اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا

محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-09-2013, 11:02 PM
مواطن بسيط مواطن بسيط غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
العمر: 52
المشاركات: 280
معدل تقييم المستوى: 12
مواطن بسيط is on a distinguished road
Impp المعجزات الحسية


المعجزات الحسية



الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسَلّم تسليمًا كثيرًا.

أَمّا بعد:
عباد الله! اتقوا الله تعالى كما أمركم بذلك، فقال - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

عباد الله! اعلموا أن الله تعالى قد جعل لهذا النبي الكريم معجزات تدل على صدقه وأنه تعالى أرسله.

وقد سبق لنا أن أعظم المعجزات معجزة القرآن الكريم الذي تحدى الله به الأولين والآخرين فلم يأتوا بسورة من مثله.

ومن المعجزات التي يُشاهدها الناس بأمّ أعينهم عيانًا ما وقع للنبي - صلى الله عليه وسلم - من المعجزات الحسية الكثيرة، وهي أنواع كثيرة، ومنها:
انشقاق القمر:
وهذه من أُمَّهات معجزاته - صلى الله عليه وسلم - الدالة على صدقه، فقد سأل أهل مكة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُريهم آية، فأراهم القمر شقتين حتى رأوا جبل حِراء بينهما[1]، قال تعالى: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴾ الآيات[2].

وصعوده - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء والمعراج إلى ما فوق السماوات:
وهذا ما أخبر به القرآن الكريم، وتواترت به الأحاديث، قال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [3].

وهذه الآية من أعظم معجزاته - صلى الله عليه وسلم -، فإنه أُسري به إلى بيت المقدس، وقطع المسافة في زمن قصير، ثم عُرِجَ به إلى السماوات، ثم صعد إلى مكان يسمع فيه صريف الأقلام، ورأى الجنة، وفُرِضَت عليه الصلوات، ورجع إلى مكة قبل أن يُصبح، فكذَّبته قريش، وطلبوا منه علامات تدلّ على صدقه، ومن ذلك علامات بيت المقدس؛ لعلمهم بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرَ بيت المقدس قبل ذلك، فجلَّى الله له بيت المقدس ينظر إليه ويخبرهم بعلاماته وما سألوا عنه[4].

وغير ذلك من الآيات العلوية، كحراسة السماء بالشهب عند بعثته - صلى الله عليه وسلم.

ومن هذه المعجزات طاعةُ السَّحاب له - صلى الله عليه وسلم -، بإذن الله تعالى في حصوله ونزول المطر وذهابه بدعائه[5] - صلى الله عليه وسلم.

ومن هذا النوع نصر الله للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالريح التي قال تعالى عنها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴾[6]، وهذه الريح هي ريح الصَّبَا، أرسلها على الأحزاب، قال - صلى الله عليه وسلم -: "نُصِرْتُ بالصّبا، وأُهْلِكت عادٌ بالدَّبورِ"[7]، وغير ذلك.

ومن هذه المعجزات تصرفه في الحيوان والإنس والجن والبهائم:
فقد ثبت أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - اشتكى عينيه من وجعٍ بهما، فبصقَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهما ودعا له فبرأ، كأَنْ لم يكن به وجع[8].

وثبت أن ساق عبد الله بن عتيك - رضي الله عنه - انكسرت، فمسحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكأنها لم تنكسر قطُّ[9].

وأُصيب سلمة بن الأكوع بضربة في ساقه يوم خيبر، فنفث فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث نفثات، فما اشتكاها سلمة بعد ذلك[10].

وكان - صلى الله عليه وسلم - يُخرج الجن من الإنس بمجرد المخاطبة. فيقول: "اخرج عدو الله أنا رسول الله"[11].

وأخرج الشيطان من صدر عثمان بن أبي العاص، فضرب صدر عثمان بيده ثلاث مرات، وتفل في فمه، وقال: "اخرج عدو الله" فعل ذلك ثلاث مرات، فلم يُخالط عثمان الشيطان بعد ذلك[12].

وتصرفه في البهائم:
وقد حصل له مرارًا، ومن ذلك أنه جاء بعير فسجد للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أصحابه: يا رسول الله! تسجد لك البهائم والشجر، فنحن أحقّ أن نسجد لك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اعبدوا ربَّكم، وأكرِمُوا أخاكُم، ولو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجُدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأةَ أن تسجد لزوجها..."[13].

وتأثيره في الأشجار والثمار والخشب:
فقد جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في سفر، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام، فقال الأعرابي: ومن يشهد لك على ما تقول؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذه السَّلمة"[14]، فدعاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي بشاطئ الوادي، فأقبلت تخدّ[15] الأرض خدًّا حتى قامت بين يديه، فأشهدها ثلاثًا، فشهدتْ ثلاثًا أنه كما قال، ثم رجعت إلى مَنْبَتِها[16].

ومن ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يقضي حاجته وهو في سفر، فلم يجد ما يستتر به، فأخذ بغصن شجرة وقال: "انقادي عليَّ بإذن الله"، فانقادت معه كالبعير المخشوم[17] حتى أتى الشجرة الأخرى، ففعل وقال كذلك، ثم أمرهما أن تلتئما عليه فالتأمتا، ثم بعد قضاء الحاجة رجعت كل شجرة، وقامت كل واحدة منهما على ساق...[18].

وجاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: بم أعرف أنك نبي؟ قال: "إن دعوت هذا العِذق من هذه النخلة أتشهد أني رسول الله؟" فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل ينزل من النخلة حتى سقط إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: "ارجع"، فعاد، فأسلم الأعرابي[19].

وكان - صلى الله عليه وسلم - يخطب في المدينة يوم الجمعة على جذع نخل، فلما صنع له المنبر ورقِي عليه صاحَ الجذعُ صياحَ الصبي، [وخارَ كما تخورُ البقرة، جزعًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالتزمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضمه إليه وهو يئن، ومسحه حتى سكن][20].

وتأثيره - صلى الله عليه وسلم - في الجبال والأحجار وتسخيرها له: فقد صَعِدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أُحدًا، ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فضربه - صلى الله عليه وسلم - برجله، وقال: "اثبت أحد، فإن عليك نبي، وصدِّيق، وشهيدان"[21].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعرف حجرًا بمكة كان يُسلِّم عليّ قبل أن أُبعثَ، إني لأعرفه الآن"[22].

وعندما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معركة حنين، واشتدّ القتال، نزل عن بغلته وقبض قبضة من تراب الأرض، واستقبل به وجوه القوم، فقال: "شاهَتِ الوُجُوه"، فما خلق الله إنسانًا منهم إلا ملأ عينيه من تلك القبضة، فهزمهم الله وقسم غنائمهم بين المسلمين[23].

وتفجير الماء، وزيادة الطعام والشراب والثمار:
وهذا النوع حصل له - صلى الله عليه وسلم - مراتٍ كثيرة جدًّا[24]:
فقد عطش الناس في الحديبية، فوضع يده - صلى الله عليه وسلم - في الركوة فجعل الماء يثور بين أصابعه كالعيون، فشربوا وتوضؤوا، قيل لجابر: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة[25].

وقدم - صلى الله عليه وسلم - تبوك، فوجد عينها كشراك النعل، فغُرِفَ له منها قليلًا قليلًا، حتى اجتمع له شيء قليل، فغسل فيه يديه ووجهه، ثم أعاده فيها فجرت العين بماءٍ مُنهمرٍ، وبقيت العين إلى الآن[26].

ومن ذلك قصة أبي هريرة - رضي الله عنه - وقدح اللبن، وزيادة لبن القدح حتى شرب منه أضياف الإسلام[27].

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في ألف وأربعمائة من أصحابه في غزوة، فأصابهم مشقة، فأمر - صلى الله عليه وسلم - أن يجمعوا ما معهم من طعام وبسطوا سفرة، وكان الطعام شيئًا يسيرًا فبارك فيه، وأكلوا، وحشوا أوعيتهم من ذلك الطعام[28].

وقد بقي الصحابة والنبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الخندق ثلاثة أيام لا يذوقون طعامًا، ف*** جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - عناقًا، وطحنت زوجته صاعًا من شعير، ثم دعا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصاح النبي - صلى الله عليه وسلم - بأهل الخندق يدعوهم على هذا الطعام اليسير، ثم جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وبصقَ في العجين وبارك، وبصقَ في البرمة وبارك، قال جابر - رضي الله عنهما -: وهم ألف، فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغطّ كما هي[29]، وإن عجيننا ليخبز كما هو[30].

وجاء رجل يستطعم النبي - صلى الله عليه وسلم - فأطعمه شطرَ وسْقِ شعيرٍ، فما زال الرجل يأكل منه وأهله حتى كاله، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لو لم تكِلْهُ لأكلتم منه ولقام لكم"[31].

وكان على والد جابر دين، وما في نخله لا يقضي ما عليه سنين، فجاء جابر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليحضر الكيل، فحضر، ومشى حول الجرن، ثم أمر جابرًا أن يكيل فكال لهم حتى أوفاهم، قال جابر - رضي الله عنه -: (وبقي تمري وكأنه لم ينقص منه شيء)[32].

وقد أيد الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالملائكة في عدة مواضع، نُصرةً له ولدينه، منها:
ما حصل له في الهجرة، قال المولى - جل وعلا -: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾[33].

وما حصل له ببدر، قال الله تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [34].

وما وقع له في أُحدٍ، قاتل جبريل وميكائيل - عليهما السلام - عن يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن يساره[35].

وما حصل له في الخندق، قال الله - عز وجل -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴾ [36].

وما أيّده الله به في غزوة بني قُريظة، فقد جاء جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن وضع السلاح من غزوة الخندق واغتسل، فقال له جبريل: قد وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه، فاخرُجْ إليهم، فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إلى أين؟" فأشار إلى بني قريظة، فخرج - صلى الله عليه وسلم -، ونصره الله عليهم[37].

وما حصل له في حنين، قال الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ﴾[38].

وقد كفاه الله تعالى أعداءه وعصمه من الناس: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67].

فقد كفاه الله تعالى المشركين والمستهزئين، فلم يصلوا إليه بسوء، قال تعالى: ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴾[39].

وكفاه الله أهل الكتاب، قال تعالى: ﴿ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾[40].

وعصمه تعالى من جميع الناس بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [41].

وهذا خبر عام بأن الله يعصمه من جميع الناس، فكلٌّ من هذه الأخبار الثلاثة قد وقع كما أخبر الله - تعالى - فقد كفاه الله أعداءه بأنواع عجيبة خارجة عن العادة المعروفة، ونصره مع كثرة أعدائه وقوتهم وغلبتهم، وانتقم ممن عاداه.

ومن ذلك أن رجلًا نصرانيًّا أسلم، وقرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ارتدّ وعاد نصرانيًّا، فكان يقول: ما يَدْري محمد إلا ما كتبت له، فأماته الله، فدفنه قومه، فأصبح وقد أخرجته الأرض من بطنها، فأعادوا دفنه، وأعمقوا قبره، فأصبح وقد أخرجته الأرض منبوذًا على ظهرها، فأعادوا دفنه وأعمقوا له، فأصبح وقد لفظته الأرض، فعلموا أن هذا ليس من الناس فتركوه منبوذًا[42].

ومن معجزاته العظيمة إجابة دعواته - صلى الله عليه وسلم -: فإن الأدعية التي دعا بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وشُوهدت إجابتها كالشمس في رابعة النهار كثيرة جدًّا، لا تُحصر.

فقد دعا لأنس - رضي الله عنه - فقال: "اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته"[43]، [وأطل حياته واغفر له][44]، قال أنس: فوالله إنّ مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي ليتعادُّون على نحو المائة اليوم[45]، [وحدثتني ابنتي أمينة أنه دُفِنَ لصلبي مقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومائة] [46].

وكان له - رضي الله عنه - بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين، وكان فيها ريحان يجيء منها ريح المسك[47].

ودعا - صلى الله عليه وسلم - لأم أبي هريرة بالهداية فهداها الله فورًا، وأسلمت وقصَّتها عجيبة جدًّا[48].

ودعا - صلى الله عليه وسلم - لعروة بن أبي الجعد البارقي: "اللهم بارك له في صفقة يمينه"، فكان يقف في الكوفة ويربح أربعين ألفًا قبل أن يرجع إلى أهله[49]، [وكان لو اشترى التراب لربح فيه][50].

ودعاؤه - صلى الله عليه وسلم - على بعض أعدائه، فلم تتخلّف الإجابة، كأبي جهل، وأميّة، وعقبة، وعتبة.. وغيرهم كثير[51].

ودعاؤه يوم بدر، ويوم حنين، وعلى سراقة بن مالك - رضي الله عنه - وغيرهم كثير[52].
والحقيقة أن العاقل المنصف يقف أمام هذه الدلائل والبينات مذعورًا، ولا يسعه إلا أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾.

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
عباد الله! اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله تعالى قد جعل على يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - معجزات تدلّ على صدقه وأنه تعالى أرسله، وهذه المعجزات تزيد إيمان المؤمن، وتُوجب على غيره من الناس الإنقياد والدخول في دين النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أيده الله بالمعجزات الباهرات، صلوات الله وسلامه عليه.

هذا وصلوا على خير خلق الله نبينا محمد بن عبد الله كما أمركم الله تعالى بذلك فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾[53]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا"[54]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعَنّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، اللهم آمِنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وجميع ولاة أمر المسلمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، وأعذهم من عذاب القبر وعذاب النار، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك الهدى والتُّقى، والعفاف والغنى، اللهم اهدنا وسددنا، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [55].

عباد الله!
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾[56]، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾[57].

[1] البخاري مع الفتح، كتاب مناقب الأنصار، باب انشقاق القمر 7/182، 6/631 (رقم 3636)، 8/617، ومسلم، صفات المنافقين، باب انشقاق القمر، 4/2159 (رقم 2800).

[2] سورة القمر، الآيتان: 1 - 2.

[3] سورة الإسراء، الآية: 1.

[4] انظر: البخاري مع الفتح، كتاب مناقب الأنصار، باب حديث الإسراء 7/196 (رقم 3886)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب ذكر المسيح ابن مريم والمسيح
الدجال 1/156 (رقم 170).


[5] انظر: البخاري مع الفتح، كتاب الجمعة، باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة 2/413 (رقم 933)، ومسلم، كتاب الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء 2/614 (رقم 897).

[6] سورة الأحزاب، الآية: 9.

[7] مسلم، كتاب الاستسقاء، باب في ريح الصبا والدبور (رقم 900).

[8] انظر: البخاري، كتاب الجهاد، باب فضل من أسلم على يديه رجل 6/144 (رقم 3009)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل علي -رضي الله عنه- 4/1872 (رقم 2406).

[9] انظر: البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب *** أبي رافع 7/340 (رقم 4039).

[10] انظر: المرجع السابق، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر 7/475 (رقم 4206).

[11] مسند أحمد 4/170-172، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/6: رجال أحمد رجال الصحيح.

[12] ابن ماجه، كتاب الطب، باب الفزع والأرق وما يتعوذ منه، بسند حسن 2/1174 (رقم 3548)، وانظر: صحيح ابن ماجه 1/273.

[13] مسند أحمد 6/76، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/9: إسناده جيد، وانظر: معجزات من هذا النوع مسند الإمام أحمد 4/170-172، ومجمع الزوائد للهيثمي 9/3-12.

[14] شجرة من شجر البادية، انظر: المصباح المنير، مادة "سلم"، 1/286، ومختار الصحاح، مادة "سلم"، ص131.

[15] أي: تشقها أخدوداً. وانظر: المصباح المنير، مادة "خد" 1/165، ومختار الصحاح مادة (خد) ص72.

[16] الدارمي، في المقدمة، باب ما أكرم الله به نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن 1/17 (رقم 16)، وإسناده صحيح، وانظر: مشكاة المصابيح برقم 5925، 3/1666.

[17] الذي جعل في أنفه عوداً، ويشد فيه حبل ليذل وينقاد إذا كان صعباً. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 18/146.

[18] انظر: صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر 4/2306 (رقم 3012).

[19] الترمذي، كتاب المناقب، باب حدثنا عباد، 5/594 (رقم 3628)، وأحمد 1/123، والحاكم وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي 2/620.

[20] البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام 6/602 (رقم 3584)، وما بين المعكوفين عند أحمد في المسند 2/109.

[21] البخاري مع الفتح، كتاب فضائل الصحابة، باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كنت متخذاً خليلاً..)) 7/22، 40، 7/53 (رقم 3675).

[22] مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - وتسليم الحجر عليه قبل النبوة 4/1782 (رقم 2277).

[23] مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين 3/1402 (رقم 1777). وحصل له مثل ذلك في معركة بدر.

[24] انظر: البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، 6/580، من حديث 3571-3577، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها 1/471-477 (رقم 681، 682)، وجامع الأصول لابن الأثير 11/334-351.

[25] البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب علامات النبوة 6/581، 7/441، 443، 10/101 (رقم 3576)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال 3/1484 (رقم 1856) (72).

[26] انظر: صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - 4/1784 (رقم 706).

[27] البخاري مع الفتح، كتاب الرقاق، باب كيف كان يعيش النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وتخليهم عن الدنيا 11/281 (رقم 6452).

[28] البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد، باب حمل الزاد في الغزو 6/129 (رقم 2982)، ومسلم، اللقطة، باب استحباب خلط الأزواد إذا قلَّت 3/1354 (رقم 1729).

[29] أي: تغلي ويسمع غليانها. انظر: الفتح 7/399.

[30] البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب غزوة الخندق 7/395، 396 (رقم 4101)، ومسلم، كتاب الأشربة، باب جواز استتباع غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك 3/1610 (رقم 2039).

[31] مسلم، كتاب الفضائل، باب معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - 4/1784 (رقم 2281).

[32] البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب علامات النبوة 6/587، 7/357 (رقم 3580)، وانظر شرح روايات الحديث في الفتح 6/593.

[33] سورة التوبة، الآية: 40.

[34] سورة الأنفال، الآية: 9.

[35] البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب: إذ همت طائفتان... 7/358 (رقم 4054)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب قتال جبريل وميكائيل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد 4/1802 (رقم 2306).

[36] سورة الأحزاب، الآية: 9.

[37] البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب 7/407 (رقم 4117)، ومسلم، كتاب الجهاد، باب جواز قتال من نقض العهد 3/1389 (رقم 1769).

[38] سورة التوبة، الآية: 26.

[39] سورة الحجر، الآيتان: 94، 95.

[40] سورة البقرة، الآية: 137.

[41] سورة المائدة، الآية: 67.

[42] البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب علامات النبوة 6/624 (رقم 3617)، ومسلم، صفات المنافقين 4/2145 (رقم 2781).

[43] البخاري مع الفتح، كتاب الصيام، باب من زار قوماً فلم يفطر عندهم 4/228، 11/144 (رقم 1982)، ومسلم، في فضائل الصحابة، باب فضائل أنس 4/1928 (رقم 2480).

[44] البخاري في الأدب المفرد، برقم 653، وانظر: فتح الباري 11/145، وسير أعلام النبلاء 2/219.

[45] مسلم، فضائل الصحابة، باب فضائل أنس 4/1929 (رقم 2481) (143).

[46] البخاري مع الفتح كتاب الصيام، باب من زار قوماً فلم يفطر عندهم 4/228 (رقم 1982).

[47] الترمذي، كتاب المناقب، باب مناقب أنس 5/683 (رقم 3833) وقال: هذا حديث حسن غريب، وانظر: صحيح الترمذي 3/234.

[48] مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أبي هريرة 4/1938 (رقم 2491).

[49] أحمد في المسند 4/376.

[50] البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب حدثنا محمد بن المثنى 6/632 (رقم 3642).

[51] انظر: البخاري مع الفتح 1/349، ومسلم 3/1418.

[52] انظر: دعاءه يوم بدر في صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر 3/1384 (رقم 1763)، ويوم حنين في مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين 3/1402 (رقم 1775)، وقصة سراقة في البخاري مع الفتح، كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة 7/238 (رقم 3906)، وانظر: ص271 و275.

[53] سورة الأحزاب، الآية: 56.

[54] مسلم، برقم 384.

[55] سورة البقرة، الآية: 202.

[56] سورة النحل: الآية: 90.

[57] سورة العنكبوت: الآية: 45.


رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:20 PM.