اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-09-2008, 09:48 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

كيف توفق المرأة بين واجباتها الدعوية وتربية أطفالها؟

المفتي: محمد الحسن ولد الددو الإجابة:
إن عليها أن تسدد وتقارب، وما من إنسان إلا وواجباته كثيرة وأوقاته ضيقة، لكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالتسديد والمقاربة، وقد أخرج البخاري في الصحيح قال: حدثنا عبد السلام بن مطهر، قال: أخبرنا عمر بن علي عن معن بن محمد الغفاري، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين إلا غلبه"، وفي رواية: "ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"، وفي رواية: "ولن يشاد الدينُ إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة".

فعلى الإنسان أن يسدد ويقارب، ويعلم أنه لن يؤدي كل الحقوق، ولن يأتي بها كاملة مهما كان، لكن يسدد ويقارب ولا يضيع حقاً واضحاً، ويحاول أن يعمل مثل عمل الفارض الذي يقسم التركة عندما تزيد الرؤوس على السهام، فيعمل بالعول ينقص كل أحد بنسبة متساوية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.

آخر تعديل بواسطة account closed ، 13-09-2008 الساعة 09:56 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13-09-2008, 09:57 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

كثير من الناس إذا أمرناه بالمعروف يقول: إن هذا من اختصاص العلماء المأمورين من طرف الحكومة!! أرجو الجواب على هذا وتبيين الحكم فيه؟

المفتي: محمد الحسن ولد الددو الإجابة:
إن هذا قول على الله بغير علم، والذي قاله قد ارتكب جريمة أكبر من الإجرام الذي وقع فيه، لأنه أولاً: فعل جريمة كأكل الغيبة أو الكذب أو الغش أو نحو ذلك، ثم عززها بجريمة أكبر منها، وهي القول على الله بغير علم، وقد قال الله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، فالأمر بذلك لكل الناس كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده"، ولكل المؤمنين كما قال تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}، وكما قال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13-09-2008, 10:00 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

يقول: لي أخ يريد النصح منكم، وهو من حملة القرآن، وأحسبه طيباً، لكنه منذ فترة اعتنق جماعة الدعوة والتبليغ، وهو يخرج معهم، فما هو هذا الخروج، وهل هو بدعة حقاً أم لا؟

المفتي: محمد الحسن ولد الددو الإجابة:
إن الجماعات لا تعتنق، إنما يعتنق الشيء الذي يجعل في العنق كالديانات ونحو ذلك، أما الجماعات فيقال تصحب، ولذلك فالأسلوب الصحيح أن يقول: "صحب جماعة الدعوة والتبليغ" مثلاً.

وهذه الصحبة هي من الصحبة في الله، والإنسان لا يستطيع القيام بأمر الله وحده، ويحتاج إلى من يساعده، والله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}، ولم يقل: "أنا وحدي"، والإنسان محتاج لمثل ذلك، فإذا وجد من يعينه على التزام أوامر الله واجتناب نواهيه، والتزام ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلماً وتعليماً وعملاً وأخلاقاً وعقيدة وديانة فهذا أكمل وأفضل.

لكن بالنسبة للخروج -الخروج الذي لدى جماعة الدعوة والتبليغ- هو مجرد تعليم وتدريب فقط، وليس أمراً واجباً ولا أمراً مسنوناً ولا أمراً مندوباً، إنما هو بمثابة الدراسة في المدرسة، الدراسة في المدرسة يدرس الإنسان ست سنوات في الابتدائية وأربع سنوات في الإعدادية، وثلاث سنوات في الثانوية، وأربع سنوات في الجامعة، وأربع سنوات للماجستير، وأربع سنوات للدكتوراه مثلاً، كذلك هذا الخروج إنما قصدوا به تعويداً على التعليم مثل المناهج الجديدة في المدارس تماماً، وقد جربوا فيه التجارب.

وهو لا يدخل في البدع، وإنما يدخل في المصالح المرسلة، يدخل في المصالح المرسلة ولا يدخل في البدع، لأنه بمثابة الدراسة الجامعية أو الدراسة المدرسية أياً كانت.

ولكنه قد يكون لدى الإنسان ما هو أفضل منه، فقد لا يكون هو أفضل الموجود في بعض الأحيان، كمن لديه نفقات واجبة أو والدان ضعيفان لا يأذنان له بذلك، أو أهل يخاف عليهم إذا هو خرج وتركهم للضيعة، ومع هذا فالشيطان كثيراً ما يحول بين الإنسان وبينه مما يدل على أهميته للإنسان، فقد سألت أحد الذين أحسبهم من المخلصين جاءني يشكو ولده، ويخبر أنه خرج مع جماعة الدعوة والتبليغ، فقلت: هل تنقم عليه شيئاً في دينه؟ قال: لا، قد كان سيء الخلق حليقاً مدخناً غير ملتزم بالصلاة في المسجد، فجاء وقد تغيرت فيه كل هذه الصفات!! فقلت: أرأيت لو خرج في تجارة الآن إلى إسبانيا، هل ترضى له بذلك؟ فقال: نعم!! هذا أمر معتاد لدى الناس، فقلت: فكيف تنقم منه الخروج مع قوم لم يستفد منهم إلا خيراً؟ وما علموه إلا ما ترضى له أنت!! وقد عجزت أنت أن تعلمه هذا!! فكان ذلك مقنعاً له.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13-09-2008, 10:01 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

هل يجوز للشخص أن يتصدى للجريمة، ويعاقب أهلها ويؤذيهم بدون إذن من السلطان، كأن يضربهم إلى غير ذلك من الأمور؟

المفتي: محمد الحسن ولد الددو الإجابة:
إن الله سبحانه وتعالى أمر المسلمين أمراً عاماً بمكافحة الجرائم وإقامة الحدود وغير ذلك، كقوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}، وفي قوله: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما}، وغير ذلك من الأوامر التي هي موجهة إلى جميع المسلمين.

لكن اختلف الناس في حكم إقامة الحدود، هل هي مختصة بالولاة أو لا تختص بهم؟
- فذهب الحنفية إلى أن إقامة الحدود مختصة بالولاة، واستدلوا بحديث ضعيف جداً، وهو: "أربع إلى الولاة"، وذكر منها: "إقامة الحدود".
- وذهب الجمهور إلى أن الإنسان يقيم الحدود على من ملكته يمينه، للحديث الذي فيه: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم"، وللحديث الذي فيه: "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت الثانية فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت الثالثة فليجلدها الحد وليبعها ولو بحبل"، فهذا مقتض لتفويض كل إنسان في إقامة الحد على ما ملكت يمينه، ومثل ذلك أولاده وأهل بيته، فقد جعلهم الله إليه وهو الوالي المسؤول عنهم.

أما تغيير المنكر بغير الحدود فهذا على من رآه أن يغير فيه بيده مطلقاً، كل من رآه وهو قادر على التغيير يجب عليه التغيير، فإن استطاع ذلك بيده فلا يعذر بغيرها، وقد أعلن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس فيما أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".

لكن لا بد أن يكون حينئذ التثريب على أهل المعصية والوقوف في وجه الجريمة بدافع من اللطف والمحبة والرحمة، وأن لا يكون لمجرد التشهي بأذى الآخرين!! فالإنسان كالطبيب المعالج المداوي، يردعهم بالرحمة، حتى في إقامة الحد وغير ذلك يفعله بالرحمة لردعهم عن معصية الله وهو يحبهم بقدر ما لديهم من محبة الله وبقدر إيمانهم، ويبغض معصيتهم فيهم، وبذلك يكون رحيماً بهم لا يريد أن يعين الشيطان عليهم، ولا يريد أن يستمروا في المعصية ولا أن تأخذهم العزة بالإثم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13-09-2008, 10:03 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

حلاقات النساء (محلات الكوافير) أو أماكن التزيين الموجودة على الشارع الكبير هي منارة مفتوحة! ومفتحة الأبواب! وعلى أبوابها صور النساء في مظهر مؤلم! وبعض هذه المحلات قرب مسجدنا هذا، فما موقف المسلم من ذلك وجماعة المسجد بصفة خاصة؟

المفتي: محمد الحسن ولد الددو الإجابة:
إن هذا من المنكرات التي يجب البراءة إلى الله منها وإنكارها، والتأثير على أصحابها بكل ضغط يستطيعه الإنسان، فإذا كان الإنسان يعرف أصحابها أو يستطيع التأثير عليهم فيجب عليه أن يناصحهم بالتي هي أحسن حتى يكفوا عن ذلك.

فإن لم يمتنعوا ولم ينتصحوا وجب عليه حينئذ أن يرفع في أمرهم، ويجب على جماعة المسلمين -جماعة المسجد- أن تتخذ موقفاً من هذا أيضاً، وأن تأتي إلى المحلات القريبة منه تأتيها جماعة مؤلفة من أهل المسجد من مختلف الأسنان فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الحجة لله، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط}.

وقد بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، ففي حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم"، فلا بد أن نقوم لله بالحق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13-09-2008, 10:04 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

قلتم إن التعود على الجريمة ورؤيتها يجعل الإنسان يستشعر عدم عظم هذه الجريمة، هل ترون الهجرة إلى المناطق الداخلية أفضل لدين المرء لما يراه في هذه العاصمة من جرائم تمارس وبكل بساطة؟

المفتي: محمد الحسن ولد الددو الإجابة:
إن على الإنسان إذا رأى الجريمة أولاً أن يحاول تغييرها، وأن لا يستسلم لها، فالاستسلام ليس علاجاً، أن يترك الإنسان داره ومكانه لأهل الفساد حتى ينتشر الفساد في الأرض هذا مناف لمقصد الشارع، فمقصد الشارع أن ينتشر الخير وأن يكافح الإجرام، وأن يكاثر أهل الحق أهل الباطل، ولا يقصد أن يذهب أهل الخير وأن يتركوا أهل الباطل يستبدون وينفردون بإجرامهم، بل المقصد الشرعي أن تكاثروهم وأن تردعوهم ما استطعتم.لكن مع ذلك إذا لم يجد الإنسان ناصراً على الحق فليس له إلا أن يفر بدينه من الفتن، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري في الصحيح قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة، قال: أخبرنا مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن"، وكذلك صح عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بخير الناس منزلا؟ رجل ممسك بعنان فرسه كلما سمع هيعة طار إليها، ألا أخبركم بخير الناس منزلا بعده؟ مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويذر الناس من شره".

وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن التعرب بعد الهجرة خطر عظيم كذلك، فسكنى البادية لمن قد سكن الحاضرة خطر على دينه وأخلاقه وقيمه، وقد أخرج أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من بدا جفا، ومن تبع الصيد غفل"، فلا تكون هذه الهجرة إلى البدو والأودية والجبال إلا عند عدم وجود معين على تغيير المنكر والأمر بالمعروف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13-09-2008, 10:05 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

ما هو رأيكم في الذهاب مع هذه الجماعة التي تسمى: "جماعة الدعوة"؟

المفتي: محمد الحسن ولد الددو الإجابة:
إن عثمان رضي الله عنه سأله رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، أنت إمام سنة، وهؤلاء إمامهم إمام بدعة، وهم يصلون، أفنصلي معهم؟ قال: "إن الصلاة من أحسن ما يصنع الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم، وإن أساءوا فتجنب إساءتهم".فكل من وجدته يعمل في الإحسان فلا تتردد في الإحسان معه، واعلم أنها فرصة العمر، فأنت لا تدري متى تموت، وقد وجدت خيراً فساعد على هذا الخير الذي وجدته، ولكن عليك أن تختار من الخير أقربه إلى الله سبحانه وتعالى وأبلغه تأثيراً في إيمانك، وأرجاه معاداً عند الله تعالى وأكثره ثواباً، وحينئذ تختار لنفسك وتعلم وضعك.ولا شك أن هذه الجماعة قد هدى الله على أيديها عدداً كبيراً من الفساق ومن المجرمين الذين لم يكن ليوصل إليهم بحال من الأحوال لولا فضل الله، ثم هذه الطريقة التي عملت بها هذه الجماعة، ولكن ليس معنى هذا أن الطريقة نافعة لكل الناس، بل كثير من الناس لا يصلح له هذا، لأنه كان مشتغلاً في أمر أهم منه، أو يقوم بخدمة للإسلام أعظم من مجرد خروجه، فمن كان مشتغلاً بخدمة للإسلام لا يحل له أن يعطلها من أجل الخروج، فالخروج ليس واجباً ولا سنة مؤكدة، وإنما هو طريقة للهداية نافعة جداً لضعاف الإيمان، ومن كان مشغولاً بفرض عين أو نحوه فلا ينبغي أن يترك ذلك الفرض للاشتغال بالنوافل، ولأن المحضرة مع الأسف فيها إهمال للجانب التربوي، المحاضر فيها تعليم للناحية النظرية لكن فيها إهمال للجانب التربوي، فلذلك على طالب المحضرة أن يجعل شهراً أو أربعين يوماً من السنة يتخذها إجازة لتقوية إيمانه وسلوكه ويتعلم في بقية السنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13-09-2008, 10:09 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

رسالة في الدماء الطبيعية للنساء

المفتي: محمد بن صالح العثيمين الإجابة:
•• الفصل الخامس ••
في الاستحاضة وأحكامها
الاستحاضة: استمرار الدم على المرأة بحيث لا ينقطع عنها أبداً أو ينقطع عنها مدة يسيرة كاليوم واليومين في الشهر.

فدليل الحالة الأولى التي لا ينقطع الدم فيها أبداً ما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قالت فاطمة بنت حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني لا أطهر، وفي رواية أستحاض فلا أطهر".

ودليل الحالة الثانية التي لا ينقطع الدم فيها إلا يسيراً حديث حمنة بنت جحش حيث جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "يا رسول الله إني أستحاض حيضة كبيرة شديدة". الحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ونقل عن الإمام أحمد تصحيحه وعن البخاري تحسينه.

أحوال المستحاضة
للمستحاضة ثلاثة حالات:
- الحالة الأولى: أن يكون لها حيض معلوم قبل الاستحاضة فهذه ترجع إلى مدة حيضها المعلوم السابق فتجلس فيها ويثبت لها أحكام الحيض، وما عداها استحاضة، يثبت لها أحكام المستحاضة.
مثال ذلك امرأة كان يأتيها الحيض ستة أيام من أول كل شهر، ثم طرأت عليها الاستحاضة فصار الدم يأتيها باستمرار، فيكون حيضها ستة أيام من أول كل شهر، وما عداها استحاضة لحديث عائشة رضي الله عنها: "أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت: "يا رسول الله إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال: "لا، إن ذلك عرق، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي" (رواه البخاري)، وفي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حبيبة بنت جحش: "امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي"، فعلى هذا تجلس المستحاضة التي لها حيض معلوم قدر حيضها ثم تغتسل وتصلي ولا تبالي بالدم حينئذ.

- الحالة الثانية: أن لا يكون لها حيض معلوم قبل الاستحاضة بأن تكون الاستحاضة مستمرة بها من أول ما رأت الدم من أول أمرها، فهذه تعمل بالتمييز فيكون حيضها ما تميز بسواد أو غلظة أو رائحة يثبت له أحكام الحيض، وما عداه استحاضة يثبت له أحكام الاستحاضة.
مثال ذلك: امرأة رأت الدم في أول ما رأته، واستمر عليها لكن تراه عشرة أيام أسود وباقي الشهر أحمر. أو تراه عشرة أيام غليظاً وباقي الشهر رقيقاً. أو تراه عشرة أيام له رائحة الحيض وباقي الشهر لا رائحة له فحيضها هو الأسود في المثال الأول، والغليظ في المثال الثاني، وذو الرائحة في المثال الثالث، وما عدا ذلك فهو استحاضة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: "إذا كان دم الحيضة فإنه أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق" (رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم)، وهذا الحديث وإن كان في سنده ومتنه نظر فقد عمل به أهل العلم رحمهم الله، وهو أولى من ردها إلى عادة غالب النساء.

- الحالة الثالثة: ألا يكون لها حيض معلوم ولا تمييز صالح بأن تكون الاستحاضة مستمرة من أول ما رأت الدم ودمها على صفة واحدة أو على صفات مضطربة لا يمكن أن تكون حيضاً، فهذه تعمل بعادة غالب النساء فيكو حيضها ستة أيام أو سبعة من كل شهر يبتدئ من أو المدة التي رأت فيها الدم، وما عداه استحاضة.
مثال ذلك: أن ترى الدم أو ما تراه في الخامس من الشهر ويستمر عليها من غير أن يكون فيه تمييز صالح للحيض لا بلون ولا غيره فيكون حيضها من كل شهر ستة أيام أو سبعة تبتديء من اليوم الخامس من كل شهر. لحديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها أنها قالت: "يا رسول الله: إني أستحاض حيضة كبيرة شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصيام؟، فقال: "أنعت لك -أصف لك استعمال- الكرسف -وهو القطن- تضعينه على الفرج، فإنه يذهب الدم"، قالت: هو أكثر من ذلك. وفيه قال: "إنما هذا ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله تعالى، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلي أربعاً وعشرين أو ثلاثاً وعشرين ليلة وأيامها وصومي"، الحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، ونقل عن أحمد أنه صححه، وعن البخاري أنه حسنه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ستة أيام أو سبعة"، ليس للتخيير وإنما هو للاجتهاد فتنظر فيما هو أقرب إلى حالها ممن يشابهها خلقة ويقاربها سناً ورحماً وفيما هو أقرب إلى الحيض من دمها، ونحو ذلك من الاعتبارات فإن كان الأقرب أن يكون ستة جعلته ستة وإن كان الأقرب أن يكون سبعة جعلته سبعة.

حال من تشبه المستحاضة
قد يحدث للمرأة سبب يوجب نزيف الدم من فرجها كعملية في الرحم أو فيما دونه وهذه على نوعين:
- النوع الأول: أن يعلم أنها لا يمكن أن تحيض بعد العملية مثل أن تكون العملية استئصال الرحم بالكلية أو سده بحيث لا ينزل منه دم، فهذه المرأة لا يثبت لها أحكام المستحاضة، وإنما حكمها حكم من ترى صفرة أو كدرة أو رطوبة بعد الطهر، فلا تترك الصلاة ولا الصيام ولا يمتنع جماعها ولا يجب غسل من هذا الدم، ولكن يلزمها عند الصلاة غسل الدم وأن تعصب على الفرج خرقة، ونحوها، لتمنع خروج الدم، ثم تتوضأ للصلاة ولا تتوضأ لها إلا بعد دخول وقتها، إن كان لها وقت كالصلوات الخمس، وإلا فعند إرادة فعل الصلاة كالنوافل المطلقة.

- النوع الثاني: ألا يعلم امتناع حيضها بعد العملية بل يمكن أن تحيض، فهذه حكمها حكم المستحاضة. ويدل لما ذكر قوله صلى الله عليه وسلم، لفاطمة بنت أبي حبيش: "إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة"، فإن قوله: "فإذا أقبلت الحيضة"، يفيد أن حكم المستحاضة فيمن لها حيض ممكن ذو إقبال وإدبار، أما من ليس لها حيض ممكن فدمها دم عرق بكل حال.

أحكام الاستحاضة
عرفنا مما سبق متى يكون الدم حيضاً ومتى يكون استحاضة فمتى كان حيضاً ثبتت له أحكام الحيض، ومتى كان استحاضة ثبتت له أحكام الاستحاضة.
وقد سبق ذكر المهم من أحكام الحيض.
وأما أحكام الاستحاضة، فكأحكام الطهر، فلا فرق بين المستحاضة وبين الطاهرات إلا فيما يأتي:

- الأول: وجوب الوضوء عليها لكل صلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: "ثم توضئي لكل صلاة" (رواه البخاري في باب غسل الدم)، معنى ذلك أنها لا تتوضأ للصلاة المؤقتة إلا بعد دخول وقتها.
أما إذا كانت الصلاة غير مؤقتة فإنها تتوضأ لها عند إرادة فعلها.

- الثاني: إنها إذا أرادت الوضوء فإنها تغسل أثر الدم، وتعصب على الفرج خرقة على قطن ليستمسك الدم لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحمنة: "أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم"، قالت: فإنه أكثر من ذلك، قال: "فاتخذي ثوباً" قالت: هو أكثر من ذلك قال: "فتلجمي" الحديث، ولا يضرها ما خرج بعد ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: "اجتنبي الصلاة أيام حيضك ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة، ثم صلي، وإن قطر الدم على الحصير" (رواه أحمد وابن ماجة).

- الثالث: الجماع فقد اختلف العلماء في جوازه إذا لم يخف العنت بتركه، والصواب جوازه مطلقاً لأن نساء كثيرات يبلغن العشر أو أكثر استحضن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يمنع الله ولا رسوله من جماعهن، بل في قوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيض} (سورة البقرة، الآية 222 )، دليل على أنه لا يجب اعتزالهن فيما سواه، ولأن الصلاة تجوز منها، فالجماع أهون. وقياس جماعها على جماع الحائض غير صحيح، لأنهما لا يستويان حتى عند القائلين بالتحريم والقياس لا يصح مع الفارق.

•• الفصل السادس ••
في النفاس وحكمه
النفاس: دم يرخيه الرحم بسبب الولادة، إما معها أو بعدها أو قبلها بيومين أو ثلاثة مع الطلق.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ما تراه حين تشرع في الطلق فهو نفاس ولم يقيده بيومين أو ثلاثة، ومراده طلق يعقبه ولادة وإلا فليس بنفاس".

واختلف العلماء هل له حد في أقله وأكثره؟
قال الشيخ تقي الدين في رسالته في الأسماء التي علق الشارع الأحكام بها ص 37: "والنفاس لا حد لأقله ولا لأكثره، فلو قدر أن امرأة رأت الدم أكثر من أربعين أو ستين أو سبعين وانقطع فهو نفاس لكن إن اتصل فهو دم فساد وحينئذ فالحد أربعون فإنه منتهى الغالب جاءت به الآثار".أ.هـ.

قلت: وعلى هذا فإذا زاد دمها على الأربعين، وكان لها عادة بانقطاعه بعد أو ظهرت فيه أمارات قرب الانقطاع انتظرت حتى ينقطع وإلا اغتسلت عند تمام الأربعين، لأنه الغالب إلا أن يصادق زمن حيضها فتجلس حتى ينتهي زمن الحيض، فإذا انقطع بعد ذلك فينبغي أن يكون كالعادة لها فتعمل بحسبة في المستقبل، وإن استمر فهي مستحاضة، ترجع إلى أحكام المستحاضة السابقة، ولو طهرت بانقطاع الدم عنها فهي طاهر ولو قبل الأربعين، فتغتسل وتصلي وتصوم ويجامعها زوجها، إلا أن يكون الانقطاع أقل من يوم فلا حكم له، قاله في المغني.

ولا يثبت النفاس إلا إذا وضعت ما تبين فيه خلق إنسان، فلو وضعت سقطاً صغيراً لم يتبين فيه خلق إنسان فليس دمها دم نفاس، بل هو دم عرق فيكون حكمها حكم المستحاضة، وأقل مدة تبين فيها خلق إنسان ثمانون يوماً من ابتداء الحمل وغالباً تسعون يوماً. قال المجد ابن تيمية: "فمتى رأت دماً على طلق قبلها لم تلتفت إليه وبعدها تمسك عن الصلاة والصيام، ثم إن انكشف الأمر بعد الوضع على خلاف الظاهر رجعت فاستدركت، وإن لم ينكشف الأمر استمر حكم الظاهر فلا إعادة". نقله عنه في شرح الإقناع.

أحكام النفاس
أحكام النفاس كأحكام الحيض سواء بسواء، إلا فيما يأتي:
- الأول: العدة فتعتبر بالطلاق دون النفاس لأنه إن كان الطلاق قبل وضع الحمل انقضت العدة بوضعه لا بالنفاس، وإن كان الطلاق بعد الوضع انتظرت رجوع الحيض كما سبق.

- الثاني: مدة الإيلاء يحسب منها مدة الحيض ولا يحسب منها مدة النفاس.
والإيلاء: أن يحلف الرجل على ترك جماع امرأته أبداً أو مدة تزيد على أربعة أشهر، فإذا حلف وطالبته بالجماع جعل له مدة أربعة أشهر من حلفه، فإذا تمت أجبر على الجماع أو الفراق بطلب الزوجة، فهذه المدة إذا مر بالمرأة نفاس لم يحسب على الزوج، وزيد على الشهور الأربعة بقدر مدته، بخلاف الحيض فإن مدته تحسب على الزوج.

- الثالث: البلوغ يحصل بالحيض ولا يحصل بالنفاس، لأن المرأة لا يمكن أن تحمل حتى تنزل فيكون حصول البلوغ بالإنزال السابق للحمل.

- الرابع: أن دم الحيض إذا انقطع ثم عاد في العادة فهو حيض يقيناً، مثل أن تكون عادتها ثمانية أيام، فترى الحيض أربعة أيام ثم ينقطع يومين ثم يعود في السابع والثامن، فهذا العائد حيض يقيناً يثبت له أحكام الحيض، وأما دم النفاس، إذا انقطع قبل الأربعين ثم عاد في الأربعين فهو مشكوك فيه فيجب عليها أن تصلي وتصوم الفرض المؤقت في وقته ويحرم عليها ما يحرم على الحائض غير الواجبات وتقضي بعد طهرها ما فعلته في هذا الدم مما يجب على الحائض قضاؤه. هذا هو المشهور عند الفقهاء من الحنابلة والصواب أن الدم إذا عاودها في زمن يمكن أن يكون نفاساً فهو نفاس، وإلا فهو حيض إلا أن يستمر عليها فيكون إستحاضة وهذا قريب مما نقله في المغني (1: 349 ) عن الإمام مالك حيث قال: وقال مالك: "إن رأت الدم بعد يومين أو ثلاثة يعني من انقطاعه فهو نفاس وإلا فهو حيض".أ.هـ، وهو مقتضى اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وليس في الدماء شيء مشكوك فيه بحسب الواقع، ولكن الشك أمر نسبي يختلف فيه النساء بحسب علومهم وأفهامهم. والكتاب والسنة فيهما تبيان كل شيء، ولم يوجب الله سبحانه على أحد أن يصوم مرتين، أو يطوف مرتين، إلا أن يكون في الأول خلل لا يمكن تداركه إلا بالقضاء، أما حيث فعل العبد ما يقدر عليه من التكليف بحسب استطاعته فقد برئت ذمته، كما قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} (سورة البقرة، الآية 286 )، وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (سورة التغابن، الآية 16 ).

- الخامس: أنه في الحيض إذا طهرت قبل العادة جاز لزوجها جماعها بدون كراهة. وأما في النفاس إذا طهرت قبل الأربعين فيكره لزوجها جماعها على المشهور في المذهب، والصواب أنه لا يكره له جماعها. وهو قول جمهور العلماء، لان الكراهة حكم الإمام أحمد عن عثمان بن أبي العاص أنها أتته قبل الأربعين، فقال لا تقربيني. وهذا لا يستلزم الكراهة لأنه قد يكون منه على سبيل الاحتياط خوفاً من أنها لم تتيقن الطهر، أو من أن يتحرك الدم بسبب الجماع، أو لغير ذلك من الأسباب، والله أعلم.

•• الفصل السابع ••
في استعمال ما يمنع الحيض أو يجلبه،وما يمنع الحمل أو يسقطه
استعمال المرأة ما يمنع حيضها جائز بشرطين:

- الأول: ألا يخشى الضرر عليها، فإن خشي الضرر عليها من ذلك فلا يجوز لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (سورة البقرة، الآية 195 )، {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} (سورة النساء، الآية 29 ).

- الثاني: أن يكون ذلك بإذن الزوج إن كان له تعلق به مثل أن تكون معتدة منه على وجه تجب عليه نفقتها، فتستعمل ما يمنع الحيض لتطول المدة وتزداد عليه نفقتها، فلا يجوز لها أن تستعمل ما يمنع الحيض حينئذ إلا بإذنه، وكذلك إن ثبت أن منع الحيض يمنع الحمل فلا بد من إذن الزوج، وحيث ثبت الجواز فالأولى عدم استعماله، إلا لحاجة لأن ترك الطبيعة على ما هي عليه أقرب إلى اعتدال الصحة فالسلامة.

* وأما استعمال ما يجلب الحيض فجائز بشرطين أيضاً:

- الأول: ألا تتحيل به على إسقاط واجب، مثل أن تستعمله قرب رمضان، من أجل أن تفطر أو لتسقط به الصلاة، ونحو ذلك.

- الثاني: أن يكون ذلك بإذن الزوج، لأن حصول الحيض يمنعه من كمال الاستمتاع، فلا يجوز استعمال ما يمنع حقه إلا برضاه، وإن كانت مطلقة، فإن فيه تعجيل إسقاط حق الزوج من الرجعة إن كان له رجعة.

* وأما استعمال ما يمنع الحمل فعلى نوعين:
- لأول: أن يمنعه منعاً مستمراً فهذا لا يجوز، لأنه يقطع الحمل فيقل النسل، وهو خلاف مقصود الشارع، من تكثير الأمة الإسلامية، ولأنه لا يؤمن أن يموت أولادها الموجودون فتبقى أرملة لا أولاد لها.

- الثاني: أن يمنعه منعاً مؤقتاً، مثل أن تكون المرأة كثيرة الحمل، والحمل يرهقها، فتحب أن تنظم حملها كل سنتين مرة أو نحو ذلك فهذا جائز، بشرط أن يأذن به زوجها وألا يكون به ضرر عليها، ودليله أن الصحابة كانوا يعزلون عن نسائهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل ألا تحمل نساؤهم، فلم ينهوا عن ذلك. والعزل أن يجامع زوجته وينزع عند الإنزال فينزل خارج الفرج.

* وأما استعمال ما يسقط الحمل فهو على نوعين:
- الأول: أن يقصد من إسقاطه إتلافه، فهذا إن كان بعد نفخ الروح فيه فهو حرام، بلا ريب، لأنه قتل نفس محرمة بغير حق وقتل النفس المحرمة حرام بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين. وإن كان قبل نفخ الروح فيه فقد اختلف العلماء في جوازه، فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه، ومنهم من قال يجوز ما لم يكن علقه، أي ما لم يمض عليه أربعون يوماً، ومنهم من قال يجوز ما لم يتبين فيه خلق إنسان.
والأحوط المنع من إسقاطه إلا لحاجة كأن تكون الأم مريضة لا تتحمل الحمل أو نحو ذلك، فيجوز إسقاطه حينئذ إلا إن مضى عليه زمن يمكن أن يتبين فيه خلق إنسان فيمنع. والله أعلم.

- الثاني: ألا يقصد من إسقاطه إتلافه بأن تكون محاولة إسقاطه عند انتهاء مدة الحمل وقرب الوضع فهذا جائز، بشرط ألا يكون في ذلك ضرر على الأم، ولا على الولد، وألا يحتاج الأمر إلى عملية، فإن احتاج إلى عملية فله حالات أربع:

- الأولى: أن تكون الأم حية والحمل حياَ، فلا تجوز العملية إلا للضرورة، بأن تتعسر ولادتها فتحتاج إلى عملية، وذلك لأن الجسم أمانة عند العبد، فلا يتصرف فيه بما يخشى منه إلا لمصلحة كبرى؛ ولأنه ربما يظن ألا ضرر في العملية فيحصل الضرر.

- الثاني: أن تكون الأم ميتة والحمل ميتاً، فلا يجوز إجراء العملية لإخراجه لعدم الفائدة.

- الثالثة: أن تكون الأم حية والحمل ميتاً، فيجوز إجراء العملية لإخراجه، إلا أن يخشى الضرر على الأم لأن الظاهر -والله أعلم- أن الحمل إذا مات لا يكاد يخرج بدون العملية، فاستمراره في بطنها يمنعها من الحمل المستقبل، ويشق عليها، وربما تبقى أيماً إذا كانت معتدة من زوج سابق.

- الرابع: أن تكون الأم ميتة والحمل حياً، فإن كان لا ترجى حياته لم يجز إجراء العملية، وإن كان ترجى حياته، فإن كان قد خرج بعضه شق بطن الأم لإخراج باقيه، وإن لم يخرج منه شيء، فقد قال أصحابنا رحمهم الله لا يشق بطن الأم لإخراج الحمل، لأن ذلك مثله، والصواب أنه يشق البطن إن لم يكن إخراجه بدونه، وهذا اختيار ابن خبيرة قال في الإنصاف (2: 556 )، وهو أولى.
قلت: ولا سيما في وقتنا هذا فإن إجراء العملية ليس بمثله، لأنه يشق البطن ثم يخاط، ولأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت، ولأن إنقاذ المعصوم من الهلكة واجب. والحمل إنسان معصوم فوجب إنقاذه. والله أعلم.

تنبيه: في الحالات التي يجوز فيها إسقاط الحمل فيما لابد من إذن من له الحمل في ذلك كالزوج.

وإلى هنا انتهى ما أردنا كتابته في هذا الموضوع المهم، وقد اقتصرنا فيه على أصول المسائل وضوابطها وإلا ففروعها وجزئياتها وما يحدث للنساء من ذلك بحر لا ساحل لـه، ولكن البصير يستطيع أن يرد الفروع إلى أصولها والجزئيات إلى كلياتها وضوابطها، ويقيس الأشياء بنظائرها.

وليعلم المفتي بأنه واسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ ما جاءت به رسله، وبيانه للخلق، وأنه مسئول عما في الكتاب والسنة، فإنهما المصدران اللذان كلف العبد فهمهما، والعمل بهما، وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو خطأ، يجب رده على قائله، ولا يجوز العمل به، وإن كان قائله قد يكون معذوراً مجتهداً فيؤجر على اجتهاده لكن غيره العالم بخطئه لا يجوز له قبوله.

ويجب على المفتي أن يخلص النية لله تعالى، ويستعين به في كل حادثة تقع به، ويسأله تعالى الثبات والتوفيق للصواب.

ويجب عليه أن يكون موضع اعتباره ما جاء في الكتاب والسنة، فينظر ويبحث في ذلك أو فيما يستعان به من كلام أهل العلم على فهمهما.

وإنه كثيراً ما تحدث مسألة من المسائل، فيبحث عنها الإنسان فيما يقدر عليه من كلام أهل العلم، ثم لا يجد ما يطمئن إليه في حكمها، وربما لا يجد لها ذكراً بالكلية، فإذا رجع إلى الكتاب والسنة، تبين له حكمهما قريباً ظاهراً وذلك بحسب الإخلاص والعلم والفهم.

* ويجب على المفتي أن يتريث في الحكم عند الإشكال، وألا يتعجل، فكم من حكم تعجل فيه، ثم تبين له بعد النظر القريب، أنه مخطئ فيه، فيندم على ذلك، وربما لا يستطيع أن يستدرك ما أفتى به.

والمفتي إذا عرف الناس منه التأني والتثبت وثقوا بقوله واعتبروه، وإذا رأوه متسرعاً، والمتسرع كثير الخطأ، لم يكن عندهم ثقة فيما يفتي به فيكون بتسرعه وخطئه قد حرم نفسه وحرم غيره ما عنده من علم وصواب.

نسأل الله تعالى أن يهدينا وإخواننا المسلمين صراطه المستقيم. وأن يتولانا بعنايته، ويحفظنا من الزلل برعايته، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم، على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13-09-2008, 10:11 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

رسالة في الدماء الطبيعية للنساء

المفتي: محمد بن صالح العثيمين الإجابة:
•• الفصل الرابع ••
في أحكام الحيض
للحيض أحكام كثيرة تزيد على العشرين، نذكر منها ما نراه كثير الحاجة، فمن ذلك:
الأول: الصلاة:
فيحرم على الحائض الصلاة فرضها ونفلها ولا تصح منها، وكذلك لا تجب عليها الصلاة إلا أن تدرك من وقتها مقدار ركعة كاملة، فتجب عليها الصلاة حينئذ، سواء أدركت ذلك من أول الوقت أم من آخره.
مثال ذلك من أوله: امرأة حاضت بعد غروب الشمس بمقدار ركعة فيجب عليها إذا طهرت قضاء صلاة المغرب لأنها أدركت من وقتها قدر ركعة قبل أن تحيض.
ومثال ذلك من آخره: امرأة طهرت من الحيض قبل طلوع الشمس بمقدار ركعة فيجب عليها إذا تطهرت قضاء صلاة الفجر، لأنها أدركت من وقتها جزءاً يتسع لركعة.
أما إذا أدركت الحائض من الوقت جزءاً لا يتسع لركعة كاملة، مثل أن تحيض في المثال الأول بعد الغروب بلحظة أو تطهر في المثال الثاني قبل طلوع الشمس بلحظة، فإن الصلاة لا تجب عليها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" (متفق عليه)، فإن مفهومه أن من أدرك ركعة لم يكن مدركاً للصلاة.

* وإذا أدركت ركعة من وقت صلاة العصر فهل تجب عليها صلاة الظهر مع العصر، أو أدركت ركعة من وقت صلاة العشاء الآخرة، فهل تجب عليها صلاة المغرب مع العشاء؟

في هذا خلاف بين العلماء، والصواب أنه لا يجب عليها إلا ما أدركت وقته، وهي صلاة العصر والعشاء الآخرة فقط، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" (متفق عليه)، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: "فقد أدرك الظهر والعصر"، ولم يذكر وجوب الظهر عليه، والأصل براءة الذمة وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك حكاه عنهما في شرح المهذب شرح (المهذب 3: 70 ).

* وأما الذكر والتكبير والتسبيح والتحميد، والتسمية على الأكل وغيره، وقراءة الحديث والفقه والدعاء والتأمين عليه واستماع القرآن فلا يحرم عليها شيء من ذلك، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكيء في حجر عائشة رضي الله عنها، وهي حائض فيقرأ القرآن.
وفي الصحيحين أيضاً عن أم عطية رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرج العواتق وذوات الخدور والحيض -يعني إلى صلاة العيدين- وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحيض المصلى".

* فأما قراءة الحائض القرآن الكريم بنفسها، فإن كان نظراً بالعين أو تأملاً بالقلب بدون نطق باللسان فلا بأس بذلك، مثل أن يوضع المصحف أو اللوح فتنظر إلى الآيات وتقرأها بقلبها، قال النووي في شرح المهذب: (شرح المهذب 2: 372 ) "جايز بلا خلاف"، وأما إن كانت قراءتها نطقاً باللسان فجمهور العلماء على أنه ممنوع وغير جائز.
وقال البخاري وابن جرير الطبري، وابن المنذر: هو جائز، وحكي عن مالك وعن الشافعي في القول القديم حكاه عنهما في فتح الباري (فتح الباري 1: 408)، وذكر البخاري تعليقاً عن إبراهيم النخعي لا بأس أن تقرأ الآية.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى مجموعة ابن قاسم (ج 26: 191): "ليس في منعها من القرآن سنة أصلاً، فإن قوله: "لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن" حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث، وقد كان النساء يحضن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كانت القراءة محرمة عليهن كالصلاة، لكان هذا مما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وتعلمه أمهات المؤمنين وكان ذلك مما ينقلونه في الناس، فلما لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نهياً لم يجز أن تجعل حراماً، مع العلم أنه لم ينه عن ذلك، وإذا لم ينه عنه مع كثرة الحيض في زمنه علم أنه ليس بمحرم".أ.هـ.

* والذي ينبغي بعد أن عرفنا نزاع أهل العلم أن يقال: الأولى للحائض ألا تقرأ القرآن الكريم نطقاً باللسان إلا عند الحاجة لذلك، مثل أن تكون معلمة فتحتاج إلى تلقين المتعلمات، أو في حال الاختبار فتحتاج المتعلمة إلى القراءة لاختبارها أو نحو ذلك.

الحكم الثاني: الصيـام:
فيحرم على الحائض الصيام فرضه ونفله، ولا يصح منها لكن يجب عليها قضاء الفرض منه لحديث عائشة رضي الله عنها: "كان يصيبنا ذلك -تعني الحيض- فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" (متفق عليه)، وإذا حاضت وهي صائمة بطل صيامها ولو كان ذلك قبيل الغروب بلحظة، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم إن كان فرضاً.
أما إذا أحست بانتقال الحيض قبل الغروب لكن لم يخرج إلا بعد الغروب فإن صومها تام ولا يبطل على القول الصحيح، لأن الدم في باطن الجوف لا حكم له، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل هل عليها من غسل؟ قال: "نعم إذا هي رأت الماء"، فعلق الحكم برؤية المني لا بانتقاله، فكذلك الحيض لا تثبت أحكامه إلا برؤيته خارجاً لا بانتقاله.
وإذا طلع الفجر وهي حائض لم يصح منها صيام ذلك اليوم ولو طهرت بعد الفجر بلحظة.

وإذا طهرت قبيل الفجر فصامت صح صومها، وإن لم تغتسل إلا بعد الفجر، كالجنب إذا نوى الصيام وهو جنب ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر فإن صومه صحيح، لحديث عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصبح جنباً من جماع غير احتلام ثم يصوم في رمضان" (متفق عليه).

الحكم الثالث: الطواف بالبيت:
فيحرم عليها الطواف بالبيت، فرضه ونفله، ولا يصح منها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت: "افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري".
وأما بقية الأفعال كالسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة ومنى، ورمي الجمار وغيرها من مناسك الحج والعمرة فليست حراماً عليها، وعلى هذا فلو طافت الأنثى وهي طاهر ثم خرج الحيض بعد الطواف مباشرة، أو في أثناء السعي فلا حرج في ذلك.

الحكم الرابع: سقوط طواف الوداع عنها:
فإذا أكملت الأنثى مناسك الحج والعمرة، ثم حاضت قبل الخروج إلى بلدها واستمر بها الحيض إلى خروجها، فإنها تخرج بلا وداع، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" (متفق عليه).

* ولا يستحب للحائض عند الوداع أن تأتي إلى باب المسجد الحرام وتدعو، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم والعبادات مبنية على الوارد بل الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي خلاف ذلك، ففي قصة صفية رضي الله عنها حين حاضت بعد طواف الإفاضة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "فلتنفر إذن" (متفق عليه)، ولم يأمرها بالحضور إلى باب المسجد ولو كان ذلك مشروعاً لبينه.
وأما طواف الحج والعمرة فلا يسقط عنها بل تطوف إذا طهرت.

الحكم الخامس: المكث في المسجد:
فيحرم على الحائض أن تمكث في المسجد حتى مصلى العيد يحرم عليها أن تمكث فيه، لحديث أم عطية رضي الله عنها: أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرج العواتق وذوات الخدور والحيض"، وفيه: "يعتزل الحيض المصلى" (متفق عليه).

الحكم السادس: الجماع:
فيحرم على زوجها أن يجامعها، ويحرم عليها تمكينه من ذلك، لقوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (سورة البقرة الآية 222 ).
والمراد بالمحيض زمان الحيض ومكانه وهو الفرج.

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح"، يعني الجماع (رواه مسلم).

ولأن المسلمين أجمعوا على تحريم وطء الحائض في فرجها.

فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم على هذا الأمر المنكر الذي دل على المنع منه كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين، فيكون ممن شاق الله ورسوله واتبع غير سبيل المؤمنين، قال في المجموع شرح المهذب ص 374 ج 2 قال الشافعي: "من فعل ذلك فقد أتى كبيرة"، قال أصحابنا وغيرهم: "من استحل وطأ الحائض حكم بكفره".أ.هـ كلام النووي.

وقد أبيح له ولله الحمد ما يكسر به شهوته دون الجماع، كالتقبيل والضم والمباشرة فيما دون الفرج، لكن الأولى ألا يباشر فيما بين السرة والركبة إلا من وراء حائل، لقول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم، يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض (متفق عليه).

الحكم السابع: الطلاق:
فيحرم على الزوج طلاق الحائض حال حيضها، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (سورة الطلاق، الآية 1)، أي في حال يستقبلن به عدة معلومة حين الطلاق، ولا يكون ذلك إلا إذا طلقها حاملاً أو طاهراً من غير جماع، لأنها إذا طلقت حال الحيض لم تستقبل العدة حيث إن الحيضة التي طلقت فيها لا تحسب من العدة، وإذا طلقت طاهراً بعد الجماع لم تكن العدة التي تستقبلها معلومة حيث إنه لا يعلم هل حملت من هذا الجماع، فتعتد بالحمل، أو لم تحمل فتعتد بالحيض، فلما لم يحصل اليقين من نوع العدة حرم عليه الطلاق حتى يتبين الأمر.

فطلاق الحائض حال حيضها حرام للآية السابقة، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فأخبر عمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقال: "مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء".

فلو طلق الرجل امرأته وهي حائض فهو آثم، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يرد المرأة إلى عصمته ليطلقها طلاقاً شرعياً موافقاً لأمر الله ورسوله، فيتركها بعد ردها حتى تطهر من الحيضة التي طلقها فيها، ثم تحيض مرة أخرى، ثم إذا طهرت فإن شاء أبقاها وإن شاء طلقها قبل أن يجامعها.

ويستثنى من تحريم الطلاق في الحيض ثلاث مسائل.
- الأولى: إذا كان الطلاق قبل أن يخلو بها، أو يمسها فلا بأس أن يطلقها وهي حائض، لأنه لا عدة عليها حينئذ، فلا يكون طلاقها مخالفاً لقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (سورة الطلاق، الآية 1 ).
- الثانية: إذا كان الحيض في حال الحمل، وسبق بيان سبب ذلك.
- الثالثة: إذا كان الطلاق على عوض، فإنه لا بأس أن يطلقها وهي حائض.
مثل أن يكون بين الزوجين نزاع وسوء عشرة فيأخذ الزوج عوضاً ليطلقها، فيجوز ولو كانت حائضاً. لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "يا رسول الله إني ما اعتب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتردين عليه حديقته؟" قالت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" (رواه البخاري)، ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل كانت حائضاً أو طاهراً، ولأن هذا الطلاق افتداء من المرأة عن نفسها فجاز عند الحاجة إليه على أي حال كان.

قال في المغني معللاً جواز الخلع حال الحيض ص 52 ج 7 ط م: "لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الشرر الذي يلحقها بطول العدة، والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وتبغضه، وذلك أعظم من ضرر طول العدة، فجاز دفع أعلاهما بأدناهما، ولذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة عن حالها".أ.هـ كلامه.

وأما عقد النكاح على المرأة وهي حائض فلا بأس به لأن الأصل الحل، ولا دليل على المنع منه، لكن إدخال الزوج عليها وهي حائض ينظر فيه فإن كان يؤمن من أن يطأها فلا بأس، وإلا فلا يدخل عليها حتى تطهر خوفاً من الوقوع في الممنوع.

الحكم الثامن: اعتبار عدة الطلاق به -أي الحيض-
فإذا طلق الرجل زوجته بعد أن مسها أو خلا بها وجب عليها أن تعتد بثلاث حيض كاملة، إن كانت من ذوات الحيض، ولم تكن حاملاً لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} (سورة البقرة، الآية 228 )، أي ثلاث حيض. فإن كانت حاملاً فعدتها إلى وضع الحمل كله، سواء طالت المدة أو قصرت لقوله تعالى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (سورة الطلاق، الآية 4 )، وإن كانت من غير ذوات الحيض لكبر أو عملية استأصلت رحمها أو غير ذلك مما لا ترجو معه رجوع الحيض، فعدتها ثلاثة أشهر لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} (سورة الطلاق، الآية 4 )، وإن كانت من ذوات الحيض لكن ارتفع حيضها لسبب معلوم كالمرض والرضاع فإنها تبقى في العدة وإن طالت المدة حتى يعود الحيض فتعتد به، فإن زال السبب ولم يعد الحيض بأن برئت من المرض أو انتهت من الرضاع وبقي الحيض مرتفعاً فإنها تعتد بسنة كاملة من زوال السبب، هذا هو القول الصحيح، الذي ينطبق على القواعد الشرعية، فإنه إذا زال السبب ولم يعد الحيض صارت كمن ارتفع حيضها لغير سبب معلوم وإذا ارتفع حيضها لغير سبب معلوم، فإنها تعتد بسنة كاملة تسعة أشهر للحمل احتياطاً غالب الحمل، وثلاثة أشهر للعدة.

* أما إذا كان الطلاق بعد العقد وقبل المسيس والخلوة، فليس فيه عدة إطلاقاً، لا بحيض ولا غيره لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (سورة الأحزاب، الآية: 49 ).

الحكم التاسع: الحكم ببراءة الرحم:
أي بخلوه من الحمل، وهذا يحتاج إليه كلما احتيج إلى الحكم ببراءة الرحم وله مسائل:

منها: إذا مات شخص عن امرأة يرثه حملها، وهي ذات زوج، فإن زوجها لا يطأها حتى تحيض، أو يتبين حملها، فإن تبين حملها، حكمنا بإرثه، لحكمنا بوجوده حين موت مورثه، وإن حاضت حكمنا بعدم إرثه لحكمنا ببراءة الرحم بالحيض.

الحكم العاشر: وجوب الغسل:
فيجب على الحائض إذا طهرت أن تغتسل بتطهير جميع البدن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي" (رواه البخاري).

* وأقل واجب في الغسل أن تعم به جميع بدنها حتى ما تحت الشعر، والأفضل أن يكون على صفة ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث سألته أسماء بنت شكل عن غسل المحيض فقال صلى الله عليه وسلم: "تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً، حتى تبلغ شئون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة -أي قطعة قماش فيها مسك فتطهر بها- فقالت أسماء كيف تطهر بها؟ فقال سبحان الله فقالت عائشة لها تتبعين أثر الدم" (رواه مسلم 1: 179).

* ولا يجب نقض شعر الرأس، إلا أن يكون مشدوداً بقوة بحيث يخشى ألا يصل الماء إلى أصوله، لما في صحيح مسلم (1: 178 ) من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ وفي رواية للحيضة والجنابة؟ فقال: "لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين".

وإذا طهرت الحائض في أثناء وقت الصلاة وجب عليها أن تبادر بالاغتسال لتدرك أداء الصلاة في وقتها، فإن كانت في سفر وليس عندها ماء أو كان عندها ماء ولكن تخاف الضرر باستعماله، أو كانت مريضة يضرها الماء فإنها تتيمم بدلاً عن الاغتسال حتى يزول المانع ثم تغتسل.

وإن بعض النساء تطهر في أثناء وقت الصلاة، وتؤخر الاغتسال إلى وقت آخر تقول: إنه لا يمكنها كمال التطهر في هذا الوقت، ولكن هذا ليس بحجة ولا عذر لأنها يمكنها أن تقتصر على أقل الواجب في الغسل، وتؤدي الصلاة في وقتها، ثم إذا حصل لها وقت سعة تطهرت التطهر الكامل.


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13-09-2008, 10:13 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

رسالة في الدماء الطبيعية للنساء

المفتي: محمد بن صالح العثيمين الإجابة:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً، أما بعد:

فإن الدماء التي تصيب المرأة وهي الحيض، والاستحاضة، والنفاس، من الأمور المهمة التي تدعو الحاجة إلى بيانها ومعرفة أحكامها، وتمييز الخطأ من الصواب من أقوال أهل العلم فيها، وأن يكون الاعتماد فيها يرجح من ذلك أو يضعف على ضوء ما جاء في الكتاب والسنة:
1 - لأنهما المصدران الأساسيان اللذان تبنى عليهما أحكام الله تعالى التي تعبّد بها عباده وكلفهم بها.
2 - في الاعتماد على الكتاب والسنة طمأنينة القلب وانشراح الصدر وطيب النفس وبراءة الذمة.
3 - ما عداهما فإنما يحتج له ولا يحتج به، إذ لا حجة في كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك كلام أهل العلم من الصحابة على القول الراجح، بشرط ألا يكون في الكتاب والسنة ما يخالفه، وأن لا يعارضه قول صحابي آخر، فإن كان في الكتاب والسنة ما يخالفه وجب الأخذ بما في الكتاب والسنة، وإن عارضه قول صحابي آخر طلب الترجيح بين القولين، وأخذ بالراجح منهما، لقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}.
وهذه رسالة موجزة فيما تدعو الحاجة إليه من بيان هذه الدماء وأحكامها، وتشتمل على الفصول الآتية:

• الفصل الأول: في معنى الحيض وحكمته.
• الفصل الثاني: في زمن الحيض ومدته.
• الفصل الثالث: في الطوارئ على الحيض.
• الفصل الرابع: في أحكام الحيض.
• الفصل الخامس: في الاستحاضة وأحكامها.
• الفصل السادس: في النفاس وأحكامه.
• الفصل السابع: في استعمال ما يمنع الحيض أو يجلبه، وما يمنع الحمل أو يسقطه.

•• الفصل الأول ••
في معنى الحيض وحكمته
الحيض لغة: سيلان الشيء وجريانه.
وفي الشرع: دم يحدث للأنثى بمقتضى الطبيعة، بدون سبب، في أوقات معلومة.
فهو دم طبيعي ليس له سبب من مرض أو جرح أو سقوط أو ولادة. وبما أنه دم طبيعي فإنه يختلف بحسب حال الأنثى وبيئتها وجوها، ولذلك تختلف فيها النساء اختلافاً متبايناً ظاهراً.

والحكمة فيه أنه لما كان الجنين في بطن أمه لا يمكن أن يتغذى بما يتغذى به من كان خارج البطن، ولا يمكن لأرحم الخلق به أن يوصل إليه شيئاً من الغذاء، حينئذ جعل الله تعالى في الأنثى إفرازات دموية يتغذى بها الجنين في بطن أمه بدون حاجة إلى أكل وهضم تنفذ إلى جسمه عن طريق السرة حيث يتخلل الدم عروقه فيتغذى به، فتبارك الله أحسن الخالقين. فهذه هي الحكمة في هذا الحيض، ولذلك إذا حملت المرأة انقطع الحيض عنها، فلا تحيض إلا نادراً، وكذلك المراضع يقل من تحيض منهن لاسيما في أول زمن الإرضاع.

•• الفصل الثاني ••
في زمن الحيض ومدتهالكلام في هذا الفصل في مقامين:
- المقام الأول: في السن الذي يأتي فيه الحيض.
- المقام الثاني: في مدة الحيض.

المقام الأول: فالسن الذي يغلب فيه الحيض هو ما بين اثني عشرة سنة إلى خمسين سنة، وربما حاضت الأنثى قبل ذلك أو بعده بحسب حالها وبيئتها وجوها.

وقد اختلف العلماء رحمهم الله: هل للسن الذي يأتي فيه الحيض حد معين بحيث لا تحيض الأنثى قبله ولا بعده، وأن ما يأتيها قبله أو بعده فهو دم فساد لا حيض؟
اختلف العلماء في ذلك. قال الدرامي بعد أن ذكر الاختلافات: كل هذا عندي خطأ لأن المرجع في جميع ذلك إلى الوجود، فأي قدر وجد في أي حال وسن وجب جعله حيضاً، والله أعلم. (المجموع شرح المهذب 1: 386)

وهذا الذي قاله الدرامي هو الصواب، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، فمتى رأت الأنثى الحيض فهي حائض وإن كانت دون تسع سنين أو فوق خمسين، وذلك لأن أحكام الحيض علقها الله ورسوله على وجوده، ولم يحدد الله ورسوله لذلك سناً معيناً، فوجب الرجوع فيه إلى الوجود الذي علقت الأحكام عليه، وتحديده بسن معين يحتاج إلى دليل من الكتاب أو السنة ولا دليل في ذلك.

المقام الثاني: وهو مدة الحيض أي مقدار زمنه.
فقد اختلف فيه العلماء اختلافاً كثيراً على نحو ستة أقوال أو سبعة. قال ابن المنذر: وقالت طائفة: "وليس لأقل الحيض ولا لأكثره حد بالأيام"، قلت: وهذا القول كقول الدارمي السابق وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الصواب لأنه يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار.
فالدليل الأول قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (سورة البقرة، الآية: 222)، فجعل الله غاية المنع هي الطهر، ولم يجعل الغاية مضي يوم وليلة ولا ثلاثة أيام ولا خمسة عشر يوماً، فدل هذا على أن على الحكم هي الحيض وجوداً وعدماً، فمتى وجد الحيض ثبت الحكم ومتى طهرت منه زالت أحكامه.
الدليل الثاني: ما ثبت في صحيح مسلم (ج 4 ص 30) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة وقد حاضت وهي محرمة بالعمرة: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري"، قالت: فلما كان يوم النحر طهرت... (الحديث). وفي صحيح البخاري (3: 610 باب أجرة العمرة على قدر النصب) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "انتظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم"، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم غاية المنع الطهر ولم يجعل الغاية زمناً معيناً، فدل هذا على أن الحكم يتعلق بالحيض وجوداً وعدماً.
الدليل الثالث: أن هذه التقديرات والتفصيلات التي ذكرها من ذكرها من الفقهاء في هذه المسألة ليست موجودة في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن الحاجة بل الضرورة داعية إلى بيانها، فلو كانت مما يجب على العباد فهمه والتعبد لله به لبينها الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، بياناً ظاهراً لكل أحد، لأهمية الأحكام المترتبة على ذلك من الصلاة والصيام والنكاح والطلاق والإرث وغيرها من الأحكام، كما بين الله ورسوله عدد الصلوات وأوقاتها وركوعها وسجودها، والزكاة: أموالها وأنصباؤها ومقدارها ومصرفها، والصيام: مدته وزمنه، والحج وما دون ذلك، حتى آداب الأكل والشرب والنوع والجماع والجلوس ودخول البيت والخروج منه وآداب قضاء الحاجة، حتى عدد مسحات الاستجمار إلى غير ذلك من دقيق الأمور وجليلها، مما أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة على المؤمنين، كما قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً ِكُلِّ شَيْءٍ} (سورة النحل، الآية: 89 )، وقال تعالى: {مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ} (سورة يوسف، الآية: 111 ).

فلما لم توجد هذه التقديرات والتفصيلات في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم تبين أن لا تعويل عليها، وإنما التعويل على مسمى الحيض الذي علقت عليها الأحكام الشرعية وجوداً وعدماً، وهذا الدليل -أعنى أن عدم ذكر الحكم في الكتاب والسنة، دليل على عدم اعتباره- ينفعك في هذه المسألة وغيرها من مسائل العلم لأن الأحكام الشرعية لا تثبت إلا بدليل من الشرع من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو إجماع معلوم، أو قياس صحيح. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في قاعدة له: "ومن ذلك اسم الحيض علق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنة، ولم يقدر لا أقله ولا أكثره، ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى الأمة بذلك واحتياجهم إليه، واللغة لا تفرق بين قدر وقدر، فمن قدر في ذلك حداً فقد خالف الكتاب والسنة". انتهى كلامه (ص 35 من رسالة في الأسماء التي علق الشارع الأحكام بها ).
الدليل الرابع: الاعتبار أي القياس الصحيح المطرد، وذلك أن الله تعالى علل الحيض بكونه أذى، فمتى وجد الحيض فالأذى موجود، لا فرق بين اليوم الثاني واليوم الأول، ولا بين الرابع والثالث، ولا فرق بين اليوم السادس عشر والخامس عشر، ولا بين الثامن عشر والسابع عشر، فالحيض هو الحيض، والأذى هو الأذى.

فالعلة موجودة في اليومين على حد سواء، فكيف يصح التفريق في الحكم بين اليومين مع تساويهما في العلة؟! أليس هذا خلاف القياس الصحيح؟! أوليس القياس الصحيح تساوي اليومين في الحكم لتساويهما في العلة؟!
الدليل الخامس: اختلاف أقوال المحددين واضطرابها، فإن ذلك يدل على أن ليس في المسألة دليل يجب المصير إليه، وإنما هي أحكام اجتهادية معرضة للخطأ والصواب، ليس أحدهما أولى بالاتباع من الآخر، والمرجع عند النزاع إلى الكتاب والسنة.

فإذا تبين قوة القول إنه لا حد لأقل الحيض ولا لأكثره وإنه القول الراجح، فاعلم أن كل ما رأته المرأة من دم طبيعي ليس له سبب من جرح ونحوه فهو دم الحيض من غير تقدير بزمن أو سن إلا أن يكون مستمراً على المرأة لا ينقطع أبداً أو ينقطع مدة يسيرة كاليوم واليومين في الشهر، فيكون استحاضة، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان الاستحاضة وأحكامها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والأصل في كل ما يخرج من الرحم أنه حيض، حتى يقوم دليل على أنه استحاضة" (المصدر السابق ص 36 )، وقال أيضاً: "فما وقع من دم فهو حيض، إذا لم يعلم أنه دم عرق أو جرح".أ.هـ. (المصدر السابق ص 38 ).
وهذا القول كما أنه هو الراجح من حيث الدليل، فهو أيضاً أقرب فهماً وإدراكاً وأيسر عملاً وتطبيقاً، مما ذكره المحددون، وما كان كذلك فهو أولى بالقبول لموافقته لروح الدين الإسلامي وقاعدته، وهي اليسر والسهولة، قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (سورة الحج، الآية: 78 )، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا" (رواه البخاري)، وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم، أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً.

•• حيض الحامل ••
الغالب الكثير أن الأنثى إذا حملت انقطع الدم عنها، قال الإمام أحمد رحمه الله: "إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الدم"، إذا رأت الحامل الدم فإن كان قبل الوضع بزمن يسير كاليومين أو الثلاثة ومعه طلق فهو نفاس، وإن كان قبل الوضع بزمن كثير أو قبل الوضع بزمن يسير لكن ليس معه طلق فليس بنفاس، لكن هل يكون حيضاً تثبت له أحكام الحيض أو يكون دم فساد لا يحكم له بأحكام الحيض؟
في هذا خلاف بين أهل العلم.

والصواب أنه حيض إذا كان على الوجه المعتاد في حيضها لأن الأصل فيما يصيب المرأة من الدم أنه حيض، إذا لم يكن له سبب يمنه من كونه حيضاً، وليس في الكتاب والسنة ما يمنع حيض الحامل.
وهذا هو مذهب مالك والشافعي واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، قال في (الاختيارات ص 30): "وحكاه البيهقي رواية عن أحمد، بل حكى أنه رجع إليه".أ.هـ. وعلى هذا فيثبت لحيض الحامل ما يثبت لحيض غير الحامل إلا في مسألتين:

- المسألة الأولى: الطلاق، فيحرم طلاق من تلزمها عدة حال الحيض في غير الحامل، ولا يحرم في الحامل، لأن الطلاق في الحيض في غير الحامل مخالف لقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (سورة الطلاق، الآية: 1 )، أما طلاق الحامل حال الحيض فلا يخالفه، لأن من طلق الحامل فقد طلقها لعدتها، سواء كانت حائضاً أم طاهراً، لأن عدتها بالحمل، ولذلك لا يحرم عليه طلاقها بعد الجماع بخلاف غيرها.

- المسألة الثانية: عدة الحامل لا تنقضي إلا بوضع الحمل، سواء كانت تحيض أم لا، لقوله تعالى: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (سورة الطلاق، الآية: 4 ).

•• الفصل الثالث ••
في الطوارئ على الحيض
الطوارئ على الحيض أنواع:
- النوع الأول: زيادة أو نقص، مثل أن تكون عادة المرأة ستة أيام، فيستمر بها الدم إلى سبعة، أو تكون عادتها في أول الشهر فتراه في آخره. وقد اختلف أهل العلم في حكم هذين النوعين، والصواب أنها متى رأت الدم فهي حائض ومتى طهرت منه فهي طاهر سواء زادت عن عادتها أم نقصت، وسواء تقدمت أم تأخرت، وسبق ذكر الدليل على ذلك في الفصل قبله، حيث علق الشارع أحكام الحيض بوجوده.

وهذا مذهب الشافعي، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقواه صاحب المغني فيه ونصره، وقال: (المغني 1: 353 ) "ولو كانت العادة معتبرة على الوجه المذكور في المذهب لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، ولما وسعه تأخير بيانه، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقته، وأزواجه وغيرهن من النساء يحتجن إلى بيان ذلك في كل وقت، لم يكن ليغفل بيانه، وما جاء عنه صلى الله عليه وسلم ذكر العادة ولا بيانها إلا في حق المستحاضة لا غير".أ.هـ.

- النوع الثالث: صفرة أو كدرة، بحيث ترى الدم أصفر، كماء الجروح، أو متكدراً بين الصفرة والسواد، فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلاً به قبل الطهر فهو حيض تثبت له أحكام الحيض، وإن كان بعد الطهر فليس بحيض، لقول أم عطية رضي الله عنها: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً" (رواه أبو داود بسند صحيح)، ورواه أيضاً البخاري بدون قولها بعد الطهر، لكنه ترجم له بقوله باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض. قال في شرحه فتح الباري: "يشير بذلك إلى الجمع بين حديث عائشة المتقدم في قولها حتى ترين القصة البيضاء وبين حديث أم عطية المذكور في الباب، بأن ذلك أي حديث عائشة محمول على ما إذا رأت الصفرة والكدرة في أيام الحيض، وأما في غيرها فعلى ما قالت أم عطية".أ.هـ. وحديث عائشة الذي أشار إليه هو ما علقه البخاري جازماً به قبل هذا الباب، أن النساء كن يبعثن إليها بالدرجة: (شيء تحتشي به المرأة لتعرف هل بقي من أثر الحيض شيء) فيها الكرسف (القطن) فيه الصفرة فتقول: "لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء"، والقصة البيضاء ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض.

- النوع الرابع: تقطع في الحيض، بحيث ترى يوماً دماً، ويوماً نقاءً ونحو ذلك فهذان حالان:
* الحال الأول: أن يكون هذا مع الأنثى دائماً كل وقتها، فهذا دم استحاضة يثبت لمن تراه حكم المستحاضة.
* الحال الثاني: ألا يكون مستمراً مع الأنثى بل يأتيها بعض الوقت، ويكون لها وقت طهر صحيح. فقد اختلف العلماء رحمهم الله في هذا النقاء. هل يكون طهراً أو ينسحب عليه أحكام الحيض؟

فمذهب الشافعي في أصح قوليه أنه ينسحب عليه أحكام الحيض فيكون حيضاً، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وصاحب (الفائق) (نقل عنهما في الإنصاف )، ومذهب أبي حنيفة، وذلك لأن القصة البيضاء لا ترى فيه، ولأنه لو جعل طهراً لكان ما قبله حيضة، وما بعده حيضة، ولا قائل به، وإلا لانقضت العدة بالقرء بخمسة أيام، ولأنه لو جعل طهراً لحصل به حرج ومشقة بالاغتسال وغيره كل يومين، والحرج منتف في هذه الشريعة ولله الحمد.

والمشهور من مذهب الحنابلة أن الدم حيض والنقاء طهر إلا أن يتجاوز مجموعهما أكثر الحيض فيكون الدم المتجاوز استحاضة. وقال في المغني (المغني ص 355 ): "يتوجه أن انقطاع الدم متى نقص عن اليوم فليس بطهر، بناء على الرواية التي حكيناها في النفاس، أنها لا تلتفت إلى ما دون اليوم وهو الصحيح -إن شاء الله- لأن الدم يجري مرة وينقطع أخرى، وفي إيجاب الغسل على من تطهر ساعة بعد ساعة حرج ينتفي، لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} سورة (الحج، الآية: 78 )، قال: "فعلى هذا لا يكون انقطاع الدم أقل من يوم طهراً، إلا أن ترى ما يدل عليه، مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها، أو ترى القصة البيضاء".أ.هـ.
فيكون قول صاحب المغني هذا وسطاً بين القولين. والله أعلم بالصواب.

- النوع الخامس: جفاف في الدم بحيث ترى المرأة مجرد رطوبة، فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلاً به قبل الطهر فهذا حيض، وإن كان بعد الطهر فليس بحيض، لأن غاية حاله أن يلحق بالصفرة والكدرة وهذا حكمها.


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 13-09-2008, 10:16 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

سائل يسأل عما يفعله بعض الرجال، من لبس خاتم الذهب، ولبس سوار الذهب، والسلسلة من الذهب، ويطلب الجواب مقرونا بدليله؟

المفتي: عبدالله بن عبدالعزيز العقيل الإجابة:
إن كان الخاتم من فضة، فقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة، وإن كان من الذهب، فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة الصريحة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه حَرم الذهبَ على الرجال من أمته، ونهاهم عن استعماله، وغلظ في ذلك بقوله، وفعله. وإليك بعض الأحاديث الواردة في ذلك:

1 - عن علي رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعله في يمينه، وذهبا فجعله في شماله، ثم قال: "إن هذين حرام على ذكور أمتي" (رواه أبو داود والنسائي) (1).

2 - وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات من أمتي، وهو يتحلى بالذهب، حرم الله عليه لباسه في الجنة" (رواه أحمد والطبراني) (2)، ورواته ثقات.

3 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل، فنزعه، فطرحه. وقال: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار، فيجعلها في يده؟" فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك. فقال: "والله لا آخذه أبدا" (رواه مسلم) (3).

4 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رجلا قدم من نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب؛ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: "إنك جئتني وفي يدك جمرة من نار" (رواه النسائي).

وفي معنى ذلك جملة أحاديث، تركناها اختصارا، وهي تدل على تحريم لبس الرجل خاتم الذهب ونحوه؛ كدبلة الخطوبة، وأبلغ منها سلسلة الذهب، والسوار من الذهب، وساعة الذهب ونحوها. وقد عد العلماء ذلك من كبائر الذنوب، والعياذ بالله.

وإن كان فيما ذكر تشبه بالنساء، فهذا حرام من ناحيتين: الأولى: لبس الذهب. والثانية: التشبه بالنساء؛ لما ثبت في الأحاديث الصحيحة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال (4)، وفي رواية: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء (رواه البخاري) (5).

فيا عجبا لمن يؤمن بالله ورسوله ثم يتجرأ على ما حرم الله عليه تحريما صريحا، فيرتكبه مخالفة، وعدم مبالاة، وتقليدا للأعاجم والجهال والسفهاء والنساء: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}.

___________________________________________

1 - النسائي (8/160)، (الصغرى)، وأبو داود (4057).
2 - هو شق من حديث أخرجه أحمد (2/ 166، 209)، وبقيته: "ومن لبس الحرير من أمتي فمات، وهو يلبسه، حرم الله عليه حرير الجنة".أ.هـ.
3 - مسلم (2090).
4 - النسائي (مجتبى) (8 / 170)، و(كبرى) (5/ 448)، وأحمد (3/ 14).
5 - البخاري (5885)، وأبو داود (4097).
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 13-09-2008, 10:19 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

سائل يسأل عن سارق دخل حوش غنم، فوجد به خروفا فذبحه، ثم شعروا به، فهرب، فهل يحل الخروف بهذه التذكية أم يقال: هو حرام؛ لأن الذي ذكاه غير مالك له ولا مأذون له في تذكيته؟

المفتي: عبدالله بن عبدالعزيز العقيل الإجابة:
هذه المسألة قد سئل عنها الشيخ عبد الله العنقري رحمه الله فأجاب بقوله: المسألة ورد فيها حديث المرأة التي أضافت النبي صلى الله عليه وسلم، لما ذبحت الشاة التي أخذتها بدون إذن أهلها، فقصت عليه القصة. فقال: "أطعموها الأسارى" (1).

قال شيخ الإسلام رحمه الله: فهذا دليل على أن المذبوح بدون إذن أهله يمنع منه المذبوح له دون غيره، كما أن الصيد إذا ذبحه الحلال لمحرم حرم على المحرم دون الحلال. وقد نقل صالح عن أبيه قال: قيل له: إن رجلا سرق شاة فذبحها. قال: لا يحل أكلها له. قلت: فإن ردها على صاحبها. قال: تؤكل إذا.

إذا فهمت هذا، فهي لا تحل للذابح، ولو أذن له المالك بعد الذبح؛ عقوبة له، ولا لمن ذبحت له قياسا على صيد الحلال للمحرم، كما أشار إليه الشيخ تقي الدين. وأما مَن عدا ما ذكر فهو باق في حقه على الإباحة للمالك، وغيره. انتهى من (الدرر السنية).

___________________________________________

1 - أبو داود (3332)، وعنه البيهقي (5/ 335)، وأحمد (5/ 293)، والدارقطني (4/ 285) من حديث رجل من الأنصار، وأحمد (3/ 351) عن جابر.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 13-09-2008, 10:20 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

سائل يسأل عن حكم ذبح الشاة، ونحوها إذا ذبحت على جنبها الأيمن، أو غير موجهة إلى القبلة، أو ذبحها غلام لم يبلغ خمس عشرة سنة، أو ذبحتها امرأة... إلى آخره.

المفتي: عبدالله بن عبدالعزيز العقيل الإجابة:
السنة ذبح الشاة، ونحوها على جنبها الأيسر موجهة إلى القبلة، فإن ذبحها على جنبها الأيمن فلا بأس. وكذلك لو ذبحها موجهة إلى غير القبلة، فهي حلال، ولا حرج؛ لأن استقبال القبلة بها سنة وليس بشرط، ولا واجب.

ويجوز أن يذكيها الغلام إذا كان مميزا، أو مراهقا، ولو لم يبلغ، أو كان المذكي أقلف لم يختتن، أو أعمى.

كما يجوز أن تذكيها المرأة، ولو كانت حائضا، أو نفساء، أو عليها جنابة، بخلاف ما لو ذكاها سكران، أو مجنون، أو طفل لم يميز فإنها لا تحل؛ لأن هؤلاء لا يصح منهم قصد التذكية.

وشروط الذكاة أربعة:
- الأول: أهلية المذكي، بأن يكون عاقلا مسلما، أو كتابيا، فلا يباح ما ذكاه الوثني، والمجوسي، والمرتد.
- الشرط الثاني: الآلة، فتباح الذكاة بكل محدد، ينهر الدم بحده، سواء كان من حديد، أو حجر، أو قصب، أو خشب، أو غيره، إلا السن والظفر؛ لحديث: "ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر" (1) (متفق عليه).
- الشرط الثالث: قطع الحلقوم وهو مجرى النفس، وقطع المَرِيء وهو مجرى الطعام والشراب، والأولى قطع أحد الودجين.
- الشرط الرابع: التسمية عند الذبح، ويكره أن يذبح بآلة كالة، وأن يحدها والحيوان يبصره، وأن يوجهه إلى غير القبلة، وأن يكسر عنقه، أو يشرع بسلخه قبل أن تزهق نفسه ويبرد، والله أعلم.

___________________________________________

1 - البخاري (5503)، ومسلم (1968)، وسبق تخريجه في الفتوى السابقة.
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 13-09-2008, 10:23 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

سائل يسأل بقوله: صدت طيرا، وطرحته وفيه حياة مستقرة، فلم أجد شيئا أذبحه به غير عظم فذبحته، وأكلته. وقال لي إنسان: إن التذكية بالعظم لا تجوز، ولا تحل، فهل هذا صحيح؟ نرجوكم الإفادة عن ذلك.

المفتي: عبدالله بن عبدالعزيز العقيل الإجابة:
ورد في الحديث: عن رافع بن خديج رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر: أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة" (1) (متفق عليه).

وفي الباب أحاديث أخرى تدل على ما دل عليه الحديث المذكور؛ فأخذ الفقهاء بعمومها. وقالوا: كل ما ذكى به الإنسان، وأنهر الدم فهو حلال إلا السن والظفر. وهذا المشهور من المذهب. وأنه لا يستثنى من العظام إلا السن خاصة، وقال الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي في (الفتاوى السعدية): والصحيح القول الآخر في المذهب اختاره ابن القيم، وغيره: أن جميع العظام لا تحل الذكاة بها، كما علل بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "أما السن فعظم"، فتعليل الخاص بالمعنى العام يدل على ربط الحكم بالمعنى العام، وأنه بمنزلة نهيه عن الذبح بكل عظم. وهذا واضح ولله الحمد.

ومن الحكمة في ذلك أنها إن كانت نجسة فلنجاستها، وإن كانت طاهرة فلتنجيسها على إخواننا من الجن، والله أعلم (2)، انتهى.

___________________________________________

1 - البخاري (2507)، ومسلم (1968).
2 - الفتاوى السعدية (ضمن المجموعة الكاملة ص 427).
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 13-09-2008, 10:24 PM
account closed account closed غير متواجد حالياً
طالب
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,421
معدل تقييم المستوى: 0
account closed is on a distinguished road
افتراضي

ما قولكم في مسحوق البردقان المسمى الشمة (السويكة) الذي يستعمل في بعض الجهات، يضع منها أحدهم في فمه ويظل يبزق منها، ويزعم أنه يجد في ذلك لذة و(كيفا)، وهي مجموعة من أخلاط منها تنباك، ومنها كربونات الصوديوم، وغيرها. فما حكم استعمالها؟

المفتي: عبدالله بن عبدالعزيز العقيل الإجابة:
الذي ظهر لنا مما ذكرتم، ومما أخبرنا به من يعرف حقيقة هذا المسحوق وصفة استعماله وحالة مستعمليه أنه خبيث مستقذر ينهى عنه نهي تحريم؛ لأنه من مسحوق التنباك المحرم، ولا يتغير الحكم بتغير اسمه، ولا بخلطه بغيره، ولا باختلاف صفة استعماله. قال الله سبحانه وتعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (1).

وذكر العلماء في الخمر أنها حرام مطلقا سواء شربت صرفا، أو مزجت بشيء، أو لتت بسويق، أو تمضمض بها فوصلت إلى حلقه أو استعط بها.

وفي الحديث: "يأتي في آخر الزمان أقوام يشربون الخمر فيسمونها بغير اسمها" (2)، وفي الحديث الآخر: "قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جَمَلُوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه" (3).

وإن كانت كربونات الصوديوم المخلوطة معه من جنس التراب فقد صرح العلماء بالنهي عن أكل الطين والتراب؛ لما فيه من الضرر. نص عليه الإمام أحمد رحمه الله، فإن قيل: إن استعمالهم لها في الفم، وهو في حكم الخارج. فالجواب: أنه إذا وضعها في فمه فلابد أن يتسرب منه إلى الحلق شيء مع الريق وحركة اللسان مهما تحرز في بصقه؛ ولأن للعروق والبشرة اتصالا وامتصاصا وتغذية، ولولا أنها كذلك لم يألفوها ويتلذذوا بها ويتألموا لفقدها؛ ولهذا يحكم بفطر من استعملها وهو صائم، ولو قال: أنا لا أبتلعها. وهم بأنفسهم يعترفون بهذا، والله أعلم.

___________________________________________

1 - سورة الأعراف: الآية (157).
2 - روي هذا الحديث بألفاظ متعددة خرجها الشيخ الألباني في (الصحيحة) (90).
3 - البخاري(2236) بهذا اللفظ، ومسلم (1581) بنحوه.
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:01 AM.