اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > علوم القرآن الكريم (مكتوب و مسموع و مرئي)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-01-2017, 06:49 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New قراءة تحليلية لقوله تعالى ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]



هذه هي الآية الثانية في سورة الفاتحة، فبعد آية البسملة، تُعبِّر عن حمدِك وشكرك لله، الذي أنزل هذا الهدى، وأكرمك بقراءتِه، لتستنير به ظلمات نفسِك، والحمد هو شكرٌ، وما هو أبعدُ مِن الشكر في ذات الوقت، فأنت تشكر الذي يُقدِّم لك نفعًا، فتقول له: شكرًا لك، لكنك لا تقول له: حمدًا لك؛ ذلك أن الحمد هو خاصٌّ بالله؛ لأن لا أحدَ يستحق هذه الدرجةَ العليا من الحمد سوى الله؛ كون ما يعطيه الله تعالى لك لا يمكن لأي إنسانٍ - مهما بلغتْ درجة قربِه ومحبته لك - أن يُعطيه لك؛ لأن ما يمكنه أن يُعطيَه لك إنما هو مِن الله الذي قد أعطاه إياه، في حين أن الله يملك خزائن كل شيء، ويعطي بلا حساب.

لكن الإنسان يشكر الله أيضًا، وإذا نظرتَ إلى سائر آيِ التنزيل الحكيم، ترى أن الشكر على الأغلب يكون على نِعَمٍ يُنعِم بها الله على الإنسان؛ مثل: ﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴾ [الأعراف: 58].
﴿ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37].
﴿ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 35].
﴿ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 73].

• لكن الحمد يكونُ فيما هو أعم وأشمل؛ مثل:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأنعام: 1].
﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 43].
﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 10].
﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111].
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾ [الكهف: 1].
﴿ فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 28].
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [سبأ: 1].
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فاطر: 1].
﴿ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [غافر: 65].

فالحمدُ أكثر سَعَةً من الشكر، ويكون مقتصرًا لله الذي يعطي ما لا يمكن لغيره أن يُعطيَه، فإن حمدتَ فذلك يعني بأنك شكرتَ في الوقت ذاته، بينما إِنْ شكرتَ فذلك لا يعني أنك حمدتَ أيضًا، فالشكر لله يكون على أشياء، بينما الحمد لله يكون على كل شيء؛ ولذلك لا أحد يستحق الحمد؛ لأن لا أحد يمكن له أن يعطيك كل شيء، فالأمر هنا أيها الإنسان الذي أعطاك ربك كل شيء مما تنعم به، فاحمده وقل: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2].

يأتي لفظ الجلالة بعد الحمد، دون اسمٍ من أسمائه الحسنى؛ ذلك أن هذه الأسماء الحسنى مصدرُها لفظ الجلالة: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الأعراف: 180].
إن قراءتك المتأنِّية لمعاني ودلالات قراءة البَسْملة، جعلَتْك تُقبِل على حمد الله ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2].

ولفظ الجلالة (الله) يعني: المألوه، المعبود حبًّا وتعظيمًا.
والرب هو مَن جُمعت فيه ثلاثةُ أوصاف: الخَلْق، والملك، والتدبير.

لم تقل: الحمد لربي ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، بل: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]؛ ذلك أن الله هو (رب العالمين)، وهذا يشمل كلَّ خلقٍ خلقه الله، فعندما ترى حيوانًا تُدرك بأن الله ربه، وكذا عندما ترى نباتًا أو جمادًا.

فالرب بمعنى السيِّد، والمَلِك، والمعبود، والمُصلِح، فعندما تقول: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]؛ يعني ذلك أنك استجبتَ لأمرِ ربِّك، الذي دعاك أن تحمده حمدًا، فقد قال لك: قل ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، وأنتَ استجبت لأمر ربك، فقلت: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، وهذا يعني إيمانَك بالله، وقَبولك لكل ما يأتي منه؛ ولذلك فلا تكتفي بالحمد في المنافع فقط، بل تحمده حتى في المصائب التي تقع عليك، فتكون حامدًا لله على كل حال.

ومِن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض ومَن فيهن، ولك الحمدُ، أنت قيُّوم السموات والأرض ومَن فيهن، ولك الحمد، أنت الحقُّ، ووعدك الحقُّ، ولقاؤك حقٌّ، والجنة حقٌّ، والنار حقٌّ، والنبيُّون حقٌّ، والساعة حقٌّ، ومحمدٌ حقٌّ، اللهم لك أسلمتُ، وبك آمنتُ، وعليك توكَّلتُ، وإليك أنبتُ، وبك خاصمتُ، وإليك حاكمتُ، فاغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، أنتَ إلهي لا إله إلا أنت))[1].

عن حذيفة بن اليمان أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ القوم ليَبعثُ الله عليهم العذاب حتمًا مقضيًّا، فيقرأ صبيٌّ من صبيانهم في الكتاب ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، فيَسْمعُه الله تعالى فيرفَعُ عنهم بذلك العذاب أربعين سنةً)).

إن الحمد هو لله وحدَه؛ ذلك أنه صاحب الفضل على الخلق جميعًا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لك الحمد كله، ولك المُلك كله، ولك الخلق كله، وإليك يرجع الأمر كلُّه، أسألُك من الخير كله، وأعوذ بك من الشر كله))؛ (رواه البيهقي في السنن).
تدرك هنا مساواة خلق الله جميعًا في عبادة الله، فكما أن الناس جميعًا هم عيال الله، فإنها أرض الله التي تأوي عياله.

وفي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة، فيحمده عليها))[2].

وحتى لا تنسى، تُذكِّرك الآية بالله (الرحمن الرحيم)، كما قرأت في البسملة، فيأخذ ذلك شيئًا من الترسيخ في نفسك، فمعرفتك الأولية لله هي أنه (الرحمن الرحيم)، هكذا أخبرتك البسملة، التي هي فاتحة؛ فاتحة الكتاب الحكيم.

[1] رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس.
[2] صحيح مسلم، كتاب الذكر(2437).


عبدالباقي يوسف
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:11 PM.