|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#34
|
||||
|
||||
![]()
فصل: هل السحر كفر؟!
v قال الله تعالى: }واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان، وما كفر سليمان، ولكن الشياطين كفروا. يعلمون الناس السحر، وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر، فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه، وما هم بضارين به من أحد إلا باذن الله، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الاخرة من خلاق، ولبئس ما شروا به أنفسهم، لو كانوا يعلمون v ولو أنهم امنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير، لو كانوا يعلمون{، (البقرة؛ :102ــ103). v وجاء في «مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب»، (ج: 1 ص: 212 وما بعدها): [إعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة]، فعدها ثم ذكر منها: [السابع: السحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضى به كفر والدليل قوله تعالى: }وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر{]، انتهي نصاً. وقبل أن نشرع في تحرير هذا، أي: هل السحر كفر؟! يجب التنبيه على أن أغلب ما يحسبه الناس سحراً هو في حقيقة الأمر خفة يد ومهارة، أو استعانة بآلات، ومعدات، ومواد يخفيها المشعبذ، ثم يستعمله بطريقة خفية لا ينتبه إليها الحاضرون. كل ذلك خفة يد ومهارة، لا علاقة له بالسحر، السحر المحرم، أو ما كانوا يتعلمونه من هاروت وماروت في الآية، وإن كان بعض أنواع خفة اليد مكروهاً، لما فيه من إرهاب الناس وإدهاشهم، أو محرماً لما فيه من غش الناس وتضليلهم. وننبه كذلك أن ما يسمونه بـ«السحر الأسود» الذي يتوصل إليه بالتعاون مع الشياطين والمردة، وذلك بذبح ذبائح يتعمد عند ذبحها ذكر اسم غير الله عليها، أو بإهانة كتب الله بإلقائها في الحشوش، أو كتابة أسماء الله الحسنى وأسماء ملائكته ورسله بالنجاسات، كل ذلك من أفعال الكفر من حيث هو، يكفر فاعله، سحر بذلك أم لم يسحر، جاداً كان الفاعل أو مازحاً، راضياً أو ساخطاً، إلا المكره بإكراه ملجيء، أو الجاهل، ومن قام به مانع معتبر من موانع التكفير، فلا يفعله إلا من كفر بالله ورسله، فخسر سعيه، وضحى بحظه من الآخرة، فبعداً له، ما أتعسه!! قال المكفرون للساحر أن قوله تعالى: }يعلمون{ جاء بدلاً من قوله: }كفروا{، ولكن هذه دعوى بلا برهان، بل الأولى أن يقال أن الجملة: }واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان، وما كفر سليمان، ولكن الشياطين كفروا{، جاءت صحيحة تامة: نفى تهمة الكفر عن سليمان، صلوات الله عليه، وأثبت الكفر للشياطين، والشياطين كفار بتمردهم على أمر الله، أو لتوليهم إبليس عدو الله، أو لنسبتهم الظلم إلى الله، أو لغير ذلك، سحروا أم لم يسحروا، علموا أحداً السحر، أم لم يعلموا. ثم بدأ بعد ذلك بكلام جديد، وجملة جديدة: أن هؤلاء الشياطين الكفار }يعلمون الناس السحر{، وهذا نوع آخر من الشر والإثم كانت الشياطين في تلك الأزمنة تتعاطاه، ألا وهو تعليم الناس السحر، ولا شك أن الشياطين لن تعلم الناس خيراً، ولكن من قال أنهم بالضرورة إنما يعلمون الناس ما هو كفر فقط، ومن قال أنهم ليسوا من أهل المكر والمهارة في الخداع والتضليل: فيمزجون خيراً بشر، وفسقاً بكفر، فلعل هذا يروج على بعض الناس، وذاك يروج على بعض آخر، وهكذا. وها هو أحد الشياطين (سواء كان إنسياً أو جنياً) يعلم أبا هريرة، رضي الله عنه، في القصة المشهورة، ما ينفعه من فوائد آية الكرسي، فيصدق في هذه فقط، وهو في غيرها كذوب، مقابل الانفلات من قبضة أبي هريرة! وحتى لو صحت دعوى البدل، فلا حجة فيها لأن كون تعليم السحر للناس من أعمال الكفر آنذاك إنما هو شريعة قديمة منسوخة، لا يحل العمل بها. على أن النص إنما جاء، على الأرجح، في حق شياطين الجن، وأحكام الجن ليست هي عينها أحكام الإنس في هذه الشريعة الخاتمة، فقد صح عن النبي، صلى الله عليه وعلى وسلم، أنه أباح لهم الروث والعظام طعاما، والروث حرام عندنا وحلال لهم، فمن باب أولى في الشرائع السابقة. فظاهر الآية إذاً يحتمل معنيين فلا يجوز من ثم حملها على أحدهما دون الآخر إلا ببرهان، على أن كلا الوجهين لا حجة لهم فيه أصلا! قوله، تعالى ذكره: }يعلمون الناس السحر، وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت{، يحتمل أن يكون ما أنزل على الملكين: (2) شيئاً آخر غير السحر، فيكون باقي الآية في غير موضوعنا، ويكون }ما يفرقون به بين المرء وزوجه{ بعض }ما أنزل على الملكين ببابل{، وهو من ثم ليس سحراً، وإن ظنه الناس كذلك،، أو صنفه الناس كذلك ويكون الضمير في }ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الاخرة من خلاق{، عائداً ضرورة لأقرب مرجع وهو: }ما أنزل على الملكين ببابل{، فليس هو في السحر، وهذا خارج موضوعنا! (2) أو هو نوع من السحر، فيكون المعطوف هنا وهو: (ما أنزل على الملكين ببابل) نوع خاص من المعطوف عليه وهو: (السحر)، من باب عطف الخاص على العام، وهم لا يقولون أن الملكين كفرا بذلك، فهذا برهان على أن تعليم السحر بالنسبة للملكين ليس كفراً، ولعله ليس بحرام أصلاً، بل لعلهما أمرا بذلك فهو واجب في حقهما، لأن الحكم بالنسبة الملائكة غير الحكم بالنسبة للجن. فإن كان كذلك فمن باب أولى يكون حكم الساحر من هذه الأمة مختلفاً عن ذلك كله. ها هنا أيضاً يكون الضمير في }ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الاخرة من خلاق{، عائداً ضرورة لأقرب مرجع وهو: }ما أنزل على الملكين ببابل{. أي لهذا النوع المخصوص من السحر فقط، وليس لكل سحر، ليس لمشتريه خلاق في الآخرة. على أن جملة: }ما له في الاخرة من خلاق{، ليست قطعية في الكفر، وربما أتت على وجه الذم والوعيد الشديد، في مثل قوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخر»، كما هو في صحيح مسلم، وهذه صيغة حصر: فلا يلبس الحرير إلا من لا خلاق له في الآخرة، ونحن نعلم ضرورة أن بعض من يلبس الحرير هم من عصاة أهل الملة، الذين يأكلون الذبيحة، ويستقبلون القبلة، وليسوا من الكفار الخارجين من الملة. على أن قول الملكين: }إنما نحن فتنة فلا تكفر{، إنما هو تنبيه بأنهما فتنة عامة، وتحذير ونهي عن الكفر مطلقاً، وليس فيه أن المخاطب يكفر بتعلمه السحر خاصة، هذا قد يكون وقد لا يكون. وربما كان الملكان يعلمان من يأتي إليهم أموراً كثيرة، منها أشياء تؤدي بمن لم يكن حذراً متنبهاً إلى الكفر. وربما كانا يقولان، مثلاً: (بعض ما تطلبه حرام، وإذا تعلمته ربما استحللته، وإذا استحللته كفرت)، أو نحو ذلك، أو لعلهما يعلمان الجدال والمراء في القدر، وهذا على شفا جرف من الكفر، وربما غير ذلك كثير. ومهما قلَّبت الآية على شتى وجوهها، وهي من أعسر آيات القرآن، وأكثرها غموضاً، لما وجدت للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب كبير حجة في جعل السحر من نواقض الإسلام. ولو أن الشيخ، سامحه الله، تأنى، وراجع أقوال العلماء، لما زل هذه الزلة القبيحة، لا سيما أن الناس اختلفوا قديماً وحديثاً في السحر، فما كان له أن يتعجل الحكم في هذا الأمر الخطير، الذي قد تضرب فيه الأعناق! v وقال الإمام أبو محمد علي بن حزم في «المحلى»، (ج: 11 ص: 394): [اختلف الناس في السحر، فقالت طائفة يقتل الساحر ولا يستتاب والسحر كفر وهو قول مالك، وقال أبو حنيفة يقتل الساحر، وقال الشافعي وأصحابنا إن كان الكلام الذي يسحر به كفرا فالساحر مرتد وإن كان ليس كفرا فلا يقتل لأنه ليس كافرا. وذكر عن المتقدمين في ذلك أشياء كما: |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|