اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا

محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-11-2018, 10:59 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New مظاهر رحمة النبي بأمته في الدور الثلاثة


الحمد لله الذي ألزم قلوب الخائفين الوجلَ والإشفاق، فلا يعلم الإنسان في أي الدواوين كُتِب، ولا في أي الفريقين يُساق، فإن سامح فبفضله، وإن عاقب فبعدله، ولا اعتراض على الملك الخلَّاق. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، إله عزَّ من اعتزَّ به فلا يُضام، وذلَّ من تكبَّر عن أمره ولقي الآثام. وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، خاتم أنبيائه، وسيد أصفيائه، المخصوص بالمقام المحمود، في اليوم المشهود، الذي جمع فيه الأنبياء تحت لوائه.
آيات أحمد لا تحد لواصف
ولو انَّه أملي وعاش دهورَا
بُشراكُمُ يا أمَّةَ المختار في
يوم القيامة جنة وحريرَا
فُضِّلتُمُ حقًّا بأشرف مرسل
خير البرية باديًا وحضورَا
صلى عليه اللهُ ربِّي دائمًا
ما دامت الدنيا وزاد كثيرَا
*
وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه، وتمسَّك بسنته، واقتدى بهديه، واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين.
*
أما بعد:
فقد قال الله عز وجل: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107] قال ابن عباس في تفسيرها: "من آمن بالله ورسوله تمت له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن بالله ورسوله عُوفي مما كان يصيب الأمم في عاجل الدنيا من العذاب من الخسف والمسخ والقذف؛ فذلك الرحمة في الدنيا"، ومصداق هذا في كتاب الله عز وجل؛ حيث قال: ﴿ وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾ [الأنفال: 32، 33].
*
عن أبي هريرة، قال: قيل: يا رسول الله، ادعُ على المشركين قال: ((إني لم أُبعَثْ لعَّانًا، وإنما بُعِثْتُ رحمةً)) [1].
*
حديثنا اليوم عن رحمة مَن أرسله ربُّه رحمةً للعالمين بالأُمَّة الإسلامية في الدور الثلاثة:
الدار الأولى: دار الدنيا.
الدار الثانية: دار البرزخ.
الدار الثالثة: دار الآخرة.
*
أولًا: رحمته صلى الله عليه وسلم بأُمَّته في الدنيا:
إخوة الإسلام، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم رحمةً عامة للكائنات، وكان رحمةً خاصة لمن آمن بربِّ الأرض والسماوات، فقد كان صلى الله عليه وسلم أرحمَ بنا من آبائنا وأمهاتنا في كل أحواله وأقواله.
*
رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته في التشريع:
إخوة الإيمان، إن التشريع الإسلامي مبناه على الرحمة بالمكلفين؛ يقول الله تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286].
يقول السعدي رحمه الله: فأخبرهم بهذه الآية أنه لا يكلف نفسًا إلا وسعها؛ أي: أمرًا تسعه طاقتها، ولا يكلفها ويشق عليها؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]، فأصل الأوامر والنواهي ليست من الأمور التي تشق على النفوس؛ بل هي غذاءٌ للأرواح ودواءٌ للأبدان، وحمية عن الضَّرر، فالله تعالى أمر العباد بما أمرهم به رحمة وإحسانًا، ومع هذا إذا حصل بعض الأعذار التي هي مظنة المشقة حصل التخفيف والتسهيل، إما بإسقاطه عن المكلف، أو إسقاط بعضه كما في التخفيف عن المريض والمسافر وغيرهم [2].
*
رحمته صلى الله عليه وسلم في الصلاة:
عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((أُمَّ قومَك))، قال: قلت: يا رسول الله، إني أجد في نفسي شيئًا، قال: ((ادنه))، فجلسني بين يديه، ثم وضع كفَّه في صدري بين ثديي، ثم قال: ((تحول))، فوضعها في ظهري بين كتفي، ثم قال: ((أُمَّ قومَك، فمن أَمَّ قومًا فليُخفِّف؛ فإن فيهم الكبير، وإن فيهم المريض، وإن فيهم الضعيف، وإن فيهم ذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم وحده، فليُصلِّ كيف شاء)) [3].
*
عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني لأتأخَّر عن صلاة الصبح، من أجل فلان؛ مما يطيل بنا، قال: فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قطُّ أشدَّ مما غضب يومئذٍ، فقال: ((يا أيها الناس، إن منكم منفِّرين، فأيكم أمَّ الناس، فليُوجِز؛ فإن من ورائه الكبير، والصغير، وذا الحاجة))[4].
*
أيها الناس، يَسِّروا ولا تُعسِّروا، وخفِّفُوا ولا تُطوِّلُوا، مع المحافظة على أركان الصلاة وسُننها واستجاب الصحابة رضي الله عنهم، فكان عبدالرحمن بن عوف يقرأ بأقصر سورتين في القرآن: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر: 1] ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ [النصر: 1]، واقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه أنس بن مالك: «ما صليت وراء إمام قط أخف صلاةً، ولا أتم صلاةً من رسول الله صلى الله عليه وسلم» [5].
*
رحمته صلى الله عليه وسلم بالأم في الصلاة:
وتأملوا عباد الله إلى رحمته صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة التي هي قرة عينه، وكان لا يشغله عنها شاغل، وعلى الرغم من ذلك يُخفِّف في الصلاة رحمةً بالأُمِّ إذا بكى صبيُّها؛ عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أُمِّه)) [6].
وفيه: دلالة على كمال شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه، ومراعاة أحوال الكبير منهم والصغير.
*
رحمته صلى الله عليه وسلم بهم في الصوم فشرع لهم الفطر:
ومن صور رحمته بأُمَّته أنه رخَّص لهم الفطر في السفر شفقة ورفقًا بهم؛ "عن جابر بن عبدالله قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا قد اجتمع الناس عليه، وقد ظلل عليه، فقالوا: هذا رجل صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس البِرُّ أن تصوموا في السفر))"[7].
*
"وهكذا رغب صلى الله عليه وسلم في الفطر للمسافر، ورهب من صيامه إذا لحقته المشقَّة من الصيام، أو كان في فطره مصلحة لا يقدر عليها صائمًا.
*
وهكذا رأينا الإسلام سمحًا كريمًا رحيمًا بأهله، لا يحب العنت والمشقة، وإن كانت في العبادة، والكيس من أوغل في الدين برفق، فإن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى" [8].
*
ومن رحمته بأُمَّته صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الوصال في الصوم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والوصال))، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله، قال: ((إنكم لستم في ذلك مثلي؛ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون))؛ رواه البخاري ومسلم.
*
أنه صلى الله عليه وسلم لا يجعل أيامهم كلها مواعظ:
ومن رحمته صلى الله عليه وسلم أنه كان يتخوَّلهم بالموعظة، ولا يُكثر عليهم من الوعظ؛ مخافة السآمة والملل الذي يفضي إلى المعصية؛ إذ لو كرَّر عليهم الوعظ وملَّ أحدهم من وعظه أثم، وكان مُذنبًا.
*
عن الأعمش، عن أبي وائل قال: كنا جلوسًا على باب عبدالله، فخرج إلينا، فقال: إنما أخبرت أنكم على الباب، فما يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهية أن أملكم أو السآمة عليكم؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة في الأيام مخافة السآمة علينا"[9].
*
من هنا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعاهد أصحابه بالموعظة أيامًا، ويتركهم لمهامهم ومعايشهم أيامًا؛ فبذلك يتحقق هدف التذكير مع دوام الحرص والشوق إليه وقديمًا قالوا: "زُرْ غِبًّا تزْدَدْ حُبًّا".
*
رحمته صلى الله عليه وسلم بالأطفال:
كم من الآباء يعبس كل يوم في وجه بنيه؟ كم من الآباء يتغير وجهه حين يصعد صغيره على ظهره؟ بل كم من الآباء يدخل بيته عابسًا مكفهر الوجه، يقضي ساعات وجوده في بيته بعيدًا عن أطفاله، لا يريد أن يسمع صوت لعبهم، لا يشاركهم لحظات سعادتهم في طفولتهم؟
مسكين ذلك الأب! لم ينهل من فيض رحمة رسوله الرحيم؛ ليتعلم ويفيض بالحنوِّ على أطفاله وأطفال غيره!
*
كان النبي صلى الله عليه وسلم رحيمًا بالصغار، إذا رأى ولده إبراهيم، يأخذه فيقبله ويشمه، كما روى ذلك الإمام البخاري.
*
تقبيل الأطفال:
أبو هريرة رضي الله عنه قال: قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قَبَّلْتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ((مَنْ لا يرحم لا يُرحَم)) [10].
*
دعوته صلى الله عليه وسلم لأُمَّته في كل صلاة:
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: لما رأيتُ من النبي صلى الله عليه وسلم طيب نفس، قلت: يا رسول الله، ادعُ الله لي، فقال: ((اللهم اغفر لعائشة ما تقدَّم من ذنبها وما تأخَّر، ما أسرَّت وما أعلنَتْ))، فضحكت عائشة حتى سقط رأسُها في حجرها من الضحك، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيسرُّك دُعائي؟))، فقالت: وما لي لا يسرُّني دعاؤك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((والله إنها لدُعائي لأُمَّتي في كل صلاة)) [11].
*
ثانيًا: رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأُمَّته بعد موتهم وفي الدار البرزخية:
ومِن صور رحمته صلى الله عليه وسلم بأُمَّته رحمته بهم وهم في قبورهم؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم يخرج إلى المقابر، ويسلِّم ويدعو لأهلها بالرحمة والمغفرة؛ تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: ((السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غدًا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)) [12].
*
من هنا تبيَّن من خلال حديث أُمِّنا عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يُكرِّر الزيارة، وهذا من شفقته وكمال رحمته صلى الله عليه وسلم.
*
وخرج صلى الله عليه وسلم يومًا، فصلى على أهل أُحُد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: ((إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها)) [13].
*
فحتى بعد مرور ثماني سنوات كاملة ما زال مشغولًا بأهل أحد، وبالصلاة عليهم والدعاء لهم، وكان صلى الله عليه وسلم يرشد أُمَّته إلى الدعاء النافع للأموات، فنجده صلى الله عليه وسلم يُخبرنا أن الدعاء ينفع الميت في قبره رحمة بالأموات؛ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله، إلَّا من ثلاثة أشياء: من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له))" [14].
*
رحمته صلى الله عليه وسلم وقضاء ديون الموتى:
ومن رحمته أيها الأحباب أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن مات وعليه ديون أنه صلى الله عليه وسلم كان يتكفَّل بقضاء ديونهم رحمة بهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوصي المسلمين بقضاء ديون موتاهم رحمةً بهم وحفظًا لحقوق الدائنين، فهي رحمة شاملة استوعبت الأحياء والأموات؛ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((نفس المؤمن مُعلَّقة بدَيْنِه حتى يُقضى عنه)) [15].
*
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن تُوفي من المؤمنين فترك دينًا، فعلي قضاؤُه، ومن ترك مالًا فلورثتِه)) [16].
*
خوفه صلى الله عليه وسلم على الميت من العذاب:
ومن رحمته إخوة الإسلام أنه صلى الله عليه وسلم كان يُحذِّرنا من أسباب عذاب القبر، بل مرَّ ذات يوم على قبرين يُعذَّبان فدعا بجريدة رطبة وشقَّها نصفين رجاء أن يخفف عنهما العذاب.
*
ومن مظاهر رحمته صلى الله عليه وسلم ما رأيناه في موقف عجيب له عندما مرَّ بقبرين يُعذَّبان، فقال: ((إنهما ليُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبير: أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة))، ثم أخذ جريدةً رطبةً، فشقَّها بنصفين، ثم غرز في كل قبر واحدةً، فقالوا: يا رسول الله، لمَ صنعْتَ هذا؟! فقال: ((لعلَّه أن يُخفِّف عنهما ما لم ييبسا)) [17].
*
إن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف لا تصل فقط إلى الطائعين والمتقين، وإنما تصل إلى عصاة ومذنبين، فالأول كان يمشي بالنميمة، والآخر كان لا يستتر من بوله، وبالتالي لا تستقيم صلاته، ومع ذلك فقلبه يتحرَّك لهما، ويضع جريدة رطبة على قبرهما راجيًا من الله أن يُخفِّف عنهما! إنها الرحمة في أروع وأبهى صورها، وصدق رب العالمين إذ يقول: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم.
*
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان، ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، أما بعد:
فثالثًا: رحمة النبي صلى الله عليهم وسلم بأُمَّته في الآخرة:
ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم بأُمَّته في ***ات يوم القيامة أنه يقول: ((أُمَّتي أُمَّتي))، كلمة يقولها النبي في موقف ينشغل كل امرئ فيه بنفسه.
*
رحمة عجيبة، تستحق الوقوف أمامها طويلًا، يا لها من رحمة تذيب ذا العقل الراجح خجلًا حين يُدرك معناها.
*
كلٌّ منشغل بنفسه، الأُمُّ لا يهمُّها وليدها، الخليل يتخلَّى عن خليله، الأنبياء يرفضون التوسُّل إلى الله من أجل البشر؛ بل ينشغلون بأنفسهم، وما هم فيه من هول موقف يوم الدين، أما نبينا فيقول: ((يا رب أُمَّتي أُمَّتي)).
*
عن أنس بن مالك قال حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال: ((إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض، فيأتون آدم فيقولون: اشفَع لنا إلى ربك، فيقول: لست لها، لكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمن؛ فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها ولكن عليكم بموسى، فإنه كليم الله؛ فيأتون موسى، فيقول: لست لها ولكن عليكم بعيسى؛ فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيأتوني فأقول: أنا لها، فأستأذن على ربي، فيُؤذَن لي، ويُلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن، فأحمده بتلك المحامد وأخِرُّ له ساجدًا، فيقال: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يُسمَع لك، وسَلْ تُعْطَ، واشفع تُشفَّعْ؛ فأقول: يا رب أُمَّتي، أُمَّتي، فيُقال: انطلق فأخرج من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان، فأنطلق فأفعل، ثم أعود فأحمده بتلك المحامد، ثم أخِرُّ له ساجدًا؛ فيقال: يا محمد ارفع رأسَك، وقل يُسمَع لك، وسَلْ تُعْطَ، واشفع تُشفَّع؛ فأقول: يا رب أُمَّتي، أُمَّتي، فيُقال انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان، فأنطلق فأفعل؛ ثم أعود فأحمده بتلك المحامد، ثم أخِرُّ له ساجدًا؛ فيقال يا محمد ارفَع رأسَكَ، وقل يُسمَع لك، وسَلْ تُعْطَ، واشفع تُشفَّع؛ فأقول يا رب أُمَّتي، أُمَّتي، فيُقال انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار؛ فأنطلق فأفعل، ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم أخِرُّ له ساجدًا؛ فيُقال: يا محمد، ارفع رأسَكَ، وقل يسمع، وسل تُعْطَه، واشفع تُشفَّع؛ فأقول: يا رب، ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله، فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأُخرِجَنَّ منها من قال لا إله إلا الله [18].
*
ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بنا أن ادَّخر دعوته شفاعةً لأُمَّته يوم القيامة:
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجَّل كلُّ نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأُمَّتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أُمَّتي لا يشرك بالله شيئًا)) [19].
وهذا من كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أُمَّته، واعتنائه بمصالحهم واهتمامه بأمرهم.
الدعاء ....

[1] أخرجه مسلم (4/ 2006، رقم 2599).
[2] تفسير السعدي (ص: 120).
[3] أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 405، رقم 4659)، ومسلم (1/ 341، رقم 468)، وأخرجه أيضًا: البيهقي (3/ 118، رقم 5061).
[4] رواه البخاري (90)، كتاب: العلم، باب: الغضب في الموعظة والتعليم، إذا رأى ما يكره، و(670)، ومسلم (466).
[5] العدة شرح العمدة في أحاديث الأحكام؛ لابن العطار (1/ 478).
[6] أخرجه أحمد (5/ 305، رقم 22655)، وابن أبي شيبة (1/ 407، رقم 4678)، والبخاري (1/ 250، رقم 675).
[7] رواه البخاري (1946)، أخرجه أحمد 3/ 299، وابن خزيمة (2017).
[8] فتح المنعم شرح صحيح مسلم (4/ 570).
[9] أخرجه أحمد 1/ 427، والبخاري 70، وأخرجه مسلم 2821 83.
[10] أخرجه البخاري في: 78، كتاب الأدب: 18، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته وبكائه.
[11] (صحيح ابن حبان؛ برقم: [7111]، وحسنه الألباني).
[12] مسلم (2/ 669، رقم 974)، وأبو يعلى (8/ 199، رقم 4758)، وابن حِبَّان (7/ 444، رقم 3172)، والبيهقي (4/ 78، رقم 7002).
[13] أخرجه: البخاري 2/ 114 (1344) و5/ 120 (4042)، ومسلم 7/ 67 (2296) (301) و(31).
[14] أخرجه أحمد (2/ 372، رقم 8831)، والبخاري في الأدب المفرد (1/ 28، رقم 38)، ومسلم (3/ 1255، رقم 1631).
[15] أخرجه الشافعي (1/ 361)، وأحمد (2/ 508، رقم 10607)، والترمذي (3/ 389، رقم 1078، 1079).
[16] أخرجه أحمد (2/ 290، رقم 7886)، والبخاري (2/ 805، رقم 2176)، ومسلم (3/ 1237، رقم 1619).
[17] أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 115، رقم 1304)، وأحمد (1/ 225، رقم 1980)، والبخاري (1/ 88، رقم 215)، ومسلم (1/ 240، رقم 292).
[18] أخرجه البخاري في: 97 كتاب التوحيد: 36، باب: كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم.
[19] أخرجه مسلم (1/ 189، رقم 198)، والترمذي (5/ 580، رقم 3602) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (2/ 1440، رقم 4307).


السيد مراد سلامة
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27-11-2018, 09:09 PM
الصورة الرمزية gaaamaaal
gaaamaaal gaaamaaal غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
العمر: 59
المشاركات: 344
معدل تقييم المستوى: 17
gaaamaaal is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13-12-2018, 11:41 AM
ibrahimi ibrahimi غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
العمر: 23
المشاركات: 44
معدل تقييم المستوى: 0
ibrahimi is on a distinguished road
افتراضي

جزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27-05-2020, 03:06 PM
أبو إسراء A أبو إسراء A غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,315
معدل تقييم المستوى: 22
أبو إسراء A is a jewel in the rough
افتراضي

جزاك الله خيرا
__________________
المستمع للقرآن كالقارئ ، فلا تحرم نفسك أخى المسلم من سماع القرآن .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07-06-2020, 06:35 AM
الصورة الرمزية مستر محمد سلام
مستر محمد سلام مستر محمد سلام غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
العمر: 40
المشاركات: 7,493
معدل تقييم المستوى: 20
مستر محمد سلام is on a distinguished road
افتراضي

thank you very much.



https://www.helloquran.com/download
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12-06-2020, 11:15 AM
الصورة الرمزية prof_maher mohamed
prof_maher mohamed prof_maher mohamed غير متواجد حالياً
معلم اللغة الفرنسية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 2,238
معدل تقييم المستوى: 18
prof_maher mohamed will become famous soon enough
افتراضي

جزاك الله خيرا
__________________
كانت الدنيا حكمها عربى **** بكتاب الله اصدق الكتب
إن للحق رجال **** صدقوا الله تعالى
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22-01-2021, 03:45 AM
freeappsman freeappsman غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
العمر: 34
المشاركات: 25
معدل تقييم المستوى: 0
freeappsman is on a distinguished road
افتراضي

صلى الله على سيدنا محمد
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:33 AM.