|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
أمنا الطاهرة بنت الصديق
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على سيِّدنا رسولِ الله، وعلى آله وصحْبه ومَن والاه. وبعد: فيأبى الله إلاَّ أن يُتمَّ نورَه ولو كرِه الكافرون، كلَّ يوم نسمع صيحةً من أعداء الإسلام الروافض - عليهم لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين - مِن أجل أن يحطُّوا من سادتنا الصحابة - رضوان الله عليهم جميعًا - ويُقلِّلوا مِن قَدْرِهم؛ ومِن ثَمَّ ينالون مِن شخصِ سيِّدنا رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وهؤلاء قد لَعَنهم رسولُنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ((لعَن الله مَن سَبَّ أصحابي))؛ رواه الطبراني في المعجم الكبير (13588). ولم يكتفِ المجرِمون بلعْن الصحابة، بل وصَل بهم الجُرمُ والطغيان للنيل مِن أمِّنا عائشة - رضي الله عنها - والتقوُّل عليها بكلامٍ بذيءٍ تافِه، لا يصدر إلاَّ مِن التافهين الحاقدين على دِينِ الله - عز وجل-. ورحِمَ الله مَن قال: وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ نَشْرَ فَضِيلَةٍ *** طُوِيَتْ أَتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودِ لَوْلا اشْتِعَالُ النَّارِ فِيمَا جَاوَرَتْ *** مَا كَانَ يُعْرَفُ طِيبُ عَرْفِ الْعُودِ ومَن قال: مَا ضَرَّ شَمْسَ الضُّحَى فِي الأُفْقِ سَاطِعَةً *** أَلاَّ يَرَى ضَوْءَهَا مَنْ لَيْسَ ذَا بَصَرِ ومَن قال: وَمَا ضَرَّ الوُرُودَ وَمَا عَلَيْهَا *** إِذَا المَزْكُومُ لَمْ يَطْعَمْ شَذَاهَا فليقلِ اللعين ياسر الحبيب، ذلك الحقير الخبيث، ما شاء، فَنَجْمُ أمِّ المؤمنين عالٍ، "وهل يضرُّ السحابَ نبحُ الكلاب"؟! من هي عائشة - رضي الله عنها؟ هي السيِّدة عائشة، أمُّ المؤمنين، وابنة أبي بكر الصِّدِّيق - رضي الله عنهما - تزوَّجها سيدُنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وعمرُها تِسع، في شهر شوال مِنَ السَّنة الثانية للهجرة، وأقامتْ في صُحْبته - صلى الله عليه وسلم - حوالي ثمانيةَ أعوام وخمسةَ أشهر، وتُوفِّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهي ابنةُ ثماني عشرة سَنَة، وتُوفِّيت - رضي الله عنها - في المدينة سَنَة سبْع وخمسين للهِجْرة في عهْد سيِّدنا معاويةَ بنِ أبي سُفيانَ - رضي الله عنه -. بعض مما قيل فيها: روَى أبو معاوية عبدُالله بنُ معاوية، قدِم علينا مكَّة، حدَّثَنا هشام بن عروة، قال: كان عروةُ يقول لعائشة: يا أُمَّتاه، لا أعجبُ مِن فَهْمك؛ أقول: زوجةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبنت أبي بكر، ولا أعْجَب مِن علمك بالشِّعر وأيَّام الناس؛ أقول: ابنة أبي بكر، وكان أعلمَ الناس، أو ومِن أعلمِ الناس، ولكن أعجَبُ مِن علمك بالطبِّ كيف هو؟! ومِن أين هو؟! قال: فضربتْ على منكبي، وقالت: أي عُرَيَّة! إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَسْقَم عندَ آخِرِ عُمره، أو في آخِر عمره، وكان يَقْدَمُ عليه وفودُ العرب مِن كل وجْه، فتُنعَتْ له الأنعات، وكنتُ أُعالِجها له، فمِن ثَمَّ"؛ "غاية المقصد في زوائد المسند" (2/1446). عن عبدِالله بن شقيق، قال: قلتُ لعائشة: أي النِّساءِ كان أحبَّ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: عائشة، قلت: فمِن الرجال؟ قالتْ: أبوها؛ "غاية المقصد في زوائد المسند" (2/ 1447). وعن عبدالله بن صفوانَ وآخَرَ معه أتيَا عائشةَ، فقالت عائشة - رضي الله عنها -: يا فلانُ، هل سمعتَ حديث حفْصَة؟ قال: نعم يا أمَّ المؤمنين، فقال لها عبدُالله بن صفوان: وما ذاك يا أمَّ المؤمنين؟ قالت: في تِسعٍ لم تكن في أحدٍ مِنَ النساء إلاَّ ما آتى الله مريمَ ابنة عمران، والله ما أقول هذا أنِّي أفتَخِر على أحدٍ من صواحبي، قال عبدالله بن صفوان: وما هنَّ يا أمَّ المؤمنين؟ قالت: نَزَل المَلَك بصُورتي، وتزوَّجني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لسبعِ سنين، وأهديت له لتِسع سِنين، وتزوَّجني بِكرًا لم يَشْرَكه فيَّ أحدٌ مِن الناس، وأتاه الوحي وأنا وإيَّاه في لحافٍ واحد، وكنتُ أَحبَّ النِّساء إليه، ونزَل فيَّ آياتٌ من القرآن كادتِ الأمَّة تَهلِك فيهنَّ، ورأيتُ جبريل ولم يرَه أحدٌ من نسائه غيري، وقُبِض في بيتي لم يكن أحدٌ غير المَلَك وأنا؛ "إتحاف الخيرة المهرة" (7/ 248). مناقبها: لقد امتازت - رضي الله عنها - بذكاءٍ جعَلها تبرز بعِلمها واجتهاداتها، وكان الصحابةُ - رضوان الله عليهم - يَرْجِعُون إليها بتساؤلاتِهم وإشكالياتِهم، ويستشيرونها في مختلفِ المجالات؛ في القرآن وعُلومِه، وفي سُنَّة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ومداخلها، وفي الفِقه وفي علوم اللُّغة والأنْساب والطِّبِّ وغيرها مِن أمور الحياة؛ وذلك لِمَا تميَّزتْ به - رضي الله عنها - مِن سَعَة العِلم؛ بقُربها المتميِّز ومعاشرتها للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومحبته إيَّاها، ومحبَّتها إياه. أُمَّنا عائشة المحدِّثة الناقدة: تقول الدكتورة زينب طه العلوانيُّ في بحث لها بعنوان "دلالات منهجية في القراءات القرآنية للسيِّدة عائشة - الاستدراكات نموذجًا": "...فقدِ استدركتْ - رضي الله عنها - تعني: أمَّنا عائشةَ - على كثيرين خطأَ فَهْمِهم للحديث، أو الخطأ في استنباطِ الحُكم مِن آية قُرْآنية؛ نتيجةَ الخَلَل في تمامِ الرِّواية، ولذلك فقد تميَّزتْ في استدراكاتِها بخِبْرة جادَّة في التحليل والنقْد، والتصحيح وجَوْدة النِّقاش، على دِقَّةالتركيزِ على بيان نِقاط ضَعْف الرِّواية وأسبابها، دون التركيزِ على تجريحِ الرَّاوي، أو التشكيك في موقفه، ولكن دراسة (الاستدراكات[1]) بهذه الصِّياغة؛ أي: بمعنى دراسة وتحليل مناقشاتِ الصحابة ومراجعاتِهم لبعضهم البعض، مع تتبُّع ورَصْد مناهجِهم في الفَهْم والتحليل في مختلف المسائل والقضايا، لم يتمَّ التركيزُ على دراستها، أو مواصلة تطويرِها كأدواتٍ منهجيَّة تساعد في توسيعِ مساحة مناهجِ التعامُل مع القرآن والسُّنة عدَا ما ورد متفرِّقًا في أصول الفِقه، أو علم فقه المقارنة بيْن المذاهب ونحوها، وذلك في إطارِ مناقشةِ نماذجَ محدودةٍ، ولأغراضٍ تختلف في التناوُلِ والتحليل والغايات عَنْ طرْح الاستدراكات، وتناولها بالصُّورة التي عرَضَها الزركشيُّ ومَن سبَقَه في هذا المجال"[2]. عائشة الراوية: ولقدْ رَوتْ أُمُّنا السيِّدةُ عائشةُ - رضي الله عنها - عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ألْفًا ومائتين وعشرة أحاديث، اتَّفق البخاريُّ ومسلم منها على مائةٍ وأربعة وسبعين حديثًا، ورَوى عنها عددٌ كبير من الصحابة والتابعين، لقد كانتْ تُشكِّل - رضي الله عنها - مدرسةً عِلميَّة لها منهجُها المتميِّز في التعامُل مع القرآن والسُّنَّة. تكريمها بنزول الوحي في بيتها: ولقدْ كان يَنزِل الوحيُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في حُجْرتها، فلا تكتفي بسَماع الآية، ولكنَّها كثيرًا ما كانتْ تُثير التساؤلاتِ والنِّقاشَ حوْلَ ما لا تفهمه مِن معاني الآيات، ولقدْ روي عن ابن أبي مُلَيكة أنَّه قال: "ولقدْ كانتْ عائشةُ لا تَسْمَع شيئًا لا تَعرِفه إلا راجعتْ فيه حتى تعرِفَه[3]"، بل كانتْ تحثُّ الناس على السُّؤال فقالتْ تُثْني على نِساء الأنصار: "نِعمَ النِّساءُ نِساءُ الأنصار؛ لَمْ يمنعهنَّ الحياءُ أن يتفقهْنَ في الدِّين"؛ رواه البخاري. ولقد عُرِفتْ بتساؤلاتها فقالت: سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية: ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) [المؤمنون: 60]: أهُم الذين يَشْرَبون الخمْرَ ويَسْرِقون؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: (( لا يا بنتَ الصِّدِّيق، ولكنَّهم الذين يَصومون ويُصلُّون ويتصدَّقون، وهم يخافون ألا يُقبَل منهم، (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون: 61]))؛ رواه ابن ماجه والترمذي. وقالتْ أيضًا: سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله - تعالى -: ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ) [إبراهيم: 48]، فأين يكون الناسُ يومئذٍ يا رسولَ الله؟ فقال: ((على الصِّراط))؛ رواه مسلم. ورُوي أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن حُوسِب عُذِّب، قالتْ عائشة: أوَلَيْس يقول - تعالى -: ( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) [الانشقاق: 8]، فقال - صلى الله عليه وسلم -: إنَّما هذا العَرْض، ولكن مَن نُوقِش الحسابَ يَهلِك))؛ رواه البخاري. وهكذا كانتْ عائشةُ - رضي الله عنها - تقرأ سُنَّةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في ضوْء تعاليمِ القرآن الكريم، ولا تتجاوزه، وكانتْ تَعْلَم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قرآنًا يمشي على الأرْض؛ ولذلك وصفتْه حين سُئِلتْ عن خُلُقه - صلى الله عليه وسلم -: "كان خُلُقه القرآن"، وهو وصْفُ القرآن الكريم له؛ ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) [القلم: 4]. نموذج مِن تحليلها وقَبولها الأحاديث: منهج عائشة - رضي الله عنها - في تحليل رِواية "البُكاء على الميِّت": روَى البخاري عن هشامٍ، عن أبيه، قال: ذُكِر عندَ عائشة - رضي الله عنها - أنَّ ابن عمر رفَع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الميِّتَ ليُعذَّب في قبْره ببكاءِ أهله))، فقالت: وَهِلَ ابنُ عمر - رحمه الله - إنَّما قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّه ليُعذَّب بخطيئته وذَنْبه، وإنَّ أهله ليَبْكون عليه الآن)). ولقدْ جاء في سُنن الترمذي ما نُقِل عنِ ابن عمرَ، عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((الميِّت يُعذَّب ببكاء أهْلِه عليه))، فقالت عائشة: - يرحمه الله -، لم يَكْذِب، ولكنَّه وهِمَ، إنَّما قال رسولُ الله لرجل مات يهوديًّا: ((إنَّ الميِّت ليُعذَّب، وإنَّ أهله ليبكون عليه))، ثم قالت عائشةُ - رضي الله عنها - مُذكِّرة الحضور بالرُّجوع إلى القوْل الفَصْل في القرآن الكريم: حسبُكم القرآن؛ قال - تعالى -: ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) [الأنعام: 164]؛ قال أبو عيسى: حديثُ عائشة حديثٌ حسنٌ صحيح، وقد رُوي من غيْر وجه عن عائشة، وقد ذَهَب أهلُ العلم إلى هذا، وتأولوا هذه الآية: ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) [الأنعام: 164]، وهو قوْل الشافعي. إنَّ العمليَّة النقديَّة التي تبنتْها أُمُّنا عائشة لهذه الرِّواية، تضمَّنتْ معالجة عدَّة قضايا في المتْن؛ منها مناقشة حفْظ الرَّاوي الذي لم يتقن نقْل الرِّواية باللفْظ، ممَّا أدَّى إلى خَلَل في المعنى، مع تأكيدها على ذِكْر مناسبة الرواية، فرسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقول قولاً، ما لم يكن هناك سببٌ؛ كسؤال، أو حادِثة، أو نحوها، وإنَّ اقتطاع قوله - صلى الله عليه وسلم - وعزْلَه عن مناسبته، يؤدِّي إلى خَلَل في المعنى والتدليل والاستنباط، وهذا ممَّا جعَل عائشةَ - رضي الله عنها - تؤكِّد في الكثير مِن استدراكاتها على ذِكْر مناسبة الحديث وأسبابه، كأداةٍ منهجيَّة تُقوِّم المعنى، وتُساعد في توضيحِ مواطِنِ الاستدلال به، كما تُساعِد على اختبارِ المتْن وتقييمه. أمَّا المؤشِّر المنهجي الآخَر الذي اقترحتْه أمُّنا عائشة - رضي الله عنها - في هذه الرِّوايات كمنهجٍ عِلمي قادرٍ على التقييم، فهو دراسةُ الرِّواية وتحليلها ضِمنَ إطار تعاليم القرآن الكريم، واستحضار قِيَمه العليا ومقاصده. ولقدْ توصَّلت عائشة - رضي الله عنها - في تحليلها لهذه الرِّوايةِ عندَ عَرْضها على منظومة القِيَم القرآنية، أنَّها تُخالِف قِيمةَ العدالة القرآنية المطلَقة، في أنَّ سعيَ الإنسان وعَمَلَه هو الميزانُ الذي يُحاسَب عليه الإنسان حيًّا أو ميتًا، ولا يُؤاخَذ إنسانٌ بعملِ آخَر، ولو كان مِن أقرب المقرَّبين، وهذا ما جاء في مواضعَ كثيرةٍ في القرآن الكريم؛ ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) [فاطر: 18]، ( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ) [النجم: 38 - 41]، ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) [الأنعام: 164]، ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) [الإسراء: 15]، فرِواية: ((إنَّ الميِّتَ يُعذَّب ببكاءِ أهْله عليه))، تُحمِّل الميت أوزارَ أعمال الآخرين، وهذا ممَّا يخالف قِيمةَ العدالة القرآنية، فالمرء يُحاسَب على فِعْله، وليس على أفعال غيرِه؛ ولذلك فقد بيَّنتِ السيدة عائشة - رضي الله عنها - في روايتها: ((إنَّه ليُعذَّبُ بخطيئته وذَنبِه، وإنَّ أهله ليبكون عليه الآن))، فهو يُعذَّب بذَنْبه لا بذنوبِ غيره. هذا غيْض مِن فيْض في الحديث عن مناقِبِ أمِّنا عائشة - رضي الله عنها - فماذا قدَّم الكلبُ العاوي، العميلُ الخبيث ياسر الحبيب، ماذا قدَّمَ هو ودولةُ إيران الفارسيَّة؛ دُعاة العصبية والشعوبية، عملاء اليهود والصهاينة، المتواطِئون مع أعداء الإسلام، الذين حَرَّفوا كتابَ الله - عز وجل - وسَخِروا من سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! ألاَ لَعنةُ الله على الظالمين. وآخِر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين. [1] لا نعني أنَّ التقصير بتطوير دراسة وتحليل "الاستدراكات" مقصورٌ على السيدة عائشة فحَسْبُ، بل في كلِّ ما ورد من مراجعات واستدراكات الصحابة عمومًا على بعضهم البعض، خاصَّة ما كان من استدراكات الشيخَيْن أبي بكر وعمر، وغيرهما من فقهاء وقرَّاء الصحابة؛ لما كان له مِن أهمية في غربلة الكثيرِ مِن الأحاديث، بل وحتى في مجال تغيير وتطوير بعضِ مناهج نقْد الأسانيد والمتون النظرية والعملية. [2] نود الإشارة إلى التفريق بيْن الاستدراكات والمستدركات، فالمستدرَكات: هي الكُتب التي يُخرِّج فيها أصحابُها أحاديثَ لم يُخرِّجْها كتابٌ مِن كتب السُّنَّة، وهي على شرْط ذلك الكتاب، وقد أُلِّفت عِدَّة كتب استدركت أحاديث على الشيخين البخاري ومسلم، كان أشهرها وأكثرها تناولاً بيْن العلماء "المستدرك على الصحيحين" للحاكم النيسابوري (ت405هـ). [3] ابن حجر العسقلاني، "فتح الباري"، القاهرة، مطبعة مصطفى الحلبي، 1959م، ج1، ص159. جمال عبد الناصر
__________________
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|