اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا

محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-03-2010, 06:44 PM
نزيه الصعيدى نزيه الصعيدى غير متواجد حالياً
معلم بالمرحلة الابتدائية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
المشاركات: 1,704
معدل تقييم المستوى: 17
نزيه الصعيدى will become famous soon enough
افتراضي غزوة أحد



غزوة أحد (1)

مَنْ حدَّث ابن إسحاق بغزوة أحد: وكان من حديث أحد، كما حدثني محمد بن مُسلم الزهريُّ ومحمد بن يَحْيى بن حِبَّان وعاصم بن عُمر بن .قَتادة والحُصَيْن بن عبد الرحمن بن عُمر بن سعد بن مُعاذ وغيرهم من علمائنا، كلهم قد حدَّث بعض الحديث عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثُهم كله فيما سقت من هذا الحديث عن يوم أحد قالوا، أو من قال منهم :


قريش تجمع المال لحرب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: لما أصيب يوم بدر من كفار قريشَ أصحاب القليب ، ورجع فَلُّهم إلى مكة، ورجع أبو سفيان بن حرب بِعِيره مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعِكْرمة بن أبي جهل ،. وصفوان بن أمية في رجال من قريش ، ممن أصيب اباؤهم وإخوانهم يوم بدر، فكلموا أبا سفيان بن حرب ، ومن . كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا: يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم ، وقتل خيارَكم ، فأعينونا بهذا المال على حربه ، فعلَّنا ندرك منه ثأرَنا بمن أصاب منا، ففعلوا.


ما نزل فيهم من القرآن : قال ابن إسحاق : ففيهم ، كما ذكر لي بعض أهل العلم ، أنزل الله تعالى : }إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ { [الأنفال: 36]

اجتماع قريش للحرب : فاجتمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم الا حين فعل ذلك أبو سفيان بن حرب ، وأصحاب العير بأحابيشها(1)، ومن أطاعها من قبائل كنانة، وأهل تِهامة وكان أبو عزَّة عَمرو بن عبد الله الجُمَحِي قد مَنَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وكان فقيراً ذا عيال وحاجة، وكان في الأسارى فقال : إنى فقير ذو عيال وحاجة قد عرفتها فامنن علىَّ ، فمنَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له صفوان بن أمية: يا أبا عزة إنك امرؤ شاعر، فأعنَّا بلسانك ، فاخرج معنا؛ فقال : إن محمداً قد منَّ عليَّ فلا أريد أن أظاهر عليه ؛ قال : بلى فأعنَّا بنفسك ، فلك الله علىَّ إن رجعتُ أن أغنيَك ، وإن أصبتَ أن أجعل بناتك مع بناتى، يصيبهن ما أصابهن من عُسر ويسر، فخرج أبو عزة في تِهامة، ويدعو بنى كنانة ويقول :

# أيهاً بني عبد مناةَ الــــرُّزَّام أنتم حُماةٌ وأبوكم حَامْ(2)
# لا تَعدُونى نَصرَكم بعدَ العـــام لا تُسلمونى لا يحلُّ إسلامْ
وخرج مُسافِع بن عبد مناف بن وهب بن حُذافة بن جُمَح إلى بنى مالك بن كنانة، يرضهم ويدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :

# يا مال ، مال الحسب المقــَدمِ أنشُدُ ذا القربَى وذا التَّذَمُّم(3)


# من كان ذا رُحْمٍ ومن لم يَرْحَــم الحِلفَ وسْط البلدِ المَحَرَّمِ
# عند حطيم الكعبةِ المعظمِ


ودعا جُبير بن مُطْعِم غلاما له حبشيا يقال له : وَحْشى، يقذف بحربة له قَذْفَ الحبشة، قَلَّما يُخطىء بها، فقال له : اخرج مع الناس ، فإن أنت قتلت حمزةَ عمَّ محمد بعمى طُعَيمة بن عديّ ، فأنت عتيق .

خروج قريش ومن معها: فخرجت قريش بحدِّها وجدِّها وحديدها وأحابيشها، ومن تابعها من بني كِنانة، وأهل تِهامة وخرجوا معهم بالظَّعْن[1] التماس الحفيظة[2]، وألا يفروا. فخرج أبو سفيان بن حرب ، وهو قائد الناس ، بهند ابنة عُتبة وخرج عِكرمة بن أبي جهل بأم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وخرج صفوان بن أمية ببرزة بنت مسعود بن عمر بن عُمَير الثقفية، وهى أم عبد الله ابن صفوان بن أمية .

قال ابن هشام : ويقال : رقية .

قال ابن إسحاق : وخرج عَمرو بن العاص برَيْطة بنت مُنبِّه بن الحجاج وهي أم عبد الله بن عمرو، وخرج طلحة بن أبي طلحة وأبو طلحة عبد الله بن عبد العُزى بن عثمان بن عبد الدار بسُلافة بنت سعد بن شهيد الأنصارية وهى أم بني طلحة : مُسافع والجُلاس وكِلاب ، قُتلوا يومئذهم وأبوهم ، وخرجت خُناس بنت مالك بن المُضرِّب إحدى




نساء بنى مالك بن حِسْل مع ابنها أبي عزيز بن عُمَير، وهي أم مصعب بن عمير، وخرجت عمرة بنت علقمة إحدى نساء بنى الحارث ابن عبد مناة بن كنانة . وكانت هند بنت عُتبة كلما مرت بوحشي أو مر بها، قالت : وَيْهاً[3] أبا دَسْمة أشْفِ واسْتَشْفِ ، وكان وحشى يُكْنَى بأبي دَسْمة، فأقبلوا حتى نزلوا بعيْنَيْن ، بجبل ببطن السَّبْخة من قناة على شفير الوادي ، مقابل المدينة.

رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشاورته القوم : قال فلما سمع بهم - رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين : إنىٍ قد رأيت والله خيرا[4]، رأيت بقراً ورأيت في ذُباب[5] سيفي ثَلْما، ورأيت أنى أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة .

قال ابن هشام : وحدثني بعض أهل العلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال : رأيت بقراً لي تُذبح ؟ قال : فأما البقر فهى ناس من أصحابي . يُقتَلون ، وأما الثَّلْم الذي رأيت في ذباب سيفي ، فهو رجل من أهل

بيتى يقتل .

مطالبة بعض المسلمين للخروج لملاقاة الكفار خارج المدينة : قال ابن إسحاق : فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشَرِّ مُقام ، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها، وكان رأي عبد الله بن أبي ابن سلول مع رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يرى رأيه . في ذلك ، وألا يخرج إليهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الخروج ، فقال رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره ، ممن كان فاته بدر: يا رسول الله ، اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جَبُنّا عنهم وضَعُفنا؟ فقال عبد الله بن أبي ابن سلول : يا رسول . الله ، أقم بالمدينة لا تخرج إليهم ، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو

لنا قط إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا. منه ، فدعهم يا رسول الله ، فإن أقاموا أقاموا بشر محبس ، وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجههم ، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاءوا.

فلم يزل الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كان من أمرهم حُبُّ "لقاء القوم ، حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته ، فلبس لأمته ، وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة . وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار يقال له : مالك بن عَمرو.، أحد بني النجار فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج عليهم ، وقد ندم الناس ، وقالوا: استكرهنا رسول الله . صلى الله عليه وسلم، ولم يكن لنا ذلك . فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا: يا رسول الله استكرهناك ولم يكن ذلك لنا، فإن شئت فاقعدْ صلى الله الله عليك ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ما ينبغى لنبي إذا لبس لَأمَتَه أن يضَعها حتى يُقاتلَ ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف من أصحابه .

قال ابن هشام : واستعمل ابنَ أم مكتوم على الصلاة بالناس .

انخذال المنافقين : قال ابن إسحاق : حتى إذا كانوا بالشَّوْطِ بينَ المدينة وأحد، انخذل عنه عبد الله بنُ أبي ابنُ سلول بثُلث الناس ،


وقال : أطاعهم وعصانى ، ما ندري علام نقتلُ أنفسَنا هاهنا أيها الناس ، فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والرَّيْب ، واتبعهم عبد الله ابن عَمرو بن حرام ، أخو بني سلمة، يقول : يا قوم ، أذكِّركم الله ألا تخذلوا قومَكم ونبيكم عندما حضر من عدوهم ؛ فقالوا: لو نعلم ، أنكم تقاتلون لما أسلمناكم ، ولكنا لا نرى أنه يكون قتال . قال : فلما استَعْصَوْا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم ، قال : أبعدكم الله أعداءَ الله فسيُغنى الله عنكم نبيَّه .

قال ابن هشام : وذكر غير زياد، عن محمد بن إسحاق عن الزهري : أن الأنصار يوم أحد، قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ألا نستعين بحلفائنامن يهود؟فقال :لاحاجة لنافيهم ما تفاءل به صلى الله عليه وسلم : قال زياد: حدثني محمد بن إسحاق ، قال : ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سلك في حَرَّة بنى حارثة، فذب فرس بذنَبِه ، فأصاب كَلاَّبَ سيفٍ[6] فاستلَّه - قال ابن هشام : ويقال : كِلاب سيف قال ابن إسحاق : فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يحبُّ الفألَ ولا يَعْتافُ[7] لصاحب السيف : شِمْ سيفَك[8] ، فإنى أرى السيوفَ ستُسل اليومَ .


ما فعله مرْبَع المنافق حين سلك المسلمون حائطه : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : مَنْ رجل يخرج بنا على القوم من كَثَب : أي من قرب ، من طريق لا يمر بنا عليهم ؟ فقال أبو خَيْثمة أخو بنى حارثة بن الحارث : أنا يا رسول الله ، فنفذ به في حَرَّة بنى حارثة، وبين أموالهم ، حتى سلك في مال لمِرْبَع بن قَيْظِي ، وكان رجلا منافقاً ضرير البصر، فلما سمع حسَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين ، قام يَحْثِى في وجوههم التراب ، ويقول : إن كنتَ رسولَ الله فإني لا أحل لك أن تدخل حائطي . وقد ذكر لي أنه أخذ حفنة من تراب في يده ، ثم قال : والله لو أعلم أني لا أصيب بها غيرَك يا محمد لضربت بها وجهك . فابتدره القوم ليقتلوه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقتلوه ، فهذا الأعمى أعمى القلب ، أعمى البصر. وقد بدر إليه سعد بن زيد، أخو بنى عبد الأشهل ، قبل نَهْى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ، فضربه بالقوس في رأسه ، فشجَّه .

نزول الرسول بأحد: قال : ومضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشِّعْب من أحد، في عُدْوة الوادي إلى الجبل ، فجعل ظهرَه وعسكرَه إلى احد، وقال : لا يقاتلنَّ أحد منكم حتى نأمرَه بالقتال . وقد سَرَّحت قريش الظهرَ والكُراعَ[9] في زروع كانت بالصَّمْغة[10] ، من قناة للمسلمين : فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتال . أترعى زروعَ بنى قَيْلَة[11] ولمَّا نُضَارِب ! وتعبَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم


للقتال ، وهو في سبعمائة رجل ، وأمَّر على الرُّماة عبد الله بن جُبَيْر، أخا بنى عَمرو بن عوف ، وهو مُعْلَم يومئذ بثياب بيض ، والرماة خمسون رجلا، فقال . انْضَح[12] الخيل عنا بالنَبل ، لا يأتونا من خَلفنا، إن كانت لنا أو علينا، فاثبت مكانَك لا نُؤتَيَنَّ من قِبَلك . وظاهر رسول

الله صلى الله عليه وسلم بين درعين ودفع اللواءَ إلى مِصْعَب بن عُمَير، أخي بني عبد الدار.

الرسول يجيز من هم في سن الخامسة عشرة ومن لم يجزهم الرسول : قال ابن هشام : وأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ! سَمُرة بن جُنْدب الفَزاري ، ورافع بن خَدِيج ، أخا بنى حارثة، وهما ابنا خمس عشرة سنة، وكان قد ردهما، فقيل له : يا رسول الله إن

رافعا رامٍ ، فأجازه ؛ فلما أجاز رافعا قيل له : يا رسول الله ، فإن سَمُرة يصرع رافعاً، فأجازه . ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، وعبد الله ابن عمر بن الخطاب ، وزيد بن ثابت ، أحد بنى مالك بن النجار، والبَراء بن عازب ، أحد بنى حارثة، وعمرو بن حَزْم ، أحد بني مالك ابن النجار، وأسَيْد بن ظُهَيْر، أحد بني حارثة، ثم أجازهم يوم الخندق ،وهم أبناء خمس عشرة سنة[13].


قال ابن إسحاق : وتعبأت قريش، وهم ثلاثة الاف رجل ، ومعهم مئتا فرس قد جَنَبوها[14]، فجعلوا على ميمنة الخيل خالدَ بن الوليد، وعلى ميسرتها عِكْرمة بن أبي جهل .

أبو دُجَّانة وشجاعته :وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . من يأخذ هذا السيف بحقِّه ؟ فقام إليه رجال ، فأمسكه عنهم ، حتى قام إليه أبو دُجَّانة سِماك بن خَرَشة، أخو بنى ساعدة، فقال : وما حقُّه يا رسول الله ؟ قال : أن تشرب به العدو حتى ينحني ، قال : أنا اخذه يا رسول الله بحقه ، فأعطاه إياه . وكان أبو دُجَّانة رجلاً شجاعاً يختال عند الحرب ، إذا كانت ، وكان إذا أعلم بعصابة له حمراء، فاعتصب بها علم الناس أنه سيقاتل ، فلما أخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عصابتَه تلك ، فعصَب بها رأسه ، وجعل يتبختر بين الصفين .

قال ابن إسحاق : فحدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم ، مولى عمر ابن الخطاب ، عن رجل من الأنصار من بني سَلَمة، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين رأى أبا دُجَّانة يتبختر: إنها لمِشية يبغضها الله ، إلا في مثلِ هذا الموطن .

أبو عامر الفاسق : قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عُمر ابن قتادة : أن أبا عامر، عبد عمرو بن صَيْفى بن مالك بن النعمان ، أحد بنى ضُبَيعة، وقد كان خرج حين خرج إلى مكة مُباعِداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، معه خمسون غلاما من الأوس ، وبعض الناس كان يقول : كانوا خمسة عشر رجلا، وكان يَعِد قريشاً أن لو قد لقي قومه لم يختلف عليه منهم رجلان . فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر في الأحابيش وعبدان أهل مكة، فنادى: يا معشر الأوس أنا


أبو عامر قالوا: فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق . وكان أبو عامر يُسمى في الجاهلية : الراهب ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفاسق - فلما سمع ردَّهم عليه قال : أصاب قومى بعدي شرّ، ثم قاتلهم قتالا شديدا، ثم راضَخَهم[15] بالحجارة .

أبو سفيان وامرأته يحرضان قريشا: قال ابن إسحاق : وقد قال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بنى عبد الدار يحرضهم بذلك .

على القتال : يا بني عبد الدار، إنكم قد وَليتم لواءَنا يومَ بدر، فأصابنا ما قد رأيتم ، وإنما يُؤْتَى الناس من قِبل راياتهم ، إذا زالت زالوا، فإماأن تكْفُونا لواءَنا، وإما أن تُخَلُّوا بينَنا وبينه فنَكْفِيكُموه ، فهمُّوا به وتواعدوه ، وقالوا: نحن نُسلم إليك لواءَنا، ستعلم غداً إذا التقينا كيف نصنع ؟! وذلك أراد أبو سفيان.

تحريض هند ومن معها جيش الكفار: فلما التقى الناس ، ودنا بعضُهم من بعض ، قامت هند بنت عُتبة في النسوة اللاتى معها، وأخذن الدفوفَ يضْربن بها خلفَ الرجال ، ويحرضنهم ، فقالت هند فيماتقول :
# ويْهاً بني عبدِ الــــــدار وَيْها حُماةَ الأدبار[16]
#ضــرباً بــكل بَتــَّارْ


وتقو ل :

# إن تقبِلوا نعانــــــــقْ ونَفْرِش النَّمارِقْ[17]



# أو تُدبروا نُفـــــــارقْ فِراقَ غيرِ وامِقْ[18]
وكان شِعارُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: أمِتْ أمِتْ ، فيما قال ابن هشام


قال ابن إسحاق : فاقتتل الناس حتى حَمِيت الحربُ ، وقاتل أبو دُجَّانهّ[19] حتى أمعن في الناس .

قال ابن هشام : حدثني غيرُ واحد، من أهل العلم ، أن الزبيرَ بنَ العوام قال : وجدت في نفسى حين سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمَنَعنيه وأعطاه أبا دُجَّانة، وقلت : أنا ابن صفية عمته ، ومن قريش ، وقد قمت إليه فسألته إياه قبله ، فأعطاه إياه وتركنى، والله لأنظرن ما يصنع ، فاتبعته ، فأخرج عصابةً له حمراء، فعصَب بها رأسَه ، فقالت الأنصار: أخرج أبو دُجانة عصابةَ الموت ، وهكذا كانت تقول له إذا تعصب بها فخرج وهو يقول :

# أنا الذي عاهدنى خليلـــــى ونحنُ بالسفحِ لدى النخيلِ[20]

# ألا أقوم الدهرَ في الكَيُّــــولِ أضرب بسيف الله والرسولِ[21]
قال ابن هشام : ويروى في الكُبُول[22] .


قال ابن إسحاق : فجعل لا يَلْقَىِ أحَداً إلا قتله ، وكان في المشركين رجلٌ لا يَدَع لنا جريحاً إلا ذَففَ عليه ، فجعل كل واحد منهم يدنو من صاحبه . فدعوت الله أن يجمعَ بينَهما، فالتَقَيا، فاختلفا ضربتين ، فضرب المشرك أبا دُجَّانة، فاتقاه بدَرَقته ، فعَضَّت بسيفه ، وضربه أبو دُجَّانة فقتله ثم رأيته قد حمل السيف على مَفْرِق رأس هند بنت عتبة، ثم عدل السيفَ عنها. قال الزبير فقلتُ : الله ورسولُه أعلم . قال ابن إسحاق : وقال أبو دُجَّانة سِمَاك بن خَرَشة: رأيت إنساناً ، يَخْمش الناسَ خَمْشاً شديداً[23]، فصمِدْت له ، فلما حملت عليه السيف ولول فإذا امرأة، فأكرمت سيفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اضرب به امرأة .

استشهاد حمزة: وقاتل حمزة بن عبد المطلب حتى قتل أرْطاة ابن شُرَحْبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وكان أحد النفر


الذين يحملون اللواء ثم مر به سِباع بن عبد العزى الغُبْشانى ، وكان يُكنى بأبي نِيار، فقال له حمزة: هلم إلىَّ يابن مُقَطِّعة البظور - وكان أمه أم أنمار مولاة شَرِيق بن عمرو بن وهب الثقفي .

قال ابن هشام : شريق بن الأخنس بن شريق ، وكانت ختّانة بمكة فلما التقيا ضربه حمزة فقتله .

حديث وحشي في قتله حمزة : قال وحشي ، غلام جُبَير بن مُطْعِم : والله إني لأنظر إلى حمزة يَهُدُّ[24] الناس بسيفه ما يُليق[25] به شيئاً، مثل الجمل الأوْرَق[26] إذ تقدمني إليه سِباع بن عبد العزى، فقال له حمزة : هلم إلىَّ يابن مُقَطِّعة البظور، فضربه ضربة، فكأن ما أخطأ رأسَه ، وهززت حربتى حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه ، فوقعت في ثُنَّته[27] حتى خرجت من بين رجليه ، فأقبل نحوي ، فغُلِب فوقع ، وأمهلته حتى إذا مات جئتُ فأخذت حربتى، ثم تنحيت إلى العسكر، ولم تكن لي بشىء حاجة غيره .

قال ابن إسحاق : وحدثني عبدالله بن الفَضْل بن عباس بن ربيعة ابن الحارث ، عن سليمان بن يسار عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري قال : خرجت أنا وعُبيد الله بن عدي بن الخيار أخو بنى نوفل بن عبد مناف ، في زمان معاوية بن أبي سفيان ، فأدْرَبْنا مع


الناس[28] فلما قَفَلْنا مررنا بحِمْص - وكان وحشى، مولى جُبَيْر بن مُطْعِم ، قد سكنها، وأقام بها - فلما قدمناها، قال لي عبيد الله بن عَدى : هل لك في أن نأتيَ وحشيا فنسأله عن قتل حمزة كيف قتله ؟

قال : قلت له : إن شئت . فخرجنا نسأل عنه بحِمْص ، فقال لنا رجل ، " ونحن . نسأل عنه : إنكما ستجدانه بفناء داره ، وهو رجل قد غَلبت عليه الخمر.، فإن تجداه صاحياً تجدا رجلاً عربياً، وتجدا عنده بعضَ ما تريدان ،ْ وتصيبا عنده ما شئتما من حديث تسألانه عنه ، وإن تجداه وبه بعض ما يكون به ، فانصرِفا عنه ودعاه ، قال : فخرجنا نمشي حتى جئناه ، فإذا هو بفناء داره .على طنفسة[29] له ، فإذا شيخ كبير مثل البُغاث[30] . ،

قال ابن هشام : البُغاث : ضرب من الطير يميل إلى السواد فإذا هو صاح لا بأس به . قال : فلما انتهينا إليه سلمنا عليه ، فرفع رأسه إلى عُبَيد الله بن عَدي ، فقال : ابنٌ لعدي بن الخيار أنت ؟ قال نعم ، قال : أما والله ما رأيتُك منذ ناولْتُك أمَّك السعدية التي ، : أرضعتك بذي طُوَى[31]، فإنى ناولتُكها وهي على بعيرها، فأخذَتْك


بعُرْضَيْك[32] فلمعت لي قدماك حين رفعتُك إليها، فوالله ما هو إلا أن وقفتَ علىَّ فعرفتُها.

قال : فجلسنا إليه ، فقلنا له : جئنا لتحدثنا عن قتلِك حمزة، كيف قتلتَه ؟ فقال : أما إني سأحدثكما كما حدثتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حين سألنى عن ذلك ، كنت غلاما لجُبَيْر بن مُطْعِم ، وكان عمه طُعَيْمة ابن عدي قد أصيب يوم بدر؛ فلما سارت قريش إلى أحد قال لي جُبير: إن قتلتَ حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق ، قال : فخرجت جمع الناس ، وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذفَ الحبشة، قَلَّما اخطئ بها شيئاً؛ فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصَّره ، حتىِ رأيته في عُرْض الناس مثل الجمل الأوْرَق ، يهد الناس بسيفه هَدّاَ، ما يقوم له شيء ، فوالله إنى لأتهيأ له ، أريده وأستتر منه بشجرة أو حجر ليدنوَ منى، إذ تقدمني إليه سِباع بن عبد العزى؟ فلما رآه حمزة قال له : هلم إلىَّ يا ابن مُقَطِّعة البظور. قال : فضربه ضربة كأن ما أخطأ رأسه . قال : وهززت حربتى، حتى إذا رَضِيتُ منها، دفعتها عليه ، فوقعت في ثُنَّته ، حتى خرجت من بين رجليه ، وذهب لينوء[33] نحوي ، فغُلب ، وتركته وإياها حتى مات ، ثم أتيته فأخذت حربتي ، ثم رجعت إلى العسكر، فقعدت فيه ، ولم يكن لي بغيره حاجة، وإنما قتلته لأعتق . فلما قدمت مكة أعتقت ثم أقمت حتى إذا افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هربت إلى الطائف ؟ فمكثت بها، فلما خرج وفد الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا تعيَّت علىَّ المذاهب ، فقلت : ألحق بالشام ، أو باليمن ، أو ببعض البلاد؛ فوالله إنى لفي ذلك من همي إذ قال


لي رجل : ويحك إنه والله ما يقتل أحداً من الناس دخل في دينه ، وتشهد شهادته .

وحشي يحدث الرسول بقتله حمزة: فلما قال لي ذلك ، خرجت حتى قَدِمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ، فلم يَرُعْه إلا بي قائماً على رأسه أتشهد بشهادة الحق . فلما رأنى قال : أوحشىّ؟ قلت : نعم يا رسول الله قال : أقعد فحدثني كيف قتلت حمزة، قال : فحدثته كما حدثتكما، فلما فرغت من حديثى : قال : ويحك ! غَيب عنى وجهك . فلا أرَيَنَّك . قال : فكنت أتنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان لئلا يرانى ، حتى قبضه الله صلى الله عليه وسلم .

وحشي يشارك في قتل مسيلمة الكذاب : فلما خرج المسلمون ، إلى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة خرجت معهم ، وأخذت حربتى التي قتلت بها حمزة؛ فلما التقى الناس رأيتُ مُسَيْلمة الكذاب قائما في يده السيف ، وما أعرفه ، فتهيأت له ، وتهيأ له رجل من الأنصار من الناحية الأخرى، كلانا يريده ، فهززت حربتى حتى إذا رضيتُ منها دفعتُها عليه ، فوقعت فيه ، وشد عليه الأنصاري فضربه بالسيف ، فربك أعلم أينا قتله فإن كنت قتلته : فقدقتلت خيرَالناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قتلت شرَّ الناس .

قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الله بن الفضل ، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وكان قد شهد اليمامة، قال : سمعت يومئذ صارخاً يقول : قتله العبدُ الأسود.

قال ابن هشام : فبلغني أن وحشياً لم يزل يُحَد في الخمر حتى خُلع من الديوان ، فكان عمر بن الخطاب يقول : قد علمت أن الله تعالى لم يكن ليَدَع قاتلَ حمزة.


استشهاد مصعب : قال ابن إسحاق : وقاتل مصعب بن عُمَيْر دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قُتل ، وكان الذي قتله ابنُ قَمِئة الليثىٍ ، وهو يظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع إلى قريش فقال : قتلتُ محمداً ، فلما قُتل مصعب بن عُمَيْر أعطى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم اللواءَ عليَّ بن أبي طالب ، وقاتل على بن أبي طالب ورجال من المسلمين .

قال ابن هشام : وحدثني مُسلمة بن عَلْقمة المازني، قال : لما اشتد القتال يوم أحد جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتَ راية الأنصار؟ وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى على بن أبي طالب رضوان الله عليه : أن قَدِّم الرايةَ . فتقدم علىٌّ ، فقال : أنا أبو الفُصَم[34]، ويقال : أبو القُصم ، فيما قال ابن هشام . فناداه أبو سعيد بن أبي طلحة، وهو صاحب لواء

المشركين : أن هل لك يا أبا القُصَم في البراز من حاجة؟ قال : نعم . فبرز بين الصفين ، فاختلفا ضَرْبَتين فضربه عليّ فصرعه ، ثم انصرف عنه ولم يُجْهِز عليه ؛ فقال له أصحابه : أفلا أجهزت عليه ؟ فقال : إنه استقبلنى بعَوْرته ، فعَطَفَتْنى عنه الرَّحم[35] وعرفتُ أن الله عز وجل قد قتله .


ويقال : إن أبا سعد بن أبي طلحة خرج بين الصَّفين ، فنادى: أنا قاصم من يُبارز برازاً، فلم يخرج إليه أحد. فقال : يا أصحاب محمد، زعمتم أن قتلاكم في الجنة، وأن قتلانا في النار كذبتم واللات ، لو تعلمون ذلك حقا لخرج إليَّ بعضكم ، فخرج إليه علي بن أبي طالب ، فاختلفا ضربتين ، فضربه علىٌّ فقتله .

خبر عاصم بن ثابت : وقاتل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقتل مسافعَ بن طلحة وأخاه الجُلاس بن طلحة، كلاهما يَشْعُره سهماً[36]، فيأتي أمَّه سُلاَفَة، فيضع رأسه في حجرها فتقول : يا بنى، من أصابك ، فيقول : سمعت رجلا حين رماني وهو يقول : خذها وأنا ابن أبي الأقلح . فنذرت إن أمكنها الله من رأس عاصم أن تشرب فيه الخمر، وكان عاصم قد عاهد الله أن لا يمس مشركا أبدا، ولا يمسه مشرك . وقال عثمان بن أبي طلحة يومئذ، وهو يحمل لواء المشركين :

# إن على أهلِ اللواءِ حَقَّــــا أن يَخْضبوا الصَّعْدَة أو تندَقَّا[37]
فقتله حمزة بن عبد المطلب .


استشهاد حنظلة الذي سمي غسيل الملائكة : والتقى حنظلة ابن أبي عامر[38] الغَسيل وأبو سفيان ، فلما استعلاه حنظلة بن أبي عامر راه شداد بن الأسود وهو ابن شَعُوب ، وقد علا أبا سفيان ، فضربه


شداد فقتله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن صاحبكم ، يعني حنظلة لتُغَسِّله الملائكة[39]، فسألوا أهله ما شأنه ؟ فسُئلت صاحبته[40]. فقالت : خرج وهو جُنب سمع الهاتفة.

قال ابن هشام : ويقال : الهائعة . وجاء في الحديث : " خير الناس رجل مُمسك بعنان فرسه ، كلما سمع هَيْعة طار إليها ". قال الطِّرِمَّاح ابن حَكيم الطائى، والطِّرِمَّاح : الطويل من الرجال :

# أنا ابنُ حُماةِ المجدِ من آلِ مالــــكٍ إذا جَعَلَتْ خُورُ الرجال تَهَيَّعُ[41]
والهَيْعة : الصيحة التي فيها الفزع.


قال ابن إسحاق : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لذلك غسلته الملائكة .

شعر الأسود وأبي سفيان في قتل حنظلة: قال ابن إسحاق : وقال شداد بن الأسود في قتل حنظلة:

# لأحميَنًّ صاحبى ونَفْســــى بطعنةٍ مثلِ شُعاعِ الشمسِ
وقال أبو سفيان بن حرب ، وهو يذكر صبرَه في ذلك اليوم ، ومعاونة ابن شَعُوب إياه على حنظلة :



# ولو شئتُ نجَّتني كُمَيْتٌ طِمــرَّةٌ ولم أحمِل النعْماءَ لابنِ شَعُوبِ [42]
# ومازال مُفرِي مَزْجر الكلبِ منهـمُ لدُنْ غُدْوَةٍ حتى دَنتْ لغُروبِ[43]
# أقَاتلهم وأدَّعِي يا لغَالِــــــبٍ وأدْفَعهم عنى برُكْن صَليب
# فبكِّي ولاتَرْعِي مقالةَ عــــاذل ولاتسأمي من عَبْرةٍ ونحيبِ
# أباكِ وإخواناً له قد تتابعــــوا وحُقَّ لهم من عَبْرة بنصيبِ
# وسَلَّى الذي قد كان في النفس أننى قتلتُ من النجَّاركل نَجيبِ
# ومن هاشمٍ قَرْما كريماً ومُصْعَبـا وكان لدَى الهيجاءِ غيرَ هيوبِ
# ولوأنني لم أشْفِ نفسىَ منهــمُ لكانت شَجاً في القلبِ ذات نُدوبِ
# فآبوا وقد أوْدَى الجلابيبُ منهمُ بهم خَدَب من مُعْطِبٍ وكئيبِ[44]
# أصابهمُ مَن لم يكن لدمائِهــم كِفاءًولافى خُطَّةٍ بضريبِ
حسان يرد على أبي سفيان : فأجابه حسان بن ثابت ، فيما


ذكر ابن هشام فقال :

# ذكرْتَ القرومَ الصيدَ من آلِ هاشمٍ ولسْتَ لزُورٍ قُلتَه بمُصيبِ
# أتعجَب أن أقْصدْتَ حمزةَ منهــمُ نجيباً وقد سَمَّيْتَه بنجيبِ
# ألم يقتلوا عَمرا وعُتبةَ وابنَـــه وشَيْبة والحجاجَ وابنَ حبيبِ
# غداةَ دعا العاص عليًّا فراعَــه بضربةِ عَضبٍ بَلَّه بخَضيبِ
رد ابن شعوب على أبي سفيان : قال ابن إسحاق : وقال ابن شعوب يذكر يده عند أبي سفيان فيما دفع عنه ، فقال :



# ولولا دفاعى يا بنَ حربٍ ومَشْهدي لالفِيتَ يوم النَّعْفِ غيرَ مُجيبِ[45]
# ولولا مَكَري المهرَ بالنَّعف قرْقرتْ ضباعٌ عليه أو ضِرَاء كَليبِ[46]
قال ابن هشام : قوله " عليه أو ضراء " عن غير ابن إسحاق .


شعر الحارث في الرد على أبي سفيان : قال ابن إسحاق : وقال الحارث ابن هشام يجيب أبا سفيان .

# جَزيتُهم يوماً ببدرٍ كمثلِـــــه على سابحٍ ذي مَيْعَةٍ وشَبيبِ[47]
# لدَى صَحْنِ بَدْرٍ أو أقمت نوائحاً عليكَ ولم تَحفِلْ مُصاب حبيبِ
# وإنك لو عاينت ما كان منهــمُ لأبْتُ بقلبٍ ما بقيتُ نخيب[48]
قال ابن هشام : وإنما أجاب الحارث بن هشام أبا سفيان لأنه ظن أنه عَرَض به في قوله :

# وما زال مُهري مَزْجَرَ الكلبِ منهمُ


لفرار الحارث يوم بدر.

الزبير يذكر سبب الهزيمة : قال ابن إسحاق : ثم أنزل الله نصره على المسلمين وصدقهم وعده ، فحسُوهم بالسيوف[49] حتى كشفوهم عن العسكرِ، وكانت الهزيمةُ لا شك فيها.

قال ابن إسحاق : وحدثني يحيى بن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير، أنه قال : والله لقد


رأيتني أنظر إلى خَدَم هند بنت عُتبه وصواحبها مشمرات هوارب ، ما دون أخذهن قليل ولا كثير إذ مالت الرُّماة إلى العسكر، حين كشفنا القومَ عنه وخلَّوْا ظهورَنا للخيل ، فاتينا من خَلفنا، وصرخ صارخ :

ألا إن محمداً قد قُتل ؛ فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحابَ اللواء حتى ما يدنو منه أحدٌ من القوم .

قال ابن هشام : الصارخ أزبُّ العقبة، يعني الشيطان[50]

حسان يذكر شجاعة صؤاب : قال ابن إسحاق : وحدثني بعضُ أهل العلم : أن اللواء لم يزل صريعاً حتى أخذته عَمْرة بنت عَلْقَمة الحارثية، فرفعته لقريش فلاثوا به وكان اللواء مع صؤاب ، غلام لبني أبي طلحة، حبشى وكان آخر من أخذه منهم ، فقاتل به حتى قُطعت يداه ، ثم برك عليه ، فأخذ اللواء بصدره وعنُقه حتى قُتل عليه ، وهو يقول : اللهم هل أعْزرت - يقول : أعذرت[51] - فقال حسان ابن ثابت في ذلك :

# فخرتُم باللواءِ وشَرُّ فخــــر لواءٌ حين رُدَّ إلي صُؤَابِ
# جعلتم فخرَكم فيه بعبـــــدِ وألأم من يَطا عَفَرَ الترابِ
# ظننتم ، والسفيهُ له ظنـــون َ وما إن ذاك من أمرِ الصوابِ
# بأن جلادَنا يوم التقينـــــا بمكةَ بَيْعُكم حُمْرَ العِيابِ[52]

# أقر العَيْن أن عُصبت يـــداه وما إن تُعصَبان على خِضابِ
قال ابن هشام : آخرها بيتا يروي لأبى خراش الهُذلى، وأنشَدنيه له خلف الأحمر:


# أقر العينَ أن عُصبت يداهــا وما إن تُعصبان على خِضابِ
في أبيات له ، يعنى امرأته ، في غير حديث أحد، وتُروى الأبيات أيضاً لمَعْقِل بن خويلد الهذلي.


شعر حسان في شجاعة عمرة الحارثية : قال ابن إسحاق : وقال حسان بن ثابت في شأن عمرة بنت علقمة الحارثية ورفعها اللواء:

# إذ عَضَلٌ سِيقت إلينا كأنهـــا جِداية شِرْكٍ مُعْلِماتِ الحواجبِ[53]
# أقمنا لهم طعناً مُبيراً مُنَكِّـــلا وحُزْنَاهم بالضرْب من كل جانبِ

# فلولا لواءُ الحارثيةِ أصبحــوا يُباعون في الأسواقِ بَيْعَ الجلائبِ[54]
قال ابن هشام : وهذه الأبيات في أبيات له .


ما أصاب الرسول يوم أحد:قال ابن إسحاق : وانكشف المسلمون ، فأصاب فيهم العدو وكان يومَ بلاءٍ وتمحيص ، أكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة، حتى خلص العدوُّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فَدُثَّ بالحجارة حتى وقع لشِقِّه[55] ، فأصيبت رباعيته وشُجَّ ، في وجهه ، وكُلِمَت شَفتُه ، وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقاص[56].

قال ابن إسحاق : فحدثني حُمَيْد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال :

كُسرت رُباعيةُ النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وشُج في وجهه ، فجعل الدم يسيل على وجهه وجعل يَمسح الدم وهو يقول : كيف يفلح قوم خَضبوا وجهَ نبيهم ، وهو يدعوهم إلى ربهم ؟! فأنزل الله عز وجل

في ذلك }لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ { [آل عمران: 128]

قال ابن هشام : وذكر رُبَيْح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدْري عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدْري : أن عتبة بن أبي وقاص رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، فكسر رباعيته اليمنى السفلى، وجرح شفته السفلي ، وأن عبد الله بن شهاب الزهري شجَّه في جَبْهته ، وأن ابن قَمِئة[57]


جرح وَجْنته فدخلت حَلَقتان من حَلَق المغفر[58] في وَجْنته ، ووقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون ، وهم لا يعلمون ؟ فأخذ على بن أبي طالب بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورفعه طلحة بن عُبَيْد الله حتى استوى قائما، ومَصَّ مالك ابن سنان ، أبو أبي سعيد الخدري ، الدم عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ازدرده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مس دمي دمه لم تصبه النار[59]. قال ابن هشام : وذكر عبد العزيز بن محمد الدَّرَاورْدي : أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عُبَيْد الله .



وذكر، يعني عبد العزيز الدَّرَاوَرْدي ، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عيسى بن طلحة، عن عائشة، عن أبي بكر الصديق : أن أبا عُبَيْدة ابن الجراح نزع إحدى الحلْقتين من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسقطت ثَنِيَته ، ثم نزع الأخرى، فسقطت ثَنِيته الأخرى، فكان ساقط الثَّنِيَتّيْن . قال ابن إسحاق : وقال حسان بن ثابت لعُتبة بن أبي وقاص :

# إذا الله جازى معشراً بفعالِهــم وضرَّهمُ الرحمن ربُّ المشارقِ
# فأخزاك ربى يا عُتَيْبَ بن مالـك ولقَّاك قبْلَ الموتِ إحدى الصواعقِ
# بسطتَ يميناً-للنبيِّ تَعَمُّــــداً فأدميْتَ فاهُ -قُطِّعت بالبوارق[60]
# فهلاَّ ذكرتَ الله والمنزلَ الــذي تصير إليه عندَ إحدى البوائقِ
قال ابن هشام : تركنا منها بيتين أقذع فيهما.



من شجاعة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم : قال ابن إسحاق : وقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين غَشِيه القومُ : مَنْ رجل يشري لنا نفسَه ؟ كما حدثني الحُصَيْن بن عبد الرحمن بن عَمرو بن سعد بن معاذ، عن محمود بن عمرو، قال : فقام زياد بن السكن في نفر خمسة من الأنصار - وبعض الناس يقول : إنما هو عُمارة بن يزيد بن السَّكَن فقاتلوا دونَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رجلا ثم رجلا، يُقْتَلون دونه ، حتى كان آخرهم زياد أو عمارة فقاتل حتى أثبتته الجراحة، ثم فاءت فئة من المسلمين ، فأجهضوهم[61] عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادْنُوه مني، فأدنوه منه فوسَّدَه قدمَه ، فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ما فعلته نسيبة بنت كعب : قال ابن هشام : وقاتلت أم عمارة، نُسَيْبة بنت كعب المازنية يوم أحد.

فذكر سعيد بن أبي زيد الأنصاري : أن أم سعد بنت سعد بن الربيع كانت تقول : دخلت على أم عمارة، فقلت لها: يا خالة، أخبريني خبرك ، فقالت : خرجت أول النهار، وأنا أنظر ما يصنع الناس ، ومعي سِقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في أصحابه والدولة والريح[62] للمسلمين . فلما انهزم المسلمون ، انحزتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت أباشر القتال ، وأَذُبُّ عنه بالسيف ، وأرمى عن القَوْس ، حتىِ خَلَصَت الجراحُ إليَّ قالت : فرأيت على عاتقها جُرحاً أجوفَ له غوْر، فقلت : من أصابك بهذا؟ قالت : ابن قَمِئة أقمأه[63] الله ، لما ولى الناسُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل يقول : دلونى على محمد، فلا


نجوت إن نجا، فاعترضتُ له أنا ومصعب بن عمير، وأناس ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضربنى هذه الضربة ولكن فلقد ضربته على ذلك ضربات ، ولكن عدو الله كان عليه دِرْعان .

شجاعة أبي دجانة وسعد بن أبي وقاص : قال ابن إسحاق : وترَّس دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو دُجَّانة بنفسه ، يقع النَبلُ في ظهره ، وهو منحنٍ عليه ، حتى كثر فيه النَّبل ، ورمى سعد بن أبي وقاص دون رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال سعد: فلقد رأيته يناولنى النَّبلَ وهو يقول : ارمِ ، فداك أبي وأمى، حتى إنه ليناولنى السهم ما له نصل ، فيقول : ارم به .

شجاعة قتادة بن النعمان : قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم ابن عمر بن قتادة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى عن قوسه حتى اندقتْ سِيَتُها[64]، فأخذها قَتادة بن النعمان ، فكانت عنده ، وأصيبت يومئذ عينُ قتادة بن النعمان ، حتى وقعت على وَجْنَتِه[65].

قال ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عُمر بن قَتادة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردها بيده ، فكانت أحسن عينيه وأحَدَّهما.

ما فعله أنس بن النضر: قال ابن إسحاق: وحدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع أخو بنى عديّ بن النجار، قال انتهى أنس


ابن النضر، عم أنس بن مالك ، إلى عمر بن الخطاب ، وطلحة بن عبيدالله ، في رجال من المهاجرين والأنصار، وقد ألقوا بأيديهم ، فقال : ما يُجلسكم ؟ قالوا: قُتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال : فماذا تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استقبل القومَ فقاتل حتى قُتل ؛ وبه سُمى أنس بن مالك .

قال ابن إسحاق : فحدثني حُمَيْد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : لقد وجدنا بأنس بن النضر يومئذ سبعين ضربة، فما عرفه إلا أختُه ، عرفته بِبَنانه .

جراحات عبد الرحمن بن عوف : قال ابن هشام : حدثني بعضُ أهل العلم ، أن عبد الرحمن بن عوف أصيب فوه يومئذ فهتم[66] ، وجُرح عشرين جراحة أو أكثر، أصابه بعضُها في رجله فعَرِجَ .

كعب بن مالك يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إشاعة مقتله :

قال ابن إسحاق : وكان أولَ من عَرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدَ الهزيمة، وقول الناس : قُتل رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما ذكر لي ابن شهاب الزهري كعبُ بنُ مالك قال : عرفت عينيه تزهران[67] من تحت المِغْفَر، فناديت بأعلى صوتى : يا معشرَ المسلمين ، أبشروا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنْصِتْ .

قال ابن إسحاق : فلما عَرف المسلمون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهضوا به ، ونهض معهم نحو الشِّعْب ، معه أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلى بن أبي طالب ، وطلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، رضوان الله عليهم ، والحارث بن الصِّمَّة، ورهط من المسلمين .






مقتل أبي بن خلف : قال : فلما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشِّعْب أدركه أبي بن خلف وهو يقول : أي محمدُ، لا نجوتُ إن نجوتَ ، فقال القوم : يا رسول الله ، أيعطف عليه رجل منا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوه ؛ ولما دنا، تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث ابن الصِّمة؛ يقول بعض القوم ، فيما ذُكر لي : فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه انتفض بها انتفاضة تطايرنا بها، تطاير الشَّعْراء عن ظهر البعير إذا انتفض بها - قال ابن هشام : الشَّعْراء: ذباب له لدغ - ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها.

قال ابن هشام : تدأدأ، يقول : تقلَّب عن فرسه فجعل يتدحرج .

ما تحقق من وعده صلى الله عليه وسلم أبي بن خلف : قال ابن إسحاق : وكان أبي بن خلف ، كما حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف ، يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فيقول : يا محمد إن عندي العَوْذ، فرسا أعلفه كل يوم فَرَقا[68] من ذرة، أقتلك عليه ؛ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل أنا أقتلك إن شاء الله . فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشاً غير كبير، فاحتقن الدم ، قال : قتلنى والله محمد! قالوا له : ذهب والله فؤادك ! والله إنْ بك من بأس ، قال : إنه قد كان قال لي بمكة : أنا أقتلك فوالله لو بصق علي لقتلنى . فمات عدو الله بسَرَف[69] وهم قافلون به إلى مكة.

ما قاله حسان في مقتل أبي بن خلف : قال ابن إسحاق :

فقال حسان بن ثابت في ذلك :

# لقد وَرِثَ الضلالةَ عن أبيــه أبيٌّ يومَ بارزه الرسولُ

# أتيتَ إليه تحمل رِمَّ عَظْـــمٍ وتُوعده وأنتَ به جَهولُ
# وقد قَتلتْ بنو النجارِ منكـــم أميةَ إذ يغوّثُ : يا عقيلُ
# وتَبَّ ابنا ربيعةَ إذ أطاعـــا أبا جهل –لأمِّهما الهُبولُ[70]
# وأفلت حارثٌ لما شُغلنـــا بأسرِ القومِ ، أسْرته فَليلُ[71]
قال ابن هشام : أسرته : قبيلته . ، وقال حسان بن ثابت أيضاً في ذلك :


# ألا مَن مُبْلغٌ عني أبيًّــــا لقد ألقيتَ في سُحقِ السعيرِ
# تمنَّى بالضلالةِ من بعيـــدٍ وتُقسم أن قدرت مع النذورِ
# تمنِّيك الأماني من بعيـــدٍ وقولُ الكفرِ يَرجِع في غرورِ
# فقد لاقتك طعنةُ ذي حِفــاظ ٍ كريمِ البيتِ ليس بذي فُجورِ[72]
# له فضلٌ على الأحيـــاءِ طُرًّا إذا نابت ملمَّاتُ الأمورِ
انتهاء الرسول إلى فم الشعب: قال : فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فم الشعب خرج على بن أبي طالب ، حتى ملأ دَرَقَتَه ماءً من المِهْراس[73]، فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشربَ منه ، فوجد له ريحا، فعافه فلم يشربْ منه ، وغسل عن وجهه الدمَ ، وصب على رأسِه وهو يقول : اشتد غضبُ الله على من دَمَّى وجهَ نبيه .


سعد بن أبي وقاص يحرص على قتل عتبة : قال ابن إسحاق : فحدثني صالح بن كَيْسان عمن حدثه عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يقول : والله ما حرَصْتُ على قتل رجل قط كحِرْصي على قتل


عُتبة بن أبي وقاص ، وإن كان ما علمت لسيِّئ الخلق مُبْغَضاً في قومه ، ولقد كفانى منه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : اشتد غضب الله على من دمى وجه رسوله .


عمر يصعد إلى قريش الجبل ويقاتلهم : قال ابن إسحاق : فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشِّعْب معه أولئك النفر من أصحابه ، إذ عَلَتْ عاليةٌ من قريش الجبل .

قال ابن هشام : كان على تلك الخيل خالد بن الوليد. قال ابن إسحاق : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم إنه لا ينبغى لهم أن يَعْلُونا! " فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرينحتى أهبطوهم من الجبل .

معاونة طلحة الرسول : قال ابن إسحاق : ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صخرة من الجبل ليَعْلُوَها، وقد كان بَدَّن[74] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وظاهر بين درعين ، فلما ذهب لينهض صلى الله عليه وسلم لم يستطعْ ، فجلس تحتَه طلحةُ بن عبيدالله ، فنهض به ، حتى استوى عليها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما حدثني يحيى بن عَبَّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يقول : " أوجَبَ[75] طلحةُ " حين صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم ما .صنع . قال ابن هشام : وبلغني عن عِكْرِمة عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الدَّرجة المبنية في الشِّعْب .


صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم قاعدا: قال ابن هشام : وذكر عمر مولى غُفْرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم الظهر يوم أحد قاعداً من الجراح التي أصابته ،وصلى المسلمون خلفه قعوداً.

مقتل اليمان وابن وقش وابن حاطب : قال ابن إسحاق : وقد كان الناس انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى بعضُهم المنقَّى، دون الأعْوَص .

قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود ابن لَبيد، قال : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد، رفع حسَيْل بن جابر، وهو اليمان أبو حذيفة بن اليمان ، وثابت بن وَقْش في الآطام ، - مع النساء والصبيان ، فقال أحدهما لصاحبه ، وهما شيخان كبيران : ما أبا لك ، ما تنتظر؟ فوالله لا بقى لواحد منا من عمره إلا ظمء[76] حمار، إنما نحن هامة[77] اليوم أو غداً، أفلا نأخذ أسيافنا، ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، لعل الله يرزقنا شهادةً مع رسول اللة صلى الله عليه وسلم ؟ فأخذا ، أسيافَهما ثم خرجا، حتى دخلا في الناس ، لم يُعْلَم بهما، فأما ثابت ابن وَقْش فقتله المشركون ، وأما حُسَيْل بن جابر، فاختلفت عليه أسيافُ المسلمين ، فقتلوه ولا يعرفونه ، فقال حذيفة : أبي ، فقالوا: والله إن عرفناه وصدقوا. قال حذيفة : يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَدِيَه ، فتصدق حذيفةُ بديته على المسلمين ؛ فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً. . قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة : أن رجلا منهم كان يُدْعَى حاطب بن أمية بن رافع ، وكان له ابن يقال له


يزيد بن حاطب ، أصابته جراحة يوم أحد، فاتى به إلى دار قومه وهو بالموت ، فاجتمع إليه أهل الدار، فجعل المسلمون يقولون له من الرجال والنساء: أبشر يابن حاطب بالجنة، قال : وكان حاطب شيخا قد عسا في الجاهلية، فنجَم يومئذ نفاقه ، فقال : بأي شيء تبشرونه ؟ بجنة من حَرْمل[78] ؟ غررتم والله هذا الغلام من نفسه .

مقتل قزمان منافقا: قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، قال : كان فينا رجل أتيّ[79] لا يُدرى ممن هو، يقال له : قُزْمان[80] ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، إذا ذُكر له : إنه لمن أهل النار، قال : فلما كان يوم أحد قاتل قتالا شديداً. فقتل وحده ثمانية أو سبعة من المشركين ، وكان ذا بأس ، فأثبتته الجراحةُ . فاحتُمل إلى دار بني ظَفَر، قال : فجعل رجال من المسلمين يقولون له : والله لقد أبليت اليوم يا قزمان ، فابشر، قال : بماذا أبشر؟ فوالله إن قاتلتُ إلا عن أحساب قومي ، ولولا ذلك ما قاتلت قال : فلما اشتدت عليه جراحته أخذ سهما من كنانته ، فقتل به نفسَه .

مقتل مخيريق : قال ابن إسحاق : وكان ممن قتل يوم أحد مُخَيْريق وكان أحد بني ثعلبة بن الفِطْيون ، قال : لما كان يوم أحد، قال : يا معشر يهود، والله لقد علمتم أن نصر محمد عليكم لحق ، قالوا: إن اليوم يوم السبت ، قال : لا سبت لكم . فأخذ سيفه وعُدَّته ، وقال : إن أصبت فمالي لمحمد يصنع فيه ما يشاء، ثم غدا إلى رسول الله


صلى الله عليه وسلم ، فقاتل معه حتى قُتل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا " مُخَيْريق ، خيرُ يهود ".

ما فعله الحارث بن سويد: قال ابن إسحاق : وكان الحارث ابن سُوَيْد بن صامت منافقا، فخرج يوم أحد مع المسلمين ، فلما التقى الناس ، عدا على المجذَّر بن ذياد البَلَوي ، وقيس بن زيد، أحد بنى ضُبَيعة،فقتلهما،ثم لحق بمكة بقريش ،وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم -فيما يذكرون -قد أمر عمر بن الخطاب بقتله إن هو ظفر به ، ففاته ، فكان بمكة، ثم بعث إلى أخيه الجُلاس بن سُوَيْد يطلب التوبة، ليرجع إلى قومه ، فأنزل الله تعالى فيه ، فيما بلغني ، عن ابن عباس : }كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَالله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ { [آل عمران: 86]إلىُ اخر القصة .

قال ابن هشام : حدثني من أثق به من أهل العلم : أن الحارث ابن سُوَيد قَتل المجَذَّر بن ذياد ولم يقتل قيس بن زيد، والدليل على ذلك : أن ابن إسحاق لم يذكره في قَتْلَى أحد، وإنما قتل المجذَّر، لأن المجذَّر بن ذياد كان قتل أباه سُوَيْداً في بعض الحروب التي كانت بين الأوس والخزرج ، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى من هذا الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في نفر من أصحابه ، إذ خرج الحارثُ بن سويد من بعض حوائط المدينة، وعليه ثوبان مضرجان ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ، فضرب عنقَه ، ويقال : بعض الأنصار.

قال ابن إسحاق : قتل سُوَيد بن الصامت معاذُ بن عفراء غيلة، في غير حرب رماه بسهم فقتله قبلَ يوم بعاث .

أمر أصَيْرم : قال ابن إسحاق : وحدثني الحُصَيْن بن عبد الرحمن ابن عمرو بن سعد بن معاذ عن أبي سفيان ، مولى ابن أبي أحمد،


عن أبي هريرة قال : كان يقول : حدثونى عن رجل دخل الجنة لم يصل قط ، فإذا لم يعرفه الناس سألوه : من هو؟ فيقول : أصيْرم[81] ، من بنى عبد الأشهل ، عمرو بن ثابت بن وَقش . قال الحصَيْن : فقلت لمحمود بن أسد: كيف كان شأن الأصَيْرم ؟ قال : كان يأبى الإِسلام على قومه . فلما كان يوم خرجِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد بدا له في الإِسلام فأسلم ، ثم أخذ سيفه ، فعدا حتى دخل في عُرض الناس ، فقاتل حتى أثبتته الجراحة . وقال : فبينا رجال من بنى عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به ، فقالوا: والله إن هذا للأصيرم ، ما جاء به ؟ لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الحديث ، فسألوه ما جاء به ؟ فقالوا: ما جاء بك يا عَمرو؟ أحدب على قومك أم رغبة في الإِسلام ؟ قال ؛ بل رغبة في الإِسلام ، آمنت بالله وبرسوله وأسلمت ، ثم أخذت سيفي ، فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قاتلت حتى أصابنى ما أصابنى، ثم لم يلبث أن مات في أيديهم . فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه لمن أهل الجنة .

عمرو بن الجموح ومقتله : قال ابن إسحاق : وحدثني أبي : إسحاق ابن يسار، عن أشياخ من بنى سلمة : أن عمرو بن الجَمُوح كان رجلا أعْرج شديد العَرَج ، وكان له بنون أربعة مثل الأسْد، يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد، فلما كان يوم أحد أرادوا حبسه ، وقالوا له : إن الله عز وجل قد عذرك ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : إن بنيَّ يريدون أن يحبسونى عن هذا الوجه ، والخروج معك فيه ، فوالله إنى لأرجو أن أطأ بعَرْجتى هذه في الجنة؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنت فقد عذرك الله فلا جهادَ عليك ، وقال لبنيه : ما عليكم أن


لا تمنعوه ، لعل الله أن يرزقَه الشهادة فخرج معه فقُتل يوم أحد[82].

هند وتمثيلها بحمزة : قال ابن إسحاق : ووقعت هند بنت عتبة، كما حدثني صالح بن كيسان ، والنسوة اللاتي معها، يمثِّلن بالقتلَى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدعن[83] الآذان والأنفَ ، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وانفهم خَدَماً[84] وقلائد، وأعطت خدمها . وقلائدها وقُرَطتها وحشيّاً، غلام جُبَيْر بن مُطْعِم ، وبقرت عن كبد حمزة،فلاكتها فلم تستطع أن تُسيغها،فلفظتها،ثم علتْ على صخرة ة مُشرِفة، فصرخت بأعلى صوتها فقالت :

# نحن جزيناكم بيوم بــــدر والحرب بعد الحرب ذات سُعْرِ
# ما كان عن عتبةَ لي من صبـر ولا أخي وعمه وبَكْري
# شَفَيتُ نفسى وقضيت نَــذْري شفيتَ وحشيُّ غليلَ صدري
# فشُكْر وحشي عليَّ عمـــري حتى تَرمَّ أعظمي في قبري
فأجابتها هند بنت أثاثة بن عَبَّاد بن المطلب . فقالت :


# خَزِيتِ في بدرٍ وبعدَ بـــدر يا بنتَ وقَّاعٍ عظيمِ الكفرِ[85]
# صَبَّحك الله غداةَ الفجــــرِ ملْهاشميّين الطِّوالِ الزُّهْرِ[86]

# بكلِّ قَطَّاعٍ حُسامٍ يَفْـــــري حمزةُ ليثي وعَليّ صقري
# إذ رام شَيْب وأبوك غَــدْري فخَضَّبا منه ضواحي النحْرِ
[87]
# ونذْرُك السُّوء فشرُّ نذرِ
قال ابن هشام : تركنا منها ثلاثة أبيات أقذعت فيها.


قال ابن إسحاق : وقالت هندُ بنت عتبة أيضاً :

# شَفَيْتُ من حمزةَ نفسى بأحُــدْ حتى بقرتُ بطنَه عن الكبدْ
# أذْهَب عني ذاك ما كنت أجِــدْ من لَذْعةِ الحزنِ الشديدِ المعتمِدْ
# والحربُ تعلوكم بشُؤْبُوبٍ بَـرِد ْ تُقْدِم إقداماً عليكم كالأسدْ[88]
قال ابن إسحاق : فحدثني صالح بن كَيْسان أنه حُدث : أن عمر ابن الخطاب قال لحسان بن ثابت : يا ابن الفُرَيعة .


قال ابن هشام : الفريعة بنت خالد بن خُنَيْس : ابن حارثة بن لَوْذان : ابن عبد وُدّ بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج - لو سمعتَ ما تقول هند، ورأيت أشَرَها قائمة على صخرة تَرتجز بنا. وتذكر ما صنعتْ بحمزة؟ قال له حسان : والله إني لأنظر إلى الحربة تهوي وأنا على رأس فارع – يعنى أطُمَة – فقلت : والله إن هذه لسلاح ما هي بسلاح العرب ، كأنها إنما تهوي إلى حمزة ولا أدري ، لكن أسمعنى بعضَ قولها أكْفِكُموها، قال : فأنشده


عمر بن الخطاب بعض ما قالت ، فقال حسان بن ثابت :

# أشرَت لَكاعُ وكان عادتُهـــا لؤماً إذا أشَرتْ مع الكفرِ[89]
قال ابن هشام : وهذا البيت في أبيات له تركناها، وأبياتاأيضاً له على الدال : وأبياتا أخر على الذال ، لأنه أقذع فيها. قال ابن إسحاق : ولقد كان الحُليس بن زَبَّان ، أخو بنى الحارث


ابن عبد مناة، وهو يومئذ سيد الأحابيش، قد مر بأبى سفيان ، وهو يضرب في شِدْق[90] حمزة بن عبد المطلب بزج الرمح ويقول ذُق : عُقَق[91]: فقال الحُليس : يا بنى كنانة، هذا سيد قريش يصنع بابن عمه ما ترون لحماً[92] ؟ فقال : ويحك ! اكتمها عنى، فإنها كانت زِلَّة.

أبو سفيان يشمت بالمسلمين : ثم إن أبا سفيان بن حرب ، حين أراد الانصراف ، أشرف على الجبل ، ثم صرخ بأعلى صوته فقال : لا أنعمْتَ فِعال[93]، وإن الحرب سِجَال يوم بيوم ، اعْلُ هبلُ ، أي أظهر دينك ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قم يا عمر فأجبه ، فقل الله أعلى وأجَلُّ ، لا سواء[94] ، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار. فلما أجاب عمر أبا


سفيان ، قال له أبو سفيان : هلم إليَّ يا عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: ائته فانظر ما شأنه ، فجاء، فقال له أبو سفيان : أنشدك الله يا عمر، أقتلنا محمداً؟ فقال عمر: اللهم لا، وإنه ليسمع كلامك الآن ، قال : أنت أصدق عندي من ابن قَمئة وأبرُّ؟ لقول ابن قَمئة لهم : إنى قد قتلت محمدا.

قال ابن هشام : واسم ابن قمئة عبد الله .

قال ابن إسحاق : ثم نادى أبو سفيان : إنه قد كان في قتلاكم مُثل ؛ والله ما رضيت ، وما سخطت ، وما نهيت ، وما أمرت .

ما توعد به أبو سفيان المسلمين : ولما انصرف أبو سفيان ومن معه ، نادى : إن موعدكم بدر للعام القابل ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من أصحابه : قل : نعم ، هو بيننا وبينكم موعد.

علي يخرج في أثر قريش : ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابن أبي طالب ، فقال : اخرج في آثار القوم ، فانظر ماذا يصنعون وما يريدون فإن كانوا قد جَنَّبوا الخيل[95] ، وامتطوا الإِبل ، فإنهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل ، فإنهم يريدون المدينة، والذي نفسى بيده ، لئن أرادوها لأسيرنَّ إليهم فيها، ثم لأناجزنَّهم . قال علىّ : فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون ؛ فجنَّبوا الخيل ، وامتطوا الإبل ، ووجَّهوا إلى مكة.

موت سعد بن الربيع : وفرغ الناس لقتلاهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة


المازني ، أخو بنى النجار: من رجل ينظرُ لي ما فعل سعد بن الربيع ؟ في الأحياء هو أم في الأموات ؟ فقال رجل من الأنصار[96]: أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل سعد، فنظر فوجده جريحاً في القتلى وبه رَمَق . قال : فقلت له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنى أن أنظر، أفي الأحياء أنت أم في الأموات ؟ قال : أنا في الأموات ، فأبلغْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، عنى السلام ، وقل له : إن سعد بن الربيع يقول لك : جزاك الله عنا

خيرَ ما جزى نبياً عن أمته ، وأبلغْ قومَك عنى السلام وقل لهم : إن سعد بن الربيع يقول لكم : إنه لا عذر لكم عند الله إن خَلُص إلى ، نبيكم صلى الله عليه وسلم ومنكم عين تطرف . قال : ثم لم أبرح حتى مات ؛ قال : كل فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبره . ، قال ابن هشام : وحدثني أبو بكر الزُّبيري ؛ أن رجلا دخل على أبي بكر الصديق ، وبنت لسعد بن الربيع جارية صغيرة على صدره يرشفها ويقبلها، فقال له الرجل : من هذه ؟ قال : هذه بنت رجل خير منى، سعد بن الربيع ، وكان من النقباء يوم العقبة، وشهد بدراً، واستُشهد يوم أحد.

الرسول يحزن على حمزة ويتوعد المشركين بالمثلة : قال ابن إسحاق : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما بلغني، يلتمس حمزة بن




عبد المطلب ، فوجده ببطن الوادي قد بُقر بطنُه عن كَبِدِه ، ومُثِّل به ، فجُدع أنفه وأذناه .

فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رأى ما رأى: لولا أن تحزنَ صفية، ويكون سُنة من بعدي لتركته ، حتى يكون في بطون السباع ، وحواصل الطير، ولئن أظهرنى الله على قريش في مَوْطن من المواطن لأمثلنَّ بثلاثين رجلا منهم . فلما رأى المسلمون حزنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وغَيْظه على من فعل بعمه ما فعل ، قالوا: والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلنَّ بهم مُثلة لم يُمثِّلها أحد من العرب .

قال ابن هشام : ولما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة قال : لن أصاب بمثلك أبدا! ما وقفت موقفا قط أغْيظ إلىَّ من هذا! ثم قال : جاءني جبريل فأخبرني أن حمزة بن عبد المطلب مكتوب في أهل السَّماوات السبع : حمزة بن عبد المطلب ، أسد الله ، وأسد رسوله . وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وحمزةُ وأبو سلمة بن عبد الأسد، إخْوة من الرَّضاعة، أرضعتهم مولاة لأبي لهب[97] .

ما نزل في النهي عن المثلة : قال ابن إسحاق : وحدثني بُرَيدة ابن سفيان بن فروة الاسْلمى، عن محمد بن كعب القُرَظى، وحدثني من لا أتهم ، عن ابن عباس : أن الله عز وجل أنزل في ذلك ، من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول أصحابه : }وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ* وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِالله وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ { [النحل: 126،127] فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصبر ونهى عن المثلة.


قال ابن إسحاق : وحدثني حُمَيد الطويل ، عن الحسن ، عن سَمُرة ابن جُنْدُب ، قال : ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقام قَطُّ ففارقه ، حتى يأمرنا بالصدقة، وينهانا عن المُثْلة[98] .

صلاته صلى الله عليه وسلم صلاة الجنازة على حمزة : قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن مُقْسِم ، مولى عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس ، قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة فَسُجِّىَ[99] ببُردة ثم صلى الله عليه وسلم عليه ، فكبر سبع تكبيرات ، ثم أتى بالقتلى فيوضعون إلى حمزة، فصلى عليهم وعليه معهم ، حتى صلى الله عليه وسلم عليه ثِنْتين وسبعين صلاة[100]
حزن صفية على أخيها حمزة: قال ابن إسحاق : وقد أقبلتْ فيما بلغني، صفيةُ بنتُ عبد المطلب لتنظر إليه ، وكان أخاها لأبيها وأمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنها الزبير بن العوام : القَها فأرجعْها، لا ترى ما بأخيها، فقال لها: يا أمَّه ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعى، قالت : ولمَ ؟ وقد بلغني أن قد مُثُّل بأخى، وذلك في الله ، فما أرضانا بما كان من ذلك ؟ لأحتسبنَّ ولأصبرنَّ إن شاء الله . فلما جاء الزبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك ، قال : خلِّ سبيلها، فأتته . فنظرت إليه ، فصلت عليه ، واسترجعت[101] ، واستغفرت له ، ثم أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدُفن .


دفن الشهداء: قال : فزعم لي آل عُبَيْد الله بن جحش - وكان لأميمة بنت عبد المطلب ، حمزةُ خالُه ، وقد كان مُثِّل به كما مُثِّل بحمزة، إلا أنه لم يُبْقَر[102] عن كبده - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفنه مع حمزة في قبره ، ولم أسمع ذلك إلا عن أهله .


قال ابن إسحاق : وكان قد احتَمل ناس من المسلمين قتلاهم إلى المدينة، فدفنوهم بها، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وقال : أدفنوهم حيث صُرِعوا. ، قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن مسلم الزهري ، عن عبد الله ابن ثعلبة بن صُعَيْر العُذْري ، حليف بنى زُهرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما أشرف على القتلى يوم أحد، قال : " أنا شهيد على هؤلاء، إنه ما من جريح يُجْرح في الله ، إلا والله يبعثه يوم القيامة يَدْمِىٍ جرحُه ، اللونُ لونُ دمٍ والريحُ ريح مسكٍ ، انظروا أكثر هؤلاء جمعا للقرآن فاجعلوه أمام أصحابه في القبر " وكانوا يدفنون الاثنين والثلاثة في القبر الواحد. قال : وحدثني عمى موسى بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول : قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : "ما من جريح يُجرح في الله إلا والله يبعثه يوم القيامة وجُرحُه يُدْمِي ، اللونُ لون دم ، والريح ريح مسك ".

قال ابن إسحاق : وحدثني أبي: إسحاق بن يسار، عن أشياخ من بنى سَلَمة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال يومئذ، حين أمر بدفن القتلى : انظروا إلى عمرِو بن الجَموح ، وعبد الله بن عمرو بن حَرام ، فإنهما كانا متصافيين في الدنيا، فاجعلوهما في قبر واحد. قال ابن إسحاق : ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً إلى المدينة، فلقيته حَمْنَة بنت جحش، كما ذُكر لي، فلما لقيت الناس نُعى إليها أخوها عبد الله بن جحش[103] ، فاسترجعت واستغفرت له ، ثم نعى لها
خالُها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت له ، ثم نُعي لها زوجها مُصْعَب بن عُمَيْر، فصاحت وولولت ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


إن زوج المرأة منها لبمكان ! لما رأى من تثبتها عند أخيها وخالها، وصياحَها على زوجها. -

بكاء نساء الأنصار على حمزة: قال ابن إسحاق : ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدار من دور الأنصار من بنى عبد الأشْهل وظَفَر، فسمع . البكاءَ والنوائح على قتلاهم ، فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبكى، ثم قال : لكن حمزةَ لا بواكىَ له ! فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد ابن حُضَير إلى دار بنى عبد الأشهل أمر نساءهم أن يتحزَّمن ، ثم

يذهبن فيبكين على عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال ابن إسحاق : حدثني حكيم بن حكيم عن عَبَّاد بن حُنَيْف ، عن بعض رجال بنى عبد الأشهل ، قال : " لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم


بكاءَهن على حمزة خرج عليهن وهن على باب مسجده يبكين عليه ، فقال : ارجعن يرحمكنَّ الله ، فقد آسيْتنُّ[104] بأنفسكن ".

قال ابن هشام : ونُهى يومئذ عن النوح . قال ابن هشام : وحدثني أبو عُبَيْدة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع بكاءهن ، قال : رحم الله الأنصار؟ فإن المواساة منهم ما عَتَّمت لقديمة، مروهنَّ فلينصرفنَ .

المرأة الدينارية : قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الواحد بن أبي عَوْن ، عن إسماعيل بن محمد، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار، وقد أصيب زوجُها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد، فلما نُعوا لها، قالت : فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا: خيراً يا أمَّ فلان ، هو بحمد الله كما تُحبين ، قالت : كل مصيبة بعدَك جَلَلٌ ؟ تريد صغيرة .

قال ابن هشام : الجلل : يكون من القليل ، ومن الكثير، وهو هاهنا من القليل. قال امرؤ القيس في الجلل القليل :

# لقَتْل بني أسْدٍ ربَّهـــــم ألاكلُّ شىءٍ سواه جَللْ[105]
قال ابن هشام : أي صغير قليل .


قال ابن هشام : والجلل أيضاً العظيم : قال الشاعر، وهو الحارث ابن وَعْلة الجَرْمى:

# ولئن عَفَوْتُ لأعفونَّ جلــلا ولئن سَطَوت لأوْهننَّ عظمى




غسل السيوف : قال ابن إسحاق : فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ناول سيفَه ابنته فاطمة، فقال : اغسلى عن هذا دمه يا بنية، فوالله لقد صدقنى اليوم ، وناولها علىُّ بن أبي طالب سيفه ، فقال : وهذا أيضاً، فاغسلى عنه دمه ، فوالله لقد صدقنى اليوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن كنتَ صدقتَ القتال لقد صدق معك سهل بن حُنَيف ، وأبو دُجَانة.

قال ابن هشام : وكان يقال لسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذو الفقار[106]. قال ابن هشام : وحدثني بعضُ أهل العلم ، أن ابن أبي نُجَيْح قال : نادى منادٍ يومَ أحد:
# لا سيف إلاذو الفقارِ ، و لا فتى إلا علىّ


قال ابن هشام : وحدثني بعض أهل العلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب : لا يصيب المشركون منا مثلَها حتى يفتحَ الله علينا.

قال ابن إسحاق : وكان يوم أحد يوم السبت للنصف من شوال .



(1) أحد : جبل معروف بالمدينة، سمي بهذا الاسم لتوحده وانقطاعه عن جبال أخرى
هنالك ، وقال فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا جبل يحبنا ونحبه.
(1 الأحابيش : من انضموا إليهم وليسوا منهم .
(2) الرزام : من يثبتون في مكانهم لا يبرحونه : يذكر أنهم ثابتون في الحرب .
[1](3) يامال : أراد يا مالك فرخمه . وهو حذف الحرف الأخير من المنادى وهل تضم اللام أو تكسر؟ انظر توابع المنادى ولغة من ينتظر الحرف المحذوف أو من لا ينتظره في كتب النحو. وذو التذمم : الذي له ذمام والذمام العهد.
[1] الظعن : النساء في الهوادج.
[2] الحفيظة: الغضب للحرم . ويقال أحفظ الرجل إذا غضب .
[3] كلمة تقال للتحضيض .
[4] والله خيراً، أى : رأيت بقراً تنحر، ورأيت هذا الكلام ، لأن الرائى قد يمثل له كلام
في خلده ، فيراه بوهمه ، كما يرى صورة الأشياء، ومن خبر أحوال الرؤيا عرف هذا من نفسه ، ومن غيره ، لكن الصور المرئية في النوم تكون في الغالب أمثالا مضروبة،
وقد تكون على ظاهرها، وأما الكلام الذي يسمعه بسمع الرهم ممثلا في الخلد،
فلا يكون إلا على ظاهره ، مثل أن يسمع : أنتَ مسالم أو الله خير لك ، أو ما أشبه
هذا من الكلام ، فلبس له معنى سرى ظاهره .
[5] ذباب سيفي : طرفه الذى يضرب به ، وثلما: خلل أو كسر في حافته .
[6] كلاب السيف : هي الحديدة العقفاء، وهي التي تلي الغمد، وفى كناب العين : الكلب
مسمار في قائم السيف .
[7] ولا يعتاف : يفتعل من العيافة . وظاهر كلامه أن العيافة في المكروه خاصة، والفأل
في المحبوب ، وقد يكون في المكروه ، والطيرة تكون في المحبوب والمكروه ، وفي
الحديث أنه نهى عن الطيرة، وقال : خيرها الفأل ، فدل على أنها تكون على وجوه ،
والفأل خيرها. ولفظها يعطي أنها تكون في الخير والشر، لأنها من الطير"
[8] شم سيفك : اغمده .
[9] الظهر: الإبل . والكراع : الخيل .
[10] الصمغة: مكان قرب أحد.
[11] قيلة : أم الأوس والخزرج وينسبون إليها.
[12] انضح : ادفع .
[13] وذكر المستصغرين يوم أحد الذين أرادوا الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكر
فيهم عرابة بن أوس بن قيظى، وقد ذكرته طائفة فيهم ، وممن ذكره فيهم القتبي
في كتاب المعارف ، ولعرابة أخ اسمه : كباثة، له صحية، ومن المستصغرين يوم أحد
سعد ابن حبنة، عرف بأمه ، وهى حبنة بنت مالك أنصار ية، وهو سعد بن بجير
من بجيلة، رده النبى صلى الله عليه وسلم يوم أحد لصغر سنه ، فلما كان يوم الخندق رآه يقاتل
قتالا شديداً، فدعاه ومسح على رأسه ، ودعا له بالبركة في ولده ونسله ، فكان عماً
لأربعين ، وخالا لأربعين ، وأباً لعشرين ، وكل ولده أبو يوسف القاضى يعقوب بن إبراهيم
ابن حبيب بن حبيش بن سعد.
[14] جنبوها: جعلوها إلى جانبهم ليستعملوها عند الحاجة.
[15] راضخهم : راماهم .
[16] ويهاً: كلمة معناها الإغراء . وحماة الأدبار: أي الذين يحافظون على أواخر الجيش .
[17] وقولها: إن تقبلوا نعانق ، فيقال ، إنها تمثلت بهذا الرجز، وإنه لهند بنت طارق بن بياضة الإيادية، قالته في حرب الفرس لإياد، والنمارق : الوسائد الصغيرة وكل ما يجلس عليه مثلها.
[18] الوامق : المحب .
[19] وذكر أبا دجانة، ولبسه عصابة الموت ، وأبو دجانة الساعدي ممن دافع عن النبى صلى الله عليه وسلم وحنا عليه يوم أحد وتَرس عليه بنفسه ، حتى كثرت النبل في ظهره ، واستشهد
يوم اليمامة، بعد أن شارك في قتل مسيلمة، اشترك في قتله هو ووحشى وعبد الله بن زيد.
[20] خليلى : يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك كان أبو هريرة يقول حدثني خليلى، وأنكره عليه بعض الصحابة، وقال له : متى كان خليلك ، وإنما أنكر عليه المنكر هذا لقوله عليه السلام : " لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام ". وليس في هذا الحديث ما يدفع أن يقول صحابى حدثني خليلي ، لأنهم يريدون به معنى الحبيب ، وإنما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقولها لأحد من أصحابه ، ولا خص
بها أحداً دون أن يمنع غيره من أصحابه أن يقولها له ، وما كان في قلوبهم من المحبه له يقتضي هذا، واكثر منه ، ما لم يكن الغلو والقول المكروه ، فقد قال عليه السلام : لا تطروني ، كما أطرت النصارى المسيح ، فإنما أنا عبد الله ورسوله .
[21] قال أبو عبيد: الكيول آخر الصفوف ، قال : ولم يسمع إلا في هذا الحديث ، وقال
الهروي مثل ما قال أبو عُبيد، وزاد في الشرح ، وقال سمى بكيول الزند، وهى سواد
ودخان يخرج منه اخراً، بعد القدح إذا لم يورِ ناراً، وذلك شىء لا غناء فيه ، ويقال
منه كال الزند، يكول ، فالكيول فيعول من هذا، وكذلك كيول الصفوف لا يوقد
نار الحرب ، ولا يزكيها، هذا معنى كلامه لا لفظه ، وقال أبوحنيفة الدينورى نحواً من هذا اٍلا أنه قال : كال الزند يكيل بالياء لا غير - انظر الروض الأنف ص 162 - من تحقيقنا.
[22] الكبول : القيود.
[23] يروى بالشين وبالسين ، فالمعنى بالسين غير معجمة في هذا المكان الشدة، كأنه قال :
يشدهم ويشجعهم ، لأنه يقال : رجل أحمس ، أى : شجاع شديد، والمعنى فيه بالشين
المعجمة الإيقاد والإغضاب ، لأنه يقال أحمشت للنار أوقدتها وحمشت الرجل ، وأحمشته :
أغضبته ، فيكون أفعلت من ذلك للإيقاد والإغضاب .
[24] يهد: يهلك ويروى يهذ بالذال المنقوطة، ذكره صاحب الدلائل وفسره من الهذ وهى السرعة وأما الهذم بالميم ، فسرعة القطع ، يقال : سيف مهذم ، والهيذام : الكثير الأكل ،
وهو الشجاع أيضاً، وفي الحديث " اكثروا: من ذكر هاذم اللذات يروي بالذال المنقوطة أي قاطعها.
[25] ما يليق : ما يبقى.
[26] الأورق : مغبر اللون .
[27] الثنة : ما بين اسفل البطن إلى العانة .
[28] أدربنا: اجتزنا الدروب .
[29] الطنفسة : كل ما يجلس عليه كالبساط والوسائد والحصير والثوب
[30] البغاث : قال أبو عُبَيْد: البغاث الطير الذى لا يصاد به مثل الرخم ، والحداء، واحدتها
بغاثة، ويقال : بغاثى وجمعه بغاث وبغثان ؟ وقال ابن إسحاق في رواية يونس عند .،
ذكر البغاث هو ذكر الرخم إذا هرم اسود. وفى المثل : إن البغاث بأرضنا يستنسر.
[31] ولم يذكر اسمها: وأم عبيد بن عدى هى أم قتال بنت أبي العيص بن أمية ذكرها
البخارى في هذا الخبر، ولم يقل السعدية فهي إذن قرشية أموية لا سعدية إلا أنه
يريد بها مرضعته إذ كانت سعدية .
. وقوله : بذي طوى: موضع بمكة .
[32] بعرضيك : بجانبيك .
[33] ينوء: ينهض متعبا.
[34] أبو الفُصَم أو أبو القصم بالقاف ، كما قال ابن هشام ، وهو أصح ، وإنما قال علي
- عليه السلام - أنا أبو القصم من يبارزنى، فالقصم : جمع قصمة، وهى المعضلة
المهلكة، ويجوز أن يكون جمع القصمى، أى : الداهية التي تقصم .. . والدواهي القصم
على وزن الكُبر، وهذا المعنى أصح ؟ لأنه لا يعرف قصمة، ولكنه لما قال أبو سعد
أنا قاصم ، قال علي : أنا أقصم منك ، بل أنا أبو القصم ، أى أبو المعضلات القصم
والدواهى العظم ، والقصم كسر ببينونة، والفصم : كسر يغير بينونة ككسر القضيب
الرطب ونحوه ، وفى التنزيل : )وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ { [الأنبياء: 11]وفيه)لَا انفِصَامَ لَهَا { .[البقرة:256]
[35][35] وذكر ابن إسحاق أيضاً هذا في غير رواية ابن هشام ، وقول على إنه اتقانى بعورته ،
فأذكرني الرحم أو فعطفتني عليه الرحم ، وقد فعلها على مرة أخرى يوم صفين ،
حمل على بشر بن أرطاة فلما رأى أنه مقتول كشف عن عورته ، فانصرف عنه .
ويروى أيضاً مثل ذلك عن عمرو بن العاص ، مع على - رضى الله عنهماـ يوم صفين ، وفي ذلك يقول الحارث بن النضر السهمي - رواه ابن الكلبى وغيره :
# اًفي كل يوم فارس غير منتهٍ وعورته وسط العجاجة باديه
# يكف لها عنه علىُّ سنانه ويضحك منه في الخلاءمعاويه
[36] يشعره سهما: أي يصيبه به .
[37] الصعدة : القناة .
[38] اسم أبي عامر: عمرو، وقيل عبد عمرو بن صيفى.
[39] وفي غير السيرة قول النبي صلى الله عليه وسلم رأيت الملائكة تغسله في صحاف الفضة بماء المزن بين السماء والأرض .
[40] صاحبته : يعنى امرأته : وهى جميلة بنت أبى ابن سلول أخت عبدالله بن أبي ، وكان ابتنى بها تلك الليلة، فكانت عروساً عنده ، فرأت في النوم تلك الليلة كأن باباً في السماء فُتح له فدخله ، ثم أغلق دونه ، فعلمت أنه ميت من غده ، فدعت رجالا من قومها حين أصبحت فأشهدتهم على الدخول بها خشية أن يكون في ذلك نزاع ، ذكره الواقدي .
[41] الخور: مفرده أخور: الرجل الضعيف .
[42] الطمرة : الفرس السريعة الوثب .
[43] أي لم يبعد عنهم : إلا بمقدار الموضع الذي يزجر إليه الكلب ، والضمير المستتر في دنت للشمس .
[44] الجلابيب : جمع جلباب ، والجلباب في الأصل : الإزار الخشن ، وكان المشركون يسمون من اسلم الجلاليب . والخدب : الهوج ، وفى الجمهرة طعنة خدباء إذا هجمت على الجوف ، وهذا هو الذي أراد أبو سفبيان بالخدب .
[45] النعف : أسفل الجبل .
[46] قرقرت : أي أسرعت لنهشه .
[47] السابح : الفرس السريع والميعة: الخفة . والشبيب : أن يرفع الفرس يديه جميعا في الجري .
[48] النخيب : الجبان .
[49] حسوهم : قتلوهم .
[50] الأزب : الرجل القصير، والله أعلم ، ويقال : الموضع الذي صرخ منه الشيطان جبل
عينين ، ولذلك قيل لعثمان - رضى الله عنه -: أفررت يوم عينين، وعينان أيضاً:
بلد عند الحيرة، وبه عرف خليد عينين الشاعر.
[51] كان بلسانه لكنة يقلب الذال ، زايا - أي لا يخرج لسانه من بين أسنانه حين النطق
بالذال وكذا تفعل الأعاجم والعوام .
[52] العياب : ما تضع فيه الناس حوائجهم .
[53] عضل : قبيلة من خزيمة غادرة .
والجداية: جداية السرج ، على أن المعروف جدية السرج ، لا جدايته وأقرب من
هذا المعنى أن يريد الجداية من الوحش ، وبالشرك الأشراك التي تنصب لها، ولذلك
قال داميات الحواجب ، وهذا أصح في معناه ، فقد ذكر أبو عبيد أن الجداية يقال للواحد والجمع والذكر والأنثى من أولاد الظباء، ويبعد أن تكون الجداية جمع جدية، وهى جدية السرح والرحل ، وإن كان قد يقال في الجمع فعال وفعالة نحو جمال وجمالة، ولكنه هاهنا بعيد من طريق المعنى والله أعلم . ويروى شرك بكسر الشين ، وأقرب ما يقال في معنى هذا البيت : أنه أراد الجداية من الوحش وهى أولاد الظباء ونحوها، وقد ذكر أبو عبيد أنه يقال حداية للواحد والجمع والذكر والأنثى، فيكون الشرك على هذا في معنى الأشراك التي يصاد بها، وقد قيل : إن شركا اسم موضع ،
والله أعلم .
وقوله معلمات الحواجب ، يعنى بالدماء، ويجوز أن يريد سوادها ما بين أعينها،
كما أنشد سيبويه :
# وكأنه لهق السراة كأنه ما حاجبيه معين بسواد
[54] الجلائب : ما يجلب إلى الأسواق ليباع فيها.
[55] الشق : الجا نب .
[56] أخو سعد، وهو الذي كسر رباعيته - عليه السلام - ثم لم يولد من نسله ولد،
فبلغ الحلم إلا وهو أهتم يعرف ذلك في عقبه .
[57] ابن قمئة: واسمه عبدالله - وهو الذي قتل مصعب بن عمير، وجرح وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم
[58] المغفر: حلق يجعل على الرأس يتقي به ضرب السلاح في الحرب .
[59] وفى هذا من الفقه أن دم رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالف دم غيره في التحريم .
[60] البوارق : السيوف .
[61] أجهضوهم : أزالوهم .
[62] يريد بالريح : إقبال النصر.
[63] اقمأه الله : أذله الله.
[64] سيتها : طرفها .
[65] قتادة بن النعمان بن زيد، وهو أخو أبى سعيد الخدري لأمه ، وهو الرجل الذي سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: " قل هو اللَة أحد "، يرددها، فقال وجبت ، وحديثه في الموطأ، وذكر أن عينه أصيبت يوم أحد، روي عن جابر بن عبد الله ، قال : أصيبت عين رجل
منا يوم أحد، وهو قتادة بن النعمان ، حتى وقعت على وجنته ، فأتينا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي امرأة أحبها، وأخشى إن رأتنى أن تقذرنى، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، وردها إلى موضعها، وقال : اللهم اكسبه جمالا، فكانت أحسن عينيه ،
وأحدَهما نظراً، وكانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى .
[66] هتم : كسرت ثنيته .
[67] تزهران : تضيئان .
[68] الفرق : مكيال يسع اثنى عشر رطلا.
[69] سرف : مكان على ستة أميال من مكة .
[70] الهبول : الهلك

[71] الغليل : المنهزمون .
[72] الحفا ظ : الغضب .
[73] المهراس : ماء بأحد.
[74] بدَّن : ضعف .
[75] أوجب : وجبت له الجنة .
[76] يضرب لقرب الأجل ، فالظمء ما بين الشربتين والحمار لا يصبر على العطش .
[77] الهامة : كما تزعم العرب ، طائر يخرج من رأس القتيل يصيح اسقونى اسقوني لا يسكت حتى يؤخد بثأره .
[78] قال السهيلى : من حرمل ، يريد الأرض التي دفن فيها، وكانت تنبت الحرمل ، أى ليس له جنة إلا ذاك . انظر الروض الأنف بتحقيقنا ج 3 ص 177 .
[79] أتى : غريب .
[80] قزمان : وهو اسم مأخوذ من القزم ، وهو رذال المال ، ويقال : القزمان الردىء من كل شيء . وكان له من اسمه حظ ونصيب . ولا حول ولا قوة إلا بالله .
[81] الأصيرم : وهو عمرو بن ثابت بن وقْش ، ويقال فيه وَقش بتحريك القاف .
[82] وزاد غير ابن إسحاق أنه لما خرج قال : اللهم لا تردنى فاستشهد فجعله بنوه على بعير، ليحملوه إلى المدينة، فاستصعب عليهم البعير، فكان إذا وجهوه إلى كل جهة سارع إلا جهة المدينة، فكان يأبى الرجوع إليها، فلما لم يقدروا عليه ذكروا قوله : اللهم لا تردنى إليها، فدفنوه في مصرعه .
[83] يجدعن : يقطعن .
[84] الخدم :الخلاخيل .
[85] الوقاع : كثير الوقوع في الدنيا.
[86][86] ملهاشميين : أرادت من الهاشميين بحذف النون من حرف من لالتقاء الساكنين ، ولا يجوز ذلك إلا في " من وحدها لكثرة استعمالها، كما خُصت نونها بالفتح إذا التقت مع لام التعريف ، ولا يجوز ذلك في نون ساكنة غيرها، كرهوا توالي الكسرتين مع توالى الاستعمال ، فإن التقت مع ساكن غير لام التعريف نحو من ابنك ، ومن اسمك ، كسرت على الأصل ، والقياس المستتب . قال سيبويه : وقد فتحها قوم فصحاء
يعنى مع غير لام التعريف .
[87] شيب : أرادت شيبة فرخمته بحذف الحرف الأخير من الاسم بغير نداء وهو قليل لضرورة الشعر. وضواحي النحر: ما ظهر من أعلى الصدر .
[88] الشؤبوب : الدفعة الشديدة من المطر.
[89] لكاع : جعله اسماً لها في غير النداء، وذلك جائز، وإن كان في النداء أكثر نحو
يا غدار ويا فساق ، وكذلك لكاع ، قد استعمل في غير النداء.
[90] الشدق : جانب الفم .
[91] عقق : العق ؟ الشاة التي تذبح يوم اسبوع المولود وفي الحديث قُولُوا نسيكة ولا تقولوا
عقيقة لا وكأنه عليه السلام رآهم تطيروا بهذه الكلمة فقال قولوا نسيكة، ويقال أصل
العقّ الشق .
[92] أى ميتا لا يستطيع الدفاع عن نفسه .
[93] أى بالغنا في فعالنا. وكأنه خاطب نفسه .
[94][94] أى لا نحن سواء، ولا يجوز دخول لا على اسم مبتدأ معرفة إلا مع التكرار نحو لا زيد قائم ، ولا عمرو خارج ، ولكنه جاز في هذا الموضع ، لأن القصد فيه إلى نفي الفعل ، أى لا يستوي ، كما جاز لا نولك ، أى، لا ينبغي لك .
[95] جنبوا الخيل : قادوها إلى جنوبهم ليستعملوها وقت الحاجة .
[96] الرجل : هو محمد بن مسلمة، ذكره الواقدي ، وذكر أنه نادى في القتلى : يا سعد
ابن الربيع مرة بعد مرة، فلم يجبه أحد، حتى قال يا سعد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أرسلني أنظر ما صنعت ، فأجابه حينئذ بصوت ضعيف ، وذكر الحديث ، وهذا خلاف ما ذكره أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، فإنه ذكر فيه من طريق ربيع بن عبد الرحمن بن أبى سعيد الخدري عن أبيه عن جده أن الرجل الذي التمس سعداً في القتلىهو أبى بن كعب . وانظر الاستيعاب على ذيل الإصابة يصدر قريباً - من تحقيقنا.
[97] هي ثُوَيْبية .
[98] والراوي هو حميد بن تيرويه ، ويقال : ابن نيري يكنى أبا حميدة مولى طلحة الطلحات ،
وهو حديث صحيح ، في النهى عن المثلة . فإن قيل : فقد مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرنيين فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ، وتركهم بالحرة قلنا: في ذلك جوابان : أحدهما: أنه فعل ذلك قصاصاً لأنهم قطعوا أيدي الرعاة وأرجلهم وسملوا أعينهم ، روى ذلك في حديث أنس، وقيل : إن ذلك قبل تحريم المثلة . فإن قيل : فقد تركهم يستسقون فلا يسقون ، حتى ماتوا عطشاً، قلنا عطشهم لأنهم عطَشوا أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، روي في حديث مرفوع أنه عليه
السلام لما بقي وأهله تلك الليلة بلا لبن ، قال : اللهم عطش من عطِّش أهل بيت
نبيك . وقع هذا في شرح ابن بطال ، وقد خرجه النسوي . - وانظر الموضوع في فتح الباري من تحقيقنا - وراجع فهارسه المسماة مفاتيح القاري .
[99] سجي :غطِّي .
[100][100] لم يأخذ بهذا الحديث فقهاء الحجاز ولا الأوزاعى لوجهين : أحدهما ضعف إسناد
هذا الحديث ، فإن ابن إسحاق قال : حدثني من لا أتهم ، يعني : الحسن بن عمارة - فيما ذكروا - ولا خلاف في ضعف الحسن بن عمارة عند أهل الحديث ، وأكثرهم لا يرونه شيئاً، وان كان الذي قال ابن إسحاق : حدثني من لا أتهم غير الحسن ، فهو مجهول ، والجهل يوبقه ، والوجه الثانى : أنه حديث لم يصحبه العمل ، ولا يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى على شهيد في شىء من مغازيه إلا هذه
الرواية في غزوة أحد، وكذلك في مدة الخليفتين إلا أن يكون الشهيد مرتثاً من المعركة، وأما ترك غسله ، فقد أجمعوا عليه ، وإن اختلفوا في الصلاة، وإلا رواية شاذة عند بعض التابعين ، والمعنى في ذلك - والله أعلم - تحقيق حياة الشهداء وتصديق قوله سبحانه : )وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتًا { [آل عمران: 169] الاية مع أن في ترك غسله معنى اخر، وهو أن دمه أثر عبادة، وهو يجيء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً وريحه ريح المسك ، فكيف يطهر منه وهو طيب وأثر عبادة، ومن هذا الأصل انتزع بعض العلماء كراهية تجفيف الوجه من ماء الوضوء، وهو قول الزهري ، قال الزهري : وبلغني أنه يوزن ، ومن هذا الأصل انتزع كراهية السواك بالعشي للصائم
لئلا يذهب خلوف فمه ، وهو أثر عبادة، وجاء فيه ما جاء في دم الشهداء أنه أطيب
عند الله من ريح المسك ، ويروى أطيب يوم القيامة من ريح المسك . رواه مسلم باللفظين جميعاً، والمعنى واحد، وجاء الكراهية للسواك بالعشي للصائم عن علي وأبي هريرة، ذكر ذلك الدارقطني .
[101] استرجعت : قالت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فهو فعل منحوت من الجملة؟ مثل : حوقل . قال : لا حول ولا قوة إلا بالله . وبسمل قال بسم الله الرحمن الرحيم . وطلبق : أي أطال الله بقاءك . ودعمز: أي أدام الله عزك .. الخ
[102] يبقر: يفتح ويشق .
[103][103] أنه مثل به كما مثل بحمزة، وعبد الله هذا يعرف بالمجدع في الله ، لأنه جدع أنفه ، وأذناه يومئذ، وكان سعد بن أبى وقاص يحدث أنه لقيه يوم أحد أول النهار، فخلا
به ، وقال له عبد الله : يا سعد هلم فلندع الله وليذكر كل واحد منا حاجته في دعائه وليؤمن الآخر، قال سعد: فدعوت الله أن ألقي فارساً شديداً بأسه شديداً حرده من المشركين ، فأقتله ، واخذ سلبه ، فقال عبد الله آمين ، ثم استقبل عبد الله القبلة، ورفع يديه إلى السماء، وقال اللهم لقنى اليوم فارساً شديداً بأسه شديداً حرده ، يقتلني ويجدع أنفى وأذنىّ، فإذا لقيتك غدا تقول لي : يا عبدي ، فيم جُدع أنفك وأذناك ؟
فأقول : فيك يا رب ، وفي رسولك ، فتقول لي : صدقت ، قل يا سعد: آمين قال
فقلت : آمين ، ثم مررت به آخر النهار قتيلا مجدوع الأنف والأذنين ، وأن أذنيه وأنفه
معلقان بخيط ولقيت أنا فلاناً من المشركين ، فقتلته ، وأخذت سلبه .
. وذكر الزبير أن سيف عبدالله بن جحش انقطع يوم أحد فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم
عرجوناً، فعاد في يده سيفاً، فقاتل به ، فكان يسمى ذلك السيف العرجون ، ولم يزل يتوارث حتى بيع من بغاء التركى بمائتى دينار، وهذا نحو من حديث عكَّاشة الذي تقدم إلا أن سيف عُكَّاشة، كان يسمى العون ، وكانت قصة عكاشة يوم بدر،
وكان الذي قتل عبد الله بن جحش أبو الحكم بن الأخنس بن شريق وكان عبد الله
حين قُتل ابن بضع وأربعين سنة، فيما ذكروا ودفن مع حمزة في قبر واحد.

[104] آسيتن : عاونتن .
[105] الرب : الملك .


[106] ذو الفقار: بفتح الفاء جمع فقارة، وإن قيل ذو الفقار بالكسر، فهو جمع فقرة، ووقع في غير هذه الرواية أن ريحا هبت يوم أحد، فسمعوا قائلا يقول :

# لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا على

في أبيات ذكرها، وذكر ابن إسحاق أيضاً من غير رواية البكائى قول علي لفاطمة حين غسلت سيفه من الدم :

# أفاطم هاتى السيف غير ذميم فلست برعديد ولا بلئيم
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-03-2010, 08:13 PM
الصورة الرمزية صوت الامة
صوت الامة صوت الامة غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,261
معدل تقييم المستوى: 22
صوت الامة has a spectacular aura about
افتراضي

__________________

قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .!
فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا ..
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-03-2010, 06:21 PM
الصورة الرمزية hend hh
hend hh hend hh غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 2,027
معدل تقييم المستوى: 18
hend hh is on a distinguished road
افتراضي

جزاااااااااااااااك الله خيراااااااااااااااااااا
__________________


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-04-2010, 07:52 PM
الصورة الرمزية مستر .سعد الحجرى
مستر .سعد الحجرى مستر .سعد الحجرى غير متواجد حالياً
معلم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 1,518
معدل تقييم المستوى: 16
مستر .سعد الحجرى is on a distinguished road
افتراضي

جزاك الله خير وجعله فى ميزان حسناتك
__________________



لا تقل من أين أبدأ ... طاعة الله بداية
لا تقل أين طريقى ... شرع الله الهداية
لا تقل اين نعيمى ... جنة الله كفاية
لا تقل غدا سأبدأ ... ربما تأتى النهاية

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:42 PM.