#31
|
||||
|
||||
قال تعالى : أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ {} فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ {} المؤمنون أفحسبتم- أيها الخلق- أنما خلقناكم مهملين, لا أمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب، وأنكم إلينا لا ترجعون في الآخرة للحساب والجزاء ؟ فتعالى الله الملك المتصرف في كل شيء، الذي هو حق، ووعده حق، ووعيده حق، وكل شيء منه حق، وتَقَدَّس عن أن يخلق شيئًا عبثًا أو سفهًا، لا إله غيره ربُّ العرشِ الكريمِ، الذي هو أعظم المخلوقات. وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ
__________________
اللهم احفظ مصر من كل سوء
آخر تعديل بواسطة modym2020 ، 24-12-2013 الساعة 10:15 PM |
#32
|
||||
|
||||
قال تعالى " وَالـَّذِيـنَ آمـَنــُوا أَشَـــدُّ حـُبـــّاً لِــلــَّهِ " البقرة:165 إن كل صاحب هوى تجده متعلقا بما يهوى ويستعذب العذاب من أجله.. ويستعذب البذل في سبيله .. ويستعذب التعب من أجله ! ! فهل محبتنا لله جل ربنا وتعالى وتقدس تصل بنا إلى هذه الحرارة التي تجعلنا في حالة قلق طلــبا لرضـــا الله ؟! قال الامام الشافعى تعصي الإله وأنت تظهر حبه ... هذا محال في القياس بديـع لو كان حبك صادقا لأطعتـه ... إن المحب لمن يحب مطيـع في كل يوم يبتديك بنعمــة ...منه وأنت لشكر ذلك مضيع نسأل الله تعالى أن يغفر لنا ويتجاوز عنا ويرحمنا
ويرزقنا حبه وحب من يحبه وحب ما يقرب إلى حبه |
#33
|
||||
|
||||
قال الله تعالى" وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ " سورة الاعراف
نلاحظ أن أهل القرية كانوا على ثلاث فرق : الفريق الأول: هم المعتدين الذين خالفوا أمر الله . الفريق الثاني: هم الساكتون الذين سكتوا عن عدوان المعتدين، وتوجهوا باللوم والإنكار على الصالحين الدعاة، بحجة أنه لا فائدة، من نصح ووعظ قوم هالكين معذبين . الفريق الثالث : هم الصالحون الدعاة، قاموا بواجبهم في الدعوة إلى الله، وأنكروا على المتحايلين على أوامر الله فلما وقع عذاب الله بالمعتدين مسخهم الله قردة خاسئين، وكان المسخ حقيقياً، وأنجى الله من ذلك العذاب، فريق المصلحين الدعاة، وسكت القرآن عن مصير فريق الساكتين. فالله أعلم بمصيرهم. هل سكت عنهم لهوانهم على الله، ولأنهم سكتوا عن إنكار المنكر؟؟؟ أم أنهم كانوا مع الهالكين ؟ لنا أمام هذه القصة وقفة .... فتأمل
__________________
اللهم احفظ مصر من كل سوء
|
#34
|
||||
|
||||
وقفة مع آية
بسم الله الرحمن الرحيم
( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُأَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) ) سورة هود ,, ص 231 (أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ?). . أجد حقيقته في نفسي وأستيقن أنه هو يوحي إلي ويأمرني بما أبلغكم إياه . وعن هذه البينة الواضحة في نفسي , أصدر واثقا مستيقنا . ( ورزقني منه رزقا حسنا ). . ومنه الثروة التي أتعامل مع الناس مثلكم فيها . ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ). . فأنهاكم ثم أذهب من خلفكم فأفعل ما نهيتكم عنه لأحقق لنفسي نفعا به ! ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ). . الإصلاح العام للحياة والمجتمع الذي يعود صلاحه بالخير على كل فرد وكل جماعة فيه ; وإن خيل إلى بعضهم أن إتباع العقيدة والخلق يفوت بعض الكسب الشخصي , ويضيع بعض الفرص . فإنما يفوت الكسب الخبيث ويضيع الفرص القذرة ; ويعوض عنهما كسبا طيبا ورزقا حلالا , ومجتمعا متضامنا متعاونا لا حقد فيه ولا غدر ولا خصام ! ( وما توفيقي إلا بالله ). . فهو القادر على إنجاح مسعاي في الإصلاح بما يعلم من نيتي , وبما يجزي على جهدي . ( عليه توكلت ). . عليه وحده لا اعتمد على غيره . ( وإليه أنيب ). . إليه وحده أرجع فيما يحزبني من الأمور , وإليه وحده أتوجه بنيتي وعملي ومسعاي . آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 30-01-2014 الساعة 03:01 AM |
#35
|
||||
|
||||
وقفة مع آية :( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ,ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ...) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ «45» ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ «46» نقف أمام اللفتة الصادقة العميقة في قوله تعالى عن المتقين : (إن المتقين في جنات وعيون . ادخلوها بسلام آمنين . ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين .). . إن هذا الدين لا يحاول تغيير طبيعة البشر في هذه الأرض ; ولا تحويلهم خلقا آخر . ومن ثم يعترف لهم بأنه كان في صدورهم غل في الدنيا ; وبأن هذا من طبيعة بشريتهم التي لا يذهب بها الإيمان والإسلام من جذورها ; ولكنه يعالجها فقط لتخف حدتها , ويتسامى بها لتنصرف إلى الحب في الله والكره في الله - وهل الإيمان إلا الحب والبغض ? - ولكنهم في الجنة – وقد وصلت بشريتهم إلى منتهى رقيها وأدت كذلك دورها في الحياة الدنيا - ينزع أصل الإحساس بالغل من صدورهم ; ولا تكون إلا الأخوة الصافية الودود . . إنها درجة أهل الجنة . . فمن وجدها في نفسه غالبة في هذه الأرض , فليستبشر بأنه من أهلها , مادام ذلك وهو مؤمن , فهذا هو الشرط الذي لا تقوم بغيره الأعمال ... ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود والمغيرةب ن شعبة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "آخر من يدخل الجنة :رجل فهو يمشي على الصراط مرة ، ويكبو مرة ، وتسفعه النار مرة ، فإذا جاوزها التفت إليها ، فقال : تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً منا لأولين والآخرين. فترتفع له شجرة فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها ؟ فيقول : لا يا رب ، ويعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره ، لأنه يرى مالا صبر له عليه ، فيدنيه منها فيستظل بظلها ،ويشرب من مائها. ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى ، فيقول: يا رب أدنني من هذه لأشرب من مائها ، وأستظل بظلها لا أسألك غيرها فيقول : يا ابن آدم ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها ؟ فيقول:لعلي إن أدنيتك منها أن تسألني غيرها ، فيعاهده أن لايسأله غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه فيدنيه منها ، فيستظل بظلها ، ويشرب من مائها ثم ترفع له شجرة عند بابالجنة هي أحسن من الأوليين فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرةلأستظلَّ بظلها وأشربَ من مائها لا أسألك غيرها فيقول : يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لاتسألني غيرها ؟ قال : بلى يا رب ، هذه لا أسألك غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه فيدنيه منها ، فإذا أدناه منها سمعأصوات أهل الجنة فيقول: يا رب أدخلنيها فيقال له : ادخل الجنة فيقول : رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم فيقول الله : يا ابن آدم ما يرضيك مني ؟! أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول :رضيت رب فيقول : لك ذلك ومثله ، ومثله ،ومثله ، ومثله فيقول في الخامسة : رضيت رب فيقول الله تعالى : لك ذلك وعشرة أمثاله ، ولك مااشتهت نفسك ولذّت عينك ثم يقول الله تعالى له : تمن ،فيتمنى ، ويذكرهالله:سل كذا وكذا ، فإذا انقطعت به الأماني ثم يدخل بيته ويدخل عليه زوجتاه من الحور العين، فيقولان : الحمد لله الذي أحيا كلنا وأحيانا لك فيقول:ماأعطى أحد مثلما أعطيت . قال ( يعني موسى عليه السلام ) : رب فأعلاهم منزلة ؟ قال : أولئك الذين أردت غرس كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر,, فـسبحان من غرست يداه جنةا لفردوس عند تكامل البنيان ويداه أيضا أتقنت لبنائهافتبارك الرحمن أعظم بان,, اللهم اجعلنا من المتقين الأبرار، وأسكنا معهم في دارالقرار،
ولا تجعلنا من المخالفين الفجار ، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، يا من لم يزل ينعم ويجود ، برحمتك … آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 30-01-2014 الساعة 03:03 AM |
#36
|
||||
|
||||
وقفة مع آية :( لَا تَحْزَن إِن الْلَّه مَعَنَا ,,, ) بسم الله الرحمن الرحيم .. (( إِلَا تَنْصُرُوْه فَقَد نَصَرَه الْلَّه إِذ أَخْرَجَه الَّذِيْن كَفَرُوَا ثَانِي اثْنَيْن إِذ هُمَا فِي الْغَار إِذ يَقُوْل لِصَاحِبِه لَا تَحْزَن إِن الْلَّه مَعَنَا فَأَنْزَل الْلَّه سَكِيْنَتَه عَلَيْه وَأَيَّدَه بِجُنُوْد لَّم تَرَوْهَا وَجَعَل كَلِمَة الَّذِيْن كَفَرُوَا الْسُّفْلَى وَكَلِمَة الْلَّه هِي الْعُلْيَا وَاللَّه عَزِيْز حَكِيْم (40)) سورة التوبة ,, ص 193 ذلك حين ضاقت قريش بمحمد ذرعا ,كما تضيق القوه الغاشمة دائما بكلمه الحق , لا تملك لها دفع , فأطلعه الله على ما ائتمرت , وأوحى إليه با لخروج , فخرج وحيدا إلا م صاحبه الصديق لاجيش ولا عده , وأعداؤه كثر , وقوتهم إلى قوته ظاهره . والسياق يرسم مشهد الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ وصاحبه : ((إِذ هُمَا فِي الْغَار)) والقوم على إثرهما يتعقبون , والصديق _ رضي الله عنه _ يجزع_ لا على نفسه ولكن على صاحبه _ أن يطلعوا عليهما فيخلصوا إلى صاحبه الحبيب , يقول له :لو إن احدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه والرسول _ صلى الله عليه وسلم _ وقد انزل الله سكينته على قلبه , يهدئ من روعه ويطمئن من قلبه فيقول له :(( يا أبا بكر ما ظنك با ثنين الله ثالثهما ؟ )) . ثم ماذا كانت العاقبة , والقوه المادية كلها في جانب , والرسول _ صلى الله عليه وسلم _مع صاحبه منها وكانت الهزيمة للذين كفروا والذل والصغار : (( وجعل كلمه الذين كفروا السفلى وظلت كلمه الله في مكانها العالي منتصرة قويه نافذة :((وكلمه الله هي العليا )) والله يقدر النصر في حينه لمن ستحقه . الـــــــوقفة : سأقف هنآ على جزء من الآية: ( لَا تَحْزَن إِن الْلَّه مَعَنَا ) كلمة .. تزن جبال الأرض بل تزيد !!! إذا حل الإيمان في القلب تهون الدنيا في العين من هذا الموقف نعلم أن الله مع المؤمن بقدر مافي قلبه من الإيمان والتصديق والتوحيد .. فالمؤمن لايحزن على حطام دنيا فانية .. لايحزن على حياة ذكر الله أنها متاع قليل وغرور .. المؤمن يحزن على طاعةٍ فاتته .. أو صدقة لم يقدمها أو قيام ليل غفل عنه ... أو أي أمر ينفعه في الاخرة أما الدنيا..فلا يحزن عليها .واجعلي -شعارك ومبدأك دائما وأبدا " لَا تَحْزَن إِن الْلَّه مَعَنَا " لاتحزن فالله معنا .. بتوفيقة وحفظة
لاتحزن فالله معنا .. بنصره وتأييده لاتحزن فالله معنا .. بعونة وتسديده آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 30-01-2014 الساعة 03:03 AM |
#37
|
||||
|
||||
وقفة مع آية :( قل هو الله أحد ... ) بسم الله الرحمن الرحيم.. قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ( 1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) إنها أحديه الوجود .. فليس هناك حقيقة لا حقيقته . وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده . كل موجود آخر , فإنما يستمد وجوده من ذلك وجود الحقيقي , ويستمد حققته من تلك الحقيقة الذاتية . ومعنى أن الله احد : انه الصمد . وانه لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا احد. . ولكن القران يذكر هذه التعريفات لزيارة التقرير وإلا يضاح: (( الله الصمد)) .. ومعنى الصمد اللغوي : السيد المقصود الذي لا يقضى أمر إلا بإذنه . والله _ سبحانه_ هو السيد الذي لا سيد غيره , فهو احد في إلوهيته والكل له عبيد . وهو المقصود وحده بالحاجات , المجيب وحده من كونه الفرد الأحد . (( لم يلد ولم يولد)) .. فحقيقة الله ثابت هابديه أزليه, لا تعتور ها حال بعد حال . صفتها الكمال المطلق في جميع الأحوال. الولادة انبثاق وامتداد , ووجود زائد بعد نقص أو عدم , وهو على الله محال. ثم هي تقتصي ومن ثم فان صفه (( احد)) تتضمن نفي الوالد والوالد .. ((ولم يكن له كفوا احد ))..أي لم يوجد لهه مماثل أو مكافئ . لا في حقيقة الوجود , ولا في حقيقة الفاعلية ,ولا في أيه صفه من الصفات الذاتية. عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ ) فشق ذلك عليهم وقالوا : أينا يطيق ذلك يا رسول الله ؟ فقال : ( الله الواحدالصمد ثلث القرآن ) . وقال صلى الله عليه وسلم " من قرأ ( قل هو الله أحد ) حتى يختمها عشر مرات , بنى الله له قصرا فى الجنه " آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 30-01-2014 الساعة 03:04 AM |
#38
|
||||
|
||||
وقفة مع آية :(وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ ... ) بسم الله الرحمن الرحيم ,, (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) ) سورة هود ,, ص 231 ( أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ? ). . أجد حقيقته في نفسي وأستيقن أنه هو يوحي إلي ويأمرني بما أبلغكم إياه . وعن هذه البينة الواضحة في نفسي , أصدر واثقا مستيقنا . ( ورزقني منه رزقا حسنا ). . ومنه الثروة التي أتعامل مع الناس مثلكم فيها . ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ). . فأنهاكم ثم أذهب من خلفكم فأفعل ما نهيتكم عنه لأحقق لنفسي نفعا به ! ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ). . الإصلاح العام للحياة والمجتمع الذي يعود صلاحه بالخير على كل فرد وكل جماعة فيه ; وإن خيل إلى بعضهم أن إتباع العقيدة والخلق يفوت بعض الكسب الشخصي , ويضيع بعض الفرص . فإنما يفوت الكسب الخبيث ويضيع الفرص القذرة ; ويعوض عنهما كسبا طيبا ورزقا حلالا , ومجتمعا متضامنا متعاونا لا حقد فيه ولا غدر ولا خصام ! ( وما توفيقي إلا بالله ). . فهو القادر على إنجاح مسعاي في الإصلاح بما يعلم من نيتي , وبما يجزي على جهدي . ( عليه توكلت ). . عليه وحده لا اعتمد على غيره . ( وإليه أنيب ). . إليه وحده أرجع فيما يحزبني من الأمور , وإليه وحده أتوجه بنيتي وعملي ومسعاي . الــــــــــــــــــــــــــــــــوقفة / توفيق الله للعبد أن لايكله إلى نفسسه الله تعالى هو الذي يسدد الخطى الإنسآن لايتسنى له أن ينطلق من نجاحات إلى نجاحات إلا بتوفيق الله سبحانه وتعالى |
#39
|
||||
|
||||
وقفة مع آية :( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ ... ) بسم الله الرحمن الرحيم.. (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (132) ) سورة آل عمرآن ,, ص 67 الأمر بالمسارعة إلى المغفرة , وإلى جنة عرضها السماوات والأرض (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) ,, (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ) سارعوا فهي : المغفرة والجنة : أعدت للمتقين أمر الرب جل في علاه بالمسارعة إلى شيئين الأول مغفرة ذنوبهم وذلك بالتوبة النصوح ، والثاني دخول الجنة التي وصفها لهم ، بعد التوبة النصوح تكون النفوس حضرت وهيئت للمتقين والمسارعة إلى الجنة هي المسارعة إلى موجبات دخولها وهي الإِيمان والعمل الصالح إذ بهما تزكوا الروح وتطيب فتكون أهلاً لدخول الجنة . فمن سابق في هذه الدنيا وسبق إلى الخير كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من *** العمل وكما تدين تُدان ، الـــــــــوقفة / ما أرحمك يالله اللهم اغفر لنا جميعا وأرزقنا الجنة بلا حسآب ولا عقآب
آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 31-01-2014 الساعة 07:44 PM |
#40
|
||||
|
||||
موضوع رائع وقيم
جزاك الله خيرا على المتابعة
__________________
اللهم احفظ مصر من كل سوء
|
#41
|
||||
|
||||
|
#42
|
||||
|
||||
وقفة مع معالم قرآنية في الصراع مع اليهود أ. د. مصطفى مسلم وقفة مع معالم قرآنية في الصراع مع اليهود الحمد لله رب العالمين الذي أنزل الكتاب ولم يجعل له عوجاً، وجعله الدستور الخالد للمؤمنين إلى يوم الدين، وجعل العزة والسيادة والفلاح لمن تمسك به واهتدى به، فهو الصراط المستقيم لا يضل سالكه، والحبل المتين لا ينقطع بالمعتصم به بل يوصله إلى دار النعيم. والصلاة والسلام على من أنزل عليه القرآن ليكون للعالمين نذيراً، وداعياً بإذنه وسراجاً منيراً، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير ما يجازي رسولاً عن أمته. ورضي الله تعالى عن الآل والصحب الكرام الذين نقلوا إلينا هذا الدين ونافحوا عنه بالحجة والبرهان وناضلوا عن بيضته بالسيف والسنان وعن التابعين لهم بإحسان. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. أما بعد: فقد كنت أتأمل آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن الأمم السابقة ومواقفها من رسلها وأنبيائها ودعاة الحق فيها، وكنت أحاول أن أتلمس طبائع النفس البشرية من خلال الحوار الذي يدور بين الأمم وأنبيائهم، وأن أتعرف على سنن الله في المجتمعات الإنسانية من خلاله. فلم أجد أمة من الأمم السابقة تناول القرآن الكريم تفصيل نشأتها وتاريخ تكوينها وبيان أحوالها ودقائق مواقفها ودخائل نفوس أفرادها وخصائص شخصيتها ... مثل أمة اليهود. وتساءلت كثيراً عن الحكمة في أن يحتل الحديث عن اليهود هذه المساحة الشاسعة من آيات القرآن الكريم. فأوّل ما يبدأ الحديث عن البشر بعد هبوط آدم من الجنة في سورة البقرة يبدأ عن بني إسرائيل ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [البقرة: 40]. ويستمر الحديث عنهم في نيف وثمانين آية، وأول سورة بعد فاتحة الكتاب تسمى سورة البقرة، وهي بقرة بني إسرائيل، وتأتي السورة الثالثة سورة آل عمران، وآل عمران أسرة من أسر بني إسرائيل. والسورة الرابعة تسمى سورة [المائدة] وهي المائدة التي طلبها بنو إسرائيل. وخصصت سورة باسمهم هي سورة الإسراء التي تسمى سورة [بني إسرائيل] أيضاً. وتكرر قصصهم في أكثر من ثلث سور القرآن، بسطاً وإجمالاً وتصريحاً وتلميحاً. بل نكرر في صلواتنا يومياً الالتجاء إلى الله أن لا يسلك بنا سبيلهم وهم ﴿ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾ فما السر وراء هذا الاهتمام بهؤلاء القوم. علما أن تعدادهم في العالم لا يؤبه به منذ أن وجدوا على ظهر الأرض وإلى يومنا هذا ولم يكن لهم كيان عند بعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما كان الحال لغيرهم كالفرس والروم والدول الوثنية الأخرى. • فيا ترى أكان جوارهم لمهبط الوحي وشدة احتكاكهم بالعرب أولاً ثم بحملة رسالة الإسلام ثانياً السبب في شدة الاهتمام بأمورهم؟ • أم النموذج الإنساني الذي يمثله بنو إسرائيل اقتضى تفصيل أحوالهم ليكون المؤمنون على بينة من أمرهم فلا ينحرفوا مثل انحرافاتهم؟ • أم كتابهم المنزل عليهم (التوراة) فيه من العقائد والأحكام التشريعية التي تضبط سلوك متبعيه وعقائدهم بحيث ينشئ أمة ويكوّن سلطة ودولة فكان موقف بني إسرائيل من شرائع التوراة مجالاً لبيان الحق والصواب فيها؟ • قد يكون كل ما تقدم من الأسباب وراء هذا الاهتمام، ولعل أمراً آخر وراء ذلك - ولعله الأهم - ألا وهو أن الصراع بين اليهود والمسلمين سيبقى إلى يوم القيامة. وكلما خمدت جذوة الصراع في منطقة أو في عصر من العصور سيتجدد في مكان آخر وفي أزمنة متلاحقة وفي صور شتى إلى أن تكون الملاحم والمعارك الفاصلة قبيل قيام الساعة (حتى يقاتل المسلمون اليهود فينادي الحجر والشجر يا مسلم يا عبدالله إن خلفي يهودياً فتعال فا***ه إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود)[1]. إن أمماً كثيرة وجدت وحكمت وكانت لها صولات وجولات وحضارات في التاريخ، ولكنها اندثرت واندثرت معها حضارتها ومبادئها وعقائدها ولم يبق إلا الحديث عنها، وقلما اندثرت حضارة ثم تجددت وقامت على الأسس السابقة فتية نشطة إلا حضارة المسلمين فإن الله تكفل لهم البقاء وأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أن الله يبعث لهم من يجدد لهم أمر دينهم على رأس كل قرن"[2]. وإلا أمة اليهود فقد دلت النصوص على أن حضارتهم ستتجدد بين الحين والآخر ولكنها حضارة ذات مواصفات خاصة وأهداف خاصة باليهود. إن قضية الصراع بين اليهود والمسلمين صراع ممتد إلى قيام الساعة وسنة الله في التدافع بين الحضارتين بارزة لا تخفى على من تتبع آيات القرآن الكريم وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم. هذا السبب دفعني أن أقوم بهذه الدراسة القرآنية بعنوان [معالم قرآنية في الصراع مع اليهود]. والموضوع متشعب الأبعاد في تصوري إلا أنني لن أطيل النفس في الجوانب التاريخية القديمة بل أحاول التركيز على المزايا والخصائص العامة التي نستنبطها من تاريخهم القديم، لنستشف من خلالها ما ينير لنا الطريق في يومنا هذا وفي مستقبل الأيام وبخاصة ونحن على أبواب عهد جديد في الصراع مع اليهود يحاول بعض من ينتسب إلى الإسلام أن يغير حقائق القرآن في اليهود، ويزيل من نفس المسلم ذاك الانطباع الذي يصبغه به القرآن منذ نعومة أظفاره وهو يتلو آيات القرآن الكريم ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [المائدة: 82] ويتلو قوله تعالى عنهم: ﴿ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: 64]. في هذا الوقت العصيب الذي تمر به أمة الإسلام، وقد ادلهمت الخطوب من حولها واشتدت وطأة الأعداء عليها من كل جانب، وبدأت مخططات الأعداء من اليهود والنصارى والوثنيين والملاحدة تنفذ بأيدي أبناء المسلمين ممن يحملون أسماء المسلمين ويتكلمون بلغتهم ويحملون ألوان بشرتهم وسحن وجوههم، ولكن قلوبهم مغلفة مجخية[3] لا يصل إليها نور الإيمان وقد أشربت حب الكفر وأهله ولقنت عداء الإسلام وأهله. فأصبحوا سياطاً لاهبة على أجساد المسلمين. ووصل الأعداء عن طريقهم إلى ما لم يصل إليه العدو نفسه وبدأت الخطوط العريضة للمؤامرة اليهودية تتضح معالمها، وبدأ قتم العاصفة يلوح في الأفق وبدأت أشباح فرسان المؤامرة تظهر، فكانت الشعارات واللافتات سريعة التقلب حسب المراحل التي تقتضيها رسوم القضية وتضاريس ألوانها وأصبغة الوجوه على القائمين بأدوارهم ولعل أبرز هذه المراحل تتضح من خلال: • إبعاد قضية الوجود اليهودي في المنطقة من أيدي المخلصين من أبناء المسلمين. • تسليط حكام الدويلات تلك على المسلمين وإذاقتهم ألوان العذاب كلما ارتفع لهم صوت ضد اليهود. • بعد إلحاق الهزائم المتكررة بالجيوش العربية التي كانت ولا زالت تدار بأيدي سماسرة السياسة الذين يتلقون أوامرهم من أعداء الإسلام، أدخلوا اليأس في قلوب المسلمين من الحل العسكري وأن لا قدرة على مواجهة إسرائيل. • الدخول في المفاوضات الاستسلامية مع إسرائيل ابتداء من كامب ديفيد إلى مدريد إلى جولات واشنطن إلى المفاوضات السرية في أوسلو. ليتم الاعتراف بإسرائيل. وتعطى الصك الشرعي بامتلاك إسرائيل لكامل تربة فلسطين وإلى الأبد. ولكن إسرائيل تدرك أن حفنة الحكام هؤلاء لا يمثلون شعوبهم وأن الكلمة النهائية للمسلمين، فلا تقبل هذه التنازلات منهم ولا تعترف بتواقيعهم على صكوك الاستسلام. وإنما تريد التطبيع مع الشعوب وأن يقبلها الناس كل الناس كإحدى دول المنطقة، واقترحت الخطوات التنفيذية في ذلك مثل توجيه الإعلام إلى عدم ذكر كلمة العدو الإسرائيلي، وإلغاء المقاطعة الاقتصادية، وتبادل التمثيل الدبلوماسي، وإلغاء النصوص التي تطعن في اليهود في مناهج التعليم ولو كانت هذه النصوص من القرآن والحديث النبوي، وتسخير أقلام الأدباء والمفكرين لذكر المنافع الاقتصادية من تطبيع العلاقات مع إسرائيل... إلخ المقترحات التي لا نهاية لها. وقد بدأ التنفيذ فعلاً... ولكن إن لهذا الدين رباً يحميه، ولا تزال طائفة من هذه الأمة ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم. وعلى رأسهم العلماء العاملون الذين أخذ الله عليهم العهد والميثاق ليبينوا للناس ما أنزله في كتابه. وأن لا تأخذهم في الحق لومة لائم. والأصوات ترتفع من أنحاء العالم الإسلامي مستنكرة محتجة، ولكن هذه الأصوات تخبت ولا تستطيع للآن أن تشكل هديراً مدوياً يعم آذان المتآمرين ولا تستطيع أن تحيل الدوي إلى زلزال يهز الأرض تحت أقدام المأجورين فكانت هذه الدراسة مساهمة لتأصيل هذه الصرخات وتقوية هذا التيار، وبيان سنن الله الاجتماعية، في هذا الصراع الذي سيستمر إلى قيام الساعة مع اليهود. [1] صحيح مسلم: كتاب الفتن 8/188، صحيح البخاري، كتاب المناقب 4/175 ومسند الإمام أحمد 2/67. [2] انظر مختصر سنن أبي داود، كتاب الملاحم 6/163. [3] المراد بمجخية: المجخيّ: هو المائل عن الاستقامة والاعتدال، انظر النهاية لابن الأثير 1/242. [4] انظر المخطط الإسرائيلي لهذه الدويلات في كتاب خنجر إسرائيل وهو تقرير سري نشر في الخمسينيات الميلادية من هذا القرن وتسرب إلى الإعلام.
|
#43
|
||||
|
||||
وقفة مع قوله تعالى:
{يا أَيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وَأهليكمْ نارا} د. أمين بن عبدالله الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وبعدُ: فإنَّ الله أنْزَلَ هذا القرآنَ العظيم؛ لتدبُّرِه والعملِ به، قال - تعالى -: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبَابِ} [ص: 29]. وعملاً بهذه الآية الكريمة؛ فلْنستمعْ إلى آيةٍ من كتاب الله - تعالى - ولْنتدبَّر ما فيها من العِظات والحِكَم، قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]. قوله - تعالى -: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}؛ قال أميرُ المؤمنين عليٌّ - رضي الله عنه -: "أدِّبوهم وعلِّموهمُ الخيرَ"[1]، وقال قتادةُ - رحمه الله -: "تأمرهم بطاعة الله، وتنهاهم عن معصية الله، وأن تقوم عليهم بأمر الله، وتأمرهم به، وتساعدهم عليه، فإذا رأيتَ لله معصية؛ زجرتَهم عنها"[2]. وقوله: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}؛ أي: حطبُها الذي يُلقَى فيها جثثُ بني آدمَ والحجارةُ، قال ابن مسعود: "هي حجارةٌ من الكِبريت الأسود"[3]. وقوله: {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ}، قال الشيخ ابن سعدي: "أي: غليظةٌ أخلاقُهم، شديدٌ انتهارُهم، يفزعون بأصواتهم، ويُخيفون بمرآهم، ويُهينون أصحابَ النار بقوَّتهم، ويَمتثلون فيهم أمرَ الله الذي حتَّم عليهم العذاب، وأوجب عليهم شدةَ العقاب" ا هـ[4]. وقوله: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}، هذا مدحٌ للملائكة، وانقيادهم لأمر الله، وطاعتهم له في كلِّ ما أمرهم به. ومن فوائد الآية الكريمة: 1- أنه يجب على الرجل أن يأمر أهلَه بالمعروف، ويحثَّهم عليه، وينهاهم عن المنكر، ويزجرَهم عنه؛ فيأمرُهم بالصلاة، والزكاة، والصيام، وسائرِ فرائض الإسلام، ويحثُّهم على الأخلاق الجميلة، والآداب الحسنة، ويرغِّبُهم في فضائل الأعمال، كقراءة القرآن، وتعلُّم العلوم النافعة، قال - تعالى - لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم -: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132]، وقال عن إسماعيل - عليه السلام -: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 55]. عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدِّه، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناءُ سبعِ سنين، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر سنين، وفرِّقوا بينهم في المضاجِع))[5]. وكذلك يجب عليه أن ينهاهم عن كلِّ ما يُغضِب اللهَ من الأقوال والأفعال، فينهاهم عن الفواحش والآثام، ما ظهر منها وما بطن، وعن قول الزُّور، وينهى نساءَه وبناتِه عن التبرُّج والسُّفور، والخروج إلى الأسواق ومواقع الرِّيَب، وينهى جميعَ أهله ومَن تحت يده عن مصاحبة الأشرار ومخالطتهم، والتشبُّه بالكفَّار والفسَّاق، ويقطع عنهم الوسائلَ المُفْضِيَة إلى غضب الله وسَخَطِه، المُشْغِلَةَ عن رضاه وطاعته، كالقنوات الفضائية، والتِّلفاز، ونحوها من الوسائل التي تدعو إلى الرَّذائل ورديء الأخلاق. عن عائشة - رضي الله عنها - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنِ ابتُلِيَ مِن هذه البنات بشيءٍ، كُنَّ له سِتْرًا من النار))[6]. 2- عِظَم ما أعدَّ الله لأعدائه من العذاب والنَّكال، ففي هذه الآية أخْبَرَ - تعالى - أن حطب النار التي توقَد بها: جُثَثُ بني آدم، وحجارةٌ من الكِبريت الأسود، وأخبر في آيةٍ أخرى عن هَوْلِها وشدَّة عذابها، فقال: {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى} [المعارج: 15 - 18]، وقال أيضًا: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} [المدثر: 27 - 29]، وقال - تعالى -: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30]. عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((يُؤتى بجهنَّمَ يومئذٍ، لها سبعون ألفَ زمام، مع كلِّ زمامٍ سبعونَ ألفَ مَلَكٍ يجرُّونها))[7]. وعن أبي هُريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((نارُكُم هذه التي يوقِدُ ابنُ آدم - جزءٌ من سبعينَ جزءًا من حَرِّ جهنمَ))، قالوا: "واللهِ إن كانت لكافيةً يا رسول الله!"، قال: ((فإنها فُضِّلَتْ عليها تسعةً وستين جزءًا، كلُّها مثلُ حَرِّها))[8]. 3- إثبات وُجُود الملائكة، وأنه يجب الإيمان بهم، وأنهم أصناف؛ فمنهم: خَزَنَة النار، الموكَّلون ب***** أهل النار وإهانتهم، وأنَّ عددَهم كما ذكر الله - عزَّ وجلَّ - تسعةَ عشرَ، قال - تعالى -: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر: 30]، وأن كبير هؤلاء الملائكة مَلَكٌ كريمٌ، اسمُه مالِك، قال - تعالى -: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77]، وأن الإيمانَ بالملائكة، وأنهم عباد مُكْرَمُون، لا يَعصُون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون - ركنٌ من أركان الإيمان الستَّة، قال - تعالى -: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285]. 4- أن على المؤمن أن يَقِيَ نفسَه من عذاب الله، وهذه الوقاية تكون ولو بأقل القليل من فعل الخير، عن عديِّ بن حاتم - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما منكم من أحدٍ إلا سيكلِّمه الله، ليس بينه وبينه تُرجُمانٌ، فينظر أيمنَ منه، فلا يَرى إلا ما قدَّم، وينظر أشأمَ منه، فلا يَرى إلا ما قدَّم، وينظر بين يديه، فلا يرى إلا النارَ تِلقاءَ وجهه، فاتَّقوا النار ولو بِشِقِّ تمرةٍ))[9]. والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. ــــــــــــــــــــــ [1] "تفسير ابن كثير" (4/391). [2] "تفسير ابن كثير" (4/391). [3] "تفسير ابن كثير" (4/391). [4] "تفسير ابن سعدي" (ص874). [5] "سنن أبي داود" (1/133)، برقم (495). [6] "صحيح البخاري" (1/438)، برقم (1418)، و"صحيح مسلم" (4/2027)، برقم (2629). [7] "صحيح مسلم" (4/2184)، برقم (2842). [8] "صحيح البخاري" (2/436)، برقم (3265)، و"صحيح مسلم" (4/2184)، برقم (2843). [9] "صحيح مسلم" (2/704)، برقم (1016). |
#44
|
||||
|
||||
وقفة مع آية من كتاب الله (1)
د. أمين بن عبدالله الشقاوي الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد: قال تعالى في سياق قصَّة آدم مع عدوِّ الله إبليس: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه: 123 - 124]. ذكر الله سبحانه في هذه الآيات حالَ مَنِ اتَّبع هُداهُ، وما له من الرَّغَد وطيب الحياة في معاشه ومعاده؛ فقال: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى}، فتكفَّل الله لمَنْ حفظ عهده علمًا وعملاً أن يحيِيَه حياةً طيبةً، ويجزيه أجره في الآخِرة؛ فقال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]. وقال سبحانه: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 62: 64]. ثم بيَّن سبحانه حال الفريق الآخَر؛ فقال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي}؛ أي: كتابي، ولم يتَّبِعْه ويعمل بما فيه - فإن له معيشة ضنكًا. قال ابن كثير - رحمه الله -: "أي: في الدنيا، فلا طُمأنينة له ولا انشراح لصدره؛ بل صدره ضيِّقٌ حَرَجٌ لضلاله، وإن تنعَّم ظاهرُه، ولبس ما شاء، وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء - فإن قلبه ما لم يَخْلُص إلى اليقين والهدى، فهو في قلقٍ وحيْرةٍ وشكٍّ، فلا يزال في ريبةٍ يتردَّد، فهذا من ضنك المعيشة)[1]. اهـ. قال ابن القيِّم - رحمه الله -: "وفُسِّرت هذه المعيشة بعذاب البرزخ، والصحيح: أنها تتناول معيشته في الدنيا، وحاله في البرزخ، فإنه يكون في ضنكٍ في الداريَنْ، وهو شدَّةٌ وجهدٌ وضيقٌ، وفي الآخِرة يُنْسَى في العذاب، وهذا عكس أهل السعادة والفلاح؛ فإن حياتهم في الدنيا أطيب الحياة، ولهم في البرزخ وفي الآخِرة أفضل الثَّواب"[2]. وقوله: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}: اختلف المفسِّرون في ذلك، هل هو من عَمَى البصيرة أو من عمى البَصَر، فمن قال إنه من عمى البصيرة، استدلَّ بقوله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا} [الفرقان: 22]، وقوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45]، وغير ذلك من الآيات التي أثبتت لهم الرؤية في الآخِرة. والذين قالوا إنه من عمى البَصَر؛ استدلوا بقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء: 97]. وقد فصَّل في ذلك العلامة ابن القيِّم، وخلص إلى أن الحشر ينقسم إلى قسمَيْن: الأول من القبور إلى الموقِف، والثاني من الموقف إلى النار. فعند الحشر الأول: يسمعون ويبصِرون ويجادِلون ويتكلَّمون، وعند الحشر الثاني: يُحْشَرون على وجوههم عميًا وبكمًا وصمًّا، فلكل موقِفٍ حالٌ يَليق به، ويقتضيه عَدْلُ الربِّ تعالى وحكمته، والقرآن يصدِّق بعضه بعضًا[3]: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]. ثم أخبر سبحانه عن حال هذا المعرِض يوم القيامة، وأنه يغشاه الذلُّ والهوان، فيتألم ويضجر من هذه الحال، فيقول: ربِّ، لمَ حشرتني أعمى، فيُجاب: {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [طه: 126]؛ أي: أن هذا هو عين عملِكَ، والجزاء من *** العمل، وكما تدين تدان، فكما عمِيتَ عن ذكر ربِّك، ونسيته، ونسيت حظَّك منه - أعمى الله بصرك في الآخِرة، وتركك في العذاب. ومن فوائد الآيات الكريمات: - بيان حال مَنْ أعرض عن ذِكْر الله في الدنيا، وأنه يعيش في ضلالٍ وظلامٍ، ويتخبَّط في الجهالة، وهو مع هذه الحالة يحسب أنه من المهتدين. وبسبب إعراضه عن ذكر الله الذي أنزله على رسوله؛ عاقبه بأن قيَّض له شيطانًا يصاحبه فيصدَّه عن الحقِّ، ويزيِّن له طرقَ الضَّلال؛ قال تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف: 36: 37]، حتى إذا وافى ربَّه يوم القيامة مع قرينه وعاين هلاكه، ندم[4] فقال: {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف: 38]. ومنها: أنَّ مَنْ تَمَسَّك بهذا الذِّكْر - وهو القرآن - فإنه يسعد في الدنيا والآخِرة، وتحصُل له الطُّمأنينة، وانشراح الصدر، والشِّفاء من أمراض الأبدان والقلوب، والهداية إلى صراط الله المستقيم؛ قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82]، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44]، وقال سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9]. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. ــــــــــــــــــــ [1] تفسير ابن كثير (3/168). [2] الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص79). [3] تفسير ابن القيم (ص363). [4] تفسير ابن القيم (ص359). |
#45
|
||||
|
||||
وقفة مع آية من كتاب الله (2) ــــــــــــــــــــد. أمين بن عبدالله الشقاوي الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد: قال - تعالى -: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]. عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنك لأحبُّ إليَّ من نفسي، وإنك لأحبُّ إليَّ من أهلي ومالي، وأحبُّ إليَّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكركَ، فما أصبر حتى آتيكَ فأنظر إليكَ، وإذا ذكرتُ موتي وموتكَ عرفتُ أنَّكَ إذا دخلتَ الجنَّة رُفِعْتَ مع النبيِّين، وأنِّي إذا دخلتُ الجنَّة خشيتُ ألاَّ أراكَ، فلم يرُدَّ عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم – شيئًا؛ حتى نزل جبريل - عليه السلام - بهذه الآية: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ....} [1]. وقوله: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ....}: قال ابن كثير - رحمه الله -: "أي: مَنْ عمل بما أمره الله ورسوله، وترك ما نهاه الله ورسوله، فإنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يُسْكِنُه دارَ كرامته، ويجعله مرافقًا للأنبياء، ثم لمَنْ بعدهم في الرُّتبة وهم الصدِّيقون، ثم الشهداء، ثم عموم المؤمنين، وهم الصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم، ثم أثنى الله عليهم بقوله: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[2]. وعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنه لم يُقْبَضْ نبيٌّ حتى يرى مقعدَه من الجنَّة، ثم يخيَّر))، فلما اشتكى وحضره القَبْضُ، غُشِيَ عليه، فلما أفاق شَخَصَ بصره إلى السماء، ثم قال: ((مع الذين أنعم الله عليهم من النبيِّين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى))، قالت عائشةُ: "فعلِمتُ أنه يخيَّر"[3]. قال ابن حجر: "الرفيق الأعلى: هم المذكورون في سورة النساء، في قوله: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم....} الآية"[4]. وعن عَمْرو بن مرة الجُهَني قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أرأيتَ إن شهدتُ أن لا إله إلا الله، وأنَّك رسول الله، وصلَّيْتُ الصلوات الخمس، وأدَّيْتُ الزكاة، وصُمْتُ رمضان وقُمْتُه، فمِمَّنْ أنا؟ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((من الصدِّيقين والشهداء))[5]. وعن ربيعة بن مالك الأسلمي - رضي الله عنه - قال: كنت أبيتُ عندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فآتيه بوَضوئه وحاجته، فقال لي: ((سَلْ))، فقلتُ: يا رسول الله، أسألُكَ مرافقتكَ في الجنَّة، فقال: ((أوَغيرُ ذلك؟))، قلتُ: هو ذاكَ، قال: ((فأعِنِّي على نفسِكَ بكثرة السُّجود))[6]. قال ابن كثير: "وأعظم من هذا كلِّه: ما ثبت في "الصحيح" و"المسانيد" وغيرها من طرقٍ متواتِرة، عن جمعٍ من الصحابة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن الرَّجل يحبُّ القومَ ولمَّا يَلْحَقْ بهم، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((المرءُ مع مَنْ أحبَّ))، قال أنس: "فما فرح المسلمون فرحهم بهذا الحديث"[7][8]. وعن أبي سعيد الخُدْرِيّ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أهل الجنة ليتراءَوْنَ أهل الغُرَفِ من فوقهم، كما تتراءون الكوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغابرَ من الأفق، من المشرق أو المغرب، لتفاضُل ما بينهم))، قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء، لا يبلغها غيرهم، قال: ((بلى، والذي نفسي بيده، رجالٌ آمنوا بالله، وصدَّقوا المرسَلين))[9]. والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. [1] معجم الطبراني الصغير (1/26)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/7): رجاله رجال الصحيح إلا عبد الله بن عمران، وهو ثقة وله شاهد من حديث ابن عباس؛ كما في "المجمع" (7/7)، وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط. قال الشيخ مقبل الوادعي في كتابه "الصحيح المسند من أسباب النزول" (ص70-71): وقد أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4/240) و (8/125)، والواحدي في "أسباب النزول" بهذا السند، وقال الشوكاني: إن المقدسي حسنه، وله شواهد كما في تفسير ابن كثير (1/523) تزيده قوة. [2] تفسير ابن كثير (1/522). [3] صحيح البخاري (3/182) برقم (4435)، وصحيح مسلم (4/1893) برقم (2444). [4] فتح الباري (8/138). [5] صحيح ابن حبان (5/184) برقم (3429). [6] صحيح مسلم (1/353) برقم (489). [7] تفسير ابن كثير (1/523). [8] صحيح البخاري (4/123) برقم (6169)، وصحيح مسلم (4/2034) برقم (2640). [9] صحيح البخاري (2/434) برقم (3256)، وصحيح مسلم (4/2177) برقم (2831). |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|