#1
|
|||
|
|||
لمحة تاريخية عن الحضارة الاسلامية
إهتمت الدولة الإسلامية التي انشأها النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وإستمرت تحت مسمى الخلافة في الفترات الأموية والعباسية بالعلوم والمدنية كما اهتمت بالنواحي الدينية فكانت الحضارة الإسلامية حضارة تمزج بين العقل والروح فامتازت عن كثير من الحضارات السابقة. فالإسلام كدين عالمي يحض على طلب العلم ويعتبرهُ فريضة على كل مسلم ومسلمة، لتنهض أممه وشعوبه. فأي علم مقبول باستثناء العلم الذي يخالف قواعد الإسلام ونواهيه. والإسلام يكرم العلماء ويجعلهم ورثة الأنبياء. وتتميز الحضارة الإسلامية بالتوحيد والتنوع العرقي في الفنون والعلوم والعمارة طالما لاتخرج عن نطاق القواعد الإسلامية. لأن الحرية الفكرية كانت مقبولة تحت ظلال الإسلام. وكانت الفلسفة يخضعها الفلاسفة المسلمون للقواعد الأصولية مما أظهر علم الكلام الذي يعتبر علماً في الإ لهيات. فترجمت أعمالها في أوروبا وكان له تأثيره في ظهور الفلسفة الحديثة وتحرير العلم من الكهنوت الكنسي فيما بعد. مما حقق لأوربا ظهور عصر النهضة بها. لهذا لما دخل الإسلام هذه الشعوب لم يضعها في بيات حضاري ولكنه أخذ بها ووضعها على المضمار الحضاري لتركض فيه بلا جامح بها أو كابح لها. وكانت مشاعل هذه الحضارة الفتية تبدد ظلمات الجهل وتنير للبشرية طريقها من خلال التمدن الإسلامي. فبينما كانت الحضارة الإسلامية تموج بديار الإسلام من الأندلس غربا لتخوم الصين شرقا في عهد الدولة الأموية كانت أوروبا وبقية أنحاء المعمورة تعيش في جهل وظلام حضاري. وامتدت هذه الحضارة القائمة بعدما أصبح لها مصارفها وروافدها لتشع على بلاد الغرب وطرقت أبوابه. فنهل منها معارفه وبهر بها لأصالتها المعرفية والعلمية. مما جعله يشعر بالدونية الحضارية. فثار على الكهنوت الديني ووصاية الكنيسة وهيمنتها على الفكر الإسلامي حتى لا يشيع. لكن رغم هذا التعتيم زهت الحضارة الإسلامية وشاعت. وأنبهر فلاسفة وعلماء أوروبا من هذا الغيث الحضاري الذي فاض عليهم. فثاروا على الكنيسة وتمردوا عليها وقبضوا على العلوم الإسلامية كمن يقبض على الجمر خشية هيمنة الكنيسة التي عقدت لهم محاكم التفتيش والإحراق. ولكن الفكر الإسلامي تمكن منهم وأصبحت الكتب الإسلامية التراثية والتي خلفها عباقرة الحضارة الإسلامية فكراً شائعاً ومبهراً. فتغيرت أفكار الغرب وغيرت الكنيسة من فكرها ومبادئها المسيحية لتسايرالتأثير الإسلامي على الفكر الأوربي وللتصدي للعلمانيين الذين تخلوا عن الفكر الكنسي وعارضوه وانتقدوه علانية. وظهرت المدارس الفلسفية الحديثة في عصر النهضة أو التنوير في أوروبا كصدى لأفكار الفلاسفة العرب. وظهرت مدن تاريخية في ظلال الحكم الإسلامي كالكوفة وحلب والبصرة وبغداد ودمشق والقاهرة والرقة والفسطاط والعسكر والقطائع والقيروان وفاس ومراكش والمهدية والجزائر وغيرها. كما خلفت الحضارة الإسلامية مدنا متحفية تعبر عن العمارة الإسلامية كإستانبول بمساجدها ودمشق والقاهرة بعمائرها الإسلامية وحلب وبخارى وسمرقند ودلهي وحيدر أباد وقندهار وبلخ وترمذ وغزنة وبوزجان وطليطلة وقرطبة وإشبيلية ومرسية وسراييفو وأصفهان وتبريز ونيقيا وغيرها من المدن الإسلامية
__________________
|
#2
|
|||
|
|||
أسس الحضارة الإسلامية
إذا أردنا أن نلقى الضوء على أسس الحضارة الإسلامية ، فينبغى أن ندرك جيدا أنها مثل أى حضارة لم تظهر من العدم ، بل إنها استـمدت مصادرها مما سبـقها مـن حضارات . فان أى حضارة قائمـه هى دائما خلاصه لما سـبقها مـن حضارات وان أضيف إليها عناصر جديدة ، تميزها بشخصيه خاصة ، فان أى حضارة ما إنما هى أخذ وعطاء ، ونتيجة مشتركه لعناصر قديمه وأخرى جديدة ، ولذلك يمكننا أن نقول ببساطه أن أسس الحضارة الإسلامية ترجع أولا إلى العرب ، وثانيا إلى سكان البلاد التى فتحها العرب .
والعرب هنا نقصد بهـم سكـان الجزيرة العربية فى داخلها وأطرافها ، فإننا نجد مثلا أن العرب داخل الجزيرة العربية كانـوا يحيـون حيـاه البداوة بسـبب طبيعة تلك البقعة التى تخلو من الماء وبالتإلى من الزرع، مما أفقدهم الاستقرار فى حياتهم ، فعاشوا تلك الحياة البدوية ، بينما كانت أطراف الجزيرة العربية مـن وديان تسقط عليها الأمطار بسبب إحاطة البحر بها ، فوجد الزرع بها ومن ثم التجارة ، فعاشوا حياه التحضر ، وأصبحت تلك الوديان مراكز حضاريه من صنع العرب ، بعضها لانعرف منه غير الاسم فقط ، وبعضها ترك لنا آثارا أو نقوشا تدل على قيام حضارتهم. ففى شرق الجزيرة مثلا وجدت حضارة الكلدانيين والآشوريين ، وفى شمـالها وجدت حضارات الآراميين والكنعانيين أو الفيـنيقيـين ، وفى الجنـوب حضـارات السبأيين والحميريين ، وفى الغرب على طول ساحل البحر الأحمر حضارة القلزم . ولكن لايمكن أن نبين أثر هذه الحضارات العربية القديمة ، حيث لم يكشف عن أغلبها إلا فى العصر الحديث ، بعد تقدم العلم ونجاحه فى فك رموز النقوش التى كتبت بخطوط أهل حضارات الجزيرة القديمة . هذا وقد أسهم العرب بنصيب كبير فى الحضارة التى نحن بصدد دراستها ، بعد ظهور الدين الإسلامى على يد رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ، وذلك لما ترتب على ظهور هذا الدين من انتشار للعرب فى الأرض كغزاة وفاتحين ، بدينهم الإسلامى الذى يعبر عن الحياة العربية بما فيها من تقاليد ، بالإضافة إلى ما يحتويه من تنظيم وتشريع ، مما أسهم فى إنشاء حضارة ذات طابع عربى إسلامى . فان الأديان دائما ما يكون لها أثر كبير فى الحضارات ، حيث أن الفنون والآداب والعلوم فى أى حضارة أو أمة ما ، دائما ما يدور فلكها حول الدين السائد فى هذه الأمة أو فى هذه الحضارة . وفى نفس الوقت لايمكن أن ننكر أبدا أن سكان البلاد التى فتحها العرب،الذين كانوا ورثه لحضارات قديمه ، سواء فى البحر الأبيض أو الحضارات الأسيوية ، كان لهم أثرهم فى الحضارة الإسلامية . فقد كانـت الحضارة اليونانية التى وفدت إلى العرب عـن طريق البلاد المصرية التى فتحـها العرب مثلا ذات نصـيب كبـير فى التأثير فى الحضارة الإسلامية.ثم تلاها الحضارة الأسيوية أى حضارات الصين والهند وفارس ووسط آسيا ، التى وفدت إلى الحضارة الإسلامية عن طريق بلاد فارس على وجه الخصوص . هذا فى حـين نمت حضارة سـكان البلاد التى فتحها العرب المسـلمين بفضل ما أوجدوه فى هذه البلاد من استقرار . وعليه امتزجت الحضارة العربية بحضارات البلاد التى فتحها العرب المسلمين فتكونت الحضارة الإسلامية التى نحن بصدد دراستها الآن . وقد كانت هناك عده عوامل ساعدت على المزج بين حضارة العرب والحضارات الأخرى و أدى بدوره إلى ظهور الحضارة الإسلامية . وهذه العوامل هى : ـ العامل الأول : ـ هو التعريب، ويقصد به جعل اللغة العربية ( لغة الفاتحين ) اللغة الرسمية فى الدواوين ( أى فى المصالح الحكومية )، ولغة التعامل مع الفاتحين ، حيث كانت الخلافة العربية التى تمثلها ألخلافه الأموية تشتمل على أجناس تتكلم لغات متعددة ( مثل الفارسية واليونانية والقبطية ) ، وهذا لأن اللغة العربية هى بالطبع لغة القرآن المقدسة ولغة الفاتح أيضا ، وتعلمها يعد مظهرا من مظاهر طاعة العرب ، ومن هنا أقبلت الشعوب المفتوحة على تعلمها وهجرت لغاتها الأصلية ، وعليه أصبحت اللغة العربية لسانا حضريا فى جميع أمصارالاسلام ، ومن ثم اتسع المجتمع العربى الإسلامى حتى صارت حدوده تمتد من البر الغربى للخليج الفارسى شرقا إلى المحيط الأطلسى غربا . العامل الثانى : ـ هو ترك شعوب الخلافة العرب من غير المسلمين لأديانهم وتحولهم إلى الإسلام . فلقد كان هذا التحول بلا ريب عامل من عوامل إبراز حضارة الإسلام. إذ أن الشعوب التى أسلمت لم تنقطع نهائيا صلتها بحضاراتها السابقة ، وإنما ابتعدت عن كثير من عناصرها فقط ، فى حين اكتسبت فى نفس الوقت عناصر جديدة غيرت من معتقداتها وتفكيرها ، خاصة وأن الإسلام لم ينتشر بينهم بحد السيف ، بل انتشر بينهم بحسن المعاملة وتنظيم الضرائب فيما بين تلك الشعوب ، مثلما فعل الخليفة عمر بن عبد العزيز(99هـ - 101هـ / 717مـ - 720مـ ) مع شعوب البلاد المفتوحة 0 هذا غير أن الشرق كان مهيأ فى هذا الوقت أيضا لمولد دين جديد يحسم قضيه طبيعة الله الواحد المجرد ، بطريقه لاتحتاج إلى برهان ، على عكس ما سبقه من الأديان ، التى كانت تناقش الطبيعة الالهيه دون أن تصل فيها إلى قرار . وعليه كان التحول إلى الإسلام من شأنه هو الأخر أن يتسبب فى ظهور الحضارة التى سميت باسمه . العامل الثالث: ـ أما العامل الثالث فهو يتصل بالعاملين السابقين وهو: ثوره الشعوب المفتوحة على الخلافة الأموية. فقد كان العرب الفاتحين فى عهد الأمويين يحتقرون الشعوب المفتوحة ويطلقون على أهلها اسم رعايا ، أى أن العرب هم رعاتهم الذين يدافعون عنهم ، وأصبحت كلمه مولى تطلق على من أسلم من غير العرب ، بمعنى أنه يتبع العرب وليس مساويا لهم . وعليه كانت كلمتا مولى وعربى كلمتان متقابلتان طوال الفترة الأخيرة من حكم الأمويين ، وذلك حتى تدخل الخليفة الأموى عمر بن عبد العزيز فى إصلاح شأن الشعوب المفتوحة وذلك بالقضاء على هذه المعاملة السيئة، ولكن للأسف هذا التحسن لم يستمر بعد وفاته وعاد إلى ما كان عليه بعد موته ، ولذلك ظهرت حركه ثوريه من جانب الشعوب المفتوحة عرفت باسم الشعوبية ، تنادى بالمساواة وبحياة أفضل ، وقد نجحت هذه الحركة فى إسقاط الخلافة الأموية ، وفى أن تقيم الخلافة العباسية ، التى اعتمدت على عناصر غير عربيه، كان من أهمهم الفرس ، وعليه اتخذت الخلافة العباسية تقاليد تلك العناصر فى الحكم والاداره لكى توطد علاقاتها بين تلك الشعوب ، فكان مجئ الخلافة العباسية نقطه تحول فى تاريخ الحضارة الإسلامية ، إذ أعتبر عصرها العصر الذى تم فيه نمو الحضارة الإسلامية . العامل الرابع : ـ وهذا العامل يتصل أيضا بالعامل السابق ، وهو : التفتت السياسى لوحده الخلافة العباسية . وذلك نتيجة لاستمرار الجهود القومية للشعوب المفتوحة ( الشعوبية ) ، فكما قضت الشعوبية على الخلافة الأموية ، فإنها قضت أيضا على وحده الخلافة العباسية، فبعد ثلاثة قرون من ظهور الإسلام بين تلك الشعوب نجد العالم الإسلامى قد تفتت إلى ثلاث خلافات : خلافه بغداد العباسية ، وخلافه القاهرة الفاطمية ، وخلافه قرطبة الأموية . فكان هذا الانحلال السياسى سببا فى ازدهار الحضارة الإسلامية ، وذلك بسبب تعدد مراكزها وتنوع عناصرها التى جاءتها من كل شعب فى دار الإسلام . ومن ثم استكملت الحضارة الإسلامية معظم عناصرها فى القرنين الرابع والخامس الهجريين، فرسخت وثبتت أقدامها ، حتى أنها تصدت للغزو المغولى لأراضيها ، حتى بعد انتقال مركزها من العراق إلى مصر . حيث بلغت فى مصر أقوى ازدهار لها عن أى عهد سابق للإسلام ، إذ أن مصر هى الوحيدة من بين دول الإسلام التى استطاعت أن تصد زحف المغول . هذا بل نجد أن المغول أنفسهم قد تحولوا إلى الإسلام بعد استقرارهم بين المسلمين ، وأخذوا بمظاهر الحضارة الإسلامية ، مع أن من شاهد مذابح المغول وتدميرهم لمراكز الحضارة الإسلامية ، ظن أن الحضارة الإسلامية قد قضى عليها ، وأن بعثها من جديد يحتاج إلى آلاف السنين . وعليه نخلص من حديثنا السابق إلى أن الحضارة الإسلامية قد وجدت أسسها فى العرب والشعوب المفتوحة ، وأن عوامل المزج بين مؤهلاتهم قد ظهرت ببطء ، مما أوجد هذه الحضارة التى حملت سمتهم جميعا .
__________________
آخر تعديل بواسطة abomokhtar ، 18-04-2012 الساعة 01:42 AM |
#3
|
||||
|
||||
بارك الله فيكم
وجعلة فى ميزان حسناتكم
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .! فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا .. |
#4
|
|||
|
|||
مشكوووووووووووووووووووووووووووووووور
|
#5
|
|||
|
|||
بارك الله قيك
|
#6
|
||||
|
||||
جزاك الله خيراً وبارك فيك
__________________
|
#7
|
|||
|
|||
جزاك الله خير موضوع رائع
|
#8
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا
__________________
|
#9
|
|||
|
|||
مصر 7000 سنة حضارة
|
#10
|
|||
|
|||
شكرا موضوع رائع
|
#11
|
||||
|
||||
جزاكم الله خيرا
|
#12
|
|||
|
|||
مشكووووووووووووووووووووور
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|