اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > التاريخ والحضارة الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-07-2012, 12:56 PM
العبد الخاضع لله العبد الخاضع لله غير متواجد حالياً
طالب جامعي ... (فرقة ثانية) ...... (Faculty of commerce English section Mansura university)
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,833
معدل تقييم المستوى: 15
العبد الخاضع لله will become famous soon enough
افتراضي حملة : كل يوم غزوة او معركة او فتح اسلامي وياريت المشاركة من الكل


انا لقيت فكرة حلوة

هنعمل كل يوم معركة اسلامية او غزو او فتح

بس يكون كامل بقصته ومن المنتصر وهكذا

وكده واستفدنا ايه منها على قد ما نقدر يعنى


وياريت كل واحد يشارك بأى حاجه من عنده


والله ولى التوفيق
__________________
الحمد لله دائما وأبدا أولا وأخيرا
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 31-07-2012, 12:58 PM
العبد الخاضع لله العبد الخاضع لله غير متواجد حالياً
طالب جامعي ... (فرقة ثانية) ...... (Faculty of commerce English section Mansura university)
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,833
معدل تقييم المستوى: 15
العبد الخاضع لله will become famous soon enough
افتراضي غزوة الخندق - شوال 5 هـ


عقد يهود بني النضير على الانتقام من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين أخرجوهم من ديارهم من المدينة ، وجعلوا همهم على أن يجعلوا جبهة قوية تتصدى أمام الرسول وأصحابه .

انطلق زعماء بني النضير إلى قريش يدعوهم إلى محاربة المسلمين ، فنجحوا في عقد اتفاق بينهما . ولم يكتف بنو النضير بتلك الاتفاقية ، وإنما انطلقوا أيضا إلى بني غطفان يرغبوهم في الانضمام إليهم وإلى قريش ، وأغروهم بثمار السنة من نخيل خيبر إذا تم النصر بنجاح .

وهكذا انطلق جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل يقودهم أبو سفيان بن حرب ، وذلك في السنة الخامسة من الهجرة من شهر شوال .

لما علم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالأمر ، استشار أصحابه وقادته في الحرب ، فأشار عليه سلمان الفارسي بحفر خندق في مشارف المدينة ، فاستحسن الرسول والصحابة رأيه ، وعملوا به . كما أن يهود بني قريظة مدوا لهم يد المساعدة من معاول ومكاتل بموجب العهد المكتوب بين الطرفين .

كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتفقدون سير العمل ، فوجدوا صخرة كبيرة كانت عائقا أمام سلمان الفارسي ، حيث كسرت المعاول الحديدية ، فتقدم الرسول الكريم من الصخرة وقال : " باسم الله " فضربها فتصدعت وبرقت منها برقة مضيئة

فقال : " الله أكبر .. قصور الشام ورب الكعبة " ثم ضرب ضربة أخرى ، فبرقت ثانية ، فقال : " الله أكبر .. قصور فارس ورب الكعبة " . واستطاع المسلمون إنهاء حفر الخندق بعد مدة دامت شهرا من البرد وشظف العيش .

بدت طلائع جيوش المشركين مقبلة على المدينة من جهة جبل أحد ، ولكنهم فوجئوا بوجود الخندق ، حيث أنهم ما كانوا متوقعين هذه المفاجأة .

لم يجد المشركون سبيلا للدخول إلى المدينة ، وبقوا ينتظرون أياما وليالي يقابلون المسلمين من غير تحرك ، حتى جاء حيي بن أخطب الذي تسلل إلى بني قريظة ، وأقنعهم بفسخ الاتفاقية بين بني قريظة والمسلمين ، ولما علم الرسول عليه الصلاة والسلام بالأمر أرسل بعض أصحابه ليتأكد من صحة ما قيل ، فوجده صحيحا . وهكذا أحيط المسلمون بالمشركين من كل حدب وصوب ، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم ييأسوا من روح الله ، لأنهم كانوا على يقين بأن عين الله ترعاهم .

استطاع عكرمة بن أبي جهل وعدد من المشركين التسلل إلى داخل المدينة ، إلا أن عليا كان لهم بالمرصاد ، فقُتل من قُتل ، وهرب من هرب ، وكان من جملة الهاربين عكرمة .

وأخيرا ، جاء نصر الله للمؤمنين . فقد تفككت روابط جيش المشركين ، وانعدمت الثقة بين أطراف القبائل ، كما أرسل الله ريحا شديدة قلعت خيامهم ، وجرفت مؤنهم ، وأطفأت نيرانهم ، فدب الهلع في نفوس المشركين ، وفروا هاربين إلى مكة .

وحين أشرق الصبح ، لم يجد المسلمون أحدا من جيوش العدو الحاشدة ، فازدادوا إيمانا ، وازداد توكلهم على الله الذي لا ينسى عباده المؤمنين .

وهكذا ، لم تكن غزوة الأحزاب هذه معركة ميدانية وساحة حرب فعلية ، بل كانت معركة أعصاب وامتحان نفوس واختبار قلوب ، ولذلك أخفق المنافقون ونجح المؤمنون في هذا الابتلاء . ونزل قول الله تعالى : (( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً ليجزي الله الصادقين بصدقهم و يعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً و ردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً و كفى الله المؤمنين القتال و كان الله قوياً عزيزاً و أنزل الله الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم و قذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون و تأسرون فريقاً ))
__________________
الحمد لله دائما وأبدا أولا وأخيرا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 31-07-2012, 01:01 PM
العبد الخاضع لله العبد الخاضع لله غير متواجد حالياً
طالب جامعي ... (فرقة ثانية) ...... (Faculty of commerce English section Mansura university)
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,833
معدل تقييم المستوى: 15
العبد الخاضع لله will become famous soon enough
افتراضي معركة ذات الصواري 9 صفر سنة 34 هجرية

معركة ذات الصواري ...


معركة ذات الصواري هي معركة السفن
وقعت في عهد الخليفة الراشدي عثمان
بن عفان حيث بلغ المسلمين أن
الرومان بقيادة قسطنطين بن هرقل
قد جهزوا من القسطنطينية أسطولا
يضم حوالي ألف سفينة
فأمر الخليفة عثمان في المدينة
كلا من معاوية بن أبي سفيان والي الشام
و ابن أبي سرح في مصر
أن يسارعوا لملاقاة الأسطول الروماني
فركب معاوية البحر بأسطوله
في أهل الشام
و خرج ابن أبي سرح بأسطوله
من الاسكندرية
فالتقوا بالأسطول الروماني في عرض البحر
و كان قائد أسطول الاسلام
عبد الله بن سعد بن أبي سرح
فقاتل المسلمون بقيادته أشد قتال
و هزموا أسطول الرومان شر هزيمة
و لم ينج من الرومان في هذه المعركة
الحاسمة الا القليل و منهم قسطنطين
الذي فر على ظهر سفينة القيادة الخاصة
و لقي حتفه في جزيرة صقلية
و سميت هذه المعركة بذات الصواري
لكثرة الصواري ( السفن )
التي اشتركت بالمعركة
و كان ذلك في
9 صفر سنة 34 هجرية
و 29 آب سنة 654 ميلادية .
__________________
الحمد لله دائما وأبدا أولا وأخيرا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 31-07-2012, 02:29 PM
الصورة الرمزية نسيــــــم الجنـــــــــة
نسيــــــم الجنـــــــــة نسيــــــم الجنـــــــــة غير متواجد حالياً
عضو مميز 2013
العضو المميز لقسم التنمية البشرية لعام 2014
 
تاريخ التسجيل: Jun 2012
العمر: 43
المشاركات: 3,487
معدل تقييم المستوى: 16
نسيــــــم الجنـــــــــة is a jewel in the rough
Icon114

بارك الله فيك


ما شاء الله فكرة قيمة جداااا


باذن الله نشارك بها ونتابعها
__________________

أستغفرك ربى
حتى ترضى ....... حتى تغفر
حتى تطيب لنا الحياة



رد مع اقتباس
  #5  
قديم 31-07-2012, 05:47 PM
العبد الخاضع لله العبد الخاضع لله غير متواجد حالياً
طالب جامعي ... (فرقة ثانية) ...... (Faculty of commerce English section Mansura university)
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,833
معدل تقييم المستوى: 15
العبد الخاضع لله will become famous soon enough
افتراضي غزوة أحد بداية القتال ونصر المسلمين

تحدثنا عن مقدمات غزوة أحد والإعداد الجيد لجيش الكفار والذي وصل إلى ثلاثة آلاف مقاتل بعُدة جيدة وآلة الحرب.
وكذلك تحدثنا عن الإعداد الجيد للجيش المسلم وأن النبي خرج بألف من رجال المسلمين ولكن انسحب منه قبل أن يدخل أرض المعركة ثلاثمائة من المنافقين فأصبح الجيش سبعمائة من المسلمين.
وأيضا إلى جانب الإعداد الجيد توفرت صفات الجيش المنصور في الجيش المسلم الخارج إلى أحد من إيمان بالله وإيمان برسوله ، ومن إيمان بالله واليوم الآخر وطلب الجنة ورغبة في الموت في سبيل الله ومن أخوة وأمل وشورى ومشاركة القائد لجنده، وغير ذلك من صفات الجيش المنصور التي تحدثنا عنها بالتفصيل عند حديثنا عن غزوة بدر.
آخر خطوات الإعداد لغزوة أحد

ولما دخل النبي أرض أحد أحتل مواقع متميزة في أرض المعركة ووضع فرقة من الرماة على الثغرة الوحيدة الموجودة في أرض المعركة، وأكد عليهم مرارا عدم التخلي عن مواقعهم مهما كانت الظروف.
قال لعبد الله بن جبير قائد الرماة: "انْضَحْ عَنَّا الْخَيْلَ بِالنَّبْلِ لَا يَأْتُونَ مِنْ خَلْفِنَا، إِنْ كَانَتْ لَنَا أَوْ عَلَيْنَا فَاثْبُتْ مَكَانَكَ، لَا نُؤْتَيَنَّ مِنْ قِبَلِكَ".
ثم قال للرماة: "إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَوَطِئْنَاهُمْ فَلَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ".
فكانت الأوامر في منتهى الوضوح لا تفتح بابا للاجتهاد عند الرماة، كلها تحمل معنى واحدًا، وهو الثبات الثبات فوق جبل الرماة.
بدء القتال في غزوة أحد

وبدأ القتال وكان يوم السبت الموافق السابع من شوال بعد غزوة بدر بعام تقريبا.
وبدأ القتال في منتهى القوة والشراسة وأول ما بدء للقتال كان حول راية الكفار، وكما ذكرنا فراية الكفار كانت مع بني عبد الدار وكان أول من يحملها من بني عبد الدار طلحة بن أبي طلحة العبدري، وكان طلحة من أكبر وأعظم وأقوى فرسان قريش وكان يلقب بكبش الكتيبة وخرج ليطلب القتال وكان أول من طلب القتل من قريش وخرج وهو حامل الراية وعلى جمل وأحجم عنه المسلمون لما رأوا هيئته وقوة بأسه، وتقدم الزبير بن العوام الذي لم يكتف بقتاله بل قفز فوق جمل طلحة بن أبي طلحة وجذبه إلى الأرض وبرك فوقه وقتله، ولما رأى الزبير بن العوام يقتل كبش الكتيبة قال: "أَلَا إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ".
واشتد القتال بين الفريقين وتقدم عثمان بن أبي طلحة أخو طلحة بن أبي طلحة الذي قتله الزبير وطلب القتال وخرج له حمزة وقتله حمزة ثم خرج أخوهم الثالث أبو سعدة فقتله سعد بن أبي وقاص، ثم خرج مسافع بن طلحة بن أبي طلحة، ثم كلاب بن طلحة بن أبي طلحة، ثم الجُلاس بن طلحة بن أبي طلحة، مجموعة كبيرة من بني عبد الدار وكانوا ستة من بيت واحد بيت أبي طلحة، وكانت مأساة بالنسبة لبيت أبي طلحة بن عبد الدار، وبرغم كل ما حدث في بيت أبي طلحة خرج من بني عبد الدار رجل آخر هو أرطأة بن شرحبيل، فقتله علي بن أبي طالب، ثم خرج شريح بن قارظ فقتله غلام أنصاري اسمه قزمان، ثم خرج عمرو بن عبد مناف فقتله أيضا قزمان، فخرج ابن شرحبيل بن هاشم، فقتله أيضا قزمان، وقد قاتل قزمان في ذلك اليوم قتالا شديدا.
وَقُتِل يومئذ عشرة من بني عبد الدار، وكلما قتل واحدًا منهم تسلم الراية رجلًا آخر لأنهم تعاهدوا مع أبي سفيان أن لا يتخلوا أبدًا عن الراية وصدقوا في عهدهم مع أبي سفيان، ثم خرج مولى لبني عبد الدار وكان اسمه صواب من الحبشة وقاتل قتالًا أشد من السابقين جميعًا قاتل حتى قطعت يده الأولى، ثم الثانية، ثم قطعت رأسه وهو يحمل الراية حتى سقط وبسقوط هذا الغلام الحادي عشر سقطت الراية المشركة ولم ترفع بعد ذلك.
واحتدم القتال بين الفريقين وكان شعار المسلمين في هذا اليوم أَمِتْ أَمِتْ وكانت بداية قوية بالنسبة للمسلمين فقد سقط إحدى عشر قتيلًا من المشركين مقابل لا شيء من المسلمين فكان النصر في البداية حليف المسلمين وانهارت معنويات الكفار، وارتفعت معنويات المسلمين إلى أعلى درجة، وبدأ يسيطر المسلمون على الموقف وقاتلوا بقوة وبضراوة شديدة.
أبو دجانة وسيف رسول الله

وكان من أبرز المقاتلين في ذلك الوقت سيدنا أبو دجانة وحمزة بن عبد المطلب، ولقد فعلا الأفاعيل بجيش المشركين.
وأبو دجانة هو الذي أخذ السيف من النبي لما قال : "مَنْ يَأْخُذ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ". وربط على رأسه عصابة حمراء وقالت الأنصار: أخرج أبو دجانة عصابة الموت. وجال في الأرض وقتل كثيرا من المشركين.
وكان الزبير بن العوام يجد في نفسه؛ لأن النبي أعطى السيف لأبي دجانة ولم يعطه له هو قال الزبير في نفسه: أنا ابن صفية عمته ومن قريش وقد قمت إليه فسألته السيف قبل أبي دجانة فأعطاه له وتركني والله لأنظرن ما يصنع فاتبعته فرأيته وهو يقول:
أنا الذي عاهدني خليلي ... ونحن بالسفح لدى النخيل.
أن لا أقوم الدهر في الكيول ... أضرب بسيف الله والرسول.
فيقول الزبير بن العوام فجعل لا يلقى أحد من المشركين إلا قتله.
وكان في المشركين رجل يقتل كل جريح مسلم، فيقول الزبير: فدعوت الله أن يجمع بينه وبين أبي دجانة. مع أن الزبير من كبار الفارسين، فاجتمعا فضرب ضربتين فضرب المشرك أبا دجانة، فاتقاه بدرقته أي بدرعه فعضت بسيفه، فضربه أبو دجانة فقتله.
واخترق أبو دجانة صفوف المشركين حتى وصل إلى صفوف النساء، ورأى أبو دجانة كما يقول: رأيت إنسانًا يخمش الناس خمشًا شديدًا، فصمدت له، فلما حملت عليه السيف وَلْوَل فإذا هو امرأة وكانت هند بنت عتبة فأكرمت سيف رسول الله أن أضرب به امرأة.
حمزة بن عبد المطلب

قاتل حمزة قتالًا شديدًا كقتال أبو دجانة، وقاتل قتالًا شديدًا في كل الميادين لم يقف أبدًا في وجهه أحد من المشركين، لكن وقف في ظهره وحشي بن حرب أحد الغلمان في جيش المشركين.
ويحكي وحشي بن حرب قصته فيقول: كنت غلامًا لجبير بن مطعم، وكان عمه عدي قد أصيب يوم بدر فلما أجمعت قريش المسير إلى أحد قال لي جبير: إنك إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق، قال فخرجت مع الناس وكنت رجلًا حبشيًا أقذف بالحربة قذف الحبشة قلما أخطئ بها شيئًا، فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق يهد الناس هدًا ما يقوم له شيء، يقول وحشي: فهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها إليه فوقعت في ثنته (أي في أحشائه) حتى خرجت من بين رجليه وذهب لينوء نحوي فغُلب. وكان يريد قتل وحشي، ويقول وحشي: فتركته حتى مات، فأخذت حربتي فذهبت إلى العسكر فقعدت فيه ولم يكن لي بغيره حاجة وإنما قتلته لأعتق فلما قدمت مكة عتقت.
وحلت الكارثة على جيش المسلمين بقتل حمزة أسد الله وأسد رسوله .
ومع قتل حمزة وبرغم الخسارة الفادحة التي خسرها المسلمون ظل المسلمون مسيطرون على الموقف تمامًا في أرض أحد.
قاتل عامة المسلمين يومئذ قتالًا عظيمًا شديدًا قاتل أبو بكر وعمر وعلي والزبير بن العوام ومصعب بن عمير وطلحة بن عبيد الله وعبد الله بن جحش وسعد بن معاذ كل المسلمين قاتلوا قتالًا شديدًا وأبلوا بلاءً حسنًا في ذلك اليوم.
محاولة خالد بن الوليد اختراق جيش المسلمين

كانت لخالد بن الوليد نظرة عسكرية ثاقبة وكان يومئذ مشركًا ورأى الثغرة التي يمكن له من خلالها أن يخترق جيش المسلمين والتف بفرقة كانت معه من فرسان المشركين حول جبل الرماة إلا أنه فوجئ بسيل من السهام من فوق الجبل من كتيبة الرماة التي وضعها النبي فوق الجبل فرَدّت خالد بن الوليد.
وما استطاع خالد بن الوليد بحنكته وذكائه أن يتجاوز تلك الكتيبة ويخترق خلف الجيش المسلم.
وكانت هذه المحاولة الأولى لخالد وكرر ذلك مرات عديدة إلا أنه في كل مرة ترده فرقة الرماة من فوق الجبل، وفشل سيدنا خالد في تجاوز فرقة الرماة التي كان قد وضعها النبي فوق الجبل.
نصر للمسلمين

وبدأت الهزيمة تدب في جيش المشركين ثلاثة آلاف مشرك وكأنهم يقابلون ثلاثين ألف مسلم برغم قلة المسلمين.
وبدأ المشركين يفكرون جديًا في الهرب وبدأوا يتراجعون إلى الوراء شيئًا فشيئًا ثم فروا قِبَل مكة تاركين النساء وراءهم حتى النساء هربن، ويقول الزبير بن العوام: لقد رأيت خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ما دون أخذهن قليل ولا كثير.
فكان نصرا للجيش المسلم لا يقل روعة عن نصر بدر، يقول تعالى:
{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} ]آل عمران:152[.
وتحسونهم أي: تستأصلونهم.
والله تعالى قد وعد المؤمنين إن كانوا صادقين وصابرين ومتبعين للنبي أن يعطيهم النصر في أحد وفي غيرها.
والرسول بشرهم بذلك قبل الخروج إلى أحد وإلى هذه اللحظة المسلمون ملتزمون بما قاله النبي بما كانوا عليه يوم بدر لذا تحقق النصر حتى هذه اللحظة.
وبنظرة إلى الجيش الإسلامي نجد أنه إلى الآن مؤمن بالله تعالى مؤمن باليوم الآخر، يطلب الجنة، طَبّق الشورى، أعد الجيش إعدادًا جيدًا، حاسم، معتمد على الشباب، القائد في هذا الجيش يعيش مع شعبه ويشترك معهم في كل صغيرة وكبيرة، الأخوة في الله واضحة في المعركة، الأمل في قلوبهم، واليقين في نصر الله يملأ نفوسهم، الأمر موسد إلى أهله، والصفات العشر التي تحدثنا عنهم في غزوة بدر متحققين في جيش أحد إلى هذه اللحظة، والنصر حليف للمسلمين.
{مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآَخِرَةَ}
وبعد هذا الانتصار العظيم وبعد الهروب الكبير لجيش المشركين تخلى بعض المسلمين عن صفة واحدة من تلك الصفات العشر فتغير الموقف تمامًا.
__________________
الحمد لله دائما وأبدا أولا وأخيرا
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-08-2012, 12:31 AM
العبد الخاضع لله العبد الخاضع لله غير متواجد حالياً
طالب جامعي ... (فرقة ثانية) ...... (Faculty of commerce English section Mansura university)
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,833
معدل تقييم المستوى: 15
العبد الخاضع لله will become famous soon enough
افتراضي غزوة خيبر 7 هجرررررررررررررريا

غزوة خيبر




منذ أن بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بإظهار دعوته، كان اليهود لا يتركون فرصة إلا ويغتنمونها لإيذائه وإيذاء أصحابه علنا وفي الخفاء، يكيدون المكائد ويضمرون الخبث والكراهية والحقد ويعلنونها فتنا وحروبا على المسلمين.



ولكن غزوة خيبر التي حصلت في السنة السابعة للهجرة كانت حربا فاصلة أظهر الله تعالى فيها النصر في تفوق المسلمين رغم قلتهم على عدوهم المدعم بعدده وعتاده.



سبق معركة خيبر صلح الحديبية بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش، والذي اتفق فيه أن لا يساعدوا أحدا على محاربة النبي صلى الله عليه وسلم، ما أفقد اليهود مساندة كثيرة من العرب، فكان الحل عندهم بأن تتجمع وتتحالف كل قواهم لتقوى شوكتهم في مواجهة المسلمين. وهذا ما تم حيث تحصن كثير من يهود الحجاز في ناحية تدعى خيبر تبعد نحو مائة ميل شمال المدينة المنورة.



و خيبر عبارة عن أرض واسعة ذات واحات خصبة يكثر فيها النخيل وتضم حصونا منيعة لليهود مقسمة إلى ثلاث مناطق قتالية محصنة. ومع كل هذه القوة الظاهرة فقد كان الكفار جبناء أثناء المعارك لا يحاربون إلا من داخل حصونهم ومن وراء الجدران، وقد أعلم الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر فوضع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خطته على أساس مفاجأتهم وهم في حصونهم وأثناء شعورهم بالأمن.



خرج جيش المجاهدين بقيادة أشجع الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باتجاه خيبر في ألف وستمائة من المقاتلين الذين عشقوا الشهادة في سبيل الله وفيهم مائتا فارس، ونزلوا واديا اسمه الرجيع ليمنعوا قبيلة غطفان من مساعدة اليهود في حربهم ضد المسلمين وفي خيبر، فلما خرجت قبيلة غطفان وتركت ديارها سمعوا خلفهم حسا فظنوا أن المسلمين قد أتوهم من خلفهم فرجعوا خائفين على أموالهم وديارهم ولم يحاربوا المسلمين الذين أكملوا سيرهم إلى خيبر.



وأثناء المسير الطويل شغل المسلمون أنفسهم بقراءة القرءان وذكر الله تعالى وصار الصحابي الجليل عامر بن الأكوع ينشد لهم يشجعهم على المضي للجهاد قائلا:



والله لولا الله ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا



فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة عندما سمع ما في هذه الكلمات من الحماس والتشجيع.



ووصل جيش المسلمين ليلا إلى مشارف خيبر وظهرت حصونها فعسكروا حولها ووقف النبي صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه يدعو الله تعالى. وفي الصباح، استيقظ أهلها ليجدوا أنهم محاصرون ومحاطون بعسكر المسلمين، فدب في نفوسهم الرعب واستعدوا للحرب، ثم نادى النبي صلى الله عليه وسلم بصوت ارتجت له حصون الكفر وقال: "الله أكبر خربت خيبر" فرددها الصحابة خلفه فأيقن اليهود أنهم مغلوبون.



رميت السهام كشهب النار فوق أول الحصون وهو يدعى حصن ناعم ما دفع بأهله إلى الهرب والالتجاء إلى ما جاوره من حصون. وقتل عنده الصحابي الجليل محمود بن مسلمة، قتله يهودي اسمه مرحب بضربة في رأسه. وفي أثناء المعركة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل المحيط بالحصون حتى ينكشف اليهود إذا ما هجموا على المسلمين، وقد أغاظهم هذا كثيرا، ثم مالبث أن تسلم الراية سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأغار على بعض الحصون وتبعه سيدنا عمر رضي الله عنه في غارات سريعة فأسر يهوديا من أهل خيبر أعلم المسلمين أن اليهود خرجوا من حصن النطاة وتسللوا إلى حصن ءاخر اسمه الشق فحاصروه، وترامى الطرفان فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم حفنة من حصى ورمى بها الحصن فاهتز بأهله حتى كأنه غرق في الأرض، فدخله المسلمون وأخذوه.



بقي حصون منها الصعب والوطيح والسلالم والقموص وقد تحصن بها اليهود أشد التحصين، ولكن ذلك لم يمنع المسلمين من تقوية الحصار عليهم.



ثم بعد ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته المجاهدين: "لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه، ليس بفرار" ثم دعا عليا رضي الله عنه وكان قد أصيب بمرض في عينيه، فتفل النبي صلى الله عليه وسلم فيهما فشفي بإذن الله، وأخذ الراية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدم بمن معه، فلما اقترب من أحد الحصون الباقية خرج إليه بعض اليهود فقاتلهم، إلا أنه تلقى ضربة فوقع الترس منه، عندها حصلت له كرامة عظيمة كونه وليا من أولياء الله الصالحين، فقد تناول بابا كان عند الحصن وجعله ترسا أبقاه في يده يقاتل به حتى فتح الله على يديه، ثم ألقى الباب وجاء ثمانية من الصحابة ليقلبوا هذا الباب فما استطاعوا.



استمر القتال وهجم المسلمون هجمة قوية على حصن الصعب بقيادة الحصابي الفاضل حباب بن المنذر، فخرج منه يهودي متعجرف هو نفسه مرحب الذي قتل الصحابي محمود بن مسلمة ونادى: "من يبارزني؟" فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحابي محمد بن مسلمة شقيق محمود ليبارزه ويأخذ بثأر أخيه، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: "اللهم أعنه عليه"، فتقاتلا طويلا ثم عاجله محمد بضربة قاصمة قتلته، وقيل إن الذي قتل اليهودي مرحب هو سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يصمد حصن الصعب طويلا حتى فتح ودخله المسلمون منتصرين، وكان في الحصن الكثير من التمر والزبيب والعسل والسمن فأكل المسلمون حاجتهم منه بعد ما نالهم الكثير من التعب والجوع، ووجدوا فيه الكثير من السيوف والدروع والنبال وغيرها من العتاد الحربي الذي استعملوه في حربهم فنفعهم نفعا كبيرا.



وتجدد القتال إذ ما زالت بعض الحصون لم تسقط، وبقي اليهود يهربون إلى أن وصلوا إلى حصن ءاخر هو حصن الزبير فلحق بهم المسلمون وحاصروهم ثلاثة أيام ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع الماء عنهم لإجبارهم على الخروج، فما كان من اليهود إلا أن فتحوا الحصن وخرجوا منه يقاتلون وجها لوجه، فقهروا وكان النصر حليفا للمسلمين.



وتداعت حصون خيبر على هذا النحو وسقط حصن الوطيح والسلالم وكانا ءاخر ما افتتح، فلما أيقن اليهود بالهلاك سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يوقف الحرب، واستسلموا على أن لا يقتل منهم أحد ويتخلوا عن حصونهم كلها بما فيها من أموال ومتاع.



وهكذا غُلب اليهود وذهبت فوتهم وأصبح المسلمون في مأمن من ناحية الشمال إلى جهة بلاد الشام بعدما أصبحوا في مأمن من ناحية الجنوب.



وكان فتح خيبر حدثا عظيما اهتزت له أركان قريش، فقد كان نبأ انتصار المسلمين على اليهود مذهلا ومروعا عند قريش، إذ كانوا لا يتوقعون انهيار حصون خيبر المنيعة، ولا اليهود أنفسهم كانوا يتوقعون غزو المسلمين لهم.



فانظروا كيف أن اليهود الذين كانوا عشرة أضعاف جيش المسلمين ومعهم السلاح الكثير، وفي حصون منيعة هزموا من المسلمين القليلي العدد والعدة، الذين كانوا في أرض مكشوفة، غير محصنين، ولا يملكون السلاح الكافي ولا الطعام المخزون، وهذا ليس إلا لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا ينصرون دين الله تحت لواء النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ينصر دين الله فالله ناصره.
__________________
الحمد لله دائما وأبدا أولا وأخيرا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-08-2012, 02:14 PM
العبد الخاضع لله العبد الخاضع لله غير متواجد حالياً
طالب جامعي ... (فرقة ثانية) ...... (Faculty of commerce English section Mansura university)
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,833
معدل تقييم المستوى: 15
العبد الخاضع لله will become famous soon enough
افتراضي غزوة بني المصطلق 6 هجرياااااااااا

سرية وادي القرى

بعد عودة زيد بن حارثة إلى المدينة مكث بها عدة أيام ثم أخرجه الرسول مرة أخرى إلى سرية جديدة للمرة السادسة في منطقة وادي القرى وذلك في شهر رجب سنة 6هـ لقتال قبيلة بني فزارة، وهي قبيلة عيينة بن حصن الذي أغار على المدينة المنورة قبل ذلك بثلاثة أشهر.
غزو الرسول لبني المصطلق (غزوة المريسيع )

سمع رسول الله بتجميع قبيلة بني المصطلق استعدادها لغزو المدينة، فما كان منه إلا أن جمع جيشه وانطلق إليهم مسرعا، وكان خروجه من المدينة في 2 شعبان سنة 6هـ باغتهم عند منطقة تعرف بماء المريسيع، وعندها انتصر المسلمون انتصارًا كبيرًا وغنموا غنائم ضخمة وسلبوا عددًا كبيرًا من نساء القبيلة كان منهم جويرية بنت الحارث ابنه زعيم بني المصطلق الحارث بن ضرار، وكانت ضربة هائلة للقبيلة.
ثم إن رسول الله تزوج من جويرية بنت زعيم القبيلة، وذلك بعد أن أدى عنها كتابها لثابت بن قيس ، وكانت من نصيبه في السبي وكانت جويرية قد أسلمت، ورأى الرسول أنه بهذا الزواج سيقرب قلوب بني المصطلق له، وبخاصة إذا أعتق المسلمون سباياهم من نساء بني المصطلق إكرامًا لرسول الله ، وقد حدث ما توقعه الرسول الحكيم ، وأعتق الصحابة سبايا بني المصطلق، وقالوا: أصهار الرسول . فأعتق في ذلك اليوم يوم زواج رسول الله من جويرية بنت الحارث أهل مائة بيت وكان ذلك سببًا في إسلام قبيلة بني المصطلق، فكان نصرًا عزيزًا للإسلام والمسلمين.
أهمية غزوة بني المصطلق (غزوة المريسيع )

ومع كون غزوة بني المصطلق أو غزوة المريسيع ليست من الغزوات الكبرى لرسول الله ، ولم يكن فيها الصراع طويلا، ولا القتلى والشهداء كثيرا، إلا أن هذه الغزوة اكتسبت أهمية خاصة في السيرة النبوية لخطورة الآثار الخبيثة التي تسبب فيها المنافقون المشاركون في هذه الغزوة، فمن بين المنافقين من رأى الانتصارات المتعددة والغنائم الكثيرة التي جاءت في السرايا والغزوات التي أعقبت الأحزاب، فقرروا الخروج مع المسلمين وفي هذه الغزوة قد تسببوا في أكثر من أزمة كادت كل واحدة منها أن تطيح بكيان الدولة الإسلامية، وصدق إذ يقول في حق المنافقين: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة: 47].
وهذا عين ما حدث في غزوة بني المصطلق فقد تسببوا في مجموعة متتالية من الفتن وللأسف الشديد فكما قال الله : {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: 47]، أي فيكم أيها المؤمنون الصادقون من يلتبس عليه الأمر فيشارك في الفتنة ويقع فيها، والحق أن الأزمات التي أثارها المنافقون في هذه الغزوة من الضخامة بحيث إنها تحتاج إلى تفريغ وقت وإلى تحليل طويل، وتدبر عميق مما قد لا يتسع له المقام في هذه السطور، وإنما سنفرد لها إن شاء الله حديثًا خاصًّا في مجموعة أخرى من الأبحاث, سنجمع فيها أخطاء الصحابة ونرى فيها رد فعل الرسول لهذه الأخطاء وكيف عالجها وكيف خرج المسلمون من أزمتهم، أما في هذه السطور التي نحن بصددها الآن فإننا نكتفي بالإشارة إلى هذه الأزمات دون تفصيل.
فتن أثارها المنافقون

أما الأزمة الأولى فكانت صراع قام بين المهاجرين والأنصار على السقاية من بئر من آبار المنطقة، وهذا الحدث نادر في السيرة ولعله الوحيد وكانت أزمة كبيرة كادت أن تتفاقم لولا حكمة الرسول في السيطرة عليها.
ثم نجمت عن هذه الفتنة فتنة أخرى خطيرة، وهي فتنة نداء المنافقين في أوساط الأنصار بأن يخرجوا المهاجرين من المدينة، وقال عبد الله بن أُبي بن سلول كلمته الفاجرة يعلق فيها على المهاجرين بقوله: والله ما نحن وهم إلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منا الأذل. وكانت أزمة خطيرة توشك أن تقضي على الأمة، لولا أن الله سلم.
ثم حدثت فتنة ثالثة شنيعة وهي حادث الإفك، وفيه اتهم المنافقون السيدة عائشة بالفاحشة، وللأسف الشديد وقع بعض المؤمنين في الأمر، واتسع نطاق الأزمة حتى شمل المسلمين كلهم ما بين مدافع ومهاجم وما بين مبرئ ومتهم، ولم ينزل وحي في القضية إلا بعد شهر كامل حين نزل الوحي بتبرئة السيدة عائشة الطاهرة من التهمة الشنيعة التي أثارها المنافقون حولها، واشترك فيها بعض المؤمنين، وكان حادث الإفك هذا من أشد الأزمات التي مرت بالمسلمين، ليس في هذه الفترة فقط ولكن في كل فترات السيرة.
المهم الذي نريد أن نذكره في هذا المقام أنه بالرغم من الأزمات والفتن التي حدثت في غزوة بني المصطلق إلا أن أسهم المسلمين كانت في ارتفاع، وكان الجو العام في الجزيرة العربية يشير بوضوح إلى نمو الدولة الإسلامية نموًّا سريعًا، وأن هذا النمو يسير بشكل طبيعي ومتدرج ومدروس، وكل هذا يكون له آثار كبيرة جدًّا على الأحداث المستقبلية للدولة الإسلامية، وسنفهم أثره بصورة أكبر عند الحديث عن صلح الحديبية إن شاء لله.
استمرار النشاط العسكري للمسلمين

كانت غزوة بني المصطلق هذه في شهر شعبان سنة 6هـ، ومع أن المدينة كانت تغلي بالأحداث الأخيرة وخاصة حادث الإفك، إلا أن حركة الجهاد لم تتوقف،
- فقد أخرج الرسول في نفس الشهر شعبان 6هـ سريتين هامتين جدًّا، أحدهما بقيادة عبد الرحمن بن عوف إلى ديار بني كلب بدُومة الجندل على مسافة ضخمة جدًّا من المدينة المنورة.
- والأخرى إلى ديار بني سعد بفدك، والذين كانوا يعدون قوة للتعاون مع يهود خيبر لحرب المسلمين، وكانت هذه السرية الأخيرة بقيادة علي بن أبي طالب .
- وفي شهر رمضان سنة 6هـ أرسل الرسول r سرية أخرى إلى بني فزارة في منطقة وادي القرى، وكان على رأسها أبو بكر الصديق أو زيد بن حارثة ، وكانت هناك امرأة تدعى أم قرفة قد أعدت فرقة من ثلاثين فارسًا لاغتيال رسول الله ، وقد واجهت السرية الإسلامية هؤلاء الفرسان الثلاثين فقتل المشركون جميعًا.
ثم ازداد نشاط المسلمين جدًّا في شهر شوال سنة 6هـ، فأخرج الرسول ثلاث سرايا خطيرة.
- أما الأولى فكانت إلى مجموعة من المشركين من قبائل عكل وعرينة، وكانوا أظهروا الإسلام ثم غدروا بأصحاب الرسول وقتلوا واحدا منهم وسرقوا كمية من الإبل، فأرسل رسول الله في أثرهم سرية بقيادة كرز بن جابر الفهري واستطاع الإمساك بهم وقتلهم، وتمكن من استرداد الإبل.
- وأما السرية الثانية في شهر شوال فكانت سرية بقيادة عبد الله بن رواحة وكانت مهمتها اغتيال اليُسير بن رِزام أمير خيبر وهو من أكابر اليهود، ومن الذين أخذوا يجمعون اليهود في خيبر ووادي القرى لحرب المسلمين، ولم يكتف بذلك، بل بدأ يجمع غطفان من جديد لحرب المسلمين ويقوم بالدور الذي قام به قبل ذلك حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق؛ ولكي لا تتكرر مأساة حصار المسلمين في داخل المدينة وحرص الرسول على التخلص من هذا الطاغية، وبذلك يجنب المسلمين ويلات أزمة ضخمة قد تحدث، فكانت هذه السرية المكونة من ثلاثين مسلم في شوال سنة 6هـ، تمكنت هذه السرية فعلا من قتل اليسير بن رزام، وأمن المسلمون بذلك شر خيبر بصفة مؤقتة.
ولا شك أن العلاج النهائي لمشكلة خيبر، وتأليبها المستمر على المسلمين هو الغزو المباشر لخيبر وحربها حربا فاصلة كتلك الحروب التي تمت قبل ذلك مع يهود بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة كان هذا الحل النهائي، ولكن الرسول لم يكن يستطيع أن يغزو خيبر دون أن يؤمن ظهره وأخطر ما يهدد ظهره هو غزو قريش للمدينة، وبالذات أنه لم يمر على غزو المدينة إلا عام واحد فقط، وإذا خرج الرسول لحرب خيبر حربًا شاملة فقد يستغرق ذلك قترة طويلة من الزمان قد تصل إلى شهر لشدة بأس المقاتلين من أهل خيبر ومناعة حصونهم، ولا يستطيع الرسول أن يترك المدينة خالية من الجند فترة طويلة غير محسوبة؛ لذلك اكتفى الرسول باغتيال رأس الفتنة ومحرك الجموع اليسير بن زرام إلى أن يصل إلى وسيلة لتأمين جانب قريش، ثم بعدها يتفرغ لقضية خيبر. ولا شك أن كل هذه الأحداث تفسر لنا ما سيحدث بعد ذلك من صلح الحديبية من اتفاق المسلمين وقريش على فترة من الزمان، كما سيأتي بالتفصيل إن شاء الله عند الحديث عن صلح الحديبية.
- أما السرية الثالثة والأخيرة في هذا الشهر فكانت سرية خطيرة أخرى ووجهتها إلي مكة المكرمة عقر دار قريش ومهمتها في غاية الخطورة وهذه المهمة هي اغتيال أبي سفيان شخصيًّا، وكانت هذه السرية ردًّا على تجميع أبي سفيان للجموع الضخمة لحصار المسلمين في الأحزاب، ومحاولة إهلاك أهل المدينة جميعًا، وكذلك ردًّا على محاولة أبي سفيان لاغتيال الرسول عندما أرسل أعرابيًّا إلى المدينة لهذا الغرض وفشلت محاولة الأعرابي وكما فشلت محاولة الأعرابي، فشلت أيضًا محاولة السرية الإسلامية التي كانت بقيادة عمرو بن أمية الضمري في اغتيال أبي سفيان، والحمد لله أنها فشلت في ذلك؛ لأنه أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، لكن المهم في هذا الموقف أن قريشًا علمت أنها مهددة بجدية في عقر دارها، ولا شك أن ذلك أفزع زعماءها جدًّا، ولأن الزعماء من أهل الدنيا لا يرون أن هناك شيئًا أغلى من حياتهم وكراسي حكمهم، فإذا فقدوها كانت لهم الطامة الكبرى.
وقفة مع سنة 6هـ

لقد كانت هذه سرية عمرو بن أمية كما ذكرنا في شوال سنة 6هـ، وبذلك مرت سنة كاملة على غزوة الأحزاب والتي كانت في شوال سنة 5هـ، ونحتاج هنا لوقفة مع هذه السنة لنحللها:
لقد تميزت هذه السنة المباركة السنة السادسة من الهجرة بأنها كانت سنة جهادية من الدرجة الأولى، انتشرت فيها جيوش الإسلام في كل أنحاء الجزيرة العربية تقريبًا، وتمت فيها عشرون حملة عسكرية، ويعني هذا أن هناك حملة عسكرية كل عشرين يوم، كان منها سبع عشرة سرية بقيادة الصحابة ، وثلاث غزوات بقيادة الرسول ، ومع أن هذه الغزوات والسرايا بصفة عامة لم تكن من المعارك الضخمة إلا أن تأثيرها كان عميقًا على أهل الجزيرة سواء من المسلمين أو المشركين أو اليهود أو المنافقين أو الأعراب.
آثار الغزوات والسرايا

1- تحسن الوضع الأمني للمسلمين في الجزيرة العربية سواء في المدينة المنورة أو في القبائل المسلمة في أي مكان، أو حتى للمسلمين العابرين، أو المسافرين من مكان إلى مكان، فقد أصبح للمسلمين هيبة عظيمة في قلوب الجميع.
2- تحسن المستوى العسكري والأداء القتالي للمسلمين تحسنًا ملحوظًا، فهذه كانت دورات عسكرية تدريبية عملية تختلف كثيرًا عن التعليم النظري، وتختلف حتى عن التدريب الاصطناعي غير الواقعي. وسيظهر أثر هذه التدريبات المكثفة على مستقبل الجيش الإسلامي في المعارك اللاحقة كخيبر ومؤتة وفتح مكة وحنين والطائف وغيرها.
3- تحسن الوضع الاقتصادي للدولة الإسلامية؛ وذلك نتيجة لعدة عوامل منها الاستقرار الأمني الذي يشجع المناخ التجاري، ومنها العلاقات المنتشرة للمسلمين في كل مكان، ومنها كثرة الغنائم من السرايا والغزوات، ومنها اعتماد المسلمين تجاريًّا على أنفسهم بعد قطع العلاقات التجارية مع اليهود.
4- أقام المسلمون علاقات دبلوماسية قوية مع الكثير من موازين القوة في الجزيرة العربية، سواء على المستوى القبلي أو على مستوى الأفراد الزعماء، فعلى سبيل المثال أقام المسلمون علاقات دبلوماسية قوية مع قبائل بني المصطلق، وبني كلب بدومة الجندل، وكذلك مع بعض الزعماء الكبار أمثال ثمامة بن أثال .
5- في مقابل هذه العلاقات حدث تفكك ملحوظ في علاقات قريش بكثير من القبائل العربية، فالقبائل التي عقدت علاقات مع المسلمين فقدتها قريش، وآثرت أكثر القبائل أن تبقى على الحياد، فلا هي مع قريش ولا هي مع المسلمين، وهذا انتصار للمسلمين؛ لأن قريشا مع ما لها من تاريخ وقوة وسيادة لم تعد مقنعة لعموم القبائل العربية كحليف، وهذا -لا شك- سيكون له بُعد مهم في صلح الحديبية القادم.
6- شعرت قريش بالقلق الشديد نتيجة نمو الدولة الإسلامية بهذه الصورة وأحست أن المسلمين قادرون على تهديدها في عقر دارها، ورأينا اقتراب سرية إسلامية خرجت أثناء غزوة بني لحيان من صدور مكة المكرمة، ورأينا محاولة اغتيال أبي سفيان. ولا شك أن هذا وغيره كان له أثر كبير على الحالة النفسية للقرشيين جعلهم يشعرون أن البساط يسحب من تحت أقدامهم، وأن الأيام القادمة ليست لهم، وهذا -لا شك- سيكون له أثر واضح في تحديد بنود صلح الحديبية.
7- نتيجة التقدم الإسلامي الملموس، والتأخر القرشي الواضح ارتفعت معنويات المسلمين جدًّا وزادت ثقتهم بأنفسهم، وهذا سيعطيهم القدرة على الانطلاق إلى قرارات جريئة تكون لها تبعات كبيرة ولن يقف أمام أحلامهم أحد، بل إننا سنشاهد مواقف لعلها لم تكن تخطر أصلاً في أحلام المسلمين.
8- نتيجة هذا المستوى الإسلامي المتميز سارع المنافقون بكتم نفاقهم، ومن كان يجاهر بالسوء أيام الأحزاب فإنه الآن يداهن ويتخفى، وليس معنى ذلك أنهم سيكفون عن أذاهم، ولكن معناه أنهم سيكيدون كيدهم بحذر أكثر وحرص أعظم، وهذا قد يضاعف من خطرهم، وما أحداث غزوة بني المصطلق بخافية على أحد، فهم دبروا هذه الفتنة التي حدثت بها في الظلام دون أن يجهروا بشيء، بل إنهم عندما سئلوا مباشرة عن هذه الأحداث أنكروها وحلفوا بالله تعالى ما قالوا. ولا شك أن فتنة المنافقين ستزداد كلما ازدادت قوة الدولة الإسلامية، وستتفاقم هذه الفتنة بعد ثلاث سنوات، وأثناء غزوة تبوك، وعلى المسلمين أن يكونوا على حذر تام من هذه الثعابين التي تسعى في الظلام.
9- ضعفت قوة اليهود إلى حد كبير، فقد قتل أكابر مجرميهم بدءًا بحيي بن أخطب وسلام بن مشكم أثناء غزوة بني قريظة، ومرورا باغتيال الزعيمين الجدد سلام بن أبي الحقيق واليسير بن رزام، ثم إنهم قد هوجموا في وادي القرى وفدك وهددوا تهديدًا خطيرًا، وفوق ذلك فقد فقدوا الكثير من أحلافهم في الجزيرة العربية بعد الحملات الإسلامية المتكررة هنا وهناك، فلقد كانت هذه الحملات بمنزلة تقطيع الأوصال ليهود خيبر تمهيدًا للقاء فاصل يريح الناس من أذى اليهود.
10- نتيجة هذه الحملات العسكرية هنا وهناك سمع أهل الأرض بهذا الدين الجديد وهذه الدولة الإسلامية الحديثة، وتحولت الدعوة من المحلية إلى العالمية ومن الجزيرة العربية إلى القارات المختلفة، ومن العرب إلى كل أجناس الأرض والعناصر، وسوف يكون لهذا أثر في الخطة المستقبلية للدولة الإسلامية، وبخاصة بعد صلح الحديبية، وسيبدأ الرسول في مراسلة زعماء العالم أجمع والذين سمعوا عن هذه الدولة في الجزيرة العربية في هذه السنة السادسة من الهجرة.
كان هذا الأثر العاشر لهذه الحملات الجهادية، ولا شك أن هذه الآثار الكثيرة كانت تشير إلى أن هناك حدثًا كبيرًا ستمر به المنطقة سيكون له أبلغ الأثر في تغيير الأوضاع، وهو الانتقال إلى مرحلة جديدة تتبدل فيها موازين القوى في الجزيرة العربية، بل في العالم أجمع، وهذا الحدث هو صلح الحديبية.
د. راغب السرجاني


__________________
الحمد لله دائما وأبدا أولا وأخيرا
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-08-2012, 12:30 AM
العبد الخاضع لله العبد الخاضع لله غير متواجد حالياً
طالب جامعي ... (فرقة ثانية) ...... (Faculty of commerce English section Mansura university)
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,833
معدل تقييم المستوى: 15
العبد الخاضع لله will become famous soon enough
افتراضي غزوة بني النضير



كان اليهود يتحرقون على الإسلام والمسلمين إلا أنهم لم يكونوا أصحاب حرب وضرب، بل كانوا أصحاب دس ومؤامرة، فكانوا يجاهرون بالحقد والعداوة، ويختارون أنواعاً من الحيل؛ لإيقاع الإيذاء بالمسلمين دون أن يقوموا للقتال مع ما كان بينهم وبين المسلمين من عهود ومواثيق، وأنهم بعد وقعة بني قينقاع، وقتل كعب بن الأشرف خافوا على أنفسهم فاستكانوا والتزموا الهدوء والسكوت‏.‏
ولكنهم بعد وقعة أُحد تجرأوا، فكاشفوا بالعداوة والغدر، وأخذوا يتصلون بالمنافقين وبالمشركين من أهل مكة سراً، ويعملون لصالحهم ضد المسلمين ‏.‏
وصبر النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- حتى ازدادوا جُرْأةً وجَسَارةً بعدَ وقعةِ الرَّجِيع وبئر مَعُونة، حتى قاموا بمؤامرة تهدف القضاء على النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-‏.‏
وبيان ذلك‏:‏ أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- خرج إليهم في نفر من أصحابه، وكلمهم أن يعينوه في دية الكلابيين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضَّمْرِي – وكان ذلك يجب عليهم حسب بنود المعاهدة- فقالوا‏:‏ نفعل يا أبا القاسم، اجلس ها هنا حتى نقضي حاجتك‏.‏ فجلس إلى جنب جدار من بيوتهم ينتظر وفاءهم بما وعدوا، وجلس معه أبو بكر وعمر وعلي وطائفة من أصحابه‏.‏
وخلا اليهود بعضهم إلى بعض، وسول لهم الشيطان الشقاء الذي كتب عليهم، فتآمروا بقتله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، وقالوا‏:‏ أيكم يأخذ هذه الرَّحى، ويصعد فيلقيها على رأسه يشدخه بها‏؟‏‏.‏‏.‏‏.‏ فقال أشقاهم عمرو بن جحاش‏:‏ أنا‏.‏ فقال لهم سَلاَّم بن مِشْكَم‏:‏ لا تفعلوا، فوالله ليخبرن بما هممتم به، وإنه لنقض للعهد الذي بيننا وبينه‏.‏ ولكنهم عزموا على تنفيذ خطتهم‏.‏
ونزل جبريل من عند رب العالمين على رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يعلمه بما هموا به، فنهض مسرعاً وتوجه إلى المدينة، ولحقه أصحابه فقالوا:‏ نهضت ولم نشعر بك، فأخبرهم بما هَمَّتْ به يهود‏.‏
وما لبث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أن بعث محمد بن مسلمة إلى بني النضير يقول لهم‏:‏ ‏(‏اخرجوا من المدينة ولا تساكنوني بها، وقد أجلتكم عشراً، فمن وجدت بعد ذلك بها ضربت عنقه‏)‏‏.‏ ولم يجد يهود مناصاً من الخروج، فأقاموا أياماً يتجهزون للرحيل، بيد أن رئيس المنافقين - عبد الله بن أبي - بعث إليهم أن اثبتوا وتَمَنَّعُوا، ولا تخرجوا من دياركم، فإن معي ألفين يدخلون معكم حصنكم، فيموتون دونكم {لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ‏}‏ ‏‏الحشر‏:‏11‏‏ وتنصركم قريظة وحلفاؤكم من غطفان‏.‏
وهناك عادت لليهود ثقتهم، واستقر رأيهم على المناوأة، وطمع رئيسهم حيي بن أخطب فيما قاله رأس المنافقين، فبعث إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- يقول‏:‏ إنا لا نخرج من ديارنا، فاصنع ما بدا لك‏.‏
ولا شك أن الموقف كان حرجاً بالنسبة للمسلمين، فإن اشتباكهم بخصومهم في هذه الفترة المحرجة من تاريخهم لم يكن مأمون العواقب، وقد رأوا كَلَب العرب عليهم وفتكهم الشنيع ببعوثهم، ثم إن يهود بني النضير كانوا على درجة من القوة تجعل استسلامهم بعيد الاحتمال، وتجعل فرض القتال معهم محفوفاً بالمكاره، إلا أن الحال التي جدت بعد مأساة بئر معونة وما قبلها زادت حساسية المسلمين بجرائم الاغتيال والغدر التي أخذوا يتعرضون لها جماعات وأفراداً، وضاعفت نقمتهم على مقترفيها، ومن ثم قرروا أن يقاتلوا بني النضير - بعد همهم باغتيال الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- مهما تكن النتائج‏.‏
فلما بلغ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- جواب حيي بن أخطب كبر وكبر أصحابه، ثم نهض لمناجزة القوم، فاستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، وسار إليهم، وعلي بن أبي طالب يحمل اللواء، فلما انتهي إليهم فرض عليهم الحصار‏.‏
والتجأ بنو النضير إلى حصونهم، فأقاموا عليها يرمون بالنبل والحجارة، وكانت نخيلهم وبساتينهم عوناً لهم في ذلك، فأمر بقطعها وتحريقها، وفي ذلك يقول حسان‏:‏
وهـان عـلى سَرَاةِ بني لُؤي
حـريـق بالبُوَيْرَةِ مسـتطيـر
‏‏البويرة ‏:‏ اسم لنخل بني النضير‏‏ وفي ذلك أنزل الله تعالى‏:‏{‏مَا قَطَعْتُم مِّنلِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِاللَّهِ‏}‏ ‏‏الحشر‏:‏ 5‏‏‏.‏
واعتزلتهم قريظة، وخانهم عبد الله بن أبي وحلفاؤهم من غطفان، فلم يحاول أحد أن يسوق لهم خيراً، أو يدفع عنهم شراً، ولهذا شبه سبحانه وتعالى قصتهم، وجعل مثلهم‏: ‏‏{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّاكَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ‏} ‏‏الحشر‏:‏ 16‏‏
ولم يطل الحصار-فقد دام ست ليال فقط، وقيل‏:‏ خمس عشرة ليلة-حتى قذف الله في قلوبهم الرعب، فاندحروا وتهيأوا للاستسلام ولإلقاء السلاح، فأرسلوا إلى رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-‏:‏ نحن نخرج عن المدينة‏.‏ فأنزلهم على أن يخرجوا عنها بنفوسهم وذراريهم، وأن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح‏.‏
فنزلوا على ذلك، وخربوا بيوتهم بأيديهم، ليحملوا الأبواب والشبابيك، بل حتى حمل بعضهم الأوتاد وجذوع السقف، ثم حملوا النساء والصبيان، وتحملوا على ستمائة بعير، فترحل أكثرهم وأكابرهم كحيي بن أخطب وسلاَّم بن أبي الحُقَيق إلى خيبر، وذهبت طائفة منهم إلى الشام، وأسلم منهم رجلان فقط‏:‏ يامِينُ بن عمرو وأبو سعد بن وهب، فأحرزا أموالهما‏.‏
وقبض رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-سلاح بني النضير، واستولى على أرضهم وديارهم وأموالهم، فوجد من السلاح خمسين درعاً وخمسين بيضة، وثلاثمائة وأربعين سيفاً‏.‏
وكانت أموال بني النضير وأرضهم وديارهم خالصة لرسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ؛ يضعها حيث يشاء، ولم يخَمِّسْها لأن الله أفاءها عليه، ولم يوجِف المسلمون عليها بِخَيلٍ ولا رِكاب، فقسمها بين المهاجرين الأولين خاصة، إلا أنه أعطي أبا دُجَانة وسهل بن حُنَيف الأنصاريين لفقرهما‏.‏ وكان ينفق منها على أهله نفقة سنة، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكُرَاع عدة في سبيل الله‏.‏
كانت غزوة بني النضير في ربيع الأول سنة 4 من الهجرة، أغسطس 625م، وأنزل الله في هذه الغزوة سورة الحشر بأكملها، فوصف طرد اليهود، وفضح مسلك المنافقين، وبين أحكام الفيء، وأثني على المهاجرين والأنصار، وبين جواز القطع والحرق في أرض العدو للمصالح الحربية، وأن ذلك ليس من الفساد في الأرض، وأوصى المؤمنين بالتزام التقوى والاستعداد للآخرة، ثم ختمها بالثناء على نفسه وبيان أسمائه وصفاته‏.
وكان ابن عباس يقول عن سورة الحشر‏: قل: ‏سورة النضير.‏
هذه خلاصة ما رواه ابن إسحاق وعامة أهل السير حول هذه الغزوة‏.‏ وقد روى أبو داود وعبد الرزاق وغيرهما سبباً آخر حول هذه الغزوة، وهو أنه لما كانت وقعة بدر فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود‏:‏ إنكم أهل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خَدَم نسائكم شيء - وهو الخلاخيل - فلما بلغ كتابهم اليهود أجمعت بنو النضير على الغدر، فأرسلوا إلى النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-‏:‏ اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك، ولنخرج في ثلاثين حبراً، حتى نلتقي في مكان كذا، نَصَفٌ بيننا وبينكم، فيسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا، فخرج النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- في ثلاثين من أصحابه، وخرج إليه ثلاثون حبراً من يهود، حتى إذا برزوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض‏:‏ كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلاً من أصحابه، كلهم يحب أن يموت قبله، فأرسلوا إليه‏: كيف تفهم ونفهم ونحن ستون رجلاً ‏؟‏ اخرج في ثلاثة من أصحابك ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا، فليسمعوا منك، فإن آمنوا بك آمنا كلنا وصدقناك، فخرج النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- في ثلاثة نفر من أصحابه واشتملوا ‏‏أي اليهود‏‏ على الخناجر، وأرادوا الفتك برسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى بني أخيها، وهو رجل مسلم من الأنصار، فأخبرته خبر ما أرادت بنو النضير من الغدر برسول الله –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، فأقبل أخوها سريعاً حتى أدرك النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، فساره بخبرهم قبل أن يصل النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إليهم، فرجع النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، فلما كان من الغد غدا عليهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- بالكتائب فحاصرهم، وقال لهم: ‏(‏إنكم لاتأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه‏)‏، فأبوا أن يعطوه عهداً، فقاتلهم يومهم ذلك هو والمسلمون، ثم غدا الغد على بني قريظة بالخيل والكتائب، وترك بني النضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه، فعاهدوه، فانصرف عنهم، وغدا إلى بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل إلا الحَلْقة - والحلْقة‏:‏ السلاح - فجاءت بنو النضير واحتملوا ما أقلت إبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها، فكانوا يخربون بيوتهم فيهدمونها، فيحملون ما وافقهم من خشبها، وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام(1)‏.
للمزيد راجع:
"سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد"(4/317-336)، و"ابن هشام" (3/143-154)، و"عيون الأثر في سيرة خير البشر"(2/73-78)، و"السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية" (417-422).
الفوائد من غزوة بني النضير
1. إن في إخبار الله لنبيه –صلى الله عليه وسلم- بما يبيته اليهود للغدر به دليلاً على تكرار الغدر من اليهود، والوفاء من الله - تعالى- بوعده القاطع لرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – ((والله يعصمك من الناس))المائدة: 67 وفي هذه المعجزة وغيرها ما يجب أن يحمل الناس على الإيمان بنبوة محمد –صلى الله عليه وسلم-.
2. إن قطع وإحراق الرَّسُول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – لبعض نخيل بني النضير دل على أن الحكم الشرعي في أشجار العدو وإتلافها منوط بما يراه الإمام أو القائد من مصلحة في النكاية بالأعداء، وأن ذلك من قبيل ما يدخل تحت اسم السياسية الشرعية، وهو مذهب نافع، ومالك، والثوري، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وجمهور الفقهاء، وروي عن الليث، وأبي ثور، والأوزاعي القول بعدم جواز قطع شجر الكفار وإحراقه.(2)
3. اتفق الأئمة على أن ما غنمه المسلمون من أعدائهم من دون قتال، وهو (الفيء) يعود النظر والتصدق فيه إلى ما يراه الإمام من المصلحة، وأنه لا يجب عليه تقسيمه بين الجيش كما تقسم عليهم الغنائم التي غنموها بعد قتال وحرب، مستدلين على ذلك بسياسته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – في تقسيم فيء بني النضير، ونزول القرن الكريم مصوراً ذلك.(3)
4. في موقف الرَّسُول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ – من بني النضير تقرير لمبدأ أن نقض المعاهدة إعلان للحرب.
راجع "السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية" ص (422-423).
5. بهذا النصر الذي أحرزه المسلمون دون تضحيات، توطد سلطانهم في المدينة، وتخاذل المنافقون عن الجهر بكيدهم، وأمكن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إن يتفرغ لقمع الأعراب الذين آذوا المسلمين بعد أُحد وتواثبوا على بعوث الدعوة يقتلون رجالها في نذالة وكفران... راجع "فقه السيرة" للغزالي (ص282).

1 - الرحيق المختوم (268- 271).

2- انظر شرح النووي على صحيح مسلم (12/50) وفقه السيرة للبوطي (ص192- 193).

3- انظر فقه السيرة للبوطي (ص193- 194).

__________________
الحمد لله دائما وأبدا أولا وأخيرا
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-08-2012, 01:24 AM
العبد الخاضع لله العبد الخاضع لله غير متواجد حالياً
طالب جامعي ... (فرقة ثانية) ...... (Faculty of commerce English section Mansura university)
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,833
معدل تقييم المستوى: 15
العبد الخاضع لله will become famous soon enough
افتراضي غزوة تبوك 9 هجرياااااا

تاريخ الغزوة

1 رجب 9ﻫ، خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى غزوة تبوك، وهي آخر غزوة غزاها ، وتُسمّى بغزوة العُسرة أي الشدّة.
سبب الغزوة


كان سبب الغزوة أنّ بعض التجّار قدموا من الشام إلى المدينة، فأشاعوا فيها، أنّ الروم قد اجتمعوا يريدون غزو رسول الله(صلى الله عليه وآله) في عسكرٍ عظيم، وأنّ هرقل قد سار في جمع جنوده، وجلب معهم غسان وجذام وبهراء وعاملة، وقد قدم عساكره البلقاء ـ هي النصف الجنوبي لشرقي الأردن ـ، ونزل هو حمص.
فأرسل رسول الله(صلى الله عليه وآله) أصحابه إلى تبوك وهي من بلاد البلقاء، وبعث إلى القبائل حوله وإلى مكّة وإلى من أسلم من خزاعة ومزينة وجهينة؛ فحثّهم على الجهاد والغزو.
وقد بيّن(صلى الله عليه وآله) للناس بُعد السفر وشدّة الحر وكثرة العدو؛ ليتأهّبوا، وأمر أصحاب الأموال أن يعينوا من لا قوّة به، ومن كان عنده شيء أخرجه، فتحملّوا صدقات كثيرة، وكان ذلك في زمن عسرة من الناس وشدّة، فسُمّي ذلك الجيش بجيش العُسرة.
وضرب رسول الله(صلى الله عليه وآله) عسكره فوق ثنية الوداع بمن تبعه من المهاجرين وقبائل العرب وبني كنانة وأهل تهامة ومزينة وجهينة وطي وتميم.
واستعمل الزبير على راية المهاجرين، وطلحة بن عبيد الله على الميمنة، وعبد الرحمن بن عوف على الميسرة.
وسار رسول الله(صلى الله عليه وآله)حتّى نزل الجرف ـ تبعد ميل أو فرسخ من المدينة ـ، فلمّا انتهى إلى الجرف لحقه الإمام علي(عليه السلام)، وأخبره بما قاله المنافقون في حقّه.
استخلاف الإمام علي(عليه السلام)


لمّا أراد النبي(صلى الله عليه وآله) الخروج إلى غزوة تبوك، استخلف الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) في أهله وولده وأزواجه ومهاجره.
فقال له: «يا علي إنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك»(1)، فحسده أهل النفاق، وعظم عليهم مقامه فيها بعد خروج النبي(صلى الله عليه وآله)، وعلموا أنّها تتحرّس به، ولا يكون للعدو فيها مطمع، فساءهم ذلك؛ لما يرجونه من وقوع الفساد والاختلاف عند خروج النبي(صلى الله عليه وآله) عن المدينة، فأرجفوا به(عليه السلام) وقالوا: لم يستخلفه رسول الله إكراماً له ولا إجلالاً ومودة، وإنّما استخلفه استثقالاً له.
فلمّا بلغ الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) إرجاف المنافقين به أراد تكذيبهم وفضيحتهم، فلحق بالنبي(صلى الله عليه وآله) فقال: «يا رسول الله، إنّ المنافقين يزعمون أنّك إنّما خلّفتني استثقالاً ومقتاً»، فقال رسول الله: «ارجع يا أخي إلى مكانك، فإنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك، فأنت خليفتي في أهلي، ودار هجرتي وقومي، أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي» فرجع إلى المدينة(2).
وقيل: إنّما لم يستصحبه رسول الله(صلى الله عليه وآله) معه لما أخبره الله تعالى بأنّه لا يلقى حرباً، فكان بقاؤه(عليه السلام) في المدينة أهمّ؛ للخوف عليها من المنافقين والعرب الموتورين، وهذا أمر واضح جلي.
خطبة رسول الله(صلى الله عليه وآله)


لمّا تهيّأ رسول الله(صلى الله عليه وآله) للخروج إلى تبوك قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: «أيّها الناس، إنّ أصدق الحديث كتاب الله، وأولى القول كلمة التقوى، وخير الملل ملّة إبراهيم، وخير السنن سنّة محمّد، وأشرف الحديث ذكر الله، وأحسن القصص هذا القرآن، وخير الأُمور عزائمها، وشرّ الأُمور محدثاتها، وأحسن الهدى هدى الأنبياء، وأشرف القتلى الشهداء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير الأعمال ما نفع، وخير الهدى ما اتُّبع، وشرّ العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى، وما قلّ وكفى خير ممّا كثر وألهى، وشرّ المعذرة محضر الموت، وشرّ الندامة يوم القيامة.
ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلّا نزراً، ومنهم من لا يذكر الله إلّا هجراً، ومن أعظم الخطايا اللسان الكذب، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة الله، وخير ما أُلقي في القلب اليقين، والارتياب من الكفر، والتباعد من عمل الجاهلية، والغلول من قيح جهنّم، والسكر جمر النار، والشعر من إبليس، والخمر جماع الإثمّ، والنساء حبائل إبليس، والشباب شعبة من الجنون.
وشرّ المكاسب كسب الربا، وشرّ الأكل أكل مال اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقيّ من شقي في بطن أُمّه، وإنّما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع، والأمر إلى آخره، وملاك الأمر خواتيمه، وأربى الربا الكذب، وكلّ ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسوق، وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه من معصية الله، وحرمة ماله كحرمة دمه.
ومن توكّل على الله كفاه، ومن صبر ظفر، ومن يعف يعف الله عنه، ومن كظم الغيظ آجره الله، ومن يصبر على الرزية يعوّضه الله، ومن تبع السمعة يسمع الله به، ومن يصم يضاعف الله له، ومن يعص الله يعذّبه، اللّهمّ اغفر لي ولأُمتي، اللّهمّ اغفر لي ولأُمتي، استغفر الله لي ولكم»(3).
عدد المسلمين


أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) كلّ بطن من الأنصار والقبائل من العرب أن يتّخذوا لواء أو راية، وخرج(صلى الله عليه وآله) في ثلاثين ألفاً من الناس، وعشرة آلاف فرس حتّى قدم تبوك.
المصالحة في تبوك


لمّا انتهى(صلى الله عليه وآله) إلى تبوك، أتاه يحنة بن رؤبة صاحب أيلة، فصالح رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأعطاه الجزية، وجاءه أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية.
وأقام رسول الله(صلى الله عليه وآله) بتبوك أيّاماً، ثمّ رجع إلى المدينة المنوّرة من دون حرب وقتال.
ـــــــــــــــــــــــ
1ـ الإرشاد 1/155.
2ـ اُنظر: مسند سعد بن أبي وقّاص: 139.
3ـ الاختصاص: 342.
بقلم : محمد أمين نجف
__________________
الحمد لله دائما وأبدا أولا وأخيرا
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 04-08-2012, 06:28 PM
العبد الخاضع لله العبد الخاضع لله غير متواجد حالياً
طالب جامعي ... (فرقة ثانية) ...... (Faculty of commerce English section Mansura university)
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,833
معدل تقييم المستوى: 15
العبد الخاضع لله will become famous soon enough
افتراضي غزوة حنين (1- 2) دكتور راغب السرجانى

إعداد الرسول لحرب هوازن

لقد نقلت المخابرات الإسلامية بسرعة إلى الرسول أخبار هوازن، واستعدادها للحرب، وكان الرسول وقتئذٍ في مكة، فأرسل الرسول مباشرة الصحابي الجليل عبد الله بن أبي حَدْرَد الأسلميّ ؛ ليتأكد من الخبر، فجاء بتأكيد ذلك، كما ذكر أحد المسلمين لرسول أن هوازن قد جاءت على بكرة أبيهم بنسائهم ونعمهم وشائهم. وكان رد فعل الرسول جميلاً جدًّا، فقد تبسم وقال: "تِلْكَ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ"[1].
يقين في النصر، وبدأ الرسول في إعداد العُدَّة لهذا الموقف الخطير، وكان إعداده فعلاً على أعلى مستوى.
أولاً: قرر الخروج للقتال في مكان متوسط بين هوازن ومكة، فقد آثر ألاّ ينتظر بمكة. وفي ذلك حكمة كبيرة جدًّا؛ لأنه لو بقي في مكة وغزاها مالك بن عوف بجيشه، فقد يتعاون أهل مكة معه. ونحن نعلم أن أهل مكة حديثو عهد بشركٍ وجاهلية، وهذه كارثة؛ لأن الحرب بذلك ستصبح من الداخل والخارج، ومن ثَمَّ فضَّل الرسول أن يخرج بجيشه إلى مكان مكشوف بعيد عن مكة.
ثانيًا: قرر أن يخرج بكامل طاقته العسكرية، ويأخذ معه العشرة آلاف مقاتل الذين فتح بهم مكة من قبل؛ لأن أعداد هوازن ضخمة وكبيرة.
ثالثًا: أخذ معه من داخل مكة المكرمة المسلمين الطلقاء الذين أسلموا عند الفتح، وفي ذلك بُعد نظر كبير من الرسول ؛ فهؤلاء إن تركوا في مكة، قد ينقلبون إلى الكفر مرة ثانية، وقد ينفصلون بمكة عن الدولة الإسلامية، وخاصةً إذا تعرض المسلمون لهزيمة من هوازن. ومعنى خروجهم مع المسلمين أن الرسول يقربهم، ويثق فيهم، وهذا أدعى إلى تثبيت أقدامهم في الإسلام، هذا إضافةً إلى وجود غنائم كثيرة، والرسول قال: "تِلْكَ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ".
فإذا أعطاهم من هذه الغنائم، سيكون ذلك تأليفًا لقلوبهم، أضف إلى ذلك أيضًا أن أعدادهم الكبيرة ستلقي الرهبة في قلوب هوازن. ولا شك أن قريشًا لها مكانة في قلوب العرب، فعندما يخرج منها عدد في داخل هذا الجيش، ستقع الرهبة في قلوبهم، ويكون النصر حليفًا للمسلمين؛ فالرسول من أجل ذلك كله أخذ معه من مكة ألفين من الطلقاء، وأصبح الجيش الإسلامي بعد إضافة الألفين اثني عشر ألفًا، وهذا أكبر عدد في تاريخ المسلمين حتى الآن.
رابعًا: لم يكتفِ الرسول بسلاح الجيش الإسلامي الذي فتح به مكة المكرمة، مع كون هذا السلاح من الأسلحة الجيدة والقوية جدًّا، بدليل انبهار أبي سفيان به عند رؤيته للجيش الإسلامي. ومع ذلك لم يكتفِ به ، كما لم يكتفِ بسلاح المسلمين من الطلقاء، وإنما سعى إلى عقد صفقة عسكرية كبرى لتدعيم الجيش الإسلامي؛ فقد ذهب بنفسه إلى تجار السلاح في مكة المكرمة، وكان على رأس هؤلاء التجار صفوان بن أمية، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وكان هذان الاثنان لا يزالان على شركهما وقتئذ، فطلب منهما السلاح على سبيل الاستعارة بالإيجار والضمان، حتى إن صفوان بن أمية سأل الرسول وهو لم يزل على كفره: أغصبٌ يا محمد؟ فقال : "بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ"[2].
أي أنا أستعيرها بالإيجار، وأضمن عند ضياع بعضها أن أعوِّضك عن هذا الفاقد. هذا مع أن الرسول هو الزعيم المنتصر، وصفوان بن أمية هو أحد القادة المهزومين، لكن الرسول كان عادلاً في كل أموره، لم يكن يستحلّ مال مُعاهَدٍ بأية صورة من الصور. وصفوان كما نعلم كان في عهد الرسول مدة أربعة أشهر يفكر فيها في أمر الإسلام، كما ذكرنا ذلك من قبل.
والشاهد في هذه القصة أن إعداد الجيش الإسلامي كان على أفضل الصور الممكنة، والجدير بالذكر هنا أن الرسول اصطحب معه في هذه الغزوة بعض المشركين، كان منهم صفوان بن أمية، ونوفل بن الحارث تجار السلاح في مكة المكرمة؛ وذلك لكي يحموا أسلحتهم، ويحملوها للمسلمين. وقد يسأل بعضنا: لماذا قبل الرسول أن يستعين بالمشركين في هذه المعركة، ورفض أن يستعين بهم في بدر قبل ذلك، وقال : "فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ"[3]؟
الجواب أن الظرف كان مختلفًا، فالنصر في بدر كان من الممكن أن يُنسب للمشركين لقلة أعداد المسلمين، وعدم استقرار دولتهم، أما الآن فلا يدَّعِي أحد أبدًا أن نصر المسلمين وعددهم اثنا عشر ألف مقاتل، كان بسبب الأفراد المشركة المعدودة في الجيش الإسلامي؛ ولهذا فالرسول لم يرَ مشكلة أن يأخذ معه بعض المشركين. ويجب أن نضع في اعتبارنا أن هؤلاء المشركين لن يأخذوا من الغنيمة، ولكن سيعطيهم أجرًا على عملهم هذا بالاتفاق.
خامسًا: اهتم الرسول اهتمامًا كبيرًا بالحراسة الليلية للجيش الإسلامي، لئلاّ يُباغت فجأة، ووضع عليها أنس بن أبي مرثد .
سادسًا: اهتم الرسول كثيرًا بالحالة المعنوية للجيش الإسلامي، فقد بشرهم كما ذكرنا أن جيوش هوازن ستصبح غنيمة للمسلمين إن شاء الله. ولا ننسى أن المسلمين قد ذهبوا إلى حُنَيْن ومعنوياتهم مرتفعة؛ لأنهم قد حققوا انتصارًا عظيمًا مهيبًا منذ أيامٍ عندما فتحوا مكة المكرمة، وهي من أعظم المدن وأشرف الأماكن. ومما سبق يتبين لنا أن إعداد المسلمين لمعركة حُنَيْن كان إعدادًا قويًّا متقنًا، ومن الواضح أن المسلمين قد أخذوا بكل الأسباب المادية المتوفرة عندهم، وكان جيشهم بالفعل في أبهى صورة عندما خرجوا من مكة المكرمة.
الجيش الإسلامي يتوجه إلى وادي حنين

وتوجه الجيش الإسلامي إلى وادي حُنَيْن حيث جموع هوازن هناك في 6 من شوال سنة 8 هجرية، ووصل يوم 10 من شوال سنة 8 هجرية، وفي أثناء الطريق -وهذه نقطة مهمة جدًّا- والجيش يمشي في صورته البهية، قال بعض المسلمين الجدد من الطلقاء كلمة تعبِّر عن مرض خطير سَرْعان ما انتشر في الجيش بكامله بلا استثناء، كما تنتشر النار في الهشيم. وهذه الكلمة كانت في ظاهرها تبدو كأنها بسيطة، ولكن كان لها من الأثر ما لم يتخيله المسلمون قَطُّ، قال المسلمون: لن نُغْلَب اليوم من قلة.
هذه أفضل عدة كما ذكرنا سار فيها المسلمون، فإذا كانوا قد فتحوا مكة وانتصروا على قريش بعشرة آلاف، فلا شك أنهم سينتصرون على هوازن في حُنَيْن باثني عشر ألف مقاتل. هكذا اعتقد المسلمون، بل صرحوا بذلك، وهذا ليس بكلام فقط، وإنما هو أمر قلبي خرج على ألسنتهم. وعندما قال المسلمون هذه الكلمة، شقَّ ذلك على رسول الله ، وظهر على وجهه الحزن، وشعر أن أمرًا خطيرًا سيحدث، ومشكلة كبرى ستقع لهذا الجيش الكبير، ولكن لماذا كل هذه التداعيات الكبيرة لهذه الكلمة البسيطة؟! الحقيقة أن الجملة في ظاهرها صحيحة، في تركيبها ومعناها، بل إن هذه الجملة مستنبطة من حديث لرسول الله ، إذ قال : "ولاَ يُغْلَبُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ"[4].
وهذا نفس معنى الجملة تقريبًا. ومعنى الحديث أن الجيش الذي وصل إلى اثني عشر ألف مقاتل لن يهزم بسبب قلة العدد، لكن من الممكن أن يهزم لأسباب أخرى؛ فقد يهزم لأسباب مادية، أو أسباب قلبية. أي اثني عشر ألف جندي، لكن ليس هناك إعداد عسكري، أو قوة سلاح، أو عندهم خلل في الخطة، أو عدم مهارة في القيادة، أو غير ذلك من الأمور المادية. هذه الأشياء كلها من الممكن أن تكون سببًا في الهزيمة، ولكن يجب أن نعلم أن هذا الإعداد كان على أعلى مستوى، ولكن ليست هذه هي المشكلة، فمن الممكن أن نُغلب لأسباب قلبية، وهذا أمر خطير للغاية. لقد قال الجيش الإسلامي هذه الكلمة تعبيرًا عن مرض قلبي خطير، فاسمعوا هذا الكلام، ودقّقوا فيه كثيرًا، هذا المرض هو العُجْب بالنفس وبالعدد وبالإعداد المادي، هذا المرض هو الاعتماد على الأسباب، ونسيان رب الأسباب، هذا المرض هو الظن أنني أنا الذي فعلت، وليس الله الذي فعل.
لا شك أن الصحابة، وغيرهم من الصالحين لو سُئلوا سؤالاً مباشرًا: هل النصر من عندك أم من عند الله؟
فلا شك أن الجميع سيجيب وبلا تردد: بل هو من عند الله .
لكن هذا الشعور الخفي، شعور الإعجاب بالنفس والغرور، يتسلل إلى النفس بلطف شديد، لا يشعر به المؤمن، إلا وقد تفاقم. ومن الجدير بالذكر أن الإعجاب بالنفس ليس هو الثقة بالنفس، فالثقة بالنفس أمر محمود، والإعجاب بالنفس أمر مذموم، والثقة بالنفس أمر مطلوب لكي ينتصر الجيش، ولن ينتصر جيش أو ينجح عمل بغير الثقة بالنفس، لكن لا يجب أن تزيد الثقة بالنفس حتى تصل إلى درجة التوكل على النفس، وليس التوكل على الله . والفارق بين الثقة بالنفس والإعجاب بالنفس شعرة، والموفَّق من وفقه الله .
لقد كان من الواضح من كلام الذين قالوا: لن نغلب اليوم من قلة، أنها تعبر عن ثقة زائدة عن الحد بالنفس؛ فلذلك حزن الرسول حزنًا شديدًا ظهر على وجهه، ولو قيلت الجملة نفسها على سبيل تبشير المسلمين، وطمأنتهم لكانت جملة مناسبة وجميلة ومستحسنة، لكن ذلك لم يحدث، فقد أعجب المسلمون بعددهم، وتوكلوا على كثرتهم، وهذا هو المرض الذي ذكره ربنا I في كتابه الكريم في حق هؤلاء فقال: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة: 25].
العجب بالكثرة، ولا يقولَنَّ أحد أبدًا: إن هذا المرض كان عند الطلقاء حديثي الإسلام فقط، لا -للأسف الشديد- بل المرض قد انتقل من الطلقاء إلى عامة أفراد الجيش الإسلامي حتى وصل إلى معظم السابقين، وهذا أمر خطير، وسنرى أثر هذا الكلام بعد قليل. والأمراض القلبية كالعجب، والكبر، وحب الدنيا، والحسد، أمراض معدية بالفعل، إذا ظهرت في طائفة، ولم تعالج جيدًا، تنتشر كالوباء؛ فلذلك كان دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهمًّا في علاج هذه الأمراض.
وقد كان واضحًا أن هذا الدور لم يتم على الوجه الأكمل في هذه المعركة، فحدث ما حدث، وانتشرت الكلمة في الجيش كله، وكان من الواضح أيضًا أن هذه الكلمة الخطيرة لها أثر في كل الناس. وهذا غريب! البعض يؤثر في الكل، نَعَمْ البعض قد يؤثر في الكل، فهذا البعض القليل قد يؤثر في الكل الكثير؛ فلذلك من الخطر بمكان أن يخرج ضعيف الإيمان في وسط الجيش المؤمن، ولولا ظروف مكة حديثة الإسلام، وخطورة انقلاب مكة، كما ذكرنا في بداية التحليل، لكان من الأفضل ألاّ يخرج للقتال متذبذب الإيمان، ولكن كانت هذه ظروف قهرية، اضطر المسلمون فيها إلى اصطحاب الطلقاء؛ ولذلك يقول ربنا في كتابه الكريم: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة: 47].
نعم عامة الطلقاء لم يكونوا منافقين محترفي النفاق، ولكنهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية، ولم يمروا بتجارب إيمانية كافية، ولم يعيشوا في المحاضن التربوية إلا قليلاً، وكان هذا الأمر متوقعًا منهم فعلاً، ولكن الأخطر أن الله I يقول في الآية نفسها: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: 47].

فقد استمع المسلمون السابقون إلى هذه الكلمات، وتأثروا بها، وقد مر بنا مواقف مشابهة قبل ذلك في غزوة أُحد، وسيمر بنا مرة أخرى في غزوة تبوك، وسنتحدث عنها بتفصيل أكثر عندما نتكلم عن تبوك إن شاء الله. المهم أنه في هذا المقام أن الجيش الإسلامي اتجه إلى حُنَيْن، وهو متيقن أن النصر حليفه، ليس لأن الله معه، ولكن لأنه كثير العدد. هكذا بصراحة، فهذا المرض القلبي الخطير قاد إلى شيء خطير آخر، هو الثقة الزائدة بالنفس، مما يدفع الإنسان إلى عدم الاكتراث بقوة عدوه، وعدم التأكيد على سير العملية العسكرية بالصورة التي ينبغي أن تكون عليها، وظهر بعض القصور في أداء المسلمين. وقد رأينا أداء المسلمين على أحسن صورة، عندما كانوا معتمدين تمام الاعتماد على الله I، قبل أن ينطقوا بهذه الكلمة، فقد خرجوا من مكة المكرمة بعدة بهية، وجيوش قوية، وبإعداد على أحسن مستوى، ولكن عندما أُعْجبنا بالكثرة بدأنا نقلل من الاهتمام بالتفاصيل، والمخابرات الإسلامية لم تتعامل مع الوضع الجديد بدقة كافية، ومن ثَمَّ لم تكتشف العيون الإسلامية الكمائن التي زرعها مالك بن عوف حول وادي حُنَيْن، وبالتالي سنرى الجيش الإسلامي يدخل في منطقة شديدة الخطورة دون دراسة كافية.
وفوق ذلك كانت خطوات الجيش الإسلامي متثاقلة، وهو في طريقه إلى حُنَيْن، فقد قطع المسافة القصيرة في فترة طويلة؛ فالجيوش في ذلك الوقت كانت عادتها أن تقطع في اليوم الواحد حوالي خمسين كيلو مترًا. وقد رأينا أن الجيش الإسلامي توجه من المدينة إلى مكة المكرمة لكي يفتحها في عشرة أيام، والمسافة بينهما 500 كيلو متر تقريبًا، أي بمعدل خمسين كيلو مترًا في اليوم، وهذا معدل طبيعي جدًّا، يزيد أحيانًا أو يقل لاختلاف الظروف، لكن يبقى المعدل حوالي 50 كيلو مترًا. ولكن هنا في قصة حُنَيْن الجيش الإسلامي قطع مسافة 20 كيلو مترًا فقط في ثلاثة أو أربعة أيام، تخيل الجيش خرج في 6 شوال، ووصل إلى حُنَيْن في 10 شوال، ومن المفروض أنه يقطع هذه المسافة في نصف يوم فقط، ولكنه قطعها في ثلاثة أو أربعة أيام.
هذا التأخير في الحركة مرجعه في الأساس عدم الاكتراث بالعدو؛ لشدة الثقة في النفس. وبالطبع هذا أمر خطير، ومن ثَمَّ وصل مالك بن عوف بجيشه إلى وادي حُنَيْن قبل المسلمين، وبالتالي نشر قواته في الأماكن المناسبة، واحتل المواقع الاستراتيجية، واستراحت جيوشه بصورة كافية قبل اللقاء، وكل ذلك كان في صالح المشركين. وعندما نرجع بالذاكرة إلى الوراء قليلاً، وبالتحديد في غزوة بدر، نجد أن المسلمين عندما وصلوا إلى أرض القتال قبل المشركين استطاعوا أن يأخذوا الأماكن المناسبة، واحتلوا المواقع الاستراتيجية، وكان هذا سببًا من أسباب النصر.
الجيش الإسلامي في حُنَيْن لزيادة الثقة بالنفس وللعُجْب بالعدد، اندفع إلى سهل حُنَيْن دون تروٍّ، ولم يضع أية حماية لخلفية الجيش الإسلامي قبل أن يدخل في وادي حُنَيْن، ولم ينظر إلى الكمائن، وألقى بثقله الكامل في الوادي، وهذا خطأ عسكري فادح. وفي الحقيقة عندما نحلل هذه المعركة نعجب جدًّا من وجود هذه الأخطاء؛ لأن الجيش فيه كفاءات عسكرية هائلة؛ فالجيش يقوده الرسول بحكمته العسكرية المعروفة، وبدقته في إدارة الأمور، ويضم بين صفوفه خالد بن الوليد، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعلي بن أبي طالب، والحُبَاب بن المنذر، وسعد بن أبي وقاص، وأبا عبيدة بن الجراح، وغيرهم من العمالقة العسكريين، فكيف يحدث هذا القصور؟!
الحقيقة أن هذا الكلام ليس له عندي إلا تفسير واحد، وهو أن الله I يريد أن يلفت الأنظار إلى الخطأ القلبي الخطير الذي أصيب به المسلمون؛ فلذلك حجب الرؤية عنهم، فوقعوا في أخطاء لا يقعون فيها أبدًا في الظروف العادية، ولو أن هذه المعركة تكررت ألف مرة لا يمكن للمسلمين أبدًا أن يقعوا في هذه الأخطاء، ولكنه أمر الله I؛ ولذلك فربنا I لم يُرِد للرسول أن يقول خطبة أو كلمة تُشعِر المسلمين بالمأساة التي ستحدث لهم إذا أصيبوا بداء العجب؛ لأنهم لو خرجوا من المشكلة بكلمة أو خطبة ولم يصابوا بمصابٍ فادح، سيتسلل المرض أكثر وأكثر إلى قلوبهم، فلا بد من مصيبة تهز المسلمين، وتوضح لهم الرؤية، والصورة تمام الوضوح؛ فمصيبة واحدة مثل هذه المصائب تترك أثرًا تربويًّا أعمق من الأثر الذي تتركه ألف خطبة.
ومن أجل ذلك لم يكن هناك وحي في هذه القضية ينبِّه المسلمين إلى خطورة ما هم مقبلون عليه، فربنا I أراد أن يذيق المسلمين النتيجة المُرَّة لمرضهم الخطير، وهذا أبلغ في تربية هؤلاء المسلمين، وفي تربيتنا. ولا شك أن غزوة حُنَيْن بما حدث فيها من أزمات ما زالت محفورة في أذهان المسلمين إلى الآن، وستظل كذلك إلى يوم القيامة؛ فلذلك سجلها المولى تبارك وتعالى في كتابه الكريم إلى يوم الدين؛ كي لا ينسى المسلمون أبدًا هذه الأزمة، ولكن ماذا حدث في حُنَيْن؟
يوم حنين ودرس لا ينسى

لقد حدثت كارثة، فما هي إلا دقائق من دخول الجيش الإسلامي في وادي حُنَيْن، حتى انهالت عليه الأسهم والرماح من كل مكان، وثارت خيول هوازن في وجوه المسلمين، وخرجت فرق هوازن من هنا وهناك، وأحيط بالمسلمين من كل مكان، فخارت عزائمهم في لحظات.
سبحان الله! عمالقة في الحروب فترت همتهم جميعًا إلا أقل القليل، وأخذ معظم الجيش قرارًا واحدًا في لحظة واحدة، وهو الفرار، الفرار العشوائي في أي اتجاه، ليسوا متحرِّفين لقتال، أو متحيزين إلى فئة، لا مقاومة، لا محاولة، لا تفكير، لا شيء إلا الفرار، صدمة في غاية القسوة. وإنني أرى أن صدمة حُنَيْن أشد من صدمة أُحد؛ ففي أُحد خالف بعض رجال الجيش، وثبت بعضهم، وقاتل بعضهم حتى الشهادة، أما هنا فلم يثبت من المسلمين إلا عشرة أو اثني عشر من الرجال فقط، من أصل اثني عشر ألف مقاتل، وهذا يعنى ثبات واحد من كل ألف، أي نسبة الثبات واحد في الألف في الجيش الإسلامي في حُنَيْن، وهذه كارثة خطيرة.
أزمة خطيرة طاحنة، فقد شعر المسلمون أن الصحراء الواسعة أصبحت ضيقة جدًّا لا تسمح بالفرار، ولسان حالهم جميعًا يقول: نفسي نفسي. وتأمل كلام الله I وهو يصف حالة الجيش الإسلامي في أول لحظات يوم حُنَيْن، إذ يقول: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25].
مصيبة حقيقية أن ينزع الله نعمة الثبات من فرد أو جماعة أو جيش أو أمة، فالثبات هبةٌ من رب العالمين I، وهو القائل: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27].
وكل الناس تحتاج إلى الثبات حتى الأنبياء، وانظر إلى قول الله : {وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً} [الإسراء: 74].
واللهُ لا يُعطي الثبات إلا لمن ارتبط به حقًّا، وكان خالص النية، سليم القلب، حسن العمل. وكان الموقف يوم حُنَيْن مذهلاً بالفعل، فيُروَى أن أبا قتادة الخزرجي لقي عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فقال له في ذهول: ما بال الناس؟! فلم يجد عمر ردًّا إلا أن قال: أمر الله[5].
ولعلَّ هذا من أعمق الدروس في تاريخ الصحابة أجمعين، وهذا درس لا ينسى، وقد نفعهم بعد ذلك، ولسنوات طوال في حروب كثيرة دارت مع الفرس والروم وغيرهما من أجناس الأرض، وما فر المسلمون الذين شهدوا حُنَيْنًا بعد ذلك؛ فكلهم أيقنوا وفقهوا جيدًا أن النصر ليس بالعدد، ولا بالعدة، وإنما بنصر ربِّ العالمين للجيش. وعمر بن الخطاب الذي كان مذهولاً ذلك اليوم، لا يدري ماذا حدث للمسلمين، أدرك على الفور سبب الفرار، وخلفيات الهزيمة، واحتفظ بالدرس العظيم، مع أنه كان ممن ثبتوا ولم يفر قدر أنملة . وبعد سنوات طويلة من غزوة حُنَيْن أرسل عمر بن الخطاب رسالة إلى جنوده في فارس، يشرح لهم أسباب النصر مبنية على ما حدث في يوم حُنَيْن، إذْ قال في رسالته المشهورة: إنكم لا تُنصرون على عدوِّكم بقوة العدة والعتاد، إنما تنصرون عليه بطاعتكم لربكم ومعصيتهم له، فإن تساويتم في المعصية، كانت لهم الغلبة عليكم بقوة العدة والعتاد.
وهذا ما شاهده في يوم حُنَيْن، فقد رأى أن الغلبة أصبحت لهوازن على المسلمين بقوة العدة والعتاد؛ لأن المسلمين كما ذكرنا اثنا عشر ألفًا، والمشركين أكثر من خمسة وعشرين ألفًا، ولا ينصر القلة على الكثرة إلا بعون الله وإرادته، قال تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249].
وقد ولَّى المسلمون كلهم يوم حُنَيْن مدبرين إلا القليل.
مواقف الطلقاء يوم حنين

في هذا الموقف الصعب تباينت مواقف الطلقاء، فمنهم من صرّح بكفره بعد أن كان متظاهرًا بالإسلام، مثل كَلَدَة بن الحنبل، ولكنه أسلم بعد ذلك وله صحبة، فهذا الرجل قال في ذلك الوقت: ألا بطل السِّحْر اليوم.
فهو يتهم الرسول بالسحر، مع أنه خارج مع المسلمين على أنه مسلم. ومنهم من لم يكتفِ بالكفر، بل حاول قتل الرسول مثل شيبة بن عثمان، وبفضل الله أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه. ومنهم من أظهر الشماتة دون أن يظهر الكفر كأبي سفيان زعيم مكة الذي قال: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر[6].
فقد فرح بهزيمة المسلمين؛ لأنه لم يكن قد ثبت على الإسلام حتى هذه اللحظة، ولكن بعد ذلك -ولله الحمد- حسن إسلامه. ومنهم من تردد في الأمر فلم يعرف أين الحقيقة مثل سهيل بن عمرو، ومنهم من ثبت على الإسلام ولم يمضِ على إسلامه أسبوعين أو ثلاثة ولم يتردد لحظة، مثل عكرمة بن أبي جهل . وتعالَوْا بنا لكي نرى الفهم الراقي عنده ، وفهمه للإسلام وللنصر وللهزيمة، في حوار لطيف جدًّا دار بينه وبين سهيل بن عمرو في أثناء فرار المسلمين يوم حُنَيْن، فقد قال عكرمة عندما رأى فرار المسلمين: هذا بيد الله، ليس إلى محمد منه شيء.
أي ليس هو السبب، أي أن النصر والهزيمة بيد الله ، وهذا ليس معناه عدم صدق محمد . ثم قال كلمة جميلة جدًّا، لا ينطق بها إلا من عاش سنوات وسنوات في الإسلام، قال: إن أُدِيل عليه اليوم، فإن له العاقبة غدًا.
يا الله! الأيام دول، فإذا هُزم اليوم، فلا شك أن النصر سيكون حليفه غدًا أو مستقبلاً، وذلك مثل قول ربنا I في كتابه: {وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128].
وهذا الرجل لم يسلم إلا منذ أسبوعين أو ثلاثة، وهذا اليقين قد أدهش سهيل بن عمرو الذي قال له: والله إن عهدك بخلافه لحديث.
أي أنت لم تسلم إلا منذ وقت قصير، كنت قبلها تعبد هبل، فكيف توقن هذا اليقين في صدقه، وأنت إلى أيام قليلة سابقة كنت على خلاف دينه؟
فقال عكرمة في وضوح وفي فَهْمٍ: يا أبا يزيد، إنا كنا على غير شيء، وعقولنا ذاهبة، نعبد حجرًا لا يضر ولا ينفع.
كما رأينا تباينت مواقف الناس، والغالب الأعم منهم قد فرَّ من أرض المعركة إلا قليلاً ثبت فيها. وفي رأيي أن هذه المعركة كانت شديدة الشبه بمعركة أُحد، فكلاهما كانا مصيبة ولمرض قلبي؛ ففي أُحد كان حب الدنيا، وفي حُنَيْن العُجب بالنفس، ولكن الفارق بين أُحد وحُنَيْن أن أحداث الموقعتين وقعت بصورة معكوسة؛ ففي أُحد بدأت المعركة بنصر المسلمين ثم حدثت المصيبة، وفي حُنَيْن بدأت المعركة بمصيبة للمسلمين، ثم حدث النصر لهم. ولكن كيف تم النصر للمسلمين مع وجود هذه الأزمة الطاحنة؟ وكيف خرج المسلمون من هذه الكارثة؟
د. راغب السرجاني
[1] رواه أبو داود (2501)، وصححه الألباني.
[2]
رواه أبو داود (3562)، وصححه الألباني.
[3]
رواه مسلم (1817) ترقيم فؤاد عبد الباقي، والترمذي (1558) ترقيم أحمد شاكر، وأحمد (25199) ترقيم النسخة الميمنية.
[4]
رواه أبو داود (2611)، والترمذي (1555)، وأحمد (2682)، وصححه الألباني.
[5]
ابن كثير: السيرة النبوية، تحقيق مصطفى عبد الواحد، دار المعرفة - بيروت، 1396هـ- 1971م، 3/623.
[6]
ابن كثير: السيرة النبوية 3/619.





__________________
الحمد لله دائما وأبدا أولا وأخيرا
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 11-08-2012, 11:37 AM
الصورة الرمزية عاشقه الاقصى1
عاشقه الاقصى1 عاشقه الاقصى1 غير متواجد حالياً
طالبه جامعيه بكليه الصيدله
 
تاريخ التسجيل: Mar 2012
العمر: 30
المشاركات: 254
معدل تقييم المستوى: 13
عاشقه الاقصى1 is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم
جزاكم الله خيرا
ع هذه المعلومات الرائعه
__________________
NO FOR JERUSALEM JUDAISE
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 11-08-2012, 06:03 PM
العبد الخاضع لله العبد الخاضع لله غير متواجد حالياً
طالب جامعي ... (فرقة ثانية) ...... (Faculty of commerce English section Mansura university)
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,833
معدل تقييم المستوى: 15
العبد الخاضع لله will become famous soon enough
افتراضي

غزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل

[ إرسال عمرو ثم إمداده ]

وغزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل من أرض بني عذرة . وكان من حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه يستنفر العرب إلى الشام . وذلك أن أم العاص بن وائل كانت امرأة من بلي ، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم يستألفهم لذلك ، حتى إذا كان على ماء بأرض جذام ، يقال له السلسل ، وبذلك سميت تلك الغزوة ، غزوة ذات السلاسل ؛ فلما كان عليه خاف فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده ، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأولين ، فيهم أبو بكر وعمر ؛ وقال لأبي عبيدة حين وجهه : لا تختلفا ؛ فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه ، قال له عمرو : إنما جئت مددا لي ؛ قال أبو عبيدة : لا ، ولكني على ما أنا عليه ، وأنت على ما أنت عليه ، [ ص: 624 ] وكان أبو عبيدة رجلا لينا سهلا ، هينا عليه أمر الدنيا ، فقال له عمرو : بل أنت مدد لي ؛ فقال أبو عبيدة : يا عمرو ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي : لا تختلفا ، وإنك إن عصيتني أطعتك ، قال : فإني الأمير عليك ، وأنت مدد لي ، قال : فدونك . فصلى عمرو بالناس .

المصدر : اسلام ويب
__________________
الحمد لله دائما وأبدا أولا وأخيرا
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 11-08-2012, 06:18 PM
فيض خاطري فيض خاطري غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
المشاركات: 5,259
معدل تقييم المستوى: 21
فيض خاطري has a spectacular aura about
افتراضي

جزاكم الله خيرا
موضوع رائع
__________________


يافؤادى لاتسل أين الهوى..........كان صرحا من خيال فهوى
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 12-08-2012, 01:43 PM
العبد الخاضع لله العبد الخاضع لله غير متواجد حالياً
طالب جامعي ... (فرقة ثانية) ...... (Faculty of commerce English section Mansura university)
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,833
معدل تقييم المستوى: 15
العبد الخاضع لله will become famous soon enough
افتراضي عدد غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم

29غزوه
اسم الغزوة تاريخ الغزوة
1-غزوة الأبواء (ودان) 2 هجري
2- غزوة بواط 2 هجري
3-غزوة العشيرة 2 هجري
4-غزوة بدر الأولى 2 هجري
5-غزوة بدر الكبرى رمضان 2 هجري
6-غزوة بني سليم 2 هجري
7-غزوة بني قينقاع 2 هجري
8-غزوة السويق 2 هجري
9-غزوة ذي أمر 3 هجري
10-غزوة بحران 3 هجري
11-غزوة أحد 3 هجري
12-غزوة حمراء الأسد 3 هجري
13-غزوة بني النضير 4 هجري
14-غزوة ذات الرقاع 4 هجري
15-غزوة بدر الآخرة 4 هجري
16-غزوة دومة الجندل 5 هجري
17-غزوة بني المصطلق 5 هجري
18-غزوة الخندق 5 هجري
19-غزوة بني قريظة 5 هجري
20-غزوة بني لحيان 6 هجري
21-غزوة ذي قرد 6 هجري
22-غزوة الحديبية 6 هجري
23-غزوة خيبر 7 هجري
24-غزوة عمرة القضاء 7 هجري
25-غزوة مؤتة 8 هجري
26-فتح مكة 8 هجري
27-غزوة حنين 8 هجري
28-غزوة الطائف 8 هجري
29-غزوة تبوك 9 هجري
__________________
الحمد لله دائما وأبدا أولا وأخيرا
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 14-08-2012, 04:51 PM
العبد الخاضع لله العبد الخاضع لله غير متواجد حالياً
طالب جامعي ... (فرقة ثانية) ...... (Faculty of commerce English section Mansura university)
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,833
معدل تقييم المستوى: 15
العبد الخاضع لله will become famous soon enough
افتراضي غزوة الطائف

بعد أن كتب الله النصر للمؤمنين في غزوة حنين ، توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال عام 8هـ قاصداً الطائف يريد فتحها، وانتدب لتلك المهمة خالد بن الوليد رضي الله عنه ؛ حيث جعله على مقدمة الجيش ، وطلب منه أن يسير أولاً لمحاصرتها .
وكانت قبيلة ثقيف - وهم أهل الطائف- قد حصنت مواقعها ، وأعدت عدتها ، وتهيأت للقتال ، والدفاع عن أرضها.
ولما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف نزل قريباً من الحصن ، وأقام معسكره فيه ، فانتهزت ثقيف الفرصة ، وأخذت توجه سهامها إلى معسكر المسلمين ، فأصابت منهم اثنا عشر رجلاً ، كان منهم : عبدالله بن أبي بكر رضي الله عنه الذي استشهد على أثر رمية أصابت منه مقتلاً.
واستمر حصار رسول الله صلى الله عليه وسلم للطائف قرابة أربعين يوماً ، تخللها العديد من المناوشات بين المسلمين والمشركين ، ورغبة في إضعاف معنويات ثقيف ، أخذ المسلمون في تحريق نخلهم ، فناشدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعها لله وللرحم ، فاستجاب لهم ، ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر" ، فخرج منهم بضعة عشر رجلاً ، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودفع كل رجلٍ منهم إلى رجلٍ من المسلمين ليقوم بشأنه واحتياجاته.
ولما طال الحصار ، وأصيب عدد من المسلمين استشار الرسول صلى الله عليه وسلم بعض القوم ، ثم قرر رفع الحصار والرحيل ، فعن عبد الله بن عمرو قال :حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف ، فلم ينل منهم شيئا ، فقال : ( إنا قافلون إن شاء الله ، قال أصحابه : نرجع ولم نفتتحه ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : اغدوا على القتال ، فغدوا عليه فأصابهم جراح ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا قافلون غدا ، فأعجبهم ذلك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه البخاري و مسلم .
وتروي كتب السير أن بعض الصحابة أتوا رسول الله وقت الحصار ، وقالوا : يا نبي الله ، ادعُ الله على ثقيف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم اهد ثقيفاً وأت بهم ) .
ثم أذن مؤذن رسول الله بالرحيل ، فرحل الجيش وهم يقولون : ( آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون ) .
وهكذا عاد المسلمون من غزوة الطائف ، منتصرين وإن لم يفتحوا الحصن ، منتصرين بإيمانهم ، وثباتهم ، وصبرهم ، إضافة لما حصل من استسلام بعض أهل الطائف وإسلامهم .
ومما يستفاد من هذه الغزوة سرعة استجابة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبعد غزوة حنين مباشرة ساروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لنشر دعوتهم ، ومواجهة المعارضين لها ، والواقفين في سبيلها .
ويستفاد أيضاً ضرورة الأخذ بالوسائل الحربية ، والاستراتيجية ، والخطط النافعة ، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ حيث استخدم المنجنيق ، وكان أول ما رمي به في الإسلام.
ويستفاد أيضاً ضرورة التشاور وخاصة وقت المحن والشدائد ، وعدم التفرد باتخاذ القرار ، فالرسول صلى الله عليه وسلم شاور في فك الحصار ، وذلك لبيان أهمية هذا المبدأ العظيم مبدأ الشورى .
وقبل هذا وذاك نستفيد من أحداث هذه الغزوة ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من رحمة وشفقة بالآخرين ، ولو لم يكونوا مسلمين ، لأن مهمته تتمثل في هداية الآخرين وليس النيل منهم والكيد بهم ، وفي دعوته صلى الله عليه وسلم لثقيف -وليس الدعاء عليهم- أبلغ دليل على ما ذكرنا.


اسلام ويب
__________________
الحمد لله دائما وأبدا أولا وأخيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:42 PM.