى، ومنح لا تُحصى، ونعم لا تعدُّ ولا تُحصى، ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34]، ومع ذلك ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34].
الإنسان يكفر بالنِّعم فلا يقدِّرها ولا يشكرها، ويظلم نفسه فلا يحفظها ولا يسترها؛ بل يتمادى فيظلم غيره.
*
دعوة قرآنية استوقفتني، سمِعتُها في تلاوة الفجر: ﴿ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾ [الكهف: 51]، تأمَّلتُها جليًّا، فدعتْ أختَها من سورة القصص، تلك التي لهِج بها موسى عليه السلام حينما وكز القبطي فمات، فقال: ﴿ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ﴾ [القصص: 17]، أشرقت في نفسي، وأضاءت في قلبي، فظللْتُ فيها متأمِّلًا، لقد غفر الله له، وأكرمه بالعلم والحكمة، وعفا عنه ورفع عنه ما ألمَّ به، سبحانه إنه غفور عَفُوٌّ رحيم.
وتأملت سائلًا نفسي: كيف بعد هذه النعم يقف الإنسان - أي إنسان - مع ظالم، أو يدافع عن متجبِّرٍ مستبد؟! ألم تقيِّدْنا ذنوبُنا؟! ألم تكفِنا خطايانا؟! ألم تمنعنا ما اقترفت أيدينا في جَنْبِ الله حتى نساعد المجرمين فنُحمِّلَها أكثر وأكثر؟! هل جرفنا الباطل حتى بِعنا آخرتَنا بدُنيا غيرنا؟! لقد أمسينا مناصرين للباطل، وأصبحنا مؤيدين للظَّلَمة، ونِمْنا مشاركين في الفتنة، إلَّا من رحِم ربي وعصم.
إن الظُّلم يشتد سوادُه حين أُعينُ ظالمًا في ظلمه، وأساعدُ طاغيةً في طغيانه.
*
إن الطامَّة الكبرى والكارثة العظمى تحدث حين أغتصبُ، أو أستحلُّ، أو أستبيح حقًّا كان لغيري وليس من حقي، وهذه صور من الإعانة والمساعدة للظَّلمة والمستبدِّين:
شهادة الزور المثبِتة للباطل أو المانعة من حق، والتعاضد مع الأحلاف ولو كانوا ظلمة، والوقوف مع اللصوص وال***ة، والإشادة بالمجرمين والمفسدين؛ كلامًا أو تأليفًا، وخطابة أو إعلامًا، السكوت عن السَّرِقة والناهبين لمشاركتهم في القسمة، وإيجاد الذرائع للمجرمين لكي يفعلوا ما يريدون، وغيرها.
*
منطق الإسلام علَّمنا أن كل ذلك لا يجوز أبدًا حتى مع من أختلف معهم فكريًّا أو مذهبيًّا؛ بل الواجب: دفع الظلم، وزجر الظالم، وقد صحَّ في الحديث المشهور: ((انصرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، فقال رجل: يا رسول الله، أنصُرُه إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا، كيف أنصره؟ قال: ((تحجُزه أو تمنعه من الظلم؛ فإنَّ ذلك نصرُه))؛ متفق عليه.
*
ولا يَمَلُّ القرآن من إسداء النصائح للمتعاملين بهذا المنطق؛ درءًا للمفسدة، ووأدًا للفتنة التي تنتج من الرُّكون إلى الظالم، ومواكبة المُضِلِّ، والاستعانة بالمستبد، ومناصرة الخائنين والدفاع عنهم؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [هود: 113]، وقوله: ﴿ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾ [الكهف: 51]، وقوله: ﴿ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾ [النساء: 105]؛ أي: ظهيرًا ومعينًا، وقوله: ﴿ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 124]، وإذا لم ينزجر الظالم، وأصرَّ وكابر، فيجب تركُه وخذلانه، فإن الله سينتقم منه ويقتص للمظلوم؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ﴾ [إبراهيم: 42].
الظالم إذا لم نستطع إيقاف ظلمه، فلا أقلَّ من هجره، والبعد عنه، وعدم إعطائه أي مصداقية؛ لأنه شنار وعدوان؛ لأنه نشاز وشيطان، وهم يُتوعَّدون من الله بالهلاك؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ * رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 93، 94].
*
إن من مظاهر كفران النعمة، والركوب في سفينة الظلَمة: أن ينصر الإنسانُ الظالمَ ويسانده، ويركَن إليه ويعاونه، مع أن الله وجَّه الناس أجمعين إلى غير ذلك على لسان موسى عليه السلام، كيف؟
﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ﴾ [القصص: 16، 17].
اعترف موسى عليه السلام أنه ظلم نفسه، وطلب المغفرة، ثم تعهَّد بعد ذلك أنه لن يساعد ظالمًا، ولن يعاون مجرمًا.
*
العدل أساس المُلك، وعدل ساعة يعدِل عند الله عبادة ثمانين عامًا، فلا تكنْ مع المجرمين، ولا تنصر الظالمين، ولا تُوالِ المستبدِّين؛ ولكن انصر المظلومين، فإن شعرت بالخطر، فالله حسبُك، يتولَّاك ويُنقذك، يرعاك ويحفظك، فإيَّاك أن تقف مع الظالم، وإياك أن تعينَه، وإياك أن تساعده، وإياك أن تُقِرَّه أو تعطيَه حتى إشارة تُظهِر أنك معه وتؤيده، و((من أعان ظالمًا، سلَّطه اللهُ عليه))، قال تعالى: ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ﴾ [القصص: 16]، موسى عليه السلام وكَز أحد أقارب فرعون فبدا له أنه انتهى، ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ﴾ [القصص: 17].
*
تعوَّد الناس أن يكونوا مع الغني ولو على باطل، وأن يداهنوا القوي ولو على ظلم، لا تكن كذلك وإلَّا وضعتَ نفسك في الوحَل، لا يرفعك الله بل يضعك، فكنْ مع الحق ولا تخشَ الغني، وكن مع صاحب الحق ولو كان ضعيفًا منبوذًا، ولا تخشَ القوي؛ ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ﴾ [القصص: 17]، فلا ترافقْ من يتعدى حدوده، ولا تصاحب من يترك صلاته، ولا تجالس من يعُقُّ والديه، ولا تمجِّدْ من يشرب الخمر، ولا ترفع شأن من يظلم الناس وي*** وينهب ويسرق، هذا نفاقٌ فاقَ كلَّ نفاق؛ ولكن كُنْ مع المستقيم الذي يعرف ربه، ويُحسن به ظنه، ويخاف عاقبته.
اللهم أرِنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.

خميس النقيب
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:22 PM.