|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#31
|
||||
|
||||
20- سلطان الدولة الإسلامية للسلطة المادية التي تمارسها الدولة الإسلامية، أثر فعال في إلزام الأفراد والجماعات، بالمنهج الأخلاقي الذي رسمه الإسلام للناس، وفي تربية نفوسهم وقلوبهم على الفضائل الأخلاقية. ولذلك كان من مهمات الدولة الإسلامية ضبط انتظام الأفراد والجماعات في نظام الأخلاق الإسلامية، بما توليه من رقابة يقظة، وحراسة ساهرة، ومحاسبة للمنحرفين، وتشجيع للسابقين، وتوجيه وتربية، وبناء وصيانة. ولذلك كان من مهمات الدولة الإسلامية وضع الأنظمة المختلفة، المرغبة بالتزام المنهج الأخلاقي الرباني، والرادعة عن مخالفته، واتخاذ مختلف الوسائل النافعة التوجيهية والتربوية لحماية الأخلاق وصيانتها. وربما كان وازع السلطة الإدارية هذا أقوى وازع لإلزام الجماهير بسلوك السبيل الأقوم، وقد جاء في الأثر: (إنَّ الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) . |
#32
|
||||
|
||||
موقف أعداء المسلمين من الأخلاق الإسلامية أدرك أعداء المسلمين الحقائق عن مكارم الأخلاق، فعملوا على إفساد أخلاق المسلمين بكلِّ ما أوتوا من مكر ودهاء، وبكلِّ ما أوتوا من وسائل مادية وشياطين إغواء، ليبعثروا قواهم المتماسكة بالأخلاق الإسلامية العظيمة، وليفتتوا وحدتهم التي كانت مثل الجبل الراسخ الصلب قوة، ومثل الجنة الوارفة المثمرة خضرة وبهاء وثمرًا وماء. إن أعداء المسلمين قد عرفوا أن الأخلاق الإسلامية في أفراد المسلمين تمثل معاقد القوة، فجندوا لغزو هذه المعاقد وكسرها جيوش الفساد والفتنة. ولقد كان غزوهم للأخلاق الإسلامية من عدة جبهات: 1- لقد عرفوا أن النبع الأساسي الذي يزود الإنسان المسلم بالأخلاق الإسلامية العظيمة، إنما هو الإيمان بالله واليوم الآخر، فصمموا على أن يكسروا مجاري هذا النبع العظيم، ويسدوا عيونه، ويقطعوا شرايينه. 2- وعرفوا أن تفهم مصادر الشريعة الإسلامية تفهمًا سليمًا هو الذي يمدُّ نبع الإيمان بما يتطلبه من معارف، فمكروا بالعلوم الإسلامية، وبالدراسات المتعلقة بها مكرًا بالغًا، وذلك ما بين حجب لها تارة، وتلاعب بمفاهيمها أخرى، وتشويه لها أو جحود ومضايقة لروادها ومبلغيها، كلُّ ذلك في حرب مستمرة لا تعرف كللًا ولا مللًا. 3- وعرفوا قيمة الإفساد العملي التطبيقي، فوجهوا جنودهم لغمس أبناء المسلمين في بيئات مشحونة بالانحلال الخلقي، بغية إصابتهم بالرذائل الخلقية عن طريق العدوى، وسراية الفساد بقوة تأثير البيئة، واستمراء الشهوات المرتبطة برذائل الأخلاق. 4- وعرفوا قيمة إفساد المفاهيم والأفكار، فجندوا جيوش المضللين الفكريين، الذين يحملون إلى أبناء المسلمين الأفكار والمفاهيم والفلسفات الباطلة، ضمن واردات المعارف المادية الصحيحة، ذات المنجزات الحضارية المدهشة، وعن طريق هذا الغزو الفكري الخطير يدخلون السم في الدسم. من أقوال أعداء الإسلام والمسلمين: 1- جاء في خطاب... (صموئيل زويمر) رئيس إرسالية التبشير في البحرين منذ أوائل القرن العشرين الميلادي، الذي خطبه في مؤتمر القدس التبشيري، الذي انعقد برئاسته سنة (1953م) ما يلي: ... ولكن مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريمًا، وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام، ليصبح مخلوقًا لا صلة له بالله، وبالتالي فلا صلاة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، وبذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية، وهذا ما قمتم به خلال الأعوام المائة السالفة خير قيام، وهذا ما أهنئكم عليه وتهنئكم دول المسيحية والمسيحيون جميعًا كل التهنئة...!! 2- وجاء في نشرة المشرق الأعظم الماسوني الفرنسي لسنة (1923م) ما يلي: ... وبغية التفريق بين الفرد وأسرته عليكم أن تنتزعوا الأخلاق من أسسها، لأن النفوس تميل إلى قطع روابط الأسرة والاقتراب من الأمور المحرمة، لأنها تفضل الثرثرة في المقاهي على القيام بتبعات الأسرة... 3- وجاء في البروتوكول الثاني من المقررات اليهودية السرية ما يلي: ... إن الطبقات المتعلمة ستختال زهوًا أمام أنفسها بعلمها، وستأخذ جزافًا في مزاولة المعرفة التي حصلتها من العلم الذي قدمه إليها وكلاؤنا، رغبة في تربية عقولهم حسب الاتجاه الذي توخيناه. ولا تتصوروا أن كلماتنا جوفاء، ولاحظوا هنا أن نجاح (دارون) و(ماركس) و(نيتشه) والأثر غير الأخلاقي لاتجاه هذه العلوم في الفكر الأممي -أي عند غير اليهود- سيكون واضحًا لنا على التأكيد!! 4- وجاء في البيان الشيوعي الذي أصدره معلم الشيوعية الأول اليهودي (كارل ماركس) ورفيقه (انجلز) ما يلي: إن القوانين والقواعد الأخلاقية والأديان أوهام بورجوازية تتستر خلفها مصالح بورجوازية!!) . (أما طريقة دهاة التضليل لهدم الأبنية الأخلاقية فهي تتلخص بما يلي: 1- أن يقنعوا الأجيال بأن الأخلاق نسبية اعتبارية لا ثبات لها، وليس لها حقائق ثابتة في ذاتها، فهي خاضعة للتبدل والتغير. 2- أن يستغلوا بخبث بعض النظريات الفلسفية التي من شأنها تقليل قيمة الأخلاق في نفوس الناس، إذ تقيمها على أسس واهنة ضعيفة، أو على شفا جرف هار!! ومتى قامت في نفوس الناس على مثل ذلك تداعت الأبنية الأخلاقية التقليدية، ثم انهارت، وحلت محلها أنانيات فوضوية، تعتمد على القوة والحيلة، وال*****ة المطلقة لكلِّ شيء مستطاع، فلا خير إلا ما تدعمه القوة، ولا شر إلا ما تضعف القوة عن تحقيقه. 3- أن يلفقوا من عند أنفسهم نظريات فلسفية يخدعون بها الناس، لاسيما الناشئون منهم، ويستغلون فيهم رغبات المراهقة بالتمرد على الحقِّ والواجب، تطلعًا لمجد موهوم، وقد تطول فترة المراهقة عند بعض الناشئين، حتى تكتسح عمر الشباب منهم، وجزءًا من عمر الكهولة، وسبب ذلك الاستسلام التام لعواطف طور المراهقة، ووجود المغذيات الشيطانية الخبيثة، وضعف التربية الإسلامية أو انعدامها. ومتى وجدت هذه الظروف المواتية لنمو الشر، فليس من البعيد أن يصير الإنسان شيخًا في سنه وجسمه ويبقى مراهقًا في عقله ونفسه. 4- اتخاذ الوسائل العملية التطبيقية لإفساد أخلاق الأمم، وأهمها الغمس في بيئات موبوءة بالأخلاق الفاسدة، حتى تكون الانحرافات عادات مستطابات . |
#33
|
||||
|
||||
ادعاء نسبية
يعمل الملاحدة والماديون وأذنابهم في خطط خبيثة ماكرة على هدم صرح الأخلاق، من خلال دعوى أنَّ الأخلاق أمور اعتبارية نسبية لا ثبات لها، تختلف من مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان، ومن أمة إلى أمة. فالذي يعتبر منافيًا للأخلاق عند شعب من الشعوب، لا يعتبر منافيًا للأخلاق عند شعب آخر، وبعض ما كان مستنكرًا فيما مضى قد يعتبر مستحسنًا في عصر آخر، فالأخلاق عند هؤلاء مفاهيم اعتبارية تتواضع عليها الأمم والشعوب، وليس لها ثبات في حقيقتها. وإنَّ أسباب الغلط أو المغالطة عند أصحاب فكرة نسبية الأخلاق، ترجع إلى ثلاثة: الأول: تعميمهم اسم الأخلاق على أنواع كثيرة من السلوك الإنساني، فلم يميزوا الظواهر الخلقية، عن الظواهر الجمالية والأدبية، وعن العادات والتقاليد الاجتماعية، وعن التعاليم والأحكام المدنية أو الدينية البحتة، فحشروا مفردات كل هذه الأمور تحت عنوان الأخلاق، فأفضى ذلك بهم إلى الخطأ الأكبر، وهو حكمهم على الأخلاق بأنها أمور اعتبارية نسبية. الثاني: أنهم جعلوا مفاهيم الناس عن الأخلاق مصدرًا يرجع إليه في الحكم الأخلاقي، مع أنَّ في كثير من هذه المفاهيم أخطاء فادحة، وفسادًا كبيرًا، يرجع إلى تحكم الأهواء والشهوات والعادات والتقاليد فيها، ويرجع أيضًا إلى أمور أخرى غير ذلك، والتحري العلمي يطلب من الباحثين أن يتتبعوا جوهر الحقيقة، حيث توجد الحقيقة، لا أن يحكموا عليها من خلال وجهة نظر الناس إليها، فكل الحقائق عرضة لأن يثبتها مثبتون، وينكرها منكرون، ويتشكك بها متشككون، ويتلاعب فيها متلاعبون، ومع ذلك تبقى على ثباتها، لا تؤثر عليها آراء الناس فيها. الثالث: اعتمادهم على أفكارهم وضمائرهم فقط، وجعلها المقياس الوحيد الذي تقاس به الأخلاق. أما مفاهيم الإسلام فإنها... قد ميزت الأخلاق عما سواها، وميزت السلوك الأخلاقي عن سائر أنواع السلوك الإنساني، فلم تعمم تعميمًا فاسدًا، ولم تدخل في مفردات الأخلاق ما ليس منها، وهي أيضًا لم تعتمد على مفاهيم الناس المختلفة، ولم تتخذها مصدرًا يرجع إليه في الحكم الأخلاقي، وأما العقل والضمير فإنها لم تهملهما وإنما قرنتهما بعاصم يردهما إلى الصواب كلما أخطأ سبيل الحق والهداية والرشاد، وهذا العاصم هو الوحي الذي نزل بدين الله لعباده، وشرائعه لخلقه، وتعاليمه التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها؛ لأنهَّا تنزيل من عزيز حكيم، وقد بلغها رسله. أما صورتها المثلى المحفوظة من التغيير فهي ما ثبت في نصوص الشريعة الإسلامية، المنزلة على رسول الله محمد صلوات الله وسلاماته عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين. فمن تبصَّر بالأصول العامة للأخلاق في المفاهيم الإسلامية، وتبصر بأنَّ الأخلاق الإسلامية مقترنة بالوصايا والأوامر والنواهي الربانية، وتبصر بأنَّ هذه الوصايا والأوامر والنواهي محفوفة بقانون الجزاء الإلهي بالثواب العقاب، فإنَّه لابد أن يظهر له بجلاء أنَّ الأخلاق الإسلامية هي حقائق في ذاتها، وهي ثابتة مادام نظام الكون ونظام الحياة ونظام الخير والشر أمورًا مستمرة ثابتة، وهي ضمن المفاهيم الإسلامية الصحيحة غير قابلة للتغير ولا للتبدل من شعب إلى شعب، ولا من زمان إلى زمان. أما الأمة الإسلامية فهي أمة واحدة، وهي لا تتواضع فيما بينها على مفاهيم تخالف المفاهيم التي بينها الإسلام، والتي أوضحها في شرائعه ووصاياه. وإذا رجعنا إلى مفردات الأخلاق الإسلامية وجدنا أنَّ كلَّ واحدة منها -ضمن شروطها وقيودها وضوابطها- ذات حقيقة ثابتة، وهي غير قابلة في المنطق السليم للتحول من حسن إلى قبيح، أو من قبيح إلى حسن. إنَّ حسنها حسن في كلِّ زمان، وقبيحها قبيح في كلِّ زمان، ولا يؤثر على حقيقتها أن تتواضع بعض الأمم على تقبيح الحسن منها، أو تحسين القبيح، تأثرًا بالأهواء، أو بالشهوات، أو بالتقاليد العمياء. إنَّ الإسلام يقرر أنَّ حبَّ الحقِّ وكراهية الباطل فضيلة خلقية، ويقرر أنَّ كراهية الحقِّ وحبَّ الباطل رذيلة خلقية، فهل يشكُّ أحد سويٌّ عاقل في أنَّ هذه الحقيقة حقيقة ثابتة غير قابلة للتحول ولا للتغير، وإن تواضع على خلافها جماعة ذات أهواء؟! وهكذا سائر الأمثلة الأخلاقية الإسلامية . آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 03-05-2013 الساعة 11:58 PM |
#34
|
||||
|
||||
اولا: الاخلاق المحمودة
الإحْسَان معنى الإحْسَان لغةً واصطلاحًا معنى الإحْسَان لغةً: الإحْسَان ضِدُّ الإساءة. مصدر أحسن أي جاء بفعل حسن . معنى الإحْسَان اصطلاحًا: الإحْسَان نوعان: - إحسان في عبادة الخالق: بأن يعبد الله كأنَّه يراه فإن لم يكن يراه فإنَّ الله يراه. وهو الجِدُّ في القيام بحقوق الله على وجه النُّصح، والتَّكميل لها. - وإحسانٌ في حقوق الخَلْق... هو بذل جميع المنافع مِن أي نوعٍ كان، لأي مخلوق يكون، ولكنَّه يتفاوت بتفاوت المحْسَن إليهم، وحقِّهم ومقامهم، وبحسب الإحْسَان، وعظم موقعه، وعظيم نفعه، وبحسب إيمان المحْسِن وإخلاصه، والسَّبب الدَّاعي له إلى ذلك . وقال الراغب: (الإحسان على وجهين: أحدهما: الإنعام على الغير، والثاني: إحسان في فعله، وذلك إذا علم علمًا حسنًا أو عمل عملًا حسنًا) . آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 03-07-2013 الساعة 11:32 AM |
#35
|
||||
|
||||
الفرق بين الإحْسَان وبعض الصِّفات - الفرق بين الإحْسَان والإنْعَام:
(أَنَّ الإحْسَان يكون لنفس الإنسان ولغيره، تقول: أَحْسَنْتُ إلى نفسي. والإنْعَام لا يكون إلَّا لغيره) . - الفرق بين الإحْسَان والإفضَال: ( أنَّ الإحسان: النفع الحسن. والإفْضَال: النَّفع الزَّائد على أقلِّ المقدار، وقد خُصَّ الإحْسَان بالفضل، ولم يجب مثل ذلك في الزِّيادة؛ لأنَّه جرى مجرى الصِّفة الغالبة) . - الفرق بين الإحْسَان والفضل: (أنَّ الإحْسَان قد يكون واجبًا وغير واجب. والفضل لا يكون واجبًا على أحد، وإنَّما هو ما يتفضَّل به مِن غير سبب يوجبه) . |
#36
|
||||
|
||||
أولًا: في القرآن الكريم
- قال سبحانه: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النَّحل:90]. قال السعدي: (الإحْسَان فضيلة مستحبٌّ، وذلك كنفع النَّاس بالمال والبدن والعِلْم، وغير ذلك مِن أنواع النَّفع حتى إنَّه يدخل فيه الإحْسَان إلى الحيوان البهيم المأكول وغيره) . - وقال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ [البقرة: 83]. أي: (أحسنوا بالوالدين إحسانًا، وهذا يعمُّ كلَّ إحسان قولي وفعلي ممَّا هو إحسان إليهم، وفيه النَّهي عن الإساءة إلى الوالدين، أو عدم الإحْسَان والإساءة؛ لأنَّ الواجب الإحْسَان، والأمر بالشَّيء نهيٌ عن ضِدِّه. وللإحْسَان ضِدَّان: الإساءة، وهي أعظم جرمًا، وترك الإحْسَان بدون إساءة، وهذا محرَّم، لكن لا يجب أن يلحق بالأوَّل، وكذا يقال في صلة الأقارب واليتامى، والمساكين، وتفاصيل الإحْسَان لا تنحصر بالعَدِّ، بل تكون بالحَدِّ. ثمَّ أمر بالإحْسَان إلى النَّاس عمومًا فقال: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً، ومِن القول الحَسَن: أمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وتعليمهم العِلْم، وبذل السَّلام، والبشاشة وغير ذلك مِن كلِّ كلام طيِّب. ولـمَّا كان الإنسان لا يسع النَّاس بماله، أُمِر بأمرٍ يقدر به على الإحْسَان إلى كلِّ مخلوق، وهو الإحْسَان بالقول، فيكون في ضمن ذلك النَّهي عن الكلام القبيح للنَّاس حتى للكفَّار) . - وقوله: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [القصص: 77]. قال الشَّوكاني في تفسير قوله: وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ: (أي: أحسن إلى عباد الله كما أحسن الله إليك بما أنعم به عليك مِن نعم الدُّنْيا) . - وقال عزَّ مِن قائل: إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 56]. قال ابن القيِّم: (وقوله تعالى: إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:56]، فيه تنبيه ظاهر على أنَّ فعل هذا المأمور به هو الإحْسَان المطلوب منكم، ومطلوبكم أنتم مِن الله هو رحمته، ورحمته قريبٌ مِن المحسنين الذين فعلوا ما أُمِروا به مِن دعائه خوفًا وطمعًا، فَقَرُب مطلوبكم منكم، وهو الرَّحمة بحسب أدائكم لمطلوبه منكم، وهو الإحْسَان الذي هو في الحقيقة إحسان إلى أنفسكم؛ فإنَّ الله تعالى هو الغنيُّ الحميد، وإن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم. وقوله: إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ له دلالة بمنطوقه، ودلالة بإيمائه وتعليله، ودلالة بمفهومه، فدلالته بمنطوقه على قرب الرَّحمة مِن أهل الإحْسَان، ودلالته بتعليله وإيمائه على أنَّ هذا القُرْب مستحقٌّ بالإحْسَان، فهو السَّبب في قرب الرَّحمة منهم، ودلالته بمفهومه على بُعْد الرَّحمة مِن غير المحسنين، فهذه ثلاث دلالات لهذه الجملة. وإنَّما اختُصَّ أهل الإحْسَان بقرب الرَّحمة منهم؛ لأنَّها إحسان مِن الله أرحم الرَّاحمين، وإحسانه تعالى إنَّما يكون لأهل الإحْسَان؛ لأنَّ الجزاء مِن *** العمل، فكما أحسنوا بأعمالهم أحسن إليهم برحمته. وأمَّا مَن لم يكن مِن أهل الإحْسَان فإنَّه لـمَّا بَعُد عن الإحْسَان بَعُدَت عنه الرَّحمة بُعْدًا بِبُعْد، وقُرْبًا بقرب، فمَن تقرَّب بالإحْسَان تقرَّب الله إليه برحمته، ومَن تباعد عن الإحْسَان تباعد الله عنه برحمته، والله -سبحانه- يحبُّ المحسنين، ويبغض مَن ليس مِن المحسنين، ومَن أحبَّه الله فرحمته أقرب شيء منه، ومَن أبغضه فرحمته أبعد شيء منه، والإحْسَان- هاهنا-: هو فِعْل المأمور به سواءً كان إحسانًا إلى النَّاس أو إلى نفسه، فأعظم الإحْسَان: الإيمان والتَّوحيد، والإنابة إلى الله، والإقبال عليه، والتَّوكل عليه، وأن يعبد الله كأنَّه يراه إجلالًا ومهابةً وحياءً ومحبةً وخشيةً، فهذا هو مقام الإحْسَان، كما قال النَّبيُّ، وقد سأله جبريل عن الإحْسَان، فقال: ((أن تعبد الله كأنَّك تراه)) . |
#37
|
||||
|
||||
ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة - عن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: ((إنَّ الله كتب الإحْسَان على كلِّ شيء، فإذا ***تم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ***تم فأحسنوا الذَّبح، وليُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَه، فليُرح ذبيحته)) .
قال المباركفوري: (قوله: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء)). أي: إلى كلِّ شيء، أو ((على)) بمعنى: في، أي: أمركم بالإحْسَان في كلِّ شيء، والمراد منه العموم الشَّامل للإنسان حيًّا وميتًا. قال الطَّيبي: أي أوجب مبالغة؛ لأنَّ الإحْسَان هنا مستحبٌّ، وضمَّن الإحْسَان معنى التَّفضُّل وعدَّاه بعلى. والمراد بالتَّفضُّل: إراحة الذَّبيحة بتحديد الشَّفرة، وتعجيل إمرارها وغيره. وقال الشُّمُنِّيُّ: على- هنا- بمعنى اللام متعلِّقة بالإحْسَان، ولا بدَّ مِن على أخرى محذوفة بمعنى: الاستعلاء المجازي، متعلِّقة بكَتَبَ، والتَّقدير: كَتَبَ على النَّاس الإحْسَان لكلِّ شيء) . - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهليَّة؟ قال: ((مَن أحسن في الإسلام لم يُؤاخذ بما عمل في الجاهليَّة، ومَن أساء في الإسلام أُخذ بالأوَّل والآخر)) . - وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: ((أقبل رجلٌ إلى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر مِن الله. قال: فهل مِن والديك أحدٌ حيٌّ؟ قال: نعم، بل كلاهما. قال: أفتبتغي الأجر مِن الله؟ قال: نعم، قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما)) . - وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص؛ قال: حدَّثني أبي، أنَّه شهد حجَّة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فحمد الله وأثنى عليه، وذكَّر ووعظ. فذكر في الحديث قصةً فقال: ((ألا واستوصوا بالنِّساء خيرًا، فإنَّما هنَّ عَوَان عندكم ليس تملكون منهنَّ شيئًا غير ذلك، إلَّا أن يأتين بفاحشة مُبَيِّنَة، فإن فعلن فاهجروهنَّ في المضاجع، واضربوهنَّ ضربًا غير مُبَرِّح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنَّ سبيلًا. ألا إنَّ لكم على نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا. فأمَّا حقُّكم على نسائكم فلا يُوطِئْن فرشكم مَن تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقُّهنَّ عليكم أن تحسنوا إليهنَّ في كسوتهنَّ وطعامهنَّ)) . - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل لرسول الله صلى - الله عليه وسلم: ((كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت؟ قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: إذا سمعت جيرانك يقولون: أن قد أحسنت فقد أحسنت. وإذا سمعتهم يقولون: قد أسأت، فقد أسأت)) . آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 20-04-2013 الساعة 01:59 PM |
#38
|
||||
|
||||
أقوال السَّلف والعلماء في الإحسان
- قال ابن عيينة: (سئل علي رضي الله عنه عن قول الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النَّحل: 90]، فقال: العدل: الإنصاف، والإحْسَان: التفضُّل) . - وقرأ الحسن البصري: (هذه الآية إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النَّحل: 90] الآية، ثمَّ وقف فقال: إنَّ الله جمع لكم الخير كلَّه والشَّر كلَّه في آية واحدة، فوالله ما ترك العدل والإحْسَان شيئًا مِن طاعة الله عزَّ وجلَّ إلَّا جمعه، ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي مِن معصية الله شيئًا إلَّا جَمَعه) . - وقال ابن القيِّم: (مفتاح حصول الرَّحمة الإحْسَان في عبادة الخالق، والسَّعي في نفع عبيده) . - وقال أيضًا: (فإنَّ الإحْسَان يفرح القلب ويشرح الصَّدر ويجلب النِّعم ويدفع النِّقم، وتركه يوجب الضَّيم والضِّيق، ويمنع وصول النِّعم إليه، فالجبن: ترك الإحْسَان بالبدن، والبخل: ترك الإحْسَان بالمال) . - وقال في موضع آخر: (ومِن منازل إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين: منزلة الإحْسَان؛ وهي لبُّ الإيمان وروحه وكماله، وهذه المنزلة تجمع جميع المنازل، فجميعها منطوية فيها، وكلُّ ما قيل مِن أوَّل الكتاب إلى هاهنا فهو مِن الإحْسَان) . - وقال رجلٌ لأحد السلاطين: (أحقُّ النَّاس بالإحْسَان مَن أحسن الله إليه، وأولاهم بالإنصاف مَن بُسِطت القدرة بين يديه؛ فاسْتَدِم ما أوتيت مِن النِّعم بتأدية ما عليك مِن الحقِّ) . آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 20-04-2013 الساعة 01:59 PM |
#39
|
||||
|
||||
فوائد الإحْسَان 1- للإحْسَان ثمرة عظيمة تتجلَّى في تماسك بنيان المجتمع، وحمايته مِن الخراب والتَّهلكة ووقايته مِن الآفات الاجتماعيَّة.
2- المحسن يكون في معيَّة الله عزَّ وجلَّ، ومَن كان الله معه فإنَّه لا يخاف بأسًا ولا رهقًا. 3- المحسن يكتسب بإحسانه محبَّة الله عزَّ وجلَّ. 4- للمحسنين أجر عظيم في الآخرة حيث يكونون في مأمن مِن الخوف والحزن. 5- المحسن قريب مِن رحمة الله عزَّ وجلَّ. 6- الإحْسَان هو وسيلة المجتمع للرُّقي والتَّقدُّم، وإذا كان صنوه، أي: العدل وسيلة لحفظ النَّوع البَشَريِّ فإنَّ الإحْسَان هو وسيلة تقدمه ورقيِّه؛ لأنَّه يؤدِّي إلى توثيق الرَّوابط وتوفير التَّعاون. 7- الإحْسَان وسيلة لإزالة ما في النُّفوس مِن الكدر وسوء الفهم وسوء الظَّنِّ ونحو ذلك. 8- الإحْسَان في عبادة الخالق يمنع عن المعاصي. قال ابن القيِّم: (فإنَّ الإحْسَان إذا باشر القلب منعه عن المعاصي، فإنَّ مَن عبد الله كأنَّه يراه، لم يكن كذلك إلَّا لاستيلاء ذكره ومحبَّته وخوفه ورجائه على قلبه، بحيث يصير كأنَّه يشاهده، وذلك سيحول بينه وبين إرادة المعصية، فضلًا عن مواقعتها، فإذا خرج مِن دائرة الإحْسَان، فاته صحبة رفقته الخاصَّة، وعيشهم الهنيء، ونعيمهم التَّام، فإن أراد الله به خيرًا أقرَّه في دائرة عموم المؤمنين) . 9- الإحْسَان إلى النَّاس سببٌ مِن أسباب انشراح الصَّدر: الذي يحسن إلى النَّاس ينشرح صدره، ويشعر بالرَّاحة النَّفسيَّة، وقد ذكر ابن القيِّم في (زاد المعاد) أن الإحْسَان مِن أسباب انشراح الصَّدر، فقال: (... إنَّ الكريم المحسن أشرح النَّاس صدرًا، وأطيبهم نفسًا، وأنعمهم قلبًا، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق النَّاس صدرًا، وأنكدهم عيشًا، وأعظمهم همًّا وغمًّا) . 10- الإحْسَان إلى النَّاس يطفئ نار الحاسد. (إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحْسَان إليه، فكلَّما ازداد أذًى وشرًّا وبغيًا وحسدًا ازددت إليه إحسانًا، وله نصيحةً، وعليه شفقةً، وما أظنُّك تصدِّق بأنَّ هذا يكون، فضلًا عن أن تتعاطاه، فاسمع الآن قوله عزَّ وجلَّ: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [فصِّلت: 34-36] وقال: أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [القصص: 54]... هذا مع أنَّه لا بدَّ له مع عدوِّه وحاسده مِن إحدى حالتين، إمَّا أن يملكه بإحسانه فيستعبده وينقاد له ويذلُّ له، ويبقى مِن أحبِّ النَّاس إليه، وإمَّا أن يفتِّت كبده ويقطع دابره إن أقام على إساءته إليه، فإنَّه يذيقه بإحسانه أضعاف ما ينال منه بانتقامه ومَن جرَّب هذا عرفه حقَّ المعرفة، والله هو الموفق المعين بيده الخير كلِّه لا إله غيره، وهو المسؤول أن يستعملنا وإخواننا في ذلك بمنِّه وكرمه . آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 20-04-2013 الساعة 02:00 PM |
#40
|
||||
|
||||
أقسام الإحْسَان
الإحْسَان ينقسم إلى قسمين: إحسان في عبادة الله. وإحْسَان إلى عباد الله، وكل قسم منهما ينقسم إلى واجب ومستحب. فأما الإحسان في عبادة الله فيتضمن الإحْسَان في الإتيان بالواجبات الظَّاهرة والباطنة، وذلك بــــ(الإتيان بها على وجه كمال واجباتها، فهذا القَدْر مِن الإحْسَان فيها واجبٌ، وأمَّا الإحْسَان فيها بإكمال مستحبَّاتها فليس بواجب. والإحْسَان في ترك المحرَّمات: الانتهاء عنها، وترك ظاهرها وباطنها، كما قال تعالى: وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ [الأنعام:120]، فهذا القدر مِن الإحْسَان فيها واجبٌ. وأمَّا الإحْسَان في الصَّبر على المقدورات، فأن يأتي بالصَّبر عليها على وجهه مِن غير تسخُّط ولا جزع) . وأما الإحسان إلى عباد الله فالواجب منه (هو الإنصاف، والقيام بما يجب عليك للخلق بحسب ما توجَّه عليك مِن الحقوق...بأن تقوم بحقوقهم الواجبة، كالقيام ببرِّ الوالدين، وصلة الأرحام، والإنصاف في جميع المعاملات، بإعطاء جميع ما عليك مِن الحقوق، كما أنَّك تأخذ مالك وافيًا. قال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النِّساء: 36] فأمر بالإحْسَان إلى جميع هؤلاء) . وقال ابن رجب: (والإحْسَان الواجب في معاملة الخَلْق ومعاشرتهم: القيام بما أوجب الله مِن حقوق ذلك كلِّه، والإحْسَان الواجب في ولاية الخَلْق وسياستهم، القيام بواجبات الولاية كلِّها) . وأما المستحب منه فهو (القَدْرُ الزَّائد على الواجب في ذلك كلِّه) . ومثال ذلك (بذل نفع بدنيٍّ، أو ماليٍّ، أو علميٍّ، أو توجيه لخير دينيٍّ، أو مصلحة دنيويَّة، فكلُّ معروف صَدَقة، وكلُّ ما أدخل السُّرور على الخَلْق صَدَقة وإحسان. وكلُّ ما أزال عنهم ما يكرهون، ودفع عنهم ما لا يرتضون مِن قليل أو كثير، فهو صَدَقة وإحسان) . آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 20-04-2013 الساعة 02:01 PM |
#41
|
||||
|
||||
صور الإحْسَان قبل أن نُـفَصِّلَ في صور الإحْسَان نذكر هذه الصور على جهة الإجمال، والتي منها الإحسان في العبادات، والإحسان في المعاملات، والإحسان إلى الحيوانات، والإحسان في الأعمال البدنية، فـ(الإحْسَان في باب العبادات أن تؤدِّى العبادة أيًّا كان نوعها؛ مِن صلاة أو صيام أو حجٍّ أو غيرها أداءً صحيحًا، باستكمال شروطها وأركانها، واستيفاء سننها وآدابها، وهذا لا يتمُّ للعبد إلَّا إذا كان شعوره قويًّا بمراقبة الله عزَّ وجلَّ حتى كأنَّه يراه تعالى ويشاهده، أو على الأقلِّ يشعر نفسه بأنَّ الله تعالى مطَّلع عليه، وناظرٌ إليه، فبهذا وحده يمكنه أن يحسن عبادته ويتقنها، فيأتي بها على الوجه المطلوب، وهذا ما أرشد إليه الرَّسول صلى الله عليه وسلم في قوله: ((الإحْسَان أن تعبد الله كأنَّك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك)). وفي باب المعاملات فهو للوالدين ببرِّهما بالمعروف، وطاعتهما في غير معصية الله، وإيصال الخير إليهما، وكفِّ الأذى عنهما، والدُّعاء والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما. وهو للأقارب ببرِّهم ورحمتهم والعطف عليهم، وفعل ما يَجْمُل فعله معهم، وترك ما يسيء إليهم. وهو لليتامى بالمحافظة على أموالهم، وصيانة حقوقهم، وتأديبهم وتربيتهم بالحسنى، والمسح على رؤوسهم. وهو للمساكين بسدِّ جوعهم، وستر عورتهم، وعدم احتقارهم وازدرائهم، وعدم المساس بهم بسوء، وإيصال النَّفع إليهم بما يستطيع، وهو لابن السَّبيل بقضاء حاجته، وسدِّ خلَّته، ورعاية ماله، وصيانة كرامته، وبإرشاده إن استرشد، وهدايته إن ضلَّ. وهو للخادم بإتيانه أجره قبل أن يجفَّ عرقه، وبعدم إلزامه ما لا يلزمه، أو تكليفه بما لا يطيق، وبصون كرامته، واحترام شخصيَّته. وهو لعموم النَّاس بالتَّلطُّف في القول لهم، ومجاملتهم في المعاملة، وبإرشاد ضالِّهم، وتعليم جاهلهم، والاعتراف بحقوقهم، وبإيصال النَّفع إليهم، وكفِّ الأذى عنهم. وهو للحيوان بإطعامه إن جاع، ومداواته إن مرض، وبعدم تكليفه ما لا يطيق، وحمله على ما لا يقدر، وبالرِّفق به إن عمل، وإراحته إن تعب. وهو في الأعمال البدنيَّة بإجادة العمل، وإتقان الصَّنعة، وبتخليص سائر الأعمال مِن الغش، وهكذا) . وإليك تفاصيل هذه الصُّور: 1- الإحْسَان في عبادة الله: (والإحْسَان في عبادة الله له ركن واحد بيَّنه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقوله: ((بأن تعبد الله كأنَّك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك)). فأخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ مرتبة الإحْسَان على درجتين، وأنَّ المحسنين في الإحْسَان على درجتين متفاوتتين، الدَّرجة الأولى: وهي ((أن تعبد الله كأنَّك تراه)). الدَّرجة الثَّانية: أن تعبد الله كأنَّه يراك، والمعنى إذا لم تستطع أن تعبد الله كأنَّك تراه وتشاهده رأي العين، فانزل إلى المرتبة الثَّانية، وهي أن تعبد الله كأنَّه يراك. فالأولى عبادة رغبة وطمع، والثَّانية عبادة خوف ورهب) . 2- الإحْسَان إلى الوالدين: جاءت نصوص كثيرة تحثُّ على حقوق الوالدين وبرِّهما والإحْسَان إليهما قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 23-24]. قال القرطبي: (قال العلماء: فأحقُّ النَّاس بعد الخالق المنَّان بالشُّكر والإحْسَان والتزام البرِّ والطَّاعة له والإذعان مَن قرن الله الإحْسَان إليه بعبادته وطاعته، وشكره بشكره، وهما الوالدان، فقال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ [لقمان: 14]) . وقوله تعالى: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الأنعام: 151]. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ العمل أفضل؟ قال: الصَّلاة لوقتها. قال قلت: ثمَّ أي؟ قال: برُّ الوالدين. قال قلت: ثمَّ أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله)) . قال الرَّازي: (أجمع أكثر العلماء على أنَّه يجب تعظيم الوالدين والإحْسَان إليهما إحسانًا غير مقيَّد بكونهما مؤمنين؛ لقوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [البقرة:83]) . 3- الإحْسَان إلى الجار: عن أبي شُريح الخُزاعي أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليسكت)) . ويكرم جاره بالإحسان إليه وكف الأذى عنه، وتحمل ما يصدر منه، والبشر في وجهه، وغير ذلك من وجوه الإكرام . 4- الإحْسَان إلى اليتامى والمساكين: ومِن الإحْسَان إلى اليتامى والمساكين: المحافظة على حقوقهم والقيام بتربيتهم، والعطف عليهم، ومدُّ يد العون لهم، قال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ [البقرة: 83]. (فإنَّ الإحْسَان إليهم والبرَّ بهم وكفالة عيشهم وصيانة مستقبلهم مِن أزكى القربات، بل إنَّ العواطف المنحرفة تعتدل في هذا المسلك وتلزم الجادَّة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أنَّ رجلًا شكا إلى رسول الله قسوة قلبه، فقال: ((امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين)) . وفي رواية: أنَّ رجلًا جاءه يشكو قسوة قلبه، فقال له: ((أتحبُّ أن يلين قلبك وتدرك حاجتك، ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه مِن طعامك، يلن قلبك وتدرك حاجتك)) . وذلك أنَّ القلب يتبلَّد في المجتمعات التي تضجُّ بالمرح الدَّائم، والتي تصبح وتمسي وهي لا ترى مِن الحياة غير آفاقها الزَّاهرة ونعمها الباهرة، والمترفون إنَّما يتنكَّرون لآلام الجماهير؛ لأنَّ الملذَّات -التي تُيَسَّر لهم- تُغلِّف أفئدتهم وتطمس بصائرهم، فلا تجعلهم يشعرون بحاجة المحتاج وألم المتألِّم وحزن المحزون، والنَّاس إنَّما يُرْزَقون الأفئدة النَّبيلة والمشاعر المرهفة عندما ينقلبون في أحوال الحياة المختلفة، ويُبْلَون مسَّ السَّرَّاء والضَّرَّاء.. عندئذ يحسُّون بالوحشة مع اليتيم وبالفقدان مع الثَّكلى وبالتعب مع البائس الفقير) . 5- الإحسان في المعاملات التجارية : قد أمر الله تعالى بالعدل والإحْسَان جميعًا، والعدل سبب النَّجاة فقط، وهو يجري من التِّجارة مجرى سلامة رأس المال، والإحْسَان سبب الفوز ونيل السَّعادة، وهو يجري من التِّجارة مجرى الرِّبح، ولا يُعدُّ مِن العقلاء مَن قنع في معاملات الدُّنْيا برأس ماله، فكذا في معاملات الآخرة. ولا ينبغي للمتديِّن أن يقتصر علىالعدل واجتناب الظُّلم، ويدع أبواب الإحْسَان وقد قال الله تعالى: وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ [القصص: 77]، وقال عزَّ وجلَّ: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النَّحل: 90]، وقال سبحانه: إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 56]، وينال المعامل رتبة الإحْسَان بواحدٍ مِن ستَّة أمور: الأوَّل: في المغابنة، فينبغي أن لا يغبن صاحبه بما لا يتغابن به في العادة، فأمَّا أصل المغابنة فمأذونٌ فيه، لأنَّ البيع للرِّبح، ولا يمكن ذلك إلَّا بغبن، ولكن يراعى فيه التَّقريب، ومَن قنع بربحٍ قليلٍ كثرت معاملاته، واستفاد مِن تكررها ربحًا كثيرًا، وبه تظهر البركة. الثَّاني: في احتمال الغبن، والمشتري إن اشترى طعامًا مِن ضعيف أو شيئًا مِن فقير فلا بأس أن يحتمل الغبن ويتساهل، ويكون به محسنًا وداخلًا في قوله عليه السَّلام: ((رحم الله سهل البيع وسهل الشِّراء)) ، وأما احتمال الغبن مِن الغني فليس محمودًا، بل هو تضييع مال مِن غير أجر ولا حمد، وكان كثيرٌ مِن السَّلف يستقصون في الشِّراء، ويهبون مِن ذلك الجزيل مِن المال، فقيل لبعضهم في ذلك فقال: إنَّ الواهب يعطي فضله، وإنَّ المغبون يغبن عقله. الثَّالث: في استيفاء الثَّمن وسائر الدُّيون والإحْسَان فيه مرَّة بالمسامحة وحطِّ البعض، ومرَّة بالإمهال والتَّأخير، ومرَّة بالمساهلة في طلب جودة النَّقد، وكلُّ ذلك مندوبٌ إليه ومحثوثٌ عليه، وفي الخبر: ((مَن أقرض دينارًا إلى أجلٍ، فله بكلِّ يوم صدقة إلى أجله، فإذا حلَّ الأجل فأنظره بعده، فله بكلِّ يوم مثل ذلك الدَّين صدقة)) ، ونظر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى رجل يلازم رجلًا بدين، فأومأ إلى صاحب الدَّين بيده، أي: ضع الشَّطر، ففعل، فقال للمديون: ((قم فأعطه)) . الرَّابع: في توفية الدَّين، ومِن الإحْسَان فيه حسن القضاء، وذلك بأن يمشي إلى صاحب الحقِّ، ولا يكلِّفه أن يمشي إليه يتقاضاه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((خيركم أحسنكم قضاءً)) ، ومهما قدر على قضاء الدَّين فليبادر إليه ولو قبل وقته، وإن عجز فلينوِ قضاءه مهما قدر، ومهما كلَّمه مستحقُّ الحقِّ بكلام خشن، فليتحمَّله وليقابله باللُّطف اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم لـمَّا ردَّد عليه كلامه صاحب الدَّين، فهمَّ به أصحابه، فقال: ((دعوه؛ فإنَّ لصاحب الحقِّ مقالًا)) . ومِن الإحْسَان أن يميل الحكم إلى مَن عليه الدَّين لعسره. الخامس: أن يُقيل مَن يستقيله؛ فإنَّه لا يستقيل إلَّا متندِّمٌ مُسْتَضِرٌّ بالبيع، ولا ينبغي أن يرضى لنفسه أن يكون سبب استضرار أخيه، وفي الخبر: ((مَن أقال نادمًا صفقته، أقال الله عثرته يوم القيامة)) . السَّادس: أن يقصد في معاملته جماعة مِن الفقراء بالنَّسيئة، وهو في الحال عازم على أن لا يطالبهم إن لم يظهر لهم مَيْسَرة، وكان مِن السَّلف مَن يقول لفقير: خذ ما تريد، فإن يُسِّر لك فاقض، وإلَّا فأنت في حلٍّ منه وسعة. 6- الإحْسَان إلى المسيء: (ومِن أجلِّ أنواع الإحْسَان: الإحْسَان إلى مَن أساء إليك بقولٍ أو فعلٍ. قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصِّلت: 34-35]. ومن كانت طريقته الإحْسَان، أحسن الله جزاءه: هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ [الرحمن: 60]) . وذكر الهرويُّ أنَّ مِن منازل إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين (الفتوَّة)، وقال: (هي على ثلاث درجات، الدَّرجة الأولى ترك الخصومة، والتَّغافل عن الزلَّة، ونسيان الأذيَّة. والدَّرجة الثَّانية أن تقرِّب مَن يقصيك، وتكرم مَن يؤذيك، وتعتذر إلى مَن يجني عليك، سماحةً لا كظمًا، ومودَّةً لا مصابرةً) . قال ابن القيِّم في ذلك: (هذه الدَّرجة أعلى ممَّا قبلها وأصعب؛ فإنَّ الأولى تتضمَّن ترك المقابلة والتَّغافل، وهذه تتضمَّن الإحْسَان إلى مَن أساء إليك، ومعاملته بضِدِّ ما عاملك به، فيكون الإحْسَان والإساءة بينك وبينه خُطَّتين فخُطَّتك: الإحْسَان. وخُطَّته: الإساءة. وفي مثلها قال القائل: إذا مرِضْنا أتَيْناكم نَعودُكمُ *** وتُذْنبون فنَأْتيكم ونَعتذرُ ومَن أراد فهم هذه الدَّرجة كما ينبغي فلينظر إلى سيرة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مع النَّاس يجدها بعينها) .
7- الإحْسَان في الكلام: قال تعالى: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الإسراء: 53]. قال ابن كثير: (يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطَّيبة؛ فإنَّهم إذا لم يفعلوا ذلك، نزغ الشَّيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، ووقع الشَّرُّ والمخاصمة والمقاتلة، فإنَّ الشَّيطان عدوٌّ لآدم وذرِّيته مِن حين امتنع مِن السُّجود لآدم، فعداوته ظاهرة بيِّنة؛ ولهذا نهى أن يشير الرَّجل إلى أخيه المسلم بحديدة، فإنَّ الشَّيطان ينزغ في يده، أي: فربَّما أصابه بها) . 8- الإحْسَان في الجدال: يقول الله تبارك وتعالى: وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النَّحل: 125]. قال الشَّوكاني: (أي: بالطَّريق التي هي أحسن طرق المجادلة. وإنَّما أمر -سبحانه- بالمجادلة الحسنة لكون الدَّاعي محقًّا وغرضه صحيحًا، وكان خصمه مبطلًا وغرضه فاسدًا) . 9- الإحْسَان إلى الحيوان: ومِن الإحْسَان إلى الحيوان، إطعامه والاهتمام به، وحدُّ الشَّفرة عند ***ه، وأن لا يحدَّ الشَّفرة أمامه، وعدم الحمل إليه أكثر مِن طاقته. قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله كتب الإحْسَان على كلِّ شيء؛ فإذا ***تم فأحسنوا القِتْلَة...))، وكره أبو هريرة أن تُحَدَّ الشَّفرة والشَّاة تنظر إليها، وروى أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا أضجع شاة، فوضع رجله على عنقها، وهو يحدُّ شَفْرته، فقال له صلى الله عليه وسلم: ((ويلك، أردت أن تميتها موتات؟ هلا أحددت شَفْرتك قبل أن تضجعها)) ، وكان عمر بن الخطَّاب ينهى أن تُذْبَح الشَّاة عند الشَّاة . قال ابن رجب: (والإحْسَان في *** ما يجوز ***ه مِن النَّاس والدَّواب: إزهاق نفسه على أسرع الوجوه، وأسهلها. وهذا النَّوع هو الذي ذكره النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، ولعلَّه ذكره على سبيل المثال، أو لحاجته إلى بيانه في تلك الحال، فقال: ((إذا ***تم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ***تم فأحسنوا الذِّبحة))، والقِتْلة والذِّبْحة -بالكسر- أي: الهيئة، والمعنى: أحسنوا هيئة الذَّبح، وهيئة القَتْل. وهذا يدلُّ على وجوب الإسراع في إزهاق النُّفوس التي يُبَاح إزهاقها على أسهل الوجوه. وقد حكى ابن حزم الإجماع على وجوب الإحْسَان في الذَّبيحة) . وقال صلى الله عليه وسلم: ((في كلِّ كبد رطبة أجر)) . قال النَّوويُّ: (معناه في الإحْسَان إلى كلِّ حيوان حي -بسقيه ونحوه- أجر، وسمَّي الحي ذا كبد رطبة؛ لأنَّ الميِّت يجفُّ جسمه وكبده. ففي الحديث الحثُّ على الإحْسَان إلى الحيوان المحترم، وهو ما لا يُؤمر ب***ه. فأمَّا المأمور ب***ه فيمتثل أمر الشَّرع في ***ه، والمأمور ب***ه كالكافر الحربي والمرتد والكلب العقور والفواسق الخمس المذكورات في الحديث وما في معناهن. وأمَّا المحترم فيحصل الثَّواب بسقيه والإحْسَان إليه، أيضًا بإطعامه وغيره سواءً كان مملوكًا أو مباحًا، وسواءً كان مملوكًا له أو لغيره) . وقال صلى الله عليه وسلم: ((عُذِّبت امرأة في هرَّة سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النَّار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل خَشَاش الأرض)) . آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 20-04-2013 الساعة 02:02 PM |
#42
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا
|
#43
|
||||
|
||||
|
#44
|
||||
|
||||
|
#45
|
||||
|
||||
آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 20-04-2013 الساعة 02:06 PM |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|