هيا .. تجردي .. لألبسك .. بيدي

[أحمـدنجـم]

المستعمرة الجنوبية

(ثورة لا تقهر)

إِيَّاكِ أَنْ تَظنِّي أَنَّكِ لَسْتِ مَمَلَكَةَ الِّدِّفءِ

أَوْ أَنَّ هَذَا اللَّيْلَ الْمُرْسَلَ عَلَى خَدَّيْكِ

أَوْ أَنَّ مِعْطَفَكِ الْوَثِيرِ

يَحْجُبُ شَمْسَكِ يَا بَهِيَّةَ الْمَلَامِحْ

دَعِينِي أَلْثمُ خَدَّكِ الصَّابِحْ

أَنْزَلِجُ عَلَى أَوْتَارِ ذَلِكَ اللَّيْلِ الطَّوِيلِ

لِحَبَّاتِ الْكَرْزِ أُصَافِحْ

يَا صَاحِبَةَ الْوَجْهِ الْحَرِيرِيِّ الصَّابِح

تِلْكَ الْوِسَادَةُ الَّتِي ارْتَسَمَتْ فَوْقَهَا لَوْحَتُكْ

أَيَا بِلَادِي الْفَسِيحَةْ

أَرِيكَتِي الْمُرِيحَةْ .. لَمْ تَعُدْ مُرِيحَةْ

مُذْ وَقَعْتِ فِي الأَسْرْ

وَانْتَهَى الأَمْرْ

مُذْ أَصْبَحْتِ – يَا أَسَفِي – مُسْتَعْمَرَةً جَنُوبِيَّةْ

لا تَحْزَنِي أَيَّتُهَا الْمُسْتَعْمَرَةْ

فَكُلُّ الْجُيُوشِ مُسْتَنْفَرَةْ

وَالطُّبُولُ سَتُعْلِنُ بَعْدَ بُرْهَة .. بَدْأَ الْمَسِيرِ إِلَيْكِ

هَيَّا .. تَجَرَّدِي .. أَيَّتُهَا الْمُسْتَعْمَرَةُ الْجَنُوبِيَّةْ

هَيَّا .. تَجَرَّدِي .. فَلَقَدْ بَدَأَتُ السَّيْرَ إِلَيْكِ

هَيَّا .. تَجَرَدِّي .. رَدَّدِي كُلَّ شَعَارَاتِ الْحُروبِ

كُلَّ أَنَاشِيدِ الْحَمَاسَةْ

هَيَّا .. تَجَرَّدِي .. أَخْرِجِي غَانِيَاتِكِ .. رَاقِصَاتِكِ

تُنْشِدْنَ لِلْحُرِّيَةْ..

هَا قَدْ بَدَا فِي الأُفْقِ غُبَارُ جَيْشِ الْخَلَاصِ

فَالْخَيْلُ وَاللَّيْلُ وَالْبَيْدَاءُ تَرْهَبُكِ

وَالسَّيْفُ وَالرُّمْحُ وَتُكْنُولُوجْيَا الْعَصْرِ تَصْحَبُكِ

لَسْتُ نَازِيَّاً كَهِتْلَرْ .. لَكِنِّي مِثْلَهُ مُغَامِرْ

مَا تَرَكْتُ يَهُودِياً بِأَرْضِي .. عَلَى حُلْمِي يُقَامِرْ

الرَّايَةُ الَّتِي أغرِسُهَا لا تُقْتَلَعْ ..

لي أُسْلوبِي الخَاصُّ في الغرْسِ .. أَنَا لَهُ مُبْتَدِعْ

ستعْلَمِينَ أيَّتُهَا الشَّمْسْ ..

حينَ أَغْزُوكِ أَنَّكِ... شَمْسْ

حِينَ أَغرسُ رَايَتِي .. في مَرْكَزَكَ - أَيَا مَرْكَزَ الْكوْنِ -

ستعلَمِينَ كيفَ تكونُ العَرْبَدَةُ .. عَربدَةْ

الطُّهرُ .. طُهْرْ

الحِّسُّ .. حِسْ

هيَّا .. تَجرَّدِي ..

هيا .. تجردي .. أيتها المستَعْمَرَةُ الجنوبيةْ

هيا .. تجردي .. وَمَهِّدِي .. بِانْقِلَابٍ دَاخِلِيّ..

لا تخافي عصا الشُّرْطِيّ ..

ولا كلابَ الحِرَاسةْ

ولو عَصَّبُوا عينيكِ

قَيَّدُوا يَدَيْكِ

كَمَّمُوا فَمَكِ الْمُتْخَمَ بعباراتِ المعارَضَةْ

كَبَّلُوا صَدْراً كان عندي .. أمماً نَاهِضَةْ

لتظلي .. أيتها المستَعْمَرَةُ .. رَافِضَةْ

رَافِضَةً لفلسفةِ الغباءْ ..

لفلسفةِ الفَالْسِ الطَّاعَةِ للطاعةْ ..

هيا .. تجردي ..

كواكبُكِ أيتها الشمسُ كواكبُ مُطْفَأَةْ

تدورُ فقطْ في مداراتٍ مغلقة

أما كواكبي التي أَسُوقُها – مَهْرَاً - إليكِ

مَدَارَاتُهَا حَلزونِيَّةْ

تأتي من بعيدٍ

تدنو ..

تلتصقْ

تذوبُ فيكِ

تحترقْ

تتجددْ ..

كواكبُ ديموميةْ

ما أشهى ديمومةَ الكواكبْ

ستنجبينَ ألفَ ألفَ كوكبْ

فأنا الْمُلَقَّبُ .. بِأَميرِ المليونِ كوكبْ..

.. هيا تجردي .. واعلمي

أني سأَطْرُقُ بابَكِ طرقاتٍ قويةْ ..

سأسحقُ تلكَ الهمجيةْ ..

وبأيدٍ لا ترحمْ .. بكلِّ معاني الوحشيةْ

و بعد تجردِكِ .. من كلِّ ثيابِ الصمتِ .. السودا ء ..

من كلِّ عبوديةْ ..

سأصوغ لأجلكِ

تاجاً من تيجان ملوكِ الأرض ..

قياصرةِ الدنيا

أباطرةِ العالم

أكاسرةِ التاريخ

تاجاً .. يا مستعمرتي .. يدعى ..

حرية ..

حرية ..