اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > إبداعات و نقاشات هادفة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-02-2009, 07:05 PM
الصورة الرمزية Tomorrow's Doctor
Tomorrow's Doctor Tomorrow's Doctor غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 13
معدل تقييم المستوى: 0
Tomorrow's Doctor is on a distinguished road
Icon2 بين الفرشاةِ والألوان



وقفت ريشة الرسم حائرة ،، تقلب بصرها بين الألوان المائية المتألقة فى العلب من حولها ..
لا تدرى بأيها تبدأ الرسم على لوحتها البيضاء ..

للحظات قصيرة استغرقت فى التفكير

وإذا بالأحمر يقفز بسرعة ويطلى الفرشاة ،،
فتعجب الجميع من جرأته وسرعته ..
فقال بصوته الضحوك :

مالى أرى التعجب يعلو وجوهكم ؟
ألا تعلمون أنى لون الانطلاق والحيوية ؟؟

أنا الجرأة والرشاقة والإثارة ..
فى مرآى تتحمس النفوس ، وتُـشحذ الهمم

ولم يفُـتنى نصيبٌ من الجمال
فالمدح للحسناء التى تخضب وجنتيها حمرة الخجل ..

ابدأى يا فرشاتى .. ولونى لوحتكِ بى ..


وما إن أتم جملته حتى هب اللون البرتقالى ناهضا من مكانه
قفز إلى الفرشاة وانغمس بين شعيراتها كحال الأحمر ليدلى بدلوه هو الآخر قائلا :

من الذى أعطاك الحق لتبدأ أنت ؟؟
أنسيت أننى هنا ؟؟

أنا البرتقالى ... زينة البساتين والحقول
أنا جمال الأزهار ، وبهاء الفراشات
لا تستقيم لوحة الفنان بدونى ،،
فأنا بهجتها وروعتها ونضارتها ..

هذا أنا يا فرشاتى ،، لونى بى كما يحلو لكِ ..


لم يتحمل الأصفر أن يسمع ذلك الشجار
وهو من يرى نفسه صاحب الفضل على جميع الألوان ...

قفز إلى الفرشاة ليلحق بغريميه وصاح بصوتٍ جهورى قائلا :

كيف غفلتما عنى يا رفيقىّ ؟؟
ألست أنا من يمنح الدفء لكل مخلوقات الكون ؟؟

أنا قوة النار ، ودفء الشمس
أنا الطاقة والنشاط ،،
أجواء باردة تشيع فى غيابى ،، تجعل الناس يبحثون عنى ويلهثون ورائى ..

كيف لكم أن تنسوا فضلى ،، وأنا بدفئى من يحافظ على الدماء سائرة فى عروقكم ؟؟
أعيدوا حساباتكم فإنكم تغافلتم عن دورى الذى لا يؤديه سواى ...


لم يتمالك الأخضر أعصابه ،، فهاهو بدأ يستشيط غضبا ..
ولكنه حاول جاهدا أن يحافظ على هدوءه المعتاد ،،
سار بخطى متسارعة نحو الفرشاة وتعلق بإحدى شعيراتها المتدلية وتأرجح بها قائلا فى هدوء مفتعل :

مهلا يا أصدقاء ،، كيف يحدث هذا الخلاف وأنا بينكم ؟؟
أنا من يريح أعصابكم ويُـهدىء نفوسكم ..
أنا خضرة الحقول والأشجار ، أنا لون النخيل والأوراق والثمار ...

أنا الراحة والأمان ، انظروا إلىّ قليلا لتشعروا بصدق ما أقول ...
فدعوا الشجار جانبا ، واتركونى أتسلل بينكم لأغطيكم بهدوئى ،،
ودعوا الفرشاة تلون لوحتها بى ،،
فأنا الأقدر على تنفيذ مهتمها ...

ما رأيكِ يا فرشاتى ؟
ألست مصيبا ؟


تنحنح الأزرق وسار بخطًى واثقة نحو الفرشاة التى تلطخت بالألوان ..
جاء صوته رخيما كما عرفه الجميع ..
وكيف لا ، وهو المعروف بالعقل والثقة ؟

بصوته الرنان قال مقولة الواثق بما يؤمن به :

اخوتى ...
ما الذى استفدتموه من صراخكم العالى ؟ وأصواتكم المختلطة ؟؟
تركتكم تتشاجرون ، فماذا جنيتم ؟؟

اعذرونى ، فأنا الرفيع الذى لن أحط من قدر نفسى وأتشاجر معكم ...
ولست بحاجة إلى الصراخ لبيان حجتى ،،
وكما تعلمون ، فإننى مؤمن أشد الإيمان بأن الصوت العالى دليل على ضعف الموقف ..

لذا لن أخاطبكم أنتم ،، ولن أضع نفسى بمستواكم غير اللائق ..

اسمعينى يا فرشاتى ..
هل رأيتِ أحدا بمثل عقلى ؟؟
أنا البحر الهادر ، والعقل الناضج ...
أنا الفكر الحر ، والهدوء الطبيعى ، والمثالية المطلقة ...

لن تجدى مثلى بين الألوان ،،
فابدأى بى ولا تتخلى عنى ...


بحركات رشيقة وصل اللون السماوى إلى رفاقه ...
وابتسم بعذوبة للفرشاة والألوان المتصارعة ...

بدعة وخفة قال مبتسما :

فرشاتى الحبيبة ،، جميع الألوان لا غنى لنا عنهم ...
ولكن إن قررت البدء بلون ما ، فخذينى أنا ...

أنا لون السماء ،، وأنا الحلم والخيال ...
أنا الإبداع والاستقرار ...

أنا مرام الباحثين عن السعادة والجمال ..
لمستى تزين المكان ، وتضفى على لوحتك رونقا مميزا ..

لن أزعجكِ بالصوت العالى يا فرشاتى ،،
فإنى لطيفٌ كما ترين ...
ابدأى بى ، فأنا من يستحق ...


لم يتبق بين الألوان سوى ذلك البنفسجى الوقور ...
عرفوه بالحكمة والأصالة ...

مشى ذلك الفخور المتواضع حتى وصل إلى الفرشاة ولحق برفاقه ...

صوته العميق أجبر الجميع على الاستماع لما يقول :

فرشاة الألوان ...
تلونت شعيراتك بجميع الألوان ولم يتبق غيرى ...

أنا حكمة القدماء ، وفكر الفلاسفة ،،
أنا الأناقة والجمال ، والعذوبة والدلال
أنا الرزانة والحلم ..

ألا ترين أنى تركت للجميع الفرص قبلى ، ولم أتحدث إلا بعدما فرغوا كلهم ..
هل هناك رحيب الصدر مثلى ؟؟
أنا من يضرب بى المثل فى الحلم والصفح والعفو ..

لم تغيرنى صروف الدهر ، ولم يمس الطيش كيانى ...
دعى تلك الألوان الطائشة ، ولونى بى
زهرات البنفسج العطرية ..

فأنا مزيج الحكمة والجمال ...
لا تفضلى أحدهم علىّ ...


ساد الصمت المكان ،، ولم يتبق إلا قرار الفرشاة ...
عقدت حاجبيها غضبا ومن ثم نظرت إلى شعيراتها ...
فإذا بالغضب يبدو جليا على محياها وهى تصرخ قائلة :

هل أعجبكم ما حل بشعيراتى الجميلة ؟؟
لقد استحالت إلى سوادٍ حالك !!!

ألا تعرفون أن الألوان المائية حين تتحد ينشأ عنها اللون الأسود ؟؟

نعم ، تشاحنتم وتتصارعتم ،، فامتلأت شعيراتى بسواد قلوبكم ...

انظروا إلى شعيراتى ..
أين ذهبت حيوية الأحمر ، ونضارة البرتقالى ، ودفء الأصفر ، وهدوء الأخضر ، وعقل الأزرق ، وخفة النيلى ، وحكمة البنفسجى ؟؟؟

ذهبت جميع محاسنكم ، ولم يتبق إلا سواد سريرتكم ؟؟


سمعت بين صرخاتها بكاء ضعيفا بأصوات مختلفة ..
يبدو أن الألوان تبكى على ذهاب رونقها ، واختفاء بريقها ..

خاطبتهم الفرشاة فى حنان قائلة :

اهدأوا يا ألوانى ...
أنا أحبكم جميعا ، ولكل منكم دور فى لوحتى التى أرسمها لا يقل أهمية عن الآخر ...
انظروا إلى ألوان قوس قزح ..
تراصت جميعها بجانب بعضها فى تنسيق ونظام ...
ذلك أن قلوبهم نقية ، ولا يحقر أحدهم من شأن الآخر ...
وإذا أردنا أن نخلطهم ببعضهم ،، فسنجد أن لونهم تحول إلى الأبيض
لون الصفاء والنقاء والتفاؤل والأمل ...
فنقاء سريرتهم يطغى على كل شىء ...

تعلموا منهم يا أحبائى لتصبحوا مثلهم ...


شعرت الألوان بالخجل من تصرفاتها المشينة ،، فتركت الفرشاة ، وعادت إلى علبها من جديد ...
ابتسمت الفرشاة ، وقالت فى هدوء المفكر :

شكرا لتفهمكم يا ألوانى ؟
حسنا ، بأيكم سأبدأ رسم اللوحة ..


وما هى إلا لحظات حتى ...
حتى اكتست شعيرات الفرشاة باللون الأسود ... من جديد


********

عذرا على الإطالة ...
لكم استنتاج المغزى حسبما يتفق وخيالكم

اشتقت للمكان
بعد غياب طالت مدته عن مدة المكوث
ولكن الطب شغلٌ شاغل
دعــواتـــكـــم

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:05 PM.