#136
|
||||
|
||||
__________________
|
#137
|
||||
|
||||
(60) عَهْدُ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين لم تتجاوز الخِلاَفة الرَّاشدة الثلاثين عاماً، وقد تميزت بأن الخلفاء سَارُوا على نَهج رسول الله صلى الله عليه وسلم تماماً، حسب الطريق المستقيم الذي ارتضاه اللهُ لعباده، فكانت هذه الفترة هي الصورة الصحيحة للحُكم الإسلامي، وللدولة الإسلامية؛ وهذه الصورة يجب أن تكون القُدوة لكل حاكم يريد لنفسه السعادة في الدَّارين، ولشَعبِه الصلاح والحياة السعيدة ... وقد بلغت الحضارة في هذه المُدَّة أوجّها، حيث حصل الأفراد على السعادة التامة في المساواة والعَدل والأَمن والطُّمأنينة، والحاجات الأساسية ... ثم بعد هذه الفترة، ظهرت الفتن التي عصفت بالمسلمين، وفرَّقتهم إلى أحزاب وفِرَق، ولا زالوا إلى الآن على هذا الحال؛ فاللهُ المُسْتعَان.
__________________
|
#138
|
||||
|
||||
(60/ 1) خَلِيفة رَسُول الله/ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق نَسَبُه؛ هــو: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ القُرَشِيُّ، ثُمَّ التَّيمِيُّ؛ الصِّدِّيق الأعظم وخليفة رسول رب العالمين وأفضل الخلق بعد الأنبياء والمرسلين. يُلقَّب بالعَتِيق، ويُكنَى بأَبِي بَكْر، ويُعرَف بالصِّدِّيق. كان في الجاهلية من وجهاء قريش وأشرافهم، وكان أعرف قريش بالأنساب، وكان تاجراً يرتحل البلاد، وقد حرَّم على نفسه الخمر في الجاهلية، ولم يسجد لصنم قط، وكان صَدِيقاً ونَدِيماً للنبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية، وكان دخوله في الإسلام وسَبْقه رَفَعَه عمَّن سواه وأشهره، وهو يُعدَّ الشخص الثاني في الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
__________________
|
#139
|
||||
|
||||
(60/ 2) حياته في الإسلام هو أَوَّل مَن أسلم مِن الرِّجال، وصحب أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم، مِن حين أسلم إلى أن تُوفي، وهاجر معه، وكان صاحبه في الغار أثناء الهجرة، وهو المُراد بقوله تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}. (سورة التوبة، الآية رقم: 40)؛ وشَهِد مع الرسول صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها، وثَبَت يوم أُحُد وحُنَين، وقد فرَّ النَّاسُ، وكان مِن أشجع الناس، يثبت في المعارك، ولا يحيد خطوة عن النبي صلى الله عليه وسلم، يُدافِع ويَذُود عنه، وكان كريماً، أنفق معظم ماله في سبيل الله تعالى، وهو المقصود بقوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى. الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}. (سورة الليل، الآيتان: 17، 18)؛ وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ، مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ». وفي غزوة تَبُوك تصدَّق بكل ماله لتجهيز الجيش، وكانت راية المسلمين في يده في هذه الغزوة، وقد أسلم على يده عدد كبير من كبار الصحابة، منهم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وقد اشترى وأعتق عددًا مِن المُعَذَّبين منهم: بِلاَل بْنُ رَبَاح، وعَامِر بْن فُهَيْرَة رضي الله عنهما، وغيرهما؛ وبعثه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَمِيراً على الحج في عام 9 هـ؛ وعندما مرض الرسول صلى الله عليه وسلم مرض الموت، قال: «مُرُوا أَبَابَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ».
__________________
|
#140
|
||||
|
||||
(60/ 3) بــَيــْـعـَـــتُــــــهُ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، شعر الأنصار، وهم أهل المدينة، أنهم بحاجة إلى اختيار خليفة يتولى شؤون المدينة، وأمر المسلمين، وإلا تعرضت المدينة للتهديد، وقد ظنوا أن المهاجرين ربما يعودون إلى موطنهم مكة المكرمة، فاجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، وتشاوروا بينهم، واتفقوا على اختيار سعد بن عبادة، فبايعوه بالخلافة ... وعندما علم المهاجرون، فجاء أبو بكر وعمر والزبير وغيرهم، فخطب أبو بكر ومما قاله: "إن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لقريش"، وأكَّد عُمَرُ على ذلك. فاقتُرِح: أن يتولاها مهاجري ثم أنصاري وهكذا؛ ولكن قُوبِل هذا بالرفض. ثم اقترح بعض الأنصار: أن يكون من المهاجرين أمير، ومن الأنصار أمير؛ ورُفِض هذا الرأي أيضًا. وعندما رأى الأنصار أن المهاجرين سيبقون في المدينة، ولن يغادروها، اقتنعوا بأنهم أولى بهذا الأمر، فوافقوا، فتقدَّم عُمَر وبايع أَبَا بكر، ثم بايعه كل أهل السقيفة، وفي اليوم الثاني بايعه الناس البيعة العامة، ثم خطب أبو بكر في المسجد، فكان مما قاله: "أطيعوني ما أطعتُ اللهَ ورسولَه فيكم، فإن عصيت فلا طاعة لي عليكم".
__________________
|
#141
|
||||
|
||||
(60/ 4) أعماله وفُتوحاته كانت فَترة ولاية أبي بكر الصديق رضي الله عنه قصيرة (سنتين و3 شهور)، ومع ذلك فقد كانت مليئة بالأعمال الجليلة، أهــمــــهـــــــا: (60/ 5) إِنْفَاذ جَيْش أُسَامة بن زَيْد اقترح الكثيرون عدم إرسال هذا الجيش، نظراً لردة أغلب سكان الجزيرة، وإحداق الخطر بالمدينة، ورغم ذلك أنفذه أبو بكر، تنفيذاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم مهما كانت النتائج، وفي إرسال هذا الجيش بيان للجميع بقوة المسلمين المادية والمعنوية، وعاد الجيش منتصراً، وكان ذلك سبباً في ثَباَت الكثيرين على الإسلام.
__________________
|
#142
|
||||
|
||||
(60/ 6) حُروب الرِّدَّة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ارتدَّت كل الجزيرة عن الإسلام، ما عدا مكة والمدينة والطائف، فقِسم مِن المُرتدِّين عادوا إلى الكفر واتباع مُدَّعِي النُّبوة، وقِسم امتنعوا فقط عن دفع الزكاة ... فأشار الصحابة بعدم قتـالهم نَظَراً للظروف الحَرِجة، ولخروج جيش أسامة بن زيد فرفض أبو بكر الصديق بكل شدة، وعارضه عمر بن الخطاب حيث قال: كَيْفَ تُقَاتِـلُ النَّاسَ؟! وقَد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِـلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ، إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ»؛ فَقَالَ أبو بكر: واللَّهِ لَأُقَاتِـلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ والزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، واللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ"، فَقَالَ عُمَرُ: "فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ". وبمجرد أن شيَّع أبو بكر جيش أسامة جعل الصحابة على منافذ المدينة لحراستها، وأمر المسلمين بالتواجد في المسجد للطوارئ خوفاً من مهاجمة المدينة، وحصلت غارة فردُّوها، وكان يخرج بنفسه إلى المنافذ ... ثم جاءت بعد فترة قصيرة صَدَقات كثيرة، ومن جهات عديدة، وبعد شهرين عاد جيش أسامة منتصراً كما أسلفنا؛ فعقد أبو بكر أَحَدَ عَشَر لواءً لقتـال المُرتدِّين في كل الجزيرة بقيادة خالد بن الوليد ... ثم انطلق خالد فقاتـل أَسَد وغَطَفَان وعَامِر، وكان يقودهم طُلَيحة بن خُوَيلد الأَسَدِي (مُدَّعِي النُّبُوَّة)، فالتقاهم خالد عند بئر بُزاخة، فنكَّل بهم، حتى انهزموا وتابوا. ثم خالد سار إلى منازل بني يربوع وبني تميم بالبطاح، وقد تنبأت فيهم سجاح، وقاتـلهم، فقتـل قائدهم مالك بن نويرة وأخضعهم.
__________________
|
#143
|
||||
|
||||
رائعة جدا أستاذنا الفاضل مستر حاتم
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك |
#144
|
||||
|
||||
اقتباس:
أسعدني وشرفني مرورك الجميل مستر/ أيمن
فجزيل شكري وتقديري لحضرتك
__________________
|
#145
|
||||
|
||||
(60/ 7) معركة اليمامة 11 هــ ... وما بعدها من القبائل ثم سارت الجيوش إلى بني حنيفة في اليمامة، وقد تَنبَّأ فيهم مُسَيْلِمَة الكَذَّاب، فَنَشَب قتـال ضَارِي؛ وانتصر المسلمون أخيراً. وقُتِـل مُسَيْلِمَة، وتاب القومُ وعادوا إلى الإسلام، وقد اسْتُشِهَد في المعركة عدد كبير من الصحابة، ومِن حَمَلَة القرآن؛ وهذا ما حَمَل أبو بكر فيما بعد إلى التفكير في جَمْع القرآن بين دَفَّتْي مصحف. ثم أرسل أبو بكر جيوشاً بقيادة حُذَيْفَة بن مِحْصَن وعَرْفَجَة بن هَرْثَمَة وعِكْرِمَة إلى أهل عُمَان ودبا ومهرة، فأخضعا تلك الجهات. ثم أُخْضِعَت بَحْرَان وحَضْرَمَوْت واليَمَن، وكان قد تَنبَّأ فيها الأَسْوَد العَنْسِيُّ؛ ومِن قُوَّادِها المشهورين المُهَاجِر بْن أَبِي أُمَيَّة، وعِكْرِمَة بْن أَبِي جَهْلٍ. ثم أرسل العَلاَءَ بْن الحضرمي إلى البحرين، فأخضعها ودانت له. ثم أُخْضِعَت باقي الجهات بالقتـال أو عادت إلى الحق بدون قتـال، فاستقرَّت الأمور في الجزيرة العربية، ودانت أطرافها، ورفرف الإسلام عليها.
__________________
|
#146
|
||||
|
||||
(60/ 8) الفُتُوحَات الإسلامية انتهت حُروب الرِّدَّة، وكان لا بُدَّ من الجهاد، وأعداء الدولة الإسلامية كانوا متمثلين في دَوْلَتَي الفُرس والرُّوم، وهما أعظم إمبراطوريتين في ذلك الوقت، إِلاَّ أنهما كانتا على خِلاف وعدم اتفاق، وهذا ما سَهَّل مُهِمَّة المسلمين في القضاء عليهما، فقاتـلوا على جَبْهَتين في وقت واحد ... هُــمَــــا: 1. الجبهة الشرقية (الفُرْس): سيطر الفرس على مناطق واسعة، تشمل العراق، وغرب الشام، وشمال الجزيرة، وخضعت لهم كثير من القبائل العربية، وكانت هذه القبائل تعمل على توطيد سلطان الفرس في مناطقها ... والذي قاد الجيوش الإسلامية في تلك الجهات خَالِد بْن الوَلِيد، والمُثَنَّى بْن حَارِثَة، فحققوا انتصارات مُذهلة، ففتحوا الحيرة وبعض المدن العراقية، منها الأنبار ودومة الجندل والفراض وغيرها ... بعدها أمر الخليفةُ خالداً بالتوجه للانضمام إلى جيوش الشام. 2. الجبهة الغربية (الرُّوم): سيَّر أبو بكر إلى الشام الجيوشَ التالية: - جيش بقيادة/ يَزِيْدُ بْن أَبِي سُفْيَان إلى دمشق. - جيش بقيادة/ عَمْرو بْن العَاصإلى فلسطين. - جيش بقيادة/ شُرَحْبِيْل بْن حَسَنَة إلى الأردن. - جيش بقيادة/ أَبُو عُبَيْدَة بْن الجَرَّاح إلى حمص (وله القيادة العامة)، وكان مجموعها (21000) مقاتل، وعكرمة بن أبي جهل احتياطي في الخلف ومعه (6000) مقاتل ... فتَعَبَّأت جيوش الروم، فوصلت أعدادهم إلى 240 ألف مقاتل.
__________________
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 28-12-2016 الساعة 09:09 PM |
#147
|
|||
|
|||
شكرا على المعلومات
|
#148
|
||||
|
||||
__________________
|
#149
|
||||
|
||||
(60/ 9) مَعْرَكَة اليَرْمُوك 13 هــ فأمر أبو بكر الصديق الخليفةَ خالد بن الوليد -كما ذكرنا- بالتوجه بجيشه إلى الشام، وتولي القيادة العامة، فنفَّذ الأمر، وقام برحلة تاريخية متخطياً الصحاري الشاسعة الغير مأهولة ... فوصل إلى الشام بعد 18 يوم، وتجمَّع المسلمون، ووصل عددهم إلى 36 ألف ... ونظَّم خالد الجيش وقسَّمه، وكان ذلك على رافد من روافد نهر الأردن ويُسمَّى "اليرموك" ... ثم نَشَب القتـال، وكان عنيفاً، وأثناء ذلك جاء البريد بموت الخليفة أبو بكر وتولية عمر رضي الله عنهما، وعَزْل خالد عن القيادة، وتأمير أبي عبيدة، وذلك في جمادى الآخرة عام 13 هـ. فــائـــدة: مما يُذكَر بالفخر والإعجاب لخالد تلقيه خبر العزل برضا وقبول مع أنه كان في أوج نصره، واستمر يقاتـل بجد وإخلاص تحت إِمرة القائد الجديد ... وقد سبق أن وقف أبو عبيدة نفس هذا الموقف الرائع عندما طلب منه أبو بكر أن يُسلِّم القيادة العامة لخالد ... إنها في الحقيقة نماذج إسلامية رائعة، ستظل ذكراها عطرة على مَرِّ السنين ... فرضي اللهُ عن صحابة رسولنا الأعظم محمد فلقد أدبهم أحسن التأديب، صلى الله عليه وسلم.
__________________
|
#150
|
|||
|
|||
الف شكر لمجهودك الرائع
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|