|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
من أروع قصص الحب
الحديث عن العظماء يأخذ بمجامع القلوب وتشرأب إليه أعناق أولي النهى، تزدان بسيرهم المجالس، وتعطر بأخبارهم الأندية، ويتوق إلى معرفة سيرهم أصحاب الهمم وعشاق المعالي، فما بالكم إخوتي إذا كان الحديث عن إمام العظماء وأشرف الشرفاء وسيد النبلاء، ما بالكم إذا كان الحديث عن البدر يسري بضوئه متعة للسامرين، ودليلاً للحائرين، بل هو الشمس تهدي نورها وجه الأرض فيتلألأ ضياء و نوراً. ولد الهدى فالكائنات ضياء *** وفم الزمان تبسم و ثناء الروح و الملأ الملائك حوله *** للدين و الدنيا به بشراء و الوحي يقطر سلسلاً من سلسل *** و اللوح و القلم البديع رواء يوم يتيه على الزمان صباحه *** و مساءه بمحمد وضاء بك بشر الله السماء فزينت *** و تضوعت مسكاً بك الغبراء يا من له الأخلاق ما تهو العلا *** منها و ما يتعشق الكبراء زانتك في الخلق العظيم شمائل *** يغرى بهن و يولع الكرماء حديثنا عن الشمس التي أشرقت فعمت بنورها الكون كله، ولكن البون بينها وبين شمسنا شاسع جداً فشمسنا تغرب وشمسه صلى الله عليه و سلم تبقى منيرة إلى قيام الساعة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً . وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً} [الأحزاب:46]. وقال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} [المائدة:15]. قال الإمام الطبري رحمه الله: "{من الله نور} يعني بالنور محمدا صلى الله عليه وسلم الذي أنار الله به الحق وأظهر به الإسلام ومحق به الشرك فهو نور لمن استنار به" (تفسير الطبري ج4 صـ501). عن عرباض بن سارية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني عبد الله وخاتم النبيين» فذكرفيه إن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورا أضاءت منه قصور الشام. (قال: شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح لغيره)، قال جابر رضي الله عنه: "رأيت رسول الله في ليلة أضحيان ـ أي ليلة مضيئة لا غيم فيها ـ فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى القمر وعليه حلة حمراء فإذا هو أحسن عندي من القمر" (رواه الترمذي). عن أنس بن مالك قال: "لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، ولما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي وإنا لفي دفنه حتى أنكرنا قلوبنا" (رواه الترمذي وقال الألباني: صحيح). حديثنا أيها الكرام عن السراج المنير الذي امتن الله به علينا، فأنار القلوب بعد ظلمتها وأحياها بعد موتها وهداها بعد ضلالتها وأسعدها بعد شِقوتها فكان صلى الله عليه وسلم الصباح بعد ليل طويل مظلم بهيم: بزغ الصباح بنور وجهك بعدما *** غشت البرية ظلمة سوداء فتفتقت بالنور أركان الدجى *** و سعى على الكون الفسيح ضياء و مضى السلام على البسيطة صافياً *** تروى به الفيحاء و الجرداء حتى صفت للكون أعظم شرعة *** فاضت بجود سخائها الأنحاء يا سيد الثقلين يا نبع الهدى *** يا خير من سعدت به الأرجاء حديثنا عن الرحمة المهداة والنعمة المسداة، كنا على شفا حفرة من النار فأنقذنا الله به قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران:103]. حديثا عن أروع قصص الحب ولكن من المُحب؟ ومن المحبوب؟ وما نوع الحب؟ أما المُحب فالشجر والحجر والجبل والسهل والحيوان والطير، والحديث عن حب البشر له فشيء آخر وحديث آخر ما بالكم بحب أعين اكتحلت بالنظر إلى وجهه الكريم، وآذان تلذذت بسماع حديثه ما بالكم بحب من جالسه وعاشره صلى الله عليه وسلم لا شك أنه حبٌ لم يُشهد مثله على وجه البسيطة. أما المحبوب فهو خير من مشى على الأرض وخير من طلعت عليه الشمس بل هو شمس الدنيا وضياؤها بهجتها وسرورها، ريقه دواء ونفثه شفاء وعرقه أطيب الطيب أجمل البشر وأبهى من الدرر يأسر القلوب ويجتذب الأفئدة، متعة النظر وشفاء البصر، إذا تكلم أساخت له القلوب قبل الأسماع، فلا تسئل عما يحصل لها من السعادة والإمتاع، كم شفى قلباً ملتاعاً وكم هدى من أوشك على الهلاك والضياع. قال ابن الجوزي رحمه الله في وصفه: "من تحركت لعظمته السواكن فحن إليه الجذع، وكلّمه الذئب، وسبَّح في كفه الحصى، وتزلزل له الجبل، كلٌ كنى عن شوقه بلسانه يا جملة الجمال، يا كل الكمال، أنت واسطة العقد وزينة الدهر تزيد على الأنبياء زيادة الشمس على البدر، والبحر على القطر والسماء على الأرض". ليلة المعراج ظنت الملائكة أن الآيات تختص بالسماء فإذا آية الأرض قد علت. ليس العجب ارتفاع صعودهم لأنهم ذوو أجنحة، إنما العجب لارتفاع جسم طبعه الهبوط بلا جناح جسداني. المحبوب هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. أما نوع الحب فيكفي أنه حب أنطق الحجر وحرك الشجر وأبكى الجذع وأسكت دمع البعير فما بالك بإنسان له جنان يفيض بالحب والحنان؟ فهيا أخي المبارك نتجول في بستان المحبة نختار من قصص الحب أروعها ونقتطف باقة عطرة من ذلك البستان الذي مُلئ بأجمل الأزهار وأعبقها: القصة الأولى: الجذع يحن: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كان المسجد مسقوفا على جذوع من نخل فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها فلما صنع له المنبر وكان عليه فسمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها فسكنت" (رواه البخاري). عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة فقالت امرأة من الأنصار أو رجل يا رسول الله ألا نجعل لك منبرا، قال: «إن شئتم» فجعلوا له منبرا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمها إليه تئن أنين الصبي الذي يسكن، قال: «كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها» (رواه البخاري). و زاد في سنن الدارمي بسند صحيح قال: «أما والذي نفس محمد بيده لو لم التزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة حزناً على رسول الله صلى الله عليه و سلم» فأمر به فدفن. كيف ترقى رقيك الأولياء *** يا سماء ما طاولتها سماء إنما مثلوا صفاتك للناس *** كما مثّلَ النجومَ الماءُ حن جذع إليك و هو جماد *** فعجيب أن يجمد الأحياء كان الحسن رحمه الله يقول: "يا معشر المسلمين الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقاً إلى لقائه فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه". عن عمرو بن سواد عن الشافعي رحمه الله: "ما أعطى الله نبياً ما أعطى محمداً فقلت: أعطى عيسى إحياء الموتى. قال: أعطي محمداً حنين الجذع حتى سمع صوته فهذا أكبر من ذلك". يحن الجذع من شوق إليك *** و يذرف دمعه حزناً عليك و يجهش بالبكاء و بالنحيب *** لفقد حديثكم و كذا يديك فمالي لا يحن إليك قلبي *** و حلمي أن أقبل مقلتيك و أن ألقاك في يوم المعاد *** و ينعم ناظري من وجنتيك فداك قرابتي و جميع مالي *** و أبذل مهجتي دوماً فداك تدوم سعادتي و نعيم روحي *** إذا بذلت حياتي في رضاك حبيب القلب عذر لا تلمني *** فحبي لا يحق في سماك ذنوبي أقعدتني عن علو *** و أطمح أن أُقرب من علاك لعل محبتي تسمو بروحي *** فتجبر ما تصدع من هواك القصة الثانية: الحمامة تشتكي: عن عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ومررنا بشجرة فيها فرخا حمرة فأخذناهما، قال: فجاءت الحمرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تصيح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من فجع هذه بفرخيها»، قال فقلنا: نحن، قال: «فردوهما» (رواه أبو داود والحاكم و قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه). جاءت إليك حمامة مشتاقة *** تشكو إليك بقلب صب واجف من أخبر الورقاء أن مقامكم *** حرم و أنك منزل للخائف القصة الثالثة: الجمل يبكي: عن عبد بن جعفر قال: "أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفا أو حايش نخل فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا فيه ناضح له فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه وسراته فسكن فقال: «من رب هذا الجمل» فجاء شاب من الأنصار، فقال: أنا، فقال: «ألا تتقى الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكاك إلي وزعم أنك تجيعه وتدئبه» (رواه الإمام أحمد قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم).. عن يعلى بن مرة الثقفي رضي الله تعالى عنه قال: "ثلاثة أشياء رأيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا نحن نسير معه، إذ مررنا ببعير يسنى عليه، قال: فلما رآه البعير جرجر فوضع جرانه فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أين صاحب هذا البعير»، فجاءه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بعنيه»، قال: بل نهبه لك وإنه لأهل بيت ما لهم معيشة غيره، قال: «أما إذ ذكرت هذا من أمره فإنه شكا كثرة العمل وقلة العلف فأحسنوا إليه»، قال: ثم سرنا حتى نزلنا منزلا، فنام النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت شجرة تشق الأرض حتى غشيته ثم رجعت إلى مكانها فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له، فقال: «هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم على رسول الله فأذن لها» قال: ثم سرنا فمررنا بماء فأتته امرأة بابن لها به جنة فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنخره ثم قال: «اخرج إني محمد رسول الله» قال: ثم سرنا فلما رجعنا من مسيرنا مررنا بذلك الماء فأتته المرأة بجزر ولبن فأمرها أن ترد الجزر وأمر أصحابه فشربوا اللبن فسألها عن الصبي فقالت: والذي بعثك بالحق ما رأينا منه ريبا بعدك (قال الهيثمي:رواه أحمد بإسنادين والطبراني بنحوه وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح و صححه الألباني). القصة الثالثة: الحجر والشجر يُسلَم من فرط الحب: عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لا أعرف حجر بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن» (رواه مسلم و الترمذي و الإمام أحمد). وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول السلام عليك يا رسول الله. القصة الرابعة: الطعام والحجر يسبِّح: روى علقمة عن عبد الله قال: إنكم تعدون الآيات عذابا وإنا كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بركة، لقد كنا نأكل الطعام مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نسمع تسبيح الطعام، قال: وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بإناء فوضع يده فيه فجعل الماء ينبع من بين أصابعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«حي على الوضوء المبارك والبركة من السماء» حتى توضأنا كلنا (رواه الترمذي و قال: هذا حديث حسن صحيح). عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "إني لشاهد عند رسول الله في حلقة وفي يده حصى فسبَّحن في يده وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فسمع تسبيحهن من في الحلقة" (أخرجه الطبراني في الأوسط مجمع البحرين، والبزار واسناد الطبراني صحيح رجاله ثقات). لئن سبحت صـم لجبال مجيبــه *** لداود أو لان الحديد المصفـح فإن الصخور الصُـــمَّ لانت بكفه *** و إن الحصا في كفـه ليسبِّـح وإن كان موسى أنبع الماء من العصـا *** فمن كفه قد أصبح الماء يطفـح القصة الخامسة: الحجر والشجر يسجد: عن ابن عباس قال جاء رجل من بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يداوي ويعالج، فقال: يا محمد إنك تقول أشياء هل لك أن أداويك؟ قال: فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله ثم قال: «هل لك أن أريك آية ؟» وعنده نخل وشجر فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عذقا منها قأقبل إليه وهو يسجد ويرفع رأسه ويسجد ويرفع رأسه حتى انتهى إليه صلى الله عليه وسلم، فقام بين يديه ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ارجع إلى مكانك» فقال العامري: والله لا أكذبك بشيء تقوله أبدا. ثم قال: يا آل عامر بن صعصعة والله لا أكذبه بشيء (رواه ابن حبان و قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح). وفي قصة رحلته صلى الله عليه وسلم إلى الشام التي رواها الترمذي وصححها الألباني قال الراهب: "هذا سيد العالمين بعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أشياخ من قريش: ما علمك؟ فقال: إنكم حيث أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدون إلا لنبي وإني لأعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه" الحديث. أكرم بَخَلق نبي زانه خُلُق *** بالحق مشتملٍ بالبشر مُتّسمِ كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ *** والبحر في كرم والدهر في هِمَمِ جاءت لدعوته الأشجار ساجدة *** تمشي إليه على ساقٍ بلا قدمِ ياربّ أزكى صلاةٍ منك دائمة *** على النبي بمنهَلًّ ومنسجمِ ما رنّحت عذبات البان ريح صبا *** وأطربت نغمات الآي من أُمم القصة السادسة: الجبل يهتز فرحاً برسول الله صلى الله: عن أنس رضي الله عنه قال: "صعد النبي صلى الله عليه وسلم جبل أحد ومعه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فرجف بهم الجبل، فقال: «اثبت أحد فإنما عليك نبي و صديق و شهيدان»" (رواه البخاري). قال بعض الدعاة وإنما اهتز فرحاً وطرباً وشوقاً للقاء رسول صلى الله عليه وسلم وصحبه. لا تلوموا اُحداً لاضطراب *** إذ علاه فالوجد داءُ أُحد لا يلام فهـو محبٌ *** ولكم أطرب المحب لقاءُ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له أحد فقال: «هذا جبل يحبنا ونحبه اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها» (رواه البخاري). القصة السابعة: الشجر يطيع النبي ويسارع إلى إجابته ويستأذن في السلام عليه: وعن يعلى بن مرة عن أبيه قال: سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت منه شيئاً عجباً، نزلنا منزلاً، فقال: «انطلق إلى هاتين الشجرتين، فقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكما أن تجتمعا»، فانطلقت فقلت لهما ذلك، فانتزعت كل واحدة منهما من أصلها فمرت كل واحدة إلى صاحبتها فالتقيا جميعاً، فقضى رسول الله حاجته من ورائها ثم قال: «انطلق فقل لهما: لتعد كل واحدة إلى مكانها»، فأتيتهما فقلت ذلك لهما، فعادت كل واحدة إلى مكانها، وأتته امرأة، فقالت: إن ابني هذا به لمم ـ مس من الجن ـ منذ سبع سنين يأخذه كل يوم مرتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أدنيه»، فأدنته منه فتفل في فيه، وقال: «أخرج عدو الله أنا رسول الله» ثم قال لها رسول الله: «إذا رجعنا فأعلمينا ما صنع»، فلما رجع رسول الله استقبلته ومعها كبشان وأقط وسمن، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذ هذا الكبش واتخذ منه ما أردت»، قالت: والذي أكرمك ما رأينا شيئاً منذ فارقتنا، ثم أتاه بعير، فقام بين يديه، فرأى عيناه تدمعان، فبعث إلى أصحابه، فقال: «ما البعير كم هذا البعير يشكوكم؟» فقالوا: كنا نعمل عليه، فلما كبر وذهب عمله تواعدنا عليه لننحره غداً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنحروه، واجعلوه في الإبل يكون معها» (صححه الحاكم و وافق الذهبي و صححه الأرناؤط). وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأقبل أعرابي فلما دنا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين تريد؟» قال: إلى أهلي، قال: «هل لك في خير؟» قال: ما هو؟ قال: «تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله» قال: من شاهدٌ على ما تقول؟ قال: «هذه الشجرة»، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بشاطئ الوادي فأقبلت تخد الأرض خداً حتى جاءت بين يديه فاستشهدها ثلاثاً فشهدت أنه كما قال ثم رجعت إلى منبتها ورجع الأعرابي فقال: إن يبايعوني آتك بهم وإلا رجعت إليك فكنت معك (رواه الدارمي). القصة الثامنة: الأسد يودع مولى رسول الله: عن محمد بن المنكدر: أن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ركبت البحر فانكسرت سفينتي التي كنت فيها، فركبت لوحا من ألواحها، فطرحني اللوح في أجمة فيها الأسد، فأقبل إلي يريدني، فقلت: يا أبا الحارث أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطأطأ رأسه وأقبل إلي فدفعني بمنكبه حتى أخرجني من الأجمة ووضعني على الطريق وهمهم فظننت أنه يودعني فكان ذلك آخر عهدي به" (رواه الحاكم و قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي). فتأمل أخي إلى تعظيم هذا المخلوق وتوقيره ومحبته لرسول الله فما إن سمع اسم رسول الله حتى طأطأ رأسه وبدل من أن يهم بمولاه دله على الطريق وودعه. شائع محمد الغبيشي |
العلامات المرجعية |
|
|