التعليم.. والأمن القومى

[osamaabdsalam]

مما لاشك فيه أن التعليم يمثل المدخل الرئيسى للأمن القومى للمنطقة العربية، فإذا كان التعليم ناجحاً كانت البنية الأساسية للأمن القومى والمتمثلة فى الأفراد قوية تستطيع أن تواجه كل المتغيرات العالمية والثقافات الوافدة، فتحافظ بدورها على الهوية العربية وما تتميز به من إرث حضارى وثقافى ودينى. يندر أن تتوفر هذه العناصر لأى أمة أخرى، ومن هنا نتساءل: هل منظومة التعليم فى مصر تسير بنجاح؟

وهل استطاعت منظومة التعليم أن تجعل من المجتمع المصرى خلال السنوات الماضية مجتمعاً يرقى إلى مصاف الدول المتقدمة التى اعتمدت على التعليم كمحور للتقدم والارتقاء؟.. إن منظومة التعليم فى مصر تسير بخطوات وتيدة لا تناسب العصر ولا تساعد على الرقى ولا تنهض بالأفراد، وهذا يرجع إلى أن الوزارة طبقت منذ سنوات فكر الوزير ولم تطبق فكر الدولة الثابت والقائم على مبدأ تنمية المجتمع والنهوض به، ولذا نرى أن تدهور التعليم يعود للأسباب الآتية:

«أولاً»: اتجاه الدولة إلى إلغاء صف دراسى من مرحلة التعليم الأساسى أثر على العملية التعليمية برمتها ثم عادت الوزارة وقررت إعادة هذه السنة مرة أخرى، مما أدى إلى نوع من الفوضى داخل أروقة المبانى التعليمية، وأصبح أولادنا على أثر هذه السياسة هم فئران التجارب التى تقوم وزارة التربية والتعليم بعمل التجارب عليها، حتى وصل الحال إلى ما هو عليه من تدنى العملية التعليمية وضعف المستوى العلمى للطلاب، وبهذا لا يساهم التعليم فى تكوين عقلية الطالب المتميز الذى يستطيع أن يساهم بفكره وإبداعه فى عملية تنمية المجتمع.

«ثانياً»: اتجهت الدولة إلى التوسع فى إنشاء المدارس المزودة بأحدث الوسائل التعليمية ولم تزودها بالعنصر البشرى القائم على العملية التعليمية، مما أدى إلى عجز فى هيئات التدريس علماً بأن الدولة بها فائض من خريجى كلية التربية، وهذا العجز أثر بالسلب على العملية التعليمية.

«ثالثاً»: رأت الدولة أن تمنح المعلم شهادة الصلاحية عن طريق اختبار الكادر المهين الذى ضم أصحاب الخبرة وحديثى التخرج، وهذا النظام وإن كان معمولاً به فى الخارج لرفع مستوى العاملين فى الدولة إلا أن اختبار الكادر جاء بصورة مهينة للمعلم أدى إلى ضياع هيبته، وبدأ المجتمع ينظر إليه على أنه يحتاج إلى إصلاح وتقويم، والدولة تعلم أن حديثى التخرج هم الذين يحتاجون هذا الاختبار لأنهم نتاج نظام تعليمى خاطئ بدأ تطبيقه فى التسعينيات ونتيجته تدنى المستوى العلمى لخريجى الجامعة وعدم إجادتهم اللغة العربية نطقاً وكتابة، إضافة إلى ذلك القوانين الظالمة التى وضعتها الوزارة فى السنوات السابقة لتنصف التلميذ على معلمه حتى أصبح المعلم نزيلاً لأقسام السجون، وأصبح المادة الرئيسية للإعلام وصفحات الجرائد الخاصة بالجريمة. فالوزارة فشلت فشلاً ذريعاً فى إقامة علاقة متوازنة بين المعلم والتلميذ وولى الأمر، ومن هنا كان الفشل للتعليم!!

«رابعاً»: وضعت الوزارة المناهج طوال مدة الثلاثين عاماً الماضية، وهى مناهج فاقدة لمصداقيتها لأنها لم تزرع الانتماء داخل التلميذ، ولم تحرك بداخله بذرة الإبداع. إضافة إلى ذلك أنها عملت على محو تاريخنا المجيد من ذاكرة الطالب، والنتيجة أهمل الطالب التاريخ ومواد الإبداع العلمى، وأصبح الطالب يبحث عن المراكز المتخصصة للدروس حتى ينجح ويلتحق بكليات القمة وانعكس هذا على خريج الجامعة الضعيف مهنياً وعلمياً، والشواهد فى مجتمعنا كثيرة على ذلك. فهناك الطبيب الذى ينسى إحدى أدواته داخل بطن المريض، وهناك المعلم الذى يعتدى على تلميذه بصورة وحشية، وكل هذا يعد فشلاً للتعليم فى مصر!!

والسؤال: لماذا نجح التعليم التقليدى فى الستينيات فى أن يخرج عقلية زويل ومصطفى السيد والباز وأحمد مستجير ومجدى يعقوب والكثير والكثير؟ وهل يمكن لمصر أن تعبر من مرحلة الركود العلمى إلى مرحلة العلم والإبداع؟ هل يمكن لمصر الثورة، مصر ٢٥ يناير، أن تغير منظومة التعليم الجامدة إلى منظومة جديدة تجيد التعامل مع تلميذ الكمبيوتر والنت والـ«فيس بوك»؟ هل يمكن لمصر الثورة أن تعيد لنا هويتنا التى فقدناها على مر ثلاثين عاماً؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.

كوثر أبوالمجد أحمد عبدالرحيم

وكيل إعدادى- إدارة مركز كفر الدوار التعليمية

http://today.almasryalyoum.com/artic...2&IssueID=2622