اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-11-2016, 06:24 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New أيها المسلم المؤمن.. كيف تزحزح نفسك عن النار وتنجو من غضب الجبار؟


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
*
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب:70، 71].
*
أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.
*
بينما أبحث عن موضوع أتكلم فيه، ويذكِّر بعضُنا بعضا فيه، ونجد الأمة تغلي غليانا في مشرقها ومغربها، في شمالها وجنوبها، فتن تدع الحليم حيرانَ، الحروب منتشرة، وبين المسلمين متكاثرة، المسلم ي*** الآخر، وينتهك عرضه، ويأخذ ماله، وإذا تكلمنا مهما نتكلم فلا يكون هناك حلول من كلامنا؛ لأن الذي يتحكم بهذه الأمور غيرُنا، لا تنفع فيه الموعظة، ولا تنفع فيه الذكرى، والذكرى فقط تنفع المؤمنين.
*
وأمر آخر هو أن يحياه المسلمون اليوم مخطط له؛ أن ينشغل المسلمون بالمسلمون، فضربت صفحا عن الفتن وعن الكلام عنها، فهي أوضح من الواضحات، وأحببت موضوعا؛ تتضمنه آية وحديث.
*
آية في كتاب الله سبحانه وتعالى، وحديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله سبحانه وتعالى ينفع بذلك، وينفع الجالسين، وينفع المستمعين بما فيه من آية وذكر حكيم، إن شاء الله سبحانه وتعالى.
*
أيها المسلم! كيف تزحزح نفسك عن النار؟ وتنجو من غضب الجبار؟ أمر عظيم وخطير، ولكنه سهل وميسور، سهل الوصول إليه، وميسور فعله، يتسنى لكل أحد أن يفعله، فالزحزحة عن النار ودخول الجنة فوز عظيم، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].
*
متاع يستمتع فيه الإنسان ويغره، فإن غرّه فهو متاع الغرور الذي يلهي عن عمل الآخرة، وإن لم يغره هذا المتاعُ؛ استخدم الدنيا لله فهذا إنسان استخدم متاع الفلاح وليس متاع الغرور، فالدنيا متاع الغرور لأهلها الذين نسوا الله سبحانه وتعالى فأنساهم أنفسهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم: "من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتي للناس الذي يحب أن يؤتى إليه"، جزء من حديث طويل في مسلم (1844).
*
بهاتين الكلمتين تزحزح شيئا عن النار، بالإيمان بالله وباليوم الآخر، هذا بينك وبين الله، أما بينك وبين الناس ولتأت للناس الذي تحب أن يؤتى إليك، كيف تريد أن يعاملك الناس عاملهم، وفي حديث بمجموع طرقه، في البخاري، ومسلم، والبخاري في الأدب المفرد، والإمام أحمد وابن حبان وجماعة ممن خرجوا الأحاديث برواياتها؛ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِ مِائَةِ مَفْصِلٍ)، (فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ بِصَدَقَةٍ)، (كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ") (فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) -من يجد ثلاثمائة وستين صدقة في اليوم؟- (فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمِنْ أَيْنَ لَنَا صَدَقَةٌ نَتَصَدَّقُ بِهَا؟! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَبُوَابَ الْخَيْرِ لَكَثِيرَةٌ)؛ (فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ)، (وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ) (وَلَهُ بِكُلِّ صَلَاةٍ صَدَقَةٌ، وَصِيَامٍ صَدَقَةٌ، وَحَجٍّ صَدَقَةٌ)، (وَتَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ)، (وَسَلَامُكَ عَلَى عِبَادِ اللهِ صَدَقَةٌ)، (وَتَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَلَاةِ صَدَقَةٌ)، (وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيُكَ عَن الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ)، (وَتُمِيطُ الْأَذَى)، (وَالْحَجَرَ وَالشَّوْكَ وَالْعَظْمَ) (عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ لَكَ صَدَقَةٌ)، (وَالنُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ تَدْفِنُهَا)، (وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ)، (وَالشَّرْبَةُ مِنَ الْمَاءِ يَسْقِيهَا صَدَقَةٌ)، (وَتُسْمِعُ الْأَصَمَّ وَالْأَبْكَمَ حَتَّى يَفْقَهَ) (صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ صَدَقَةٌ")، (وفي رواية: ("وَتَهْدِي الْأَعْمَى)، (وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ)، (وَتَدُلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَةٍ لَهُ قَدْ عَلِمْتَ مَكَانَهَا، وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ إِلَى اللهِفَانِ الْمُسْتَغِيثِ، وَتَرْفَعُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ)، (فَهَذَا كُلُّهُ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ)، (وَلَكَ فِي جِمَاعِكَ زَوْجَتَكَ) (صَدَقَةٌ").
*
هذا كله وغيره من أفعال الخير التي ظنها الصحابة أنها مقصورة على إخراج الدراهم والدنانير، الصدقات أكبر من ذلك وأوسع، فهذا الذي أنت فيه من الجسم، وهذه الأعضاء الثلاثمائة وستين تحتاج كل يوم كل عضو يحتاج إلى صدقة، فمن فعل من هذه الأشياء فقد زحزح في يومه عن النار، كل يوم أنت تقترب فيه من النار، تزحزح عنها بأن تتصدق بمثل هذه الصدقات عن كلِّ مفصل وعضو منها بصدقة، هذه زكاة الجسد الذي خلقه الله لك، فكل يوم تطلع فيه الشمس هذا الجسد يحتاج إلى صدقات، فقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَبُوَابَ الْخَيْرِ لَكَثِيرَةٌ؛ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، التسبيحة سبحان الله، والتحميدة الحمد لله، والتهليلة لا إله إلا الله، والتكبيرة الله أكبر، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ"، هذه كلها من الذكر لله سبحانه وتعالى، بينك وبين الله ذكر لا ينقطع، لا يزال لسانك رطبا بذكر الله، وكلما فعلت ذلك وذكرت الله زحزحت عن النار.
*
كذلك ولك "بِكُلِّ صَلَاةٍ صَدَقَةٌ، وَصِيَامٍ صَدَقَةٌ، وَحَجٍّ صَدَقَةٌ"، وهذه أعمال يقوم بها العبد من التطوعات غير الفرائض.
أما مع إخوانك المسلمين ومع غيرك من الناس؛ فلا تبخل عليهم بالتبسم، إن لم تفعل معهم خيرا كثيرا أو كبيرا أو عظيما، قال عليه الصلاة والسلام: "وَتَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ، وَسَلَامُكَ عَلَى عِبَادِ اللهِ صَدَقَةٌ"، وفرق بين التبسم والتجهم وانقباض الوجه وعبوسه أمام إخوانه المسلمين، هذا افتقد الصدقات، أما التبسم فيأتيك بالصدقات، كذلك السلام على عباد الله، واعتاضها الناس اليوم حتى لا يأخذوا الصدقات ماذا يقولون؟ فيقولون: صباح الخير صباح النور، أو بلغة عبرية أو بلغة أجنبية يستعيضون فيها عن كلمة السلام عليكم بكلمات أخرى، السلام هو الله، اسم من أسمائه، دار السلام هي الجنة، وفي ختام الصلاة نقول: السلام عليكم ورحمة الله في كل صلاة نقولها مرتين، ما نقول عن يميننا: الله يصبحكم بالخير، الله يمسيكم بالخير، لا نقول ذلك يا عباد الله، فيا ليتنا نقول هذا الكلام في الصباح والمساء، ويكون قولنا: صباح الخير بعد كلمة السلام عليكم، ويجلسون في الديوان أو المجلس ويتبادلون تحية أخرى لا مانع من الترحاب بها، لكن البداية أن يبدأ المسلم أخاه المسلم بالسلام عليكم.
*
"وَتَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ" أي المتخاصمين المتهاجرين؛ سواء كانا أخوين أو جارين، أو زوجين أو ما شابه ذلك، تصلح بينهما، وتعدل بينهما فلك أجر عظيم عند الله، وكذلك إذا كانت قضايا ومشاكل وسعيت في حلها، والإصلاح بين الناس، فهذا شأنه عظيم عند الله سبحانه وتعالى، صدقات تجري.
*
"وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا"، يعني تساعده على أن يركب السيارة أو الدابة "أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ"، حتى لو ترفع ثوبه عن الأرض، حتى يدخل في داخل السيارة ولا يغلق عليه الباب، هذه لك صدقة، الأمر بسيط ويسير على من يسره الله.
*
"وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَلَاةِ صَدَقَةٌ"، هل نشعر بذلك؟ صدقات في الذهاب إلى المسجد، ومنازل في الجنة عندما نعود من مساجدنا إلى بيوتنا كلما غدا أو راح، خير كثير ولكن أين من يفقه ذلك؟!
*
"وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ"، تأمر بعض الناس بالخير والمعروف؛ أنت مقبل على المسجد، ومرّ إنسان تعرفه أو لا تعرفه وتقول له: تفضل! وتشير إلى المسجد، لخجل منك وأخذت صدقة، وهذا أمر بالمعروف، "وَنَهْيُكَ عَن الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ"، كأن تنهى إنسانا يفعل منكرا، تغضب الله سبحانه وتعالى، وتنهى بلطف ورفق ونية صادقة؛ أن يهتدي هذا الإنسان فلك صدقة.
*
"وَتُمِيطُ تزيل الْأَذَى وَالْحَجَرَ وَالشَّوْكَ وَالْعَظْمَ" أي أذى عن الطريق عود، أو ما شابه ذلك، "عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ صَدَقَةٌ".
*
"وَالنُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ تَدْفِنُهَا"، والمساجد كانت تفرش بالحصى والرمل، فإذا رأيت بعض الناس ارتكب خطيئة؛ بأن تنخم أو تنخع في المسجد، وتركها فأنت ادفنها، واليوم تأخذها بورقة التي تنشف اللعاب، وتنشف المخاط وما شابه ذلك، أو بثوبك لتأخذ الصدقة بأمر الله، تجعل بيت الله نظيفا، لا كما يفعل بعض الناس؛ لا يحلو له أن يفرغ ما في جيوبه من فتات الأوراق إلا في المسجد، أو يقلم أظافره في المسجد، أو يتسوك فيتفل ما خرج من السواك في المسجد، لا يا عبد الله! أنت تنظف ما فعله غيرك، فنظف أنت حتى تأخذ الصدقة، و النخامة في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها"، بلفظه، وبلفظ: «البُزَاقُ -أو النخاعة- فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا». (حم) (12062)، (خ) (415)، (م) (552)، أي إزالتها.
*
"وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ"، وهذه معاملة مع المسلمين أن تقدم وتؤثر أخاك بالخير الذي تنتظره؛ سواء على ماء تستقي به، أو تقفون صفا تستلمون شيئا من حطام الدنيا، فأنت تقدمه على نفسك؛ لكبر سنه، أو لعلمه وجاهه، تقول له: تفضل لاستلام الرواتب على البنوك، أو ما شابه ذك، أو استلام بطاقات المساعدة من جمعية أو ما شابه ذلك، وأنت واقف لو قدمت غيرك، هذا من باب الصدقات فانوِ بذلك وجه الله.
*
"وَالشَّرْبَةُ مِنَ الْمَاءِ يَسْقِيهَا صَدَقَةٌ"، تقدم للناس الماء، فكيف بمن يقدم للناس السبيل، أنبوب ماء خارج البيت على الطريق، يشرب منه الناس والطير والحيوان.
*
"وَتُسْمِعُ الْأَصَمَّ وَالْأَبْكَمَ حَتَّى يَفْقَهَ صَدَقَةٌ"، تفهِّم هذا الإنسان الذي هو أصمّ لا يسمع، أو أبكم لا يتكلم، فتكلمه بالإشارة، لك صدقة.
*
"وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ صَدَقَةٌ"، ورديء البصر هو ضعيف البصر، لا يرى كثيرا أو بعيدا، يرى فقط ما أمامه، فأنت تحذره مما أمامه من حفرة أو واد أو شوك، أو ما شابه ذلك.
*
وفي رواية: "وَتَهْدِي الْأَعْمَى"، أي تأخذ بيده وتدله ليصل إلى الطريق بأمان.
"وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ"، إنسان لا يعرف فلان، وجاءته ورقة فيها اسم فلان وأنت تعرفه وتدله عليه فهذا صدقة.
"وَتَدُلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَةٍ لَهُ قَدْ عَلِمْتَ مَكَانَهَا"، إنسان يسأل عن شيء معين فتعرف مكانه فدللته عليه، هذا لك صدقة.
"وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ إِلَى اللهِفَانِ الْمُسْتَغِيثِ"، كإنسان يريد شيئا عنده في بيته، وتنظر إليه تجده لهفان، ويستغيث فتجري معه وتحمل معه ما يحتاج إليه، فتفعله إن استطعت، أو تأتي فترشد من يستطيع،
"وَتَرْفَعُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ"، كأن ترى حقيبة على ظهره، أو على حماره ترفع معه على ظهره، "فَهَذَا كُلُّهُ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ"، كل هذه صدقات، فهل انتهت الصدقات؟ لا والله.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
*
الخطبة الآخرة
الحمد لله، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:
أبو ذر رضي الله تعالى عنه راوي الحديث، والصحابة يستمعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا رابهم فهم معين استوقفوا النبي صلى الله عليه وسلم وسألوه، وإن فهموا الأمور تركوا النبي صلى الله عليه وسلم يسرد إليهم مما عنده الخيرات، وعندما قال صلى الله عليه وسلم في سرده الخيرات الكثيرة: "وَلَكَ فِي جِمَاعِكَ زَوْجَتَكَ صَدَقَةٌ"، فَقُلْنَا: -وهنا توقفوا وسألوا عن شيء مهم، فقالوا:- (يَا رَسُولَ اللهِ! أَيَقْضِي الرَّجُلُ شَهْوَتَهُ وَتَكُونُ لَهُ صَدَقَةٌ؟!) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: -واستمعوا لمجموع الروايات، قال:- "نَعَمْ! أَرَأَيْتَ لَوْ جَعَلَ تِلْكَ الشَّهْوَةَ فِيمَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ، أَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟!" قُلْنَا: (بَلَى!) قَالَ: "فَإِنَّهُ إِذَا جَعَلَهَا فِيمَا أَحَلَّ اللهُ عز وجل كَانَ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ").
*
وفي رواية: ("أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ وَلَدٌ" -أي من تلك النطفة، وذلك الجماع- "فَأَدْرَكَ وَرَجَوْتَ خَيْرَهُ، -يعني كبُر وصار في مجال المساعدة يستطيع أن يساعدك- "فَمَاتَ، أَكُنْتَ تَحْتَسِبُ بِهِ؟" -أي لتأخذ الأجر من الله- فَقُلْتُ: (نَعَمْ!) قَالَ: "فَأَنْتَ خَلَقْتَهُ؟!" فَقُلْتُ: (بَلْ اللهُ خَلَقَهُ)، قَالَ: "فَأَنْتَ هَدَيْتَهُ؟!" -هذا الطفل الذي كبر- فَقُلْتُ: (بَلْ اللهُ هَدَاهُ)، قَالَ: "فَأَنْتَ تَرْزُقُهُ؟!"، فَقُلْتُ: (بَلْ اللهُ كَانَ يَرْزُقُهُ)، قَالَ: "كَذَلِكَ فَضَعْهُ فِي حَلَالِهِ، وَجَنِّبْهُ حَرَامَهُ، فَإِنْ شَاءَ اللهُ أَحْيَاهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمَاتَهُ، وَلَكَ أَجْرٌ"). -يعني على كلا الحالين لك أجر- (قَالَ: "فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ، وَحَمِدَ" -الله-، "وَهَلَّلَ، وَسَبَّحَ، وَاسْتَغْفَرَ، وَعَزَلَ حَجَرًا، أَوْ شَوْكَةً، أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِ مِائَةِ السُّلَامَى، فَإِنَّهُ يُمْسِي" -أي في نهاية ذلك اليوم، يمسي- "يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنْ النَّارِ)، -نحن الآن في منتصف النهار، فكم زحزحنا أنفسنا عن النار؟ -زكاة الجسد فعل واحد يجزئ عن الثلاثمائة والستين- (وَيُجْزِئُ أَحَدَكُمْ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى"). (خ) (2734، 2560)، (م) 84- (720)، 53- (1006)، 54- (1007)، 56- (1009)، (د) (1285، 1286، 5242)، (ت) (1956)، (حم) (8336، 21511، 21513، 21522، 21588، 23048)، (خد) (422، 891)، (حب) (3377)، صحيح الترغيب (2970)، صحيح الجامع (2908، 4038)، والصحيحة (572، 575، 576)، وانظر الصحيحة تحت حديث (1025).
*
فالركعتان في وقت الضحى، وقت انشغال الناس، وقت اللهو أو العمل، أو وقت عدم التفكير في العبادة من الصباح إلى الظهر، فركعتان بين هذين الوقتين بثلاثمائة وستين صدقة، وهكذا يدلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أفعال نفعلها وبعضنا يفعلها، ويزحزح عن النار بقدر ما يفعل، بعدد تلك الصدقات التي قدمتها تكون قد زكيت جسمك وأبعدته عن النار، فالزكاة معناها الطهارة، ومعناها البعد عن ما يؤدي إلى النار.
*
فنسأل الله عز وجل أن يحرم وجوهنا على النار، وأن يزحزحنا عن النار.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم وحد صفوفنا وألف بين قلوبنا، وأزل الغل والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصرنا على عدوك وعدونا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم فك أسر المأسورين، وسجن المسجونين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، اللهم نفس كرب المكروبين، اللهم اقض الدين عن المدينين، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم كن معنا ولا تكن علينا، اللهم أيدنا ولا تخذلنا، اللهم انصرنا ولا تنصرنا علينا برحمتك يا أرحم الراحمين.
وأنت يا أخي أقم الصلاة؛ ﴿ ... إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت:45].

الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20-11-2016, 02:08 PM
أبو إسراء A أبو إسراء A غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,315
معدل تقييم المستوى: 22
أبو إسراء A is a jewel in the rough
افتراضي

جزاك الله الجنة أخى الكريم
__________________
المستمع للقرآن كالقارئ ، فلا تحرم نفسك أخى المسلم من سماع القرآن .

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:21 AM.