اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > مصر بين الماضى و الحاضر

مصر بين الماضى و الحاضر قسم يختص بالحضارة و التاريخ المصرى و الاسلامى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-04-2015, 05:17 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي تاريخ القدس الجريحة


تاريخ القدس الجريحة

لقد أكد رسول الله على نسبة ملكية بيت المقدس وأكنافه إلى المسلمين في وقت لم تكن فيه بحوزتهم، فها هو يدعو المولى عز وجل بقوله: "اللهم بارك لنا في شامنا" [صحيح البخاري]، وهي وقتئذ بأيدي الرومان وما ذاك إلا لأن النبي كان على بينة من أمر بيت المقدس وأن المقادير الإلهية والإرادة الربانية قضت بأن يكون بيت المقدس مأرز إيمان عند الفتن والافتتان: فعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله: "إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام". [مستدرك الحاكم].
وبيت المقدس وأكنافه موطن الملحمة الجهادية التي يطيح بها أخيار البرية بشر البرية، وفي هذا يقول الرسول: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود في***هم المسلمون، حتى يختبىء اليهودي من وراء الشجر والحجر فيقول الشجر والحجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فا***ه إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود" [رواه مسلم].
وفي أكنافه تقطع دابر فتنة المسيح الدجال، إذ يلقى الدجال هلكته على يد نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام كما جاء في الأثر عن النبي أنه قال: "ي***ه ابن مريم بباب لد" [أخرجه أحمد والترمذي].
وبيت المقدس محضن الخلافة الإسلامية في آخر الزمان ؛ فها هو الرسول يقول لابن حوالة – رضي الله عنه -: "يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت أرض المقدس فالساعة يومئذ أقرب من يدي هذه على رأسك" [مسند الإمام أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع].
وبيت المقدس أرض المحشر والمنشر، ففي حديث ميمونة بنت سعد – مولاة النبي – قالت: يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، قال: "أرض المحشـر والمنشـر" [رواه أحمد وابن ماجة والطبراني].
ومن هنا اهتم المسلمون الأوائل بالقدس بعد أن فتحوها في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبعد أن وقعت مرة أخرى في يد بني الأصفر حاول المسلمون تحريرها حتى أمكن الله لهم ذلك على يد صلاح الدين الأيوبي بعد أن توفرت لهم أسباب النصر الروحية والمادية.
القدس:
أول اسم ثابت لمدينة القدس هو (أورسالم) قبل خمسة آلاف عام، ويعنى أسسها سالم; القائد العربي الكنعاني الذي أمر ببنائها وقيل (مدينة السلام)، ثم ما لبثت تلك المدينة أن أخذت اسم يبوس نسبة إلى اليبوسيين المتفرعين من الكنعانيين، وقد بنوا قلعتها والتي تعنى بالكنعانية مرتفع.
تذكر مصادر تاريخية عن الملك اليبوسى (ملكي صادق)هو أول من بنى يبوس أو القدس، وكان محباً للسلام، حتى أطلق عليه ملك السلام ومن هنا جاء اسم المدينة وقد قيل إنه هو من سماها بأورسالم أي (مدينة سالم).
تسمى المدينة في الترجمة العربية للنصوص القديمة من الإنجيل والعهد القديم باسم أورشليم أو يروشليم, ويرى البعض أن اسم المدينة تعريب للاسم الكنعاني والعبري (يروشلايم) الذي معناه غير واضح، وقد يشير إلى إله كنعاني قديم اسمه "شاليم"، أو إلى العبارة "بلد السلام" بالعبرية أو باللغة السريانية تقلب السين إلى شين فتصبح أورشالم.
في مصادر المسلمين وبخصوص في العهدة العمرية، تذكر المدينة باسم "إيلياء" أو "إيليا" وهو على ما يبدو اختصار اسم "كولونيا إيليا كابيتولينا" الذي أطلق على المدينة سنة 131 للميلاد من قبل السلطات الرومانية.
في فترة لاحقة تذكر المدينة باسم "بيت المقدس". أما اسم القدس الشائع اليوم في العربية وخاصة لدى المسلمين فقد يكون اختصاراً لاسم "بيت المقدس" أو لعبارة "مدينة القدس" وكثيراً ما يقال "القدس الشريف" لتأكيد قدسية المدينة. أما السلطات الإسرائيلية فتشير في إعلاناتها إلى المدينة باسم "أورشليم القدس".
المسجد الأقصى:
تاريخ بناء المسجد الأقصى يعود إلى قديم الزمان، إذ بُني بعد المسجد الحرام بنحو 40 عاماً، لحديث أَبَي ذَرٍّ يَقُولُ:"سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ؟ قَال:َ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ. قُلْتُ: ثُمَّ أَيّ؟ٌ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى. قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ:أَرْبَعُونَ عَاماً, ثُمَّ الْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ فَحَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ. [رواه مسلم].
والذي بنى المسجد الأقصى هو إبراهيم عليه السلام غالباً، ولم يُصَرَّحْ بذلك بوضوح، ولكن يُعْرَف من هذا الحديث؛ لأن إبراهيم عليه السلام كان يعيش في أرض فلسطين، وهذا البناء بني في عصر سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
كان دخول عمر بن الخطاب القدس في رجب من عام 16 هـ، وهذا ربما يلفت أنظارنا إلى أن حادثة الإسراء والمعراج حدثت في نفس الشهر عام 10 قبل البعثة، فيتكرر دخول عمر بن الخطاب القدس لتحريرها من الروم في نفس الشهر الذي أسري به الرسول إلى المسجد الأقصى، وربما يكون في ذلك إشارة. (كما أن صلاح الدين الأيوبي فتح القدس في 27 رجب، و حررها بعد 91 سنة من احتلال الصليبيين).. وإن شاء الله يتكرر ذلك قريباً.
للمسجد الأقصى خاصية أنه يمكن للمسلم أن يسافر، ويشد الرحال إليه، وأنه مسرى رسول لله صلى الله عليه وسلم، وأنه أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، وهذا تشريف كبير له، فلا يجوز أن يسافر المسلم من بلد لآخر بغرض الصلاة في أي مسجد غير هذه المساجد الثلاثة.
عُرِفَ المسجدُ الأقصى في التاريخ ببيت المقدس، وأول مرة يسمى فيها بـ(المسجد الأقصى) عندما نزلت الآية الكريمة: [سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى]. فالله سبحانه وتعالى هو الذي سماه هذا الاسم، والأقصى بمعنى الأبعد، أي الأبعد عن مكة، وهي أول مرة يذكر فيها، وبعدها عرف عند المسلمين بهذا الاسم.
بذلك تسلم عمر بن الخطاب المقاليد، وتم فتح القدس، بعد نحو 4 أعوام من الحروب والمعارك المتلاحقة داخل أراضي الشام، وأصبحت أرض فلسطين منذ ذلك الحين أرضًا إسلامية.
فتح القدس:
تمكنت الجيوش الإسلامية بعد معركة أجنادين التي وقعت أحداثها في (27 من جمادى الأولى سنة 13 هـ- 30 من أغسطس 643م) من أن تتابع مسيرتها الظافرة، وأن تخرج من نصر إلى نصر حتى بسطت يدها على أجزاء عظيمة من بلاد الشام ضمت "بصرى" و"بعلبك" و"حمص" و"دمشق" و"البلقاء و"الأردن" وأجزاء من "فلسطين"...ولم يكن أمام هرقل إمبراطور الروم سوى الاحتشاد لمعركة فاصلة بعد أن تداعت أجزاء غالية من دولته أمام فتوحات المسلمين، فبدأ يجهز لمعركة تعيد له هيبته وتسترد له ما اقتُطِع من دولته، وتجمعت أعداد هائلة من جنوده ومن يقدر على حمل السلاح من الروم، فأخذت تتقدم من إنطاكية- حيث يقيم- إلى جنوبي الشام.
الجيوش الإسلامية في الشام:
كانت القوات الإسلامية بعد فتح حمص سنة (14 هـ - 635م) تتوزع في أماكن مختلفة، فأبو عبيدة بن الجراح في حمص، وخالد بن الوليد بقواته في دمشق، وشرحبيل بن حسنة مقيم في الأردن، وعمرو بن العاص في فلسطين...فلما وصلت أنباء استعدادات الروم إلى أبي عبيدة بن الجراح جمع القادة يشاورهم ويستطلع رأيهم، وانتهى الحوار بينهم على انسحاب القوات الإسلامية من المدن التي فتحتها إلى موقع قريب من بلاد الحجاز، وأن تتجمع الجيوش كلها في جيش واحد، وأن يبعث أبو عبيدة بن الجراح إلى المدينة يطلب المدد من الخليفة عمر بن الخطاب.
وقبل أن يتحرك أبو عبيدة بن الجراح بجيوش المسلمين، دعا حبيب بن مسلمة- عامله على الخراج- وقال له: "اردد على القوم الذين كنا صالحناهم من أهل البلد ما كنا أخذنا منهم، فإنه لا ينبغي لنا إذا لم نمنعهم أن نأخذ منهم شيئاً، وقل لهم: نحن على ما كنا عليه فيما بيننا وبينكم من الصلح، لا نرجع فيه إلا أن ترجعوا عنه، وإنما رددنا عليكم أموالكم أنَّا كرهنا أن نأخذ أموالكم ولا نمنع بلادكم..".
فلمَّا أصبح الصباح أمر أبو عبيدة قواته بالرحيل من حمص إلى دمشق، وقام حبيب بن مسلمة برد الجزية إلى أهالي حمص، وبلغهم ما قاله أبو عبيدة؛ فما كان منهم إلا أن قالوا: "ردكم الله إلينا، ولعن الله الذين كانوا يملكوننا من الروم، ولكن والله لو كانوا هم ما ردوا علينا، بل غصبونا وأخذوا ما قدروا عليه من أموالنا. لوِلايتكم وعَوْدُكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم".
التحرك إلى اليرموك:
بعد أن أخلى المسلمون مدينة حمص، جاءت قوات الروم، فدخلت حمص، ثم تحركت جنوباً خلال وادي البقاع إلى بعلبك، ولم تتجه إلى دمشق حيث يقيم المسلمون؛ وإنما اتجهت إلى الجنوب...رأى المسلمون الذين كانوا يراقبون تحركات الروم أن في مسارهم هذا حركة التفاف تستهدف حصار المسلمين وقطع خط الرجعة عليهم؛ فاجتمع أبو عبيدة بقادته يتباحثون الأمر، فاتفقوا على الخروج من دمشق إلى الجابية، وهناك ينضم إليهم جيش عمرو بن العاص الرابض بفلسطين، وفي الوقت نفسه ينتظرون مدد الخليفة عمر بن الخطاب.
تقدمت مجموعات من جيش الروم إلى نهر الأردن باتجاه المسلمين في الجابية، وخشي المسلمون أن يحاصروا بقوات الروم المقيمة في الأردن وفلسطين والأخرى القادمة من إنطاكية؛ فيقطعوا خطوط إمداداتهم، ويحولوا ببينهم وبين منطقة شمال الأردن والبلقاء التي تربطهم بالحجاز؛ ولهذا قررت الجيوش الإسلامية الانسحاب من الجابية إلى اليرموك.
الاستعداد للمعركة:
تولَّى خالد بن الوليد القيادة العامة للجيش بتنازل كريم من أبي عبيدة بن الجراح، الذي كان له السلطة العامة على جيوش المسلمين بالشام، وكان خالد من أعظم الناس بلاء وأعظمهم بركة وأيمنهم نقيبة..ورأى خالد الروم مجتمعين فجمع المسلمين وخطب فيهم قائلاً بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
"إن هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي. أخلصوا جهادكم، وأريدوا الله بعملكم؛ فإن هذا يوم له ما بعده؛ ولا تقاتلوا قوماً على نظام وتعبية، على تساند وانتشار، فإن ذلك لا يحل ولا ينبغي. وإن من وراءكم لو يعلم علمكم حال بينكم وبين هذا، فاعملوا فيما لم تؤمروا به بالذي ترون أنه الرأي من واليكم ومحبته.
قالوا : فهات، فما الرأي؟.
قال: "إن أبا بكر لم يبعثنا إلا وهو يرى أنا سنتياسر، ولو علم بالذي كان ويكون، لما جمعكم، إن الذي أنتم فيه أشد على المسلمين مما قد غشيهم، وأنفع للمشركين من أمدادهم، ولقد علمت أن الدنيا فرقت بينكم، فالله الله، فقد أفرد كل رجل منكم ببلد من البلدان لا ينتقصه منه إن دان لأحد من أمراء الجند، ولا يزيده عليه إن دانوا له. إن تأمير بعضكم لا ينقصكم عند الله ولا عند خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. هلموا فإن هؤلاء تهيئوا، وهذا يوم له ما بعده، إن رددناهم إلى خندقهم اليوم لم نزل نردهم، وإن هزمونا لم نفلح بعدها. فهلموا فلنتعاور الإمارة، فليكن عليها بعضنا اليوم، والآخر غداً، والآخر بعد غد حتى يتأمر كلكم، ودعوني إليكم اليوم".
وبدأ خالد في تنظيم قواته، وكانت تبلغ 46 ألف مقاتل، وقسَّم الجيش إلى كراديس، أي كتائب، وتضم ما بين 600 إلى 1000 رجل، والكردوس ينقسم إلى أجزاء عشرية؛ فهناك العرّيف الذي يقود عشرة من الرجال، وآمر الأعشار الذي يقود عرفاء (100 رجل)، وقائد الكردوس الذي يقود عشرة من أمراء الأعشار (1000رجل).
ويُجمِع المؤرخون على أن خالد بن الوليد هو أول من استحدث تنظيم الجيوش على هذا النحو، وعُدَّ عمله فتحاً في العسكرية الإسلامية؛ فقد اختار رجال الكردوس الواحد من قبيلة واحدة أو ممن يعودون بأصولهم إلى قبيلة واحدة، وجعل على كل كردوس قائداً منهم ممن عُرفوا بالشجاعة والإقدام، ثم جمع الكراديس بعضها إلى بعض وجعل منها قلباً وميمنة وميسرة، وكان على رأس كراديس القلب أبو عبيدة بن الجراح، ومعه المهاجرون والأنصار، وعلى كراديس الميمنة عمرو بن العاص ويساعده شرحبيل بن حسنة، وعلى كراديس الميسرة يزيد بن أبي سفيان.
وبلغت هذه الكراديس 36 كردوساً من المشاة، بالإضافة إلى عشرة كراديس من الخيالة، يقف أربعة منها خلف القلب واثنان في الطليعة، ووزعت الأربعة الباقية على جانبي الميمنة والميسرة.
أما جيش الروم فكان يضم نحو مائتي ألف مقاتل، يقودهم ماهان، وقد قسّم جيشه إلى مقدمة تضم جموع العرب المتنصّرة من لخم وجذام وغسان، وعلى رأسها جبلة بن الأيهم، وميمنة على رأسها قورين، وميسرة على رأسها ابن قناطر، وفي القلب الديرجان، وخرج ماهان إلى المسلمين في يوم ذي ضباب، وصَفَّ جنوده عشرين صفاً، ويقول الرواة في وصف هذا الجيش الرهيب: "ثم زحف إلى المسلمين مثل الليل والسيل".
رهبان بالليل.. فرسان بالنهار
دعا أحد قادة الروم رجلاً من نصارى العرب، فقال له: ادخل في معسكر هذا القوم، فانظر ما هديهم، وما حالهم، وما أعمالهم، وما يصنعون، ثم ائتني فأخبرني بما رأيت.
وخرج الرجل من معسكر الروم حتى دخل معسكر المسلمين فلم يستنكروه؛ لأنه كان رجلاً من العرب، لسانه عربي ووجهه عربي، فمكث في معسكرهم ليلة حتى أصبح فأقام عامة يومه، ثم رجع إلى قائده الرومي، وقال له: جئتك من عند قوم يقومون الليل كله، يصلون ويصومون النهار، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، رهبان بالليل فرسان بالنهار، لو يسرق مَلِكُهم لقطعوا يده، ولو زنا لرجموه؛ لإيثارهم الحق، واتباعهم إياه على الهوى..فلما انتهى الرجل العربي من كلامه قال القائد الرومي: لئن كان هؤلاء القوم كما تزعم، وكما ذكرت لبطنُ الأرض خير من ظهرها لمن يريد قتالهم.
وفي فجر يوم الاثنين (5 من رجب 15 هـ - 12 من أغسطس 636م) أصبح المسلمون طيبةً نفوسهم بقتال الروم، منشرحة صدورهم للقائهم، واثقة قلوبهم من نصر الله، وخرجوا بالنظام الذي وضعه القائد العام يحملون رايتهم.
وسار أبو عبيدة في المسلمين يحثّ الناس على الصبر والثبات، يقول لهم: يا عباد الله انصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم، يا معشر المسلمين اصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر، ومرضاة للرب؛ فلا تبرحوا مصافكم، ولا تخطوا إليهم خطوة، ولا تبدءوهم بقتال، وأشرعوا الرماح، واستتروا بالدرق، والزموا الصمت إلا من ذكر الله حتى آمركم.
وخرج معاذ بن جبل يقول للناس: يا قراء القرآن ومستحفظي الكتاب وأنصار الهدى وأولياء الحق، إن رحمة الله - والله - لا تُنال، وجنته لا تدخل بالأماني، ولا يؤتي الله المغفرة والرحمة الواسعة إلا الصادقين المصدّقين بما وعدهم الله عز وجل، أنتم- إن شاء الله- منصورون، فأطيعوا الله ورسوله، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين، واستحيوا من ربكم أن يراكم فراراً من عدوكم وأنتم في قبضته ورحمته، وليس لأحد منكم ملجأ من دونه.
اللقاء الحاسم ونتائجه:
زحفت صفوف الروم الجرارة من مكانها إلى المسلمين، لهم دويٌّ كدوي الرعد، ودخل منهم ثلاثون ألفاً كل عشرة في سلسلة حتى لا يفروا، قد رفعوا صلبانهم، وأقبل معهم الأساقفة والرهبان والبطارقة.
وحين رأى خالد إقبالهم على هذا النحو كالسيل، وضع خطته أن يثبت المسلمون أمام هذه الهجمة الجارفة؛ حتى تنكسر وتتصدع صفوف الروم، ثم يبدأ هو بالهجوم المضاد..وكان خالد بن الوليد رابط الجأش ثابت الجنان وهو يرى هذه الجموع المتلاحقة كالسيل العرم، لم ترهبه كثرتهم، وقد سمع جندياً مسلماً قد انخلع قلبه لمَّا رأى منظر الروم، يقول: ما أكثر الروم وأقل المسلمين، فانزعج من قولته، وقال له: ما أقل الروم وأكثر المسلمين، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال، أبالروم تخوّفني؟!.
تلاحم الفريقان وشد الروم على ميمنة المسلمين حتى انكشفت، وفعلوا كذلك بالميسرة، وثبت القلب لم يتكشف جنده، وكان أبو عبيدة وراء ظهرهم؛ ردءاً لهم، يشد من أزرهم، وأبلى المسلمون بلاءً حسناً، وثبت بعضهم كالجبال الراسخات، وضربوا أروع الأمثلة في الشجاعة وتلبية النداء، وقاتلت النساء أحسن قتال.
تحمل المسلمون هذا الهجوم الكاسح بكل ثبات؛ إذا اهتز صفٌ عادَ والتأم ورجع إلى القتال، حتى إذا جاءت اللحظة التي كان ينتظرها القائد النابغة خالد بن الوليد صاح في القوم: يا أهل الإسلام، لم يبق عند القوم من الجلد والقتال والقوة إلا ما قد رأيتم، فالشدة، الشدة فو الذي نفسي بيده ليعطينكم الله الظفر عليهم الساعة.
وزحف خالد بفرسانه الذين لم يقاتلوا، وكان يدخرهم لتلك الساعة الحاسمة، فانقضوا على الروم الذين أنهكهم التعب واختلت صفوفهم، وكانت فرسان الروم قد نفذت إلى معسكر المسلمين في الخلف، فلمَّا قام خالد بهجومه المضاد من القلب حالَ بين مشاة الروم وفرسانهم، الذين فوجئوا بهذه الهجمة المضادة؛ فلم يشتركوا في القتال، وخرجت خيلهم تشتد بهم في الصحراء، تاركين ميدان القتال. ولمَّا رأى المسلمون خيل الروم تهرب أفسحوا لها الطريق ودعوها تغادر ساحة القتال.
انهار الروم تماماً، وتملَّكهم الهلع فتزاحموا وركب بعضهم بعضا وهم يتقهقرون أمام المسلمين الذين يتبعونهم؛ حتى انتهوا إلى مكان مشرف على هاوية تحتهم، فأخذوا يتساقطون فيها ولا يبصرون ما تحت أرجلهم، وكان الليل قد أقبل والضباب يملأ الجو، فكان آخرهم لا يعلم ما يلقى أولهم، وبلغ الساقطون في هذه الهاوية عشرات الألوف، وتذكر بعض الروايات أنهم كانوا ثمانين ألفاً، وسميت تلك الهاوية "الواقوصة"؛ لأن الروم وقصوا فيها، و*** المسلمون من الروم في المعركة بعدما أدبروا نحو خمسين ألفاً، خلاف من سقطوا في الهاوية...ولما أصبح اليوم التالي، نظر المسلمون فلم يجدوا في الوادي أحداً من الروم، فظنوا أن الروم قد أعدوا كميناً، فبعثوا خيلاً لمعرفة الأمر، فإذا الرعاة يخبرونهم أنهم قد سقطوا في الهاوية أثناء تراجعهم، ومن بقي منهم غادر المكان ورحل.
كانت معركة اليرموك من أعظم المعارك الإسلامية، وأبعدها أثراً في حركة الفتح الإسلامي، فقد لقي جيش الروم- أقوى جيوش العالم يومئذ- هزيمة قاسية، وفقد زهرة جنده، وقد أدرك هرقل حجم الكارثة التي حلت به وبدولته، فغادر المنطقة نهائياً وقلبه ينفطر حزناً، وهو يقول: "السلام عليك يا سوريا، سلاماً لا لقاء بعده، ونعم البلد أنت للعدو وليس للصديق، ولا يدخلك رومي بعد الآن إلا خائفاً".
وقد ترتب على هذا النصر العظيم أن استقر المسلمون في بلاد الشام، واستكملوا فتح مدنه جميعاً، ثم واصلوا مسيرة الفتح؛ فضموا مصر والشمال الإفريقي.
دخول الخليفة عمر بيت المقدس:
بعد أن عقد عمر - رضي الله - عنه صلحاً مع أهل القدس، وأعطاهم الأمان، ما عدا اليهود؛ توجه رضي الله عنه بجيشه من الجابية لدخول القدس، فلما اقترب منها، ورآها من بعيد صعد على جبل، وكبر، فكبر المسلمون، وسمي هذا الجبل بجبل المكبر، ودخل عمر - رضي الله عنه - القدس ليلاً، وحينما دخل بحث عن كعب الأحبار (الذي كان يهودياً ثم أسلم) وسأله عن مكان الصخرة (أي المسجد الأقصى) (وكان أمير القدس قد حاول أن يضلله عن مكانه)، فقال: يا أمير المؤمنين اذرع من وادي جهنم كذا وكذا ذراعا فهي ثَمَّ (هناك)؛ فذرعوا فوجدوها وقد اتخذها النصارى مزبلة كما فعلت اليهود بمكان القمامة. وهو المكان الذي صلب فيه المصلوب الذي شبه بعيسى.
فلما فتح عمر بيت المقدس وتحقق موضع الصخرة أمر بإزالة ما عليها من الكناسة حتى قيل: إنه كنسها بردائه، (وفعل ذلك معه الصحابة والتابعون) حتى طهر الباب فدخلوا إلى الساحة وصلى عمر رضي الله عنه في محراب داود ركعتين تحية المسجد، ثم انقضى الليل، وجاء الفجر، فأذن المؤذن لصلاة الفجر، وهي أول مرة يؤذن فيها في القدس الشريف.
وصلّى عمر بن الخطاب بالناس، وصلى الركعة الأولى بسورة (ص) وسجد فيها سجدة داود، وصلى في الركعة الثانية بصدر سورة الإسراء، وبعد الصلاة عادوا لتنظيف بقية أنحاء المسجد، ثم قرر المسلمون بناء المسجد الأقصى؛ لأنه كان مجرد سور، بداخله مساحة واسعة فقط، فاستشار عمر بن الخطاب كعباً: أين يضع المسجد؟ فأشار عليه بأن يجعله وراء الصخرة، (القدس شمال مكة، فلو بنى المسجد خلف الصخرة، عندئذٍ من يتجه نحو القبلة في البيت الحرام، ستكون الصخرة حائلاً بينه وبين القبلة) فضرب في صدره وقال: يا ابن أم كعب ضارعت اليهود (أي أن كعباً كان يريد أن يجعل قبلة اليهود والمسلمين واحدة، إلى الصخرة!!) وأمر ببنائه في مقدّم بيت المقدس أمام الصخرة.
وأثناء وجوده في القدس كتب عهدته الشهيرة لأهل إيليا (القدس)، وكانت واحدة من أعظم العهود:
" بسم الله الرحمن الرحيم..
هذا ما أعطى عبدُ الله عمرُ أميرُ المؤمنين أهلَ إيليا من الأمان: أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملته؛ أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم، ولا يُنتقص منها ولا من حيِّزها، ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيليا معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيليا أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن..وعليهم أن يُخرِجوا منها الرومَ واللصوصَ..فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم..ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثلُ ما على أهل إيليا من الجزية..ومن أحب من أهل إيليا أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعَهم وصُلُبَهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعِهم وصُلُبهم حتى يبلغوا مأمنهم..ومن كان بها من أهل الأرض قبل م*** فلان، فمن شاء منهم قعد وعليه مثلُ ما على أهل إيليا من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رحل إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم..وعلى ما في هذا الكتاب عهدُ الله، وذمّةُ رسوله، وذمّةُ الخلفاء، وذمّةُ المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية".
شهد على ذلك: خالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان.
وكتب وحضر سنة خمس عشرة للهجرة".
فتح القدس:
الملك الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوب (صلاح الدين)
مؤسس الدولة الأيوبية في مصر والشام، امتد سلطانه إلى شمال العراق وإلى بلاد اليمن. اشتهر بلقبه السابق صلاح الدين في سوريا قبل أن يصبح سلطاناً لمصر وتسمى بالملك الناصر.
ولد صلاح الدين في تكريت عام 532هـ في ليلة مغادرة والده نجم الدين أيوب قلعة تكريت حينما كان والياً عليها، ويرجع نسب الأيوبيين إلى أيوب بن شاذي بن مروان من أهل مدينة دوين في أرمينيا، وبحسب ابن الأثير فإن نسبه يعود إلى الأكراد الروادية. بينما نقل المؤرخ جمال الدين محمد بن سالم ما نسبه للأيوبيين أنهم قالوا: "إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم"، وعن الأيوبيين ملوك اليمن أنهم قالوا بنسبتهم إلى بني أمية، أما الأيوبيون ملوك دمشق فإنهم أثبتوا نسبهم إلى بني مرة بن عوف من بطون غطفان وقد أحضر هذا النسب على المعظم عيسى بن أحمد صاحب دمشق.
بدايته:
كان الوزير الفاطمي شاور قد فر من مصر هرباً من الوزير ضرغام بن عامر بن سوار الملقب فارس المسلمين اللخمي المنذري لما استولى على الدولة المصرية وقهره وأخذ مكانه في الوزارة و*** ولده الأكبر طيء بن شاور فتوجه شاور إلى الشام مستغيثا بالملك نور الدين زنكي في دمشق وذلك في شهر رمضان 558ھ ودخل دمشق في 23 من ذي القعدة من السنة نفسها فوجه نور الدين معه أسد الدين شيركوه بن شاذي في جماعة من عسكره كان صلاح الدين في جملتهم في خدمة عمه وخدمة جيش الشام وهو كاره للسفر معهم وكان لنور الدين في إرسال هذا الجيش هدفان؛ قضاء حق شاور؛ لكونه قصده ودخل عليه مستصرخاً، وأنه أراد استعلام أحوال مصر فإنه كان يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها في غاية الاختلال فقصد الكشف عن حقيقة ذلك.
وكان نور الدين كثير الاعتماد على شيركوه لشجاعته ومعرفته وأمانته فانتدبه لذلك وجعل أسد الدين شيركوه ابن أخيه صلاح الدين مقدم عسكره وشاور معهم فخرجوا من دمشق على رأس الجيش وفي جمادى الأولى سنة 559ھ فدخلوا مصر وسيطروا عليها واستولوا على الأمر في رجب من السنة نفسها.
ولما وصل أسد الدين وشاور إلى الديار المصرية واستولوا عليها و***وا الضرغام وحصل لشاور مقصودة وعاد إلى منصبه وتمهدت قواعده واستمرت أموره غدر بأسد الدين شيركوه واستنجد بالإفرنج عليه فحاصروه في بلبيس، وكان أسد الدين قد شاهد البلاد وعرف أحوالها..ولكن تحت ضغط من هجمات مملكة القدس الصليبية والحملات المتتالية على مصر بالإضافة إلى قلة عدد الجنود الشامية أجبر على الانسحاب من مصر. وأعاد الملك نور الدين بن عماد الدين زنكي بإرسال الجيش من دمشق لمجابهة الصليبين.
وبلغ إلى علم نور الدين في دمشق وكذلك أسد الدين مكاتبة الوزير الخائن شاور للفرنج وما تقرر بينهم فخافا على مصر أن يملكوها ويملكوا بطريقها جميع البلاد هناك فتجهز أسد الدين في قيادة الجيش وخرج من دمشق وأنفذ معه نور الدين العساكر وصلاح الدين في خدمة عمه أسد الدين، وكان وصول أسد الدين إلى البلاد مقارباً لوصول الإفرنج إليها واتفق شاور والمصريون بأسرهم والإفرنج على أسد الدين وجرت حروب كثيرة.
وتوجه صلاح الدين في قيادة الجيش إلى الإسكندرية فاحتمى بها وحاصره الوزير شاور في جمادى الآخرة من سنة 562ھ ثم عاد أسد الدين من جهة الصعيد إلى بلبيس وتم الصلح بينه وبين المصريين وسيروا له صلاح الدين فساروا إلى دمشق.
عاد أسد الدين من دمشق إلى مصر مرة ثالثة وكان سبب ذلك أن الإفرنج جمعوا فارسهم وراجلهم وخرجوا يريدون مصر ناكثين العهود مع أسد الدين طمعاً في البلاد فلما بلغ ذلك أسد الدين ونور الدين في الشام لم يسعهما الصبر فسارعا إلى مصر أما نور الدين فبالمال والجيش ولم يمكنه المسير بنفسه للتصدي لأي محاولة من قبل الإفرنج، وأما أسد الدين فبنفسه وماله وإخوته وأهله ورجاله وسار الجيش.
يقول بن شداد: "لقد قال لي السلطان صلاح الدين قدس الله روحه كنت أكره الناس للخروج في هذه الدفعة وما خرجت من دمشق مع عمي باختياري وهذا معنى قول القرآن }وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم»
وكان شاور لما أحس بخروج الإفرنج إلى مصر سير إلى أسد الدين في دمشق الشام يستصرخه ويستنجده فخرج مسرعاً وكان وصوله إلى مصر في شهر ربيع الأول سنة 564ھ ولما علم الإفرنج بوصول أسد الدين على رأس الجيش من دمشق إلى مصر على اتفاق بينه وبين أهلها رحلوا راجعين على أعقابهم ناكصين وأقام أسد الدين بها يتردد إليه شاور في الأحيان وكان وعدهم بمال في مقابل ما خسروه من النفقة فلم يوصل إليهم شيئاً وعلم أسد الدين أن شاور يلعب به تارة وبالإفرنج أخرى، وتحقق أنه لا سبيل إلى الاستيلاء على البلاد مع بقاء شاور فأجمع رأيه على القبض عليه إذا خرج إليه، ف***ه وأصبح أسد الدين وزيراً وذلك في سابع عشر ربيع الأول سنة 564ھ ودام آمراً وناهياً وصلاح الدين يباشر الأمور مقرراً لها لمكان كفايته ودرايته وحسن رأيه وسياسته إلى الثاني والعشرين من جمادى الآخرة من السنة نفسها فمات أسد الدين.
ولما بلغ صلاح الدين قصد الإفرنج دمياط استعد لهم بتجهيز الرجال وجمع الآلات إليها ووعدهم بالإمداد بالرجال إن نزلوا عليهم وبالغ في العطايا والهبات وكان وزيراً متحكماً لا يرد أمره في شيء ثم نزل الإفرنج عليها واشتد زحفهم وقتالهم عليها وهو يشن عليهم الغارات من خارج والعسكر يقاتلهم من داخل فانتصر عليهم فرحلوا عنها خائبين فأحرقت مناجيقهم ونهبت آلاتهم و*** من رجالهم عدد كبير.
في 1170م أغار صلاح الدين إلى غزة التي كان يسيطر عليها الصليبيون، وفي السنة التالية انتزع أيلة من مملكة بيت المقدس الصليبية وأغار على مقاطعتي شرق نهر الأردن وقلاع الشوبك والكرك.
تأسيس الدولة:
بعد دخول صلاح الدين وسيطرته على مصر في البداية لم يكن مركز صلاح الدين مستقراً بسبب الاضطراب الذي سببه توالي عدد كبير من الخلفاء الفاطميين في مدد قصيرة، تحكم في قراراتهم سلسلة من الوزراء.
بعد موت العاضد سنة 1171م، دفع صلاح الدين العلماء إلى المناداة بالمستضيء العباسي خليفة والدعاء له في الجمعة والخطبة باسمه من على المنابر، وبهذا انتهت الخلافة الفاطمية في مصر، وحكم صلاح الدين مصر كممثل لنور الدين الذي كان في النهاية يقر بخلافة العباسيين.
حدّث صلاح الدين اقتصاد مصر، وأعاد تنظيم الجيش مستبعداً العناصر الموالية للفاطميين، واتبع نصيحة أبيه أيوب بألا يدخل في مواجهة مع نور الدين الذي كان يدين له رسمياً بالولاء ويتبع له وهو من اختاره عندما انطلقت الجيوش من دمشق لإنقاذ مصر. لكن بعد موت نور الدين سنة 1174م اتخذ صلاح الدين لقب "سلطان" في مصر مؤسساً الأسرة الأيوبية، وماداً نفوذه في اتجاه المغرب العربي.
وكان شيركوه عندما انطلق إلى جنوب مصر للقضاء على مقاومة مؤيدي الفاطميين قد واصل الاتجاه جنوبا بحذاء البحر الأحمر باسطاً نفوذه على اليمن ومُدخلها تحت حكم الأيوبيين.
سلطان سوريا:
كان صلاح الدين قد تراجع في مناسبتين عن غزو مملكة بيت المقدس، وذلك في عامي 1170م و1172م حيث كان يسعى للإبقاء على أمن بلاد مصر والنوبة، فكاد هذا يكون سبباً في وقوع مواجهة مباشرة مفتوحة بين صلاح الدين ونور الدين إلا أن موت نور الدين حسم المسألة، وكان ابنه الصالح إسماعيل طفلاً، فعاد صلاح الدين إلى دمشق المدينة الذي انطلق منها وكان أحد جنود جيشها في عهد نور الدين زنكي وفتح البلاد وواجه الصليبيين وعاد إلى دمشق واستقبل فيها بترحاب كبير بينما انتقل الصالح إسماعيل إلى حلب وظل يقاوم حتى م***ه سنة 1181م.
في دمشق توج السلطان صلاح الدين وعضّد مُلكه بالزواج من أرملة نور الدين (عصمت الدين خاتون) ثم بسط نفوذه على حلب والموصل عامي 1176م و1177م على الترتيب، وبينما كان يحاصر حلب يوم 22 مايو 1176م حاول الحشاشون اغتياله، فأجروا محاولتين كانت ثانيهما وشيكة إلى حد أنه أصيب.
بعد ذلك فرض صلاح الدين نفوذه على الجزيرة وشمال العراق وأخضع الزنكيين في الموصل وسنجار والأرتوقيين في ماردين وديار بكر، كما بسط نفوذه على الحجاز.
محاولةالباطنية اغتياله:
يقول أبو شامة المقدسي في كتابه (الروضتين في أخبار الدولتين): "لما فتح السلطان حصن بزاعة ومنبج أيقن من هم تحت سلطتهم بخروج ما في أيديهم من المعاقل، والقلاع ونصبوا الحبائل للسلطان.
فكاتبوا سناناً صاحب الحشيشية مرة ثانية، ورغبوه بالأموال والمواعيد، وحملوه على البتاع فأرسل جماعة من أصحابه فجاءوا بزي الأجناد، ودخلوا بين المقاتلة وباشروا الحرب وأبلوا فيها أحسن البلاء، وامتزجوا بأصحاب السلطان لعلهم يجدون فرصة ينتهزونها.
فبينما السلطان يوماً جالس في خيمة جاولي، والحرب قائمة والسلطان مشغول بالنظر إلى القتال، إذ وثب عليه أحد الحشيشية وضربه بسكينة على رأسه، وكان محترزاً خائفاً من الحشيشية، لا ينزع الزردية عن بدنه ولا صفائح الحديد عن رأسه؛ فلم تصنع ضربة الحشيشي شيئاً لمكان صفائح الحديد وأحس الحشيشي بصفائح الحديد على رأس السلطان فسحب يده بالسكينة إلى خد السلطان فجرحه وجرى الدم على وجهه.
ولما رأى الحشيشي ذلك هجم على السلطان وجذب رأسه، ووضعه على الأرض وركبه لينحره؛ وكان من حول السلطان قد أدركتهم دهشةٌ أخذت عقولهم. وحضر في ذلك الوقت سيف الدين يازكوج، وقيل إنه كان حاضراً، فاخترط السيف وضرب الحشيشي ف***ه..وجاء آخر من الحشيشية أيضاً يقصد السلطان، فاعترضه الأمير داود بن منكلان الكردي وضربه بالسيف، وسبق الحشيشي إلى ابن منكلان فجرحه في جبهته، و***ه ابن منكلان، ومات ابن منكلان من ضربة الحشيشي بعد أيام.
وجاء آخر من الباطنية فحصل في سهم الأمير علي بن أبي الفوارس فهجم على الباطني ودخل الباطني فيه ليضربه فأخذه علي تحت إبطه، وبقيت يد الباطني من ورائه لا يتمكن من ضربه، فصاح علي: ا***وه وا***وني معه، فجاء ناصر الدين محمد بن شيركوه فطعن بطن الباطني بسيفه، وما زال يخضخضه فيه حتى سقط ميتاً ونجا ابن أبي الفوارس..وخرج آخر من الحشيشية منهزماً، فلقيه الأثير شهاب الدين محمود، خال السلطان فتنكب الباطني عن طريق شهاب الدين فقصده أصحابه وقطعوه بالسيوف.
وأما السلطان فإنه ركب من وقته إلى سرادقه ودمه على خده سائل، وأخذ من ذلك الوقت في الاحتراس والاحتراز، ونصب له في وسط سرادقه برجاً من الخشب كان يجلس فيه وينام، ولا يدخل عليه إلا من يعرفه، وبطلت الحرب في ذلك اليوم، وخاف الناس على السلطان. واضطرب العسكر وخاف الناس بعضهم من بعض، فألجأت إلى ركوب السلطان ليشاهده الناس، فركب حتى سكن العسكر.
الحرب مع الصليبين:
بينما كان صلاح الدين يعمل على بسط نفوذه على عمق سورية فقد كان غالباً يترك الصليبيين لحالهم مرجئاً المواجهة معهم وإن كانت غالباً لم تغب عنه حتميتها، إلا أنه كان عادة ما ينتصر عندما تقع مواجهة معهم، وكان الاستثناء هو موقعة مونتجيسارد يوم 25 نوفمبر 1177م حيث لم يُبدِ الصليبيون مقاومة فوقع صلاح الدين في خطأ ترك الجنود تسعى وراء الغنائم وتتشتت، فهاجمته قوات بولدوين السادس ملك أورشليم وأرناط وفرسان المعبد وهزمته.
إلا أن صلاح الدين عاد وهاجم الإمارات الفرنجية من الغرب وانتصر على بولدوين في معركة مرج عيون في 1179م وكذلك في السنة التالية في موقعة خليج يعقوب، ثم أرسيت هدنة بين الصليبيين وصلاح الدين في 1180م.
إلا أن غارات الصليبيين عادت فحفزت صلاح الدين على الرد. فقد كان أرناط يتحرش بالتجارة وبالحجاج المسلمين بواسطة أسطول له في البحر الأحمر، فبنى صلاح الدين أسطولاً من 30 سفينة لمهاجمة بيروت في 1182م، وعندها هدد أرناطُ بمهاجمة مكة والمدينة، فحاصر صلاح الدين حصن الكرك معقل أرناط مرتين في عامي 1183م و1184م، ورد أرناط بمهاجمة قوافل حجاج مسلمين سنة 1185.
بعد أن استعصى حصن الكرك المنيع على صلاح الدين أدار وجهه وجهة أخرى وعاود مهاجمة عز الدين مسعود بن مودود الزنكي في نواحي الموصل التي كان قد بدأت جهوده في ضمها سنة 1182م، إلا أن تحالف عز الدين مع حاكم أذربيجان حال دون تحقق مراده، ثم إن صلاح الدين مرض فأرسيت معاهدة في 1186م.
في عام 1187م سقطت أغلب مدن وحصون مملكة بيت المقدس في يد صلاح الدين بعد أن هزمت القوات الصليبية في موقعة حطين بتاريخ في 4 يوليو 1187م.
حيث التقت قوات صلاح الدين في معركة حطين مع القوات المجتمعة بقيادة غي دي لوزينيان نائب ملك مملكة بيت المقدس، وريموند الثالث كونت طرابلس، وفي تلك الموقعة كادت قوات الصليبيين تفنى.
دخول القدس:
دخلت قوات صلاح الدين القدس يوم 2 أكتوبر 1187م بعد أن استسلمت المدينة وكان صلاح الدين قد عرض شروطاً كريمة للاستسلام، إلا أنها رفضت، فبعد بدء الحصار رفض أن يمنح عفواً للأوروبيين من سكان القدس حتى هدد باليان ب*** كل الرهائن المسلمين الذين كان عددهم يقدر بخمسة آلاف، وتدمير قبة الصخرة والمسجد الأقصى، فاستشار صلاح الدين مجلسه ثم قبِل منح العفو، على أن تُدفع فدية لكل فرنجي في المدينة سواء كان رجلاً أو امرأة أو طفلاً، إلا أن صلاح الدين سمح لكثيرين بالخروج ممن لم يكن معهم ما يكفي لدفع الفدية عن جميع أفراد أسرهم.
قبل القدس كان صلاح الدين قد استعاد كل المدن تقريباً من الصليبيين، ما عدا صور التي كانت المدينة الوحيدة الباقية في يد الصليبين.
من الناحية الإستراتيجية ربما كان من الأفضل لصلاح الدين فتح صور قبل القدس لكون الأولى بموقعها على البحر تشكل مدخلاً لإمدادات الصليبيين من أوروبا، إلا أنه اختار البدء بالقدس بسبب أهميتها الروحية لدى المسلمين..كانت صور في ذلك الوقت تحت إمرة كونراد أمير مونتفرات الذي حصنها فصمدت أمام حصارين لصلاح الدين. كان صلاح الدين قد أطلق سراح جاي ذي لوزينان وأعاده إلى زوجته سيبيلا ملكة أورشليم، فلجئا أولاً إلى طرابلس ثم إلى أنطاكيا، وحاولا عام 1189م استعادة صور إلا أن كونراد حاكمها رفض دخولهما لأنه لم يكن يعترف بجاي ملكاً، فذهب جاي لحصار عكا.
ريتشارد قلب الأسد والحملة الثالثة:
حفز فتح القدس خروج حملة صليبية ثالثة، مُوِّلت في إنجلترا وأجزاء من فرنسا بضريبة خاصة عرفت بضريبة صلاح الدين.
قاد الحملة ثلاثة من أكبر ملوك أوروبا في ذلك الوقت هم ريتشَارد (قلب الأسد) ملك إنجلترا، وفيليب أوغست ملك فرنسا، وملك ألمانيا فريدريك بربروسا الإمبراطور الروماني المقدس، إلا أن هذا الأخير مات أثناء الرحلة، وانضم الآخران إلى حصار عكا التي سقطت في 1191م، وأُعدم فيها ثلاثة آلاف سجين مسلم بمن فيهم نساء وأطفال، في 7 سبتمبر 1191م اشتبكت جيوش صلاح الدين مع جيوش الصليبيين بقيادة ريتشارد في معركة أرسوف التي انهزم فيها صلاح الدين، إلا أن الصليبيين لم يتمكنوا من اجتياح الداخل وبقوا على الساحل وفشلت كل محاولاتهم لغزو القدس فوقّع ريتشارد في 1192م معاهدة الرملة مع صلاح الدين مستعيداً بموجبها مملكة أورشليم الصليبية في شريط ساحلي ما بين يافا وصور كما فتحت القدس للحجاج المسيحيين.
وكانت العلاقة بين صلاح الدين الأيوبي وريتشارد مثالاً على الفروسية والاحترام المتبادلين رغم الخصومة العسكرية، فعندما مرض ريتشارد بالحمى أرسل إليه صلاح الدين طبيبه الخاص، كما أرسل إليه فاكهة طازجة وثلجاً لتبريد الشراب، وهو إلى جانب كونه فعلاً كريماً يعد استعراضاً للقدرة، وعندما فقد ريتشارد جواده في أرسوف أرسل إليه صلاح الدين اثنين.
عرض ريتشارد على صلاح الدين فلسطين موحدة للمسيحيين الأوروبيون والمسلمين العرب بطريق تزويج أخت ريتشارد بأخي صلاح الدين وأن تكون القدس هدية زفافهما. إلا أن الرجلين لم يلتقيا أبداً وجهاً لوجه وكان التواصل بينهما بالكتابة أو بالرسل.
وفاته:
كانت المواجهة مع ريتشارد ومعاهدة الرملة آخر أعمال صلاح الدين، إذ إنه بعد وقت قصير من رحيل ريتشارد مات صلاح الدين – رحمه الله - من الحمى في دمشق في 3 مارس 1193م، الموافق يوم الأربعاء 27 صفر 589 ھـ.
وعندما فُتحت خزانته الشخصية وجدوا أنه لم يكن فيها ما يكفي من المال لجنازته، فلم يكن فيها سوى سبعة وأربعين درهماً ناصرية وجراماً واحداً ذهباً سورياً ولم يخلف ملكاً ولا داراً، إذ كان قد أنفق معظم ماله في الصدقات.
صلاح الدين مدفون في ضريح في المدرسة العزيزية قرب الجامع الأموي في دمشق إلى جوار الملك نور الدين زنكي، وكان فلهلم الثاني إمبراطور ألمانيا عندما زار دمشق توجه إلى مدفن صلاح الدين ووضع باقة زهور جنائزية على قبره عليها نقش معناه "ملك بلا خوف ولا ملامة علّم خصومه طريق الفروسية الحق". كما أهدى نعشاً رخامياً للضريح إلا أن جثمان صلاح الدين لم ينقل إليه وبقي في النعش الخشبي، بينما بقيت الهدية في الضريح خاوية إلى اليوم.
في ساعة موته كتب القاضي الفاضل قاضي دمشق إلى ولده الملك الظاهر صاحب حلب بطاقة مضمونها ["لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة] {إن زلزلة الساعة شيء عظيم} كتبت إلى مولانا السلطان الملك الظاهر أحسن الله عزاءه وجبر مصابه وجعل فيه الخلف في الساعة المذكورة وقد زلزل المسلمون زلزالاً شديداً وقد حفرت الدموع المحاجر وبلغت القلوب الحناجر وقد ودعت أباك ومخدومي وداعاً لا تلاقي بعده وقد قبلت وجهه عني وعنك وأسلمته إلى الله مغلوب الحيلة ضعيف القوة راضي عن الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وبالباب من الجنود المجندة والأسلحة المعدة ما لم يدفع البلاء ولا ملك يرد القضاء وتدمع العين ويخشع القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا عليك لمحزونون يا يوسف وأما الوصايا فما تحتاج إليها والآراء فقد شغلني المصاب عنها وأما لائح الأمر فإنه إن وقع اتفاق فما عدمتم إلا شخصه الكريم وإن كان غيره فالمصائب المستقبلة أهونها موته وهو الهول العظيم والسلام".
وبالرغم من أن الدولة التي أسساها صلاح الدين لم تدم طويلاً من بعده، إلا أن صلاح الدين يعد في الوعي الإسلامي محرر القدس واستلهمت شخصيته في الملاحم والأشعار وحتى مناهج التربية الوطنية في الدول العربية، كما ألفت عشرات الكتب عن سيرته، وتناولتها المسرحيات والتمثيليات والأعمال الدرامية.
لا يزال صلاح الدين يضرب به المثل على القائد المسلم المثالي الذي يعمل على مواجهة أعدائه بحسم ليحرر أراضي المسلمين، دون تفريط في الشهامة والأخلاق الرفيعة.
نسر العقاب الذي يرمز للدولة الأيوبية اتخذ كشعار للعديد من الدول العربية في العصر الحديث، إذ يظهر هذا النسر في العلم المصري، كما اتخذ شعاراً رسمياً في سوريا وكذلك لكل من فلسطين والعراق.
وبالرغم من كونه خصماً عنيداً للأوروبيين فإن صلاح الدين في الوعي الأوروبي ظل نموذجاً للفارس الشهم الذي تتجسد فيه أخلاق الفروسية بالمفهوم الأوروبي، حتى أنه توجد ملحمة شعبية شعرية من القرن الرابع عشر تصف أعماله البطولية.
كما أن الشاعر دانتي أليجييري مؤلف الكوميديا الإلهية قد وضعه في المطهر مع عدد من الشخصيات التي عدها كافرة - وفق معتقده المسيحي الكاثوليكي - لكنها في نظره شخصيات صالحة وسامية أخلاقياً (وضع دانتي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في المطهر كذلك). كما أن صلاح الدين يصور بشكل مقبول في رواية والتر سكوت التعويذة المكتوبة سنة 1825م.
ويدرك الأوربيون أنه بالرغم من المذابح التي أوقعها الصليبيون عندما غزوا القدس في 1099م فإن صلاح الدين قد عفا عن كل المسيحيين الكاثوليك (الأوروبيين) وحتى عن الجنود المنهزمين طالما كانوا قادرين على دفع الفدية، في حين عامل الأرثوذكس (ومنهم العرب) حتى بأفضل من ذلك لأنهم عادة ما كانوا يعارضون الغزو الأوروبي الصليبي.
أيضاً امتدح القُواد المسيحيون صلاح الدين، خصوصاً ريتشارد قلب الأسد الذي قال عنه إنه أمير عظيم وإنه بلا شك أعظم وأقوى قائد في العالم الإسلامي، كما رد صلاح الدين بأنه لم يكن هناك قائد مسيحي أشرف من ريتشارد.
قال عنه المؤرخون الأوروبيون إن "من الحق أن كرمه وورعه وبعده عن التعصب؛ تلك الليبرالية والنزاهة التي كانت النموذج الذي ألهم مؤرخينا القدماء؛ هي ما أكسبه احتراماً في سورية الإفرنجية لا يقل عن الذي له في أرض الإسلام.".
الخلاصة:
عندما فتح المسلمون الأوائل البلدان كانت عوامل النصر الدينية والدنيوية مصاحبة لعمليات الفتوحات، وتظهر جلية من خلال قراءة سِير الفاتحين وجيوشهم أمثال صلاح الدين الأيوبي الذي وحد جبهته الداخلية قبل أن ينطلق فاتحاً وناصراً ثم منتصراً على أعدائه.. وبدون هذه العوامل فلن يكون العز أو النصر حليفنا..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
- معركة اليرموك.. وانحسار دولة الروم- أحمد تمام – إسلام أون لاين.
- بين فتح مكة وبشريات فتح القدس- المركز الفلسطيني للإعلام.
- موقع (قصة الإسلام).
منقول



رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:25 PM.