(18) عَنْ أَبِي هُريْرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مغْرِبِهَا، تَابَ اللهُ علَيْه».
أولاً: تَخْرِيج الحَدِيث: رَوَاه مسلم (4/ 2703) والنسائي في "السُّنَن الكُبرى" (10/ 11115) وأحمد (13/ 7711) وابن حبان (2/ 629) والطبراني في "المعجم الأوسط" (7/ 7344) والحارث بن أبي أسامة في "المُسند" (2/ 1077) وابن مَنده في "الإيمان" (2 /1025).
ثانياً: شَرح الحَدِيث:
- (مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مغْرِبِهَا، تَابَ اللهُ علَيْه): هَذَا حَدٌّ لِقَبُولِ التَّوْبَة، حَيْث قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا}. (سورة الأنعام، الآية رقم: 158)؛ فَهَذَا دَلِيلٌ مِن الآَيَة الكَرِيمَة والحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَلَى أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت مِن مَغْرِبَهَا، اِنْتَهَى قَبُول التَّوْبَة.
-- فَقَد يَسْأَل سَائِلٌ، فَيَقُول: هَل الشَّمْسُ تَطلُع مِن مَغْرِبَهَا؟! المَعرُوف أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِن المَشْرِق؟!
فَالإِجَابَـة: نَعَم! هَذَا هُوَ المَعرُوف بِيْن النَّاس، أَنْ تَطلُعَ الشَّمْسُ مِن المَشْرِق، فَهَذَا هُوَ المُطَّرِد مُنْذُ خَلَقَ اللهُ الشَّمْسَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، لَكِن فِي آخِر الزَّمَان يَأْمُر اللهُ الشَّمْسَ أَنْ تَرجِع مِن حَيْث جَاءَت، فَتَنْعَكِس الدَّورَة، وتَطلُع مِن مَغْرِبهَا، فَإِذَا مَا رَآهَا النَّاسُ آمَنُوا كُلُّهُم، حَتَّى الكُفَّار! وَلَكِن الذِي لَم يُؤْمِن قَبْل أَنْ تَطلُع الشَّمْسُ مِن مَغْرِبَهَا، فَلاَ يَنْفَعُه إِيْمَانُه، وكَذَلِك الَّذِي لَم يَتُب قَبْل أَنْ تَطلُع الشَّمْسُ مِن مَغْرِبَهَا، فَلاَ تُقْبَل تَوْبَتُهُ؛ لأَنَّ هَذِهِ آيَة يَشْهَدُهَا كُلّ مَخْلُوق، فَإِذَا جَاءَت الآيَاتُ المُنْذِرَة، لَمْ تَنْفَع التَّوْبَة ولَمْ يَنْفَع الإِيمَان.
فَعَلَى المُسْلِم أَنْ يُبَادِر بِالتَّوْبَة إِلَى اللهِ عَزّ وَجَلّ مِن الذُّنُوب، وأَنْ يُقْلِع عَمّا كَانَ مُتَلَبِّساً بِهِ مِن المَعَاصِي، وأَنْ يَقُوم بِمَا فَرَّطَ بِهِ مِن الوَاجِبَات.