|
الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
المهمة الغامضة
ماذا تريد منا الطبيعة ؟
هل كل واحد منا جاء إلي هذه الدنيا بمهمة ..وتكليف ..ورسالة ..عليه ان يؤديها . هل الميلاد والنزول على هذه الأرض .كان له سبب وغاية .. فى بريى كل يوم أسئلة حائرة من هذا اللون .. لماذا خلقنا .. لماذا جئنا الى هذه الدنيا .. ماذا يريد بنا ا نفعل ... هل كان لوجودنا حكمة وسبب وغاية ..أم اننا ُخلقنا لنموت والمسألة كلها عبث وسخف كما نقرأ فى كتب فلاسفة العبث وكما نرى فى مسرح اللا معقول ؟.. وها دورنا فقط أن نواجه هذا السخف وبطولتنا أن نتمرد عليه ونتحداه كما يقول كامو ..بطولتنا أن نعقل جراحنا ونصرخ ..سنعيش بالرغم من العذاب وبرغم الالم ...ونصنع لأنفسنا وهما وحلما..... وهل تكون الحياة التى نبنيها وهم ؟ سؤال خطير وكبير ... والأجابة القاطعة عليه تحتاج الى الإحاطة الكاملة بعملية الحياة والإحاطة بالزمن كله ..وما فيه من مبدئه فى الماضى السحيق إلى منتهاه فى المستقبل ..وفى الآخرة بعد عمر طويل .. لكى تعرف لماذا قامت الحرب ..وما دورها ..لابد ان يكون لديك علم كامل بما يجرى قبل هذه الحرب ..وما جى أثنائها ..وماجرى بعدها ..أما إذا كنت جنديا بسيطا فى الكتيبة تتلقى امرا وتنفذه ثم تموت فلا تكون حياتك أكثر من لحظة فى هذه الحرب ..ولن تستشرف من مكانك رؤية تعرف منها القصة كلها بخباياها واسرارها. إن العلم عند القائد ..عند الخالق الذى بعث بك الى الصفوف الأولى ..وزودك بذخيرة العمر المحدودة من ستين طلقة هى ستين سنة هى كل عمرك ... الخطة كلها فى رأسه ..أنت بند واحد فى الخطة أنت ورقة فى الدوسيه ... سطر .. كلمة .. حرف ..فى كتاب رائع لانهائى اسمه الدنيا . ولن يستطيع الحرف أن يدرك الغاية من وجوده إلا إذا ادرك الدور الذى يقون به فى السطر الذى يشترك فى حروفه....وإلا أدرك المعنى الذى يدل عليه السطر فى داخل المقال ..والمقال داخل الكتاب .. لابد من أن يكون عمرك هو عمر الأبد لتحضر رواية الحياة بكل فصولها وتعرف الحكاية .. أما انت وحالك حال ممثل فى مسلسلة إذاعية يطلق عليه الرصاص فى الحلقة الأولى ويموت ..فان طلبه معرفة معنى حياته ...يكون طلبا يتجاوز فيه حدوده..ويطلب المستحيل ..الجواب اليقين فى هذا السؤال إذن غير ممكن . وكل ما نستطيع أن نفعله هو أن نحدس . ونخمن ونشطح بذهننا .. وأنا احاول دائما أن أقرأ الإجابة ...لامن كتاب ..ولا من نظرية ..ولا من عقيدة . ولكنى احاول ان أقرأ الإجابة من التاريخ نفسه ....من حكاية حكاية التطور ....من أستقراء الطبيعة مباشرة . أنا أحاول دائما أن أفهم ماذا تريد الحياة بنباتاتها وحيوياناتها وماذا فعلت بهذه المخلوقات على مر العصور ..... الحياة لها حكاية ... لقد بدأت بسيطة على شكل ميكروب ...خلية وحدها بكل الوظائف ....تتنفس وتتغدى وتنمو وتتحرك بدون أجهزة متخصصة ... ثم انقسمت الخلية إلى خليتين ..وكل خلية إلى خلية خليتين وخرجت من الخلية الواحدة اعداد لاحصر لها من الخلايا ... ثم بدأت هذه الخلايا تتجمع فى قبائل وقطعان تتحرك معا وتتعايش معا ...ثم تلاصقت هذه الأعداد ...لتؤلف مخلوقات مركبة عديدة الخلايا ذات أجهزة متخصصة ..أقسام من الخلاياها للتنفس ...واقسام للتغذى ..وأقسام للحركة ...وأقسام للإفراز ..ونشأ النبات والحيوان المتطور... بمضى الأجيال والأحقاب الطويلة ..نشأت فصائل من النبات والحيوان ..كل منها تكيفت مع بيئتها ....نباتان الصبار فى الصحارى واتخذت لنفسها أوراقا وسيقانا لتخرين الماء ..... والحيوانات المائية اتخذت لها زعانف لتسبح ....والحيوانات البرية اتخذت لها أرجلا لتمشى ....والحيوانات الجوية أتخذت لها أجنحة لتطير . ولن يستطيع الحرف أن يدرك الغاية من وجوده إلا إذا ادرك الدور الذى يقون به فى السطر الذى يشترك فى حروفه....وإلا أدرك المعنى الذى يدل عليه السطر فى داخل المقال ..والمقال داخل الكتاب .. لابد من أن يكون عمرك هو عمر الأبد لتحضر رواية الحياة بكل فصولها وتعرف الحكاية .. أما انت وحالك حال ممثل فى مسلسلة إذاعية يطلق عليه الرصاص فى الحلقة الأولى ويموت ..فان طلبه معرفة معنى حياته ...يكون طلبا يتجاوز فيه حدوده..ويطلب المستحيل ..الجواب اليقين فى هذا السؤال إذن غير ممكن . وكل ما نستطيع أن نفعله هو أن نحدس . ونخمن ونشطح بذهننا .. مرحلة بعد مرحلة ....انتقلت الحياة من الوحدة الى التعدد ومن البساطة إلى التركيب ..ثم مزيد من التركيب ..وهو تركيب له غاية واضحة ...هو سيادة الحيوان على بيئته ..وسيطرته على ظروفه ..الأجنحة أعطت الطائر القدرة على ركوب الجو والزعنف منحت الاسماك القدرة على ركوب البحر .....والأرجل منحت الدواب القدرة على الدبيب على البر .... وحينما ظهر الانسان استطاع عن طريق عقله أن يقفز قفزة واسعة ..فهو لم ينتظر مليون سنة لتنمو له اجنحة يطير بها وزعانف يسبح بها ..وإنما اخترع الأدوات ..اخترع العربة والباخرة والطائرة والغواصة والصاروخ ....وهى أعضاء جديدة حديدية أضافها إلى بنيانه وانطلق يغزو بها الكون ...ولكنه مازال يجرى فى نفس الخط الذى كان يسير فيه الميكروب .....من الوحدة إلى التعدد"من الفرد إلى المجتمع "ومن البساطة إلى التركيب ..ومن التركيب إلى مزيد من النركيب "الأختراعات والقوى الآلية التى تزداد تركيبا وتعقيدا يوما بعد يوما ... وبالحياة المدنية التى يعشها والتى يتعقد فيها كل شىء بشكل مطرد ...من الكساء إلى الغذاء إلى الدواء إلى المعاملات التنظيمات إلخ ...إلخ ...." ومرة أخرى كان هذا التعقيد يهدف إلى السيطرة على البيئة والسيادة على الظروف ...إلى ركوب الطبيعة واستغلالها وقيادتها بدلا من الخضوع للطبيعة والانفياد لها والتقيد بأغلالها ....كان يهدف إلى القوة والقدرة والمعرفة والوعى والحرية ويكافح فى سبيل الأستمرار والبقاء وهزيمة الموت ...وفى سبيل أن يكون الإنسان هو السيد ...هو القدر . ونحن حينما نبنى سدا عاليا ننظم به ماء النيل ..نحن نسير فى خط التطور ....وفق الغايات العليا المكتوبة فة سفر الحياة ...وهى أن نسود الطبيعة وننظمها ونستغلعا .ونخط قدرنا و قسمتنا بأنفسنا.... الحياة إذن فيها غاية ...... وهى برغم الموت.....وبرغم الألم والمرض والشيخوخة والشر والعبث ..وبرغم مل هذا تبدو متماسكة متصلة الحلقات منطلقة إلى غايتها مكرسة فيها الزمن كله والخلية كلها جيلا بعد جيل . هناك مهمة ورسالة وتكليف ..كل منا ينزل إلى الأرض وفى عنقه هذا التكليف ...أن يضيف طوبة جديدة إلى القلعة الحصينة التى بنتها الحياة لتحصن فيها وتقود منها التاريخ وتسوس الكون والطبيعة لصالحها .......ونحن مزودون من أجل هذه المهمة بالعقل والأرادة والأصرار مزودون بتراث من العلوم والمعارف والخبرات . نحن الوارثون لكل هذه المعارف لكى نضيف إليها ...ويضيف الذين يأتون فى سعى متصل ....لايعنى فيه الموت شيئا ....ولايؤدى إلى انقطاع ..وكأنما الإنسانية كلها ...والحياة كلها مخلوق واحد . حتى الجماد كلن له سفر التطور شأن مماثل ..فقد خضع لنفس الناموس...فمن ذرة النيتروجين البسيطة المؤلفة من ألكترون واحد وبروتون واحد ....من هذه الواحدات الأولية وبدخولها فى علاقات ....نشأت ذرات أكثر تركيبا ...وأكثر تعقيدا مرة أخرى ....أنتقال من البساطة إلى التركيب ومن الوحدة إلى التعدد حتى نصل إلى ذرة اليورانيوم وهى زرة ثقيلة نشطة ترسل إشعاعا ... ومن ذرة الكربون القلقة المتعطشة إلى الأتحاد بالذرات الأخرى نشأت سلاسل المواد الهيدروكربونية وهى مواد أكثر تركيبا وأكثر تعقيدا , حتى نصل إلى جزئ البروتين الحى فنصل إلى أكثر الواحدات المادية وتركيبا وثقلا... هناك نظرية فلكية تقول: إن كل شئ نشأ من النور من هذه المادة اللطيفة مفرطة فى البساطة ...هذا الأشعاع المؤلف من فتافيت مادية مفرطة فى الصغر اسمها الفوتونات ...هذه الواحدات التى هى اصغر وحدات الكون وأسرعها حركة وأبسطها تكوينا فتافيت اشعة جاما..وبيتاوالأشعة الكونية ...هذه الوحدات التفت فى فضاء الكون الشاسع فى مكان ا ونشأت منها تواليف هى التى انتجت فيما بعد الألكترون والبرتون تكونت ذرة الايدروجين ...ثم سائر الذرات ...إلخ ...من البساطة إلى التركيب . هناك خط سير إذن . الحياة ليست خبط عشوائى ولا مصادفات ولا عبث ... والكون ليس حركة بلا وجهة . المادة تتطور فى خط سير واضح من الوحدة إلى التعدد ...ومن البساطة إلى التركيب ...ومن العجز إلى القدرة ...ومن العماء إلى الرؤية ..ومن العبودية الغريزة إلى تحرر العقل ومن الخضوع للطبيعة إلى السيادة على الطبيعة ...وإخضاع الطبيعة .ومن الظلام إلى النور ومن الجهل إلى المعرفة . وقد يعود السائل فيسأل مرة أخرى . ولماذا تكون هناك حياة من الأصل ,ولماذا يكون هناك أى أتجاه إلى السيادة على الطبيعة . ألا يكفى أن تكون هناك طبيعة ..ماالداعى لأن تعى الطبيعة نفسها ..وتقودنفسها بنفسها. واجواب أنها بهذا تحقق الحرية . بالمعرفة والوعى والقوة والسيادة ويكشف الإنسان نفسه و ويمتلك كنوز عقله ..ويسيطر على الطبيعة حوله ويحقق حريته ووجوده ويعرف نفسه ويعرف ربه ويبلغ السعادة ...والسعادة لاتبحث لنفسها عن سبب ...فهى دائما غاية ذاتها . ويعود السائل فيقول إن هذا الكلام يفسر لنا التطور والتاريخ وأتجاه الطبيعة فى سيرها ..ولكنه لايفسر وجودها لماذا وجدت من الأصل .... لماذا يكون هناك امتلاء ولا يكون هناك خلاء لماذا وجود لا عدم؟ والعقاد رحمه الله له رد على هذه المعضلة ...فهو يقول بأسلوبه المنطقى ..إن العدم معدوم فلا وجه للقول بوجوه أو مناقشة وجوده؟ ومادام العدم معدوما فالوجود امتلاء صرف لانهاية له ولا آخر ولا حدود...لأن الوجود لا يمكن أن يحده سوى العدم والعدم معدوم....... فالوجود إذن لا مبدأ له ولا منتهى ..ولايصح السؤال عن متى الخلق ...ولم خلق ...فهو أبدى من الزمان ...ولم يكن معدوما ليقال ...متى خلق ...وهى حجج منطقية ترضى العقل ...ولكنها لاتشبع الشعور الذى يعانى الموت ....ويحس بدبييب العدم فى زحف الشيخوخة على الأوصال ... إن السؤال يفرض نفسه برغم لا معقوليته ويلح على الحواس . ....ولم كان كل هذا.... وما الحكاية....وما القصة...... ولم بدأت ....مادام مصيرها أن تنتهى ... هناك سر ..... هناك ثغرة ...فى هذا البناء المنطقى الذى بنته لنا الفلسفة .... إن هناك حجج الفلسفة تنهار أمام ضربات الموت وكأنها خيوط عنكبوت ...وكأنها كلام ...مجرد كلام ...لا يشفى ولا يشبع ولا يزن شيئا أمام واقع مر أليم شاخص أمام الحواس هذا البناء المتهاوى من المنطق لا يمسك نفسه ...وهو يكشف عن قصوره ..... وأنا اعتقد أن هناك أسرار لا سر واحد ...وأن علمنالا يغطى كل شئ...وأن عمرنا المحدود لا يمكن أن يعطى إلا لمحة محدودة من الحقيقة ...وإنما جنود الكتيبة التى اسمها "القرن العشرين "موفدون فى مهمة محددة تنتهى بنهاية عمرنا....... ولا يمكن أن نعرف خبايا الخطة كلها....فالخطة فى رأس القائد ....الخالق ...نحن مجرد بند فى الخطة ..ورقة فى الدوسية ...حرف .......ولا يمكن لنا أن نحيط بالحقيقة ... .. الحقيقح لاتدركها إلا عين تنظر من ربوة الأبدية على الزمن كله .... كل ماأستطيع معرفته هو أن هذه الحياة ليست عبثا ولا سخفا ...وإنما هى نظام محكم له غايات ...وأننا نسير كالجيش ..لنا المسيرة ...ولنا مخطط وأنا لا أعرف المٌخطَط كله وإنما اعرف القليل جدا .... ولكن على مرور الزمن اللانهائى ...تكشف الحياة طريقها وتزداد معرقتها قليلا بقليل ..فيعرف احفادى مالك أعرفه أنا ويتصل مجرى العلم الذى لا يبدوا انه ينقطع أبدا بموت أحدا وإنما هو يستمر يحفر طريقه فى الظلمة . ولا يوهن من عزمى أنى موفد فى هذا الطريق فى بعثة غامضة ومهمة غير مفهومة ....فمنتهى شرفى أنى فعلت كل ماأستطيع .... واذا كان كل ماوصلت إليه أن هدف هذه الرحلة هو التكامل تكامل القوة ...وتكامل الحس ....وتكامل السمع .....وتكامل البصر ...وتكامل العقل ...وصولا بذلك إلى معرفة الأنسان لنفسه وأدراكه لربه ومن ثم عبادته ...فإن جلال هذه الأهداف وعظمة هذه الغايات هى مبرر كاف لمشقة الطريق .... وهل بعد الله هدف.....؟ وهل بعد الله سؤال.....؟
__________________
آخر تعديل بواسطة Sharp ، 24-08-2009 الساعة 05:58 PM |
العلامات المرجعية |
|
|