#1
|
||||
|
||||
ومضات قرآنية في شهر القرآن
بقلم: د. مصطفى شلبي نعيش مع قصة قرآنية وصفها المولى عز وجل بأحسن القصص، مع قصة يوسف عليه السلام، وصدق الله العظيم فيما تحدث به عن هذه القصة (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)) (يوسف)، فما نزلت قصة كاملة في سورة واحدة مثل هذه القصة، وما وردت ابتلاءات متعددة ومتضادة مثل ما وردت بقصة سيدنا يوسف عليه السلام، فما بين ابتلاء حسد الإخوة إلى فراق الأهل إلى الإلقاء في الجب المظلم المليء بالحيات والعقارب وهو ابن الثانية عشرة إلى الرق والعبودية، إلى الاتهام في الشرف إلى السجن إلى الرخاء والنعم بعد أن مكن وأصبح على خزائن الأرض. نلتقط زهرات من قصة يوسف عليه السلام الزهرة الأولى: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (30) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32)) (يوسف). فهنا يسلط الضوء على الحالة التي يعيش فيها سكان القصور من الحكام الظلمة هم وأهليهم واهتماماتهم التافهة، فلا معرفة ولا إحساس منهم بأحوال الناس، لا يعيشون أتراح الناس، ليس عندهم علم بمشكلات الناس ولا يعانون مما يعانيه الناس. كتبت أستاذة في الجامعة كانت تشترك في أحد المؤتمرات مع زوجة الرئيس المخلوع فوصلت الأستاذة الجامعية لمكان المؤتمر متأخرة نصف ساعة فاعتذرت لها عن التأخير بسبب الازدحام المروري فردت زوجة المخلوع متسائلة كيف؟ وذكرت أنها حضرت إلى المكان وكانت الشوارع غير مزدحمة وهناك انسياب مروري، ولا تعلم أن الشوارع تفتح لها وإشارات المرور تغلق في وجه المواطنين حتى تسير بشوارع فارغة من المارة. فكان اهتمام امرأة العزيز هو كيف تراود فتاها عن نفسه، وصويحباتها لا اهتمام لهن إلا الحديث عن هذا الأمر وبالرغم من معرفة العزيز لما يدبر في بيته ما زاد على أن قال: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29)) (يوسف)، يعني يا يوسف اكتم عنا ما حدث حفاظًا على سمعتهم ويا امرأة استغفري لذنبك وترك الأمر على ما هو، يوسف في القصر وامرأة العزيز على ما هي عليه من عزم لمراودة يوسف عليه السلام عن نفسه. وبعد أن تم تحقيق وبمعرفة العزيز تظهر براءة يوسف عليه السلام وبالرغم من ذلك يسجنونه (ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)) (يوسف)، وحتى حين تعني حتى ننظر في الأمر أو إلى أجل غير مسمى، وهكذا الظالمون لا يعرفون لحرية الإنسان حرمة، لا يدرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن امرأة دخلت النار في قطة حبستها"، ويذكرني هذا بالرئيس المخلوع الذي سجن من قال له في الحرم المكي "اتق الله" فسجنه حتى حين ومكث في السجن ما يزيد عن خمسة عشر عامًا. الزهرة الثانية: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36)) (يوسف) دخل معه السجن اثنان من الجنائيين فعاش مع السجناء داخل السجن يأكل ويشرب معهم ينام معهم يشعر بمشاعرهم ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم يداوى سقيمهم ويواسي مصابهم ويربت على كتف الحزين، يؤثرهم على نفسه في المأكل والمشرب والملبس. كان معهم على حال جعلهم يلتفون حوله، يثقون فيه ما ألم بأحدهم بملمة إلا وقصده وقد أحسنوا التعبير عن حاله معهم بقولهم: (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)، أي أنه عليه السلام ما فعل معهم شيء من ذلك إلا ابتغاء الأجر من الله الذي يوقن أنه يراه. ومن هنا نعلم أن من أراد أن ينال ثقة الناس فليعش في الناس كيوسف (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ). ما أحوجنا أن نعامل زوجاتنا وأبناءنا وآباءنا وجيراننا وزملاءنا بمنهج يوسف عليه السلام (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ). الزهرة الثالثة: (قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)) (يوسف). لما حكى يوسف عليه السلام لهم ما فعلوه أدركوا أنه هو يوسف فلا يعرف حقيقة ما حدث إلا هم ويوسف. (قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا)، وهذا حال المؤمن يرجع ما به من نعمة لله سبحانه. (إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ)، هنا يدلنا يوسف على الوصفة التي أنجاه الله بها من هذه الابتلاءات المتعددة والمتنوعة. فمن أراد النجاة من فتن الحياة وابتلاءاتها سواء ابتلاء السراء أو الضراء فعليه بـ(إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ). الزهرة الرابعة: (قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91)) (يوسف). وإن كنا لخاطئين، اعترفوا بذنبهم وخطئهم أولاً فكان العفو والصفح من يوسف عليه السلام قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)) (يوسف)، وهذه رسالة لمن يذهبون إلى جنوب إفريقيا لدراسة حالة الوفاق الوطني والمصالحة الوطنية بين المجتمع وأعضاء وأعوان النظام السابق وأقول لهم هذا منهج قرآني رباني لتحقيق المصالحة الوطنية فليعترف الذين أفسدوا البلاد والعباد، وأهلكوا الحرث والنسل وحرقوا اليابس والأخضر وامتصوا دماء الشعب بالاختلاس والسلب والنهب وأعظم ما فعلوه أن حطموا الإنسان المصري، فليعترف هؤلاء بخطئهم أولاً، ولينتظروا النتيجة الطبيعية من شعب مؤمن متدين قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)) (يوسف). أما أنهم لا يزالون يحاولون العودة لما كانوا عليه بثورة مضادة، أسلحتها انفلات أمني مصطنع، وأزمات تموينية سواء بالغاز أو الجاز، وعمليات ترويع للمواطنين من خطف ونهب وسرقة وقطع للطرق، وحملات إعلامية لتشويه الشرفاء ممن شاركوا في الثورة على اختلاف اتجاهاتهم وتوجهاتهم السياسية، نقول لهم كيف وأنتم مازلتم تصرون على ما أنتم عليه تريدون من شعوبكم أن تغفر لكم وأن تتقبلكم مواطنين لكم ما لهم وعليكم ما عليهم، فإن كنتم تريدون ذلك فعليكم بمنهج إخوة يوسف ولتعترفوا بخطئكم (وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ). أسأل الله أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور أبصارنا، ونسأله سبحانه أن يؤلف بالقرآن قلوبنا وأن يجمع قلوب الأمة على القرآن وأن يرزق ولاة أمورنا البطانة الصالحة التي تعينهم على الصلاح في القول والعمل، وأن يهيئ لهم طريق الرشاد فيصلح به أحوال البلاد والعباد، كما أسأله كما من علينا بكرمه وجوده وفضله فبلغنا رمضان أن يبلغنا جميعًا ليلة القدر وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
__________________
قلب لايحتوي حُبَّ الجهاد ، قلبٌ فارغ .! فبالجهاد كنا أعزة .. حتى ولو كنا لانحمل سيوفا .. آخر تعديل بواسطة صوت الامة ، 08-08-2012 الساعة 03:22 PM |
#2
|
|||
|
|||
,...............
|
#3
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا أخى الكريم
|
#4
|
|||
|
|||
جزاكم الله خيرا
|
#5
|
||||
|
||||
جزاك الله خيرا
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
جزاكم الله خيرا
استاذي الفاضل الشيخ اسامة ************* **************************
__________________
|
#7
|
|||
|
|||
جزاكم الله خيرا
استاذي الفاضل |
#8
|
||||
|
||||
جزاك الله خير
|
#9
|
||||
|
||||
جزاكم الله خيرا وبارك لكم
__________________
لا تأسفــن علـى غدر الـصحاب لطالما*** رقـــصت على جثث الاسود كلاب لا تحسبن برقصها تعلو على اسيادها *** تبقى الاسود اسود والكلاب كلاب youssef darwish.jo
|
#10
|
||||
|
||||
جزاكم الله خيراً
وجعله الله فى ميزان حسناتكم
__________________
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|