#1
|
||||
|
||||
وصف التخلق البشرى.. مرحلة النطفـة
وصف التخلق البشرى.. مرحلة النطفـة
عبد المجيد بن عزيز الزنداني لقد كان اكتشاف المراحل المتنوعة والمتتابعة التي يمر بها الجنين من المسائل الصعبة والمعقدة في تاريخ علم الأجنة، ومرد تلك الصعوبة إلى الحجم المتناهي في الصغر لمراحل الجنين وخاصة في الأسابيع الأولى من الحمل، ولعدم تيسر مشاهدته أو فحصه في مستقره داخل الرحم دون تقنية خاصة، ناهيك عن عدم الإدراك الصحيح لقرون طويلة قبل اكتشاف الميكروسكوب في القرن السابع عشر لدور كل من الذكر والأنثى في تكوين الجنين؛ إلا أن القرآن الكريم الذي يرجع تاريخه إلى القرن السابع الميلادي يمثل أول مرجع بين أيدينا يذكر أطواراً متميزة للجنين، ويقدم مسميات ومصطلحات تصف المظهر الخارجي، وأهم العمليات والأحداث الداخلية لكل مرحلة، وقد استوفت هذه المصطلحات القرآنية بدقة رائعة جميع الشروط التي يجب توافرها للمصطلحات العلمية الدقيقة، يقول الله تعالى مبيناً مراحل التطور الجنيني: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ¤ ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ¤ ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين)[سورة المؤمنون13-14]، والمرحلة الأولى التي ستكون موضوع بحثنا من هذه المراحل هي مرحلة النطفة. تعريف المصطلح: النطفة في اللغة العربية تطلق على عدة معان منها: القليل من الماء، والذي يعدل قطرة، قال ابن منظور (1) في صغار اللؤلؤ: والواحدة نطفة، ونطفة شبهت بقطرة الماء، وقال الزبيدي وابن منظور (2): ونطفت آذان الماشية وتنطفت ابتلت بالماء فقطرت، وجاء في الحديث الشريف (3) (فلم نزل قياماً ننتظره حتى خرج إلينا وقد اغتسل ينطف رأسه ماء)، روي الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يطلع عليكم الآن رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه)(4) ويشير إلى ذلك ما رواه أحمد (5) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (مر يهودي برسول الله وهو يحدث أصحابه، فقالت قريش: يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي فقال: لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي، قال: فجاء حتى جلس ثم قال: يا محمد مم يخلق الإنسان؟ فقال رسول الله: يا يهودي من كل يخلق، من نطفة الرجل، ومن نطفة المرأة) ويبدأ مصطلح النطفة من المنوي والبييضة، وينتهي بطور الحرث (الإنغراس)، وتمر النطفة خلال تكونها بالأطوار التالية: أولاً: الماء الدافق: يخرج ماء الرجل متدفقاً، ويشير إلى هذا التدفق قوله تعالى: (فلينظر الإنسان مم خلق ¤ خلق من ماء دافق)(الطارق 5-6) ومما يلفت النظر أن القرآن يسند التدفق للماء نفسه، مما يشير إلى أن للماء قوة دفق ذاتية، وقد أثبت العلم في العصر الحديث أن المنويات التي يحتويها ماء الرجل لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة وهذا شرط للإخصاب. وقد أثبت العلم أيضاً أن ماء المرأة الذي يحمل البييضة يخرج متدفقاً إلى قناة الرحم (فالوب)، وأن البييضة لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة حتى يتم الإخصاب، ومن المعلوم أن ماء الرجل يحوي بالإضافة إلى المنويات عناصر أخرى تشارك وتساعد في عملية الإخصاب مثال ذلك مادة (البرستاجلاندين) التي تحدث تقلصات في الرحم مما يساعد في نقل المنويات إلى موقع الإخصاب (6)، كما أن ماء المرأة يحوي بالإضافة إلى البييضة عناصر أخرى تساعد وتشارك في عملية الإخصاب ومنها بعض الإنزيمات التي تفرزها بطانة الرحم وقناته التي تجعل المنوي قادراً على الإخصاب وذلك بإزالة البروتين السكري من رأسه (7)، وتعمل هذه الأنزيمات بالإضافة إلى ذلك على إطلاق الخلايا المحيطة بالبييضة، وكشف غشائها الواقي أمام المنوي (8)، وبما أن لفظ نطفة بمعنى الكمية القليلة من السائل فإن هذا المصطلح يغطي ويصف تلك الكميات من السوائل التي تخرج متدفقة لدى كل من الذكر والأنثى. ثانياً: السلالة: يأتي لفظ سلالة في اللغة بمعان منها انتزاع الشيء وإخراجه في رفق(9)، كما تعني أيضاً السمكة الطويلة (10)، أما الماء المهين فالمراد به هنا (أي في طور السلالة) ماء الرجل (11)، وإذا نظرنا إلى المنوي فسنجده سلالة تستخلص من ماء الرجل وعلى شكل السمكة الطويلة، ويستخرج برفق من الماء المهين، وعندما يفلح إحداها في إحداث الإخصاب يكون قد اختير، وتبدأ بذلك مرحلة السلالة من النطفة. ويشير القرآن الكريم إلى ذلك كله في قوله تعالى: (ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين)[السجدة 8]، وخلال عملية الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البييضة في ماء المرأة في قناة البييضات (قناة فالوب)، ولا يصل من ماء الرجل إلا القليل، ويخترق منوي واحد البييضة، ويحدث عقب ذلك مباشرة تغير سريع في غشائها يمنع دخول بقية المنويات، وبدخول المنوي إلى البييضة تتكون النطفة. الأمشاج: ويشير الحديث النبوي الشريف إلى أن الإخصاب لا يحدث من كل ماء الذكر، وفي ذلك يقول رسول الله (ما من كل الماء يكون الولد)(12) وهكذا فإن الخلق من الماء يتم من خلال اختيار خاص، والوصف النبوي يحدد بكل دقة كل هذه المعاني التي كشف عنها العلم اليوم. ثالثاً: النطفة الأمشاج: تأخذ البييضة الملقحة شكل قطرة، وهذا يتفق تماماً مع المعنى الأول للفظ نطفة أي قطرة، ومعنى( نطفة الأمشاج) أي قطرة مختلطة من مائين، وهذه النطفة الأمشاج تعرف علمياً عند بدء تكونها (بالزيجوت)، ويشير القرآن الكريم إلى النطفة الأمشاج بقوله تعالى: (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج)[سورة الدهر:2] وهناك نقطة هامة تتصل بهذا النص وهي كلمة (نطفة) اسم مفرد، و أما كلمة أمشاج فهي صفة في صيغة جمع؛ وقواعد اللغة تجعل الصفة تابعة للموصوف في الإفراد والتثنية والجمع، وكان مصطلح (نطفة الأمشاج) واضحاً عند مفسري القرآن الكريم الأوائل مما جعلهم يقولون: النطفة مفردة لكنها في معنى الجمع (13) ويمكن للعلم اليوم أن يوضح ذلك المعنى الذي استدل عليه المفسرون من النص القرآني، فكلمة أمشاج من الناحية العلمية دقيقة تماماً وهي صفة جمع تصف كلمة نطفة المفردة التي هي عبارة عن كائن واحد يتكون من أخلاط متعددة تحمل صفات الأسلاف والأحفاد لكل جنين، وتواصل هذه المرحلة نموها، وتحتفظ بشكل النطفة، ولكنها تنقسم إلى خلايا أصغر تدعى قسيمات جرثومية (blastomeres)، وبعد أربعة أيام تتكون كتلة كروية من الخلايا تعرف التوتية (morula) وبعد خمسة أيام من الإخصاب تسمى النطفة كيس الجرثومة blastocyst) (مع انشطار خلايا التوتية إلى جزئين. ومصطلح (مني) ينطبق على المرحلة من وقت الإباضة حتى الإخصاب، وينطبق مصطلح (نطفة أمشاج) على الوقت من تكون اللاقحة (الزيجوت) (اليوم الأول) حتى تكون (التوتة) والخلية الجرثومية الأولى (اليومان 5،4)، ويشير المصطلح (حرث) إلى عملية الغرس التي تبدأ في اليوم السادس. وبالرغم من انقسام النطفة في الداخل إلى خلايا فإن طبيعتها ومظهرها لا يتغيران عن النطفة لأنها تملك غشاءاً سميكاً يحفظها ويحفظ مظهر النطفة فيها، وخلال هذه الفترة ينطبق مصطلح (نطفة أمشاج) بشكل مناسب تماماً على النطفة في كافة تطوراتها، إذ إنها تظل كياناً متعدداً، فهي إلى هذا الوقت جزء من ماء الرجل والمرأة، وتأخذ شكل القطرة فهي نطفة، وتحمل أخلاطاً كثيرة فهي أمشاج، وهذا الاسم للجنين في هذه المرحلة يغطي الشكل الخارجي وحقيقة التركيب الداخلي، بينما لا يسعفنا مصطلح توتة (هذا المصطلح الــذي يعنى جسماً مصمتاً لا سائلاً) بهذا المعنى، كما لا تعبر الأرقام المستعملة الآن عن هذه المعاني. نتاج تكوين النطفة الأمشاج: أ- الخلق: وهو البداية الحقيقية لوجود الكائن الإنساني، فالمنوي يوجد فيه (23) حاملاً وراثياً، كما يوجد في البييضة (23) حاملاً وراثياً أيضاً، ويمثل هذا نصف عدد حاملات الوراثة في أي خلية إنسانية، ويندمج المنوي في البييضة لتكوين الخلية الجديدة التي تحوي عدداً من الصبغيات (الكروموسومات) مساوياً للخلية الإنسانية (46)، وبوجود الخلية التي تحمل هذا العدد من الصبغيات يتحقق الوجود الإنساني، ويتقرر به خلق إنسان جديد لأن جميع الخطوات التالية ترتكز على هذه الخطوة، وتنبثق منها، فهذه هي الخطوة الأولى لوجود المخلوق الجديد. ب- التقدير (البرمجة الجينية): وبعد ساعات من تخلق إنسان جديد في خلية إنسانية كاملة تبدأ عملية أخرى تتحدد فيها الصفات التي ستظهر على الجنين في المستقبل (الصفات السائدة)، كما تحدد فيها الصفات المتنحية التي قد تظهر في الأجيال القادمة، وهكذا يتم تقدير أوصاف الجنين وتحديدها (14)، وقد أشار القرآن إلى هاتين العمليتين المتعاقبتين (الخلق والتقدير) في أول مراحل النطفة الأمشاج في قوله تعالى: ( *** الإنسان ما أكفره ¤ من أي شيء خلقه ¤ من نطفة خلقة فقدره)[سورة عبس](الآيات 17-19). جـ- تحديد ال***: ويتضمن التقدير الذي يحدث في النطفة الأمشاج تحديد الذكورة والأنوثة، وإلى هذا تشير الآية الكريمة: (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى ¤ من نطفة إذا تمني)(سورة النجم الآيتان 45-46) فإذا كان المنوي الذي نجح في تلقيح البييضة يحمل الكروموسوم yكانت النتيجة ذكراً، وإذا كان ذلك المنوي يحمل الكروموسوم xكانت النتيجة أنثى. رابعاً: الحرث: تبقى النطفة إلى ما قبل طور الحرث (الانغراس) متحركة، وتظل كذلك حين تصير أمشاجاً وبعد ذلك، وبالتصاقها بالرحم تبدأ مرحلة الاستقرار التي أشار إليها الحديث النبوي (يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين يوماً...)(15)، وفي نهاية مرحلة النطفة الأمشاج ينغرس كيس الجرثومة في بطانة الرحم بما يشبه انغراس البذرة في التربة في عملية حـرث الأرض، وإلى هذه العملية تشير الآية الكريمة: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم)[البقرة:222] وبهذا الانغراس يبدأ طور الحرث ويكون عمر النطفة حينئذ ستة أيام، وفي الحقيقة تنغرس النطفة (كيس الجرثومة) في بطانة الرحم بواسطة خلايا تنشأ منها تتعلق بها في جدار الرحم والتي ستكون في النهاية المشيمة كما تنغرس البذرة في التربة. تعلق الخلية الجرثومية بظهارة بطانة الرحم في المراحل الأولى للغرس أو الحرث ستة أيام، تتعلق الأرومة الغازية بظهارة بطانة الرحم عند القطب الجنيني للخلية الجرثومية سبعة أيام، تخترق الأرومة الغازية السخدية لظهارة بطانة الرحم. وتبدأ في الانتشار في سداة بطانة الرحم (هيكل النسيج الضام). ويستخدم علماء الأجنة الآن مصطلح (انغراس) في وصف هذا الحدث، وهو يشبه كثيراً في معناه كلمة الحرث في العربية، وطور الحرث هو آخر طور في مرحلة النطفة، وبنهايته ينتقل الحميل من شكل النطفة ويتعلق بجدار الرحم ليبدأ مرحلة جديدة، وذلك في اليوم الخامس عشر، وعليه فقد وصف القرآن الكريم كل جوانب مرحلة النطفة من البداية إلى النهاية، مستعملاً مصطلحات وصفية علمية دقيقة لكل طور من أطوارها. طور الحرث من مرحلة النطفة: تشهد الأرومة الغازية في هذه الفترة توسعاً سريعاً في حين يكون حجم الجنين صغيراً نسبياً (25X) تشير الأسهم إلى الحجم الفعلي للخلية الجرثومية في الفترة المحددة من الحمل، إن الوصف المفصل الوارد في القرآن الكريم والسنة يدعو إلى العجب نظراً لصغر حجم الخلية الجرثومية وعمر الحمل، فإذا علمت أن نهاية مرحلة النطفة (اليوم 14) تتزامن مع الوقت المتوقع عادة للحيض، ومن غير المحتمل أن تعرف المرأة أنها حامل قبل هذا الوقت؛ أدركت أن الوصف يتجلى فيه الإعجاز الإلهي، وأيقنت أنه وحي من الله سبحانه وتعالى إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ويستحيل عملياً كشف التطورات وعمليات التغير التي تحدث خلال مرحلة النطفة من غير استخدام المجاهر الضخمة، نظراً لصغر حجم النطفة، ولقد حدد القرآن الكريم أول مراحل النطفة بالماء الدافق فقال تعالى: (فلينظر الإنسان مما خلق ¤ خلق من ماء دافق)[سورة الطارق:الآيتان 6،5] وحدد آخرها بحرث النطفة أي غرسها في القرار المكين، وفي العصر الذي ذكر فيه القرآن هذه المعلومات عن المرحلة الأولى للتخلق البشري كان علماء التشريح من غير المسلمين يعتقدون أن الإنسان يتخلق من دم المحيض (16) وظل هذا الاعتقاد رائجاً حتى اختراع المجهر (microscope) في القرن السابع عشر، والاكتشافات التالية للحيوان المنوي والبييضة، كما ظلت أفكار خاطئة أخرى سائدة حتى القرن الثامن عشر، حيث عرف أن كلاً من الحيوان المنوي والبييضة ضروريان للحمل (17)، وهكذا فإنه بعد قرون عديدة يتمكن العلم البشري من الوصول إلى ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية قبل 1400عام. وصف الرحم بأنه (القرار المكين): وصف القرآن الكريم النطفة بأدق وصف، ووصف المكان الذي تستقر فيه النطفة بوصفين جامعين معبرين قال سبحانه وتعالى: (ثم جعلناه نطفة في قرار مكين)[سورة المؤمنون: 13] فكلمة قرار في الآية تشير إلى العلاقة بين الجنين والرحم، فالرحم ـ مكان لاستقرار الجنين (18)، أما مكين فهي تشير إلى العلاقة بين الرحم وجسم الأم، يقــول الزبيدي: قرّ معناة (استقر واستراح)، وكذلك القرار هو مكان يستقر فيه الماء ويتجمع، وقد وصف القرآن الكريم المكان الذي تستقر فيه النطفة في الرحم بأنه قرار، وقد كشف العلم الكثير من التفاصيل لهذا الوصف الجامع المعبر، فالرحم للنطفة ولمراحل الجنين اللاحقة سكن لمدة تسعة أشهر، وبالرغم من أن طبيعة الجسم أن يطرد أي جسم خارجي؛ فإن الرحم يأوي الجنين ويغذيه، وللرحم عضلات وأوعية رابطة تحمي الجنين داخله، ويستجيب الرحم لنمو الجنين ويتمدد بدرجة كبيرة ليتلاءم مع نموه فهو قرار له، ويحاط الجنين بعدة طبقات بعد السائل الأمينوسي وهي الغشاء الأمينوسي المندمج بالمشيمة، وطبقة العضلات السميكة للرحم ثم جدار البطن، وكل هذا يمد الجنين بمكان مناسب للاستقرار وللنمو الجيد وهكذا فإن كلمة قرار قد استعملت في القرآن الكريم كل هذه المعاني وغيرها متضمنة وظائف الرحم باعتباره مكاناً مناسباً لاستقرار الجنين وتمكينه من مواصلة نموه. ومع نمو الجنين يزداد حجم الرحم ليستوعب سرعة نمو الجنين، وعند الأسبوع 20 يصل كل من الجنين والرحم مستوى السرة، وعند الأسبوع 30 يصلا المنطقة الشرسوفية (لبة القلب)، وتتحرك أحشاء الأم من مكانها، وتشهد عضلات وجلد جدار البطن الأمامي تمدداً كبيراً، ويكون الرحم في كل مرحلة من مراحل الحمل مكان استقرار كما تشير إلى ذلك كلمة (قرار)، ويكون الرحم مثبتاً بشكل راسخ في بطن الأم كما تشير إلى ذلك كلمة (مكين). وقد جمع اللفظ (قرار) الذي وصف القرآن الكريم به الرحم بقوله قرار كل الحقائق التي اكتشفها العلم لبيان مناسبة الرحم لاستقرار الجنين، فهو لفظ معبر جامع، أما كلمة مكين فتعني مثبتاً بقوة (ويذكر كثير من المفسرين هذا المعنى عن تفسير هذه الآية (20) كما تبين آية أخرى من القرآن الكريم معنى (مكين) بأنه تمكين بقوة قال تعالى: (فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين) أي قوي التمكين (يوسف:4)، وهذا يشير إلى علاقة الرحم بجسم الأم، وموقعه المثالي لتخلق ونمو كائن جديد، ويقع الرحم في وسط الجسم، وفي مركز الحوض وهو محاط بالعظام والعضلات والأربطة التي تثبته بقوة في الجسم أي أنه مكين كما قرر القرآن الكريم، وهذا أيضاً لفظ جامع معبر عن كل المعاني التي تبين تمكن الرحم وتثبيته في جسم الأم، وهكذا فإن كل وصف يتضمن العلاقة بين الجنين والرحم وبين الرحم وجسم الأم قد أدخل في معنى الكلمتين قرار ومكين اللتين تعبران تعبيراً تاماً عن حقيقة الرحم ووظائفه الدقيقة ولا يفطن إلى أهمية هذين الوصفين إلا من له علم بحاجات نمو الجنين، وحاجات الرحم؛ لمواكبة هذا النمو حتى يخرج سليماً. ــــــــــــــــــ الهوامش: 1- لسان العرب 9/335 2- تاج العروس 6/258 259 , لسان العرب 9/226 3- رواه مسلم في صحيحه 1/422 ح 157 4- مسند أحمد 3/166 5- نفس المرجع 1/465 6- التناسل البشري - مبادئ الطب التناسلي ط3 بيج و فيللي 7- التخلق البشري - كيث مور ص10 8- ميلاد طفل نيلسون , انغلمان سندبيرغ ويرسون ص22 / التخلق البشري - كيث مور ص10 9- (لسان العرب ج11 / ص338 , 339 القاموس المحيط ج3/ص407 الصحاح ج5/ص1731 , تاج العروس ج7/ص377-378) 10- القاموس المحيط 3/407 , تاج العروس ج7/277-278 11- الطبري 21/59 , القرطبي 19/159 12- مسلم 2/1064 ح123 13-القرطبي 19/121 , حاشية الصاوي على الجلالين 4/273 , الشوكاني 5/344 14- يأتي التقدير في اللغة بمعنى: (أ) التروية والتفكير في تسوية أمر وتهيئته (ب) تقديره بعلامات يقطعه عليها (ج) أن تنوي أمراً بعقدك تقول، قدرت أمر كذا وكذا أي نويته وعقدت عليه. 15- مسلم 4/2037 ح2 16- أنظر تحت نظرة تاريخية في علم الأجنة 17- التخلق البشري - كيث مور ص9 18- معجم مقاييس اللغة 5/7-8 , لسان العرب 5/84 19- تاج العروس للزبيدي 3/486 20- ابن كثير 3/243 , الطبري 18/7 , أبو حيان 6/398 |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|