يقول جون ستيورت ميل عن المنطق وطرائق الاستدلال _فالعقل البشرى يستريح لتسكين الناس فى أقل عدد ممكن من الخانات المعروفة سلفا ويقاوم بشكل فطرى محاولة ابتكار خانات جديدة، وهى وفقا لتعبيره «عقلية الطفل» الذى ينظر للناس إما كأصدقاء يبتسم لهم أو أعداء يبكى حين يراهم، ويذهب جون ستيورت ميل للاعتقاد بأن جميع مناهج المعرفة الإنسانية المنظمة (العلم والفلسفة تحديدا) كانت تهدف لأن تضيف للخانتين الأولى والثانية الخانات الثالثة والرابعة... إلخ، ومن هنا كان يرى أن هناك فروعا من العلم لابد أن يدرسها كل الطلاب فى كل التخصصات، وعلى رأسها «المنطق» لأنه يساعدنا على حسن الاستنتاج، بغض النظر عن نوعية المعلومات التى نمتلكها أو كما يقول الجرجانى: المنطق هو العاصم من الخطأ فى التفكير.
نحن بحاجة لثورة فى منهج التفكير ، فمشاكل المجتمعات المعاصرة ليست بسيطة أو فطرية، وإنما هى شديدة التعقيد بما يتطلب تفكيرا جدليا مركبا يأخذ فى الاعتبار أسئلة من قبيل: من نحن؟ وماذا نملك ولا يملكه غيرنا؟ وما الذى يملكه غيرنا ولا نملكه؟ وما هى تكلفة الفرصة البديلة إن تبنينا ما يملكه غيرنا؟ هل يمكن الجمع بينهما؟ مثلا هل يمكن أن نحترم ادعاء الحكم بشرع الله دون احترام شرعية الشعب بما قد يفضى إليه هذا من دولة ثيوقراطية؟ هل يمكن أن نحترم شرعية الناس دونما اعتبار لشرع الله بما قد يفضى إلى دولة علمانية؟ هل من الممكن الجمع بينهما كى نقدم نموذجا يحترم ثوابت الشرع ويلبى شرعية الشعب؟، أعتقد أن البديل الأخير هو الأقرب إلى الشرع الشريف ومن الصالح العام.