#1
|
||||
|
||||
خصائص مملكة النمل
خصائص مملكة النمل
حامد شاكر العاني يعد النمل من أرقى المجتمعات الاجتماعية من حيث التنظيم والتواصل والمثابرة والجدية والتخطيط، فالنمل له من المهارة في البناء ما يعجب له العقلاء، لهذا كان علينا أن نفرد مبحثاً من عدة مطالب، لنرى كيف أن الدراسات العلمية أثبتت أن النمل له خصائص تنظيمية وإدارية لافتة للنظر والإعجاب في بناء مملكته. أمَّةُ النَّمْل: أشار الله عز وجل في القرآن الكريم إلى أن جميع المخلوقات التي خلقها هي أمم أمثال بني البشر، لها نظامها، وطريقة حياتها، وأسلوب تفاهمها - أي لكل أمة لغتها الخاصة التي تتفاهم بها بين أبناء مجتمعها - ولها نظامها في البناء والإعمار، ومن هذه الأمم أمة النمل فهي أمة من الأمم كبني البشر. وفي نفس الوقت أن هذه الأمم فيها من المشاكل ما في المجتمع البشري كالحسد والبغض وال*** والإفساد، فعالم النمل عالم مثالي يمثل النظام والتعاون والبناء، فهو يشابه عالم البشر إلى حد كبير في التنظيم والبناء كما تقول الدراسات الحديثة، ولكنه لا يخلو من الفساد وال*** والتدمير والفوضى والطغيان. والآية التي ذكرها الله عز وجل في سورة الأنعام عن مشابهة المخلوقات - ومن ضمنها النمل - لبني البشر في التنظيم والبناء ومواكبة الحياة، قال تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي لأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالَكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شيءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾[1]. فليتأمل القارئ إلى قوله تعالى: ﴿ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالَكُمْ ﴾، أي أن كل أمة تتمتع بنظام وطريقة عيشٍ كبني البشر في نظامه وحياته. وهذا ما يؤكده الدكتور بيل هيكز (Bill Hughes) في اكتشافه الجديد الذي قدمه للأكاديمية الوطنية للعلوم، بأن مجتمع النمل وعلى الرغم من النظام الفائق إلاَّ أنه يتمتع بالخداع والفساد والاحتيال والحسد، وقد وجد بعد دراسة مطولة لعدة مستعمرات للنمل أن مجتمع النمل يشبه إلى حد كبير مجتمع البشر في كل شيء تقريباً. ويقول أيضاً: (إنك إذا تعمقت أكثر في عالم النمل سوف ترى بالإضافة إلى التعاون والنظام أن هناك مجتمع موبوء بالفساد والنزاع والقتال، ومن الواضح أن المجتمع الإنساني يعتبر نموذجاً لذلك)[2]. وفي ظلال القرآن يؤكد لنا سيد قطب (رحمه الله) وهو يفسر هذه الآية قائلاً: (إنه ما من دابة تدب على الأرض - وهذا يشمل كل الأحياء من حشرات وهوام وزواحف وفقاريات - وما من طائر يطير بجناحيه في الهواء - وهذا يشمل كل طائر من طيرة أو حشرة غير ذلك من الكائنات الطائرة.. ما من خلق حي في هذه الأرض كلها إلاَّ وهو ينتظم في أمة، ذات خصائص واحدة، وذات طريقة في الحياة واحدة كذلك.. شأنها في هذا شأن أمة الناس.. ما ترك الله شيئاً من خلقه بدون تدبير يشمله، وعلم يحصيه.. وفي النهاية تحشر الخلائق إلى ربها.. فيقضي في أمرها ما يشاء) [3]. ويقول الكحيل: (وعندما نبحث في اكتشافات العلماء الذين راقبوا مجتمعات النحل ومجتمعات الطير وغيرها من الحيوانات، نرى بأنهم دائماً يتحدثون عن مجتمعات منظمة ولها لغتها الخاصة، وبنفس الوقت توجد فيها نزاعات وخداع وغير ذلك تماماً مثل المجتمعات الإنسانية) [4]. وهذا التنازع والتضاد والتقاتل في مجتمع النمل مسلَّمة طبيعية في كل أمة من الأمم وجدت على هذه الأرض، وهو نوع من التدافع الذي أشار إليه القرآن لبقاء الأجناس وظهور الحق عل الباطل، قال تعالى: ﴿ وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالمِينَ ﴾[5]. لهذا نجد في العوالم الأخرى كما هي في البشر والجن مثل هذا التدافع رغم كونها مسيرة غير مخيرة، لأنها في النهاية لا يحاسبها الله عز وجل، ولم يجعل مصيرها كمصير الإنس والجن في النعيم والعذاب، وهذا دليل قوله تعالى: ﴿ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً ﴾[6]. [1] سورة الأنعام الآية (38). [2] موقع عبد الدائم الكحيل للإعجاز العلمي في القرآن والسنة - الحسد عند النمل: 1. [3] في ظلال القرآن: 3 /198. [4] موقع عبد الدائم الكحيل للإعجاز العلمي في القرآن والسنة - الحسد عند النمل: 1- 2 . [5] سورة البقرة الآية (251). [6] سورة النبأ الآية (60). |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|