اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > مصر بين الماضى و الحاضر

مصر بين الماضى و الحاضر قسم يختص بالحضارة و التاريخ المصرى و الاسلامى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-05-2015, 05:47 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي إنجازات المسلمين في مجال الطب


إنجازات المسلمين في مجال الطب














(التشريح والجراحة)



د. عبدالله حجازي





مِن الإنجازات المتميِّزة التي كان للأطباء في العهود الإسلامية الزاهرة مُساهمات كبيرة فيها إنجازات في عِلمَي التشريح والجراحة، أما في عِلم التشريح فقد كانت مُساهماتهم أنهم صنَّفوا ورتَّبوا تأليف جالينوس بطريقة منطقية واضحة، وجعلوا فهمها يسيرًا، والمتتبِّع لكتُب الأطباء الكبار مِن المسلمين يجد أنهم لم يَتبعوا تعاليم غيرهم هكذا دون تفحُّص وتمعُّن، بل درسوها وما وافق الصواب أخذوا به وما خالَفه رفَضوه.





كل ذلك في ضوء خبراتهم الشخصية في التشريح، وحسبنا أن نَستشهد في هذا الصدد بابن النفيس والبغدادي (ت629هـ/ 1231م)، أما ابن النفيس، فقد كان يُجاهر بأنه لا يقوم بتشريح الجثث استجابة لتعاليم الشريعة، ومع هذا يقول في كتابه: "شرح تشريح القانون" في نقْد جالينوس وابن سينا: "والتشريح يكذبهما"، وقد تسنى له في ضوء خبراته في هذا المجال أن يَكشف لأول مرة في تاريخ الطب الدورة الدموية الرئوية، وعنه أخذها سرفيتوس servctus المقتول عام 960هـ/ 1553م، وريالدوكوموميو، وسيزاليبنو، ثم وليم هارفي ممن يُعزى إليهم كشف الدورة الدموية زورًا[1].





أما عبداللطيف البغدادي، فقد صرَّح في كتابه: "الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعايَنة بأرض مصر" بأنه وجد تلاًّ مِن الهياكل البشرية في إحدى المقابر:


((... فشاهدنا مِن شكل العظام ومفاصلها وكيفية اتصالها وتناسبها، وأوضاعها ما أخذْنا عِلمًا لا نستفيده مِن الكتُب، والحسُّ أقوى دليلاً من السمع؛ فإن جالينوس، وإن كان في الدرجة العُليا من التحري والتحفظ فيما يُباشره ويحكيه، فإن الحس أصدق منه، فمِن ذلك عظْم الفك الأسفل، فإن الكل قد أطبقوا على أنه عظمان بمفصل وثيق عند الحنَك، وقولنا الكل إنما نَعني به ها هنا جالينوس وحده، فإنه باشر التشريح بنفسه، وجعله دأبه ونصب عينَيه، وصنف فيه عدة كتب معظمها موجود لدينا، والذي شاهدناه مِن حال هذا العضو أنه عظْم واحد ليس فيه مَفصِل ولا درز أصلاً، واعتبرناه ما شاء الله مِن المرَّات في أشخاص كثيرة تَزيد على ألفَي جمجمة بأصناف مِن الاعتبارات، فلم نجده إلا عظْمًا واحدًا من كل وجه".





وإذا كان الأطباء في العصور الإسلامية الزاهرة لم يُشرِّحوا الجثث البشرية، أو شرَّحوا القليل منها، فقد توسَّعوا في تشريح الحيوانات، ودرسوا بعض الأعضاء؛ كالقلب، والعينَين، والكبد درسًا دقيقًا.





فابن النفيس كان يَنصح بدرس التشريح المُقابِل لفهم التشريح البشري، وهو الذي يردُّ على مَن سبقه في مسألة بطون القلب:


"... كلام لا يَصحُّ؛ فإن القلب له بَطنان فقط، أحدهما مملوء مِن الدم وهو الأيمن، والآخر مملوء مِن الروح وهو الأيسر، ولا منفذ بين هذَين البطنين ألبتَّة، وإلا كان الدم ينفذ إلى موضع الروح، فيُفسد جوهرها، والتشريح يُكذِّب ما قالوه".





ويذكر ابن أبي أصيبعة أن يوحنا بن ماسويه شَرَّح قِردًا كبيرًا، وكتب عما رآه كتابًا استحسنه أعداؤه فضلاً عن أصدقائه.





ولقد ألحَّ الزهراوي (ت 427هـ/ 1036م) على درس التشريح؛ لأنه ضروري للجراحة، ومِن طريف المفارقات أن يكون هذا هو حال التشريح عند المسلمين، في الوقت الذي رأت فيه أوروبا أن فنَّ التشريح امتهانٌ للجسم الذي خلقه الله، وإن أول عملية تشريح أُجريَت في أوروبا كانت في باريس عام 883هـ/ 1478م، أو 900هـ/ 1494م؛ أي: بعد وفاة ابن النفيس بنحو مائتي سنة، وبعد وفاة الزهراوي بأكثر مِن أربعة قرون ونصف.





وفي ظل التشريح تقدَّمت الجراحة التي غدَت في بلاد المسلمين فنًّا وعلمًا ذا أصول وقواعد، لقد ارتفع علم الجراحة على أيدي المسلمين فوق مستوى الأدعياء والمُشعوِذين والجهلة، وبلَغ هذا العلم ذروته عن طريق الطبيب المسلم أبي القاسم الزهراوي - انظر ترجمته - الذي اشتهر بكتابه "التصريف لمن عجز عن التأليف"، وبخاصه المقالة الأخيرة التي يَبحث فيها الجراحة وآلاتها، وهي من الإبداع والجِدة بحيث جعلت أبا القاسم في مقدمة الأطباء العالَميِّين في القرون الوسطى، فمنذ أشار فيها إلى أهمية التشريح للجراحة، ووصف في إسهاب كثيرًا مِن الجراحات، وزوَّدها برسوم للآلات الجراحية - أكثر من مائتي آلة جراحية - وبوصف لعملها، وهي في مجملها مِن تصميمه وابتكاره، قد قام باستعمالها في عملياته الجراحية، وقد كان لهذه الآلات والأدوات تأثيرٌ كبير على غيره من المؤلِّفين المسلمين، كما ساعدت هذه الآلات في وضع أسُس الجراحة في أوروبا؛ حيث لم يكن يُستعمَل في أوروبا إلا الكيُّ، الذي أخذوه عن المسلمين أيضًا.





وقد ترجم جيرارد الكريموني المقالة المتعلِّقة بالجراحة، وطُبعت ترجمته الكاملة باللاتينية عام 925هـ/ 1519م، وطُبع القسم الجراحيُّ منه باللغة العِبرية مع ترجمة لاتينية عام 1192هـ/ 1778م، وصادف الكتاب - بجملته - تقديرًا عظيمًا في أوروبا، وانتشرت المقالة المتعلِّقة بالجراحة بخاصة انتشارًا واسعًا، وجذبت إليها الاهتمام في الجراحة أكثر مما اجتذبته جراحة الأطباء الثلاثة المشهورين: الرازي، والمجوسي، وابن سينا، وبعد أن كانت الجراحة محتقرة في أوروبا، والجَرَّاحون أنجاسًا، وبعد أن تحاشَت المدارس الطبية الأوروبيَّة تعليم الجراحة نحو أربعة قرون استمرت حتى القرن الخامس عشر الميلادي؛ لأنها لا تَليق بالأطباء المُحترَمين، وذلك بأمر مِن المجلس الباباوي، بعد هذا العداء الشديد، وبعد الاطلاع على ترجمة كتاب الزهراوي، غدَت الجامعات في أوروبا تُعوِّل على ما جاء في هذا الكتاب حتى مَطالع العصر الحديث، ولا سيما على القسم الجراحي منه؛ إذ كان مرجعًا في جامعات سالرنو ومونبلييه وغيرهما.





ونقَل عنه معظم جَراحي أوروبا، ولا سيما غي دي شولياك (Guy de Chauline ت 771هـ/ 1369م)، الذي استشهد في كتابه "الجراحة الكبرى" بأقوال أبي القاسم الزهراوي أكثر مِن مائتي مرة.





وقد أشار الزهراوي إلى أهميَّة الكيِّ، وتوسَّع في استعماله في فتح الخُراجات واستئصال السرطان، وفضَّله على استعمال المشرط، مخالفًا بذلك تعاليم اليونان، ويذهب خير الله إلى الاعتقاد بأن استعمال الكي خير الوسائل الجراحية لفتح الخُراجات.





وقد التزم الأطباء المسلمون بميثاق أخلاقي - تلقَّاه الأطباء عن أبقراط أبي الطب القديم - تعيَّن على الطبيب بمقتضاه أن يَكتم أسرار مرضاه، ويؤثِر علاج الفقراء على الأغنياء ولو كان بغير أجر، ويُخلص في علاج مرضاه ولو كانوا من أعدائه، ويَمتنع عن وصف دواء قاتل، أو تقديم عقار يُسقِط الأجنة... إلخ.





المصدر: لمحات في تاريخ العلوم الكونية عند المسلمين






[1] تتبع قصة هذا الكشف العلمي في كتاب "ابن النفيس" بقلم د/ بول غليونجي، الدار المصرية للتأليف والترجمة، إعلام العرب 57، ص109 وما بعدها.



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-05-2015, 05:49 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

إنجازات المسلمين في مجال الطب

(في طب العيون "الكحالة")

د. عبدالله حجازي
أما عن إنجاز المسلمين في طب العيون فقد اعتنوا به كثيرًا جدًّا؛ نظرًا لانتشار أمراض العيون في البلاد الحارَّة، ودَرَسوه دراسة عميقة، وبرزوا فيه على المدى البعيد، وساهَموا في تقدمه كثيرًا، مِن ذلك أنهم ألَّفوا فيه الكتب المفيدة ذات المعلومات الدقيقة، حتى ليكاد يكون طبُّ العيون عِلمًا عربيًّا صرفًا؛ فقد بلغ هذا الفرع مِن علم الطب ذروته بجهود الأطباء المسلمين، وظلَّت مجهوداتهم فيه الحجَّةَ الأولى خلال عصور طويلة وحتى نهاية القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي.

ومما يُذكر أن المسلمين هم أول من تكلَّم عن ضيق البؤبؤ إذا ما سقط الضوء على العين.

لقد أقبل الأطباء في العصر الإسلامي الزاهر على تشريح عيون الحيوانات، واكتسبوا من تشريحها معلومات قيمة، ولقد كتبوا بحوثًا في العين وأمراضها، ولعلَّ أول مَن كتب في هذا المجال يوحنا بن ماسويه وحنين بن إسحاق، إلا أن علي بن عيسى (ت430هـ/ 1039م)، كان يُعدُّ أعظم مُطبِّبِي العيون في العصور الوسطى برمَّتها، عاش علي بن عيسى (ويعرف بعيسى بن علي كذلك) ومارس الطب في بغداد، وكان مؤلَّفه: "تذكرة الكحالين" خير ما كُتب في الموضوع، ذكر ابن أبي أصيبعة في كتابه: "طبقات الأطباء" عليًّا أنه كان مشهورًا بالحذق في صناعة الكحل، متميزًا فيها، وبكلامه يُقتدى في أمراض العين ومداواتها، وكتابه المشهور "تذكرة الكحالين"[1] هو الذي لا بد لكل مَن يُعاني صناعة الكحل أن يحفظه، وقد اقتصر الناس عليه دون غيره من سائر الكتب التي قد أُلِّفت في هذا الفن، وصار ذلك مستمرًّا عندهم، والكتاب مؤلف مِن ثلاثة أقسام:
القسم الأول في تشريح العين.
والثاني في أمراض العين الظاهرة؛ أي: الواقعة تحت الحسِّ.
والثالث في أمراض العين الباطنة التي لا تقع تحت الحواس.

أهم ما في "تذكرة الكحالين" تجديدات المؤلف في عمليات العيون الجراحية، ولقد انتشر كتاب علي بن عيس هذا انتشارًا واسعًا، وبلُغات كثيرة، حتى حصل تصحيف في اسمه.

كذلك نبغ عمار الموصلي (ت نحو400هـ/ 1010م) في طبِّ العيون، ويُعتبَر أكثر أطباء العيون ابتكارية وأصالة، اشتمل كتابه "المنتخب في علاج العين" على مُكتشفات طبية كثيرة رائعة، منها: ممارسته لعملية قدح العين (الماء الزرقاء أو الكتراكتا) بنجاح، واختراعه لذلك إبرة مجوَّفة، لا يكون استعمالها خطرًا على أغشية العين.

وقد بَقيت رسالته ورسالة علي بن عيسى اللتان أضافتا زيادات وعمليات جراحية وملاحظات شخصية لا تُحصى، بَقِيَتا مِن أحسن الكتب المدرسية في أمراض العين حتى القرن الثاني عشر الهجري/ النصف الأول مِن القرن الثامن عشر الميلادي؛ أي إلى أن تقدَّم طبُّ العيون بفرنسا.

وممَّن له دالة عظيمة في طبِّ العيون الحسن بن الهيثم الذي يُعدُّ أول مَن قال بأن شبكية العين هي مركز المرئيات التي تَنتقِل منها إلى الدماغ بوساطة عصب البصر، وأن وحدة الصورة مِن الباصرتَين تعود إلى تماثلها في الشبكتين، وابن الهيثم هو ممَّن قام بتشريح العين، ورسمها ووضع لأجزائها أسماء علمية دقيقة، أخذ عنه الإفرنج بعضها، ولا يزال يستعمل حتى الآن؛ كالشبكية والقرنية، والسائل المائي، والسائل الزجاجي.

المصدر: لمحات في تاريخ العلوم الكونية عند المسلمين


[1] الكحَّال: طبيب العيون.








رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-05-2015, 05:50 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

إنجازات المسلمين في مجال الطب













(المستشفيات والعناية بالمرضى)


د. عبدالله حجازي








لعل مِن أهمِّ المُنجَزات التي قام بها المسلمون في علم الطب: المستشفيات أو البيمارستانات التي يُعبِّر الاهتمامُ بها والاعتناء بمضمونها عن مدى عناية الإسلام بصحة الإنسان؛ فلقد كان لهم السبق في تطويرها وتحسينها؛ من حيث البناء، وتوزيع القاعات، وتعدُّد الأغراض والأهداف التي أُنشئَت من أجلها، ولهم السبق في إدارتها، وضبط شؤونها المادية والدوائية، ولهم السبق في أمور أخرى مهمَّة تتبين من خلال سرد التطور الهائل السريع الذي حصل للمُستشفى عند المسلمين.







بدأت المستشفيات أول ما بدأت عند المسلمين في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وذلك بخيمة ضُربت في مسجده، كانت لامرأة مِن أسلم يُقال لها: "رفيدة"، تُداوي فيها الجرحى، وقد كان رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه - قد قال لقومه حين أصاب سعد بن معاذ - رضي الله عنه - السهم في غزوة الخندق: ((اجعلوه في خيمة رُفيدة حتى أعوده مِن قريب))، وبعد نيف وأربعة عقود، ضرَب عبدالله بن الزبير فسطاطًا في ناحية مِن المسجد الحرام في مكة، وذلك عندما حوصر في مكة، فكان يُعالج فيه كل مَن جُرح من الصحابة، ويَعتني بهم أشد الاعتناء، كما كان يسهر على راحتهم مَن هم أكْفاء في هذا العمل.







إلا أن أول مَن أحدث المستشفيات في الإسلام هو الوليد بن عبدالملك (ت 96هـ/ 715م)، فقد بنى بيمارستانًا جعل فيه الأطباء، وأجرى فيه الأرزاق، ومنع المَجذومين مِن مُخالطة الناس، وأجرى عليهم وعلى العُميان والمُقعَدين الأرزاق.







أما في العهد العباسي فتطوَّرت الأمور أكثرَ فأكثر؛ إذ بُنيت المُستشفيات الكبيرة، وكانت على مستوى؛ بحيث لم يَبق لمدرسة جنديسابور ذِكرٌ بعدها، التي درَست آثارُها وعفا عليها الزمن، وكان بناء هذه المستشفيات يُدرس بعناية تامة؛ مِن حيث المكان، وتقسيم القاعات، وترتيب الحجرات، لتتحقَّق مِن خلالها الفائدة المرجوَّة للمرضى، سواء مِن حيث الإشراف عليهم، أو مِن حيث العلاج، كما تتحقَّق الفائدة الطبية للطلبة الذين يَدرُسون الطب على أيدي أساتذة كبار في الطب، فلم يكن يوظَّف في المستشفى إلا مَن شُهد له بالتفوق في الطب.







أما مِن حيث المكان فكان يُختار؛ بحيث تتوافر فيه الشروط الصحية الجيدة، فكانوا يُفضِّلون بناء المستشفيات على الروابي أو بجوار الأنهار، وقريبًا مِن الجوامع، ويُروى عن عضد الدولة 372هـ/ 983م) أنه استشار كبير أطبائه ليَنتقي له محلاًّ يَبني فيه مستشفى يحمل اسمه، فأمر الطبيب هذا بعض الغلمان أن يُعلِّق في كل ناحية مِن جانبي بغداد شقة لحم، ثم اعتبر التي لم يتغيَّر ولم يسلك (لم تتغير رائحته) فيها اللحم بسرعة، فأشار بأن يُبنى في تلك الناحية.







وقد وصفه ابن جبير في رحلته بقوله: "وبين الشارع ومحلة باب البصرة سوق المارستان، وهي مدينة صغيرة، فيها المارستان الشهير ببغداد، وهو على دِجلة، وتتفقَّده الأطباء كل يوم اثنين وخميس، ويُطالعون أحوال المرضى به، ويُرتِّبون لهم أخذ ما يَحتاجون إليه، وبين أيديهم قَوَمة يَتناولون طبخ الأدوية والأغذية، وهو قصر كبير فيه المقاصير والبيوت وجميع مرافق المساكن الملوكية، والماء يَدخُل إليه مِن دجلة".







وكانت هذه البيمارستانات - وهي المستشفيات العامة - مُنقسمة إلى قسمين منفصلين بعضهما عن بعض، قسم للذكور وقسم للإناث، وكل قسم مجهَّز بما يحتاجه مِن آلة وعدَّة وخدم وفرَّاشين من الرجال والنساء، وقُوَّام مُشرفين، وكل قسم يتألف مِن عدة قاعات لمُختلف الأمراض؛ فقاعة للأمراض الباطنية، وقاعة للجراحة، وقاعة للكحالة، وقاعة للتجبير، وقاعة للولادة، وكان لكل قاعة طبيب أو أكثر، ويرأس الأطباء في هذا القسم رئيس الأطباء، وكانت قاعات البيمارستان فسيحة حسَنة البناء، وللبيمارستان صيدلية تُسمَّى شرابخانة، ولها رئيس يُسمى شيخ صيدلي البيمارستان، يُصرَف منها الدواء، الذي كان يتعين صرفه للمريض، بموجب وصفة طبية من الطبيب المعالج.







فقد كان كبير الأطباء يَجلس على دكَّة ويَكتب لمن يأتي إلى البيمارستان، ويَستوصِف منه للمرضى أوراقًا يَعتمدون عليها، ويأخذون بها من البيمارستان الأشربة والأدوية التي يصفها، وكان في الصيدلية من أنواع الأشربة، والمعاجين النفيسة، والمربيات الفاخرة، وأصناف الأدوية، والعطريات الفائقة التي لا يوجد إلا فيها.







وللبيمارستان رئيس يُسمى ساعور البيمارستان، وللبيمارستان جملة من الفراشين مِن الرجال والنساء، يعملون موظَّفين أو مساعدين صحيِّين، أو مُضمِّدين، ومنهم مَن كان يعمل بمهنة نظافة البيمارستان، والسهر على راحة المرضى وقت الحاجة، ولهم المعاليم الوافية والجامكية "المرتَّب" الوافرة.







وكانت البيمارستانات تخضع للتفتيش الذي يهتم به صاحب الحسبة المخوَّل مِن الوزير أو الخليفة في دخول المستشفى، والوقوف على حالة المرضى، ومدى الاهتمام بهم، وما يُقدَّم لهم مِن طعام، وهل يقوم الغلمان على راحتهم أم يُقصِّرون!







وكذلك بالنسبة للطبيب والصيدلي، وكانت المستشفيات تُحبَس عليها الأوقاف وتُرصَد لها الأموال، ويُنفق عليها وعلى مدارس الطب في سخاء، يذكر ابن أبي أصيبعة أن شيخ الأطباء في زمانه ورئيس المستشفى النوري في دمشق، مهذب الدين عبدالرحيم بن علي (ت 628هــ/ 1230م) وقف داره، وجعلها مدرسة يُدرِّس فيها مَن بعده صناعة الطب، ووقف لها ضياعًا وعدة أماكن يستغلُّ ما ينصرف في مصالحها، وفي جامكية المدرِّس وجامكية المشتغلين بها، وكان الأطباء إذا فرغوا مِن أعمالهم في البيمارستان مضوا إلى خزائن الكتب في مستشفياتهم أو إلى دورهم وأكبُّوا على القراءة؛ لتكون لهم عونًا في ممارسة مهنتهم.







أما إدارة المستشفى فكانت تُناط - في الغالب - إلى أحد الأمراء أو الأشراف أو عظماء الدولة، وهو على جانب عظيم مِن الثقافة والكفاءة، وكانت المستشفيات مؤثَّثة بأحسن الأثاث، يَذكر ابن جُبير أن مارستان المنصوري بمدينة القاهرة كان قصرًا مِن القصور الرائقة حُسنًا واتِّساعًا، أبرزه لهذه الفضيلة تأجُّرًا واحتسابًا، وعيَّن قيِّمًا مِن أهل المعرفة، وضع لديه خزائن العقاقير، ومكَّنه مِن استعمال الأشربة وإقامتها على اختلاف أنواعها، ووُضعت في مقاصير ذلك القصر أَسِرَّة يتَّخذها المرضى مضاجع كاملة الكسى، وبَين يدي ذلك القيِّم خَدَمة يتكفَّلون بتفقُّد أحوال المرضى بُكرةً وعشيَّة، فيُقابلون من الأغذية والأشربة بما يليق بهم.







وبإزاء هذا الموضع موضع مُقتَطع للنساء المَرضى، ولهنَّ أيضًا مَن يَكفُلهن، ويتَّصل بالموضعَين المذكورين موضع آخر متَّسع الفناء، فيه مقاصير عليها شبابيك الحديد، اتخذت مجالس للمَجانين، ولهم أيضًا مَن يتفقَّد - في كل يوم - أحوالهم، ويُقابلها بما يَصلح لها، والسلطان يتطلَّع هذه الأحوال كلها بالبحث والسؤال، ويؤكد في الاعتناء بها والمُثابَرة عليها غاية التأكيد.







كان الأطباء بأعداد وفيرة للعناية بالمرضى، وكانت (المناوبة) واجبة على الأطباء كبيرهم وصغيرهم، تمتدُّ إلى ثمانٍ وأربعين ساعة؛ فقد ذكر ابن أبي أصيبعة أن الملك العادل نور الدين جعَل أمر الطبيب في البيمارستان الكبير إلى أبي المجد بن أبي الحكم، وكان أبو المجد بن أبي الحكم يَدور على المرضى ويتفقَّد أحوالهم، ويَعتبِر أمورهم، وبين يدَيه المشارفون والقُوَّام لخِدمة المرضى، فكان جميع ما يَكتبه لكل مريض مِن المداواة والتدبير لا يؤخَّر عنه ولا يتوانى في ذلك، وكان بعد فراغه يَجلس في الإيوان، فكان جماعة مِن الأطباء والمشتغلين يأتون إليه ويقعدون بين يديه، ثم تجري مباحث طبية، ويُقرئ التلاميذ، ولا يزال معهم في اشتغال ومُباحَثة ونظرٍ في الكتب مقدار ثلاث ساعات، ثم يركَب إلى داره.







ما أشبه هذه الطريقة فيما يُتبع حاليًّا في أحدث كليات الطب، وما أبعدها مما كان متبعًا في الغرب في ذلك الوقت؛ إذ اقتصر التعليم على مجرَّد استذكار النصوص والتعليق عليها!







وكان للطبيب الحرية التامة في العمل والتجريب واستنباط الأساليب المناسبة للعلاج، وكانت التجارب تَدور في كتُب خاصة يقرؤها الجمهور مِن الأطباء، وكان طلبة الطبِّ يَتلقون علومهم على أساتذتهم في البيمارستانات؛ إذ كانت تُهيَّأ لهم الإيوانات الخاصة المُعدَّة والمُجهَّزة بالآلات والكتُب أحسن تجهيز، فيَقعدون بين يدَي معلمهم بعد أن يتفقَّدوا المرضى ويَنتهوا من علاجهم، وإن بعضًا من مشايخ الطب وكبار رؤسائهم، كان يَجعل له مجلسًا عامًّا لتدريس صناعة الطب للمشتغلين عليه في منزله أو في المدارس الخاصة.







ذلك لأن الغرض الأول مِن بناء البيمارستانات هو الاعتناء بالمرضى، والتخفيف عنهم، والإشراف الطبي الذي يساعد في الشفاء - بإذن الله.







وعلى الرغم من هذا كله وضعت قيود على مَن يُعاني التطبيب، وبخاصة بعدما صار يُمارسه الكثير ويقع البعض في أخطاء جسيمة؛ فقد حصل في عام 319هـ/ 931م - أي: في خلافة المقتدر (ت 320هـ/ 932م) - أن جرى غلَط على رجل مِن العامة مِن بعض المُتطبِّبين فمات الرجل، فما كان من المقتدر إلا أن منع سائر المتطبِّبين مِن التصرف إلا مَن امتحنه سنان بن ثابت، وكتب له رقعة بخطِّه بما يُطلق له مِن الصناعة، فصاروا إلى سنان وامتحنهم، وأطلق لكل واحد منهم ما يصلح أن يتصرَّف فيه، وبلغ عددهم في جانبي بغداد وحدها ثمانمائة ونيفًا وستين رجلاً، سوى مَن استُغني عن محنتِه باشتهاره بالتقدُّم في صناعته، وسوى مَن كان في خدمة السلطان.







ومما ورَد في الإجازة والترخيص لمزاولة التطبيب بعد الامتحان: "وبعد؛ فقد وقفت على هذه الرسالة العظيمة؛ إذ هي في هذا الفنِّ أسمى المقاصد، استحقَّ راقم وشْيِها وناسخ بردِها أن يتوج بتاج الإجازة، فاستخرتُ الله -تعالى- وأجزتُ له أن يتعاطى مِن صناعة الجراح ما أتقن معرفته؛ ليحصل له النجاح والفلاح، وهو أن يعالج الجراحات حتى تَبرأ بالبط (بالشق)، ويقلع مِن السنان (نصل الرمح) ما ظهر له مِن غير شرط (شق أو علامة)، وأن يفسد مِن الأوردة ويَبتر من الشرايين، وأن يقلع من الأسنان الفاسدة المسوسين، وأن يُلمَّ ما بَعُد مِن تفرُّق الاتصال بقطان وغير ذلك، وطهارة الأطفال، هذا مع مراجعته وخدمته لرؤساء هذا الفن مِن المُتبحِّرين والمهَرة والأساتذة العارفين، مع تقوى الله والنُّصح في الصناعة".





ولقد ذُكر - فيما مضى - أن رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه - قال: ((مَن تطبَّب ولم يعلم منه طب فهو ضامن))، وقد تُرجِم ذلك في محاسبة كل مَن يُعاني التطبيب، على النحو الذي ورَد في كتاب: "معالم القربة في أحكام الحسبة": "وينبغي إذا دخل الطبيب على المريض أن يسأله عن سبب مرضه، وعما يجد مِن الألم، ثم يُرتِّب له قانونًا من الأشربة وغيره من العقاقير، ثم يكتب نسخة لأولياء المريض بشهادة مَن حضَر معه عند المريض، وإذا كان مِن الغد حضَر ونظر إلى دائه، ونظر إلى قارورته، وسأل المريض: هل تناقَصَ به المرض أو لا؟ ثم يُرتِّب له ما يَنبغي على حسب مُقتضى الحال، ويَكتب له نسخة ويُسلِّمها لأهله، وفي اليوم الثالث كذلك، وفي اليوم الرابع كذلك، وهكذا إلى أن يبرأ المريض أو يموت، فإن بَرأ مِن مرضه أخذ الطبيب أجرته وكرامته، وإن مات حضر أولياؤه عند الحكيم المشهور، وعرضوا عليه النسخ التي كتَبها لهم الطبيب، فإن رآها على مُقتضى الحِكمة وصناعة الطب، مِن غير تفريط ولا تقصير مِن الطبيب، قال: هذا قُضي بفروغ أجله، وإن رأى الأمر بخلاف ذلك، قال لهم: خُذوا دية صاحبكم مِن الطبيب؛ فإنه هو الذي ***ه بسوء صناعته وتفريطه، فكانوا يَحتاطون على هذه الصورة الشريفة إلى هذا الحد؛ حتى لا يتعاطى الطبَّ مَن ليس من أهله، ولا يتهاون الطبيب في شيء منه".





ولقد تنوعت البيمارستانات؛ فمنها الثابت ومنها المتنقِّل، فالثابت ما كان بناءً ثابتًا في جهة من الجهات لا ينتقل منها، وهذا النوع من البيمارستانات كان كثير الوجود في المدن الكبيرة من البلدان الإسلامية، عدَّ منها ميرهوف أربعة وثلاثين، بمستوى المعاهد العلمية، كانت مُنتشرةً في أنحاء العالم الإسلامي، مِن بلاد فارس حتى مراكش، ومِن شمالي سورية حتى مصر، وهي تمثل المستشفيات العمومية، التي تقدَّم شرح طراز بنائها وتقسيماتها وإداراتها... إلخ، كان يقوم ببنائها الخلفاء والأمراء والأغنياء والأطباء أنفسهم، ويُنفَق عليها بسخاء عن طريق الأوقاف، ويقبل فيها كل مريض يحتاج إلى معالجة، بقطع النظر عن لونه أو دينه أو***يَّته أو مقامه؛ ذكرًا كان أم أنثى، مهما بلغت حالة مرضه، أمر قد يُستغرَب منه في عصرنا الحديث، عصر المساواة، وقد لا يصدَّق لو لم تكن بين أيدينا وثاثق تؤكد هذه الحقائق، نقتطف منها نتفًا من وقفية المستشفى المنصوري الذي بناه منصور بن قلاون عام 683هـ/ 1285م:


"ولما نجزت العمارة وقف عليها الملك المنصور مِن الأملاك بديار مصر وغيرها ما يُقارب ألف ألف درهم في كل سنة، ورتَّب مصارف المارستان، والقبَّة، والمدرسة، ومكتب الأيتام، ثم استدعى قدحًا من شراب المارستان وشربه، وقال: قد وقفتُ هذا على مثلي فمَن دوني، وجعلته وقفًا على الملك والمملوك، والجندي والأمير، والكبير والصغير، والحر والعبد، والذكور والإناث، ورتَّب فيه العقاقير والأطباء، وسائر ما يحتاج إليه مَن به مرض مِن الأمراض، وجعل السلطان فيه فراشين مِن الرجال والنساء لخِدمة المرضى، وقرَّر لهم المعاليم، ونصَب الأَسِرَّة للمرضى، وفرَشها بجميع الفرُش المحتاج إليها في المرض، وأفرد لكل طائفة مِن المرضى موضعًا، فجعل أواوين المارستان الأربعة للمرضى بالحميات ونحوها، وأفرد قاعةً للرَّمدى، وقاعة للجَرحى، وقاعة لمَن به إسهال، وقاعة للنساء، ومكانًا للمَبرودين، ينقسم قسمين؛ قسمًا للرجال، وقسمًا للنساء.





وجعل الماء يَجري فى جميع هذه الأماكن، وأفرد مكانًا لطبخ الطعام والأدوية والأشربة، ومكانًا لتركيب المَعاجين والأكحال والشيافات ونحوها، ومواضع يُخزَّن فيها الحواصل، وجعل مكانًا يُفرَّق فيه الأشربة والأدوية، ومكانًا يجلس فيه رئيس الأطباء لإلقاء درس طبٍّ، ولم يُحصِ عِدَّة المرضى، بل جعله سبيلاً لكل مَن يَرِد عليه مِن غنيٍّ وفقير، ولا حدد مدة لإقامة المريض به، بل يُرتِّب منه لمَن هو مريض بداره سائر ما يحتاج إليه".





وقد بقي هذا المستشفى مثارًا لإعجاب السياح الأوروبين في القرون التي تلَت، حتى إن المستشفى والملجأ (لكانز فان Les quinge vingot) الذى أسَّسه لويس التاسع في باريس بعد عودته مقهورًا من حملته الصليبية (652 - 659هــ/ 1254 - 1260م)، أسَّسه مُتأثِّرًا بالمسشفى المنصوري هذا.






ليس هذا فحسب، بل جاء في وقفية مستشفى ابن طولون الذى بُني سنة 261 هـ/ 865 م - أي: قبل مستشفى ابن قلاون بنيف وأربعة قرون - أنه لما فرغ من بنائه، حبس عليه دار الديوان ودُوره، في الأساكفة والقيسارية وسوق الرقيق، وشرط في المارستان ألا يُعالج فيه جُنديٌّ ولا مملوك، وعمل حمامَين للمارستان، أحدهما للرجال والآخر للنساء، حبسهما على المارستان وغيره، وشرط أنه إذا جيء بالعليل تُنزع ثيابه ونفقته وتُحفَظ عند أمين المارستان، ثم يلبَس ثيابًا، ويُفرش له ويُغدى عليه ويُراح بالأدوية والأغذية والأطباء حتى يَبرأ، فإذا أكل فروجًا ورغيفًا، أُمر بالانحراف، وأُعطي مالَه وثيابه.





وكانت المستشفيات العمومية هذه تقوم على مال الأوقاف، وكانت إيرادات الأوقاف كبيرة جدًّا، تُغطِّي حاجيات المستشفى مِن غذاء وكساء ومحروقات وأدوية وسواها؛ مِن دفع أجور الأطباء والممرضين والخدم، يذكر ابن أبي أصيبعة أن إدارة الوقف في بغداد لم تكن تُعطي المستشفى العضدي كل ما يَخصُّه مِن الوقف، فكتَب عميد المستشفى إلى الوزير عيسى بن علي يشكو إليه ذلك، فما كان من الوزير إلا أن كتَب إلى القيِّم على الوقف: "... فعَرِّفني، أكرمك الله، ما النكتة في قصور المال ونقصانه في تخلُّف نفقة البيمارستان هذه الشهور المتتابعة، وفي هذا الوقت خاصة مع الشتاء واشتداد البرد؟





فاحتل بكل حيلة لِما يُطلَق لهم ويُجعل حتى يدفأ مَن في البيمارستان مِن المرضى والممرورين، بالدثار والكسوة والفحْم، ويُقام لهم القوت، ويتَّصل لهم العلاج والخدمة، واعتنى بأمر البيمارستان أفضل عناية".
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23-05-2015, 05:51 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

إنجازات المسلمين في مجال الطب
د. عبدالله حجازي
(الابتكارات)





صاحبت حركة الترجمة والتأليف ممارسة فعلية لأمور الطب كلها، وكان للأطباء دور مُهمٌّ في تطوير فروع الطب المختلفة، وكانت لهم آراء، ربما خالفوا فيها جالينوس وأبقراط وغيرهما من جهابذة الطب اليونان، ترتَّب على ذلك فتح المدارس الطبية التي كانت تتضمَّن حلقات تشمل تلاميذ الطبيب وتلاميذ تلاميذه، حتى إذا جاء المريض سأل أول ما يسأل تلاميذ التلاميذ، فإن لم يُجيبوا انتقل إلى التلاميذ، فإذا جَهِلوا سأل الأستاذ وهكذا، ومِن الممارسة الفعلية تمكَّن كثير مِن الأطباء مِن التمييز بين الأمور المتشابهة، بل أدى ببعضهم أن يردَّ نظرية لجالينوس أو غيره كانت سائدة لبضعة قرون.

من ذلك مثلاً: التمييز بين الحَصبة والجدري، في رسالة كتبها أبو بكر الرازي تعدُّ مِن خير ما وصل إلينا مِن التراث الطبي، ولأهمية هذا الكتيِّب المُحكم في الأمراض المعدية، فقد طُبع أربعين طبعةً باللغة الإنجليزية، وذلك ما بين سنتَي 903 - 1283هـ/ 1497 - 1866م، كما أنه تُرجم إلى الفرنسية عام 964 - 1556م، فقد كان بحق عملاً ابتكاريًّا في عالم الطب، ومن الآراء التي خالف فيها الأطباء المسلمون تعاليم جالينوس رأيُ الطبيب عبداللطيف البغدادي في مسألة عظْم الفكِّ السفلي، الذي قرَّر فيه أنه يتألف مِن قطعة واحدة، وليس من قطعتين كما كان شائعًا بناءً على آراء جالينوس.

ومن الابتكارات التي قام بها الأطباء المسلمون: استخدامهم أمعاء الحيوانات لخياطة الجُروح، وإجراؤهم طريقة تخدير للمريض بالاستنشاق، وقد كانت طريقة التخدير هذه طريقة أصيلة في شكلها، وصحيحة في مفعولها، فما كانت تقوم على المشروبات المسكرة كما كانت طريقة الهنود واليونان والروم؛ ولم تستخدم لتخفيف الآلام فحسب، بل كانت تعدُّ لعمليَّة خالية من الآلام، وذلك باستخدام قطعة مِن الإسفنج تُشَرَّب بعصير نبات الحشيش ونبات البنج ونبات الجلبان "البقية"، ثم توضع قطعة الإسفنج في الشمس حتى تجفَّ، فإذا أريد استعمالها، بُلِّلت ثم أدخلت في أنف المريض، حتى تغبَّ الأغشية المخاطية المحلول، الأمر الذي يجعل المريض يغطُّ في نوم عميق، غير شاعر بآلام العملية التي لو كانت بدون التخدير لكانت لا تُطاق، ولقد دخلت طريقة التخدير هذه أوروبا عبر طرق مختلفة، إلا أنها لم تعمر طويلاً، حتى إذا كانت سنة 1844م طواها النسيان؛ فقد اكتُشفت طريقة أرقى وأجدُّ.

والأطباء المسلمون هم أول مَن عمل على سلِّ الشرايين النازفة، وهم الذين اكتشفوا الدودة المستديرة "الأنكيلوستوما" التي تؤدي إلى مرض اليرقان، وذلك قبل دوبيني الإيطالى بتسعمائة سنة.

وهم الذين اكتشقوا طفيلية الجرب، وسماها ابن زهر (ت 1162هـ/ 557م) صؤابة، وهم أول من استخدم الماء البارد في الحُميات المُستمِرَّة، ومهر بعضهم في الطب النفسي، ولقد خلَّص الأطباء المسلمون الطب القديم مِن صور الجهل والشعوَذة، ووضعوا أسس الطب علميًّا مِن الناحية النظرية، وفنيًّا من ناحية الممارسة، أما طريقة الفحص الطبي "التشخيص" عند الأطباء في العهود الإسلامية، فقد كانت في مستوى لا يختلف عن مستواه في الوقت الحاضر؛ إذ كان الطبيب يَستخدم أدقَّ الوسائل التي أتيحت في عصره مِن جهة، وكان يُنصِت إلى مريضه وهو يَعرِض شكواه مِن جهة أخرى، مُتتبِّعًا بذلك تاريخ المريض، والعِلل التي انتابته في حياته، ومُهتمًّا بمعرفة الأحوال الصحية بين أفراد أسرته، وعاداته وطرائق معيشته، ومناخ البلدة التي يقيم فيها، فإذا جمع الطبيب هذه المعلومات، قام بجسِّ النبض وتحليل البول، وفحص لون الجلد، وملحمة العينين وحالة التنفُّس، وبذلك برع الأطباء في - تلك العهود - في تشخيص الأمراض والتفريق بين المتشابه منها؛ التفريق بين الحصبة والجدري، وبين الالتهاب الرئوي والبلوري، وبين الالتهاب السحائي الحاد والثانوي، وبين المغص الكلوي والمغص المعوي، فضلاً عن ذلك فقد كانوا يدوِّنون مشاهداتهم هذه على أنها ملاحظات سريرية، وهو الأمر الذي لم يعرفه الأطباء في أوروبا إلا في وقت متأخِّر؛ وذلك عن طريق أنطونيو بنيفيتي الفلورنسي (ت 908هـ - 1502م).

فيما يلي نموذج تشخيص للرازي (ت 313هـ/ 925م) يُبيِّن المنزلة الرفيعة التي بلغها الأطباء في العصور الإسلامية الزاهية:
"كان يأتي عبدالله بن سوادة حميات مُخلطة (حميات معها مضاعفات تخالطها)، تَنوب مرة في ستة أيام، ومرة غبًّا (تأتي يومًا وتغيب يومًا)، ومرة ربعًا (تأتي كل أربعة أيام، وهي ما تُسمى اليوم بالملاريا)، ومرة كل يوم، ويتقدَّمها نافض (حمى الرعدة) يَسير، وكان يَبول مرات كثيرة، وحكمتُ: أنه لا يخلو إما أن تكون هذه الحميات تُريد أن تنقلب ربعًا، وإما أن يكون به خُراج في كُلاه، فلم يلبث إلا مُدَيدَة حتى بال مدةً (صديدًا، قيحًا)، أعلمته بعدها أنه لن تُعاوِده هذه الحميات، وكان كذلك، وإنما صدَّني في أول الأمر عن أن أبتَّ القول بأن به خُراجًا في كُلاه أنه كان يُحم قبل ذلك حمى غبٍّ وحميات أخَر، فكان للظنِّ بأن تلك الحميات المخلطة مِن احتراقات تريد أن تُصبح ربعًا موضعًا أقوى، ولم يَشكُ إليَّ أن قطنه (ما بين الوركين) يكون شبه ثقل مُعلَّق منه إذا قام، وأغفلت أنا أيضًا أن أسأله عنه، وقد كانت كثرة البول تُقوِّي ظني بالخُراج بالكُلى، إلا أنني كنت لا أعلم أن أباه أيضًا ضعيف المثانة يَعتريه هذا الداء، وهو أيضًا قد يعتريه في صحته، ولما بال المدَّة أكببتُ عليه بما يدرُّ البول حتى صفا البول مِن المدة، ثم سقيته بعد ذلك الطين المختوم والكُندُر ودم الأخوين، وتخلَّص مِن عِلته وبَرُؤ برءًا تامًّا سريعًا في نحو شهرَين، وكان الخُراج صغيرًا، دلَّني عليه أنه لم يَشكُ إليَّ ابتداء ثقلاً في قطنه، لكن بعد أن بال المِدة قلت: هل كنت تجد ذلك؟ قال: نعم، نعم، فلو كان كبيرًا لقد كان يشكو إليَّ ذلك، وإن المدة التي تَنِثُ (ترشح) سريعًا تدلُّ على صِغَر الخُرَّاج.

فأما غيري مِن الأطباء فإنهم كانوا حتى بعد أن بال مدة أيضًا لا يعلمون حالته ألبتَّة".

والأطباء في عهود سلطان الإسلام على العباد والبلاد هم أول مَن كشف عن مرض "الحساسية"، وفي ذلك مقالة للرازي بعنوان: "مقالة في العِلة التي من أجلها يَعرض الزكام لأبي زيد البلخي في فصل الربيع عند شمه الورد"، وهم أول مَن نسَب البواسير إلى قبض المعدة، وأشاروا بالمأكولات النباتية علاجًا لها، وهم أول مَن وصَف الخراجات التي تنشأ في تجاويف الأغشية الجنبيَّة، وهم أول مَن وصف التِهاب شغاف القلب بنوعَيه الجافِّ والرطب.

ومِن الاكتشافات المُهمَّة في عالم الطب - وقد كان المسلمون أول مَن اهتدى إليها - القول بأن الأوبئة تنشأ عن تعفُّن يَنتقل عن طريق الهواء والمخالطة؛ استدلوا عليها بما ثبت لديهم بالتجربة والاستقراء والحسِّ والمُشاهدة والأخبار المتواترة، مِن أنه إذا وقع مرض سارٍ (مُعدٍ)؛ كالطاعون مثلاً فإنه ينتقل مِن المريض إلى السليم الذي يعيش معه في الدار، أو يخالطه، أو يلبس ثوبه، أو يستخدم آنيته، فلقد لوحظ أن القرط أتلف مَن عُلِّق بأذنِه، وأباد البيت بأَسْره، واشتعل المرض الساري في الجيران والأقارب والزوار خاصة، حتى يتَّسع الخرق.

وفي هذا المجال كتب أحمد بن علي بن محمد بن الخاتمة (ت بعد 770هـ - 1369م) بحثًا تفوَّق كثيرًا جدًّا على جميع البحوث العديدة التي نُشرت في أوروبا عن الطاعون فيما بين القرن الثامن/ الرابع عشر، والقرن العاشر/ السادس عشر.

المصدر: لمحات في تاريخ العلوم الكونية عند المسلمين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23-05-2015, 05:52 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

إنجازات المسلمين في مجال الطب
د. عبدالله حجازي
(الكتب والمؤلفات)


مما لا شك فيه أن التأليف يُعدُّ إنجازًا رائعًا، سيما إذا كانت هذه المؤلفات ذات فحوى ثمين، يُعبِّر عن فهم المادة التي ألِّف فيها؛ ولهذا فإن ظهور العديد من المؤلفات الطبية المرموقة يُعبِّر عن المستوى الرفيع الذي وصل إليه الأطباء في العصور الإسلامية الزاهرة، ولم تكن هذه المؤلفات تخدم تخصصًا واحدًا من فروع الطب، بل ألَّف الأطباء على مدار قرون في التخصُّصات الآنفة الذكر كافة، بل زادوا عليها فصنَّفوا في طبِّ الأسنان، وفي أمراض النساء، أمراض الأطفال؛ حيث كانوا أول مَن صنف في طب الأطفال على الإطلاق، وأمراض العيون، بل زاولوا وكتَبوا في طب الأمراض النفسية والعقلية.

وعلى الرغم مِن أهمية المؤلفات وضرورتها في انتشار الثقافة الطبية بين الناس، وعلى الرغم من الابتكارات الطبية الأصيلة التي ابتدعها الأطباء في العالم الإسلامي إبان العهود الإسلامية المضيئة - كما سيتبيَّن - فإن العناية الطبية التي حظي بها المرضى في ظل الحكم الإسلامي، سواء في المستشفى أو في العيادة، تُعدُّ أبرزَ وأهمَّ ما أنجزتْه القرائحُ في عالم الطب.

لقد كانت مؤلفات المسلمين الطبية في جملتها تدوينًا لمشاهدات الأطباء، أو ما يُسمى تعليقات سريرية[1]، أي كانت في معظمها قائمةً على التجربة الموجَّهة المدروسة.

فكثيرًا ما كانوا يُعالِجون المرضى بنوع من العلاج، ثم يراقبون الأثر، وكانوا يُعوِّلون كثيرًا على أهمية الاستدلال بالبول[2] وبالنبض على العِلَّة، وقد أسهب الأطباء المسلمون في الكتابة عن هذَين الأمرَين؛ البول وجسِّ النبض، حتى إنه ليَسترشد بكتاباتهم مَن يُزاول مهنة الطب.

ولا يَخفى أن ما وصل إلينا من مؤلفات ومخطوطات لا يتعدى جزءًا صغيرًا جدًّا مما لَحقه الخراب والضياع والإتلاف الذي أحدثه المغول في المَشرِق، وتعصُّب النصارى في جنوب غرب أوروبا (الأندلس)، فضلاً عن أن معظم ما وصل إلينا من هذه المؤلفات مَبتور مُشوَّه؛ بسبب الخطأ في النسخ أحيانًا، أو الإضافة عليها مِن الناسخ أحيانًا أخرى، فقد تعدَّد النقل، وكَثُرت الإضافة والتحوير بكثرة الناقلين.

وعلى الرغم مِن قِلَّة ما وصل إلينا مِن مخطوطات، فإنه لم يُدرس من هذا القليل إلا اليسير جدًّا؛ إذ إن معظم المخطوطات بحاجة إلى مَن يُتقن لغتها وموضوعها، ومَن يَمتاز بالنقد الصحيح، الأمر الذي لم يتيسر إلا للنَّزر اليسير منها؛ فالدراسة المُتقنة الجادة ربما تكشف عن إسهاماتٍ قام بها الأطباء المسلمون، ولم تُعرَف حتى الآن، وبالفعل فقد حصل مثل هذا للطبيب المصري محيي الدين التطاوي (وذلك عام 1343هـ/ 1924م)، الذي كان يَدرس الطب في ألمانيا؛ حيث عثر على مخطوطة لابن النفيس (ت 687هـ/ 1288 م) في برلين، تبيَّن له لدى دراسته للجزء الخاص بالقلب أن ابن النفيس هو أول مَن اكتشف الدورة الدموية، ولا يُستبعَد أن تُكتشَف حقائق علمية ثمينة أخرى في مخطوطات موزَّعة على رفوف كثير مِن المكتبات العالمية، تنتظر مَن ينفض الغبار عنها ويقوم بدراسة محتوياتها، فليت شعري كم سيُكتَشف مِن حقائق دوَّنها مداد السلف، وغمط قدرها الخلف، ثم جاء باحثو الشرق والغرب ليَنسبوا كل جديد إلى أبناء جلدتهم؟ وكم أُوهم شبابنا أنهم أبناء أمة متخلفة ليست في العير ولا في النفير؟

وكان مِن عادة مؤلِّفي العرب الغالبة أن يُوجِزوا وصاياهم الصحية في كلمات جامعة يَسهل حِفظُها، مِن ذلك قول أحد الأطباء في القرن الثالث الهجري/ التاسع للميلاد: "لا شيء يَضرُّ الشيخ مثل الطاهي الماهر والفتاة الحسناء"، ولقد تُرجم إلى اللغة اللاتينية الكثير من الكتب والمؤلفات العربية، التي سَلِمت من التلف والضياع.

فكانت الكتب المترجمة مصدرًا مُهمًّا لكل مَن تعاطى مهنة الطب في أوروبا؛ فقد بلغت سمعة المسلمين في العلوم بوجه عام، وعلم الطب بوجه خاص، مستوى رفيعًا جدًّا، حتى إن بعض الأطباء الإيطاليين من الوجه العلوي انتحلوا اسمًا عربيًّا لمؤلفهم؛ كيما يجد سوقًا في عالم الاختصاص؛ فالاسم العربي كان ضمانًا وتوثيقًا لكل ما يقع تحته، وكان عاملاً ذهنيًّا ضدَّ كل المخاطر، له سلطانه ومكانته في نفوس طلبة العلم في أوروبا، بل إن طبيبًا إيطاليًّا من أطباء القرن الخامس عشر الميلادي، اضطرَّ أن ينتحل اسم صلاح الدِّين، ليُدخل نفسه في علم العقاقير، وليروج لكتاب له في الصيدلة، كان أول كتاب بمفهوم اليوم، وكان مِن حب هذا الطبيب للمؤلفات العربية أن ثُلثي كتب المكتبة المثالية التي اقترحها في الأدوية كانت مؤلفات عربية.

وقد اشتهرت الكتب العربية في أوروبا، لا سيما الكتب الوفيرة التي قام بترجمتها مِن العربية إلى اللاتينية كلٌّ مِن أفلاطون التيفولي وجيرارد الكريموني، وقد كانا مِن أشهر المترجمين وأعظمهم شأنًا؛ إذ مكثا في الأندلس طويلاً، فأجادا اللغة العربية، فكانت ترجماتهما ترجمات موفَّقة إلى حد كبير، خلافًا لهما فقد سلك قسطنطين الإفريقي مسلكًا غير أمين؛ إذ كان يترجم الكتب الطبية والكتب الصيدلية إلى اللاتينية، دون أن يَذكر المصادر، بل كان ينتحلها، من الكتب التي ترجمها وعزاها لنفسه كتاب: "زاد المسافر" لابن الجزار (ت 369 هـ/ 980 م)؛ إذ كان كتابًا معروفًا ذائعًا بين أطباء القرون الوسطى؛ لأنه يحتوي معلومات جيدة عن الأمراض الباطنية، كذلك ترجم قسطنطين جزءًا كبيرًا من الكتاب المشهور عند اللاتين باسم "الكتاب الملَكي"، واسمه في الأصل: "كامل الصناعة الطبية" ألَّفه علي بن العباس المجوسي (ت نحو 400 هـ/ 1010م) لعضد الدولة، وقد مال الناس إليه في وقته، ولزموا دربَه إلى أن ظهر كتاب "القانون" لابن سينا، يعالج الكتاب الملَكي شؤون الطب العملية والنظرية معًا، ويَبتدئ بفصل مِن أطرف الفصول وأجلها، يتضمَّن نقدًا مبسطًا للرسائل الطبية العربية واليونانية السابقة، وفي الكتاب مكتشفات طبية عظيمة جدًّا، وفيه إشارة إلى الدورة الدموية الصغرى، وفيه ذكر علاج الورم المسمى أنورسما (أنوريزم) لأول مرة بالجراحة، ووصف العملية، وأجاد في وصف عملية استئصال اللوزتَين بالخلِّ المُعقَّم الوحيد.

ومن الكتب التي تُرجمت إلى اللاتينية، وكان لها تأثير كبير على أوروبا كتاب: "التصريف لمن عجز عن التأليف"؛ لأبي القاسم خلف بن عباس الزهراوي (ت 427 هـ/ 1036 م)؛ فقد بقي هذا الكتاب - لما فيه من ابتكارات وأصالة - قرونًا (حتى القرن السابع عشر) عمدة الجراحة والتدريس في أوروبا، تُرجم الكتاب إلى اللاتينية والعِبريَّة، وطُبع باللاتينية لأول مرة عام (903هـ/ 1497م)، وكانت آخِر طبعة عام (1278هـ/ 1036م)، وفي الكتاب ذُكرت طريقة استئصال الحصى المثانية عن طريق المِهبَل لأول مرة، وفيه وصف استعداد بعض النساء للنزف - مرض الناعور؛ أي: هيموفيليا - وتضمن هذا الكتاب أيضًا وصفًا وصورًا لآلات جراحية عديدة.

المصدر: لمحات في تاريخ العلوم الكونية عند المسلمين


[1] من ذلك الملاحظات السريرية الثلاث والثلاثون التي اكتشفها المستشرق ميرهوف Meyerhof في كتاب الحاوي.

[2] قوامه ولونه وشفوفته وعكارته، وما تدل عليه كل حالة من هذه الحالات من الاستدلال ‏على الأعضاء المصابة، (وهذا ما كانوا يسمونه بالتفسرة).



رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:39 PM.