#1
|
|||
|
|||
إثبات نبوة الخضر عليه السلام
إثبات نبوة الخضر عليه السلام بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله --- اما بعد اختلف العلماء في نبوة الخضر عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى في خبره عن موسى حكاية عنه: {وما فعلته عن أمري}، وهذه ظاهرة أنه فعله بأمر من الله، والأصل عدم الوساطة، ويحتمل أن يكون بوساطة نبي آخر لم يذكره، وهو بعيد، ولا سبيل إلى القول بأنه إلهام، لأن ذلك لا يكون من غير نبي وحياً حتى يعمل به ما عمل؛ من *** النفس، وتعريض الأنفس للغرق. فإن قلنا: إنه نبي، فلا إنكار في ذلك. وأيضاً، كيف يكون غير النبي أعلم من النبي، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح «أن الله تعالى قال لموسى: بلى عبدنا خضر»؟ أخرجه الشيخان وأيضا فكيف يكون النبي تابعاً لغير نبي؟! وهناك آية أخرى تدل على نبوته عليه الصلاة والسلام، وهي قوله تعالى في: {آتيناه رحمة من عندنا}، «والجمهور على أنها الوحي والنبوة، وقد أطلقت على ذلك في مواضع من القرآن، فإن المتأمل في قصته مع موسى عليهما الصلاة والسلام يجد أن الخضر كان مظهراً على الغيب وليس ذلك لأحد من الأولياء، بدليل قوله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبة أحداً إلا من ارتضى من رسول}، وذلك ظاهر في مواطن عدة من القصة، أذكر ما تيسر منها: 1 - قوله لموسى عندما طلب منه الصحبة {إنك لن تستطيع معي صبرا} فهذا الجزم منه عليه السلام لدليل واضح على أنه كان على علم بذلك، ولم يكن من باب الظن والتخرص منه، حاشاه، ويؤيده زيادة جاءت في بعض طرق الحديث عقب هذه الآية بلفظ:«وكان رجلاً يعلم علم الغيب، قد علم ذلك» 2 - ومثله قوله في تأويله *** الغلام: «وأما الغلام فطبع يوم طبع كافراً، وكان أبواه قد عطفا عليه، فلو أنه أدرك، أرهقهما طغياناً وكفراً, فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاة وأقرب رحماً». زاد في رواية: «ووقع أبوه على أمه فعلقت فولدت منه خيراً منه زكاة وأقرب رحماً» (مسلم). وإخباره عليه السلام أن الغلام طبع كافراً، وأن أباه وقع على أمه فحملت وولدت خيراً منه، لهو من الأمور الغيبية المحضة التي لا مجال للاطلاع عليها إلا من طريق النبوة والوحي، فذلك من أقوى الأدلة على أنه كان نبياً، إن لم يكن رسولا. 3 - ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لما لقي موسى الخضر عليهما السلام، جاء طير، فألقى منقاره في الماء فقال الخضر لموسى: تدري ما يقول هذا الطير؟ قال: وما يقول؟ قال: يقول:ما علمك وعلم موسى في علم الله إلا كما أخذ منقاري من الماء» (صححة الالبانى ). فهذا صريح في أن الخضر، قد علم منطق الطير، وهو من الغيب الذي لا يعلمه البشر، فهو في هذا على نحو النبي سليمان عليه الصلاة والسلام الذي حكى الله عنه في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} وخلاصة القول في هذه المسألة أن الأدلة المتقدمة إذا تأملها المسلم ووعاها بقلبه، تيقن أن الصواب القول بنبوة الخضر كما ذهب إليه جمهور العلماء ولذلك فعل ما فعل من العجائب التي لم يصبر لها موسى عليه الصلاة والسلام، وهو كليم الله تعالى، وبه نستطيع أن نحل تلك العقدة من الزندقة التي أشار إليها الحافظ ابن حجر فيما سبق، ونحوها مما يعتقده كثير من الطرقية من الاعتقاد بالظاهر والباطن، والحقيقة والشريعة التي أفسد عقيدة كثير من الخاصة فضلاً عن العامة، فاعتقدوا الصلاح بل الولاية في كثير من الفساق الذين لا يصلون ولا يشهدون جماعات المسلمين ولا أعيادهم بدعوى الظاهر، وأنهم في الباطن من كبار أولياء الله، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً، وما قصة شيخ الإسلام ابن تيمية مع البطائحية الذين كانوا يتظاهرون في دمشق بالولاية والكرامة في زمانه حتى نصره الله عليهم، وقضى على باطنهم وباطلهم عن القارئ ببعيد.{إِنَّ في ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} هل كان الخضر حياًّ في حياة نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ [عن علي بن الحسين قال]: «لما مرض رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ جاءه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد! أرسلني الله عز وجل إليك؛ تكريماً لك، وتشريفاً لك، وخاصة لك، أسألك عما هو أعلم به منك: يقول: كيف تجدك؟ قال: أجدني - يا جبريل - مغموماً، وأجدني - يا جبريل -؛ مكروباً. ثم جاءه اليوم الثاني، فقال ذلك له، فرد عليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما رد عليه أول يوم. ثم جاءه اليوم الثالث، فقال له كما قال أول يوم،ورد عليه كما رد. وجاء معه ملك يقال له: إسماعيل على مئة ألف ملك، كل ملك منهم على مئة ألف ملك؛ فاستأذن فسأل عنه؛ ثم قال جبريل: هذا ملك الموت؛ يستأذن عليك، ما استأذن على آدمي قبلك ولا يستأذن على آدمي بعدك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: ائذن له. فأذن له، فسلم عليه، ثم قال: يا محمد! إن الله عز وجل أرسلني إليك، فإن أمرتني أن أقبض روحك قبضته، وإن أمرتني أن أتركه تركته. قال: أو تفعل يا ملك الموت؟! قال: نعم؛ بذلك أمرت، وأمرت أن أطيعك! قال: فنظر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى جبريل عليه السلام، فقال جبريل: يا محمد! إن الله عز وجل اشتاق إلى لقائك. فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لملك الموت: امض لما أمرت به. فقبض روحه. فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وجاءت التعزية؛ سمعوا صوتاً من ناحية البيت: سلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته! إن في الله عزاءً من كل مصيبة؛ وخلفاً من كل هالك، ودركاً من كل ما فات، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا: فإنما المصاب من حرم الثواب! فقال علي عليه السلام: أتدرون من هذا؟ هذا الخضر عليه السلام». (موضوع) وإذا عرفت طرق هذا الحديث وشدة ضعفها؛ فمن الغريب اعتماد شيخ الإسلام ابن تيمية على الطريق الأولى في ميله في فتوى له إلى القول بحياة الخضر في حياته - صلى الله عليه وآله وسلم -! فقد سئل عنها في استفتاء له، فأجاب بقوله: "وأما حياته؛ فهو حي، والحديث المذكور: "لو كان حياً لزارني"؛ لا أصل له، ولا يعرف له إسناد، بل المروي في "مسند الشافعي" وغيره: أنه اجتمع بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومن قال: إنه لم يجتمع بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ فقد قال ما لا علم له به؛ فإنه من العلم الذي لا يحاط به ... "!! قلت: وهذه الفتوى كأنها كانت منه قبل أن يتمكن من العلم الصحيح؛ فإن أكثرفتاويه على خلافها، وأن الخضر مات، وأنه لو أدرك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لوجب عليه أن يأتيه وينصره، كل أحاديث حياة الخضر موضوعة كل ما يروى عن بقاء الخضر حيًّا هو باطل موضوع، كما بين ذلك الإمام ابن القيم في رسالة "المنار المنيف [روي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -]: «إن الخضر في البحر، واليسع في البر، يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج؛ يحجان ويعتمران كل عام، ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل». هو حديث موضوع؛ ككل أحاديث حياة الخضر عليه السلام، والحمد لله رب العالمين |
العلامات المرجعية |
|
|