|
الجودة والإعتماد التربـوى كل ما يخص الجودة و الدراسات التربوية و كادر المعلم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#106
|
|||
|
|||
مهارات المربي الحمد لله وبعد... عندما يحمل شخص ما رغبة صادقة في التأثير على من حوله فإن هذا لا يعني أنه سيحقق هذا التأثير ولابد... إنه فقط خطا الخطوة الأولى للتأثير!؟ فليست الرغبة والهمة إلا القوة الدافعة لتحريك العربة،، وتأتي المهارات لتوجيه هذه العربة نحو الوجهة والهدف المراد عند سائقها. وإنه مما يؤثر تأثيراً - بالغ السلبية أحياناً - على تربيتنا للآخرين، أن نمارس التربية سليقةوعادة لا مهارة وعلما، بل يزداد الأمر سوءاً عندما يخطر عند بعضهم أن التقعيد للتربية هو تعقيد لها، وتضييع لصفائها ويسرها وتلقائيتها، ولربما استُدِل على ذلك بتربية الآباء والأجداد العفوية، وقد غاب عن هؤلاء اختلاف البيئات، وتعقد المطالب، بل وبعض الآثار السلبية - أحياناً- لتلك التربية التلقائية والتي تصبغ المتربي في الغالب بواقع المربي لا بالمفروض منه!، فتتلون من لون لآخر، بل وتتغير الأساليب التربوية عند المربي نفسه في أحوال متطابقة بشكل متناقض.!! وتأتي هذه المهارات، أو لنقل الإشارات التربوية، لتقديم آليات، ورؤى، وأفكارا حول مهارات يحسن بالمربي أن يملكها لتكون عوناً له - بعد الله تعالى- في الوصول إلى هدفه. ومما شجعني على نشرها أنها عُرِضت على مجموعة من أهل الاختصاص، فاستحسنوها في الجملة، ونبهوني إلى عدد من الملحوظات التي أُفدت منها. فلهم الشكر مني والأجر من الله بإذنه تعالى. والله ولي التوفيق موقع المربي |
#107
|
|||
|
|||
التعليم في عهد السلف
العملية التعلمية عملية مهمة، وذات أبعاد كثيرة في كل الأزمان، باعتبارها ركيزة أساسية في تكوين المجتمع، وتنشئة أجياله. ونورد هنا لمحة مختصرة عن أهم ملامح التعليم في عهد سلفنا الصالح لكي نقتدي بها في عهدنا الحاضر، ولكي يعود إلينا عزنا السالف ومجدنا التليد، فلا سبيل لنا إلا العودة لما كان عليه سلفنا الصالح بالرجوع إلى ديننا الحنيف وتعاليمه، ننهل منها، ونتمسك بآدابه، ونعلمه أبناءنا، ونجعله نبراس حياتنا، ومنهاج سلوكنا، وهذا لا يتحقق إلا بعد أن نعتمد المنهج القرآني والنبويّ في العلم والتعلُّم والتعليم الذي عمل به سلفنا الصالح، فنتبناه ونطبقه، وكيفية المنهج لا يتسع المقام لذكره، ولكننا نكتفي بمقتطفات من معالمه، ونذكر أهمها وهي: أولاً: جعل مصدر علمنا ومرجعه وأساسه كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم باعتبارهما المصدرين الموثوقين المعصومين من كل خطأ ونقص. ثانياً: فهم الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح، مثل الصحابة والتابعين وتابعيهم، الذين أثنى عليهم القران، وزكّاهم النبي صلى الله عليه وسلم. ثالثاً: إخلاص العلم لله سبحانه وتعالى، وجعله غاية سعينا ونهاية قصدنا. رابعاً: البدء بترسيخ الإيمان في النفوس قبل تعلم الأحكام، وذلك بتعريف المتعلمين بربهم، وبأسمائه وصفاته وأفعاله، وترسيخ تعظيمه، وتبجيله، وإجلاله، ورجائه، والخوف منه ومحبته في النفوس، والتذكير الدائم بالموت وأهوال القيامة، والجنة والنار والحساب، فالبدء بهذا الجانب من التعليم هو الذي يهيئ النفوس لتنفيذ أوامر الله، وهجر نواهيه، والاستقامة على أمره. وهذه هي الطريق الحكيمة التي اتبعها القران الكريم في تربية وتعليم الجيلين الأول والثاني، وتوضح ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول: " إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء: ( لا تشربوا الخمر ) لقالوا: ( لا ندع الخمر أبداً ) ولو نزل: ( لا تزنوا ) لقالوا: ( لا ندع الزنا أبداً ). لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب: ( بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ) القمر: 46. وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده. رواه البخاري (4993) خامساً: إجلال العلم واحترامه، وجعله عبادة يتقرب بها إلى الله، والنتيجة الطبيعية لهذا تعظيم العلماء والمعلمين واحترامهم، والتأدب معهم، لأنهم ورثة الأنبياء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وخفض الصوت لديهم، وعدم التقدّم عليهم، وإلانة القول لهم، وحسن مخاطبتهم، فبذلك ينشرحون لبذل العلم لطلابهم وإفادتهم. سادساً: اعتماد المنهج العلمي القائم على الدليل والحجة والبينة والقناعة، ونبذ التقليد والظنّ والوهم في التعليم، ولعل ذلك أهم ما جاء به الإسلام، فقد دعا الناس إلى التفكير والعلم وطلب الدليل. وقد أخذ السلف بهذا التوجيه الرباني الكريم. سابعاً: جعل الهدف الأكبر من التربية والتعليم تكوين الشخصية المسلمة المستسلمة لأمر الله، هذه الشخصية التي تقر لله تعالى بالألوهية، وتسلك مسلك العبودية لله، فتوحده حق التوحيد، وتلتزم بأمره، وتتجنب نهيه، وتقوم بواجب الخلافة في الأرض، وتعتني بالدين والدنيا، وتعمل للدنيا والآخرة. ثامناً: ربط الحقائق العلمية بالحقائق الإيمانية، وغرس العقيدة الصحيحة، وترسيخها في نفوس المتعلمين من خلال التعليم، وهذه طريقة القران في بناء العقيدة، حيث يعرض آيات الله في الكون والأنفس والآفاق، ويدعو الناس إلى التأمل والتفكير والوصول بذلك إلى الإيمان بالله تعالى وبقدرته وصفاته، خلافاً للمنهج العلماني الذي يعرض الحقائق العلمية مجردة من التوجيه، ويفصل بين العلم والدين، فيكون التعليم سطحياً ظاهرياً، لا يؤثر في السلوك، ولا ينشئ الإنسان الصالح، كما قال الله سبحانه وتعالى في وصف علم الكافرين: ( يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) الروم: 7. تاسعاً: أن يكون المعلم قدوة حسنة للمتعلم، وهذا أصل أصيل في التربية، أن تكون التربية والتعليم بطريق القدوة، وقد أمر بذلك الإسلام، وحذّر تحذيراً شديداً من أن يخالف فعل المرء قوله، وخصوصاً العالم، ونفَّر منه تنفيراً شديداً، وضرب للواقع في ذلك أقبح الأمثال بالحمار والكلب، قال الله سبحانه وتعالى مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ) الجمعة: 5، وقال: ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ) الأعراف: 175- 176. عاشراً: الرفق بالمتعلّم والترحيب به وتشجيعه، وقد وردت النصوص الكثيرة في الأمر بذلك، وعدّهُ سبباً للنجاح والفلاح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه " رواه أحمد (23786) ومسلم (2594) وأبو داود (2487). وقال: ( إن الله يحب الرفق في الأمر كله ) رواه البخاري (6024) ومسلم (2165) وغيرهما، وقبل ذلك قول الله سبحانه وتعالى: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) النحل: 125، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم طلاب العلم فقال: " سيأتيكم أقوام يطلبون العلم فإذا رأيتموهم فقولوا لهم: مرحباً مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه ابن ماجة (247) ولذلك كان المعلمون والعلماء يخاطبون المتعلمين بأطيب الكلام، ويتواضعون لهم، ويحبونهم، ويحسنون معاملتهم، وكان المتعلمون يحبون المعلمين، ويأنسون بهم، ويحترمونهم ويجلونهم، ويحسنون الاستفادة منهم، فكان من ذلك أعظم الفوائد وأعظم النجاح. ومن الرفق بالمتعلم سلك المعلمون سبيل تبسيط المعلومات للمتعلم والتدرج فيها من السهل إلى الصعب، ومن البسيط إلى المركب وهكذا. حادي عشر: تنويع الأساليب لتشويق المتعلم وجذب انتباهه وتركيز فكره لمتابعة الدرس، فمن ذلك استعمال أسلوب الاستفهام والحوار، وأسلوب القصص والأحداث، وأسلوب ضرب الأمثال، واستعمال الوسائل التعليمية المتيسرة، والأمثلة على ذلك في كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام السلف كثير وطيب. هذه لمحة مختصرة عن أهم ملامح هذا المنهج الإسلامي الفريد في التربية والتعليم، والذي خرَّج أفضل جيل ظهر على وجه الأرض، فهلا جعلناه نصب أعيننا ووعيناه، وحرصنا على تطبيقه خلال قيامنا بهذه الوظيفة الخطيرة، وظيفة صنع الأجيال، لنعيد صياغة مستقبل أمتنا على نور وهدىً من الله. موقع المربي |
#108
|
|||
|
|||
خصائص المربي الفعال (الحلقة الأولى)
للمربي الناجح خصائص عديدة وسمات متنوعة، تسهم إسهاماً مباشراً في إحداث التفاعل والانسجام بينه وبين الآخرين، من هذه الخصائص ما هو مكتسب، ومنها ما هو فطري تقوم البيئة التربوية بصقله واستثماره، وربما استطاع بعض المربين التطبع بطبائع معينة - ليست لديه من قبل- ابتغاء إحداث التفاعل التربوي. وهو أمر جيد إذا كان المربي يفتقد الخصائص التربوية الفطرية المهمة للتفاعل أو بعضها، كأن يتعود على التأني إذا كان عجولاً، أو على التحلم إذا كان غضوباً، أو على البذل إذا كان قتوراً. وقد أشرنا - فيما سبق- إلى سلوكيات عديدة، تمثل أجزاء مهمة في السلوك التفاعلي، كالسلوك اللغوي، وسلوك السيما والهيئة، والسلوك العادي، والسلوك العلاجي، وتتضمن هذه الأنواع من السلوك بعض الخصائص والسمات المهمة للمربي المتفاعل، وسنبين - فيما يأتي- بتفصيل أكثر الخصائص والسمات التي يحتاجها المربي ليني علاقة تربوية متفاعلة ومثمرة. ويمكن أن تصنف هذه الخصائص في زمر أربع هي: 1- زمرة الخصائص المعرفية. 2- زمرة الخصائص الأسلوبية. 3- زمرة الخصائص الوجدانية. 4- زمرة الخصائص الاتصالية. الخصائص المعرفية وتشمل ثلاث خصائص هي: خلفية المربي المهنية، واتساع ثقافته وتنوعها، والمعرفة الواسعة بالطرف المقابل (المتربي). الخلفية المهنية: هناك ارتباط إيجابي بين الرصيد المهني للمربي وفعاليته الدعوية والتربوية، فالمربي المؤهل مهنياً في مجال الدعوة أو التربية تأهيلاً جيداً يغدو أكثر فعالية من المربي الجديد الذي لا يملك خيرة وتجربة، ولا يملك المعلومات التربوية المناسبة. والرصيد المهني يشتمل على معرفة المربي بمهارات الاتصال ومعرفة طبيعة التعليم وأساليبه... إلخ، ولا يستوي المربي المعد والمزود بالخبرات والمعلومات، والمربي الذي يرتجل أعماله. ولذلك عُني القران بتزويد الدعاة والمربين بالتوجيهات والخبرات التربوية، وبيان طبيعة الدعوة، وطبائع المدعوين، وكيفيات التعامل معهم، وتحديد الغايات وأنواع الأعمال والبرامج للوصول إليها، كل ذلك لإكساب المربين الخبرة والدراية في مجال الاتصال والدعوة، والفقه فيهما. وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدرب أصحابه،ويزودهم بالخبرات والتوجيهات اللازمة، والمعلومات، ويصحح أخطاءهم، كل ذلك بطريقة علمية توجيهية، وبمواقف عملية تطبيقية؛ حتى تخرَّج من مدرسته علماء ذوي خبرة تربوية نادرة، أتقنوا التفاعل والاتصال ونجحوا في كسب الأفراد والجماعات، وإدخالهم في الإسلام، وتعليمهم إياه، فأحبهم الناس فأقبلوا عليهم. ونوضح ذلك بأخذ أحد النماذج من جيل الصحابة، لنتعرف على الخلفية والدربة اللتين تزود بهما من المربي الأول من الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا النموذج هو معاذ بن جبل، فقد وجهه الرسول صلى الله عليه وسلم توجيهات عديدة، وأوصاه بوصايا جليلة، حتى تضلع بالعلم والحكمة، وبعثه للدعوة والتعليم، وصار يعلم الناس ويرعى شئونهم، وإليك أمثلة من خلفيته التي تلقاها من الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن مواقفه وأحواله، نقلنا أكثرها من مسند معاذ ابن جبل رضي الله عنه، من كتاب المسند للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: عن معاذ بن جبل أنه قال: يا رسول الله أوصني. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت). قال زدني: قال: (أتبع السيئة الحسنة تمحها). قال زدني: قال (خالق الناس بخلق حسن).(1) وعنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يوماً ثم قال: (يا معاذ إني لأحبك). فقال له معاذ: "بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأنا أحبك". قالأوصيك يا معاذ لا تدعنّ في دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).(2) وعنه أيضاً رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان، قال: (أن تحب لله،وتبغض لله، وتعمل لسانك في ذكر الله. قال:وماذا يا رسول الله؟ قال: (وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك)(3). وعنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس قبل غزوة تبوك... فبينما معاذ على أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم... ناداه، فقال: يا معاذ، قال: لبيك يا نبي الله. قال: أدن دونك، فدنا منه حتى لصقت راحلتاهما إحداهما بالأخرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما كنت أحسب الناس منا كمكانهم من البعد. فقال معاذ: يا نبي الله نعس الناس، فتفرقت بهم ركابهم ترتع وتسير. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا كنت ناعساً. فلما رأى بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وخلوته له قال: يا رسول الله ائذن لي أسألك عن كلمة قد أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: سلني عما شئت.قال: يا نبي الله حدثني بعمل يدخلني الجنة، لا أسألك عن شيء غيرها. قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: بخ بخ بخ لقد سألت بعظيم، لقد سألت بعظيم(ثلاثاً) وإنه ليسير على من أراد الله به الخير. وإنه ليسير على من أراد الله به الخير. وإنه ليسير على من أراد الله به الخير فلم يحدث بشيء إلا قاله ثلاث مرات، يعني أعاده عليه ثلاث مرات حرصاً لكي يتقنه عنه، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: تؤمن بالله واليوم الآخر، وتقيم الصلاة، وتعبد الله وحده لا تشرك به شيئاً حتى تموت وأنت على ذلك. فقال: يا نبي الله أعد لي، فأعادها ثلاث مرات ثم قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إن شئت حدثتك يا معاذ برأس هذا الأمر، وقوام هذا الأمر، وذروة السنام. فقال معاذ:بلى بأبي أنت وأمي يا نبي الله فحدثني. فقال نببي الله صلى الله عليه وسلم: (إن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وإن قوام هذا الأمر، إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإن ذروة السنام منه الجهاد في سبيل الله، إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويشهدوا أن لا إله إلا لله وأن محمداً عبده ورسوله، فإذا فعلوا لك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها،وحسابهم على الله عز وجل. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده ما شحب وجه ولا اغبرت قدم في عمل تبتغى فيه درجات الجنة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله، ولا ثقل ميزان عبد كدابة تنفق له في سبيل الله أو يحمل عليها في سبيل الله)(4) وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (يا معاذ أن يهدي الله على يديك رجلاً من أهل الشرك خير لك أن يكون لك حمر النعم)(5) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: ( إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا لله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم. واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينه وبين الله حجاب)(6) وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن فقال: (كيف تصنع إن عرض عليك قضاء؟ قال: أقضي بما في كتاب الله. قال: فإن لم يكن في كتاب الله. قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: أجتهد رأيي ولا آلو.قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدري ثم قال: الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لما يرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم)(7) وعن أبي إدريس الخولاني قال: دخلت مسجد دمشق الشام فإذا أنا بفتى براق الثنايا،وإذا الناس حوله، إذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه، وصدروا عن رأيه، فسألت عنه فقيل هذا معاذ بن جبل، فلما كان الغد هجَّرت فوجدته قد سبقني بالهجير، وقال إسحق: بالتهجير، ووجدته يصلي، فانتظرته حتى إذا قضى من صلاته جئته من قبل وجهه، فسلمت عليه فقلت له: والله إني لأحبك في الله عز وجل. فقال: آلله، فقلت: آلله. قال: آلله. قلت آلله. فأخذ بحبوة ردائي فجذبني إليه وقال: أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله عز وجل: وجبت محبتي للمتحابين فيّ،والمتزاورين فيّ والمتباذلين فيّ)( اتساع الثقافة وتنوعها: بأن يتصف المربي بالمعرفة بالمسائل التي تقع خارج إطار تخصصه، وبالاطلاع الواسع في المجالات الشرعية والاجتماعية والأدبية والسياسية، وبالحرص على متابعة الأحوال والأحداث وخصوصاً في مجتمعه القريب. وقد دلت بعض الدراسات التي تمت لمعرفة العوامل المؤثرة في فعالية المربي وجاذبيته أن المعلمين الأكثر فعالية يملكون اهتمامات قوية وواسعة في المسائل الاجتماعية والأدبية ونحوها(9). ولقد كان المربون الأول يملكون هذه الخاصية، فهم متبحرون في كافة العلوم، فالفقيه لم يكن ذو ثقافة فقهية فقط بل كان متضلعاً في اللغة والأدب والسيرة والتاريخ، والمؤرخ كان مطلعاً على الفقه واللغة والجغرافيا والمذاهب، بل إن اللغوي كان ذا شأن في المسائل الفقهية والتاريخية والأدبية. كانوا مطلعين على كل ذلك فضلاًَ على إتقان الأساسيات كحفظ القرآن والتزود من التفسير والحديث، ومع أحوال المجتمع وأحداثه، ومستجداته السياسية والاقتصادية والتربوية وغيرها. وقد افتقد المربون هذه الخاصية في ها العصر - إلا ما شاء الله - وصاروا يتخصصون في مجالات ضيقة محدودة لا يخرجون عنها إلا نادراً، وأثّر هذا على طبيعة العلاقة بالمتربي، حيث صارت علاقة وظيفية روتينية جامدة، وصار من المستغرب جداً أن يخرج المربي أو المعلم عن نطاق مادته أو تخصصه، وتجد التلاميذ يستبشرون ويفرحون عندما يجدون أن المعلم - وإن كان معلم نحو أو فقه أو تاريخ - يتطرق للقضايا الاجتماعية والسياسية والأدبية الساخنة وغير الساخنة، تتطلع إليه نفوسهم، وتشرئب إليه أعناقهم، وتهوي إليه أفئدتهم،وقد يبنون معه علاقة حميمة، ويقتبسون منه خصالاً حميدة، بسبب طول باعه في العلوم، ومناقشته للأحوال والأحداث. وإذاً فالتربية الفعالة لا ترتبط فقط بتفوق المربي في ميدان تخصصه ومهنته، بل ترتبط أيضاً باتساع اهتماماته ومعلوماته، وبمتابعته المستمرة والواسعة لشؤون الناس والمجتمع والأمة. وكلما كان حظه في هذا أوسع كان إلى الاتصال بالناس أقرب وإلى التأثير عليهم أبلغ. المعرفة الواسعة بالطرف المقابل: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتمد اعتماداً كبيراً على هذه الخاصية في الاتصال بالمدعوين والمتربين، والتقريب إليهم والتأثير فيهم. فهو يعرف أسماءهم، وبعض خصائصهم، وأسماء قبائلهم، وتاريخ تلك القبائل وأسماء بلدانهم، وخصائص تلك البلدان، ويعرف مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهذا فيما يتعلق بالأبعدين والمستجدين، أما أصحابه ممن حوله، والمقرببين منه، فيعرف كل شيء عنهم تقريباً، حاجتهم واستكفاءهم، مرضهم وصحتهم، سفرهم وإقامتهم،ويعرف مستوياتهم الإيمانية والعلمية والعقلية والنفسية، ويعرف قدراتهم وحظوظهم في المجالات التربوية والقيادية والمالية والحكمية والدعوية، ويتحدث مع كل بما يناسبه، ويكلف كلاً منهم وفق خصائصه وقدراته؛ بل ويلقب بعضهم بما يتلاءم مع أبرز صفة فيه، فقد لقب أبا بكر بالصديق لقوة إيمانه وتصديقه، وعمر بالفاروق لقوته في الحق، وخالد بسيف الله المسلول لشجاعته وإقدامه، وهكذا. وشواهد هذه الخاصية في الرسول صلى الله عليه وسلم وأهميتها الدعوية والتربوية كثيرة جداً ونشير - هنا- إلى حديث مختصر جامع بيَّن فيه الرسول صلى الله عليه وسلم خصائص مميزة لمجموعة من صحابته رضي الله عنهم: عن أنس بن مالك؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، ألا وإن لكل أمة أميناً وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح) (10). ولاشك أن الفرد كلما كان أعرف بالطرف المقابل كان إليه أقرب، وببره وصلته أحرى،وكذلك الطرف المقابل يبادله الشعور ذاته ويكون متقبلاً متأقلماً، بينما جهْل الآخرين أو تجاهلهم يبعث الوحشة والنفرة فيهم. عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)(11). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر)(12). |
#109
|
|||
|
|||
خصائص المربي الفعال (الحلقة الثانية)
الخصائص الأسلوبية وتشمل مهارة المربّي في استخدام الأساليب غير المباشرة في التعليم، وقدرته على استخدام المقدّمات والمداخل والأساليب التمهيدية عند نقل المعلومات والخبرات إلى المتربّي. الأساليب غير المباشرة: فالأسلوب التأثيري غير المباشر، مثل تقبّل شعور المتعلم، وإلقاء الأسئلة، والاستبشار عند حدوث التّجاوب من المتربّي، وإظهار المدح له، كل ذلك له أثر في زيادة مشاركة المتربّي وفي تحسّن عاداته وفي إيجابيته التعليمية . كذلك إتاحة الفرصة للمتربّي ليشارك بطرح آرائه ووجهات نظره، وليقوم بالأبحاث المقالية التي يكتب عليها المعلم تقويماً تفصيليّاً، وملاحظات تشرح إيجابيّات وسلبيّات تلك الأبحاث، كل ذلك يعد أسلوباً مفيداً في إيجاد الانسجام والتفاعل، وفي بناء علاقة قوية خارج الإطار الرسمي التقليدي . والمربّي - عموماً - إذا اتسم بالحصافة والنّباهة اللتين تهديانه إلى إيصال التوجيه والخبرة للمتربّي بطريقة عفوية نابعة من ذات البيئة التربوية وظروفها، وبأسلوب غير مباشر ولا ممل، فإنه يستطيع بناء علاقة أوثق، وتفاعل تربوي أعمق. أمّا إذا كان مباشراً في النّصح والتوجيه والتعليم؛ فإنه يفتقد التفاعل بقدر المباشرة. ومما يلفت النظر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر من استخدام التربية غير المباشرة، فهو أحياناً يقوم بالتوجيه والتعليم مستثمراً أحداثاً معينة لكن دون تخصيص، وبأسلوب: ( ما بال أقوام ) إشارة إلى أناس وقعوا في أخطاء وله عليهم ملاحظات، فينبه إلى ما يريد دون جرح لمشاعر أحد، وبهذا يستفيد الناس عامّة عن طريق التعليم بالحدث، وأحياناً بالمدح مع لفت الانتباه وبأسلوب: ( نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل ) وأحياناً بالتنويه بالرّجل بما فيه، وفي هذا جذب وكسب وتأنيس وتدريس، وذلك مثل قوله لأشج عبد القيس، وكان سيد قومه: " إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة " رواه مسلم (17). المداخل والأساليب التمهيدية: يجب إعداد المتعلم ذهنّياً للأفكار الجديدة والأنشطة التعليميّة المستحدثة، وقد يتم ذلك ببعث الرغبة في التعلّم، أو بشرح الغرض من النشاط التربويّ المعيّن، ولابد للمعلّم الفعّال من معرفة الوضع الذهني للمتربّي، فإذا كان في ذهن المتربّي غرض ينوي تحقيقه، فإنّ أيّ تدخل يعوق هذا الغرض لن يحظى منه بغير الرفض، إلا أن يكون النشاط التربويّ من نوع يخدم غرض المتعلم أو مما يهتم به . وإذا كان المربي ناجحاً في جلب ذهن المتعلم، ومُجيداً في استخدام الأساليب التمهيديّة كان أقرب إلى ذهنيّة المتربّي وأحب إلى نفسه، وأكثر تقبّلاً وانسجاماً. ومن المداخل المهمّة أن نلفت انتباه المتعلم إلى الموضوع عن طريق القصة أو الحادثة المناسبة، وعن طريق الأمثلة المستثيرة للذهن مما له ارتباط بالنشاط التربوي المقصود، وعن طريق استخدام المعلومات السابقة لدى المتعلّم وخصوصاً السارة والمحببة لديه. أما دخول المربّي في الموضوع المطروح والخبرة التربوية الجديدة، دون مقدّمات ومهيّئات فإنه يثير مقت التلميذ، ويؤدي إلى انصرافه وسلبيته، ويغلق على المربّي باب التفاعل والانسجام من بداية العملية التعليميّة، وهو سلوك يثبّط همة المتربّي، ويجعل استيعابه وإقباله محدودين. |
#110
|
|||
|
|||
الخطوات العشر لتغيير المراهق
1. الخطوة الأولى: اجلس معه. • أنواع المجالسة: 1. الفوقية: بأن تكون جالساً، وهو واقف. • الرسالة: افهم: أنا أعلم منك، وأنا أعلى منك، شرفاً، ومعرفة. • النتيجة: المكابرة، والعناد. 2. التحتية: أن تكون واقفاً، وهو جالس. • الرسالة: أنا أقوى منك، وأستطيع أن ألطمك، وأن أهجم عليك في أي لحظة. • النتيجة: الخوف، وضعف الشخصية. 3. المعتدلة: بنفس مستوى المراهق، وبمواجهته، والدنو منه. • الرسالة: أنا أحبك. • النتيجة: الاطمئنان، والصراحة. • أين تجالسه: 1. في مكان مألوف. 2. بعيداً عن أعين الناس. 3. مكان تتوفر فيه خصوصية، وسرية. 4. يفضل خارج المنزل، أو في مكان غير مكان حدوث المشكلة. 5. يفضل التغيير، والانتقال، إذا كان الوقت طويلاً. • متى تجالسه: 1. في وقت لا يتبعه انشغال. 2. في وقت كافٍ للمراهق، ليقول كل ما لديه. 3. في غير أوقات العادة اليومية الخاصة ( النوم، الطعام... غيرها ). 4. وقت الصباح أفضل من المساء. 5. في أوقات، أو فترات متقطعة. 2. الخطوة الثانية: لا تزجره (الرفق و اللين). • لاحظ في هذا: - مراعاة نبرة الصوت في الحديث، وأن لا تكون حادة في كل وقت. - مراعاة البطء في الحديث، لتتأكد من أنّ المراهق يسمع كل كلمة مُرادة. - فصاحة، ووضوح الكلمة، والعبارة، وذلك باستعمال العبارات التي يفهمها الشاب. 3. الخطوة الثالثة: أشعره بالأمان. • يجب أن يشعر المراهق بالأمان، والثقة، وأنّ المقصود هو البعد عن العادات السيئة، والأخطاء المرفوضة، ويمكن لتحقيق ذلك مراعاة: - شكل الجلسة، بالدنو منه، دون التلويح باليد. - الصوت الهادئ، بدون تأفّف، أو تذمّر. - بإعطائه فرصة كافية ليعبّر عن نفسه. 4. الخطوة الرابعة: تحاور معه. • ينتبه في هذه الخطوة إلى أهمية: - الحديث معه بعرض المشكلة، وبيان خطرها، ومدى حرصنا على حمايته، وإمكانية سماعنا منه، واحتمالية سماحنا عنها. - عدم تصيد أخطائه أثناء الحديث معه، وعدم مقاطعته كلما وجدنا تناقضاً أو أخطاءاً، لأننا بهذا التصرّف قد نعدل به عن الصراحة. - استعمال أسلوب الإقرار الذاتي، بحيث يقوم المراهق بالإقرار من نفسه على نفسه بالخطأ الذي وقع فيه، وهذا يكون بالسؤال غير المباشر، المؤدي إلى الإجابة المباشرة. - الحرص على الأسئلة الكثيرة التي تكون إجاباتها بـ (لا) إذا كان المقصود منع الشاب، والأسئلة الكثيرة التي تكون إجاباتها بـ (نعم) إذا كان المقصود دفع الشاب، بحيث لا يقل تكرارها عن عشر مرات في نفس الموقف. 5. الخطوة الخامسة: أحسن الاستماع إليه. • وللاستماع بصورة أجود يجب مراعاة: - عدم التحديق في عين المراهق، إنّما يكون النظر إليه بهدوء وتعقّل. - الاستماع إلى كلماته بالاهتمام المناسب. - الانتباه إلى الإشارات الجسمية (مكان العين، الشفاه المشدودة، اليد المتوترة، تعبيرات الوجه وتغيراته، طريقة الجلسة... غيرها). - التقليل من المقاطعة، أو الشرود عنه ( بالنظر إلى مكان آخر، صوت فتح الباب، الاستماع للراديو... غيرها). - الانتباه إلى نبرة صوته، مع التفاعل معها. 6. الخطوة السادسة: أعطه حرية الاختيار. • مجالات يمكن إعطاء الخيار للمراهق فيها: - طُرق حلّ للمشكلة. - العقوبة، وقدرها. - المكافأة، وكيفيّة الحصول عليها. - أسلوب تنفيذ التكاليف المطلوبة. 7. الخطوة السابعة: حفزه عند الإنجاز. • الحوافز: تشمل الأمور المعنوية، كالشكر، والثناء، وإبداء الرضا عنه، والأمور المادية، كالهدية، وتقديم ما فيه فائدة ومصلحة له، والخروج به لمكان معين، ويقصد من الحوافز تغيير سلوك غير سوي، أو استقرار، وتعزيز سلوك حسن. 8. الخطوة الثامنة: عاقبه عند التقصير. • من أشكال العقاب: - حرمانه من بعض محبوباته، أو التقليل منها. - اللوم، والعقاب اللفظي، كالكلام معه بشدة. - خسارة بعض حقوقه، مثل منعه من المصروف، أو الخروج مع أصحابه. - فقده للثواب الموعود به عند الإنجاز. - ضربه إذا دعت الحاجة لذلك، مع مراعاة أن يكون آخر العلاج. 9. الخطوة التاسعة: اجعل له مجالاً للعودة. • وذلك بتقبّله بعد التغيير، ونسيان ما كان منه، وكما قيل: "الوالد المنصف؛ هو الذي تتغير نظرته لابنه كلما تغير ابنه". وبفتح المجال لذلك عند الحديث معه عمّا يراد تغييره. 10. الخطوة العاشرة: الدعاء. • وهذه الخطوة على جانبين: - الأول: الدعاء له بظهر الغيب، وأمامه، أن يغيره الله إلى ما هو أفضل. - الثاني: حثّه على الدعاء دائماً، وأن يدعو الله أن يغيره إلى ما هو أفضل. موقع المربي |
#111
|
|||
|
|||
رفقاً بالشباب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وخاتم المرسلين.أما بعد. إلى الآباء الأعزاء.. إلى المربين الأجلاء.. إلى كل من يحمل همّ الشباب.. إلى من آلمه كثرة مشاكلهم.. إلى الأمهات، إلى الأخوات.. إلى كل من في بيته شاب.. أبعث كلماتي، وأوجه عباراتي، وأبث أشجاني التي كتمت عبراتي وآلمتني حتى أن عيني جادتا بالدمع عندما قابلت فهد! فمن هو فهد؟! فهد هو ذاك الشخص الذي يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً، الذي قال كلاماً وددت أنّ جميع الآباء سمعوه! قال كلاماً فاق كل توقعاتي عن حجم معاناته! فيا ترى ماذا قال؟! أسمع أيها الأب الغالي؛ وأيتها الأم الحنون؛ إلى الحوار الذي دار بيني وبينه، لتعلموا ما الذي لعثم لساني، وأجبرني على كتابة ما تقرأونه الآن.. - فهد؛ ما بك؟!.. = لا شيء.. - كيف لا شيء وحالك توحي بغير ذلك؟!.. ثم بدأ بالبكاء ووضع رأسه على صدري، وشد جنبي بيديه، وبكي كبكاء الطفل الذي آلمه الجوع.. أو مظلوم تجبّر ظلمه.. ومقهور قلّت حيلته.. فيا لها من حالة، ثم بدأ يقول وعبراته تكتم أنفاسه: = إني يتيم، وتلك هي مصيبتي.. فقلت له: - كيف ذلك وأنت تعيش مع أبيك، وأمك في منزل واحد، بأتمّ صحة، وعافية ولله الحمد؟!. فصرخ وقاطعني قائلاً: = أنا لا أرى أبي إلا في صلاة الجمعة، وظهرها فقط. دائما في عمله، في شغله، مع أصحابه، مسافر. قلت له، وقد تلعثم لساني: لا.. أبوك يفعل ذلك من أجلك، يؤمن لك مستقبلك، يسعى ويتعب ليجلب لك لقمة عيش تأكلها. فقال قولاً عبّر فيه عن عمق مأساته وشدة ألمه فقال: = أنا أريد أن أشرب من ماء الشوارع، وآكل كسرة خبز، مقابل أن يكون لدي أب يضمني في كل وقت، يقبلني كل مساء، يضع يده على كتفي ويقول: كيف حالك؟!. وما هي أخبارك؟! أنا صديقك، قل لي ما سبب ضيقك، ثم انهمرت الدموع مع البكاء، وانتبهت لحالي وإذا بي أشدُّ بكاء منه، نعم إنها مأساة، وأي مأساة.. ذكّرني بقول الشاعر الذي أثبت صحة كلامه: ليس اليتيم من انتهى أبواه من هم الحياة وخلفاه ذليلاً إن اليتيم هو الذي تلقى له أماً تخلّت، أو أباً مشغولاً معاشر الآباء رفقاً بالأبناء.. رفقاً بهم.. لا يريدون منكم المال.. ولا يريدون منكم تنفيذ طلباتهم.. ولكن يريدون منكم أنفسكم، ووقتكم.. يريدون صحبتكم، رفقتكم، القرب منكم. إنَّ ذلك البعد، وذلك الجفاء، هو الذي ولّد التفحيط، والدوران في الشوارع، والغزل والمعاكسات، وعقوق الوالدين، والدخان والمخدرات، والسّهر وقلّة النوم، والقلق والهموم.. وحدّث ولا حرج عن المشاكل الاجتماعية الناتجة هن التقصير في التربية، والبعد عن الأبناء. إنهم يبحثون عن الأشياء التي حرموا منها؛ يبحثون عن الحب.. عن الحنان، عن العطف، والإحساس والمشاعر، فتجد تلك الشابة تغريها الذئاب بالحب والحنان فتستجيب لهم؛ لأنها تبحث عنه، فتجلب العار، وتقع الفضائح، وهي في أول رحلة البحث. فلماذا نحرمهم من ذلك؟! أذلك صعب؟ أم مستحيل؟!. أم هو أمر يخل بالمروءة ويزيل الهيبة؟!. فمن تكون أنت؟! مدير؟!.. رئيس؟!.. وزير؟!.. ملك؟!.. نبيّ مرسل؟!.. وإن كنت كذلك فما الذي يمنع؟! فها هو رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ قدوتنا الذي علمنا صحيحنا من خطئنا، ودلّنا على الخير، كان يقبل ابنته فاطمة بين عينيها، ويقول: أنت ريحانة حياتي!. ويوم توفيت زينب رضي الله عنها، وفاطمة بجوار قبرها تبكي، يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم بكمّه الشريف ويمسح دموعها، وفي أحد الأيام سجد رسول صلى الله عليه وسلم فارتحله صبي، وركب على ظهره، فأطال السجود، فلما قام وسلّم، سأله أصحابة قائلين: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك! قال: " كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته " رواه أحمد (15603) والنسائي (1141). فسمى اللعب حاجة. وها هو يمازح أخاً صغيرا لأنس بن مالك فيقول: " يا أبا عمير؛ ما فعل النغير " رواه البخاري (6129) ومسلم (2150). وهو طير عنده كان عنده. فيا لها من أبوة حانية وتربية ناجحة، قامت على مبدأ الحب، والإخاء، والتعاون. وها هو يمازح شباب الصحابة، كما فعل مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عندما نام في المسجد، وكان مغضباً من فاطمة: " ... فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه، ويقول: قم أبا تراب؛ قم أبا تراب" رواه البخاري (2409) ومسلم (441). الله أكبر! رسول هذه الأمة، وصفوة الله من خلقه، وخير من قدمه على الأرض، يفعل ذلك، وأنت تستكبر؟! لماذا لا نقتدي، ونتأسى بأنجح مربٍ، مرّ على وجه الأرض؟! وقد قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) سورة الأحزاب الآية 21. نعم يا أخي الحبيب إذا كنت تدرك أن لك حقوقاً على فلذات كبدك، فاعلم أيضاً أن لهم حقوقاً عليك، وأن في عنقك واجبات تجاههم. ويُرْوَى أنّ أعرابيّاً سبّ ولده، وأخذ يذكره بحقه عليه، فقال له الولد: إن عظيم حقك عليّ، لا يبطل صغير حقي عليك. أيها الأب العطوف؛ شارك ابنك أفراحه، وأتراحه.. كن معه ليكون معك.. أحسن تربيته، فإنه سوف يدخل عليك غداً، وأنت في بيتك، حاملاً شهادة التفوق الدراسي، وشهادة حفظ القران الكريم.. أحسن تربيته، قبل أن يفاجئك بورقة استدعاء من الحقوق، أو الشرطة أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. كل ذلك - بعد توفيق الله - بيدك أنت، فأنت الذي تستطيع جلب المسرة إذا كبرت، أو جلب الهمَّ إذا أردت. فأيّهما ستختار؟!. طفلك يحتاج للتشجيع، ويحتاج للقدوة، لا للتحطيم، والانتقاد.. كن صديقه، وخازن أسراره، واستمع لشوقي وهو يقول: احبب الطفل وإن لم يكن لك هو لطف الله لو تعلمه وحديث ساعة الضيق معه إنما الطفل على الأرض ملك رحم الله امرئ يرحمه تملأ العيش نعيماً وسعة أيها الأب الحبيب، لا تحرم ابنك من لفظ بابا.. دعه يشعر بها، ويحسّ بدفئها.. دعه يرقد في أحضانها فهي مراده..تلك هي التربية الصحيحة السليمة، مع اقترانها بالعبادات، والتنشئة عليها. وحاذر يا أخي الحبيب؛ أن يأخذ ابنك أكثر من حقّه، فيصل لمرحلة الدلال فلا يعرف كلمة (لا) فيخرج إلى المجتمع، حيث لا يرحم، وعندها ستنقلب الموازين، ويحدث ما لم يكن في الحسبان، وتعضّ أصابع الندم. إنّ هذا الكلام ليس نابعاً من فراغ أو توقّعات، ولكنه واقع مشاهد، وقد رأينا بعض الآباء وقد ندم على ذلك، وصرح بهذا الندم، والبعض أخفى، ولكن ظاهر أفعاله أثبتته، وهذا من سوء تربيته، فمنه بدأ الخطر، وتوالت المشاكل. وعكسه أشدّ منه، وهو ما سبق ذكره من الجفاء والقسوة. يقول السباعي رحمه الله: "القسوة في تربية الولد تحمله على التمرد، والدلال في تربيته يحمله إلى الانحلال، وفي محاضن كليهما تنمو الجريمة، فهل هناك يا أخي من معتبر؟ وهل هناك من يفكر في القادم، ويعدّ له؟! إنّ ما تبذره اليوم ستحصده غداً، ولن تجني من الشوك العنب" فيا أخي الحبيب؛ إياك والتقصير في تربية الأولاد والبنات، وإليك بعض مظاهر التقصير، فمنها وأعظمها: حرمانهم من العطف، والشفقة، والحنان، مما يجعلهم يبحثون عن ذلك خارج المنزل، لعلهم يجدون من يشعرهم بذلك، ومنها: الشدة، والقسوة عليهم، سواء بالضرب، أو الكلام، وأيضاً: المبالغة في إحسان الظنّ بهم، والمبالغة في إساءة الظن بهم، والتفريق بينهم، كمن يفضل الأصغر على الأكبر، والولد على البنت، ومنها مكث الوالد طويلا خارج البيت، وتربيتهم على سفاسف الأمور، وسيء الأخلاق، ومرذول العبارات، كتشجيع الأندية، وتقليد الكفار، والكلمات البذيئة، وكجلب المنكرات للمنزل، كمن ابتلاه الله بالتدخين، فيمارس ذلك أمام أبنائه، وكثرة المشكلات بين الوالدين، وتناقض آرائهم، وعدم وجود المصداقية في كلماتهم، ومواعيدهم؟، وكاحتقار الأولاد، وقلّة تشجيعهم، ومن ذلك إسكاتهم إذا تكلموا، والتشنيع إذا أخطأوا، ولمزهم إذا أخفقوا في موقفٍ ما، أو تعثروا في مناسبة، مما يولد الخجل والهزيمة، ويشعر الوالد بالعجب والكبرياء، فيتكون بذلك الحاجز النفسي بين الطرفين، فلا يمكن للوالد بعده أن يؤثر في أولاده، وأيضا كثرة لومهم على أخطائهم، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل لأنس بن مالك رضي الله عنه عندما كان خادماً عنده وهو صغير في عمل علمه ولم يعمله لِمَ لَمْ تعمله وهذا مما يروي أنس بن مالك رضي الله عنه: "خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي: أف، ولا لم صنعت، ولا ألا صنعت " رواه البخاري (6038) ومسلم (2309) وأبو داود (4773) والترمذيّ (2015). وهذا ناتجٌ عن أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الإنسان المربي الناجح، الذي يدرك خطورة كثرة لوم الأطفال على أخطائهم. فبعد هذا يا أخوتي: هل من رأفة بهؤلاء الشباب المساكين؟!.. إنهم يتعذبون، ويتأملون، ولهم آهات تتلو آهات.. يبحثون عمن يعترف بهم.. يقدرهم.. يشاركهم همومهم.. يشجعهم على صوابهم.. ينصحهم على أخطائهم.. يساعدهم على العبادات، والواجبات، والنوافل.. يفرح لفرحهم.. يجيب نداءاهم.. يدفعهم للذي ينفعهم.. يمنعهم بأسلوب سليم عن الذي يضرهم.. يفهم مرادهم.. يشعر بواقعهم. وحتماً إذا وجد ذلك فستنتهي الرذيلة، وستحيا الفضيلة، وتموت الجريمة، وسيذهب الحقد، والحسد، وأمراض القلوب، وستبقى الأخلاق، والحب، والحنان وخصال الرجولة، ويبقى الأمان بفضل الواحد المنان. فهل آن أن ندرك، لماذا نحرص على أطفالنا وشبابنا؟ ولم كل هذا الاهتمام؟! أقول: لا لأنهم أبناؤنا، وإخواننا، وأصحابنا فقط، ولكن لأنهم من تنتظر الأمة، ولأنهم الغد المشرق، والأمل والمجد القادم، ورجال المستقبل. فلنكن يداً واحدة مع الشباب، ولنعقد معهم أقوى معاني الصداقة، ونشعرهم بأسمى معاني الحبّ، ونمنحهم أدفأ محاضن الحنان، ونعطيهم أرقى عبارات الشكر، مع التحية على كل ما يبذلونه، تشجيعاً لهم، حتى لا يقول أحدهم: أعاني في حياتي ما أعاني وأسمع بالسعادة لا أراها وأبحر مهموماً وسط بحرٍ فأرجع خائباً، لا لست أدري إذا ما الليل أقبل هلّ دمعي وباتت ذكريات الحزن تروي وتزداد الهموم لأن مثلي فأمي لم تسل والله عني وذو الصدر الحنون دعته دنيا وأصحابي حسبت الخير فيهم فهذه قصتي لم تبق عندي وأقضي العيش مفقود المعاني أيبصرها حسير الطرف عاني من الأحلام مهجور الموانئ علام النحس يرصد لي زماني وأظلم في عيوني الخافقان على قلبي أحاديث الزمان رماه في شقاه الوالدان ولم تدري يومـاً ما أعاني وألهته المجالس عن مكـاني فكانـوا ثلة كتبت هواني رجاءاً غير راحلة الزمان فرويداً.. رويداً بالشباب... موقع المربي |
#112
|
|||
|
|||
الحلقة الأولى من سلسة مهارات المربي: تهيئة الجو العام للمتربي
|
#113
|
|||
|
|||
الحلقة الثانية من سلسة مهارات المربي: حسن الصّلة والمودة
|
#114
|
|||
|
|||
الحلقة الثالثة من سلسة مهارات المربي: توجيه الاهتمامات ومراعاة ميولات المتربي
|
#115
|
|||
|
|||
الحلقة الرابعة من سلسلة مهارات المربي:زرع الهم
|
#116
|
|||
|
|||
الحلقة الخامسة من سلسلة مهارات المربي: المشاركة الشعورية والعملية
|
#117
|
|||
|
|||
الحلقة السادسة من سلسلة مهارات المربي: بث الثقة
|
#118
|
|||
|
|||
الحلقة السابعة من سلسلة مهارات المربي : تقويم المتربي
|
#119
|
|||
|
|||
الحلقة الثامنة من سلسلة مهارات المربي: الاستقرار النفسي.
|
#120
|
|||
|
|||
التاسعة من سلسلة مهارات المربي: سبر الشخصية (فهم الشخصية وتحليلها)
|
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|