اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإدارى > أرشيف المنتدي

أرشيف المنتدي هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-12-2009, 09:05 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,559
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي خاص للبوابة : ملف كامل عن مذهب الصوفية ( معجم الصوفية)

بسم الله الرحمن الرحيم

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته

فهذه دراسة كاملة وموثقة عن مذهب الصوفية بعنوان ( المعجم الصوفي )

وهي دراسة دكتوراه قدمها فضيلة الشيخ الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني - استاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة ونال عنها فضيلته - حفظه الله - درجة الدكتوراة مع مرتبة الشرف

سأنقل في هذا الموضوع بعضا منها

وهي ثقة أولاني أياها فضيلته لأقوم بنقلها لحضراتكم في لفته كريمة وخاصة لبوابة الثانوية العامة وفي نهاية الملف باذن سأضيف الرساله كاملة لمن رغب في تحميلها

وسيرفق مع الملف بعض المحاضرات الصوتية الخاصة بهذه المادة العلمية

وقريبا باذن الله تعالي محاضرات كاملة لدورة جديدة من دورات فضيلته حول المذاهب المعاصرة
والله الموفق والهادي الى سواء السبيل

ملحوظة : لن يتم إضافة مراجع الدراسة في الردود التالية على أن ترفق الرساله بكاملها في نهاية الموضوع باذن الله على صيغة pdf

آخر تعديل بواسطة خالد مسعد . ، 24-12-2009 الساعة 07:32 PM
  #2  
قديم 23-12-2009, 01:34 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,559
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

المعجم الصوفى

أول دراسة علمية فى الأصول القرآنية للمصطلح الصوفى
رسالة دكتوراه منحت مرتبة الشرف الأولى
من كلية دار العلوم جامعة القاهرة
إعداد
د / محمود عبد الرازق

أستاذ اصول العقيدة والمذاهب المعاصرة

ونظرا لان الدراسة ستكون مختصرة يمكن تحميل الدراسة كاملة من هنا
http://www.ridwany.com/khaledmosad/moagam.sofe.zip

أو من هنا
http://www.mirrorcreator.com/files/0...sofe.zip_links

أو من هنا
http://www.mirrorcreator.com/files/0...____.rar_links

آخر تعديل بواسطة خالد مسعد . ، 27-12-2009 الساعة 07:35 PM
  #3  
قديم 24-12-2009, 07:22 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,559
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

·أهمية الموضوع :
تكمن أهمية الموضوع فى الجوانب الآتية :
1- تقديم رؤية إسلامية صحيحة للحياة الروحية فى الإسلام ، من خلال تقديم المصطلحات الصوفية ذات الصلة بالأصول القرآنية والنبوية ، فى بحث نظرى وتطبيق معجمى .
2- واقعية الموضوع وأثره فى تصحيح الحياة الصوفية المعاصرة ، من خلال تقديم دراسة علمية نزيهة للمؤيدين أو المعارضين للتصوف ، وذلك بغية التجرد للوصول إلى الحقيقة .
3- الوقوف على مكانة المستقيمين من أوائل الصوفية وسلوكهم ومنهجهم فى الحياة بذكر ما لهم وما عليهم ، ليتأسى الناس بالفضيلة والأخلاق الحميدة والعمل على كشف الشخصيات التى أسهمت فى إيجابية الفكر الإسلامى بصورة عامة .
4- الوقوف على تطور الفكر الصوفى وقياس زاوية الانحراف عن الأصول القرآنية والنبوية من حيث القرب أو البعد عن المنهج الإسلامى .
5- الوقوف على ضوابط الاعتماد على الأصول القرآنية والنبوية فى العمل المعجمى .
  #4  
قديم 24-12-2009, 07:31 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,559
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

ـ المصطلحات الصوفية التى تجيزها الأصول القرآنية والنبوية
1- الأبــــــــــــد
**********************************
`الأبد : عبارة عن مدة الزمان الممتد الذى لا يتجزأ كما يتجزأ الزمان وذلك أنه يقال : زمان كذا ، ولا يقال : أبد كذا (1) ، قال تعالى : } وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ { [التوبة/84] ، وقال سبحانه: } وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ { [النور/4] ، وعن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما ، أن النبي e قال فى صيام الأبد : " لا صام من صام الأبد مرتين " (2) ، وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما ، سمعت رسول اللَّه eيقول : " من صور صورة ، فإن اللَّه معذبه حتى ينفخ فيها الروح ، وليس بنافخ فيها أبدا " (3) .
وجميع ما ورد فى القرآن والسنة من لفظ الأبد ، فإنه يعنى الزمان الممتد ، أو الدائم الذى لا ينقطع ، سواء فى الدنيا كما سبق ، أو فى الآخرة ، كقوله تعالى : } خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا {[البينة/8] .

` الأبد فى الاصطلاح الصوفى :
الأبد فى اصطلاح الصوفية ، هو ما لا نهاية له ، أو ما ليس له آخر (1) ، وهو اصطلاح قرآنى فى لفظه ومعناه ، ومن ألفظ الصوفية الدالة على ذلك ، ما روى عن أبى بكر الواسطى (ت:بعد320هـ) أنه سئل عن الأبد فقال : ( إشارة إلى ترك انقطاع فى العدد ، ومحو الأوقات فى السرمد ) (2) ، والأبدية ثابتة عندهم على معنيين :
1- نعت من نعوت اللَّه تعالى : كما ذكر السراج الطوسى (ت:387هـ) والفرق بين الأزلية والأبدية ، أن الأزلية لا بداية لها ولا أولية ، والأبدية لا نهاية لها ولا آخرية (3) ، وعن عمرو بن عثمان المكى (ت:291هـ) ، قال : ( سبحان الصمد ، القديم فى أزل ، لم يزل فى سرمد الأبد ) (4) .
2- أبدية أهل الخلدين : قال عبد اللَّه بن خفيف (ت:371هـ) : ( ويعتقدون أن نعيم أهل الجنة ، باق مع بقاء اللَّه تعالى ، وعذاب أهل الكفر باق ، مع بقاء اللَّه تعالى ) (5) ، فإذا كانت الأبدية من نعوت اللَّه التى ينفرد بها ، فإن ذلك ــــــــــــــــــــ


لا يمنع اتصاف أهل الخلدين بالأبدية ، لأن أبديتهم باقية بإبقاء اللَّه لها فهى متعلقة بمشيئته ، أما أبديته سبحانه فهى باقية ببقاء اللَّه ، ويروى عن أبى القاسم النصرباذى (ت:367هـ) أنه قال :
( الجنة باقية بإبقائه ، وذكره ورحمته ومحبته لك باق ببقائه ، فشتان بين ما هو باق ببقائه ، وبين ما هو باق بإبقائه ) (1) ، ويعقب القشيرى (ت:465هـ) على قوله ، بأن هذا المعتقد ، هو غاية التحقيق عند الصوفية ، فإن أهل الحق قالوا : صفات ذات القديم سبحانه وتعالى باقيات ببقائه تعالى (2) .



  #5  
قديم 29-12-2009, 05:57 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,559
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

2- الاتصـــــــــال
**********************************
` الاتصال : ارتباط الأشياء بعضها ببعض ، كاتحاد طرفى الدائرة ، ويضاده الانفصال ، ويستعمل الوصل على نوعين (1) :
(1- الاتصال فى الأعيان ، كقوله تعالى : } فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ {[هود/70] ، ونحو حديث أسماء رضى اللَّه عنها ، قالت : " سألت امرأة النبي eفقالت : يا رسول اللَّه ، إن ابنتي أصابتها الحصبة فامرق شعرها وإني زوجتها ، أفأصل فيه ؟ فقال : لعن اللَّه الواصلة والموصولة " (2) .
(2- الاتصال فى المعانى ، وهو الشاهد لمصطلح الاتصال ، كقوله عز وجل : } وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون َ{[القصص/51] أى أكثرنا لهم القول موصولا بعضه ببعض ، وقالت خديجة رضي اللَّه عنها لرسول اللَّه e : " واللَّه ما يخزيك اللَّه أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق " (3) ، وعن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنه ، أن النبي e واصل ، فواصل الناس فشق عليهم ، فنهاهم ، قالوا : ـــــــــــــــــــ
1. المفردات ص525 ، لسان العرب مادة (وصل) 11/726 بتصرف .
2. أخرجه البخارى فى كتاب اللباس 10/391 (5941) .
3. أخرجه البخارى فى كتاب بدء الوحى 1/37 (4) .
إنك تواصل ؟ قال : " لست كهيئتكم إني أظل أطعم وأسقى " (1) .
والوصيلة أطلقت على ما تعارف عليه أهل الجاهلية ، أن أحدهم كان إذا ولدت له شاته ذكرا أو أنثى ، قالوا : وصلت أخاها ، فلا ي***ون أخاها من أجلها ، وهو ما عناه الحق فى قوله تعالى : } مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ {[المائدة/103] (2) ، وقال أبو هريرة t: " الوصيلة الناقة البكر ، تبكر في أول نتاج الإبل ، ثم تثني بعد بأنثى ، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم ، إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر " (3) .
`الاتصال فى الاصطلاح الصوفى :
ومصطلح الاتصال فى عرف الصوفية أو الواصل ، موضوع على معنى تجيزه الأصول القرآنية والنبوية ، وإن لم يرد اللفظ فى القرآن والسنة على المعنى الصوفى ، فالواصل عندهم ، هو من كان على صلة بربه ، فلا يرى بسره معنى التعظيم غيره ، ولا يسمع الأمر إلا منه (4) ، وهذا معنى شرعى محمود ، ثابت بمجمل الأصول الداعية إلى صلة العبد بربه .
ـــــــــــــــــــ
1. أخرجه البخارى فى كتاب الصوم (1922) 4/211 .
2. فتح البارى شرح صحيح البخارى 8/134 .
3. البخارى فى كتاب تفسير القرآن (4623) 8/132.
4. التعرف ص108 ، وقارن مع ما ذكره عبد الله الأنصارى الهروى فى كتابه منازل السائرين ، وتقسيمه الاتصال إلى ثلاث درجات ، انظر منازل السائرين ، طبعة دار الكتب العلمية سنة 1988م ص122 وما بعدها .
وروى عن يحى بن معاذ الرازى (ت:258هـ) أنه قال عن الواصل : ( من لم يعم عينه عن النظر إلى ما تحت العرش ، لم يصل إلى ما فوق العرش ) (1) .
يعنى لم يلحق ما فاته من مراقبة الذى خلق العرش ، وكلامه يدل على الدعوة إلى التعلق بالله ، وترك ما سواه ومثله وعن أبى يزيد البسطامى (ت:261هـ) قال : ( الواصلون فى ثلاثة أحرف ، همهم فى اللَّه وشغلهم فى اللَّه ، ورجوعهم إلى اللَّه ) (2) ، وينسب إلى أبى بكر الشبلى (ت:334هـ) أنه قال فى إظهار معنى التواضع لمن جاهد فى الوصول إلى الإيمان بربه ، من خلال المراقبة والصدق مع الله : ( من زعم أنه واصل ، فليس له حاصل ، وسبب الحرمان من الوصول والاتصال، انعدام المراقبة ) (3) ، وروى أيضا عن عبد الله بن خفيف الشيرازى (ت:371هـ) أنه قال : ( الواصل ، من اتصل بمحبوبه دون كل شئ سواه وغاب عن كل شئ سواه ) (4) ، ويذكر الكلاباذى (ت:380هـ) فى معنى الاتصال عند الصوفية ، أن ينفصل العبد بسره عما سوى اللَّه (5) .
ويرون كما سبق أن الاتصال يوجب الافتقار فيه ، فلا يظن العبد أنه قد وصل وإلا فليتقين أنه انفصل (6) .
والاتصال بالمعنى الصوفي ، وإن كان قائما فى بدايته على أصول القرآن والسنة التى دعت إلى دوام مراقبة اللَّه عز وجل ، ومتانة الصلة بين العبد وربه ، وأداء ــــــــــــــــــــ
1. اللمع للسراج الطوسى ص433 . 2. عوارف المعارف للسهروردى ص 516 .
3. اللمع ص433 . 4. طبقات الصوفية للسلمى ص466 .
5. التعرف ص108 . 6. اللمع ص433 .
العبودية لله على وجه الكمال ، إلا أنه أخذ بمعنى آخر ، فعند الحلاج ، الاتصال يؤدى إلى مفارقة الشريعه ، واعتقادها هوسا كما قال : ( اعلم أن العبد قائم على بساط الشريعة ما لم يصل إلى التوحيد ، فإذا وصل إليه سقطت من عينه وصارت عنده هوسا ) (1) ، والاتصال عند ابن عربى وتلاميذ مدرسته أخذ على معنى ملاحظة العبد عينه ، متصلا بالوجود الأحدى ، بقطع النظر عن تقيد وجوده بعينه وإسقاط إضافته إليه ، فيرى اتصال مدد الوجود ونفس الرحمن إليه على الدوام بلا انقطاع ، حتى يبقى موجودا به (2) ، ويرى عبد الكريم الجيلى أن الاتصال فى دوام الوصلة بلا انقطاع ، ولا فتور حيث تتواتر تجليات الحق تعالى على العبد فى هذا المشهد ، من غير رجوع إلى النفس فالوصال هو لحوق العبد بالله تعالى (3) .
ــــــــــــــــــــ
1. أخبار الحلاج نشرة لويس ماسينيون وبول كراوس ص55 .
2. معجم اصطلاحات الصوفية للكاشانى ص50 ، وانظر لطائف الأعلام فى الكشف عن مصطلح اتصال الوجود ، واتصال الانفصال 1/165، وقارن أيضا بين مصطلح اتصال الشهود فى اللطائف الموضع السابق ، وما ذكره عبد الكريم الجيلى فى كتابه المناظر الإلهية عن مصطلح التمكين ص119 ، وانظر جامع الأصول للكمشخانوى أحمد ضياء الدين طبعة دار الكتب العربية سنة1331هـ ص59 ، ص66 فى المقارنة بمصطلح القرب والخلة .
3. المناظر الإلهية ص 160 ، لاحظ معنى وحدة الوجود ، الذى يتبدى فى ثنايا كلام الجيلى إذ يعتبر الوصال ، آفة مشعرة بالغرية والاثنينية ، والأمر منزه عنده عن ذلك فالواصل محجوب عن الوحدة ، إذ لا وصول لأنه لا فراق ولذا يقول : ( واعلم أن =
  #6  
قديم 29-12-2009, 05:57 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,559
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

3- الإحســـــــــان
**********************************
`الإحسان : ضد الإساءة ، والحسن كل مبهج مرغوب فيه ، والإحسان يقال على وجهين (1) :
أحدهما : الإنعام على الغير ، كقوله تعالى : } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ {[النحل/90] ، وقوله سبحانه : } وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْك َ{[القصص/77] ، وكقوله e من حديث بن عباس t: " أريت النار ، فإذا أكثر أهلها النساء ، يكفرن ، قيل : أيكفرن باللَّه ؟ قال : يكفرن العشير ، ويكفرن الإحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ، ثم رأت منك شيئا ، قالت ما رأيت منك خيرا قط ) (2) .
الثانى : الإحسان فى الفعل ، وذلك إذا علم علما حسنا ، أو عمل عملا حسنا كقوله تعالى : } وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْك َ{[القصص/77] ، وقوله : } الَّذِي ــــــــــــــــــــ
= الوصال المعبر عنه بتواتر التجليات الحقية ، لا يكون إلا فى حق الضعفاء المحجوبين وأما الكامل ، فإن زاته منزهة عن تجلى صفات الغير عليها ، بل هو المتجلى فى ذاته بصفاته فالفصال أعلى من الوصال ، لأن الحق إذا فصلك عن تجلياته أبقاك بذاته ) ، انظر المناظر الإلهية ص161 .
1. المفردات ص119 .
2. أخرجه البخارى فى كتاب الإيمان (29) 1/104 .
أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِين ٍ{[السجدة/7] ، ومنه قوله e من حديث شداد بن أوس t: " إن اللَّه كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا ***تم فأحسنوا ال***ة ، وإذا ***تم فأحسنوا ال*** ، وليحد أحدكم شفرته فليرح ذبيحته " (1) .
وللإحسان معنى اصطلاحى شرعى ، وضع على درجة يبلغها العبد أعلى من درجة الإيمان ، كما نص على ذلك القرآن فى قوله تعالى :
} لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين َ{[المائدة/93] ، ففرق اللَّه بين التقوى المبنية على درجة الإيمان والتقوى المبنية على درجة الإحسان ، وقد حدد النبى e للإحسان معنى دوام المراقبة لله ، فى الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة ، فقال أبو هريرة t: " كان النبي e بارزا يوما للناس ، فأتاه جبريل فقال : ما الإحسان ؟ ، قال : أن تعبد اللَّه كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " (2) .
` الإحسان فى الاصطلاح الصوفى :
والإحسان فى اصطلاح الصوفية ، هو تهذيب القصد بعلم الشريعة والطريقة فيكون قصده مطابقا للأمر ، مبرأ عن شوب الرياء والغرض ، وإحكامه بالجزم ــــــــــــــــــــ
1. أخرجه مسلم فى كتاب الصيد والذبائح (1955) 3/1548 .
2. أخرجه البخارى فى كتاب الإيمان (50) 1/140 .
وتوطين النفس على ثبات العزم ، وعدم الفتور فيه ، وتصفيته عن النظر إلى غير المقصود بشهود المعبود ، وعدم الالتفات إلى الغير ولو نفسه ، فيعبد اللَّه معتقدا أنه بمرأى من اللَّه متوجها إليه كأنه يراه بقلبه (1) ، وهذا المعنى إلى هذا الحد قرآنى خالص يدل عليه الأصل النبوى ، الوارد فى حديث جبريل السابق ، إذ جعله الرسول e أعلى درجات الدين بعد الإسلام الإيمان ، ويؤكد السراج الطوسى (ت:387هـ) ، أن معنى الإحسان الوارد فى الحديث ، هو المعنى عند الصوفية وأن معنى قوله : أن تعبد اللَّه كأنك تراه ، يكون بدوام المراقبة والمشاهدة بالإيمان واليقين ، وينكر على من قال بخلاف ذلك ، يقول : ( بلغنى عن جماعة من أهل الشام ، أنهم يدعون الرؤية بالقلوب فى دار الدنيا ، كالرؤية بالعيان فى دار الآخرة ، ولم أر أحدا منهم ، ولا بلغنى عن إنسان ، أنه رأى منهم رجلا له محصول ) (2) ، ثم يبين أن الصوفية أشاروا برؤية القلوب ، إلى التصديق والمشاهدة بالإيمان وحقيقة اليقين ، وأنه ينبغى أن يعلم العبد أن كل شئ رأته العيون فى الدنيا من الأنوار ، أن ذلك مخلوق ، ليس بينه وبين اللَّه تعالى شبه ، وليس ذلك صفة من صفات اللَّه ، بل جميع ذلك مخلوق (3) .
ويذكر الكاشانى (ت:735هـ) للإحسان فى عرف الصوفية ، معنى مغايرا للمعنى السابق البسيط ، ينبثق من مدرسة وحدة الوجود ، فالإحسان عندهم ــــــــــــــــــــ
1. معجم اصطلاحات الكاشانى ص286 .
2. اللمع 544 .
3. السابق 545 .
يدل على رؤية الرب نفسه فى عبده ، ورؤية العبد نفسه فى ربه ، كالمرآة يرى الناظر فيها نفسه ، والمحسن هو الذى يرى الحق موصوفا بصفات العبد ، فيراه العبد وراء حجب صفاته بعين صفاته ، لأنه فى عين اليقين ، فلا يرى الحقيقة بالحقيقة ، لأنه تعالى هو الرائى وصفه بوصفه (1) .
يقول الكاشانى : إنما يكون الرائى هو الحق ، ولا يكون للعبد أثر حيث يبسلبه أثار أوصافه عنه بأوصافه ، بأنه الفاعل فيه منه لا هو ، وإذا استحال أن ترى شيئا سواه غير قائم به ، فالكل تعيناته ، فلا شئ يوصف مما سواه ، بأنه عينه أو أنه غيره (2) ، فنقلوا المعنى من رؤية المراقبة ، إلى رؤية الله متعينا فى جميع الأشياء (3) .
ــــــــــــــــــــ
1. معجم اصطلاحات الصوفية للكاشانى ص53 ، وكلام الكاشانى فيه إجحاف وتنقيص لحق أوائل الصوفية ، حيث عمم الاصطلاح على الكل ، لأن معنى الإحسان عندهم يتوافق مع الأصول القرآنية والنيوية ، بل انكروا على من قال بخلافه كما حكى ذلك السراج الطوسى فيما تقدم .
2. مثل المرآة من الأمثلة المتكررة للتعبير عن فلسفة وحدة الوجود ، وفكرته أن الله خلق العالم كمرآة يرى فيها نفسه حتى يعرف ، لأن من ير نفسه بمرآه ، أكمل ممن يراها بغيرها فالإنسان والعالم عند أصحاب الوحدة ، صورة للحق حقيقة لا خيال ، كما أن صورة المرآة حقيقة معبرة عن ذات المرئ ، وعلى ذلك فإن الله يرى نفسه فى الكافر والمؤمن وصاحب الوحدة يرى الكافر ربا والمؤمن كذلك ، ويرى الصوفى نفسه ربا باعتبار ظهر الحق فيه وهكذا تبدو هذه الزندقة ، قارنفصوص الحكم ص15:11 .
3. لطائف الإعلام 1/178 ، وانظر السابق ص53 .
  #7  
قديم 29-12-2009, 05:57 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,559
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

4- الإخبـــــــات
**********************************
` الإخبات : الخبت المتسع المطمئن من بطن الأرض ، وأخبت الرجل ، قصد الخبت أو نزله ، ثم استعمل الإخبات استعمال اللين والتواضع ، قال تعالى : } فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرْ الْمُخْبِتِينَ {[الحج/34] أى المتواضعين وقال أيضا : } إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {[هود/23] (1) .
والإخبات فى قوله تعالى : } وَلِيَعْلَمَ الَّذِين َ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ {[الحج/54] ، معناه أن القلوب تلين وتخضع ونرى معنى آخر يتسم بالتعقيد الذى لا يوجد عند الأوائل ، ويخرج من المدرسة السابقة ، يذكره الجيلى (ت:829هـ) ، فيقول : ( الإحسان أن يتحد البصر بالبصيرة ، فيشهدك الحق تعالى أنوار عظمته ساطعة على الوجود ، فيأخذك الصعق ، فحينئذ تبدو عليك شموس الجلال .. فتشهدها ببصيرتك كأنك ، ناظر إليها بالبصر لاتحادها بقوة أحدية نور اليقين ) (2) .
ــــــــــــــــــــ
1. المناظر الإلهية ص181 ، ويرى الجيلى أن الإحسان على المعنى الذى ذكره هو ، فيه آفة معيبة ، وهو معنى اتحاد البصر بالبصيرة ، لأن ذلك حجاب ، والشيئان لا يصيرا شيئا واحدا إلا فى المجاز ، المرجع نفسه ص181 .
2. لسان العرب 2/27 ، القاموس المحيط 1/54 .
وتخشع وهو قريب من الهبوط فى قوله : } وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ {[البقرة/74] (1) ، ومن دعاء النبي e عن ابن عباس : " رب اجعلني لك ، شكارا لك ، ذكارا لك ، رهابا لك ، مطواعا لك ، مخبتا إليك ، أواها منيبا " (2) .
`الإخبات فى العرف الصوفى :
الإخبات فى العرف الصوفى يعنى السكون إلى اللَّه تعالى ، كما ورد فى قوله : } وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ { ، أى سكنوا إليه واطمئنوا (3) ، ومما ذكر لهم فى الإخبات قول الحكيم الترمذى (ت:320هـ) وهو يعدد أوصاف القلب ، وأعمال القلوب ، ويجعل الإخبات محله القلب :
( القلب هو معدن التقوى ، والسكينة والوجل ، والإخبات واللين والاطمأنينة والخشوع ، والتمحيص والطهارة ) (4) ، واستدل لذلك بالآية : } وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ {[الحج/54] (5) .
ــــــــــــــــــــ
1. انظر المفردات ص141.
2. أخرجه الإمام الترمذى فى كتاب الدعوات 5/554 (3551) وقال : حديث حسن وأبو داود 2/83 (1510) وأحمد فى المسند 1/227 (1997 ) .
3. لطائف الإعلام 1/180،181 .
4. بيان الفرق بين الصدر والقلب والفؤاد واللب ص54 ، وانظر فى التعرف على موقع القلب وأعمال القلوب ، موقف الصوفية من العقل حتى نهاية القرن الرابع الهجرى رسالة ماجستير ، د/محمد عبد الله الشرقاوى ، دار العلوم جامعة القاهرة 268سنة 1978م .
5. السابق ص54 .
ويذكر القشيرى (ت:465هـ) الإخبات ، على المعنى الوارد فى الأصول القرآنية ، ويفسره باستدامة الطاعة بشرط الاستقامة وبقدر الاستطاعة ، ومن أمارات الإخبات ، كمال الخضوع بشرط دوام الخشوع ، وذلك يكون بإطراق السريرة ، ويستشهد لذلك بقوله تعالى : } فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرْ الْمُخْبِتِينَ {[الحج/34] (1) ، ويعرفه مرة أخرى بأنه التخشع لله بالقلب بدوام الانكسار ، ومن علامته الذبول تحت جريان المقادير بدوام الاستغاثة بالسر لقوله تعالى : } إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {[هود/23] (2) .
وينصف الكاشانى (ت:735هـ) ، عنما يجعل الإخبات عند الصوفية على أنواع (3) ، وإن كان ذلك معبرا عن تطور المعنى الدلالى للمصطلح عبر مراحل التصوف المختلفة ، وهى فى أغلبها متوافقة مع الأصول القرآنية ، فذكر منها :
1- إخبات العوام : وهو سكون النفس إلى الرجوع عن المخالفات ، وهو سكون البدايات .
2- إخبات المتوسطين : وهو الخلاص من تردد الخواطر ، بين الإقبال إلى اللَّه والإدبار عنه ، والدوام على الحضور والخدمة .
ــــــــــــــــــــ
1. لطائف الإشارات 2/542 ، وانظر حقائق التفسير للسلمى 1/360 وقارن .
2. السابق 2/130 .
3. معجم الكاشانى ص214 .
3- إخبات الخواص : وهو أن يكون الإنسان ممن يستوى عنده المدح والذم مع لائمته لنفسه ، وعماه عن نقصان الخلق عن درجته ، لإقامته على دوام العذل لنفسه والعذر لغيره .
4- إخبات البالغين : وهو إخبات من انقطع عن نفسه ، فضلا عن باقى الخلق لاستغراقه فى حضرة الحق (1) .
وهذا التقسيم فضلا عن كونه يفتقر إلى الدليل ، إلا أن إخبات البالغين مخالف للأصول القرآنية ، لكونه يخرج من مشكاة الفناء الحلولى .
**********************************
  #8  
قديم 29-12-2009, 05:58 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,559
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

5- الاختيــــــار
**********************************
` الاختيار : طلب ما هو خير وفعله ، قال تعالى : } وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا {[المزمل/20] (2) .
والاختيار يقال لكل فعل يفعله الإنسان لا على سبيل الإكراه ، كقوله تعالى : } وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُون َ{[الواقعة/20] ، وكما روى عن عبد اللَّه بن عمر رضي
ــــــــــــــــــــ
1. السابق ص214 .
2. المفردات ص161 ، وانظر الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة ، لأبى عبد الله محمد بن عبد الملك بن مالك الطائي الجياني ، تحقيق دكتور محمد حسن عواد ، دار الجيل ، بيروت سنة 1411هـ ، ص255 .
اللَّه عنهما ، قال : " قسم عمر خيبر ، فخير أزواج النبي e ، أن يقطع لهن من الماء والأرض ، أو يمضي لهن ، فمنهن من اختار الأرض ، ومنهن من اختار الوسق ، وكانت عائشة اختارت الأرض " (1) .
والاختيار قد يقال لما يراه الإنسان خيرا وإن لم يكن خيرا ، كقول اللَّه تعالى : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُون َ{[الجمعة/9] ، وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما ، أن عبد اللَّه بن أبي بن سلول لما توفي ، جاء ابنه إلى رسول الله e فقال : " يا رسول اللَّه ، أعطني قميصك أكفنه فيه ، وصل عليه واستغفر له فأعطاه النبي e قميصه ، فقال : آذني أصلي عليه فآذنه ، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر t ، فقال : أليس اللَّه نهاك أن تصلي على المنافقين ، فقال : أنا بين خيرتين ، قال : } اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ َ{[التوبة/80] ، فصلى عليه فنزلت : } وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِه ِ{[التوبة/84] (2) .
والخيرة : الحالة التى تحصل للمستخير والمختار ، كقوله تعالى : }وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ {[الأحزاب/36] ، وكقوله سبحانه : } وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة ُ{[القصص/68] ، وعن أبي سعيد الخدري t، قال : " خطب النبي e ــــــــــــــــــــ
1. البخارى فى كتاب المزارعة (2328) 5/14 .
2. البخارى فى كتاب الجنائز (1269) 4/165 .
فقال : إن اللَّه خير عبدا بين الدنيا ، وبين ما عنده ، فاختار ما عند اللَّه ، فبكى أبو بكر الصديق t، فقلت في نفسي : ما يبكي هذا الشيخ ، إن يكن اللَّه خير عبدا بين الدنيا ، وبين ما عنده ، فاختار ما عند اللَّه ؟ فكان رسول اللَّه e هو العبد ، وكان أبو بكر أعلمنا " (1) .
والاستخارة : طلب الخير والتوجيه إليه ، وقد روى عن جابر بن عبد اللَّه tقال : " كان رسول اللَّه e يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها ، كما يعلمنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر ، فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللَّهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللَّهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي ، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ، فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي ، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ، فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني ، قال : ويسمي حاجته " (2) .
` الاختيار فى الاصطلاح الصوفى :
والاختيار فى الاصطلاح الصوفى يرد على معنيين ، أحدهما له أصول قرآنية ونبوية ، والثانى لا أصل له :
ــــــــــــــــــــ
1. أخرجه البخارى فى كتاب الصلاة (466) 7/665.
2. أخرجه البخارى فى كتاب الجمعة (1166) 4/58 .
الأول : الاختيار الذى يعنى اختيار العبد لما أراده اللَّه شرعا ، فليس للعبد إرادة مخالفة لإرادة اللَّه الشرعية ، وللصوفية فى هذا المعنى ، ما روى عن يحى بن معاذ (ت:258هـ) أنه قال : ( ما دام العبد يتعرف يقال له لا تختر ، فإنك لست بأمين فى اختيارك حتى تعرف ، فإذا عرفت ، يقال له : إن شئت فاختر وإن شئت فلا تختر ، فإنك إن اخترت فبنا ، فيما تختار وفيما لا تختار ) (1) .
والمعنى : ما دام العبد فى طريق المعرفة باللَّه ، فهو مأمور أن يختار اختيار اللَّه له بالمجاهدة فى اتباع الشرع ، ومن ثم إذا داوم على ذلك سوف تتكيف إرادته على مراد اللَّه واختياره ، وعند ذلك يسمع بسمع اللَّه ، ويرى بنور اللَّه ، فأى شئ يختاره وقتها ، سيكون اختيارا من اللَّه ، لأنه صديق يدور فى دائرة المجال الشرعى والكونى معا ، أو بعنى آخر تتفق إرادة العبد ، مع الإرادة الشرعية والكونية معا ، وهذا المعنى يشهد له أيضا ، ما روى عن أبي يزيد البسطامى (ت:261هـ) لما سئل من هو الأمير ؟ ، فقال : ( من لم يبق له اختيار وصار اختيار الحق له اختيارا ) (2) ، وقوله أيضا لما سئل ماذا تريد ؟ ، قال : ( أريد ألا أريد ) (3) ، فالاختيار فى اصطلاح الأوائل منهم ، إشارة إلى ما يختاره اللَّه ــــــــــــــــــــ
1. اللمع ص429 وانظر نوادر الأصول للترمذى ص89 وما بعدها حيث يبين أن اختيار العبد الذى يعود عليه بالخير يكون فى اختيار الله له وانظر ختم الأولياء ص279 .
2. كشف المحجوب ص470 ، وانظر فى تفصيل كلام أبى يزيد مفهوم الحرية عند صوفية القرنين الثالث والرابع ، رسالة ماجستير للمؤلف ، كلية دار العلوم (824) 1995م ص 240 .
3. الرسالة 2/473 ، وانظر قوت القلوب للمقارنة بكلام المكى 1/128 .
للعبد فى دنياة من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة ، والعبد يختار ذلك بعناية اللَّه له ، حتى يختار باختار اللَّه له ، لا باختيار نفسه (1) ، وهذا العبد الذى يختار اختيار اللَّه الشرعى على الدوام ، يجتمع فيه نوعان من اختيار اللَّه ، الأول هو الاختيار الشرعى ، والثانى هو الاختيار الكونى .
الثانى : وهو المعنى المخالف للأصول القرآنية والنبوية ويرد على وجهين :
1- اختيار اللَّه للعبد الاختيار الكونى مع تجاهل العبد العمل بالأسباب ، وهو باب التواكل والاحتجاج بالقدر على نفى الأسباب ، ومن ذلك ما روى عن الجنيد بن محمد (ت:297هـ) أنه أصابته الحمى فقال : يا إلهى عافنى ، فسمع من قال له فى قلبه : من أنت حتى تتدخل فى ملكى ، وتجعل لك خيرة ، إننى أدبر ملكى خيرا منك ، فاختر ما اخترت بدلا من أن تتقدم إلى باختيارك (2) .
وقد استدل الهجويرى (ت:465هـ) بذلك ، على أن الاختيار عند الصوفية يعنى أنهم يختاروا اختيار الحق على اختيارهم ، أى أنهم فى سلبية تامة تجاه ما يبتليهم به الحق من الخير والشر من صحة ومرض وغنى وفقر (3) ، ومعلوم أن ذلك مخالف للأصول القرآنية والنبوية ، فالدعاء من الأسباب العظيمة فى جلب ــــــــــــــــــــ
1. اللمع ص429 ، وانظر الزيد عن هذه العلاقة فى طريق الهجرتين لابن القيم ص216 .
2. كشف المحجوب ص470 وانظر فى معرفة الاختيار على مستوى الفعل الإنسانى سلبا أو إيجابا ، دراسات فى الفكر العربى لماجد فخرى ص78 وما بعدها .
3. لعل الهجويرى يعنى أن هذه المرحلة من الاختيار يسبقها إيجابية العبد فى التزام المجاهد والاتباع وإن كان كلام الجنيد لا يسعفه ، انظر السابق ص470 .
الخير ودفع الشر ، وقد أمرنا اللَّه به ، فقال تعالى : } وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم ْ{[غافر/60] ، وفى حديث أبى مالك الأشجعي t، كان الرجل إذا أسلم علمه النبي e الصلاة ، ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات : " اللَّهم اغفر لي وارحمني ، واهدني وعافني وارزقني " (1) ، ومن حديث عبد اللَّه بن أبي أوفى t، قال e : " أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو ، وسلوا اللَّه العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ، ثم قال : اللَّهم منزل الكتاب ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم " (2) وعن عبد اللَّه بن عمر t، أن رسول اللَّه e أمر إذا أخذ الرجل مضجعه أن يقول : " اللَّهم خلقت نفسي وأنت توفاها لك مماتها ومحياها إن أحييتها فاحفظها وإن أمتها فاغفر لها اللَّهم إني أسألك العافية " (3) .
2- المعنى الثانى للاختيار المخالف للأصول القرآنية والنبوية ، هو كون اختيار العبد ، عين اختيار الرب ، كما ذكره ابن عربى فى الفصوص عند قوله تعالى : } مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {[هود/56] .
قال : ( فكل ماش ، فعلى صراط الرب المستقيم ، فهو غير المغضوب عليهم من هذا الوجه ولا الضالين .. ، وقال تعالى : كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به .. فذكر أن هويته ، هى عين الجوارح التى هى عين العبد ــــــــــــــــــــ
1. أخرجه مسلم فى كتاب الذكر والدعاء (2697) 4/2073 .
2. أخرجه البخارى فى الجهاد (2966) 6/140 .
3. أخرجه مسلم فى كتاب الذكر والدعاء (2712) 4/2083 .
فالهوية واحدة ، والجوارح مختلفة ) (1) ، وقد ذكر الجيلى (ت:829هـ) أيضا أن اختيار العبد المخلوق فينا بالإرادة ، هو عين اختيار الحق وإرادته ، فإرادة العبد واختياره ، هو عين الإرادة القديمة (2) .
ومن ثم سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا ، على شاكلة موسى u أو فرعون فالجميع عند هؤلاء الصوفية على صراط مستقيم ، واختيار الجميع هو بعينه اختيار الله ، ولا شك ان ذلك هدم لدين الله ، وضياع لمعانى التكليف ، وتبديد للعلة التى خلق الله من أجلها الدنيا والآخرة .
ــــــــــــــــــــ
1. فصوص الحكم ص149 وما بعدها ، وانظر أيضا لابن عربى شجرة الكون ، تحقيق رياض العبد الله ص49 وما بعدها ، ورأى ابن عربى واضح فى أنه لا يفرق فى الاختيار بين الخير والشر ، لا بالمعنى الشرعى ولا بالمعنى الكونى ، ويشاكله أيضا ابن سبعين حيث يرى أن الخير والشر ، لا فرق بينهما عند المحقق من حيث الحقيقة الوجودية لأن الوجود قضية واحدة ، وهو الخير المطلق ، وإننا بمحض الوهم نفرق فى عالم الظواهر بين الخير والشر ، انظر ابن سبعين وفلسفته الصوفية للدكتور أبى الوفا التفتازانى ص193 ، وقارن أيضا مع رأى فريد الدين العطار فى الاختيار ، انظر كتابه منطق الطير وادى العشق ص185 .
2. الإنسان الكامل 1/48 ، وانظر فى مقارنة رأى ابن عربى مع الجيلى ، ومدى اختلافهما ، معجم المصطلحات الصوفية للدكتورة سعاد حكيم ص441 ، وللمقارنة بين الاختيار من الوجة الكلامية والوجهة الفلسفية الصوفية ، انظر مشكلة الخير والشر بين المعتزلة والأشاعرة ، رسالة دكتوراة ، مخطوط بكلية دار العلوم ، جامعة القاهرة ، رقم (712) سنة 1975م .
**********************************
 

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 06:25 PM.