اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > مصر بين الماضى و الحاضر

مصر بين الماضى و الحاضر قسم يختص بالحضارة و التاريخ المصرى و الاسلامى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-02-2013, 02:16 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New التراث الاسلامي في مجال الفكر التربوي


المنهجية القرآنية تغوص في أعماق النفس الإنسانية لتزيل الجهالات التي تعوق الإنسان عن معرفتها فطرة سليمة يمكن أن تعلق بها أوضار الخرافة والوراثة والتقليد والبيئة أحيانًا، فتكون حينئذ بأمس الحاجة إلى القوة المعينة والإشراقة الهادية لتتخلص من تلك الأوضار فتسلم بصيرتها وذكاؤها وتمتلئ بأحاسيس وإلهامات التوحيد القرآني عقيدة تسع الوجود الإنساني كله.
ومنهج المعرفة يسمو به القرآن أن يكون مجرد علم أو اطلاع، ولكن نواميس الكون طوع الإنسان بالتسخير الطبيعي وبسيادته على أسرار الخلق والإبداع، ويستوي في ذلك التأمل الفكري المحض وإخضاع الكائنات إلى تجربة الإنسان والإفادة منها إلى أقصى حدودها، وهي معرفة مستطاعة لكل مستويات العقل والإفهام، وبخاصة حين تبلغ الإنسانية رشدها وإشادتها بالعلم مقومًا هامًّا في بناء الحضارة، ومن العجيب أن يغلب القرآن الكريم مفهوم العلمية إلى المنهج الواقعي في عالم الحس ويثمر منهجه حضارة علمية عبقرية خاضعة إلى منشئ القوانين الطبيعية وخالق النواميس الكونية، وفي تحرير العقل وثورته على المعبودات والتقاليد ودفعه إلى التأمل والتفكير، وربط العقل بالحس والتجربة، وآيات الكون ومصائر الأمم، وحقه في الاجتهاد، ما يعطي النفس الإنسانية أبعادًا تربوية بناءة.
والمناخ التربوي الذي أشاعه القرآن الكريم يقوم على العبادة وثمراتها في الخلق والسلوك، فمفهوم الحق والإيمان والثبات تؤصل التربية وتعمق جذورها في الفرد والأسرة والمجتمع والإنسانية، وتوسع قيم العبادة لتجعل منها علاجًا لانحرافات طارئة، وإنارة للحياة، ويقظة فكرية وعاطفية مستمرة، وتطورًا متعاظمًا نحو الأفضل، وتربية على القوة والعزة، وتحررًا من عبودية الأشياء والشهوات وتربية فردية وجماعية، مادية وروحية وعقلية متوازنة.
لقد زخرت حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالمثل القرآنية الحية التي تتجسد في حياته الشريفة وفي توجيهاته التربوية المتعددة الألوان والمعالم، ولا يغيب عن ذهن المثقف حثه على العلم وتفضيله، ووصاياه القولية وسننه العملية في فداء أسرى بدر بتعليم الأسير عشرة من أبناء الصحابة القراءة والكتابة، وأمره زيد بن ثابت تعلم السريانية وغيرها، وإيفاده البعثات التعليمية والوفود التربوية مثل قيس بن عاصم، والزبرقان بن بدر، وبن نويرة، وسعيد بن العاص، ومعاذ بن جبل... إلخ.
وتبعًا لذلك قال الشافعي: بعث في دهر واحد اثنا عشر رسولاً إلى اثني عشر ملكًا يدعوهم إلى الإسلام، وقد تحرّى فيهم ما تحرى في أمرائه من أن يكونوا معروفين، أضف إلى ذلك تنوع الأسلوب النبوي التربوي في القول الذي يشمل الحكمة القصيرة، والحوار الحيوي، والتمثيل المادي، والقصص الهادف، وفى الوسائل الحسية من رسوم وخطوط لإيضاح الأمور، وخط الرسول صلى الله عليه وسلم في الرمل يمثل الأمل والأجل، وقريب منه استعمال يديه بالتشبيك وأنامله بالتقارب والتدوير في مواقف عديدة.
فقد تنوعت وسائل النبوة في مخاطبة الناس على قدر عقولهم، وأخذهم باللين والتدرج، وعدم الغضب إلا في موضعه المناسب، وصبره على إيذاء الآخرين بالقول والعمل، وإقناع الآخرين بالمنطق والواقع، واهتماماته الخاصة بالصبية والفتيان والشباب، والإفادة من المناسبات والوقائع والحوادث، وسبقه إلى العمل وحماسته له، وتميز شخصيته عن الآخرين بالفضائل الإنسانية والخبرات الشخصية، كل ذلك وغيره يشد المسلمين إليه ويحببهم بأحواله، ويصنع منهم خير أمة أخرجت للناس.
طابع التربية الإسلامية
تأثرت التربية في الحضارة الإسلامية بالتقاليد والمبادئ الإسلامية تأثرًا واضحًا، فالدولة الإسلامية ظلت محتفظة بطابعها الديني حتى عندما خرجت عن حدود الجزيرة العربية، وقد نتج عن هذا التأثر فقدان الاختلاف في نظم التربية في الأمصار الإسلامية، مما ساعد على تماسك الإمبراطورية الإسلامية سياسيًّا وعقليًّا زمنًا طويلاً، ثُمّ استمرار الوحدة الروحية والعقلية بعد ذلك، وساند ذلك نمو حركة النشاط العقلي حين أصبحت اللغة العربية لغة الثقافة والتخاطب، وأيضًا انتفاع المسلمين بالنقل والترجمة.
وحين تطور المجتمع بعد ذلك تأثرت التربية بهذا التطور، الذي تمثل في اتساع الأفق الفكري، ووفرة المحصول العلمي، واختلاف المذاهب والآراء، وما نجم عن البذخ والثراء من إغراق في الملذات، واضطراب الحياة الاجتماعية واتساع المناهج، وتعدد المذاهب الفلسفية والدينية.
ويمكن تلخيص الطابع العام للتربية الإسلامية في أنّ عنايتها تجلت في نزعتها المثالية في تقديم العلم والحث على طلبه، وفي الاهتمام بالفضائل الخلقية، ثم في مرونتها في طرق التحصيل، واصطباغها بروح الديمقراطية التي قضت على الفروق بين الشعوب والأجناس والطبقات في مجال التعليم والدين، وإعطاء الأفراد فرصًا متساوية في التحصيل لما تكتمل في كثير من الأمم الحديثة.
أغراض التربية
اشتملت التربية الإسلامية على عديد من الأغراض تلخصها عبارة النحوي في «جامع بيان العلم» حين يقول: «اطلب العلم، فإنّه عون في الدين، ومذك للقريحة، وصاحب لدى المحنة، ومقيد للمجالس، وجالب للمال»، فأوّل هذه الأغراض هو الغرض الديني، فمنذ أن نزل القرآن الكريم، وهو مرجع المسلمين في أمور العبادة والتشريع والحياة الاجتماعية، بشتى مظاهرها، وإليه يعود الفضل في انتشار القراءة والكتابة، وتأسيس المدارس، ونشأة العلوم المختلفة لخدمته وتفسيره وفهمه.
على أن الطابع العام للتربية عند المسلمين لم يكن دينيًّا محضًا، كما كان عند الإسرائيليين في الصدر الأول من تاريخهم، ولم يكن دنيويًّا محضًا كما هو الشأن عند الرومان مثلاً، وإنّما كان يلائم الدين والدنيا، فكانت التربية تهدف إلى إعداد النشء للحياة وللآخرة معًا في إطار الآية الكريمة {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]، كما يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «ليس خيركم من ترك الدنيا للآخرة، ولا الآخرة للدنيا، ولكن خيركم من أخذ من هذه وهذه».
وقد هدفت التربية بجانب الدين والأخلاق إلى معان اجتماعية عبرت عنها مأثوراتهم، قال مصعب بن الزبير لابنه: «تعلم العلم فإن يكن لك مال كان لك جمالاً، وإن لم يكن لك مال كان لك مالاً»، ويقول عبد الملك بن مروان لبنيه: «يا بَنيّ تعلموا العلم فإن كنتم سادة فقتم، وإن كنتم وسطًا سدتم، وإن كنتم سوقة عشتم»، ونجد أنّه حينما بدأ العلماء يكثرون ويتميزون في علومهم تبعًا لنمو الحركة العلمية، وازدهارها ظهرت طبقة جديدة في المجتمع هي طبقة العلماء التي نالت مكانة رفيعة عند الخلفاء والأمراء، مما دعا الناس إلى الإقبال على التعلم لينالوا هذه الحظوة.
يقول الإمام الغزالي في الإحياء: «إذا نظرت إلى العلم رأيته لذيذًا في نفسه فيكون مطلوبًا لذاته، ووجدته وسيلة إلى الدار الآخرة وسعادتها، وذريعة إلى القرب من الله تعالى، ولا يتوصل إليه إلا به، وأعظم الأشياء رتبة في حق الآدمي السعادة الأبدية، وأفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها، ولن يتوصل إليها إلا بالعلم والعمل، فأصل السعادة في الدنيا والآخرة هو العلم، فهو إذن أفضل الأعمال».
ولقد وهب كثير من العلماء حياتهم للعلم تحصيلاً وتدوينًا لا لشيء سوى الإيمان بتحصيل العلم واستشعار اللذة في تدوينه، كما عبر عن ذلك بقولهم «كفى بلذة العلم والفقه والفهم داعيًا وباعثًا للعامل على تحصيله»، وقول بعضهم: «من تعلم علمًا للاحتراف لم يأت عالمًا، وإنما جاء شبيهًا بالعلماء»، ومن أجل ذلك كان احتمالهم للمشقات وارتحالهم في طلب العلم ليطفئوا ظمأهم إلى المعرفة.
ولم يكن مبدأ أخذ أجر موضع نقاش بين علماء المسلمين، فكان من زيادة التدين أن ظهر التحرج من الأجر في العلوم الدينية المباشرة كتحفيظ القرآن، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يفدي بعض الأسرى نظير قيامهم بتعليم بعض أطفال المسلمين القراءة والكتابة، مما يوضح أنّ المبدأ صحيح في ذاته.
هذا وقد كانت وظائف القضاء والتعليم غايات سعى إليها كثير من الناس وأعدوا أنفسهم لها، وكان ابن سينا من أنصار الغرض الكسبي في التربية: «إذا فرغ الصبي من تعليم القرآن وحفظ أصول اللغة، انظر عند ذلك إلى ما يُراد أن تكون صناعته، فوجهه لطريقه، بعد أن يعلم مدبر الصبي أن ليس كل صناعة يروحها الصبي ممكنة له مواتية، لكن ما شاكل طبعه وناسبه».
ظهور المؤلفات التربوية
ويظهر أن أقدم مؤلف تربوي للإمام أبي حنيفة النعمان (80 - 150هـ) «العالم والمتعلم»، وقد اتّخذ هذا الكتاب أسلوب الحوار والمناقشة بين المعلم وبين الطالب في قضايا الدين عقيدة وفقهًا، وكان لشخصية الجاحظ أبي عثمان (163هـ/255م) تلك الشخصية الموسوعية جانب تربوي يتندر فيه على فئة من المعلمين الذين ليسوا أهلاً للقيام بأعباء تلك المسئولية، والمعوقات الأدبية والاجتماعية والفنية التي تقف حائلاً بين المعلم ونجاحاته التربوية، وقد جمع ذلك في كتابه «المعلمين»، وبعد الجاحظ بقليل يبرز فقيه محدث هو أبو بكر بن عمر البلخي (280هـ) وينحو في مؤلفه «العالم والمتعلم» منحى الموضوعات في العقيدة والفقه والأدب، من غير أن يعرض إلى آداب العالم والمتعلم.
أما الخطيب البغدادي (392- 462هـ)، الحافظ والمؤرخ صاحب الفكر المنظم والإنتاج المتنوع، فله في المجال التربوي كتابان «الفقيه والمتفقه» في اثني عشر مجلدًا جمعها وعلق عليها، وكان لابن عبد البر (368 - 463هـ) وهو الفقيه الباحث والأديب الأريب مؤلف مهم احتفل به العلماء من بعد، وهو «جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله»، أما حجة الإسلام الإمام الغزالي (450- 505 هـ) الفيلسوف والمتكلم والصوفي، فمن أهم مؤلفاته التربوية كتابه «أيها الولد» وكثير من الرسائل التربوية الأخرى، فضلاً عن جوانب تعليمية وتربوية في مؤلفاته الصوفية والكلامية الكثيرة، مثل ميزان العمل، ومعيار العلم، وبقية رسائله الصوفية الكبيرة والصغيرة.
ثم تعاقب أعلام في التربية كان لهم دورهم في تركيز المفاهيم التربوية وتفصيلها، فقد أخذ السمعاني (506 - 562هـ) وهو المؤرخ والحافظ وصاحب كتاب «الأنساب» المشهور جانبًا تربويًّا في بيان أهمية الكتابة، وتصنيف العلوم وآداب المملي والمستملي، وكتابه «أدب الإملاء والاستملاء»، كما اهتم الإمام والمحدث النووي بآداب العلم والعالم والمتعلم، وعلى الرغم من غلبة الفقه والحديث وعلم الرجال على تآليفه، فقد شغل أكثر من أربعين صفحة مقدمة للكتابة، اعتمد عليها كثير من العلماء الذين اشتغلوا بالعلم والتربية فيما بعد.
وكان عبدالله بن محمد البلخي (611 - 698هـ) في كتابه «العالم والمتعلم» على نسق الرسائل والكتب التربوية السابقة، ثم توالى العلماء المسلمون المهتمون بالجوانب التربوية، إضافة إلى النواحي العلمية والأكاديمية في كتبهم ومؤلفاتهم، وعلى رأس هؤلاء ابن حجر الفقيه والباحث شيخ الإسلام في مصر، خاصة في رسالته «تحرير المقال في تربية الأطفال»، وبدر الدين الغزي (904 - 984هـ) الدمشقي، خاصة في مؤلفه «الدر النضيد في أدب المفيد والمستفيد»، وهو من أوعب المؤلفات التربوية في التراث، وقد اختصره عبد الباسط بن موسى بن محمد العلموي (981هـ) في مؤلف سماه «المعيد في أدب المفيد والمستفيد».
وفي القرن العاشر الهجري قدم طاش كبرى زاده، المؤرخ والعالم، رسالة جامعة في وصف العلوم النافعة، ومفتاح السعادة، ونوادر الأخبار في مناقب الأخيار، وغيرها، أما ابن خلدون فإن الظواهر التربوية احتلت مكانًا مهمًّا في كتابه الشهير«المقدمة»، فهو لم يهمل الكلام عن ضروراتها وأسسها ومشكلاتها، بل أكد على أنّ العلم والتعليم من ضرورات العمران البشري ووجودها فيه أمر طبيعي، وأنّ تعلم العلم صناعة تختلف طرق المعلمين فيها باختلاف زمنهم وبلادهم.
والظاهر أنّ تأكيده على أن تربية الأطفال والكبار في الأمصار الإسلامية خلال عصره تختلف باختلاف كل مصر منها، يجعل من هذه الظواهر التربوية، أعرافًا تتخذ بشكل أنظمة قائمة ومحددة بذاتها، ولعل هذا التأكيد جاء نتيجة لمشاهداته في البلدان التي عرفها وعاش فيها، كما استعان في كل ما كتب عن النواحي التربوية بضرب أمثلة حية ملموسة عن واقعها مما لا يجعل لآرائه أن تتخذ أسلوب نظرية مبنية على الخيال، بل نتيجة سعيه وتجاربه، وهي على وجه العموم سليمة ومعقولة وخصوصًا فيما يتعلق بالربط الذي أحكمه بين التربية والحضارة، فهذا يدل على شدة ملاحظاته وعمق تفكيره.
تنوعت وسائل النبوة في مخاطبة الناس على قدر عقولهم، وهكذا نظر مفكرو الإسلام إلى التربية.

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:58 PM.