العقلية العلمية
د. محمد بريش
العقلية العلمية تقتضي عند الإنسان مالكِها قدرةً على تفعيل عقله في بحور العلوم، وتأثير هذه العلوم عبر الاستيعاب لمضمونها والوعي بقوانينها على ملَكَات عقله؛ فهي استيعابٌ ووعيٌ وفهم واستنباط للعلوم وفنونها بتعقُّل ووعي وإدراك، وصقلٍ، وتطوير، وتنشيط، في عملية عكسية من هذه العلوم لملكات العقل والوعي والإدراك عند صاحب العقلية.
وانطلاقًا من هذا التحديد تكون العقلية العلمية - وهي شيء متحرك وقابل للنمو والذبول معًا - هي النتيجة الحتمية لتفعيل أدوات العقل من سمع وأبصار وأفئدة، نقول: أبصارٌ بالجمع وليس بصرًا بالمفرد؛ لأن قراءة كتابِ الوحي وكتاب الكون الضرورية لتكوين وتطوير وترسيخ العقلية العلمية تحتاج إلى جانب البصر إلى أبصار في الوعي والإدراك والتذكر، لفهم بصائر في كلا الكتابين لا حد لها ولا حصر، تزداد بها العقلية العلمية قوة واتِّساعًا كلما صارت في درب اكتشافها شبرًا أو ذراعًا، في كتاب الوحي وكتاب الكون من جهة، وفي كافة العلوم المستوحاة منها من جهة أخرى، وتأثير التبحُّر في هذه العلوم والقراءة المستمرة والمتجددة في كلا الكتابين على جوانب الصقل والتقوية والتطوير لفعل تلك الأدوات من سمع وأبصار وأفئدة.