#16
|
||||
|
||||
ب – جمال معنوي : و يتمثل في أمور كثيرة ، لا تدرك بالحس و الرؤية ، و لكنها تدرك بالعقل الواعي ، و البصيرة المفتوحة . و يمكن تصنيفها كالأتي:-
- الأقوال : فالجمال المعنوي موجود في الأقوال الحسنة ، و الألفاظ الطيبة، قال تعالى : (( و من أحسن قولا ممن دعا الى الله و عمل صالحا و قال إنني من المسلمين )) فقد جعل الله الدعوة إلى الإسلام ، و النطق بكلمة الشهادة من أحسن الأقوال و أجملها ، فدل ذلك على أن الجمال موجود في الأقوال التي يقولها الناس ، و في الألفاظ التي ينطقونها لا من حيث تركيبها اللفظي و صياغتها البلاغية، و لكن بالنظر إلى ما تحمله من المعاني و المدلولات. - الأفعال : و الفعل قرين القول ، بل إن القول إذا لم يقترن بالفعل ، لا يبلغ الكمال في الحسن ، و لهذا ذكر الله تعالى في الآية السابقة قوله : (( و عمل صالحا )) ، إذ القول وحده – مهما كان جميلا – لا يكفي صاحبه ، لاعتباره مسلما ، ما لم ينضم إليه فعل و لهذا أورد أهل العلم تعريفا جميلا عن الإيمان فقالوا : (( هو نطق باللسان ، و عمل بالأركان ، و تصديق بالجنان)) و على العموم ، فان الجمال يوجد في الفعل كما يوجد في القول. 5/ ميادين الجمال : من خلال ما سبق ذكره من تقسيم الجمال إلى حسّي و معنوي ، نستطيع أن ننطلق منه ، لمعرفة ميادين الجمال ومجالاته وهي:- أ-الطبيعة : فالطبيعة بكل ما تحتويه من أرض وسماء ، وإنسان وحيوان ، ونبات وجماد ، تصلح ميدانا" رحبا" ، ومجالا" فسيحا" للجمال ، والقرآن الكريم حين تناول "الطبيعة" لفت الإنسان إلى كثير من دقائقها. و أسلوب القرآن في عرض مشاهد الجمال من الطبيعة على نوعين: - نوع إجمالي : وذلك أن يتناول الأشياء الكلية على وجه الإجمال ، ثم يحوّل النظر إليها ، كي يعيش المرء معها بعمق وتمعن ، ويستخرج منها نتائج وأسرارا" . قال تعالى (( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون )) فهذا المشهد العظيم لوحة من الطبيعة ، التي لا تحدها الأبعاد والأنظار ، يسرح فيها العقل والبصر ، ليستنتج منها نتائج معينة ، الجمال ليس بآخرها - نوع تفصيلي : و ذلك أن يتناول جزءا من أجزاء الطبيعة ، و مظهرا من مظاهرها ، و يرشد الى الجمال فيه ، بالتصريح أو بالتلميح . قال تعالى : (( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها و زيناها و مالها من فروج )) ب-الإنسان : الإنسان ميدان آخر للجمال، يتخلله الجمال منذ مرحلة تكوينه ونشأته، إلى مرحلة نضجه وتكامله، بل إن الجمال من أبرز سمات الإنسان التي نوه بها القرآن الكريم، للدلالة على قدرة الله تعالى و إبداعه، يمتن الله به على عباده، فيقول تعالى : (( خلق السموات و الأرض بالحق و صوركم فأحسن صوركم و إليه المصير)) وقال جل وعلا: (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )) وقال عز سبحانه: (( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك )) فالتسوية التامة للإنسان، هي النقطة الأساسية، التي ينطلق منها جمال الإنسان، لأن عدم الخلل و النقص في بنيته، دليل على جماله و قد خلق الله الإنسان فبلغ به من الإحسان و الإتقان ما بلغه. ج-الفن : و الفن نتاج إنساني، استفاده من الطبيعة التي سخرها الله له، و من عقله الذي و هبه إياه، و الإسلام قائم على أساس العقيدة، ذات التصور الشامل عن الكون و الحياة و الإنسان، و لهذا فلا مجال فيه للباطل من الأوهام والخرافات، و الأصنام و الأوثان. و يعد الفن مجالا خصبا للجمال لا ينضب ما دام الإنسان قائما على وجه الأرض، و قد تمثل الجمال الفني في الإسلام في أمور كثيرة، أهمها ما يلي: * النقش و الزخرفة: عرف المسلمون قديما بهذا الفن الجمالي ، حتى قيل : إن الفن الإسلامي فن زخرفي، ذلك أنه لا يكاد يخلو أثر إسلامي، بدءا بالخاتم و مرورا بالأواني، و انتهاء بالبناء الضخم و قد قامت الزخرفة على نمطين: - نمط نباتي أو ورقي : و هو الذي أبرز بأساليب متعددة ، من إفراد و مزاوجة ، و تقابل و تعانق ، و في مجالات متنوعة ، من جدران و قباب ، و تحف نحاسية و زجاجية ، و صفحات الكتب و أغلفتها ، و نحو ذلك. - نمط هندسي : و ذلك باستعمال الخطوط الهندسية و صياغتها في أشكال فنية رائعة ، على شكل نجوم أو دوائر متداخلة ، أو نحو ذلك ، و قد زينت بهذا النوع من الزخرفة المباني و التحف الخشبية و النحاسية ، و الأبواب و السقوف ، و نحو ذلك * الكتابة و الخط : كانت ((الكلمة)) و لا زالت، ميدانا رحبا للجمال الفني، سواء كانت نثرا أو شعرا، و لقد تبوأ الخط و الكتابة مكانة عظيمة، منذ بدء الوحي حيث اتخذ الرسول صلى الله عليه و سلم كتابا للوحي ، يكتبون كل ما ينزل من القرآن، فكتب على جريد النخل، و صفائح الحجارة، و جلود الأنعام، و الأخشاب كما نقل من ذلك و كتب في مصحف واحد في عهد أبي بكر الصديق عندما خشي ضياعه بذهاب القراء في الجهاد. و لقد برع الكتاب براعة عظيمة، عندما أصبح الخلفاء و الأمراء و الخطباء و العلماء، و الشعراء و غيرهم من صناع الكلمة و مصدرها، ذوي منزلة في المجتمع، و أصحاب الشأن في الدولة ، فبلغ الخط و الكتابة شأوا بعيدا، و حظي بعناية فائقة من المسلمين ، و تفنن الناس فيه ، حين صار أداة ضرورية للمعرفة ، فأكسبوه ألوانا و أشكالا ، فوجد الخط الكوفي ، و الفارسي ، و النسخي و الرقعي ، و المغربي و الديوانى و الثلث ، كما فّرعوا عليها فروعا كثيرة ، لا يسع المجال لذكرها * العمارة و التخطيط : و العمارة قديمة قدم الإنسان، و تتطور كلما طوّرت و سائلها عبر القرون و الأجيال ، إلا أنها في الإسلام ، أحدث فيها ما لم يكن موجودا من قبل، و وضعت أمام معطيات منهجية تجعلها تؤدي وظيفتها، بطريقة جمالية مضبوطة، و قد تركز هذا الفن الجمالي على شيئين بارزين، هما : 1/ المساجد و دور العبادة : لقد قطع الفن المعماري أشواطا بعيدة ، حقق فيها التنوع الرائع ، و الانسجام الجميل ، إذ ظل المسجد ، ذا طابع خاص ، و شكل مميز ، إضافة إلى العناصر الأخرى التي تؤكد ذلك التميز. 2/ المساكن و البيوت : كان للإسلام أيضا تأثيره على الفن المعماري للبيوت و المساكن التي يسكنها كثير من الناس ، و القصور التي يسكنها الخلفاء و الأمراء ، و أصحاب الجاه و المال ، و قد شهد لهذا التأثير ، عالم غربي ، هو ((ج . مارسيه )) حين قال لقد تغلغل الإسلام في الحياة البيتية ، كما دخل حياة المجتمع ، و صاغت الطبائع التي نشرها ، شكل البيوت و النفوس) و إنما تميز البيت المسلم عن غيره ، لارتباطه بالكثير من الشئون الاجتماعية ، التي صاغها الإسلام صياغة جيدة ، ونظمها تنظيما رائعا و التي ينبغي مراعاتها في البيوت الإسلامية ، ومن تلك الأمور: - الحجاب ، الذي يفصل الرجال عن النساء. - الاستئذان خارج البيت ، للدخول فيه. - الاستئذان داخل البيت ، للدخول في غرفه ، و نحو ذلك. وقد بقي من القصور القديمة، في الأندلس (أسبانيا الآن ) بقية، يعد ((قصر الحمراء )) في غرناطه من أهمها، أما القصور الحديثة فكثيرة و متعددة، لا يحصيها العد كثرة، يراها كل الناس في البلاد التي يقطنها المسلمون، و ستبقى كل من البيوت و القصور، تحكي ما وصل إليه المعماريون المسلمون من فن و عبقرية، و علم عميق بالهندسة. على أن عمارة البيوت و القصور، و العناية بنقشها و زخرفتها، يجب أن يكون في حدود المنهج الإسلامي، الذي لا يسمح بالإسراف و التبذير ولا يرضي بالشح و التقتير ، و لكنه بالتوسط و الاعتدال، و لا ينسين المرء الجمال المادي ما حققه الإسلام من الجمال المعنوي، الذي يجعل كل إنسان ، يهتم بالأمور الضرورية التي هي أكثر أهمية من غيرها ، فجمال القاضي بعدله و إنصافه ، وجمال الحاكم باهتمامه بشئون رعيته ، و سهره لأمنهم و راحتهم ، و جمال الغني بصدقته و إنفاقه ، و جمال الفقير بكده و عمله لذا قال الله تعالى: ((يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم و ريشا و لباس التقوى ذلك خير)) و قال تعالى: ((يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)) |
#17
|
||||
|
||||
قـيم إســلامية النهى عن الربا يأتي على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "ليلة أسرى بي سمعت في السماء السابعة فوق رأسي رعدا وصواعق وسمعت برقا، ورأيت رجالا بطونهم بين أيديهم كالبيوت فيها حيات ترى من ظاهر بطونهم فقلت يا جبريل من هؤلاء؟ فقال أكلة الربا. وروى عن عطاء الخراساني أن عبد اللَّه بن سلام قال: الربا اثنا وسبعون حوباً: يعني إثماً، وأصغرها حوبا كمن أتى أمه في الإسلام، ودرهم من الربا شر من بضع وثلاثين زنية. قال: ويأذن اللَّه تعالى بالقيام للبر والفاجر يوم القيامة إلا آكل الربا فإنه لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس: يعني كالمجنون كلما قام سقط. وعن الحارث عن عليّ رضي اللَّه تعالى عنهما أنه قال "لعن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه، والواشمة والمستوشمة، والمحلل والمحلل له، ومانع الصدقة". وروى عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ما يكسب العبد مالا من الحرام فيتصدق به فلا يؤجر عليه ولا ينفق منه فلا يبارك له فيه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار". وعن أبي رافع قال: بعث خلخال فضة من أبي بكر الصديق رضي اللَّه تعالى فوضع الخلخال في كفة والدراهم في كفة فكان الخلخال أثقل منها يسيرا فأخذ مقراضا فقال الزيادة لك يا خليفة رسول اللَّه قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول "الزائد والمستزيد في النار". وروى أبو سعيد الخدري وعبادة بن الصامت وأبو هريرة وغيرهم عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "الفضة بالفضة مثلا بمثل والفضل ربا، والحنطة بالحنطة مثل بمثل والفضل ربا،وذكر الشعير والتمر والملح ثم قال: فمن زاد أو استزاد فقد أربى". وعن ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه قال:كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الربا. ويقال ما ظهر الزنى وأكل الربا في بلد إلا خرب. وعن علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: من اتجر قبل أن يتفقه في الدين فقد ارتطم بالربا ثم ارتطم ثم ارتطم: يعني غرق فيه. قال عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه: لا يبيعن في أسواقنا هذه قوم لم يتفقهوا في الدين ولم يوفوا الكيل والميزان وعن ليث عن عبد الرحمن بن سابط قال: إنما يؤذن في هلاك القرن إذا استحلوا أربعا: إذا نقصوا الميزان، وبخسوا المكيال، وأظهروا الزنى، وأكلوا الربا، لأنهم إذا أظهروا الزنى أصابهم الوباء، وإذا نقصوا الميزان وبخسوا المكيال منعوا القطر، وإذا أكلوا الربا جرد عليهم السيف. وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "يأتي على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا، قيل يا رسول اللَّه كلهم يأكلون الربا؟ قال من لم يأكل منه يصيبه من غباره" يعني يصيبه من إثمه لأنه يعين على ذلك فيكون شاهدا أو كاتباً أو راضياً بفعله فله حظ من الفعل فينبغي للتاجر أن يتعلم من العلم مقدار ما يحتاج إليه لتجارته لكيلا يأكل الربا، وينبغي أن يجتهد في الكيل والوزن لأن اللَّه تعالى شدد في أمر الكيل والوزن، وأوعد الوعيد الشديد فقال تعالى {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} يعني الشدة من العذاب، ويقال ويل واد في جهنم للذين ينقصون ويخونون في الكيل والوزن {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} - يعني يكتالون من الناس يستوفون - يعني حقهم تاما {وَإِذَا كَالُوهُمْ} يعني إذا كالوا الناس {أَوْ وَزَنُوهُمْ} يعني لهم {يُخْسِرُونَ} يعني ينقصون، ثم قال تعالى {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ} يعني ألا يعلم هؤلاء الذين يخونون في الكيل والوزن {أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ} ليوم القيامة {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} يعني هوله عظيم. فاعتبر يا ابن آدم فإن اليوم الذي سماه اللَّه عظيما كيف يكون حاله أي يكون وأي هيبة وأي خوف أعظم منه {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ} يعني يقفون بين يدي اللَّه تعالى ويسألهم عن قليل وكثير ويقرأ في كتابه - ووجدوا ما عملوا حاضرا بين يدي اللَّه تعالى ويسألهم عن قليل وكثير ويقرأ في كتابه {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} فطوبى لمن عدل في الدنيا في حقوق الناس وويل لمن لم يعدل في حقوق الناس. وروى عن عمر رضي اللَّه تعالى عنه أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال "إن العدل ميزان اللَّه تعالى في الأرض فمن أخذه قاده إلى الجنة، ومن تركه ساقه إلى النار " واعلم أن العدل يكون من السلطان في رعيته ويكون من الرعية فيما بينهم، فعليكم بالعدل لتنجوا من العذاب الأليم.
آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 13-01-2012 الساعة 08:06 PM |
#18
|
||||
|
||||
بارك الله بحضرتك وبمجهودك الكبير
وجعل الله كل ماتقدمه في ميزان حسناتك جزاك الله الف خير استاذنا الفاضل تحياتي وتقديري واحترامي لحضرتك آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 03-01-2012 الساعة 09:12 PM |
#19
|
||||
|
||||
|
#20
|
||||
|
||||
قـيم إســلامية
الصدق ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) عن عبد اللَّه ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال"عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند اللَّه صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند اللَّه كذابا" عن أبي هريرةَ رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خانَ" زاد في رواية "وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أنَّهُ مُسْلِمٌ" قال عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنه: وأنزل اللَّه تعالى تصديق ذلك في كتابه قوله تعالى {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّه لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} إلى قوله: {وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} عن مالك عن صفوان بن سليم أنه قال " قيل يا رسول اللَّه : أيكون المؤمن جبانا؟ قال : نعم فقيل له : أيكون المؤمن بخيلا؟ قال : نعم قيل له : أيكون المؤمن كذابا؟ قال لا " عن عبادة ابن الصامت رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال"أضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم". و قد جمع النبي صلى اللَّه عليه وسلم جميع الخيرات في هذه الأشياء وهي ستة. وروى عن حذيفة بن اليمان رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: إن الرجل كان يتكلم بالكلمة على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فيصير بها منافقا، وإني لأسمعها من أحدكم في اليوم عشر مرات: يعني الرجل إذا كان يكذب كان ذلك دليلاً على نفاقه. فالواجب على المسلم أن يمنع نفعه من علامات المنافقين، فإن الرجل إذا تعوّد الكذب يكتب عند اللَّه منافقا ويكون عليه وزره ووزر من اقتدى به. عن سمرة بن جندب قال "كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا صلى الغداة أقبل علينا بوجهه فقال لأصحابه: هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا فيقص عليه ما شاء اللَّه أن يقص رؤياه عليه، وإنه قال لنا ذات غداة: هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟ فقلنا لا قال لكني أنا رأيت الليلة: إنه أتاني اثنان وإنهما أخذا بيدي فقالا لي انطلق، فانطلقت معهما فأخرجاني إلى أرض مستوية فأتينا على رجل مضطجع وآخر قائم عليه بصخرة فإذا هو يهوي بالصخرة على رأسه فيثلغ بها رأسه فيتدهده الحجر، فيتبعه ويأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان فيعود عليه بمثل ذلك، فقلت سبحان اللَّه ما هذا؟ فقالا لي انطلق، فانطلقت معهما حتى أتينا على رجل مستلق على قفاه وإذا آخر قائم عليه بكلّوب من حديد فإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشق شدقه حتى يبلغ إلى قفاه ومنخره، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ذلك فلا يفرغ منه حتى يصح الجانب الأوّل كما كان فيعود إليه فيفعل به مثل ذلك. قال: قلت سبحان اللَّه ما هذا؟ قالا لي انطلق، فانطلقت حتى انتهينا على بناء رأسه مثل التنور وأسفله واسع. قال: فاطلعت فإذا فيه رجال ونساء عراة فإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أوقد ارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها فلما جاءهم ذلك اللهب صوّتوا: يعني صاحوا، فقلت سبحان اللَّه ما هؤلاء؟ قالا لي انطلق فانطلقنا حتى أتينا على نهر معترض فيه ماء أحمر مثل الدم فإذا فيه رجل يسبح وإذا على شاطئ النهر رجل قد جمع حجارة كثيرة قال فيأتيه السابح فيفغر: "أي يفتح" له فاه فيلقمه حجرا. قال: قلت سبحان اللَّه ما هذا؟ فقالا لي انطلق، فأتينا على رجل فإذا هو حوله نار عظيمة يهشها ويسعى حولها فقلت سبحان اللَّه ما هذا؟ فقالا لي انطلق، فانطلقنا فأتينا على روضة فيها من كل نَور الربيع فإذا بين ظهرني الروضة رجل طويل وإذا حول ذلك الرجل ولدن كثيرة من أكثر ما رأيتم قط فقلت سبحان اللَّه ما هذا؟ قالا لي انطلق، فانطلقنا حتى انتهينا إلى دوحة عظيمة لم أر دوحة أعظم ولا أحسن منها فارتقينا فيها فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن من ذهب ولبن من فضة، فاستفتحنا باب المدينة ففتح لنا فدخلنا فيها فأخرجاني منها فأدخلاني دارا هي أحسن منها وأفضل، فبينما اصعّد بصري فإذا قصر أبيض كأنه ربابة بيضاء . قالا: ذلك منزلك. قلت ألا أدخله؟ قالا: أما الآن فلا وأنت داخله ثم قلت إني رأيت هذه الليلة عجبا فما الذي رأيته؟ قالا: أمّا الأول الذي رأيته يثلغ رأسه بالحجر فإنه رجل يأخذ القرآن ثم يرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة وأمّا الذي يشق شدقه إلى قفاه فإنه رجل يخرج من بيته فيكذب الكذبة فتبلغ الآفاق. وأمّا الذي رأيته مثل التنور فإنهم الزناة والزواني. وأما الذي يسبح في البحر فهو آكل الربا. وأما الذي يسعى حول النار فإنه مالك خازن النار "أي جهنم" وأما الرجل الطويل الذي رأيته في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام: وأما الولدان الذين حوله فكل مولود ولد على الفطرة وأما الدار التي دخلت أوّلا فدار عامة المؤمنين. وأما الدار الأخرى فدار الشهداء وأنا جبريل وهذا ميكائيل، فقال رجل : وأولاد المشركين؟ قال وأولاد المشركين أيضاً يكونون عند إبراهيم عليه الصلاة والسلام" وقد جاء في أطفال المشركين أخبار مختلفة. قال بعضهم: يكونون خدماً لأهل الجنة، وبعضهم من أهل النار والله تعالى أعلم. و قد ذكر ناس من أصحاب عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: "أصدق الحديث كلام الله، وأشرف الحديث ذكر الله، وشر العمى عمى القلب، وما قلّ وكفى خير مما أكثر وألهى، وشر الندامة ندامة يوم القيامة، وخير الغنى عنى النفس، وخير الزاد التقوى، والخمر جماع الإثم، والنساء حبائل الشيطان، والشباب شعبة من الجنون، وشر المكاسب كسب الربا، وأعظم الخطايا اللسان الكذوب". و عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "الكذب لا يصلح إلا في ثلاث: في الحرب لأن الحرب خدعة. والرجل يصلح به بين اثنين، والرجل يصلح به بينه وبين امرأته". وروى عن بعض التابعين أنه قال: أعلم أن الصدق زين الأولياء، وأن الكذب علامة الاشقياء كما بين اللَّه تعالى في كتابه قال اللَّه تعالى {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ المُتَّقُونَ. لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} وقد ذم الكاذبين ولعنهم فقال عز من قائل {قُتِلَ الخَرَّاصُونَ} يعني لعن الكذابون {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّه الكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ}. |
#21
|
||||
|
||||
قـيم إســلامية
الكسب الحلال ( ما نبت من حرام .. فالنار أولى به ) قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعن عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ فيه ، وعن مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفيمَ أَنْفَقَهُ، وعن جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ". عن ابى عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " ثلاثة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: التاجر الأمين، والإمام المقتصد، وراعي الشمس بالنهار " عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء " قال بعض الحكماء: إذا لم يكن في التاجر ثلاث خصال افتقر في الدارين جميعا: أولها لسان نقي من ثلاثة : من الكذب واللغو والحلف، والثاني قلب صاف من ثلاث : من الغش والخيانة والحسد، والثالث نفس محافظة لثلاث الجمعة والجماعات وطلب العلم في بعض الساعات وإيثار مرضاة اللَّه تعالى على غيره. و عن أبى هريرة رضالله عنه عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " أربعة يبغضهم الله: البياع الحلاف، والفقير المختال، والشيخ الزاني، والإمام الجائر" عن أبي ذر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه و سلم قال "ثلاثة يحبهم الله : رجل كان في فئة فنصب نحره حتى يقتل أو يفتح الله عليه وعلى أصحابه، ورجل كان له جار سوء يؤذيه فصبر على أذاه حتى يفرق بينهما موت أو ضغن، ورجل كان معه قوم في سفر أو سرية فأطالوا السري حتى أعجبهم أن يمسوا الأرض فنزلوا. فتنحى يصلي حتى يوقظ أصحابه للرحيل. وثلاثة يشنؤهم الله: التاجر أو البياع الحلاف، والفقير المختال والبخيل المنان" ومعنى يشنؤهم : اى يبغضهم وعن عليّ بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه أنه قال: التاجر إذا لم يكن فقيها ارتطم في الربا: يعني غرق في الربا، ثم ارتطم ثم ارتطم. وعن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: من لم يتفقه في الدين فلا يتجرنّ في أسواقنا. عن جابر رضي اللَّه تعالى عنهما عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال"يا أيها الناس إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه فلا تستبطئوا الرزق فاتقوا اللَّه وأجملوا في الطلب فخذوا ما حلّ لكم وذروا ما حرّم الله" كان لأبي بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنه غلام يأتيه كل ليلة بغلته طعاما يأكله، وكان أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه لا يأكله حتى يسأله من أين اكتسبه ومن أين أصابه. قال: جاء ذات ليلة بطعام فضرب يده إليه فأكل لقمة من غير أن يسأله فقال الغلام : قد كنت تسألني كل ليلة غير هذه الليلة فإنك لم تسألني؟ قال : ويحك الجوع حملني، ويحك أخبرني من أين جئت به؟ قال : كنت رقيت لأناس في الجاهلية فوعدوني عليه عدة فرأيت عندهم وليمة فذكرتهم وعدهم الذي وعدوني فأعطوني هذا الطعام، فاسترجع أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه عند ذلك ثم أخذ يتقيأ فكابد وجاهد نفسه أن ينزع اللقمة من بطنه فلم يقدر حتى اخضرّ واسودّ من الجهد فلم يقدر فلما رأوا ما يلقي من المعالجة، قالوا : لو شربت عليه قدحا من ماء فأتى بعس من ماء فشرب ثم تقيأ فما زال يعالج نفسه حتى نبذها، فقالوا : هذا من أجل هذه اللقمة. ؟؟ قال إني سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول "إن اللَّه تعالى حرّم الجنة على كل جسد تغذى أو غذي بحرام". و من أراد أن يكون كسبه طيبا فعليه أن يحفظ خمسة أشياء: أوّلها : أن لا يؤخر شيئا من فرائض اللَّه تعالى لأجل الكسب ولا يدخل النقص فيها. والثاني : لا يؤذي أحد من خلق اللَّه تعالى لأجل الكسب، والثالث أن يقصد بكسبه استعفافا لنفسه ولعياله ولا يقصد به الجمع والكثرة. والرابع أن لا يجهد نفسه في الكسب جدا. والخامس أن لا يرى رزقه من الكسب ويرى الرزق من اللَّه تعالى والكسب سببا. وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من اكتسب مالا من مأثم فتصدق به أو وصل به رحما أو أنفقه في سبيل اللَّه تعالى جمع ذلك كله وألقى في النار". وعن ابن مسعود قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم "لا يكسب عبد مالا حراما فيتصدق به فيؤجر عليه، ولا ينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، وإن اللَّه تعالى لا يمحو السيء بالسيء، ولكن يمحو السيء بالحسن" وعن الحسن البصري رحمه اللَّه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال"إنما المال مال جالب وشر تجاركم المقيمون بين أظهركم الذين يمارونكم وتمارونهم وتحالفونهم ويحالفونكم" وسئل النبي صلى اللَّه عليه وسلم عن أطيب الكسب قال "عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور الذي لا شبهة فيه ولا خيانة وعن قتادة رضي اللَّه تعالى أنه قال: كان يقال التاجر الصدوق تحت ظلّ العرش يوم القيامة. |
#22
|
||||
|
||||
قـيم إســلامية الرضـــــا ( وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) قال الله تعالى : {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} يعني أن الله تعالى يعلم ما فيه صلاحكم وصلاح دينكم ودنياكم وأنتم لا تعلمون ذلك فارضوا بما قضيت لكم فإنكم لا تعلمون ما فيه صلاحكم عَنْ اَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ـصلى الله عليه وسلمـ اَنَّهُ قَالَ "عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ وَاِنَّ اللَّهَ اِذَا اَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ" عَنْ اَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّـ صلى الله عليه وسلم ـوَهُوَ يُوعَكُ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ فَوَجَدْتُ حَرَّهُ بَيْنَ يَدَىَّ فَوْقَ اللِّحَافِ فَقُلْتُ يَارَسُولَ اللَّهِ مَا اَشَدَّهَا عَلَيْكَ قَالَ"اِنَّا كَذَلِكَ يُضَعَّفُ لَنَا الْبَلاَءُ وَيُضَعَّفُ لَنَا الاَجْرُ". قُلْتُ يَارَسُولَ اللَّهِ اَىُّ النَّاسِ اَشَدُّ بَلاَءً ؟ قَالَ"الاَنْبِيَاءُ". قُلْتُ يَارَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ"ثُمَّ الصَّالِحُونَ اِنْ كَانَ اَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَايَجِدُ اَحَدُهُمْ اِلاَّ الْعَبَاءَةَ يُحَوِّيهَا وَاِنْ كَانَ اَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلاَءِ كَمَايَفْرَحُ اَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ" عن ميمون بن مهران قال: أمرني عمر بن عبد العزيز رضي اللَّه تعالى عنه أن آتيه في كل شهر مرتين، فجئته يوماً فنظر إليّ من فوق حصن له فأذن لي قبل أن أبلغ الباب، فدخلت كما أنا فإذا هو قاعد على بساط له وشاذكونة على قدر البساط وهو يرقع قميصاً له، فسلمت عليه فرّد عليّ السلام ولم يزل بي حتى أجلسني على شاذكونته ثم سألني عن أمرائنا وعن أمر شرطنا وعن جلاوذتنا وعن سجوننا وعن شعائرنا كلها، ثم سألني عن خاصة أمري، فلما نهضت لأخرج قلت يا أمير المؤمنين : ما في أهل بيتك من يكفيك ما أرى؟ قال يا ميمون يكفيك من دنياك ما بلغك المحل نحن اليوم هاهنا وغداً في مكان آخر، ثم خرجت وتركته عن قتادة رحمه اللَّه في قول اللَّه عز وجل {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} قال قتادة: هذا صنيع مشركي العرب أخبرنا اللَّه تعالى بخبث صنيعهم، فأما المؤمن فهو حقيق أن يرضى بما قسم اللَّه له، وقضاء اللَّه عز وجل خير من قضاء المرء لنفسه، وما قضى اللَّه لك يا ابن آدم مما تكره خير من قضائك بما تحب، فاتق اللَّه وارض بقضائه. وقال بعض الحكماء: المنازل أربعة: عمرنا في الدنيا، ومكثنا في القبر، ومقامنا في الحشر، ومصيرنا إلى الأبد الذي خلقنا له: فمثل عمرنا في الدنيا كمثل المتعشي في الحاج لا يطمئنون ولا يحلون الدواب والأثقال لسرعة الارتحال ومثل مكثنا في القبر كمثل النزول في بعض المنازل يضعون الأثقال ويستريحون يوماً أوليلة ثم يرتحلون ومثل مقامنا في الحشر كنزولهم بمكة وهو غاية الاجتماع لكل فريق من كل فجّ عميق يقضون النسك ثم يتفرّقون يميناً وشمالاً، كذلك يوم القيامة إذا فرغوا من المحاسبة افترقوا فرقاً إلى الجنة وفرقاً إلى السعير. وقال شقيق بن إبراهيم رحمه اللَّه تعالى: سألت سبعمائة عالم عن خمسة أشياء فكلهم أجابوا بجواب واحد: قلت: من العاقل؟ قالوا العاقل من لم يحب الدنيا، قلت من الغني؟ قالوا الذي يرضى بما قسم اللَّه له. قلت من الكيس؟ قالوا من لم تغره الدنيا، قلت من الفقيه؟ قالوا الذي يمتنع من طلب الزيادة. قلت من البخيل؟ قالوا الذي يمنع حق اللَّه تعالى من ماله. ويقال: سخط اللَّه تعالى على العبد في ثلاثة أشياء أحدها أن يقصر فيما أمر اللَّه تعالى، والثاني أن لا يرضى بما قسم اللَّه تعالى له، والثالث أن يطلب شيئاً فلا يجده فيسخط على ربه. وينبغي للمؤمن أن يكون راضياً بما قسم اللَّه تعالى له فإن الرضا بما قسم اللَّه له من أخلاق الأنبياء والصالحين. وروى عن أبي الدرداء رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: اثنتا عشرة خصلة من أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: أولها أنهم كانوا آمنين بوعد الله والثاني كانوا آيسين من الخلق والثالث كانت عدواتهم مع الشيطان والرابع كانوا مقبلين على أمر أنفسهم والخامس كانوا مشفقين على الخلق والسادس كانوا محتملين لأذى جميع الخلق والسابع كانوا موقنين بالجنة: يعني إذا عملوا عملاً أيقنوا أن اللَّه لا يضيع ثوابهم ولا ثواب عملهم والثامن كانوا متواضعين في مواضع الحق والتاسع كانوا لا يدعون النصيحة في موضع العداوة والعاشر كان رأس أموالهم الفقر: يعني كانوا لا يمسكون فضل المال وينفقون على الفقراء والحادي عشر كانوا يديمون على الوضوء والثاني عشر كانوا لا يفرحون بما وجدوا من الدنيا ولا يغتمون على ما فاتهم من الدنيا. لكذلك فإن المؤمن يكون حاله عند الشدة وعند الرخاء واحداً ويكون راضياً بما قسم اللَّه له، وأما المنافق فلا يكون راضياً بما قسم اللَّه له فيطغى عند النعمة ويجزع عند الشدة، فينبغي للمؤمن أن يقتدي بأفعال الأنبياء والزهاد ولا ينبغي أن يقتدي بأفعال الكفار والمنافقين، وبالله التوفيق.
آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 03-01-2012 الساعة 09:51 PM |
#23
|
|||
|
|||
بارك الله فيكم
|
#24
|
||||
|
||||
|
#25
|
||||
|
||||
قـيم إســلامية
الرفق من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى خير الدنيا والآخرة عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها قالت : "استأذن نفر من اليهود على النبي صلى اللَّه عليه وسلم : فقالوا السام عليك، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : وعليكم فقالت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها : وعليكم السام واللعنة فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم : يا عائشة إن اللَّه يحب الرفق في الأمر كله قالت : ألم تسمع ما قالوا؟ قال : قد قلت وعليكم" عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال"يا عائشة من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى خير الدنيا والآخرة، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من خير الدنيا والآخرة" عن سعيد بن المسيب رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال"رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس والتودّد إلى الناس" وما هلك رجل عن مشورة وما سعد رجل باستغنائه برأيه، وإذا أراد اللَّه أن يهلك عبداً كان أوّل ما يفسد منه رأيه، وإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة" وعن أبي هريرة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "إن اللَّه تعالى رفيق يحب الرفق يعطي على الرفق ما لا يعطى على العنف" فالله تعالى رفيق في أفعاله حيث خلق المخلوقات كلها بالتدريج شيئا فشيئا بحسب حكمته ورفقه ، مع انه قادر على خلقها دفعة واحدة وفي لحظة واحدة وهو سبحانه رفيق في أمره ونهيه فلا يأخذ عباده بالتكاليف الشاقة مرة واحدة ، بل يتدرج معهم من حال إلى حال حتى تألفها نفوسهم وتأنس إليها طباعهم ، كما فعل ذلك سبحانه في فرضية الصيام وفي تحريم الخمر والربا ونحوهما فالمتأني الذي يأتي الأمور برفق وسكينة ، اتباعا لسنن الله في الكون واقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تتيسر له الأمور وتذلل الصعاب , لا سيما إذا كان ممن يتصدى لدعوة الناس إلى الحق فانه مضطر إلى استشعار اللين والرفق كما قال تعالى : }ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم { وعن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "إذا أراد اللَّه تعالى بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق وإن الرفق لو كان خلقا لما رأى الناس خلقا أحسن منه، وإن العنف لو كان خلقا لما رأى الناس خلقاً أقبح منه" وعن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها قالت "كنت على بعير فيه صعوبة فجعلت أضربه فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم يا عائشة عليك بالرفق فإنه لم يكن في شيء إلا زانه ولا انتزع من شيء إلا شانه". |
#26
|
||||
|
||||
قـيم إســلامية
الكسب الحلال ( ما نبت من حرام .. فالنار أولى به ) قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعن عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ فيه ، وعن مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفيمَ أَنْفَقَهُ، وعن جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ". عن ابى عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " ثلاثة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: التاجر الأمين، والإمام المقتصد، وراعي الشمس بالنهار " عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء " قال بعض الحكماء: إذا لم يكن في التاجر ثلاث خصال افتقر في الدارين جميعا: أولها لسان نقي من ثلاثة : من الكذب واللغو والحلف، والثاني قلب صاف من ثلاث : من الغش والخيانة والحسد، والثالث نفس محافظة لثلاث الجمعة والجماعات وطلب العلم في بعض الساعات وإيثار مرضاة اللَّه تعالى على غيره. و عن أبى هريرة رضالله عنه عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " أربعة يبغضهم الله: البياع الحلاف، والفقير المختال، والشيخ الزاني، والإمام الجائر" عن أبي ذر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه و سلم قال "ثلاثة يحبهم الله : رجل كان في فئة فنصب نحره حتى يقتل أو يفتح الله عليه وعلى أصحابه، ورجل كان له جار سوء يؤذيه فصبر على أذاه حتى يفرق بينهما موت أو ضغن، ورجل كان معه قوم في سفر أو سرية فأطالوا السري حتى أعجبهم أن يمسوا الأرض فنزلوا. فتنحى يصلي حتى يوقظ أصحابه للرحيل. وثلاثة يشنؤهم الله: التاجر أو البياع الحلاف، والفقير المختال والبخيل المنان" ومعنى يشنؤهم : اى يبغضهم وعن عليّ بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه أنه قال: التاجر إذا لم يكن فقيها ارتطم في الربا: يعني غرق في الربا، ثم ارتطم ثم ارتطم. وعن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: من لم يتفقه في الدين فلا يتجرنّ في أسواقنا. عن جابر رضي اللَّه تعالى عنهما عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال"يا أيها الناس إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه فلا تستبطئوا الرزق فاتقوا اللَّه وأجملوا في الطلب فخذوا ما حلّ لكم وذروا ما حرّم الله" كان لأبي بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنه غلام يأتيه كل ليلة بغلته طعاما يأكله، وكان أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه لا يأكله حتى يسأله من أين اكتسبه ومن أين أصابه. قال: جاء ذات ليلة بطعام فضرب يده إليه فأكل لقمة من غير أن يسأله فقال الغلام : قد كنت تسألني كل ليلة غير هذه الليلة فإنك لم تسألني؟ قال : ويحك الجوع حملني، ويحك أخبرني من أين جئت به؟ قال : كنت رقيت لأناس في الجاهلية فوعدوني عليه عدة فرأيت عندهم وليمة فذكرتهم وعدهم الذي وعدوني فأعطوني هذا الطعام، فاسترجع أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه عند ذلك ثم أخذ يتقيأ فكابد وجاهد نفسه أن ينزع اللقمة من بطنه فلم يقدر حتى اخضرّ واسودّ من الجهد فلم يقدر فلما رأوا ما يلقي من المعالجة، قالوا : لو شربت عليه قدحا من ماء فأتى بعس من ماء فشرب ثم تقيأ فما زال يعالج نفسه حتى نبذها، فقالوا : هذا من أجل هذه اللقمة. ؟؟ قال إني سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول "إن اللَّه تعالى حرّم الجنة على كل جسد تغذى أو غذي بحرام". و من أراد أن يكون كسبه طيبا فعليه أن يحفظ خمسة أشياء: أوّلها : أن لا يؤخر شيئا من فرائض اللَّه تعالى لأجل الكسب ولا يدخل النقص فيها. والثاني : لا يؤذي أحد من خلق اللَّه تعالى لأجل الكسب، والثالث أن يقصد بكسبه استعفافا لنفسه ولعياله ولا يقصد به الجمع والكثرة. والرابع أن لا يجهد نفسه في الكسب جدا. والخامس أن لا يرى رزقه من الكسب ويرى الرزق من اللَّه تعالى والكسب سببا. وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "من اكتسب مالا من مأثم فتصدق به أو وصل به رحما أو أنفقه في سبيل اللَّه تعالى جمع ذلك كله وألقى في النار". وعن ابن مسعود قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم "لا يكسب عبد مالا حراما فيتصدق به فيؤجر عليه، ولا ينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، وإن اللَّه تعالى لا يمحو السيء بالسيء، ولكن يمحو السيء بالحسن" وعن الحسن البصري رحمه اللَّه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال"إنما المال مال جالب وشر تجاركم المقيمون بين أظهركم الذين يمارونكم وتمارونهم وتحالفونهم ويحالفونكم" وسئل النبي صلى اللَّه عليه وسلم عن أطيب الكسب قال "عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور الذي لا شبهة فيه ولا خيانة" وعن قتادة رضي اللَّه تعالى أنه قال: كان يقال التاجر الصدوق تحت ظلّ العرش يوم القيامة. |
#27
|
||||
|
||||
قـيم إســلامية
الحـياء ( استحيوا من الله حق الحياء ) عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال"أربع من سنن المرسلين: التعطر، والنكاح، والسواك، والحياء" عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال"إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت" عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنهم قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "استحيوا من اللَّه حق الحياء، فقالوا إنا نستحي من اللَّه والحمد لله، قال ليس ذلك ولكن من استحى من اللَّه حق الحياء فليحفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من اللَّه حق الحياء" وعن الحسن عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار" وعن سلمان الفارسي رضي اللَّه تعالى عنه أنه قال: لأن أموت ثم أحيا ثم أموت ثم أحيا ثلاثا أحبّ إليّ من أن أنظر إلى عورة أحد أو ينظر أحد إلى عورتي. وعن عليّ كرم اللَّه وجهه أنه قال: لعن اللَّه الناظر والمنظور إليه. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "لا يحلّ لأحد أن يدخل الحمام إلا بمئزر" إياكم والنظرة فإنها تزرع الشهوة في القلب، وكفى بها فتنة لصاحبها وعن عطاء أنه قال "مرّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم برجل يغتسل فقال: يا أيها الناس إن اللَّه حيي حليم ستار ويحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليتوار عن أعين الناس" وعن أنس بن مالك أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان إذا أراد قضاء الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض". الحياء على وجهين: حياء فيما بينك وبين الناس، وحياء فيما بينك وبين اللَّه تعالى أما الحياء الذي بينك وبين الناس : فأن تغض بصرك عما لا يحل لك وأما الحياء الذي بينك وبين اللَّه تعالى فأن تعرف نعمته فتستحي أن تعصيه. وروى عن عمر رضي اللَّه تعالى عنه "أنه دخل على النبي صلى اللَّه عليه وسلم فوجده يبكي، فقال ما يبكيك يا رسول الله؟ قال أخبرني جبريل عليه السلام أن اللَّه تعالى يستحي من عبد يشيب في الإسلام أن يعذبه، أفلا يستحي الشيخ من اللَّه أن يذنب بعدما شاب في الإسلام" وروى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال " قلت يا رسول اللَّه : عورتنا ما نأتي منها وما نذر، قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال: قلت يا رسول اللَّه : أرأيت إن كان أحدنا خالياً؟ قال فالله أحق أن يستحى منه" وقال بعض السلف لابنه: إذا دعتك نفسك إلى كبيرة فارم ببصرك إلى السماء واستح ممن فيها فإن لم تفعل فارم ببصرك إلى الأرض واستح ممن فيها فإن كنت لا ممن في السماء تخاف ولا ممن في الأرض تستحي فاعدد نفسك في عداد البهائم. قال الفضيل بن عياض، لا تغلق بابك وترخي سترك وتستحي من الناس، ولا تستحي من القرآن الذي في صدرك ولا تستحي من الجليل الذي لا يخفى عليه خافية. |
#28
|
||||
|
||||
قـيم إســلامية
التفكر تفكر ساعة أفضل من عبادة سنة عن عطاء بن رباح قال: دخلت مع ابن عمر وعبيد بن عمير على عائشة رضي اللَّه تعالى عنها فسلمنا عليها فقال ابن عمر : حدثينا بأعجب ما رأيت من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ فقالت:كل أمره عجيب غير أنه أتاني في ليلتي فدخل معي في فراشي حتى ألصق جلده بجلدي فقال يا عائشة : أتأذنين لي أن أتعبد ربي؟ قلت والله إني لأحب قربك ولأحب هواك فقام إلى قربة فتوضأ منها ثم قام فبكى وهو قائم حتى بلغت الدموع حجره، ثم اتكأ على شقه الأيمن ووضع يده اليمنى تحت خده الأيمن فبكى حتى رأيت الدموع بلغت الأرض ثم أتاه بلال بعد ما أذن الفجر فلما رآه يبكي قال : لم تبكي يا رسول اللَّه وقد غفر اللَّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال يا بلال : أفلا أكون عبداً شكورا ومالي لا أبكي وقد نزلت عليّ الليلة -{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} - إلى قوله -{فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}- ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها" وروى عن عامر بن قيس أنه قال: أكثر الناس فرحاً في الآخرة أطولها حزناً في الدنيا، وأكثر الناس ضحكاً في الآخرة أكثرهم بكاء في الدنيا، وأخلص الناس إيماناً يوم القيامة أكثرهم تفكراً في الدنيا. و روى هذا الخبر أيضاً مرفوعاً عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشرّ ولهم بذلك أجر، ومن الناس ناساً مفاتيحاً للشر مغاليق للخير وعليهم بذلك إصر - يعني إثم كبير- طوبى لمن جعل مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، وتفكر ساعة لي خير من قيام ليلة" وروى الأعمش عن عمرو بن مرة "أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مرّ بقوم يتفكرون فقال لهم: تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق". وروى هشام ابن عروة عن أبيه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال " إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول من خلق السموات؟ فيقول اللَّه تعالى، فيقول من خلق الأرض؟ فيقول اللَّه تعالى، فيقول من خلق الله؟ فإذا أحس أحدكم من ذلك شيئاً فليقل آمنت بالله وبرسوله" وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "تفكر ساعة أفضل من عبادة سنة". وقال مكحول الشامي رحمه الله: من أوى إلى فراشه ينبغي أن يتفكر فيما صنع في يومه ذلك فإن كان عمل فيه خيرا يحمد اللَّه تعالى على ذلك وإن عمل ذنبا استغفر اللَّه منه ورجع عن قريب، فإن لم يفعل كان كمثل التاجر الذي ينفق ولا يحسب حتى يفلس ولا يشعر. جماعة من العلماء رفعوا الحديث إلى خالد بن معدان قال "قلت لمعاذ بن جبل حدثني بحديث سمعته عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم حفظته وذكرته كل يوم من وقت ما حدثك به، فبكى معاذ رضي اللَّه تعالى عنه حتى قلت إنه لا يسكت، ثم سكت ثم قال: فداك أبي وأمي يا رسول الله، حدثني وأنا رديفه فرفع بصره إلى السماء فقال الحمد لله الذي يقضي في خلقه بما أحب، ثم قال: يا معاذ قلت لبيك يا رسول اللَّه إمام الخير ونبي الرحمة، فقال أحدثك حديثاً ما حدث به نبي أمته إن حفظته نفعك وإن سمعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند اللَّه يوم القيامة ثم قال: إن اللَّه تعالى خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السموات والأرض لكل سماء ملك وجعل لكل باب منها بواباً منهم فتكتب الحفظة عمل العبد من حين يصبح حتى يمسي ثم يرفع وله نور كنور الشمس حتى إذا بلغ سماء الدنيا فيزكيه ويكثره فيقول الملك: قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وقل له لا غفر اللَّه لك أنا صاحب الغيبة وهو يغتاب المسلمين ولا أدع عمله أن يجاوزني إلى غيري قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد وله نور وضوء حتى ينتهي به إلى السماء الثانية فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وقل له لا غفر اللَّه لك إنه أراد بهذا العمل غرض الدنيا وأنا صاحب عمل الدنيا لا أدع عمله أن يجاوزني إلى غيري. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجاً به بصدقة وصلاة كثيرة فتعجب الحفظة فيتجاوزون إلى السماء الثالثة فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وقل له لا غفر اللَّه لك أنا صاحب الكبر إنه من عمل وتكبر على الناس في مجلسهم فقد أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد وهو يزهو كما تزهو النجوم بتسبيح وصوم فتمرّ به إلى السماء الرابعة فيقول له الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه وقل له لا غفر اللَّه لك أنا ملك صاحب العجب بنفسه إنه من عمل عملاً وأدخل فيه العجب فقد أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري فيضرب بالعمل وجهه فيلعنه ثلاثة أيام. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد مع الملائكة كالعروس المرفوقة إلى زوجها فتمرّ به إلى ملك السماء الخامسة بالجهاد والصلاة بين الصلاتين فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه واحمله على عاتقه إنه كان يحسد من يتعلم ويعمل لله فهو يحسدهم ويقع فيهم فيحمله على عاتقه وتلعنه حفظته ما دام هو في الحياة. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد بوضوء تام وقيام ليل وصلاة كثيرة فيمر إلى السماء السادسة فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك صاحب الرحمة إن صاحبك لم يرحم شيئاً فإذا أصاب عبد من عباد اللَّه ذنباً أو ضراً شمت به وقد أمرني ربي أن لا يجاوزني عمله إلى غيري. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد بصدق واجتهاد وورع له ضوء كضوء البرق فتمرّ به إلى ملك السماء السابعة فيقول الملك قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه واقفل عليه قلبه أنا ملك الحجاب أحجب كل عمل ليس لله تعالى وأنه أراد به الرفعة وذكرا في المجالس وصيتاً في المدائن وقد أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري. قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من خلق حسن وصمت وذكر كثير، وتشبعه ملائكة السموات حتى ينتهوا إلى تحت العرش فيشهدون له فيقول اللَّه تعالى: أنتم الحفظة على عمل عبدي وأنا الرقيب على ما في نفسه إنه لم يرد بهذا العمل وجهي وأراد غيري فعليه لعنتي فتقول الملائكة كلهم عليه لعنتك ولعنتنا، وتقول أهل السماء عليه لعنة اللَّه ولعنة سبع سموات وأرضين ولعنتنا، ثم بكى معاذ رضي اللَّه تعالى عنه وقال: قلت يا رسول اللَّه ما أعمل؟ قال : اقتد بنبيك يا معاذ وعليك باليقين وإن كان في عملك تقصير، واقطع لسانك عن إخوانك، ولتكن ذنوبك عليك ولا تحملها على إخوانك ولا تزك نفسك بتذميم إخوانك، ولا ترفع نفسك بوضع إخوانك، ولا تراء بعملك الناس" والله الموفق. |
#29
|
||||
|
||||
قـيم إســلامية
الطهارة و النظافة فيه رجال يحبون أن يتطهروا، والله يحب المطهرين قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "عليكم بالسواك فإن فيه عشر خصال: مطهرة للفم ومرضاة للرب ومفرحة للملائكة ومجلاة للبصر ويبيض الأسنان ويشدّ اللثة ويذهب الحفر ويهضم الطعام ويقطع البلغم وتضاعف به الصلوات ويطيب النكهة، وهو طريق القرآن" و عن النبى صلى الله عليه و سلم قال "الوضوء شطر الإيمان والسواك شطر الوضوء ولولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، وركعتان يستاك فيهما العبد أفضل من سبعين ركعة لا يستاك فيها". عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "خمس من الفطرة: قص الشارب وتقليم الأظافر وحلق العانة ونتف الإبط والسواك". قال ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما: السواك بعد الطعام أفضل من وصيفتين وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "لا يزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه، ولا يزال يوصيني بالمماليك حتى ظننت أنه يجعل لعتقهم وقتا، ولا يزال يوصيني بالسواك حتى ظننت أنه يدردني: يعني يذهب اللثة، ولا يزال يوصيني بالنساء حتى ظننت أنه يحرم الطلاق، ولا يزال يوصيني بصلاة الليل حتى ظننت أن خيار أمتي لا ينامون بالليل". وروى عن الأعمش عن مجاهد قال "أبطأ جبريل على النبي صلى اللَّه عليه وسلم ثم أتاه فقال ما حبسك يا جبريل؟ قال وكيف نأتيكم وأنتم لا تقلمون أظفاركم ولا تأخذون من شواربكم ولا تنقون براجمكم ولا تستاكون ثم قال: وما نتنزل إلا بأمر ربك". وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "حق على كل مسلم الغسل يوم الجمعة والسواك والطيب" وروى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "أنه لما دخل الجنة ليلة أسرى به إلى السماء استقبله الحور العين فقلن يا محمد قل لأمتك حتى يستاكوا فكلما استاكوا ازددنا حسناً". وروى ابن شهاب عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "من قلم أظفاره يوم الجمعة كان له أماناً من الجذام". وروى في بعض الأخبار أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم وقت في كل أربعين يوماً حلق العانة وفي كل جمعة قص الأظفار" وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "طيبوا أفواهكم فإن أفواهكم طرق القرآن". و قيل ان السواك على ثلاثة أوجه: إما أن يريد به وجه اللَّه تعالى وإقامة السنة، وإما أن يريد به نفع نفسه، وإما أن يريد به وجه الناس، فإن أراد به وجه اللَّه تعالى وإقامة السنة فهو مأجور وكل صلاة تعدل سبعين كما جاء في الخبر وإن أراد به منفعة نفسه فلا أجر له وهو محاسب به وإن أراد به الرياء فهو محاسب به آثم وعن طاوس عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما في قوله تعالى {وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} قال: ابتلاه بطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد فأما التي في الرأس: فقص الشارب والمضمضمة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس . وأما التى في الجسد: تقليم الأظافر والختان ونتف الإبط وحلق العانة والاستنجاء بالماء. |
#30
|
||||
|
||||
قـيم إســلامية
إصلاح ذات البين و النهى عن الخصام ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) عن أبي أيوب الأنصاري رضي اللَّه تعالى عنهم أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان، فيعرض هذا بوجهه وهذا بوجهه وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" عن الحسن البصري رحمه اللَّه أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال "لا تهاجروا، فإن كنتم متهاجرين لا محالة فلا تهاجروا فوق ثلاثة أيام، وأيما مسلمين ماتا وهما متهاجران لا يجتمعان في الجنة" عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنهم قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "إن لله عباد يوضع لهم يوم القيامة منابر من نور ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء، فقالوا من هم يا رسول الله؟ قال هم المتحابون في الله". وعن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر فيهما لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا فإذا رفع عمل المتصارمين فوق ثلاث ردّ" وعن أبي أمامة رضي اللَّه تعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "إذا كانت ليلة النصف من شعبان يهبط اللَّه إلى سماء الدنيا فيطلع على أهل الأرض فيغفر لأهل الأرض جميعاً إلا الكافر والمشاحن. وروى عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "خمسة ليست لهم صلاة، المرأة الساخط عليها زوجها، والعبد الآبق من سيده، والمصارم الذي لم يكلم أخاه فوق ثلاثة أيام ومدمن خمر، وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون". وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ألا أنبئكم بصدقة يسيرة يحبها اللَّه تعالى؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال إصلاح ذات البين إذا تقاطعوا". وعن أبي الدرداء رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى. قال إصلاح ذات البين إذا تقاطعوا". وعن علي بن الحسن رضي اللَّه تعالى عنهما قال: إذا جمع اللَّه الأولين والآخرين نادى مناد أين أهل الفضل، فيقوم عنق من الناس يريدون الجنة، فتتلقاهم الملائكة فيقولون من أنتم. فيقولون نريد الجنة، فتقول الملائكة أقبل الحساب؟ فيقولون نعم قبل الحساب، فيقولون من أنتم؟ فيقولون نحن أهل الفضل فيقولون ما كان فضلكم في الدنيا؟ قالوا إنا كنا إذا جهل علينا حلمنا وإذا أسيء إلينا عفونا، فتقول الملائكة ادخلوا الجنة {فَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ} ثم ينادي مناد أين أهل الصبر؟ فيقوم عنق من الناس يريدون الجنة، فتقول لهم الملائكة أين تريدون؟ قالوا نريد الجنة فتقول الملائكة أقبل الحساب؟ قالوا نعم فتقول الملائكة من أنتم؟ قالوا نحن أهل الصبر، فتقول وما كان صبركم؟ فيقولون صبر بأنفسنا على طاعة اللَّه وصبرناها عن معاصي الله، فتقول الملائكة ادخلوا الجنة؟ {فَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ} ثم ينادي مناد أين جيران اللَّه في داره؟ فيقوم عنق من الناس يريدون الجنة؟ فتقول الملائكة أين تريدون؟ فيقولون نريد الجنة، فتقول الملائكة أقبل الحساب؟ فيقولون نعم، فتقول الملائكة من أنتم؟ فيقولون نحن جيران اللَّه في أرضه، فيقولون وما كان جواركم؟ فيقولون كنا نتحابّ في اللَّه وكنا نتبادل في اللَّه وكنا نتزاور في الله، فتقول الملائكة ادخلوا الجنة {فَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ}). وعن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "إن اللَّه تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون فيّ؟ فوعزتي وجلالي اليوم أظلهم بظلي يوم لا ظل إلا ظلي". وروى سهل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد عن تميم الداري رضي اللَّه تعالى عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ألا إنما الدين النصيحة. قالها ثلاثاً. قالوا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المؤمنين ولعامتهم". وقال عليّ بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه: إن من موجبات المغفرة إدخال السرور على أخيك المسلم. وروى معمر عن الزهري عن حميد عن أمه أم كلثوم بنت عقبة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيراً أو نمى خيرا، وأما الإصلاح بين الناس فشعبة من شعب النبوة والصرم بين الناس شعبة من شعب السحر" وروى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال "أفضل الناس عند اللَّه تعالى يوم القيامة ثوابا أنفعهم للناس في الدنيا، وأن المتقربين عند اللَّه يوم القيامة المصلحون بين الناس". |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|