اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > الأدب العربي

الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-12-2013, 02:41 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
المدير التنفيذي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,982
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي أعلام الفلاسفة " كيف نفهمهم "


الفلسفة فى مصر

ما إ بدأ الإنسان يفكر ، حتى أخذ و لا شك يطرح على نفسه هذه الأسئلة المحيرة : من أنا ؟ و أى مكان هذا العالم الذىأعيش فيه ؟ و ماذا أنا فاعل هنا ؟ و هكذا من أبعد عصور التفكير الإنسانى أخذ أعلام الفلاسفة يتوقفون أمام هذه الأسئلة عينها .

و على أرض مصر عاش الحكماء الأوائل العظام فى التاريخ . و يمك أن نعتبر هذا القطر القديم معلم الإنسانية الأول ، و عندما كانت الأجناس البدائية تنتقل من مكان الى آخر سعيا وراء المأكل و المأوى ، مر كثير منهم خلال دهليز يعرف الآن باسم وادى النيل . و قد استخدم هذا الوادى ، و هو أرض مصر ، مكانا تتجمع فيه آلاف الناس ممن نزحوا من الجال و الغابات و الصحارى و مناطق الجليد و شواطئ البحار . و هنا خصبت عقولهم بالآراء و الطقوس و العادات الديدة . و لذلك أصبحت مصر مهد الفكر المتمدين .

و الى مصر نز الكثيرون من فلاسفة العالم القديم يستلهمون الوحى و يسعون وراء التدريب ؛فقد كان يضر بحكمة المصريين المثل بين اليونانيين القدماء ، حتى إن أفلاطون – أعظم فلاسفة اليونان ‘إن لم يكن أعظم فلاسفة العالم بأره – اعترف بفضل المصريين عليه كرواده و أساتذته فى كل ما هو هام من عمل أو فكر .

و يمكن إرجاع أصل كل التفكير الحديث الى حكمة المصريين ، و ذلك عن طريق أفلاطون و الفلاسفة اليونانيين الآخرين ؛ فقد أخذ اليونانيون فلسفتهم عن الشرق ، و نحن بدورنا أخذنا فلسفتنا عن اليونانيين . و هكذا قد انساب تيار الحكمة عبر الأجيال من غير توقف مبتدئا بالنيل . و لا أفكار جديدة تحت الشمس . فكل فكرة نعتبرها جديدة إن هى الا مجرد فكرة قديمة ألبست ثوبا مختلفا و نراها تحت أضواء مختلفة ، و كما يذكرنا بايرون فإن كل ما نطلق عليه أسلوبا حديثا فى الفلسفة إن هو إلا تكرار و إعادة للقديم بعينه .

و إن عرضا مقتضبا للفكر المصرى المبكر سيوضح صدق هذه الملاحظة ، فنجد مثلا ما ورثنا إياه أفلاطون و أرسطو ، فى فلسفة بتاح حتب ، و ما تركه لنا شوبنهاور و تولستوى من تراث فى حكمة أبورو . كما نجد وحى سبينوزا و كانت فى رؤى اخناتون .
و لنلق نظرة عابرة على مصادر الفكر الفلسفى القديمة و الحديثة التى نبعت فى مصر

آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 04-01-2014 الساعة 09:00 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-01-2014, 12:00 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
المدير التنفيذي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,982
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

- بتاح حتب -

لم تصلنا الا معلومات طفيفة عن هذا الفيلسوف الذى ظهر قبل أفلاطون بما يقرب من ألفين و ثلاثمائة عام ، أى حوالى عام 2700 قبل الميلاد ، . و بالرغم من هذا فلدينا من " مخطوط الحكمة " الذى وضعه مقتطفات كافية تعطينا فكرة مناسبة عن فلسفته .

و قد كان بتاح حتب حاكم ممفيس و رئيس وزراء الملك . و لما اقتربت حياته من نهايتها ، اعتزل منصبه و كرس نفسه لتعليم النشء – و بخاصة ابنه – و كان هدفه – باعتباره أبا على هذه الأرض – كما عبر بنفسه : " أن يقلد الأب الحكيم المحب الذى هو فى السماء " .

و كان بتاح حتب يؤمن بأن العقاب البدنى يحث على الفضيلة ، و قال فى ذلك : إن قانون السماء و الأرض هو أن تتعلم عن طريق التألم و المعاناة . فقد بدأ الناس حياتهم كالوحوش – و هنا سبق بتاح حتب داروين فيما ذهب اليه – و لم يتعلموا كيف يصبحون آدميين الا خلال عملية بطيئة مؤلمة .

و كل طفل ، فى بدء تطوره ، ليس الا حيوانا أعجم تقريبا . و النتية المترتبة على ذلك أنه اذا أهملت العصا ، فسد الطفل ، فيجب أن يتعلم الصغير كيف يطيع السوط تماما كالحصان الجموح . و قد كان يطلق على المعلمين فى مصر القديمة بحق " اصطبل المعلمين الملكى " . و كثيرا ماذكر بتاح حتب أن أحسن درس أو محاضرة هو إلهاب ظهور الأطفال ضربا ، " إذ يبدوأ آذا الأطفال فى ظهورهم " .

و لكن بالاضافة الى العقاب فالطفل فى حاجة الى النصح . فعليه أن يتعلم النظرة الفلسفية الى الحياة . و قال بتاح حت فى ذلك : " النظرة الفلسفية هى أحسن ميراث أستطيع أن أتركه لابنى " .

و يبدأ مخطوطه فى الحكمة بطلب يلتمس فيه اعفاءه من واجباته السياسية : " مليكى و مولاى ، لقد اقتربت نهاية الحياة و أخذ الهرم يسدل ستائره على ، و خور الطفولة يعود الى . إن من تصيبه الشيخوخة تقعده فى بؤس كل يوم ، فقد أظلمت عيناى ، و حرمت أذناى السمع ، و اضمحلت قواى ، و لا تجد الراحة سبيلا الى قلبى ... و لذا أرجو أن تأذن لخادمك أن يسلم سلطة الإمارة الى ولده " .

ثم يفسر بتاح حتب بعد ذلك كيف أن هفه من مخطوطه هو أن يمكن ابنه من أن يصبح رجلا صالحا . و حتى فى تلك الفترة المبكرة من التاريخ لم يدع بتاح حتب أنه ابتكر جديدا بمخطوطه ، بل لم يفعل الا أن ألبس الحقائق القديمة ثوبا جديدا . فقال دعنى دعنى أحدث ولدى بكلمات أولئك الذين أنصتوا الى حكمة الرجال الذين عاشوا فى قديم الزمن – أولئك الذين استمعوا مرة الى كلمات الله .

و أتبع بتاح حتب هذه المقدمة بمخطوطه عن الحياة الصالحة . " لا تزه بمعرفتك ، و لا تحسبن نفسك عاما . تحدث الى الججاهل كما تتحدث الى العالم على السواء . فعليكم أن تتعلموا الكثير بعضكم من بعض ، فالمعرفة لا حدود لها ، كما أنه ليس فى الوجود أى فيلسوف يملك الحكمة الكاملة . و الحديث المتسامح اللين ، كذلك الذى يدور بين من تساووا فى المرتبة ، أندر وجودا من أحجار الزمرد "

و لكن الأعمال الرقيقة أهم بكثير من الكلمات اللطيفة اللينة . " عش فى دار الرقة و الشفقة فيأتى إليك الرجال يحملون الهدايا بأنفسهم . "

و كان بتاح حت من أنصار " الكمات اللطيفة " ، و الأعمال الرقيقة ، و اللسان الذى يعرف متى يحسن السكوت ... لا تتحدث بخشونة أو بتسرع ، و احذر من أن تخلق أعداء بكلماتك . لا تتجاوز الصدق و لا تفش كلمات قد اؤتمنت على سماعها ، سواء أكان المتحدث فلاحا أم أميرا . و سرد القصص فى غير موضعها بغيض الى النفس . "

و هذه الصورةالتى رسمها بتاح حتب للابن الحكيم تشبه الى حد بعيد – كما سنرى فيما بعد – الصورة التى رسمها أرسطو للرل دمث الأخلاق ، أو بعبارة أخرى الكامل . و هذه نصائح بتاح التى يقول فيها : " تعلم أن تختط لنفسك طريقا متزنا بين عواصف الحياة . و لا تدع شيئا يقلب اتزان شخصيتك فإن الشخصية الصالحة هى أغلى هدية فى الحياة . "

و أبحر فى خضم الحياة على سفينة مستوية . ( فلا تكن خجولا الى حد ألا تذكر الحق ، و لا متهورا فتنطق زورا وبهتانا . و علم ولدك أن يفعل المثل ؛ لا تدلله إن كان معوجا ، فإن كان طائشا لا يرعى لقواعد السلوك حرمة ، و عنيفا ، و اذا كان لا يخرج من فيه إلا كلاما دنيئا ، فعليك إذن أن تلهبه ضربا حتى يزداد حرصا على اختيار كلماته ، و عناية بأعماله . )

و فوق كل هذا فقد كان بتاح حتب يحث على تعلم وتعليم فضيلة ضبط الفس ، و هذا المبدأ الذى أصبح أحد أحجار الزوايا فى فلسفتى أفلاطون و أرسطو . ( لتكن أعمالك فى مناسباتها ، و كلماتك فى موضعها . فالرجل العاقل لا يتحدث بتاتا فى أمور لا يعرف عنها شيئا . و دعنى مرة أخرى أحذرك : اكبح جماح نفسك ، و ألجم لسانك ) .

و كغالبية حكماء مصر ، كان بتاح حتب يؤمن بإله واحد . و ليس صحيحا من الوجهة التاريخية أن العبرانيين قد ابتدعوا فكرة التوحيد . بل هم قد استعاروا هذه الفكرة من المصريين و من بعض الشعوب الشرقية الأخرى أيضا ، كما سنرى .

و يبدو أن الايمان بإله واحد ، بأب للانسانية جمعاء ، قد نشأ فى أماكن كثيرة نتيجة لعلاقة الأب والابن فى تطور الأسرة المبكر . و كان للفلاسفة قص السبق فى تعرف وحدة الأسرة الانسانية تحت ألوهية واحدة . هذا و بينما كان عامة الناس يتحدثون عن الآلهة – كما نتحدث نحن عن الملائكة تماما – كان الرجال الأكثر حكمة يذكرون الله .

و كان هذا الإله الذى آمن به بتاح حتب و الفلاسفة الأوائل الآخرون فى مصر معروفا باسم أوزيريس .

و عند بتاح حتب كانت أسطورة أوزيريس تمثل الصراع بين الخير والشر و قد يتغلب الشر لوقت ما ، و لكن من المؤكد أن يسد الخير فى النهاية . كما صرح هذا الفيلسوف المصرى بأبدية الله ، و أنه يحمل شعبه مسئولية أعماله ، و لكنه يهدى هذا الشعب الى الطريق القويم الأعلى حيث جنة الخلد .

فإن روح الانسان كاللهب تتجه دائما الى أعلى . ( يموت الإنسان ، ليحيا مرة ثانية ) . و لا يبعد أن يكون المفكرون المصريون هم أول من غرس فى نفس القديس بولس – الذى درس العلوم الشرقية بتعمق – تلك الفكرة التى يعبر عنها بقوله : (( أين شوكتك ياموت ؟ و أين غلبتك ياقبر ؟ ))

و قد كان بتاح حتب و الفلاسفة المعاصرون الأوائل الآخرون هم أول من سجل ايمان الانسان بالبعث . و هذا الايمان هو الذى حفز المصريين على الاحتفاظ بأجساد موتاهم ، فوضعوا فى المقابر أوانى من جميع الأنواع ، لكى يسخدمها الموتى فى أثناء انتارهم الطويل ليوم عودتهم الى الحياة ، و قد هذب الفلاسفة هذه الفكرة الشعبية فأوضحوا أن الأشياء التى توضع فى المقابر لم يقصد بها أن تكون رموزا لراحة الأحياء ، و انما هى وسائل لمساعدة الموتى .

و فى مصر القديمة كانت الفلسفة مرتبطة بالدين ارتباطا وثيقا . فمن أكثر الرموز المرسومة على حوائط المقابر إثارة ، صورة الميت و هو ينهض على قدميه و ذراعاه ممدودتان على هيئة صليب ، و كان لفكرة الصليب هذه – التى ولدت فى مصر منذ ثلاثة ’لاف سنة مضت قل العصر المسيحى – من دلالة الارتفاع و السمو أكثر مما تتضمن من حزن أو ابتئاس . و كانت تمثل ال*** البشرى و هو يصعد الى أعلى نحو الحياة ، و لا تمثلهو هو يهبط الى أسفل نحو الموت .

و قصارى القو كان هذا هو الوجه المتفائل للفلسفة المصرية الأولى متضمنا أعما مؤسسها : بتاح حتب . و بالرغم من ذلك فقد كان لمصر نصيبها من الفلاسفة المتشائمين . و كان أحد هؤلاء الأوائل الذين أخذوا على عاتقهم توضيح هذا المظهر السلبى للحكمة ، رجلا متشككا يمكن اعتباره الأب الروحى الفلسفى لشوبنهاور .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-01-2014, 02:20 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
المدير التنفيذي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,982
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

- إبوور -

يؤلم هذا الكافر القديم أنه لا يستطيع أن يقدم القرابين لله ؛ لأنه لا يعرف أين يمكن أن يجد الله ، كما يرثى لموجات جرائم البالغين و انحراف الأحداث ، تلك الموجات التى عمت البلاد ، و لما كان يبشر بآرء شوبنهاور و تولستوى ، فإنه حبذ وضع حد للشقاء الانسانى عن طريق انتحار ال*** البشرى : (( من الأفضل أن تنتهى حياة البشر ، فلا حمل و لا ولادة . و إذا قدر للأرض أن تتوقف عن جلبتها ، و للصراع أن ينعدم ، أفلا تكون هذه نهاية جميلة للجميع ؟ ))

ثم لا يلبث أن يمدد أوجه الفساد الذى اساشرى فى عصره فى كلمات لها فى كل عصر صدى حتى فى عصرنا الحاضر :

إلى من أتحدث اليوم ؟ الإخوة الأشرار ، يخدع بعضهم بعضا ، الى من أتحدث اليوم ؟ قلوب شعة ، و كل امرئ يغتال متاع جاره ، الى من أتحدث اليوم ؟ لقد اختفى الرجل الشريف من الوجود ، بينما يعيش الباغى المتعجرف فائزا مظفرا ، الى من أتحدث اليوم ؟ ففى الوقت الذى يجب فيه أن يثير سلوك المرء سخطا نراه يبعث السرور أيضا ، و فى الوقت الذى يستحق فيه السارق الجلد بالسوط ، نراه يكافأ بالثرة و الشهرة .

و بعد هذه الصيحة ضد شرور عصره ، ينظم إبوور قصديدة يمتدح فيها الموت – ذلك الإبراء الرقيق م المرض الذى نسميه الحياة .

(( الموت أمامى اليوم ، و لقاؤه كلقاء رل مري قد استرد صحته ، و كخروجه الى الحديقة بعد إلاله م المرض ، الموت أمامى اليوم مثل رائحة أزهار اللوتس الزكية ، و كأنى جالس تحت الشراع فى يوم بليل النسيم . الموت أمامى اليوم كمجرى جدول ينحدر على سفح الجبل ، كعودة رجل من سفينة حربية الى داره . الموت أمامى اليوم كلهفة الرجل الى رؤية بيته بعد قضاء سنوات طويلات فى الأسر و العناء )) .
و على نقيض المزولة فقد سجل هذا الفيلسوف ساعات الحية المظلمة ، لا ساعاتها المنيرة الشرقة . و بالرغم من ذلك كان دائم البحث عن الله الذى أنكر وجوده . و كان هذا الفيلسوف القديم الذى يمكن أن نطلق عليه " شيلى عصره " يحمل حملة شعواء الظلم ، إذ كان يؤمن فى صدق و حرارة بانتصار العدل فى النهاية . و لم تكن الكراهية و الحب عنده الا جانبين فى حقيقته . و كان فى قرارة نفسه مشتغلا بمثل حماسة المسيح المنتظر ، و تنبأ بزعيم روحى يصح هو الملك الفيلسوف الذى أراده أفلاطون ، أو هو " الفادى " اذى تحدث عنه الأنبياء العبرانيون ، أو هو " المخلص " الذى ذكره الانجيل . و كتب إبوور يقول : [ ينزل هذا الرائد بردا على لهيب الظلم ، فهو راعى البرية جميعها ، و إذا ما افترق أفراد القيع فى مرعاه ، و تاهوا و امتلأت قلوبهم بالخوف فإنه يقضى الساعات تلو الساعات يجمع شملهم و يلم شتاتهم ، و يضرب الأشرار منهم بالآفات ثم يخلص الأخيار – أين هو اليوم ؟ هل صادفه سبات ؟ لا ، اطمئنوا ، فعند ما يحين الوقت فمن المؤكد أنه يستيقظ ] .

و كان إبوور أول فيلسوف اجتماعى فى تاريخ العالم .
و لم يقم إبوور و بتاح حتب الا بتمهيد الطريق لفيلسوف أعظم منهما ، قدر له أن يظهر بعدهما .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-01-2014, 10:55 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
المدير التنفيذي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,982
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

- اخناتون -


يمكن أن نعتبر هذا الملك المصرى واضع نواة أسمى ادراك للفكر البشرى : إله واحد ، عالم واحد – توافق البشر .

و كان الاسم الحقيقى لهذا الملك الفيلسوف ، الذى ظهر حوالى ألف و أربعمائة عام قبل الميلاد : امنحتب الرابع . ثم اتخذ لنفسه اسم اخناتون الذى معناه " مكرس لله " . و بالرغم من أنه لم يتعد ثلاثين عاما عند وفاته ، فقد خلف وراءه ميثاقا للحكمة يصلح لكل العصور .

لقد تأثر بالفلاسفة المصريين الذين سبقوه ، كما تأثر " بكتاب طيبة عن الموتى " ، و كان هذا الكتاب نوعا من " الاعتراف السلبى " الذى كان من المفروض أن تتلوه أرواح الموتى فى يوم حشرهم ، و كان إقرارا منهم بأنهم قد أمسكوا عن مخالفة وصايا الله : لك المجد أيها الاله العظيم ، إله الحق و العدل ، لقد استدعيت لأقف أمامك ، ياسيدى ، حتى أرى بهاءك و أقدم حسابى ... لم أقم بإيذاء أى انسان ، و لم أظلم الفقراء ... و لم أكلف نفسا عملا فوق طاقتها ... لم أهمل واجباتى ، كما لم أرتكب منكرا يغضب الله ... لم أمنع عن الجياع طعاما ، لم أسبب لأحد ألما أو أسل له دمعا ... لم أغش فى مكيال أو ميزان ، و لم أحرم الرضع لبنهم ... و لم أغتصب شيئا يخص إنسانا أو يتعلق بالله ... إنى طاهر ، طاهر ، طاهر . "

و قد كان هذا الاقرار عن الخير – أو قل – نفى الشر ، مادة للسخرية عند زمرة الكهنة الفاسقين . فالكهنة – كما هى القاعدة – كانوا متمسكين بمبدأ تعدد الآلهة بدلا من الاله الواحد . و كان همهم المحصور فى بيع التمائم و التعاويذ ( و كلما ازدادت الآلهة ، ازدادت التمائم ) أكثر منه فى تعليم الفضيلة . و من تعاليمهم لأتباعهم أنه إذا نسى المرء أن يتلوا إقراره و اكتفى بعرض التمائم السحرية التى اشتراها من الكهنة ، فإن الآلهة تغفر له ذنوبه .

و هكذا انحطت المبادئ الخلقية فى مصر و تحولت الى طقوس من الشعوذة . و لذا كان هدف اخناتون أن يضع حدا لهذا الفساد . فبدأ ثورة دينية أخلاقية ، و لو أن هذا العمل قصر أجله فمات فى سن مبكرة . فقد كان شهيد الحق .

و كان هذا الحق ، كما ارتآه إخناتون ، يصور الها واحدا أعظم ، تطل سماؤه حانية من عل فوق جسم الأرض .

" من هذا العناق المقدس تخلق كل الأشياء بجسم يتكون من طين أرضى و روح أساسها نار سماوية " . و قد أعلن اخناتون أن هذه النار التى لا تنطفئ لا تحل فى المخلوقات البشرية فحسب ، و إنما فى كل مايخلق من أشياء – فى النخلة التى تمدنا بظلها الظليل ، و النهر الذى يروى سهلنا ، و عين الماء التى تطفئ ظمأنا ، و الزهرة تعبق الجو برائحتها الزكية و تدخل البهجة الى قلوبنا بجمالها ، و حتى البصلة الوضيعه التى تجعل لمأدبة الحياة طعما شهيا .

و ما إيمان اخناتون بقوة علوية واحدة إلا أول تعبير رسمى عن التوحيد فى التاريخ . و لكن فكرة وجود الإله فى كل شئ تجعل فلسفة اخناتون أقرب – نوعا ما – الى المذهب الحلولى ( ألوهية الكون ) منها الى مذب التوحيد –.

و قد عبر الملك المصرى عن فلسفته الدينية فى قصيدة شعرية ، و هى أحد أناشيد العالم السامية :

أيها الاله الحى ، يا مبدع الحياة

إشراقك جميل فى أفق السماء

لقد خلقت كل الأشياء و تسير كل شئ حسب مشيئتك

إنك تربط جميع الأقطار و الأمم برباط محبتك

* * *

تضئ الأرض عندما ينبزغ نور فجرك

فتصحو الأرض من نومها مبتهجة

و ترفع جميع المخلوقات أصواتها

بأنشودة العبادة لك يامصدر النور و الضياء

كل الأشياء الحية على الأرض و فى الجو و البحر

تمتلئ جوانبها بلهب مجدك

أنت خالق النبات فى الأرض

و البذور فى الأرحام

أنت قد غرستها و أخرجتها الى الحياة

عندما يتحرك جنين الطير فى بيضته

تمنحه الأنفاس ليكسر قشرتها

و يخرج الى ضوء الحياة

كل شئ حى و أنت حياة العالم

* * *

كم من عجائب تصنعها أيها السيد

الإله الواحد الحى لجميع الكون

أنت الأب المحب للناس جميعا

فى مصر و سوريا و جميع أقطار الأرض "

و هنا نجد أول شعاع للأخوة العالمية التى تضم أعضاء أسرة آدمية واحدة منتشرة فى جميع أنحاء العالم . و يذكر اخناتون فى هذا الصدد : " أن هناك نيلا للمصريين تحت أبصارهم ، بينما هناك نيل آخر من الماء الحى فى السماء لجميع الغرباء من الأقطار الأخرى ، و للماشية التى تعيش فى كل أرض " .

و قال اخناتون إنه على ضفتى نهر الحياة فى السماء توجد قصور رحبة كثيرة ينزل الله فيها جميعا لأن قلب الإنسان هو مسكنه .

و هكذا نرى أن فجر التاريخ لم يكد يبزغ حتى قدم ملك مصر الفيلسوف الى العالم المذهب الذى هداه تفكيره و خياله اليه : أسرة انسانية واحدة و إله واحد – الأب الرحيم للجميع ، إله الحب .

و أمر اخناتون بتحطيم جميع التماثيل المقامة لآلهة المذاهب البدائية التى سبقته ، كما أغلق معابدها ، و هجر مدينة طيبة الملكية لأن اعتبرها نجسة ، و بنى لنفسه عاصمة جديدة أطلق عليها اسم " مدينة الله "

و لفترة قصيرة اذدهرت أفكار اخناتون فى هذه المدينة الجديدة و جعل منها مركزا للأدب و الفن . و لكن كهنة المذاهب القديمة حنقوا عليه لضياع ما كان يدخل لهم من بيع التمائم و التعاويذ ، فكان هلاكه على أيديهم . و هكذا لم يكن عيسى أول ضحية للصيارفة فى هياكل العالم .

و يظهر هذا العرض المقتضب للفكر المصرى – و هو أول ما سجل من فلسفة فى العالم – أقول يظهر هذا العرض حقيقة هامة : القديم إن هو الا الجديد بعينه ، و الجديد إن هو الا القديم بعينه ، و ما حكمتنا الحديثة كلها الا تكرار لحكمة المفكرين و الأنبياء القدامى .

و سنرى هذه الحقيقة تتكرر فى أشكال كثيرة مختلفة ، و فى أضواء كثيرة مختلفة أيضا ، عندما نتتبع تيار الفلسفة من منابعها الأولى حتى يومنا هذا .
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:40 PM.