اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > مصر بين الماضى و الحاضر

مصر بين الماضى و الحاضر قسم يختص بالحضارة و التاريخ المصرى و الاسلامى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-05-2015, 04:11 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي صور من التعاون في العصر الأيوبي


نحو القيادة والتمكين

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 110]

صور من التعاون في العصر الأيوبي


أ. د. عبدالحليم عويس
بوفاة عماد الدين زنكي سنة 541هـ، فَقَد المسلمون عَلَمًا فذًّا قاوم الصليبيين بضراوة، وعمل على توحيد المسلمين وجَمْع كلمتهم، لكنهم سرعان ما وجدوا أن بذورَه الصالحة قد تركت وراءها ابنًا كريمًا من أبنائه هو نور الدين محمود الذي كان في الثلاثين من عمره حين مات أبوه..، فشق طريقه ليحمل الرايةَ الإسلامية، ومضى يؤدِّي الرسالة بالمستوى نفسه الذي كان عليه أبوه - رحمه الله.

كان لنور الدين فضلٌ في صدِّ الحملة الصليبية الثانية، والقضاء على الخونة الذين تواطَؤوا مع الصَّليبين، كما قضى على الخونةِ المسلمين، وضمَّ نورُ الدين دمشقَ إلى الجبهة الإسلامية، كما أن ضَمَّ مِصْرَ إلى تلك الجبهة يُعَدُّ مأثرةً من مآثره.

وقد سار صلاح الدين على الدرب نفسه الذي سار عليه عمادُ الدين زنكي ونور الدين محمود؛ فقام بتوحيد الشرق الإسلامي، واستولى على دمشق بعد وفاة نور الدين، وضمها إلى مصر مع كثيرٍ من بلاد الشام، كما فتح أخوه توران شاه بلاد اليمن، وبعد ذلك نجح صلاح الدين في ضمِّ حلب والجزيرة والموصل، وبذلك يكون صلاح الدين قد ضم الأقطارَ الإسلامية في نظام اتحادي يمكِّنه من إعلان الجهاد ضد الصليبين، كما أمَّن الخطوط الخلفية لنشاطه العسكري، وضمن موارد عسكرية وبشرية وتموينية كافية لقتال الأعداء[1].

ولم يلبث صلاح الدين أن هاجم المناطق والمدن التي كان الصليبيون قد احتلوها، وأسسوا فيها إماراتٍ مضى على قيامها نحوُ قرنٍ من الزمان؛ فانتصر في موقعة "مرج عيون" في لبنان سنة 575هـ، واستولى في السنة نفسها على حصن الأحزان وأَسَرَ مَن فيه، وحطَّم مغامرة "أرناط" في الاستيلاء على الحجاز.

وفي سنة 583هـ زحف صلاح الدين على رأس جيش إسلامي كبير سار به من دمشق، استولى على حصن الكرك وطبرية، وهناك قريبًا من طبرية دارت رحى معركة (حطين) الخالدة (583هـ)، بين جيش المسلمين الموحد وبين الجيوش الصليبية بقيادة ملك القدس وأمراء صُور، وعكَّا والناصرة، والكرك..، وكانت معركة حاسمة انتصر فيها السلطان صلاح الدين، وأنزل بالفرنج هزيمة ساحقة[2]، وأَسَر ملك القدس "لوزينان" والمغامر "أرناط" حاكم الكرك، ومعظم قواد الجيش و(14) ألف جندي، و*** منهم (9) آلاف.

وقد واصل صلاح الدين - بطل الوحدة الإسلامية المنتصر - زحفه؛ فاستولى بسهولة على عكا، وصيدا، ويافا، وبيروت، ونابلس، والرملة، ودخل القدس ظافرًا في رجب سنة 583هـ، وكانت تلك نهاية عظيمة لمسيرة التوحُّد التي بدأت بعماد الدين زنكي.

وجدير بالذكر أن عددًا من الدعاة والعلماء قد وقفوا مع هؤلاء الأبطال الثلاثة: (زنكي، ونور الدين، وصلاح الدين)، وكان على رأس هؤلاء المؤرخ بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن شداد (539 - 632 هـ/ 1445 - 1234م)، والفقيه ضياء الدين عيسى بن محمد الهكاري (ت 585 هـ)، والمؤرخ المعروف عبدالله بن محمد الأصفهاني المعروف بالعماد الكاتب (519 - 579هـ/ 1125 - 1200م) الذي كان قلمه - كما يصفه المؤرِّخون - أشد وأنكى على الصليبيين من سيوف المجاهدين؛ إذ به جمع صلاح الدين عساكر المسلمين، وبأسلوبه البليغ المؤثر ألَّف بين قلوبهم، وحبَّب الاستشهاد إلى نفوسهم، وآية ذلك قوله: "وكان يأمرني بإجابة كتب الملوك في حالتَيْ سِلْمهم وحربهم، وما اجتمعت هذه العساكر الإسلامية إلا بقلمي"، وشهد مؤرخو الغرب للعماد الأصفهاني بالصفات الحميدة، ووصفوه بالتدين ونبل الخُلق [3].

ويعد أبو علي محيي الدين بن علي البياني العسقلاني (526 - 596هـ/1135 - 1199م)، المعروف بالقاضي الفاضل - مِن أشهر مَن وقفوا مع صلاح الدين الأيوبي في ميدان التعاون على صلاحِ الدِّين والدنيا وتحقيقِ النصر، وكان القاضي الفاضل يتميز بأنه موضعُ ثقة صلاح الدين، ومستشاره الأمين، ومن ذلك ما يروى من أن صلاح الدين كتب إلى القاضي الفاضل وهو على حصار عكا 1190م يشكو إليه مسلك أمراء المسلمين معه، وضجَرَهم من طول الإقامة للجهاد، فرد عليه القاضي الفاضل ناصحًا بسَعة الصدر معهم، ورأى أن يكون إلى جوار صلاح الدين ناصحًا ومشيرًا ومسكنًا لثورة الأمراء، فغادر القاهرة فورًا وعاد إلى عكا فوصلها في يناير سنة 1191م، ولم تكن تلك المشورة مقصورة على شؤون الدولة والحُكم، بل تعدَّتْها إلى شؤون صلاحِ الدين الخاصة، منها أن صلاح الدين عزم على الحج والزيارة بعد عقد صلح الرملة (588هـ/1192م)؛ فأشار عليه القاضي الفاضل بتأجيل ذلك إلى سنة أخرى؛ لأسباب عرضها عليه؛ مؤيدًا إقناعه بفتوى دينية نصها: "إن الانقطاع لكشف مظالم الخَلْق أهمُّ مِن كل ما يُتقرَّب به إلى الله"[4].

ومن هذه النماذج - وغيرها كثير جدًّا - يتأكد لنا أن التعاونَ كان كاملاً بين علماء الدين، ورجال الدعوة والفكر، وبين الأمراء والقادة، وكانت نتيجة هذا التعاون الانتصارات المعروفة التي حققها الأبطال الثلاثة عماد الدين زنكي، ونور الدين محمود، وصلاح الدين الأيوبي، رضي الله عن الجميع، وجزاهم عن الإسلام خيرًا.

ومن هذا يتجلى أن التعاونَ الإسلامي والإنساني بين قيادات الأمة هو طريقُ التمكين في الأرض، ونشر الأصالة الإسلامية القائمة على ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].

[1] د. عماد الدين خليل: الإمارات الأرتقية في الجزيرة والشام، ص 1138، طبع بيروت.

[2] المرجع السابق.

[3] نظير حسان سعداوي: المؤرخون المعاصرون لصلاح الدين الأيوبي، 27، مكتبة النهضة المصرية 1962م.

[4] المصدر السابق، ص 31: 32.






رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 08:32 PM.