اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد نبينا .. للخير ينادينا

محمد نبينا .. للخير ينادينا سيرة الحبيب المصطفى بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-03-2013, 12:21 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ذكر بعض ما ورد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة، ووجوب العمل بها..
في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتد من ارتد من العرب، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فقال له عمر رضي الله عنه: كيف تقاتلهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها))؟ فقال أبو بكر الصديق: (أليست الزكاة من حقها؟ والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها) فقال عمر رضي الله عنه: فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق وقد تابعه الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، فقاتلوا أهل الردة حتى ردوهم إلى الإسلام، و***وا من أصر على ردته، وفي هذه القصة أوضح دليل على تعظيم السنة، ووجوب العمل بها.
وجاءت الجدة إلى الصديق رضي الله عنه تسأله عن ميراثها، فقال لها: ليس لك في كتاب الله شيء، ولا أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى لك بشيء، وسأسأل الناس. ثم سأل رضي الله عنه الصحابة: فشهد عنده بعضهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس، فقضى لها بذلك، وكان عمر رضي الله عنه يوصي عماله أن يقضوا بين الناس بكتاب الله، فإن لم يجدوا القضية في كتاب الله، فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أشكل عليه حكم إملاص المرأة، وهو إسقاطها جنيناً ميتاً، بسبب تعدي أحد عليها، سأل الصحابة رضي الله عنهم عن ذلك، فشهد عنده محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك بغرة عبد أو أمة. فقضى بذلك رضي الله عنه.
ولما أشكل على عثمان رضي الله عنه حكم اعتداد المرأة في بيتها بعد وفاة زوجها، وأخبرته فريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بعد وفاة زوجها: أن تمكث في بيته حتى يبلغ الكتاب أجله. قضى بذلك رضي الله عنه، وهكذا قضى بالسنة في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة.
ولما بلغ علياً رضي الله عنه أن عثمان رضي الله عنه ينهى عن متعة الحج أهلَّ علي رضي الله عنه بالحج والعمرة جميعاً، وقال: (لا أدع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول أحد من الناس).
ولما احتج بعض الناس على ابن عباس رضي الله عنهما في متعة الحج، بقول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في تحبيذ إفراد الحج، قال ابن عباس : (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء!! أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟)، فإذا كان من خالف السنة لقول أبي بكر وعمر تخشى عليه العقوبة فكيف بحال من خالفهما لقول من دونهما، أو لمجرد رأيه واجتهاده!.
ولما نازع بعض الناس عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في بعض السنة، قال له عبد الله : (هل نحن مأمورون باتباع عمر أو باتباع السنة؟) ولما قال رجل لعمران بن حصين رضي الله عنهما: حدثنا عن كتاب الله. وهو يحدثهم عن السنة، غضب رضي الله عنه وقال: (إن السنة هي تفسير كتاب الله)، ولولا السنة لم نعرف أن الظهر أربع، والمغرب ثلاث، والفجر ركعتان، ولم نعرف تفصيل أحكام الزكاة إلى غير ذلك، مما جاءت به السنة من تفصيل الأحكام، والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم في تعظيم السنة ووجوب العمل بها، والتحذير من مخالفتها كثيرة جداً. ومن ذلك أيضا أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما حدث بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) قال بعض أبنائه: والله لنمنعهن. فغضب عليه عبد الله وسبه سباً شديداً، وقال: (أقول قال رسول الله وتقول: والله لنمنعهن؟).
ولما رأى عبد الله بن المغفل المزني رضي الله عنه، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أقاربه يخذف، نهاه عن ذلك وقال له: (إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف)، وقال: ((إنه لا يصيد صيداً ولا ينكأ عدواً، ولكنه يكسر السن ويفقأ العين)). ثم رآه بعد ذلك يخذف فقال: (والله لا كلمتك أبدا، أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الخذف ثم تعود).
وأخرج البيهقي عن أيوب السختياني التابعي الجليل، أنه قال: (إذا حدثت الرجل بسنة فقال: دعنا من هذا وأنبئنا عن القرآن فاعلم أنه ضال). وقال الأوزاعي رحمه الله: (السنة قاضية على الكتاب)، أي تقيد ما أطلقه، أو بأحكام لم تذكر في الكتاب، كما في قول الله سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[18].
وسبق قوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه)) وأخرج البيهقي عن عامر الشعبي رحمه الله أنه قال لبعض الناس: (إنما هلكتم في حين تركتم الآثار) يعني بذلك الأحاديث الصحيحة.
وأخرج البيهقي أيضًا عن الأوزاعي رحمه الله أنه قال لبعض أصحابه: (إذا بلغك عن رسول الله حديث فإياك أن تقول بغيره، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبلغاً عن الله تعالى)، وأخرج البيهقي عن الإمام الجليل سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله أنه قال: (إنما العلم كله، العلم بالآثار)، وقال مالك رحمه الله: (ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر) وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة رحمه الله: (إذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين).
وقال الشافعي رحمه الله: (متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً صحيحاً فلم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب). وقال أيضا رحمه الله: (إذا قلت قولاً وجاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلافه، فاضربوا بقولي الحائط).
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لبعض أصحابه: (لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي، وخذ من حيث أخذنا) وقال أيضا رحمه الله: (عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذهبون إلى رأي سفيان، والله سبحانه يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[19] ثم قال: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله عليه الصلاة والسلام، أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك).
وأخرج البيهقي عن مجاهد بن جبر التابعي الجليل أنه قال في قوله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[20] قال: (الرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول الرد إلى السنة).
وأخرج البيهقي عن الزهري رحمه الله أنه قال: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة) وقال موفق الدين ابن قدامة رحمه الله في كتابه روضة الناظر، في بيان أصول الأحكام، ما نصه: (والأصل الثاني من الأدلة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة، لدلالة المعجزة على صدقه، ولأمر الله بطاعته، وتحذيره من مخالفة أمره) انتهى المقصود. وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[21] أي: عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سبيله ومنهاجه وطريقته، وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنا من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) أي: فليخش وليحذر من خالف شريعة الرسول باطنا وظاهرا، {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي: في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة، {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: في الدنيا ب*** أو حد أو حبس أو نحو ذلك.

كما روى الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب اللائي يقعن في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها قال فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار فتغلبوني وتقتحمون فيها)) أخرجاه من حديث عبد الرزاق.
وقال السيوطي رحمه الله في رسالته المسماة: (مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة) ما نصه: (اعلموا رحمكم الله أن من أنكر أن كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف في الأصول حجة، كفر وخرج عن دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى، أو مع من شاء الله من فرق الكفرة) انتهى المقصود. والآثار عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم في تعظيم السنة، ووجوب العمل بها، والتحذير من مخالفتها كثيرة جداً، وأرجو أن يكون في ما ذكرنا من الآيات والأحاديث والآثار كفاية ومقنع لطالب الحق، ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق لما يرضيه، والسلامة من أسباب غضبه، وأن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم إنه سميع قريب.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
---------------------------------------------
[1] الأعراف الآية 3.
[2] الأنعام الآية 155.
[3] المائدة الآيتان 15-16.
[4] فصلت الآيتان 41-42.
[5] الأنعام الآية 19.
[6] إبراهيم الآية 52.
[7] آل عمران الآية 132.
[8] النساء الآية 59.
[9] النساء الآية 80.
[10] النحل الآية 44.
[11] النحل الآية 64.
[12] النور الآية 54.
[13] النور الآية 56.
[14] الأعراف الآية 158.
[15] النور الآية 63.
[16] الحشر الآية 7.
[17] الحجر الآية 9.
[18] النحل الآية 44.
[19] النور الآية 63.
[20] النساء الآية 59.
[21] النور الآية 63.


__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-03-2013, 12:27 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الثورةُ عَلى السنةِ النبوية



د. علي بن عبد الله الصيّاح


إنَّ مِنْ أسبغ نعم الله على هذه الأمة حفظ دينها بحفظ كتابه العزيز، وسنة نبيه الكريم، قال تعالى : { إِنّا نَحْنُ نَزّلنا الذِّكرَ وإِنّا لهُ لحافظون } وهذا الوعد والضمان بحفظ الذكر يشمل حفظ القرآن ، وحفظ السنة النبوية - التي هي المفسرة للقرآن وهي الحكمة المنزلة كما قال تعالى { وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } -وقد ظهر مصداقُ ذلك مع طول المُدّة، وامتدادِ الأيام، وتوالي الشهور، وتعاقبِ السنين، وانتشارِ أهل الإسلامِ، واتساعِ رُقعتهِ، فقيض الله للقرآن من يحفظه ويحافظ عليه.
وأما السُّنَّةُ فإنَّ الله تعالى وَفَّق لها حُفَّاظاً عارفين، وجهابذةً عالمين، وصيارفةً ناقدين، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المُبْطلين، وتأويل الجاهلين ، فتفرغوا لها، وأفنوا أعمارهم في تحصيلها، وبيانها والاستنباط منها، وتمييزِ ضعيفها من صحيحها، فجزاهم اللهُ عن الإسلامِ والمسلمينَ خيرَ الجزاءِ وأوفرَهَ.
هذا وفهم السنة النبوية وبيانُ حِكَمها وأحكامها له أصول وقواعد يُنطلق منها وفق منهج علميّ رصين ، فمن لم يراع هذه القواعد العلمية والأسس المنهجية كان فهمه للسنة النبوية –في الواقع-ثورة عليها وتغييراً لدلالتها، وبالتالي يصبح الأمر فوضى ، وتضيع كل قواعد العلم ، وتصبح السنة النبوية حمى مستباحاً لكل من هبّ ودب !، يقرأ أحدهم كتاباً في "السنة النبوية" يوم السبت، ويصنف فيه يوم الأحد، ويدعو كلَّ أحد للاستنباط يوم الاثنين، أما يوم الثلاثاء فيطاول الأئمة ويقول: نحن رجال وهم رجال!!..
قال ابنُ حزم في السير ((لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها، وهم من غير أهلها فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويظنون أنهم مصلحون )).
وقال الجرجاني في دلائل الإعجاز:((إذا تعاطى الشيء غير أهله، وتولى الأمر غير البصير به، أعضل الداء واشتد البلاء)).
إنَّ مسألة فَهْم السنةِ النبوية وبيان حِكَمها وأحكامها والاستنباط منها، وتمييزِ ضعيفها من صحيحها، ليست من قبيل الثقافة العامة التي يتناولها الكتاب والمفكرون والمثقفون والشعراء بالنقد والتعليق كما يتناولون نقد القصيدة أو المقالة ، وإنما هي مسألة علمية ، تتعلق بدين الله وشرعه، والقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير علم كالقول على الله بلا علم لأنه صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى إن هو إلا هو وحي يوحي .
قال ابنُ القيم في إعلام الموقعين: ((وقد حرَّم الله القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء وجعله من أعظم المحرَّمات؛ بل جعله في المرتبة العليا منها؛ قال تعالى: "قلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ..." الآية، فرتَّب المحرمات أربع مراتب، وبدأ بأسهلها، وهو الفواحش، وثنّى بما هو أشد تحريمًا منه، وهو الإثم والظلم، ثم ثلَّث بما هو أعظم تحريمًا منهما، وهو الشرك به سبحانه، ثم ربَّع بما هو أعظم تحريمًا من ذلك كله، وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعمُّ القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه)) وقال تعالى {[ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ }.
وهنا أصول ينبغي لمن أراد الاستنباط من السنة النبوية أن يراعيها لكي يكون كلامه من *** كلام أهل العلم والأيمان المؤصل تأصيلاً علمياً :
1- استشعار عظمة وخطورة الكلام عن الله ورسوله بدون علم مؤصل.
2- التأكد من درجة الحديث من حيثُ الصحة والضعف، فلا تبنى الأحكام والاستنباطات على أحاديث موضوعة أو ضعيفة، وهذا الأصل له فنٌّ خاص عند دارسي السنة النبوية اسمه "علوم الحديث" أو "مصطلح الحديث" وهو قائم على "النقد العلمي للإسناد والمتن"، و"ضوابط توثيق الأخبار" وتنقية السنة مما قد يشوبها، وقد سئل عبد الله بن المبارك-الإمام المشهور-: عن الأحاديث الموضوعية؟ فقال: "تعيش لها الجهابذة، قال تعالى { إنا نحن نزلنا الذِّكر وإنا له لحافظون}"، وأخذ هارونُ الرشيد زنديقا فأمر بضرب عنقه فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي يا أمير المؤمنين ؟ قال: أريح العباد منك، قال: فأين أنتَ من ألف حديث وضعتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها ما فيها حرف نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأين أنت ياعدو الله من أبي إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفا حرفا !.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : » المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب ، والمرجع في التمييز بين هذا وهذا إلى أهل علم الحديث ، كما نرجع إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب ونحو غير العرب ، ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة ، وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك ، فلكل علم رجالٌ يعرفون به ، والعلماء بالحديث أجلّ هؤلاء قدراً ، وأعظمهم صدقاً ، وأعلاهم منزلة ، وأكثرهم ديناً ، وهم من أعظم الناس صدقاً و أمانة وعلماً وخبرة فيما يذكرونه من الجرح والتعديل ، مثل : مالك وشعبة وسفيان ... «
وعلم الإسناد وما ترتب عليه لم يظهر في الأمم السابقة، وهو من أعظم إنجازات المسلمين في مجال البحث العلمي، ومثار الثناء والإعجاب من الأعداء قبل الأصدقاء.
3- جمعُ روايات وألفاظ الحديث الواحد فالحديث بمجموعه يفسر بعضه بعضاً، قال أحمد بن حنبل :(( الحديث إذا لم تُجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يُفسر بعضه بعضاً ))، قال ابن حجر في الفتح:((المتعين على من يتكلم على الأحاديث أن يجمع طرقها ثم يجمع ألفاظ المتون إذا صحت الطرق ويشرحها على أنه حديث واحد فإن الحديث أولى ما فسر بالحديث ))، لذا تجد الشارح البارعين –أمثال: ابن عبد البر في كتبيه "التمهيد" و"الاستذكار" ، وابن رجب في كتابه "فتح الباري" وبقية كتبه، و ابن حجر شارح صحيح البخاري في كتابه "فتح الباري" - يُعنون في بيانهم لسنة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم بجمع روايات وألفاظ الحديث الواحد، وقد ذكر العلائيّ في كتابه " نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد" -قاعدة شريفة عظيمة الجدوى في هذا الباب يحسن بالمتخصص أن يتقنها.
ومما يمثل به على هذا الأصل حديث أم حرام بنت ملحان –المتفق على صحته- فله طرق كثيرة وألفاظ عديدة ففي بعض طرقه أنَّ أم حرام "قالت:يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت من الأولين فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت" قد يفهم بعضهم من هذه الرواية أنها خرجت بدون محرم، ولكن هذا الفهم مردود بالرواية الأخرى –المتفق على صحتها- "فقال: أنت من الأولين، فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازيا أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية..." وهكذا الروايات والألفاظ يفسر بعضها بعضاً لمن طلب الحق بصدق وعدل.
4- جمع الأحاديث الواردة في المسالة المستنبطة، ومراعاة قواعد وأصول الاستدلال التي وضعها الأئمة، والفقهاءُ المحققون إذا أرادوا بحث قضية ما، جمعوا كل ما جاء في شأنها من الكتاب والسنة، ، وأحسنوا التنسيق بين شتى الأدلة،
قال الشاطبي : » من يأخذ الأدلة من أطراف العبارة الشرعية ولا ينظم بعضها ببعض، فيوشك أن يزل، وليس هذا من شأن الراسخين وإنما هو من شأن من استعجل طلبا للمخرج في دعواه« .
وقال أيضاً : » ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد : وهو الجهل بمقاصد الشرع ، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض ، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها ، وعامّها المرتب على خاصّها ، ومطلقها المحمول على مقيدها ، ومجملها المفسر بِبَيّنها ، إلى ما سوى ذلك من مناحيها ، -إلى أن قال - فشأن الراسخين : تصور الشريعة صورة واحدة ، يخدم بعضها بعضاً كأعضاء الإنسان إذا صورت صورة مثمرة،وشأنُ متبعى المتشابهات أخذ دليلٍ مَا أيّ دليل كان عفواً وأخذاً أولياً وإنْ كان ثم ما يعارضه من كلى أو جزئى، فكأن العضو الواحد لا يعطى في مفهوم أحكام الشريعة حكما حقيقيا، فمتبعه متبع متشابه، ولا يتبعه إلا من في قلبه زيغ ما شهد الله به ومن أصدق من الله قيلا « .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : » إذا ميّز العالم بين ما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما لم يقله ، فإنه يحتاج أن يفهم مراده ويفقه ما قاله ، ويجمع بين الأحاديث ويضم كل شكل إلى شكله ، فيجمع بين ما جمع الله بينه ورسوله ، ويُفرق بين ما فرق الله بينه ورسوله ؛ فهذا هو العلم الذي ينتفع به المسلمون ، ويجب تلقيه وقبوله ، وبه ساد أئمة المسلمين كالأربعة وغيرهم « .
أما اختطاف الحكم من حديث عابر، وقراءة عجلى من غير مراعاة لما ورد في الموضوع من آثار أخرى فليس من عمل العلماء.
ومما يمثل به على هذا الأصل حديث أم حرام بنت ملحان المتقدم ذكره فقد اختطف بعضهم من الحديث جواز العسكرية للنساء هكذا بدون قيد ولا شرط ولا حال ولا زمان ، و من غير مراعاة لما ورد في الموضوع من أحاديث تأمر بالستر ومجانبة الرجال، ولهذا كان جهاد النساء الحج كما ثبت في الصحيح.
قال أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار:" قال ابنُ وهب: أم حرام إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فلذلك كان يقيل عندها وينام في حجرها وتفلي رأسه، قال أبو عمر : لولا أنها كانت منه ذات محرم ما زارها ولا قام عندها والله أعلم، وقد روي عنه عليه السلام من حديث عمر وبن عباس: لا يخلون رجل بامرأة إلا أن تكون منه ذات محرم، على أنه صلى الله عليه وسلم معصوم ليس كغيره ولا يقاس به سواه، وهذا الخبر ..فيه إباحة النساء للجهاد وقد قالت أم عطية: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنداوي الجرحى ونمرض المرضى وكان يرضخ لنا من الغنيمة"
وليس هذا موضع الحديث عن هذه المسألة إذ المقصود هنا الإشارة والتنبيه فقط.
5- الإحاطة بقدر كاف من العلوم الأساسية و علوم الآلة المعينة على الفهم والاستنباط.
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-03-2013, 12:29 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

وأذكر هنا وقفات سريعة :
1- جميلٌ أنْ تقرأ في "السنة النبوية" وتعيش مع أخباره صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه وتطبقها عملياً، ولكن قبيحٌ أن تتصدر للفتيا والاستنباط والتصنيف من غير مقدمات علمية متخصصة، إذْ لا بدَّ من احترام التخصص، و إتيان البيوت من أبوابها، وكل من تكلم بغير فنه أتى بالعجائب.
2- قال ابنُ الوزير (( ومن المعلوم لدى الفرق الإسلامية على اختلاف طبقاتها ولدى جميع العقلاء في الأرض الاحتجاج في كل فن بكلام أهله، ولو لم يرجعوا إلى ذلك لبطلت العلوم لأنّ غير أهل الفن إما أن لا يتكلموا فيه بشيء ألبته أو يتكلموا فيه بما لا يكفي ولا يشفي، ألا ترى أنك لو رجعت في تفسير غريب القرآن والسنة إلى القراء وفي القراءات إلى أهل اللغة وفي المعاني والبيان والنحو إلى أهل الحديث، وفي علم الإسناد وعلل الحديث إلى المتكلمين وأمثال ذلك لبطلت العلوم وانطمست منها المعالم والرسوم وعكسنا المعقول وخالفنا ما عليه أهل الإسلام )).
3- ما أحسن وأصدق قول الشاطبي : » وكذلك كل من اتبع المتشابهات، أو حرف المناطات، أو حمل الآيات مالا تحمله عند السلف الصالح، أو تمسك بالأحاديث الواهية، أو أخذ الأدلة ببادى الرأى، له أن يستدل على كل فعل أو قول أو أعتقاد وافق غرضه بآية أو حديث لا يفوز بذلك أصلا، والدليل عليه استدلال كل فرقة شهرت بالبدعة على بدعتها بآية أو حديث من غير توقف...فمن طلبَ خلاصَ نفسهِ تثبّت حتى يتضحَ له الطريق، ومن تساهل رمته أيدي الهوى في معاطب لا مخلص له منها إلا ما شاء الله«. من كتاب "الاعتصام" وهو كتابٌ جديرٌ بالقراءة والتأمل فإنْ ضعفتَ فقرأ البابَ الرابع منه.
4- التجرد المسبق أكبر معين على الاستنباط فلا يعتقد ثم يبحث ؛ ولكن يبحث أولاً ثم يعتقد-بالضوابط العلمية-، ويتحلى بالنصفة والعدل والاستقلال، قال الإمام الشافعي: » ما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطئ « ، وقال أيضا : » ما كلمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان ، وما كلمت أحداً قط إلا ولم أبال بَيّنَ الله الحق على لساني أولسانه «.
5- سُئل الإمام أحمد عن حرف من الغريب فقال: (سلوا أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن).
ولو كان لي من الأمر شيء لوضعت في كل دور الطباعة والنشر عبارة " إذا تكلم المرءُ في غير فنه أتى بالعجائب والغرائب فكن على حذر"، والله الموفق.
وما تقدم من الحقائق العلمية الشرعية التأصيلية سطرتها لمّا قرأتُ كتاب "ثورة في السنة النبوية" تأليف.غازي بن عبدالرحمن القصيبي، سائلاً المولى للجميع التوفيق والهداية.

و صلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.

__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-03-2013, 12:31 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

تنبيه على شناعة وخطورة وصف السنة النبوية بالأوصاف البذيئة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على معلم البشرية وهادي الإنسانية نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:

فقد استمعت إلى ما تحدث به الأخ الكاتب الصحفي يحيى الأمير لإحدى القنوات الفضائية في سياق وصفه لأحد الأحاديث النبوية الشريفة بوصف مقذع ، وهو وصف في حقيقة الأمر لمن تحدَّث بالحديث الشريف وهو نبينا محمد حاشاه عليه الصلاة والسلام من كل سوء أو إساءة.

فقد نص الكاتب المشار إليه على وصف قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ " بأنه: "خطاب متوحش"!! وأنه تضمن "وحشية مفرغة من سياقاتها" !!. ثم اخترع قاعدة من عنده في الحكم على السنة النبوية مبنية على الإحساس بتوحش نصوصها كما يزعم!! ليتم ردها ورفضها.

وبداية فهذا الحديث الشريف الصادر ممن لا ينطق عن الهوى حديث متفق على صحته، وقد تلقته الأمة بالقبول، حيث إنه مسند بأسانيد كالشمس في أصح الكتب بعد كتاب الله، فقد رواه الإمامان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما الله في صحيحيهما من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما مرفوعاً، وأيضاً رواه غيرهما في كتب السنة الشهيرة.

والذي نجزم به أن الأخ يحيى وأي مسلم لا يمكن أن يقصد ولا أن يتعمد تنقص الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبحمد عليه الصلاة والسلام نبياً، لأن هذه الإساءة خطر على إيمان من تعمدها.

ولكن مهما قيل من حسن الظن في المسلم فالعبرة بما ظهر من كلام وكتابة أما السرائر فنكلها إلى عالمها، كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن أناساً كانوا يُؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمِنَّاه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة. رواه البخاري.

ودفعاً لما توهمه الكاتب المشار إليه وما أيدته فيه المذيعة التي استضافته في حديثه المسيء لجناب النبوة فإن النص النبوي الكريم لم يحمل "توحشاً" ولا إساءة لجانب النساء كما توهمه، بل هو رحمة وهداية للناس أجمعين، وتنظيم لعلاقاتهم من أجل حياة طاهرة كريمة، وهو مؤيد بكلام الرب جل وعلا في القرآن العظيم: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ) الآية من سورة آل عمران.

وللأسف فإن الكاتب المذكور ومن يشابهه في تحكيم عقولهم في نصوص الوحي المقدس من القرآن والسنة كثيراً ما تخونهم أفهامهم وعقولهم، ولو أنهم رجعوا إلى أهل العلم فيما أشكل عليهم لما وقعوا فيما وقعوا فيه من تنقص القرآن والسنة ووصفهما بالأوصاف المشينة.

وليعلم أن منهج الأئمة في فهم كلام الله تعالى وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام التسليم المطلق، وأن ينزَّل على أحسن محامله، وأن يجمعوا النصوص الواردة في مسألة محددة ليتضح المراد فيها فكلام الله وكلام رسوله يصدق بعضه بعضاً.

وهذا ما أوضحه الحافظ ابن كثير حين أورد الآية من سورة آل عمران حيث قال: فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد، فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه. ا.هـ.

فقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ " لم يكن مفرغاً من سياقه كما زعم الكاتب المذكور، بل هو مراد ومقصود وله دلالاته المشاهدة في القديم والحديث ، وليس هذا قدحاً في النساء ولا إقلالاً من شأنهن ، بل هو تقرير للواقع الإنساني، فالميل إلى النساء مركوز في الطبع ، وضعه الله تعالى لحكمة بقاء النوع بداعي طلب التناسل؛ إذ المرأة هي موضع التناسل ، فجعل ميل الرجل إليها في الطبع حتى لا يحتاج بقاء النوع إلى تكلف ربما تعقبه سآمة.

وفي الحين نفسه قررت الشريعة أن من الرجال من يتجاوز حدود الله فينتهك حرمة النساء فيظلمهن ويظلم نفسه ، كما لا يخلو منه زمان ومكان ، ولذلك جاء هذا الحديث وما في معناه ليوجد ضوابط تنظم العلاقة بين الرجال والنساء، من أجل أن تقف النفوس عند الحد السليم من تعاطي هذه «الشهوات» المحببة إلى النفوس بين ال***ين، وهو الحد الباني للنفس وللحياة ، وليس حد الكبت والحرمان.

وفي هذه التنبيهات القرآنية والنبوية _ كما لا يخفى _ حماية للمرأة من ظلم الرجل واندفاعه غير المحسوب نحوها. وحماية لكيان المجتمع بأسره.

ونلحظ في التعبير القرآني الوصف بأنها "شهوات" وفي التعبير النبوي "فتنة" فهي شهوات مستحبة مستلذة إنسانياً؛ وليست مستقذرة ولا كريهة. ولكنها تكون مهلكة إن تم فيها تجاوز المباح، والتعبير لا يدعو إلى استقذارها وكراهيتها؛ إنما يدعو فقط إلى معرفة طبيعتها وبواعثها ، ووضعها في مكانها لا تتعداه.

ويا سبحان الله! كيف يصف الأخ يحيى الوحي الرباني لنبينا عليه الصلاة والسلام الذي فيه تنظيم العلاقة بين الرجال والنساء، وفيه أيضاً حماية المرأة بأنه "متوحش"!! وهو عليه الصلاة والسلام الذي أخبرنا عن قول الحق سبحانه: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) [سورة البقرة:187] وقوله تعالى في آية ثانية: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21].

ويا سبحان الله! كيف يجترئ الأخ يحيى على تلك الأوصاف لأرحم الخلق بالخلق... ألم يسمع اللطف والحنو النبوي على النساء في مناسبات متعددة، وقد حثَّ على حمايتهن واللطف بهن في أعظم مشاهد البشرية وتاريخها، هناك في حجة الوداع حيث قال عليه الصلاة والسلام: " اسْتَوْصُوا بالنساء خيراً " رواه الشيخان.

وبهذا فإني أدعو الأخ الكاتب لمراجعة منهجيته في التعامل مع نصوص السنة المشرفة، وأن يرجع عن هذا الخطأ الفاحش، وإذا أشكل عليه شيء فليراجع المتخصصين ولا يتكل على فهمه وعقله ، فالسنة قسيمة القرآن، ومن أساء إليها فقد أساء إلى من أوحيت إليه، واعترض على من أوحاها. وحسبك بهذا زيغاً وضلالاً.

والواجب علينا جميعاً تعظيم السنة ونصوصها، والحذر من تقديم آرائنا في الاعتراض عليها أو تحييدها، فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الحجرات:1].
وقال سبحانه: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر:7] .
وقال جلَّ وعلا: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور:51].
وقال سبحانه: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63].

قال الإمام أحمد رحمه الله: أتدري ما الفتنة؟! الفتنة: الشرك. لعله إذا رَدَّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.

ويبقى في الخاتمة عتب كبير على هيئة الصحفيين بالمملكة أنها لم تنكر هذه المقولة على قائلها، وبخاصة أن الهيئة يقوم عليها اثنان من كبار الصحفيين وعندهما من الغيرة على القرآن والسنة ومن الرشد وطول الخبرة ما يكفل ذلك ، إذ المنتظر أن يكون لهيئة الصحفيين دورها في رد الأطروحات المسيئة للشريعة الإسلامية أو للقرآن والسنة أو المسيئة للوطن أو لعموم ثوابتنا وقضايانا الكبرى، بحكم الاختصاص، لأن المتحدث بتلك الأغلوطات منتسب للصحفيين، ونحن ندرك أن الصحافة والصحفيين في المملكة براء من أن ينشز من بينهم شيء من تلك الإساءات لنبي الهدى عليه الصلاة والسلام أو لسنته. بل إننا لننتظر من زملائنا الصحفيين كافة أن يكونوا عوناً لنا في التعريف بنبي الهدى ونصرته والدفاع عنه وعن سُنته عليه الصلاة والسلام.

وبعد فقد حررت ما تقدم براءةً للذمة وغيرةً على الجناب النبوي الكريم وعلى السنة المطهرة أن تحكَّم فيها الأهواء أو أن توصف بسوء، والله حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.


__________________
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15-01-2014, 04:24 PM
الصورة الرمزية mhz2000
mhz2000 mhz2000 غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 180
معدل تقييم المستوى: 15
mhz2000 is on a distinguished road
Icon114 جزاك الله خيرااااااااااا

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16-01-2014, 08:58 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mhz2000 مشاهدة المشاركة
شكراً
بارك الله فيك

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
النبوة, دلائل, سيرة النبى, هدى المصطفى


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:46 PM.