اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

  #1  
قديم 11-06-2013, 02:10 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

فوائد التحلي بالمروءَة واجتناب ما يخرمها
1- صون النفس، وهو حفظها وحمايتها عما يشينها، ويعيبها ويزري بها عند الله عزَّ وجلَّ، وملائكته، وعباده المؤمنين، وسائر خلقه .
2- توفير الحسنات، ويكون ذلك من وجهين:
أحدهما: توفير زمانه على اكتساب الحسنات، فإذا اشتغل بالقبائح نقصت عليه الحسنات التي كان مستعدًّا لتحصيلها.
والثاني: توفير الحسنات المفعولة عن نقصانها، بموازنة السيِّئات وحبوطها، فإنَّ السيِّئات قد تحبط الحسنات، وقد تستغرقها بالكلية أو تنقصها، فلابد أن تضعفها قطعًا؛ فتجنبها يُوَفِر ديوان الحسنات، وذلك بمنزلة من له مال حاصل، فإذا استدان عليه؛ فإمَّا أن يستغرقه الدين أو يكثره أو ينقصه، فهكذا الحسنات والسيئات سواء .
3- صيانة الإيمان؛ وذلك لأنَّ الإيمان عند جميع أهل السُّنَّة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وقد حكاه الشافعي وغيره عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وإضعاف المعاصي للإيمان أمر معلوم بالذوق والوجود، فإنَّ العبد- كما جاء في الحديث- إذا أذنب نُكِت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب واستغفر صقل قلبه، وإن عاد فأذنب نُكت فيه نكتة أخرى، حتى تعلو قلبه .
4- سبيل إلى نيل المطالب العالية، والسبق إليها، وإن كثر عليها المتنافسون، قال بعْض الْعلماءِ: إذَا طلب رجلانِ أَمْرًا ظفِر بِهِ أَعْظمهما مروءةً .
5- التحلي بها مما يزيد في ماء الوجه وبهجته، قال ابن القيم: (أَربعةٌ تزِيد فِي ماءِ الوجهِ وبهجتِهِ: المروءَة، والوفاء، والكرم، والتَّقوى) .
6- تحجز المرء عن كلِّ لذة يتبعها ألم، وكل شهوة يلحقها ندم، فهي جُنَّة عن اللذائذ المحرمة، والشهوات المهلكة، وقد قيل: (الدين، والمروءَة، والعقل، والروح، ينهين عن لذة تعقب ألمًا، وشهوة تورث ندمًا) .
7- والمروءَة مانعة من الكذب، باعثة على الصدق؛ لأنها قد تمنع من فعل ما كان مستكرهًا، فأولى من فعل ما كان مستقبحًا .
8- داعية إلى إنصاف الرجل لجميع الخلق، سواء في ذلك من كان دونه، أو من كان فوقه، لا يفرق بين هؤلاء وهؤلاء.
9- داعية إلى الرفعة والعلو، والمنافسة في خيري الدنيا والآخرة، وعدم الرضا من الشيء إلا بأعلاه وغايته.
10- تحمل صاحبها إلى الترفع عن سفاسف الأمور، ومحقراتها.
11- تحجزه عن الوقوع في مواطن الريب والشبهات، وإن حصل ووقع في مثل هذه المواطن تحمله على التخلص منها وعدم الرجوع إليها.
12- جالبة لمحبة الله تبارك وتعالى للعبد، ومن ثم محبة الخلق له.
__________________
  #2  
قديم 11-06-2013, 02:11 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أقسام المروءَة

كل من تكلم عن المروءَة وحدِّها وبيانها لم يخرجها عن أحد نوعين:
إما أفعال أو تروك، وهذا ما بيَّنه أبو حاتم البستي بعد أن سرد مجموعة من الأقوال في تعريف المروءَة، قال: (والمروءَة عندي خصلتان:
- اجتناب ما يكره الله والمسلمون من الفعال.
- واستعمال ما يحبُّ الله والمسلمون من الخصال) .
وهذا ما عناه ابن القيم بقوله: (وحقيقة المروءَة تجنب للدنايا والرذائل، من الأقوال، والأخلاق، والأعمال، فمروءة اللسان: حلاوته، وطيبه، ولينه، واجتناء الثمار منه بسهولة ويسر. ومروءة الخلق: سعته وبسطه للحبيب والبغيض. ومروءة المال: الإصابة ببذله مواقعه المحمودة، عقلًا وعرفًا وشرعًا. ومروءة الجاه: بذله للمحتاج إليه. ومروءة الإحسان: تعجيله، وتيسيره، وتوفيره، وعدم رؤيته حال وقوعه، ونسيانه بعد وقوعه، فهذه مروءة البذل.
وأما مروءة الترك: فترك الخصام، والمعاتبة، والمطالبة، والمماراة، والإغضاء عن عيب ما يأخذه من حقِّك، وترك الاستقصاء في طلبه، والتغافل عن عثراته) .
وبهذا التقسيم -أعني مروءة الفعل والبذل ومروءة الترك- ينتظم جميع الأقوال التي عرفت بها المروءَة في سلك واحد.
__________________
  #3  
قديم 11-06-2013, 02:14 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

شروط المروءَة
للمروءة شروط لا تتأتى إلا بها، ولا يحصلها الشخص إلا بنوع من المعاناة وبذل الجهد، يقول الماوردي: (من حقوق المروءَة وشروطها ما لا يتوصَّل إليه إلَّا بالمعاناة، ولا يوقف عليه إلَّا بالتَّفقُّد والمراعاة، فثبت أنَّ مراعاة النَّفس على أفضل أحوالها هي المروءَة.
وإذا كانت كذلك فليس ينقاد لها مع ثقل كلفها إلَّا من تسهَّلت عليه المشاقُّ رغبةً في الحمد، وهانت عليه الملاذُّ حذرًا من الذَّمِّ) .
وقد عدَّد بعض البلغاء بعض شروط المروءَة، فقال: (من شرائط المروءَة أن تعفَّ عن الحرام، وتتصلَّف عن الآثام، وتنصف في الحكم، وتكفَّ عن الظلم، ولا تطمع في ما لا تستحق، ولا تستطيل على من لا تسترق، ولا تعين قويًّا على ضعيف، ولا تؤثر دنيًّا على شريف، ولا تُسِرَّ ما يُعقب الوزر والإثم، ولا تفعل ما يقبح الذكر والاسم) .
وقد أجاد الماوردي في بيان شروط المروءة، مع حسن التقسيم، وبراعة العرض، وفيما يلي تلخيص لكلامه:
من هذه الشروط:
الأول شروط المروءَة فِي نفسِ الشخص: وشروطها فِي نفسِه بعد التِزامِ ما أوجبه الشَّرع من أحكامِه يكون بثلاثة أمورٍ وهي:
1- العِفَّة: وهي نوعان:
أحدهما: العِفَّة عن المحارِمِ: وهذه تكون بشيئين اثنين:
أحدهما: ضبط الفرجِ عن الحرامِ.
والثَّانِي: كفُّ اللِّسانِ عن الأعراضِ.
والثَّانِي: العِفَّة عن المآثِمِ: وهذه أيضًا لا تكون إلا بشيئين:
أَحدهما: الكفُّ عن المجاهرةِ بِالظُّلمِ.
والثَّانِي: زجر النَّفسِ عن الإِسرارِ بِخِيانةٍ.
2- النَّزاهة: وهي نوعانِ:
أَحدهما: النَّزاهة عن المطامِعِ الدَّنِيَّةِ .
والثَّاني: النَّزاهة عن مواقف الرِّيبة.
3- الصِّيانة: وهي نوعانِ:
أَحدهما: صِيانة النَّفسِ بالتِماس كِفايتها، وتقدِير مادَّتها.
والثَّاني: صيانتها عن تحمُّل المنن من النَّاسِ، والاسترسال في الاستعانة.
الثَّانِي: شروط المروءَة في غيره، وتكون بثلاثة أمور وهي:
- المؤازرة: وهي نوعانِ:
أحدهما: الإِسعاف بِالجاه.
والثَّاني: الإسعاف فِي النَّوائِب.
- والمياسرة وهي نوعانِ:
أَحدهما: العفو عن الهفوات.
والثَّانِي: المسامحة في الحقوق وهي نوعان:
المسامحة في عقودٍ: بأَن يكون فيها سهل المناجزةِ، قلِيل المحاجزةِ، مأمون الغيبةِ، بعِيدًا مِن المكرِ والخدِيعةِ.
المسامحة في حقوق: وتتنوَّع المسامحة فِيها نوعينِ:
أَحدهما فِي الأَحوالِ: وهو اطِّراح المنازعةِ فِي الرُّتبِ، وترك المنافسةِ فِي التَّقدُّمِ.
والثَّانِي فِي الأَموالِ: وهي ثلاثة أنواع: وهي مسامحة إسقاطٍ لِعدمٍ، ومسامحة تخفِيفٍ لِعجزٍ، ومسامحة إنكارٍ لِعسرةٍ.
- والإِفضال: وهو نوعان:
إفضال اصطِناعٍ: وهو نوعان:
أحدهما: ما أَسداه جودًا فِي شكورٍ.
والثَّانِي: ما تأَلَّف به نبوة نفورٍ.
وإِفضال استكفافٍ ودِفاعٍ:
وذلك لأَنَّ ذا الفضلِ لا يعدم حاسِد نِعمةٍ، ومعانِد فضِيلةٍ، يعترِيهِ الجهل بِإِظهارِ عِنادِهِ، ويبعثه اللُّؤم على البذاءِ بِسفهِهِ، فإِن غفل عن استِكفافِ السُّفهاءِ، وأَعرَض عن استِدفاعِ أَهلِ البذاءِ، صار عِرضه هدفًا لِلمثالِبِ، وحاله عُرضةً للنَّوائب، وإذا استكفى السَّفِيه، واستدفع البذِيء صان عرضه، وحمى نِعمته.
ولاستِكفافِ السُّفهاءِ بالإِفضالِ شرطان:
أحدهما: أَن يخفِيه حتَّى لا ينتشِر فِيهِ مطامِع السُّفهاء، فيتوصَّلون إلى اجتِذابِهِ بِسبِّه، وإِلى مالِه بِثلبِه.
والثَّاني: أَن يتطلَّب له فِي المجاملة وجهًا، ويجعله فِي الإِفضال عليه سببًا؛ لأَنَّه لا يرى أَنَّه على السَّفهِ واستِدامةِ البذاءِ .
__________________
  #4  
قديم 11-06-2013, 02:16 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

درجات المروءَة

للمروءة ثلاث درجات ذكرها ابن القيم، فقال:
- الدرجة الأولى: مروءة المرء مع نفسه وهي أن يحملها قسرًا على ما يجمل ويزين، وترك ما يدنس ويشين ليصير لها ملكة في العلانية، فمن أراد شيئًا في سرِّه وخلوته، ملكه في جهره وعلانيته، فلا يكشف عورته في الخلوة، ولا يتجشأ بصوت مزعج ما وجد إلى خلافه سبيلًا، ولا يخرج الريح بصوت وهو يقدر على خلافه، ولا يجشع وينهم عند أكله وحده.
وبالجملة: فلا يفعل خاليًا ما يستحي من فعله في الملأ، إلا ما لا يحظره الشرع والعقل؛ ولا يكون إلا في الخلوة كالجماع والتخلي ونحو ذلك.
- الدرجة الثانية: المروءَة مع الخلق، بأن يستعمل معهم شروط الأدب والحياء والخلق الجميل، ولا يظهر لهم ما يكرهه هو من غيره لنفسه، وليتخذ الناس مرآة لنفسه، فكلُّ ما كرهه ونفر عنه من قول أو فعل أو خلق فليجتنبه، وما أحبَّه من ذلك واستحسنه فليفعله.
وصاحب هذه البصيرة ينتفع بكلِّ من خالطه وصاحبه، من كامل، وناقص، وسيئ الخلق، وحسنه، وعديم المروءَة، وغزيرها. وكثير من الناس يتعلم المروءَة ومكارم الأخلاق من الموصوفين بأضدادها، كما روي عن بعض الأكابر أنه كان له مملوك سيئ الخلق، فظٌّ غليظ لا يناسبه، فسُئل عن ذلك فقال: أدرس عليه مكارم الأخلاق. وهذا يكون بمعرفة مكارم الأخلاق في ضد أخلاقه، ويكون بتمرين النفس على مصاحبته ومعاشرته والصبر عليه.
- الدرجة الثالثة: المروءَة مع الحقِّ سبحانه، بالاستحياء من نظره إليك، واطلاعه عليك في كلِّ لحظة ونفس، وإصلاح عيوب نفسك جهد الإمكان، فإنه قد اشتراها منك، وأنت ساع في تسليم المبيع وتقاضي الثمن، وليس من المروءَة: تسليمه على ما فيه من العيوب وتقاضي الثمن كاملًا، أو رؤية مِنَّته في هذا الإصلاح، وأنَّه هو المتولِّي له لا أنت، فيغنيك الحياء منه عن رسوم الطبيعة، والاشتغال بإصلاح عيوب نفسك عن التفاتك إلى عيب غيرك، وشهود الحقيقة عن رؤية فعلك وصلاحك .
__________________
  #5  
قديم 11-06-2013, 02:24 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

صور المروءَة وآدابها
للمروءة آدابٌ كثيرة قلَّ أن تجتمع في إنسان إلا أن يشاء الله تعالى؛ ولذلك فإنَّ منازل الناس فيها تتباين تبعًا لما يُحصِّله الإنسان من آدابها ومراتبها.
قال ابن هذيل: إنَّ (للمروءة وجوهًا وآدابًا لا يحصرها عدد ولا حساب، وقلَّما اجتمعت شروطها قط في إنسان، ولا اكتملت وجوهها في بشر، فإن كان ففي الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم دون سائرهم، وأمَّا الناس فيها فعلى مراتب بقدر ما أحرز كلُّ واحد منهم من خصالها، واحتوى عليها من خلالها) .
وقد وردت جُملةٌ من الآداب التي يجب أن يتمتع بها صاحب المروءَة، ومنها :
1- أن يكون ذا أناةٍ وتؤدةٍ؛ فلا يبدو في حركاته اضطراب أو عجلة، كأن يُكثر الالتفات في الطريق، ويعجل في مشيه العجلة الخارجة عن حد الاعتدال.
2- أن يكون متَّئدًا في كلامه يرسل كلماته مفصَّلة، ولا يخطف حروفها خطفًا، حتى يكاد بعضها يدخل في بعض، بل يكون حسن البيان، واضح العبارة، بعيدًا عن التكلف والتقعر، ينتقي أطايب الحديث، كما ينتقي أطايب الثمر، وقد كتب عُمر بن الخَطَّاب رضي الله عنه إِلى أبي موسى رضي الله عنه: (خُذِ النَّاس بالعربِيَّة، فإِنَّه يزيد في العَقل، ويُثبت المروءَة) .
3- أن يضبط نفسه عن هيجان الغضب، أو دهشة الفرح، وأن يقف موقف الاعتدال في حالي السرَّاء والضرَّاء.
4- أن يتحلَّى بالصراحة، والترفع عن المواربة، والمجاملة، والنفاق، فلا يُبدي لشخصٍ الصداقة، وهو يحمل له العداوة، أو يشهد له باستقامة السيرة، وهو يراه منحرفًا عن السبيل.
5- ألا تطيش به الولاية والإمارة في زهو، ولا ينزل به العزل في حسرة.
6- ألاَّ يفعل في الخفاء ما لو ظهر للناس لعدُّوه من سقطاته والمآخذ عليه، وقد رفع محمد بن عمران التيمي شأن هذا الأدب حتى جعله هو المروءَة، فقال لما سئل عن المروءَة: ألَّا تعمل في السِّر ما تستحي منه في العلانية.
7- أن يتجنب القبائح لقبحها ووخامة عاقبتها، فيكون تجنبه لها في السِّر والعلانية.
8- أن يلاقي الناس بطلاقة وجه، ولسان رطب، غير باحث عما تكنُّه صدورهم من مودة، أو بغضاء، ولكنه لا يستطيع أن يرافق ويعاشر إلا ودودًا مخلصًا.
9- أن يكون بخيلًا بوقته عن إطلاق لسانه في أعراض الناس، والتقاط معايبهم، أو اختلاق معايب لهم، فهو لا يرضى بأن يشغل وقته إلا بما تتقاضاه المروءَة من حقوق، قال رجل لخالد بن صفوان: كان عبدة بن الطيب لا يحسن يهجو، فقال له: لا تقل ذلك، فوالله ما تركه من عي، ولكنه كان يترفع عن الهجاء، ويراه ضعة، كما يرى تركه مروءةً وشرفًا، وأنشد قول أبي الهيذام:


وأجرأ من رأيت بظهر غيب***على عيب الرجال ذوو العيوب



وربما اضطر ذو المروءَة أن يدافع شرَّ خصومه الكاشحين بذكر شيء من سقطاتهم، ولكن المروءَة تأبى له أن يختلق لهم عيبًا يقذفهم به، وهم منه براء، فإنَّ الإخبار بغير الواقع يقوض صروح المروءَة، ولا يبقي لها عينًا ولا أثرًا، قال الأحنف: لا مروءة لكذوب، ولا سؤدد لبخيل.
كما أنه يحفظ لسانه عن أن يلفظ مثلما يلفظ أهل الخلاعة من سفه القول:


وحذار من سفه يشينك وصفه***إنَّ السفاه بذي المروءَة زاري



10- أن يتجنب تكليف زائريه وضيوفه ولو بعملٍ خفيف؛ فقد ورد عن عمر ابن عبد العزيز رحمه الله قوله: (ليس من المروءَة استخدام الضيف).
- أن يسود في مجلسه الجدُّ والحكمة، وأن لا يلمَّ في حديثه بالمزاح إلا إلمامًا، مؤنسًا في أحوال نادرة، قال الأحنف بن قيس: (كثرة المزاح تذهب المروءَة).
11- أن يُحسن الإصغاء لمن يُحدثه من الإخوان، فإنَّ إقباله على محدثه بالإصغاء إليه يدلُّ على ارتياحه لمجالسته، وأُنسه بحديثه. وإلى هذا الأدب الجميل يُشير أبو تمام بقوله:


من لـي بإنسانٍ إذا أغضبته***ورضيتُ كان الحِلم ردَّ جوابه



وتراه يُصغي للـحديث بقلبه***وبسـمعه، ولعـله أدرى بـه



12- أن يحتمل ضيق العيش، ولا يبذل ماء حيائه وكرامته في السعي لما يجعل عيشه في سعة، أو يديه في ثراء، قال مهيار:


ونفس حرة لا يزدهيها ***حلى الدنيا وزخرفها المعار



يبيت الحق أصدق حاجتيها***وكسب العز أطيب ما يمار



13- ألَّا يظهر الشكوى من حوادث الدهر إلا أن يتقاضى حقًّا:


لا يفرحون إذا ما الدهر طاوعهم ***يومًا بيسر ولا يشكون إن نكبوا





وقال عبد الله بن الزبير الأسدي في عمر بن عثمان بن عفان:


فتى غير محجوب الغنى عن صديقه***ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت



14- أن يكون حافظًا لما يؤتمن عليه، من أسرارٍ وأُمور لا ينبغي أن تظهر لأحدٍ غير صاحبها. وفي هذا المعنى يقول المتنبي:


كفتك المروءَة ما تتقى***وأمَّنك الود ما تحذر



يريد أنه ذو مروءة، وذو المروءَة لا يُفشي سرًّا اؤتمن عليه.
15- أن يحذر أن يؤذي شخصًا ما، وأشد ما يحذر أن يؤذي ذا مروءة مثله:


وأستحيي المروءَة أن تراني ***ت مناسبي جلدًا وقهرًا



16- أن يحرص على أن تطابق أقواله وأفعاله ما جرت عليه الأعراف والتقاليد الحسنة، والتي لا تخالف الشرع ولا تضادُّ الدين.
17- أن يعامل الآخرين بما يحب أن يعاملوه به، وأن يحترمهم ولا يفضل نفسه عليهم في شيء.
__________________
  #6  
قديم 11-06-2013, 02:26 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أسباب خوارم المروءَة

1- الخبل في العقل (أي الفساد فيه):
إن الإنسان سمي مرءًا أو امرءًا أي عاقلًا، ووصف بالمروءَة؛ لأنه لا يتصف بخلافها إلا الحمقى، ومن هنا كان الخبل في العقل سببًا في اقتراف خوارم المروءَة، والذي يجعلنا لا نثق بكلامه فنرد شهادته بسببه.
ولا تستغرب هذا! بل من الحكماء من جعل المروءَة أعلى درجة من العقل، فقال: (العقل يأمرك بالأنفع، والمروءَة تأمرك بالأرفع) فمن أخلَّ بمروءته رضي بالدون، ولم يكرم نفسه مما يشينها.
ويلتقي هذا مع اشتراط الفقهاء الفطنة وعدم التغفل في الشهود ولو كانوا عدولًا، وعدم قبول شهادة المجنون ابتداءً.
2- نقصان الدين:
إنَّ الفسق علامة على النقص في الدين، فلا يقدم على الكبائر مثلًا إلا فاسق غير مبال بدينه، وكذا خوارم المروءَة لا يقدم عليها حتى تخرم مروءته إلا ناقص دين، فكان أحد الأسباب التي تخرم المروءَة.
3- قلة الحياء:
إنَّ من أسباب فعل الخوارم قلة الحياء؛ لأنَّ فاعلها لا يستقبح القبيح، ولا يبالي بكلام الناس، وقلة حيائه تعطيه الجسارة في فعل خوارم المروءَة .
__________________
  #7  
قديم 11-06-2013, 02:28 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أنواع خوارم المروءَة
يمكن أن نقسم خوارم المروءَة إلى نوعين اثنين:
الأول: خوارم للمروءة بحسب الشرع.
الثاني: خوارم للمروءة بحسب العرف السائد.
فالأولى لا تتغير ولا تتبدل بتبدل الأحوال والأزمان؛ لأنها تستمد ثباتها من الشرع الحنيف. وعليه، فكلُّ من وصف بأنَّه منخرم المروءَة بواحدة من تلك الخوارم، فهو مخروم المروءَة في كلِّ حين، كأخذ الأجر على التحديث عند مَن يرى حرمة ذلك، فمن خرمت مروءته لهذا، فإنَّه لا يزال على ذلك أبدًا، وكذلك مَن خرمت مروءته بسبب السفه، وبذاءة اللسان؛ لأنَّ المسلم لا يكون بذيئًا ولا سفيهًا...
وأمَّا الخوارم التي ترجع إلى مخالفة عرف سائد، فإنَّ المحققين من العلماء لا ينظرون إليها سواء بسواء مع تلك الخوارم التي ترجع إلى مخالفة أصل شرعي؛ لجواز أن يتغير العرف السائد، فما يعدُّ من الخوارم في زمن لا يكون كذلك في زمن آخر، وما يعدُّ من الخوارم في بلد لا يكون كذلك في بلد آخر... (لاختلاف العرف في هذين البلدين، مثل: كشف الرأس، فقد يكون مستقبحًا في بلد للعرف السائد فيه، فيكون قادحًا في المروءَة والعدالة، وقد لا يكون مستقبحًا في بلد آخر، فلا يكون قادحًا في العدالة) ولهذا فإن المروءَة في مثل هذا هي مراعاة العرف السائد .
شروط الأفعال حتى تكون خارمة للمروءة:
الأول: أن يكون الإقدام على الأفعال والأقوال المحرمة شرعًا، ولو لمرة واحدة، أو المكروهة بشرط التكرار، أو الصغائر بشرط الغلبة على الطاعات، أمَّا المباحات فيشترط فيها حتى تكون خارمة للمروءة، قبحها في العادات والأعراف المعتبرة شرعًا، إذ لا يُؤمن معها الجرأة على الكذب، والإدمان على فعلها.
الثاني: الإدمان أو الإصرار أو الغلبة:
خوارم المروءَة من المحرمات لا يشترط فيها الإدمان، وكذلك صغائر الخسة، أما الصغائر ورذائل المباحات فيشترط فيها الإدمان؛ وذلك لأنَّ الإنسان لا يسلم من يسير اللهو، أو فعل بعض المباحات؛ لعدم العصمة، وليس هذا شرطًا متفقًا عليه
__________________
 

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة

أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:58 PM.