اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > القسم الأدبى

القسم الأدبى قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباءء والفلاسفة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-04-2015, 01:16 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي الإبداع الحداثي


الإبداع الحداثي


عادل السبيعي



كثيرون هم الذين يتباكون على الإبداع والحداثة من سطوة منتقديها، ويفزعون من هديرهم إلى موجةٍ طالما ركبوها -بإيحائهم وتهويلهم- وهي اتهامهم الآخر أنه يزعم امتلاك الحقيقة المطلقة؛ فيأسفون على من يدعي -في زعمهم- احتكار الحق، ولا يحترم وجهات النظر المختلفة.

وحينما يهربون من "التابوات" (المحرمات المقدسة)، التي تسيطر -في زعمهم- على كثير من أنماط السلوكيات الاجتماعية، قبل الثقافية؛ فإنهم يقعون فيما هربوا منه بمثل ما سبق.

هذه "التابوات" الجديدة ما هي -في الحقيقة- إلا أصنام وأزلام لكل عقلانيي عصرنا.. وسبل مزخرفة للتفلُّت من إلزامية النصوص الشرعية المحكمة.. وصد عن فورية الاستجابة لأمر الله..

وهي طرائق جديدة لعقلانيي زماننا؛ جعلوها مقدمات وتسويغات مقيتة لكل عبثية تمارس من قِبَلِهم..

وغدا هذا العبث مِشجَباً عريضاً تعلَّق عليه كل أوزارنا الفكرية النتنة.. وقناة واسعة يمرَّر من خلالها الكفر والزندقة..
وللكلِّ الحق في العبث بكل ثوابتنا، ثم التبجح بكل برود بأنها وجهات نظر، مع أن بعضها لا يَمحو أثره ولا يَستأصل شأفته إلا سيف الردة الحاد!!

هذه الموجة التي ركبوها لا تلبث أن تتكسَّر بين يدي حقيقة ناصعة واضحة أبَى مريدو الحداثة فهمها، أو هم مستغرقون في نشوة لذتهم، بنخبويتهم الحداثية، ولا يريدون تعكيرها بالإفاقة منها؛ ليُصدَموا بأن الحداثة مذهب شامل، يؤسِّس لنظرية تفلُّتيَّة متمرِّدة على كل سلطة أياً كان شكلها..

وما التمرد على سلطة شكل القصيدة وبنائها إلا نوعٌ طغى على المشهد، وكان مَفزَعاً وسبيل تَقِيَّة عند اشتداد الإنكار عليهم..

وليس من شيء يضحك، ويدعو للغثيان في آن واحد؛ مثل تأكيدهم البارد رفضَهم الخروجَ على قيم الشريعة، وتعاليم الدين، في بعض نصوص مؤسسي حركة الحداثة؛ مخاتلة منهم، وتجنياً على الحداثة نفسها..

وهي توصيف للمشهد الحداثي، من قبيل التقية المشار إليها سابقاً، ومحاولة لتحجيم الاتجاه العام والروح الحداثية، الساكنة في كل منجزاتهم، والمودعة في ثنايا تهويماتهم، وعبثيات غموضهم؛ تحجيمها في مفردات قليلة؛ مثلت خروجاً على القيم الدينية وثوابت الأمة!!

لم يكن الإبداع -في كل أشكاله المنضبطة- مشكلة؛ في نظر من أحدثوا ضجة وفوضى كلامية على المستويات العديدة، الإعلامية والشعبية ومنابر الجمعة – كما زعموا –؛ إنما المحذور والخطير أن يُستَلَب الإبداع، وتُلبَس مسوح التمرد الشامل، ورفض السائد؛ على كل المستويات، ويُرفع من شأن سدنة الحداثة، ويشار إليهم بالإبداع؛ برغم كل ما يمارسونه من (هرطقةٍ) فارغة، وهَلْسِ مَقاهٍ، ويبشر بهم أئمة إبداع، ويُعلَّى كعبهم، ويُدرس إنتاجهم بكل حبور ودهشة، بل ومحبة! بل ويُقتصر على طريقتهم فيمن يسمى مثقفاً -(المثقف إما أن يكون حداثياً أو لا يكون مثقفاً)!! كما قالها أحد كبارهم– أليست هذه قمة الوصاية؟!!



هنا يكمن البلاء، وتتراءى لنا نُذُر الفتنة، وما خافه أولئك الغيورون؛ من عبث مراهقي الفكر والمتجرئين على ثوابت الأمة وقيمها..

ثم إنك لتعجب من تباكيهم على الإبداع، ثم لا تجد إبداعهم المزعوم إلا في تهويمات عقلية، وشطْحات غامضة، ونصوص مكتئبة مشتتة، لا تخرج عن الدائرة الذهنية واللذة المعرفية المجرَّدة، في حين الإبداع المادي قد أفلسوا منه؛ فهم صفر اليدين..

أما الغربي فقد توقَّد ذهنه، وجادت قريحته بإبداعات تقنية عالية، وقطع شوطاً مادياً امتد طَوال حياته.. وأصحابنا المبدعون يجترُّون تجريدات موغلة في الرمزية والعبثية، يتقاذفونها بينهم؛ نصاً ونقداً وتفكيكاً فارغاً سمجاً، ثم يأتون يتباكون على أعداء الإبداع ومن مارس وأده!!


كل ما يمكن قوله: إن الإفلاس حتى في الإبداع قد لازم الحداثيين؛ فضلاً عن إفلاسهم الفكري، وإنهم ما هم إلا مشردو فكر، يقتاتون على مفكري الغرب ومخلفاتهم..









رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 02:19 AM.