#1
|
|||
|
|||
الصيام والقصاص.. رباط وثيق وتناغم
بقلم/ تراجي الجنزوري تنزيل من حكيم حميد كلما فتحت المصحف وشرعت في قراءة سورة البقرة وأتيت ربع الصيام وجدت عجبا ً رأيت الحديث عن القصاص والوصية والصيام.. فقلت: ما علاقة هذا بذاك؟ وما هو الرابط بينهم؟ بادئ ذي بدء الربع من أوله: "لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ".. مرورا ً بآيات القصاص والوصية عند الموت وشعيرة الدعاء والاعتكاف.. ثم الانتهاء بالحديث عن التقاضي في الأموال.. كل ذلك يندرج تحت التنظيمات الاجتماعية للمجتمع المسلم. رباط التقوى في نهاية الحديث عن البر "أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " في التعقيب على القصاص "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " في التعقيب على الوصية "حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ". في التعقيب على الصيام "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". في التعقيب على الاعتكاف "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ". وتكرار الإشارة إلى التقوى يفيد: أن التقوى هي الرباط الذي يشد هذه التنظيمات . رباط المحبة والتودد وذلك في النداء العلوي "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ...." .. "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ".. وفي النداء اهتمام وتخصيص وتحفيز وتنبيه.. وفيه من الولاية والتودد ما فيه.. حيث ناداهم بأحب صفة لهم وهي صفة الإيمان الحبيبة للنفس المثلجة للصدر الباعثة على الإجابة والتلبية والقبول والانقياد . رباط الوجوب القصاص والصيام كلاهما قرن بـ "كُتِبَ عَلَيْكُمُ" أي فرض عليكم.. ولفظ "كُتِبَ" يفيد الوجوب في الشرع.. كما أن لفظ "عَلَيْكُمُ" يشعر بالوجوب أيضا ً.. وفي تحقيق ذلك سلامة المجتمع . تناغم القصاص والصيام إذا كان القصاص قتلا حسيا للنفس.. فإن الصيام قتل لشهوة هذه النفس.. وفي القصاص حياة للأجساد من حيث المبنى.. وفي الصيام حياة للأرواح من حيث المعنى.. من أجل ذلك جاءت آيات الصيام بعد آيات القصاص. رباط العفو والرحمة تأمل معي هذه الكلمات: "عفي له.. أخيه.. بالمعروف.. بإحسان.. تخفيف من ربكم ورحمة" .. كلها كلمات تفيض رحمة وحنانا وهما شعار شهر الصيام . كما أنها تشعر بأن الله يحب من عباده العفو الذي هو عنوان شهر الصيام "وإن لله في كل ليلة عتقاء من النار" ومن الثابت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن ديدنه في رمضان: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا", فليكن العفو شعارنا على الدوام في رمضان وغير رمضان.. عساه أن يعفو عنا.
__________________
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|