اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد نبينا .. للخير ينادينا

محمد نبينا .. للخير ينادينا سيرة الحبيب المصطفى بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-06-2014, 10:16 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New شرح حديث: "لا عدوى ولا صفر ولا هامة ... "


شرح حديث: "لا عدوى ولا صفر ولا هامة ... "


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا عدوى، ولا صفر، ولا هامة))، فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء، فيجيء البعير الأجرب فيدخل بينها فيُجربُها كلها؟! قال: ((فمن أعدى الأول؟)).

المفردات والجمل:
لا عدوى:
لا: نافية لل***، وعدوى اسمها مبني على فتْحٍ مُقدَّر منع من ظهوره التعذُّر، وخبرها محذوف تقديره: مؤثِّرة بطبعها وذاتها، أو تقديره: موجودة أو ثابتة بهذا المعنى الجاهلي، وإلا فإنها موجودة وثابتة على معنى أنها سبب من الأسباب المادية التي بها يَحصُل المرض.

والعدوى: هي انتقال المرض من المريض إلى الصحيح، يقال: أعدى فلان فلانًا من خُلُقه، أو من عِلَّة به، أو من جَرَب.

ولا صفر، ولا هامة:
مبنيَّان على الفتح أيضًا، ومعطوفان على "لا عدوى" والخبر عنهما مُقدَّر كالذي قبلها، وفي كل منهما تأويلان:
فأما الصَّفر، فكانت العرب في الجاهلية تَزعُم أنه دابة في البطن تَهيج عند الجوع، وربما ***تْ صاحبَها، وكانوا يزعمون أنها أعدى من الجرب، وقيل: إنه الشهر المعروف الذي يلي المحرَّم, وكانوا إذا جاء المحرم وهم محاربون أحلُّوه وأخَّروا تحريمَه إلى صفر، وهو النسيء الذي كانوا يفعلونه، وكانوا كثيرًا ما يتشاءمون بهذا الشهر فلا يَعقِدون فيه زواجًا، ولا يُزمِعون فيه سفرًا لتِجارة أو لقضاء مهمة.

وأما الهامَة بتخفيف الميم على اللغة المشهورة، وحُكي تشديدها أيضًا، فهي طائر من طير الليل، وقيل: هي البومة، وكانوا يتشاءمون بها، فإذا سقطتْ على دار أحدهم اعتقد أنها تَنْعَى له نفسه أو بعض أهله، وتُنذِرهم بخراب البيت، هذا أحد التأويلين، والتأويل الثاني: أنهم كانوا يَعتقِدون أن عِظام القتيل الذي لا يؤخذ بثأره، أو رُوحه تنقلب هامَة تطير وتصيح قائلة: اسقوني اسقوني! ولا تزال صائحة حتى يؤخذ بثأره.

فقال أعرابي:
الأعرابي: واحد الأعراب، وهم أهل البادية، وفيهم جفوة وخشونة؛ لبُعْدهم عن المدن والحواضر خلاف العرب، فهم أهل المدن والعمران، والفاء للعطف والترتيب، عطف "قال" على فِعْل محذوف دلَّت عليه بعضُ روايات الحديث، وأصل العبارة: حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا عدوى ولا صفر ولا هامة))، قام أعرابي فقال.... إلخ، وهذا الفعل المحذوف "قام" هو متعلِّق بالظرف "حين"، ولا يخفى أن قبله (قال) محذوفة خطًّا، ولكنها تُذكَر لفظًا كما هي عادة المحدِّثين في مِثْل هذا السند، والتقدير: عن أبي هريرة قال حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. إلخ، ويجوز أن تكون الفاء زائدة والظرف مُتعلِّق بـ"قال".

فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء:
الفاء: الفصيحة، أفصحتْ عن شرط مُقدَّر، وهي واقعة في جوابه، وما: استفهامية مبتدأ، والبال: الحال والشأن خبر، وفي الرمل خبر تكون، وجملة تكون في الرمل في محل نصب حال من الإبل، وجملة كأنها الظباء حال من الضمير المستتر في خبر تكون.

والظباء: جمع ظبي، وهو الغزال، ووجه الشبه نقاء أرجلها ونظافتها، فلا يَعلَق بها شيء من التراب أو الرمل، علاوة على قوَّتها ونشاطها وسلامتها من الأمراض.

يقول الأعرابي مُستشكِلاً على نفي العدوى: كيف تكون الإبل نظيفة نقيَّة كأنها الغزلان نشاطًا وقوة، فيجيء البعيرُ الأجرب فيدخل فيها فيُجرِبها كلها؟!

يعني: يَختلِط بهذه الإبل النقيَّة السليمة بعير من غيرها مصابٌ بالجرب، فيعديها كلها، فما ذاك إلا لأن العدوى ثابتة، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بجواب حاسم لإشكاله، قاطع لشُبْهته، فقال:
فمَن أعدى الأول؟
بصيغة الاستفهام التقريري، وهو حَمْل المخاطب على الإقرار بما يعرفه كي يزول إشكاله؛ لأنه يَعتقِد أن الجرب يُعدي بطَبْعه، وأنه السبب الوحيد الذي لا يتخلف تأثيره في الإبل الصحيحة إذا خالطت البعير الأجرب، فبيَّن له صلوات الله وسلامه عليه أن السببَ الحقيقي في الجرب وفي كل مرضٍ هو إرادة الله - سبحانه وتعالى - فهو الفاعل المختار، وما يَنتقِل المرض من المريض إلى الصحيح إلا بإذنه ومشيئته، وإذا كان المرض نتيجة المخالطة أو الملاصقة من غير إرادته سبحانه وتعالى، فمن الذي أعدى البعيرَ الأول الذي أصابه الجربُ من غير مخالطة أو ملاصقة؟ إنه لا جواب عن هذا السؤال النبوي الحاسم إلا أن الله تعالى هو الذي أوجد ذلك الجرب بإرادته، ولو كان الجرب يُعدي بطبعه وذاته لم يَجْرَب البعير الأول؛ لعدم المعدي حينئذٍ، فقد دلَّ الحديث دَلالة قاطعةً على بُطلان العدوى بالطبائع.

نعم، قد تكون المخالطة سببًا للعدوى وانتقال المرض، لكنها سبب عادي كثيرًا ما يتخلَّف، فكم من صحيح خالَط المرضى، ولم يُصِبه أدنى مرض، وكم من مريض مَرِض من غير أن يُخالِط المرضى، فالعبرة أولاً وآخرًا بإرادة الله تعالى ومشيئته، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

فالعبد الصادق العبودية لا يُنكِر الأسبابَ المادية ولا يُهمِلها، كما لا يُبالِغ فيها مبالغةً تُنْسيه أنها خاضعة لإرادة خالق الأسباب والمسببات، رب الأرض والسموات.

ومما يدل دَلالةً صريحة على مراعاة هذه الأسباب المادية وعدم جحودها: أمره صلى الله عليه وسلم بالفِرار من المجذوم، مع ثبوت أنه أكل مع مجذوم؛ ليُبيِّن أن الله تعالى هو الذي يُمرِض ويَشفي، ونهى صاحبَ الإبل المريضة أن يُورِدها على صاحب الإبل الصحيحة؛ أخذًا بالحيطة مع التوكل على الله سبحانه، ومن ذلك أنه أخبر أمَّتَه بأن الطاعون عذاب أو رجز عذَّب الله به طائفة من بني إسرائيل، فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه.

وإذًا، فليس المراد بالنفي في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا عدوى)) نفي ذات العدوى؛ فإنها ثابتة على أنها من الأمور المادية، وإنما المراد نفي صفتها المزعومة في الجاهلية، وهي أنها مؤثِّرة بطبعها وذاتها، ولا شك أن نفي الذات أبلغ من نفي الصفات؛ لأن نفي الذات يَستلزِم نفي الصفات من غير عكس.

ومِثْل هذا يُقال في الصفر بمعنى الشهر، وفي الهامة بمعنى الطائر كالبومة مثلاً: المراد نفي الصفات التي ألصقوها بالشهر والطير من تشاؤم وتعطيل المصالح، وأما الصفر بمعنى الدابة التي تهيج عند الجوع، والهامة بمعنى انقلاب العظام أو الرُّوح طائرًا يصيح، فهذا كان خرافات لا وجود لها ألبتَّة، وهما منفيتان ذاتًا وصفة.

لقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم لإصلاح النفوس، وإبطال الخرافات، وتربية الأمة وهدايتها إلى الحق وإلى طريق مستقيم، فجزاه الله عنا خير ما يَجزي نبيًّا عن أمته، وصلى الله عليه وسلم وبارَك عليه وعلى آله وصحابته ومَن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.


__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19-06-2014, 10:18 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

دفاعًا عن السنة..
"حديث: لا عدوى"



الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد.

فإن السنة بمعناها العام، - وهي: كل ما أُثِر عنه - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير-، قد تعرض لها الأعداء والحاقدون بالطعن، عندما لم يقدروا أن يوجهوا أي طعن للقرآن الكريم، فانبرى لهم علماء الأمة، ينافحون عن سنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، ويبطلون الشبهات والترهات.

وسأتناول في هذا المبحث حديثا؛ ظنَّ من لا فقهَ له، ولا بحثَ لديه أنه غيرُ صحيح، وغيرُ ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكنَّ الأمرَ بخلاف ما ظنوا.

فالحديث الذي دارت حوله الشبهة؛ هو قوله عليه الصلاة والسلام: "لا عدوى"، فقالوا: [حديثان متناقضان، "لا عدوى"، و "فر من المجذوم فرارك من الأسد"، و "لا يوردن ممرض على مصح". وهذا كلُّه مختلف لا يشبه بعضه بعضا].

انظر: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (ص: 69)

وقال أبو ريَّة في كتابه: (أضواء على السنة المحمدية)، وهو يطعن على الصحابي الجليل أبي هريرة، ويتهمه بالنسيان، قادحا في الحديث قائلا: وإليك أمثلة من ذلك: -أي من نسيان أبي هريرة رضي الله تعالى عنه-، [حديث الشيخين عن أبي هريرة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى"، وأن أبا هريرة حدث به، ثم نسيه]. من كتاب دفاع عن السنة النبوية لأبي شهبة، (ص: 167).


نسف الشبهة:
أولا: نص الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا عدوى ولا طيرة، ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد". رواه البخاري في كتاب الطب. حديث: (5707)، (10/ 158)، من فتح الباري.

وفي رواية عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يورد ممرض على مصح".

قال أبو سلمة: كان أبو هريرة يحدثهما كلتيهما =(كلتيهما): المقصود بهما: الكلمتين أو القصتين أو المسألتين= عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم صمت أبو هريرة بعد ذلك عن قوله: "لا عدوى"، وأقام على: "أن لا يورد ممرض على مصح"، قال: فقال الحارث ابن أبي ذباب، وهو ابن عم أبي هريرة! تحدثنا مع هذا الحديث حديثا آخر، قد سكت عنه قد كنت تقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا عدوى"، فأبى أبو هريرة أن يعرف ذلك، وقال: "لا يورد ممرض على مصح"، فما رواه الحارث في ذلك، حتى غضب أبو هريرة، فرطن بالحبشية.

فقال للحارث: أتدري ماذا قلت؟ قال: لا.

قال أبو هريرة: قلت: أبيت.

قال أبو سلمة: ولعمري! لقد كان أبو هريرة يحدثنا؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى"، فلا أدري أنسي أبو هريرة، أو نسخ أحد القولين الآخر؟ رواه مسلم في كتاب السلام. حديث: (104)، (4/ 1743). بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.


ثانيا: التخريج:
لم يرو هذا الحديث "لا عدوى" أبو هريرة فقط؛ بل رواه جمع من الصحابة رضي الله تعالى عنهم منهم:
1- أنس بن مالك: رواه عنه البخاري في كتاب الطب باب الفأل =انظر: فتح الباري (10/ 214)=، وباب لا عدوى =انظر فتح الباري (10/ 244)=، ومسلم في صحيحه كتاب السلام. صحيح مسلم. ط: دار الفكر، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، حديث: (111، 112).

2- عبد الله بن عمر: رواه عنه البخاري في كتاب البيوع باب شراء الإبل الهيم =فتح الباري (4/ 321)=، وكتاب الطب باب لا عدوى =فتح الباري (10/ 243)=، ومسلم في كتاب السلام =ط: دار الفكر، حديث: (116)=، وأحمد بن حنبل (2/ 24، 153).

3- عبد الله بن مسعود: رواه الترمذي في كتاب القدر باب من جاء في العدوى، حديث: (2143)، وأحمد (1/ 440).

4- عبد الله بن عباس: رواه عنه ابن ماجة (2/ 1171)، حديث: (3539) في المقدمة باب في القدر، وأحمد (1/ 269، 328).

5- جابر بن عبد الله: رواه عنه مسلم في كتاب السلام، حديث رقم: (107، 109)، وأحمد (3/ 312، 382).

6- سعد بن مالك بن أبي وقاص: رواه عنه أحمد (1/ 174، 180). وأبو داود (3921).

7- السائب بن يزيد: رواه عنه مسلم في صحيحه في كتاب السلام حديث: (103).

8- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمِيرَةَ الْمُزَنِيِّ رواه عنه في الآحاد والمثاني ابن أبي عاصم (2/ 359، رقم 1130).

9- أَبو أُمَامَةَ رواه عنه السنة لابن أبي عاصم (1/ 123، رقم 283).

10- أَبو سَعِيدٍ رواه الطحاوي فيشرح معاني الآثار (4/ 314، رقم 7104).

11- عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ المعجم الكبير للطبراني (17/ 54، رقم 111).

وبهذا؛ قد تبين جليا أن أبا هريرة لم يرو هذا الحديث وحده، بل رواه غيره من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فنسفنا شبهة النسيان.


ثالثا: رأى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن التحديث بالحديثين؛ (لا عدوى) و (لا يورد ممرض على مصح) مظنةٌ أن يقع لبعض الناس ارتياب في الدين، أو تكذيبٌ للرسول - صلى الله عليه وسلم -، فاختار الاقتصار على أحدهما، وهو الذي به حكم عملي: (لا يورد ممرض على مصح)، وسكت عن الآخر: (لا عدوى)، وودَّ ألاَّ يكونَ حدَّث به قبل ذلك.

ووجَّه الحافظ ابن حجر قولَ القرطبي أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه، خاف أن يعتقد جاهل، بأن الحديثين متناقضان فسكت عن أحدهما، وأنه إذا أمن حدَّث بهما جميعا.

وخلاصة قول الحافظ بن حجر: أن قوله: (لا عدوى): نهي عن الاعتقاد بأنَّ العدوى لا تحدث بقدر الله سبحانه وتعالى. انظر: فتح الباري (10/ 158- 163).

معاني لألفاظ الحديث:
1- (لا عدوى) العدوى في اللغة: الفساد =القاموس مادة (عدى)=، وفي الطب: انتقال المرض من المريض إلى السليم =المنجد مادة (عدى)=، فيكون المعنى: لا فسادَ ولا انتقالَ للمرض من المريض السليم.

قال ابن الأثير: [العدوى اسم من الإعداء، ويقال: أعداه الداء يعديه؛ وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء. وذلك أن يكون ببعير جرب مثلا، فتنقى مخالطته بإبل أخرى؛ حذرا أن يتعدى ما به من جرب إليها، فيصيبها ما أصاحبه، وقد أبطله الإسلام]. النهاية لابن الأثير (عدى).

2- (لا طيرة) [بكسر الطاء وفتح الياء، وقد تسكن، معناها التشاؤم، وأصله: بالسوانح أو البوارح من الطير والظباء وغيرهما، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم، فنفاه الشرع وأبطله، وأخبر أنه لا تأثير له في جلب نفع ولا دفع ضر]. انظر: مسلم بشرح النووي (14/ 218- 219).

والسانح: ما ولاك ميامنه، والبارح: ما ولاك مياسره، والذي يجيء من أمامك فهو الناطح والنطيح، والذي يجيء من خلفك فهم والقاعد والقعيد =فتح المجيد (ص: 302)=.

فلا يجوز لأحد أن يتشائم من صوت حيوان، أو صورة إنسان وغيره، فيصده ذلك عن المضي في العمل، وهذا فيه شرك بالله عز وجل، وذلك باعتقاده أن غير الله يملك جلب النفع ودفع الضر.

3- (لا هامة) لغة: أعلى الرأس، وفيه الناصية والقصة، قاله في اللسان، وقال ابن منظور: هي التي كانوا يزعمون أن عظام الميت تصير هامة فتطير من قبره.

وقال ابن منظور: وكانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لم يدرك بثأره تصير هامة تزقو عند قبره، تقول: (اسقوني) فإذا أدرك بثأره طارت؛ فأبطلها الإسلام، =انظر: اللسان مادة (هوم)، والنهاية لابن الأثير مادة (هوم) أيضا=، وهذا من باب التشاؤم من الطيور كالبومة والغراب.

4- (لا صفر)، قال ابن الأثير: كانت العرب تزعم أن في البطن حية، يقال لها: الصفر، وتصيب الإنسان إذا جاع وتؤذيه، وأنها تعدي، فـأبطل الإسلام ذلك =النهاية لابن الأثير مادة (صفر)=.

وقيل: أراد به النسيء، والذي كانوا يفعلونه في الجاهلية؛ وهو تأخير المحرَّم إلى صفر، ويجعلون صفر هو الشهر الحرام فأبطله. النهاية لابن الأثير مادة (صفر).

فلا يجوز أيضا التشاؤم بزمن، كالشهر أو اليوم أو الساعة أو الوقت، ففيه نوع من الشرك.

5- (المجذوم) الجذام: هو علّة رديئة تحدث من انتشار المرة السوداء في البدن كله، فتفسد مزاج الأعضاء، وربما أفسد في آخره إيصالها حتى يتآكل، قال ابن سيده: سمى بذلك لتجذم الأصابع وتقطعها.

6- (لا يورد ممرض على مصح): الممرض صاحب الإبل المراض. والمصح صاحب الإبل الصحاح. النهاية مادة (مرض)، واللسان في نفس المادة.

فمعنى الحديث: لا يورد صاحب الإبل المراض على إبل صاحب الإبل الصحاح. شرح النووي على مسلم (14/ 217).


رابعاً: كلمة (لا عدوى) المنفية شرعاً: هي ما كان يعتقده العرب من أن الأمراض تُعْدي بطبعها، لا بأي شيء آخر، فهم لا يسمون انتقال المرض من العليل إلى السليم بواسطة الميكروبات أو الطفيليات أو البكتيريا، لا يسمون ذلك عدوى! فافهم ذلك.

قالوا: [حتى لو كان في شعر امرأةٍ وثيابها قملٌ كثير، فقامت إلى جانبها امرأةٌ أخرى، ثم بعد أيام قَمِلَ شعرُ الأخرى وثيابها لما سمَّوا هذا عدوى، لأنهم يعرفون أنه لم يكن للمجاورة نفسها؛ وإنما دبَّ الفعلُ من تلك إلى هذه ثم تكاثر،..] الأنوار الكاشفة للمعلمي اليماني (ص: 199).


خامساً: حديث: (لا يورد ممرض على مصح)، يؤكد على أن العدوى المنفية هي عدوى الأمراض بطبعها دون أي سبب آخر، أما انتقال أسباب هذه الأمراض؛ فتمرض بفعل الله تعالى لا بطبعها، فيؤدي إلى الاعتقاد بالعدوى فيكفر. انظر: شرح مسلم للنووي (14/ 217).


سادساً: وعندما سأل الأعرابي عن الإبل الصحاح يدخل بينها الجمل الأجرب فيجربها، أجابه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فمن أعدى الأول" =رواه البخاري في كتاب الطب باب لا هامة، حديث: (5770)، انظر: فتح الباري (10/ 214)، ومسلم في كتاب السلام حديث: (101)، (14/ 213) من شرح النووي=، أي أوَّل جرب أصاب الكائن الحي؟ من أين جاءت العدوى له، ومن سببها؟

وهذا راجع إلى الله عز وجل الذي إذا أراد إمراض سليم دون عدوى، أو أي سبب؛ فعل! وإذا أراد صحة عليل دون سبب أو دواء فعل؛ فلا إله إلا هو، ولا رب سواه.


سابعاً: حديث: (فِرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد)، فيه التوجيه إلى عدم مخالطة المجذوم، والبعد عنه خشية أن يقدر الله سبحانه وتعالى في تلك الحالة الإصابة بمرض الجذام، فيعتقد الإنسان بالعدوى المنهي عنها شرعاً، فيقع خلل في العقيدة.
أما إن قوي الإيمان واشتد؛ جازت المخالطة، كما ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أخذ بيد مجذوم، وقال: كل ثقة بالله، وتوكلاً عليه.

وهذا الأثر عن عمر؛ أشبه وأصح من المرفوع من حديث جاء كما أشار إليه الترمذي. انظر: سنن الترمذي. أبواب الأطعمة، باب ما جاء في الأكل مع المجذوم، (3/ 173). ط: دار الفكر، 1398هـ.


ثامناً: الأسباب موجودة بقدر الله وقدرته، ونحن مطالبون بمعرفة هذه الأسباب، واتخاذها في الحسبان، فإن هذا لا ينافي كمال التوحيد.

ولكن الذي ينافيه؛ هو الاعتقاد في الأسباب أنها وحدها فاعلة بذاتها، لا ينظر إلاَّ إليها، ولا يثق إلا بها، وينسى أن الله سبحانه وتعالى هو خالقُ الأسباب يصرفها كيف يشاء.

فلا ينبغي على المؤمن أن يتوكل على غير الله عز وجل، ومع ذلك؛ عليه أن يتخذ من الأسباب ما ينفعه في حياته، مع العلم بأنها مربوبة مقهورة بيد بارئها وخالقها.


تاسعاً: حاصل القول أن الأمراض لا تعدي بطبعها إلا إذا شاء الله عز وجل، فالتوحيد الصحيح الخالص يرجع الأمور كلها إلى الله.

فلو جلس إلى مرضى؛ فليس بحتم أن يصاب بمرضهم، إلا إذا أراد الله سبحانه أن يجعل جلوسه بينهم سبباً في انتقال المرض إليه.

فهذه المستشفيات والعيادات تغص بالمرضى والمخالطين لهم من الأطباء وممرضين وزوار، فهل سيصبح الكل مرضى؟ حتماً ولا بد، الجواب: لا! إلا إذا شاء الله جل جلاله.

بل ربما انتقلت أسباب الأمراض من ميكروبات وبكتيريا وطفيليات، مما يسبب الحصبة والسعال الديكي وشلل الأطفال... الخ.

أقول: ربما انتقلت إلى الصحيح؛ فزادته هذه قوة وصحة وعافية، وهذا كله بإرادة الله سبحانه وتعالى.

فما هذه الحملات الواسعة للتطعيم ضد هذه الأمراض إلا نتيجة لهذه المعرفة المحدودة التي وهبنا الله إياها؛ وهي معرفة أن الله سبحانه يجمع الشيء ونقيضه؛ المرض والصحة، الداء والدواء.

فالتطعيم مثلاً؛ عبارة عن حقن ميكروبات ضعيفة في جسم الإنسان، فتنتبه أجهزة المناعة عنده، وتستعد لصد أي هجوم من هذه الميكروبات فيما بعد، ولو لسنين متطاولة.

فالميكروب وحده لا يساوي المرض، والعدوى وحدها لا تساوي العاهة والسقم.

فهذه الأحاديث النبوية ترد الناس إلى كمال التوحيد، وتردهم إلى ربهم خالق الأسباب:
فهو وحده سبحانه، الذي إن شاء جعل الميكروب مرضاً، وإن شاء جعله وقاية له من الأمراض وصحة.

وإن شاء جعل الحمى الشوكية داء وبيلا لا إبلال منه، وإن شاء جعله حملاً وديعاً ليعيش في حلق ذلك الشخص وبلعومه، دون أن يسبب له أي أذى.

وهو الذي إن شاء جعل فيروس شلل الأطفال مرضاً فتاكاً خطيراً، وإن شاء جعله حماية لذلك الطفل من ذاك المرض في مستقبل الأيام.

وهو الذي إن شاء جعل تلك البكتيريا التي تعيش معنا وئام وسلام؛ فتتحول فجأة إلى إعصار مدمر يهدم كل بنيان؛ فيحول بكتيريا الأمعاء التي تمدنا ببعض الغذاء (الفيتامينات)، إلى أفاعِ سامة تفتك بنا في أيام.

وهو الذي إن شاء جعل الدواء داء وبالعكس، فكم من أدوية سببت أمراضاً وأدواء، بل إن الأمراض الناتجة عن استعمالات الأدوية والعقاقير اليوم تكاد تفوق الأمراض الناتجة عن الميكروبات الغازية مجتمعة.

فالبنسلين دواء مفيد نافع، ولكنه قد ي*** في لحظات، إذا أعطي لمن عندهم ما يسمى بالحساسية.

والثاليدوميد وهو دواء مهدئ، قيل: إنه خال من كل المضاعفات، فلما أعطي للحوامل؟ كانت النتيجة؛ آلاف المشوهين المولودين بدون أطراف. انظر العدوَى بين الطب وحديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، للدكتور: محمد علي البار (ص: 52- 58).

وهكذا يصبح الدواء داء، والداء دواء بفضل مشيئة الله عز وجل، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

والله أعلم
وصلى الله على محمد، وعلى صحبه وسلم




__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 20-06-2014, 04:39 PM
prime prime غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: May 2014
المشاركات: 53
معدل تقييم المستوى: 11
prime is on a distinguished road
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 06:19 AM.